فى ذكرى رحيلها ال24: سعاد حسني بين المجد والغياب
رغم مرور سنوات طويلة على رحيلها، لا تزال «سعاد حسني» تحتل مكانة راسخة في الخيال الثقافي العربي، بوصفها إحدى أبرز نجمات السينما التي ساهمت في ازدهار الفن السابع في مصر والعالم العربي. لم تكن مجرد ممثلة، بل كانت أيقونة فنية متكاملة جمعت بين التمثيل والغناء والرقص، وأثرت الشاشة بموهبة فريدة جعلت حضورها لا يُنسى.
شاركت «سعاد» في بطولة عدد كبير من أفلام الستينيات والسبعينيات، إلى جانب عمالقة الفن من مخرجين وممثلين. ورغم أن الزمن مضى، فإن شعبيتها لاتزال حاضرة بقوة، ليس فقط بسبب قدراتها الفنية، بل أيضًا بفضل شخصيتها الآسرة التي جمعت بين البساطة والعمق، بين المرح والعزلة، ما جعلها محور اهتمام دائم لدى الجمهور والنقاد على حد سواء.وصفها المنتج الكبير «تكفور أنطونيان» بأنها لم تكن تعيش بشخصية واحدة، بل كانت منقسمة إلى شخصيتين تتجليان بوضوح على وجهها. ذات الانطباع شاركه المصمم المصري الشهير «كريم مختيجيان»، الذي عرفها منذ طفولتها، مشيرًا إلى قدرة وجهها على التعبير عن مشاعر متضادة في لحظة واحدة. تلك القدرة الفريدة منحتها هالة استثنائية، وجعلت منها أسطورة سينمائية لا تُنسى.في مسيرتها الفنية، لم تتوقف «سعاد» عند قالبٍ فنيٍ واحد، بل كانت تبحث دائمًا عن أدوار جديدة تثير شغفها وتمنحها تحديات جديدة، ما يعكس خوفها من الركود الإبداعي ورفضها للتكرار. ومنذ ظهورها الأول في فيلم (حسن ونعيمة) عام 1959، المستوحى من قصة (روميو وجوليت)، لفتت الأنظار بسحرها الفطري وموهبتها المتوهجة.ولدت «سعاد حسني» في يناير عام 1942 لعائلة سورية الأصل، وكانت الابنة العاشرة من بين سبعة عشر شقيقًا وشقيقة. بدأت مسيرتها الفنية مبكرًا، عندما شاركت بالغناء في برامج الأطفال الإذاعية، قبل أن تخطو أولى خطواتها في السينما، وتنطلق بسرعة إلى عالم النجومية.أعمالها تنوعت بين الرومانسية والكوميديا والدراما الاجتماعية، والتي كشفت عن خفة ظلها وجاذبيتها الخاصة. غير أن هذه الجاذبية لم تحصرها في دور الفتاة المرحة، بل خاضت أيضًا أدوارًا جريئة ناقشت قضايا سياسية واجتماعية معقدة.في فيلم (القاهرة 30)، المقتبس من رواية «نجيب محفوظ»، قدمت «سعاد» دور شابة فقيرة تمزقها صراعات الطبقة والحب. أما في فيلم (الكرنك)، فقد جسدت معاناة جيل كامل تحت وطأة القمع السياسي. وواصلت هذا النهج في فيلم (على من نطلق الرصاص)، الذي كشف أوجه الفساد والظلم في المجتمع. وكانت أعمالها دائمًا مرآة لما يشهده الواقع المصري من تحولات سياسية واجتماعية.كما لم تغفل عن قضايا المرأة، فكان لها حضور قوي في الدراما التليفزيونية، من خلال مسلسل (هو وهي)، الذي عكس بأسلوب ساخر وعميق الصراع بين الجنسين والصورة النمطية للمرأة في المجتمع.جاء ظهورها الأخير على الشاشة في فيلم (الراعي والنساء)، بعده اختفت عن الأضواء، حتى جاءت فاجعة رحيلها الغامض في 21 يونيو 2001، حين عُثر عليها ميتة في لندن في ظروف لاتزال محاطة بالشكوك. تضاربت الروايات بين فرضية الانتحار أو القتل، لكن الحقيقة ظلت غائبة، تمامًا كما كانت «سعاد» غامضة في حياتها.ورغم كل شيء، بقيت «سعاد حسني» حاضرة في الذاكرة، ليس فقط كفنانة بارعة، بل كإنسانة أصيلة، كريمة النفس، وممثلة من طراز نادر. أفلامها وأغانيها لا تزال تُعرض وتُغنّى، شاهدة على زمنٍ كانت فيه السينما تُصنع من الإحساس، والبساطة، والصدق.هكذا رحلت السندريلا، لكنها لم تغب. فما زالت روحها ترفرف في سماء الفن، وما زال صوتها يصدح في قلوب الجماهير.2

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عالم النجوم
منذ ساعة واحدة
- عالم النجوم
في ذكرى رحيله.. صلاح أبو سيف مخرج الواقعية وأحد أعمدة السينما المصرية
تحل اليوم، 22 يونيو، الذكرى السنوية لوفاة المخرج الكبير صلاح أبو سيف، أحد رواد وأعمدة السينما المصرية، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من عام 1996، بعد مسيرة فنية حافلة تجاوزت نصف قرن من الإبداع. يُعد صلاح أبو سيف الأب الروحي للسينما الواقعية في مصر، حيث قدّم 41 فيلمًا يُصنّف 11 منها ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وكان أول من اقتبس رواية للأديب العالمي نجيب محفوظ إلى شاشة السينما من خلال فيلم البداية والنهاية عام 1960. ولد أبو سيف في 10 مايو 1915 بقرية الحومة في محافظة بني سويف، ونشأ يتيمًا، قبل أن يبدأ مشواره الفني من شركة النسيج في المحلة الكبرى، حيث أخرج مسرحيات للهواة، ثم التقى بالمخرج نيازي مصطفى الذي ساعده في الدخول إلى استوديو مصر ليعمل في المونتاج، ثم الإخراج. تأثر بالواقعية الإيطالية بعد زيارته لإيطاليا، وانعكس ذلك على أعماله، فقدم أفلامًا مثل الوحش، شباب امرأة، الفتوة، الزوجة الثانية، القاهرة 30 وغيرها من العلامات السينمائية الخالدة. كما أخرج الفيلم التاريخي العربي المشترك القادسية عام 1982، وجمع فيه نجومًا من مختلف الدول العربية، ليؤكد مكانته كمخرج لا يعرف الحدود. ظل أبو سيف وفيًّا للسينما حتى رحيله، مؤمنًا بأن السيناريو هو العمود الفقري لأي عمل فني، فشارك في كتابة معظم أفلامه. واليوم، بعد مرور 29 عامًا على وفاته، لا تزال بصمته حاضرة في كل مشهد واقعي صادق ينبض بالحياة في السينما المصرية والعربية.


الوفد
منذ 6 ساعات
- الوفد
أطفال قرية أجهور الكبرى في ضيافة متحف نجيب محفوظ
استضاف متحف ومركز إبداع نجيب محفوظ بتكية محمد أبو الذهب، التابع لصندوق التنمية الثقافية برئاسة المعمارى حمدى السطوحى، مجموعة من أطفال قرية أجهور الكبرى، التابعة لمركز طوخ بمحافظة القليوبية، بحضور النائبة شيماء حلاوة عضو مجلس النواب. تفقد الاطفال قاعات متحف نجيب محفوظ، حيث استمعوا لشرح من الكاتب الصحفى طارق الطاهر المشرف على متحف نجيب محفوظ، شارحا اهم مقتنيات المتحف من شهادات وأوسمة، لاسيما قلادة النيل، وبراءة حصوله على جائزة نوبل، وشهادات منحه جوائز الدولة، كما توقف عند مسيرة نجيب محفوظ، وما تحمله من قيم، تحض على الإبداع والابتكار وتنمية الذات. كما نظم المتحف، ثلاث ورش، الاولى للفنانة والأدبية نيرفانا حسيب، حيث روت مسيرة نجيب محفوظ، عن طريق مجسم لصاحب نوبل، واستمتع الاطفال بطريقة الحكى المبسطة التى جسدت ملامح نجيب محفوظ، فى حين روت الأديبة القديرة نجلاء علام رئيس تحرير مجلة قطر الندى، فى ورشتها للاطفال، حكايات من مجلة قطر الندى وقصص اخرى من تاليفها، كما وعدتهم بنشر رسوماتهم فى مجلة قطر الندى، وهى الرسومات التى أبدعتها انامل هؤلاء الأطفال، كنتاج للورشة الثالثة، التى أشرفت عليها الفنانة التشكيلية رحاب جمال الدين سكرتير تحرير مجلة قطر الندى. وتم إهداء الأطفال مجموعة من مجلات قطر الندى، التى تصدر عن هيئة قصور الثقافة. ومن جانبها أشادت النائبة شيماء حلاوة، بما لاقاه الاطفال من مهارات ومعلومات اكتسبوها من زيارتهم للمتحف، لما يحمله من رمز ثقافى وإبداعى كبير، فضلا عن الورش الإبداعية والفنية التى شاركوا فيها.

مصرس
منذ 9 ساعات
- مصرس
فى ذكرى رحيلها ال24: سعاد حسني بين المجد والغياب
رغم مرور سنوات طويلة على رحيلها، لا تزال «سعاد حسني» تحتل مكانة راسخة في الخيال الثقافي العربي، بوصفها إحدى أبرز نجمات السينما التي ساهمت في ازدهار الفن السابع في مصر والعالم العربي. لم تكن مجرد ممثلة، بل كانت أيقونة فنية متكاملة جمعت بين التمثيل والغناء والرقص، وأثرت الشاشة بموهبة فريدة جعلت حضورها لا يُنسى. شاركت «سعاد» في بطولة عدد كبير من أفلام الستينيات والسبعينيات، إلى جانب عمالقة الفن من مخرجين وممثلين. ورغم أن الزمن مضى، فإن شعبيتها لاتزال حاضرة بقوة، ليس فقط بسبب قدراتها الفنية، بل أيضًا بفضل شخصيتها الآسرة التي جمعت بين البساطة والعمق، بين المرح والعزلة، ما جعلها محور اهتمام دائم لدى الجمهور والنقاد على حد سواء.وصفها المنتج الكبير «تكفور أنطونيان» بأنها لم تكن تعيش بشخصية واحدة، بل كانت منقسمة إلى شخصيتين تتجليان بوضوح على وجهها. ذات الانطباع شاركه المصمم المصري الشهير «كريم مختيجيان»، الذي عرفها منذ طفولتها، مشيرًا إلى قدرة وجهها على التعبير عن مشاعر متضادة في لحظة واحدة. تلك القدرة الفريدة منحتها هالة استثنائية، وجعلت منها أسطورة سينمائية لا تُنسى.في مسيرتها الفنية، لم تتوقف «سعاد» عند قالبٍ فنيٍ واحد، بل كانت تبحث دائمًا عن أدوار جديدة تثير شغفها وتمنحها تحديات جديدة، ما يعكس خوفها من الركود الإبداعي ورفضها للتكرار. ومنذ ظهورها الأول في فيلم (حسن ونعيمة) عام 1959، المستوحى من قصة (روميو وجوليت)، لفتت الأنظار بسحرها الفطري وموهبتها المتوهجة.ولدت «سعاد حسني» في يناير عام 1942 لعائلة سورية الأصل، وكانت الابنة العاشرة من بين سبعة عشر شقيقًا وشقيقة. بدأت مسيرتها الفنية مبكرًا، عندما شاركت بالغناء في برامج الأطفال الإذاعية، قبل أن تخطو أولى خطواتها في السينما، وتنطلق بسرعة إلى عالم النجومية.أعمالها تنوعت بين الرومانسية والكوميديا والدراما الاجتماعية، والتي كشفت عن خفة ظلها وجاذبيتها الخاصة. غير أن هذه الجاذبية لم تحصرها في دور الفتاة المرحة، بل خاضت أيضًا أدوارًا جريئة ناقشت قضايا سياسية واجتماعية معقدة.في فيلم (القاهرة 30)، المقتبس من رواية «نجيب محفوظ»، قدمت «سعاد» دور شابة فقيرة تمزقها صراعات الطبقة والحب. أما في فيلم (الكرنك)، فقد جسدت معاناة جيل كامل تحت وطأة القمع السياسي. وواصلت هذا النهج في فيلم (على من نطلق الرصاص)، الذي كشف أوجه الفساد والظلم في المجتمع. وكانت أعمالها دائمًا مرآة لما يشهده الواقع المصري من تحولات سياسية واجتماعية.كما لم تغفل عن قضايا المرأة، فكان لها حضور قوي في الدراما التليفزيونية، من خلال مسلسل (هو وهي)، الذي عكس بأسلوب ساخر وعميق الصراع بين الجنسين والصورة النمطية للمرأة في المجتمع.جاء ظهورها الأخير على الشاشة في فيلم (الراعي والنساء)، بعده اختفت عن الأضواء، حتى جاءت فاجعة رحيلها الغامض في 21 يونيو 2001، حين عُثر عليها ميتة في لندن في ظروف لاتزال محاطة بالشكوك. تضاربت الروايات بين فرضية الانتحار أو القتل، لكن الحقيقة ظلت غائبة، تمامًا كما كانت «سعاد» غامضة في حياتها.ورغم كل شيء، بقيت «سعاد حسني» حاضرة في الذاكرة، ليس فقط كفنانة بارعة، بل كإنسانة أصيلة، كريمة النفس، وممثلة من طراز نادر. أفلامها وأغانيها لا تزال تُعرض وتُغنّى، شاهدة على زمنٍ كانت فيه السينما تُصنع من الإحساس، والبساطة، والصدق.هكذا رحلت السندريلا، لكنها لم تغب. فما زالت روحها ترفرف في سماء الفن، وما زال صوتها يصدح في قلوب الجماهير.2