
فوضى الدراجات النارية تفتك بالأمن وسلامة المرور
كتبت زيزي إسطفان في 'نداء الوطن':
مع كل عراضة استقوائية تقوم بها 'موتوسيكلات' الضاحية يتجلى بشكل لا لبس فيه الدور المحوري الذي تلعبه هذه الآليات الصغيرة في اليوميات اللبنانية. وتأتي الأزمات المتلاحقة المعيشية والأمنية والسياسية لتحرفها عن دورها الأساسي كوسيلة نقل وتجعلها في قلب التركيبة الاجتماعية للبنان. وفي حين يعاني القسم الأكبر من سكان المدن اللبنانية من الانتشار الفوضوي للدراجات النارية، تبدو عند القسم المتبقي وسيلة حيوية لكسب الرزق قانونياً أو خارج إطار القانون.
حتى العام 2022 بلغ عدد الدراجات المسجلة في مصلحة تسجيل السيارات والآليات 289,000 دراجة وفق الدولية للمعلومات ولكن هذا الرقم لا يمثل إلا حوالى 20 في المئة من عدد الدراجات النارية الموجودة على الأراضي اللبنانية كون معظمها غير مسجلة. وبالإطلاع على سجلات استيراد الدراجات النارية في العامين الماضيين بحسب قول محمد شمس الدين من الدولية للمعلومات 'يتبيّن أن عدد الموتوسيكلات قد ازداد بشكلٍ واضح مع زيادة نسبة استيرادها إلى ما يقارب 50,000 دراجة سنوياً أو أكثر وبهذا يكون العدد التقريبي للدراجات نحو مليون ونصف دراجة'.
لسنا بحاجة إلى أرقام دقيقة لندرك فداحة الفوضى التي يشكلها وجود الموتوسيكلات على الطرقات بلا ضوابط فعلية. فهي تحتل الشوارع والأرصفة وتقارع السيارات والمارة وتنتهك كل قوانين السير والسلامة العامة، وفي لحظة تتحوّل إلى أسلحة لجرائم النشل والسرقة والتعدي والاستقواء والإخلال بالأمن مثلما يلاحَظ في الفترة الأخيرة. آخر حملة قامت بها القوى الأمنية لضبط الدراجات كانت في شهر أيار من العام 2024 حين تمت مصادرة مئات الدراجات وتسطير أكثر من 10,000 مخالفة بحقها وجوبهت الحملة وقتها بما عرف بـ 'انتفاضة الموتوسيكلات' اعتراضاً على ما سمي بقطع الأرزاق خصوصاً لعمال الـ 'ديليفري' وشركات توصيل البضائع، وتحجج المعترضون حينها بأن النافعة مقفلة وتسجيل الآليات غير ممكن.
اليوم، النافعة تقوم بعملها لكن أصحاب الدراجات النارية لديهم أكثر من حجة للامتناع عن تسجيل آلياتهم أو حتى الاستحصال على رخصة قيادة كما يقتضي القانون. التسجيل كما يقول أحدهم يكلف للموتوسيكل الصغير حوالى 200 دولار ما بين الرسوم القانونية وعمولة السماسرة الذين يفرضون أتعابهم لقاء تأمين موعد على المنصة كما يقتضي وجود التأمين الإلزامي الذي يبدأ من 25 دولاراً. والسماسرة، كما اشتكى أكثر من صاحب دراجة، يلاحقون المنصة فجراً قبل أن تفتح بشكل رسمي ويحجزون مواعيد يعملون على بيعها لاحقاً. ويتم فتح المنصة لعشر دقائق خصيصاً لهم عند الفجر وإغلاقها في ما بعد.
متى صارت الدراجة شرعية ومسجلة على صاحبها أن يدفع الميكانيك سنوياً ويجدد التأمين الإلزامي وهذا ما تتفاداه الأغلبية الساحقة من أصحاب الموتوسيكلات لا سيما الصغيرة منها كمعظم التي نراها في الشوارع. وحدها المؤسسات والشركات التي تعتمد على عمال توصيل تبادر إلى تسجيل آلياتها وجعلها شرعية.
أما السوريون فلا يحق لهم وفق القانون اقتناء دراجة وتسجيلها في النافعة إلا إذا كانوا يملكون إقامة شرعية أو إذا كان عند أحدهم 'حق المجاملة' أي أن تكون والدته لبنانية. لذا فإن معظم عمال الديليفري السوريين يقودون دراجات إما غير مسجلة أو مسجلة باسماء لبنانيين ويقودونها بناء على وكالة. كذلك لا يحق للقصّر تسجيل الدراجة باسمهم فيما تبلغ نسبة من يقتنون موتوسيكلات بين هؤلاء نحو 10 في المئة كما أشار لنا أكثر من مصدر.
من دون 'جميلة' النافعة تنشط عمليات بيع الموتوسيكلات غير المسجلة وحتى المسروقة بين المواطنين شفهياً في معظم الأحيان وبلا وكالة بيع. وتستهدف عمليات البيع المباشر بشكل خاص فئة الشباب دون 18 سنة الذين لا يحق لهم بعد الحصول على رخصة سوق أو تسجيل دراجة باسمهم فيشترونها بأسعار محروقة ما بين 100 و200 دولار لاستخدامها داخل الأحياء، كما تستهدف فئات معينة تقتني الدراجات المسروقة لأغراض جرمية.
و… قبل أن ننهي، ها قد صدر عن السلطات المعنية قرار قضى بمنعِ سير الدراجات النارية ليلاً. فهل نصدق؟ هل نقتنع؟ نحاول أن نقتنع أن لبنان الجديد، القانوني، يولد اليوم. عساه خيراً. فماذا في التفاصيل؟
في جولة مسائية بين شارعي باستور والجميزة تلقينا أكثر من تحذير من قبل اشخاص متواجدين في المكان بوجوب التزامنا الحذر وحمل حقيبتنا على صدرنا والسير بعيداً عن حافة الرصيف لأن الشارع يشهد يومياً عمليات نشل تقوم بها دراجات نارية تفر بغنيمتها من دون أن يتمكن أحد من ردعها أو اللحاق بها.
والجميزة ليست حالة نادرة فالأشرفية بمعظم شوارعها تشهد انفلاتاً أمنياً وتزايداً في عمليات السلب والنشل والاعتداء على المواطنين، الأمر الذي دفع بمحافظ بيروت إلى إصدار قرار يمنع فيه الدراجات النارية من السير في شوارع بيروت من الساعة السابعة مساء حتى الخامسة صباحاً ويُستثنى من هذا القرار العاملون في القطاعات الصحافية والطبية والاستشفائية، إضافة إلى عناصر الشرطة البلدية، والقوى الأمنية، وفوج الإطفاء، والدفاع المدني وكافة الأجهزة العسكرية.
أما الأشخاص الذين يضطرون لاستخدام الدراجات النارية خلال ساعات الليل مثل عمال الديليفري، فعليهم تقديم إثبات أو إفادة رسمية للحصول على ترخيص خاص من المحافظة. وقد أعطى المحافظ مهلة 15 يوماً قبل بدء سريان القرار إتاحة لسائقي الدراجات لتنظيم أوضاعهم. ويبدو أن مدينة طرابلس متجهة للعمل بقرار مشابه.
ثغرة في قانون الجمارك استفاد منها مستوردو الدراجات النارية ليدخلوا الدراجات المستعملة المستوردة من الصين أو اليابان إلى لبنان. فقانون الجمارك كما شرحه لنا أحد أصحاب مكاتب تخليص البضائع ينص على منع استيراد الدراجات المستعملة إذا كان عمرها يزيد عن ثلاث سنوات أو يجب أن يكون 'كيلومتراجها' صفراً أي لم توضع في السير بعد. لكن المستوردين يقومون بالتحايل على القانون والعمل على ' تصفير' الكيلومتراج في بلد المنشأ للسماح للدراجات المستعملة بدخول لبنان على أنها جديدة مهما كان عمرها وهم يسابقون الوقت قبل أن يتم تعديل القانون أو التنبه إلى ثغراته لا سيما أن سوق الدراجات المستعملة ناشط جداً ومطلوب.
لكن على الرغم من هذه الثغرة يبقى دور الجمارك محورياً لضبط أوضاع الدراجات النارية إذ لا يمكن استيراد الدراجات إلا من قبل مؤسسات تتعاطى تجارة الدراجات النارية وتملك سجلاً تجارياً.
ويفرض القانون عليها حوالى 20 في المئة ضرائب على كل دراجة مستوردة من أصل سعرها. حين يتم إخراج الدراجة من الجمارك يحصل التاجر على شهادة جمركية بكل مواصفات الدراجة لا سيما رقم الشاسي الذي لا يمكن تغييره. وبناء على هذه الشهادة وعلى بوليصة الشحن وفاتورة الجمارك يمكن تسجيل الدراجة في النافعة. لذا فإن أي دراجة تقوم بعمل مخل بالقانون يمكن تتبعها من خلال رقم الشاسي ومعرفة مصدرها والتاجر الذي استوردها وأين بيعت. ولدى الجمارك سجلات موثقة بكل الدراجات المستوردة وأرقام هياكلها منذ عشرين عاماً حتى اليوم. والجدير ذكره أن كبار مستوردي الدراجات هم إما من مدينة طرابلس أو من الضاحية الجنوبية.
' الموتوسيكل' رمز للرجولة في بعض المجتمعات فما إن يبلغ الصبي الرابعة عشرة من عمره أو يصل إلى صف البريفه حتى يسارع إلى اقتناء واحدة يتباهى بها بين الرفاق ويشارك في البهلوانيات التي تقام في الحي ليلاً. والأعمال البهلوانية لها، بحسب أحد الشبان 'حلباتها المعروفة قرب الكوستا برافا في خلدة وعلى طريق الناعمة والرملة البيضا. أما ليلاً فيتحول أوتوستراد الأسد من السفارة الكويتية إلى المطار إلى حلبات سباق للدراجات الصغيرة والكبيرة مع كل ما يحمله ذلك من مخاطر وضجيج وإقلاق راحة للسكان والعابرين'.
أما أوتوستراد الجنوب فبات جلجلة حقيقية لمن يسلكونه لا بسبب المسيّرات الإسرائيلية بل بسبب أرتال الموتوسيكلات التي تعبر عكس السير أو تقطع الأوتوستراد بالعرض أو تزاحم السيارات من كل جهة ويقوم سائقوها ببهلوانيات مخيفة واستعراضات خطرة وسط الطريق معرضين سلامتهم وسلامة المارين للخطر. وقد تفاقمت فوضى الموتوسيكلات وأعمالها المخلة بالأمن في الجنوب إلى حد طلبت فيه محافظة الجنوب بالإنابة هويدا الترك من قيادة الأمن الداخلي في الجنوب التشدد في تطبيق قوانين سير الدراجات النارية على خلفية الفوضى العارمة التي تسود في شوارع صيدا والتي أدت إلى دهس العميد السابق لكلية الإعلام في الجامعة اللبنانية محمد أسعد النادري وإصابته بجروح خطرة من قبل سائق دراجة أرعن.
بين الرابعة والسادسة فجراً، تنشط عمليات سرقة الموتوسيكلات من الأحياء السكنية لا سيما في المتن وبعبدا كما في بيروت. السارقون معروفون كما أكّد لنا أحد أصحاب محلات بيع الدراجات موثقاً كلامه بصور بعض السارقين وهم يعملون ضمن عصابات ناشطة جداً. يستهدفون الدراجات الكبيرة ويحملونها في بيك آب أو فان يرافقهم، فيما يعمدون إلى كسر قفل الدراجات الصغيرة وتشغيلها بربط الشرائط الكهربائية وقيادتها بعيداً إما نحو المخيمات الفلسطينية أو بعض المناطق 'المقفلة' مثل فنار الزعيترية أو أحياء الليلكي في الضاحية. ويروي صاحب المحل أن رجال الدرك يعرفون ممتهني سرقة الدراجات بالأسماء والوجوه لكنهم غير قادرين على ملاحقتهم حيث هم . والأسوأ من ذلك أن من سرقت منه دراجة ويود استعادتها عليه أن يدفع للسارقين وقد يسرق منه المبلغ عند وصوله إلى المكان المحدد كما حدث مرات عدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 4 ساعات
- ليبانون 24
مسلحون اقتحموا القاعة.. هجوم على حفل لفنان سوري في إدلب (فيديو)
ألغي حفل غنائي للفنان السوري الشعبي محمد الشيخ في مدينة إدلب بسبب هجوم عنيف تخلله تخريب وتدمير للممتلكات من بعض المجهولين. وكان مقرراً إقامة حفل غنائي في إحدى صالات الأعراس في "سرمدا " بريف إدلب الشمالي ، إلا أن ملثمين اقتحموا الصالة لتخريب الحفل. وذكر ناشطون عبر مواقع التواصل أن أشخاصاً اقتحموا صالة "مزاج" أمس الجمعة، وقاموا بتكسير المقتنيات من مقاعد وسماعات وأجهزة صوت. ونشر بعض الناشطين مقاطع توثق اقتحام ملثمين يحملون أسلحة خفيفة، داخل الصالة، ويقومون بتحطيم الصالة مطلقين صيحات وتكبيرات. وقال خالد عثمان صاحب الصالة المستهدفة، في تصريح له إنه "خلال تجهيز الصالة قبيل انطلاق الحفل، دخلت مجموعة مسلحة إلى المكان ودمرت محتوياتها، مطلقة الرصاص وموجهة إهانات للموجودين". وأضاف أنه لا يعلم سبب الاعتداء على الحفل رغم استيفائه كافة التراخيص النظامية اللازمة"، مقدراً قيمة الأضرار بنحو 10 آلاف دولار أميركي. وظهر لاحقاً في مقطع مصور قال فيه إن "أحد الأشخاص استأجر الصالة وكان ينوي إقامة حفل يحييه الفنان محمد الشيخ". وأضاف عثمان: "تفاجأ الجميع باقتحام مجموعة مسلحة للصالة وسط إطلاق للرصاص، وكسروا الصالة والبوفيه بالكامل". 🔴 تـــــحـــــديـــــث صاحب القاعة : الثاعة تقوم على تنظيم حفلات غنائية في إدلب من قبل سقوط النظام السوري السابق وهي مرخصة من قبل قوات الامن العام صاحب القاعة : الامن العام اعتقل الشباب الذين قاموا بماهجمة حفلة الغناء — جوكر الثورة (@Joker2977) May 23, 2025 إلى ذلك، أوضح مصدر مسؤول في إدارة منطقة الدانا شمال محافظة إدلب السورية تفاصيل ما جرى مؤخرا بشأن الحفل الذي كان من المزمع إقامته للمطرب محمد الشيخ في المنطقة. وبحسب المصدر، فإن المطرب المذكور وفريقه تقدموا قبل نحو 15 يوما بطلب إقامة حفل غنائي في إحدى صالات مدينة سرمدا، إلا أن إدارة المنطقة أبلغتهم بأن هذا النمط من الحفلات لا يتماشى مع عادات وتقاليد أهالي المحافظة. وأشار في الوقت ذاته إلى أن إقامة المناسبات والأعراس في إدلب تجري بشكل طبيعي، لكن طبيعة الحفل المزمع تنظيمه لا تتناسب مع الأوضاع الراهنة، خصوصا في ظل استمرار معاناة المنطقة من تداعيات الحرب والنزوح، حيث لا تبعد الصالة سوى كيلومترات قليلة عن المخيمات. وأضاف المصدر أن المطرب محمد الشيخ "أصر على إقامة الحفل، وقام باستئجار صالة بطريقة غير نظامية من دون علم الإدارة المحلية ، ما أدى إلى توتر في المنطقة". وفي يوم الحفل، قام عدد من أبناء المنطقة بمهاجمة الصالة وكسر بعض المعدات، قبل أن تتدخل قوى الأمن العام وتقوم بإيقاف الطرفين.(وكالات)


صوت بيروت
منذ 11 ساعات
- صوت بيروت
على خلفية رشوة انتخابية بقيمة 1200 دولار.. توقيف مرشح ومواطن في الجنوب!
أوقف النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي رهيف رمضان، كلا من المرشح على انتخابات بلدية أنان في قضاء جزين (س.إ) والمواطن (ج.ح)، على خلفية تسجيل صوتي بينهما، تبين فيه عرض الاول على الثاني رشوة بقيمة 1200 دولار، مقابل صوت المواطن (ج.ح) وصوت زوجته، وما لبث ان تطور الحوار إلى تفاوض بينهما على قيمة الصوت، ما يعد خرقا فاضحا لقانون الانتخابات. وعلى الفور تم توقيف الشخصين باعتبارهما راشيا ومرتشيا. وفي وقت سابق نشرت 'لادي' على حسابها عبر منصة 'أكس' خبرًا مرفقًا بتسجيل صوتي يتعلق بمحاولة رشوة انتخابية، وقالت في منشورها: 'ورد إلى لادي من أحد المواطنين مقطع فيديو يُظهر حصول رشوة انتخابية، تتمثل في اتصال من مرشح للانتخابات البلدية بناخب لمحاولة رشوته في بلدة أنان – قضاء جزين'. ورد إلى #لادي من أحد المواطنين مقطع فيديو يُظهر حصول رشوة انتخابية، تتمثّل في اتصال من مرشح للانتخابات البلدية بناخب لمحاولة رشوته في بلدة أنان – قضاء جزين. وبعد المراجعة ومتابعة مضمون الفيديو، يظهر شخص يتفاوض مع المرشح لدفع مبلغ نقدي قدره 1200 دولار مقابل منحه صوته وصوت زوجته.… — LADE (@LADELEB) May 23, 2025 وخلال المقطع الصوتي، يسمع شخص يتفاوض مع المرشح لدفع مبلغ نقدي قدره 1200 دولار مقابل منحه صوته وصوت زوجته. وأكد الشخص، خلال الاتصال، ضرورة تسليم المبلغ يوم الخميس الذي يسبق الاقتراع، وإلا فإنه لن يصوّت للمرشح. وخلال الاتصال، طلب المرشح ضمانة لتأمين الصوت بعد الدفع، فأجابه الشخص بأن 'كلمته هي الضمانة'، مقترحًا عليه إيداع المبلغ لدى طرف ثالث يُدعى جمال، يملك ميني ماركت يقع على طريق السرايا في البلدة.


الديار
منذ 12 ساعات
- الديار
جريمة في وادي خالد وملفات معابر التهريب شمالاً الى الواجهة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب مقتل الشاب محمد وليد اليوسف، في بلدة الكنيسة في وادي خالد، اعاد الى الواجهة ملف التهريب عبر المعابر غير الشرعية في وادي خالد بين لبنان وسورية، وهو ملف شائك وحساس، بصعب حله نتيجة التشابك الحدودي والنسيج الاجتماعي المتداخل بين سكان وادي خالد والقرى الحدودية السورية، والروابط العشائرية اللبنانية - السورية. فجر امس وعند معبر حدودي غير شرعي في بلدة الكنيسة، وعلى خلفية تهريب اشخاص وفق روايات محلية متداولة، اقدم عم اليوسف على اطلاق النار على ابن شقيقه فارداه قتيلا، واثارت الجريمة بلبلة في بلدة الكنيسة ووادي خالد، فيما سارعت وحدات الجيش اللبناني والاجهزة الامنية الى تطويق الحادثة، وباشرت الاجهزة الامنية المختصة تحقيقاتها وجمع الادلة وملاحقة العم القاتل لتوقيفه. قضية المعابر غير الشرعية باتت تفوق الـ 30 معبرا، وقد ازدهرت عبرها عمليات التهريب على انواعها من عمليات تهريب البشر الناشطة بشكل غير مسبوق، الى تهريب بضائع مختلفة. أخطر ما في هذه العمليات، هي تهريب الاشخاص لقاء بدل مادي يفوق احيانا الالف دولار على الشخص الواحد حسب اهميته المعنوية، فيما البدل المادي العادي يتراوح بين المئة دولار الى مئتي دولار امريكي، والمتسللون خلسة يسددون المال على ضفتي الحدود لشبكات التهريب في سورية وفي لبنان ... يضاف الى هذا الملف الخطر، ملف تهريب الاسلحة المختلفة التي انخفضت اسعارها، ويحقق تجار الاسلحة ثروات هائلة، جراء تهريب اسلحة يبتاعونها من سورية باسعار منخفضة، وتباع في لبنان باسعار مضاعفة ... ولا تقتصر مخاطر المعابر غير الشرعية على التهريب، فقد بات الكثير منها مصيدة للمواطنين الذين يعبرون خلسة الى الاراضي اللبنانية، نتيجة الغام لا تزال مزروعة على طول الحدود بين لبنان وسورية، وقد سقط عدد كبير من الضحايا، بسبب هذه الالغام، وعدد لا يستهان به بترت اعضاء منهم جراء الدوس على الغام مزروعة للحد من التسلل عبر هذه الحدود. وحدات الجيش اللبناني المنتشرة في المناطق الحدودية، تواصل دورياتها لضبط الحدود، غير انها تحتاج الى مزيد من العديد لتوسيع مروحة الانتشار على مدى الحدود الشمالية، رغم ان اجراءات انجزها الجيش لضبط الحدود، إلا ان المعابر غير الشرعية تبقى ناشطة والتهريب قائم ومتفاقم وشبكات التهريب تعمل في ظل كل الظروف المخيمة على المنطقة.