
مفاوضات النووي الإيراني يبدأ من حيث انتهت الغارات
في اللحظة التي هدأت فيها رهانات الصواريخ، ظهر واضحًا أن وجه الصراع تغيّر من ميداني إلى لحظة تفاوضية، نرى فيها الملف النووي الإيراني يعاني من سقوط أبرز المنشآت وخائف من أوراق السلام المحتملة.
الضربات الإسرائيلية والأمريكية التي كانت موجهة نحو قلب البرنامج النووي لطهران خلّفت فيضًا من الخسائر البشرية والمادية، لتصبح جاهزة للتفاوض الجديد، في 13 يونيو شنت إسرائيل سلسلة من الغارات على أكثر من 100 هدف إيراني، أصابت منشآت تخصيب في نطنز وفوردو وأهدافًا عسكرية في أصفهان، بينما تدخلت واشنطن في 21 يونيو بضربات مركّزة دمرت منشآت إيرانية تحت الأرض، بما في ذلك ما وصفته وسائل إعلام أمريكية بأنه "مراكز القيادة والتنسيق النووي"، وقد أُعلن رسميًا أن مقتل عدد من العلماء والفنيين النوويين اقترب عددهم من عشرين عالما، وأصيب أكثر من ألف، فضلًا عن دمار واسع في منشآت صناعية ومدنية محيطة، هذه الخسائر دفعت طهران إلى مراجعة موقعها من المعادلة، لكن من دون التخلّي عن أدوات الردع الرمزية.
في هذا السياق، أبدت إيران مرونة محسوبة، فطرحت في مفاوضات غير معلنة في مسقط وجنيف أكثر من خطة تقضي بتعليق تخصيب اليورانيوم عند نسبة لا تتجاوز 5% لمدة عام، مع السماح بتفتيش دولي غير مشروط، مقابل رفع جزئي للعقوبات الاقتصادية وتحرير جزء من الأموال المجمدة، هذا الطرح توازى مع مقترح أمريكي قائم على ما سُمِّي بـ"صيغة ويتكوف"، والذي يمنح طهران الحق في تخصيب مدني تحت رقابة مشددة، شرط وقف أي تطوير تكنولوجي يسمح بالاقتراب من العتبة النووية، وهو ما يطرح معادلة جديدة، تقرّ بحق التخصيب شكليًا، لكنها تفرغه من مضمونه السياسي والعسكري.
اللافت أن الطرفين خرجا، كلٌ بطريقته، ليعلن أنه انتصر، إيران رأت في صمود منشآتها الحيوية وبقاء برنامجها قيد التشغيل – ولو بحدود – دليلًا على فشل محاولات الإخضاع الكامل، والولايات المتحدة رأت أن الضربات الجوية أضعفت بشدة البنية التحتية النووية، وأجبرت طهران على العودة إلى الطاولة بشروط أكثر واقعية، لكن بعيدًا عن ضجيج الشعارات، لا يبدو أن هناك منتصرًا واضحًا، فطهران نزفت علميًا وبشريًا، وتعرضت لضربة قاسية في صميم مشروعها الاستراتيجي، وإن حافظت على بعض أوراقها، وواشنطن بدت وكأنها تجنّبت الانزلاق في حرب مفتوحة، لكنها لم تحقق نزع السلاح الذي طالما دعت إليه، واكتفت بتجميد مرحلي للتهديد.
داخل هذا المشهد، برز موقف مجلس التعاون الخليجي كفاعل إقليمي حذر، لكنه مؤثر، فقد أدانت العواصم الخليجية علنًا التصعيد، وكررت دعوتها لحل تفاوضي شامل يعيد الاستقرار، في وقت تحركت فيه الدبلوماسية العمانية مجددًا لتجسير الفجوة بين طهران والغرب، وظهر موقف خليجي متقدم خلف الكواليس، يدعم حلًا يضمن وقف التصعيد مقابل ضمانات بعدم تطوير إيران لأي قدرة تسليحية، كما طُرح مقترح بإنشاء شراكة تخصيب إقليمية تشارك فيها الدول الخليجية، لتكون بديلًا مقبولًا عن البرنامج الإيراني المنفرد، وهو ما استقبلته طهران بتحفظ حذر لكنه غير رافض.
في موازاة ذلك، كانت قمة حلف الناتو المنعقدة في لاهاي تطلق رسائل واضحة، فقد أكد الأمين العام للحلف أن تهديد إيران النووي لم يعد شأنًا شرق أوسطيًا بل بات يمسّ الأمن الأوروبي والأطلسي، معلنًا عن دعم غير محدود لأي دولة خليجية تتعرض للضغط من طهران، كما طُرحت مقترحات بزيادة التواجد البحري في مضيق هرمز، وتفعيل الردع السيبراني ضد أي مشروع نووي يُعاد تفعيله سرًا، هذا التوجه يعزز القناعة داخل إيران بأن الضغط الغربي لم يعد محصورًا في أمريكا وإسرائيل، بل دخل مرحلة الاصطفاف الإقليمي والدولي، وهو ما يقيّد هامش المناورة إلى حد بعيد.
إذا كانت الأيام السابقة شاهدة على نيران مدمرة أُطلقت لإخماد مشروع نووي متقدم، فإن ما يليها سيكون اختبارًا لقدرة الأطراف على إنتاج تسوية تُرضي الغالبية ولا تهدد أحدًا. أمام إيران فرصة للمناورة الذكية، عبر إبقاء مشروعها في الإطار المدني الخاضع للرقابة، مقابل استعادة أنفاسها اقتصاديًا، وكسر عزلتها التي اشتدت بعد الضربات الأخيرة، لكن هذه الفرصة لا تنتظر طويلًا، فالخليج بدأ يتحرك لحجز مكان له في معادلة الأمن النووي، والناتو لمّح إلى أن صبره ليس بلا سقف، أما إسرائيل، فقد أوصلت رسالتها بوضوح وهي أن المشروع لن يُسمح له بالوصول إلى العتبة، مهما كانت التكاليف.
وهكذا، تنقلب صفحة النار إلى مفاوضات، لكن رماد الصواريخ لا يزال ساخنًا، والندوب التي خلّفتها الضربات الأخيرة في الجسد الإيراني قد تكون أعمق من أن تُنسى بسرعة، وفي غياب اتفاق دائم، تبقى كل خطوة على حافة هاوية، وكل تهدئة مشروطة بزمن قابل للاشتعال.
في هذا السياق، لا تبدو إيران مُقبلة على التراجع، ولا تبدو قادرة على التقدم أكثر، إنها تمشي على حافة حادة بين الخضوع والانفجار، تلعب بالنار لكنها لا تريد أن تحترق، أما الخليج فقد تحوّل من ساحة صراع إلى منصة ترجيح، وأما الناتو، فلم يعد فقط حلفًا عابرًا للأطلسي، بل لاعبًا مباشرًا في معادلة الردع المقبلة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المصري اليوم
منذ 26 دقائق
- المصري اليوم
اتهامات بالخيانة.. تسريب معلومات استخبارية أمريكية يؤكد رواية إيران حول منشآتها النووية
يبدو أن «مطرقة» واشنطن لم تكن قوية بالدرجة الكافية لإنهاء برنامج إيران النووي، حيث لا تزال سلمية المنشآت النووية التي تعرضت للضربات الأمريكية، محاطة بالغموض، ففي الوقت الذي تؤكد فيه إيران أنها لم تتضرر، يشدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب بأن الضربة ناجحة وأدت إلى تدمير هذه المنشآت مهاجما التصريحات المناقضة له، لكن تقييم استخباراتي أمريكي دعم تأكيد طهران. وفجر الأحد الماضي، هاجمت الولايات المتحدة، منشآت إيران النووية وهي فوردو ونطنز وأصفهان، في عملية أسمتها «عملية مطرقة منتصف الليل»، فيما أظهرت صور للأقمار الصناعية، قبل الضربة بنحو يومين اصطفاف شاحنات عند منشأة «فوردو»، لتثار التكهنات حو نقل إيران لموادها النووية قبل عملية واشنطن ضدها. الضربة أخرت برنامج إيران لـ شهور فوفقا لشبكة الـ«abc» الأمريكية، قد أشار شخصين مطلعين، إلى تقييم استخباراتي مبكر كشف أن الضربات لم تقضي على البرنامج النووي لـ إيران بشكل كامل، وربما أدت فقط إلى تأخيره لعدة أشهر. واستندت التسريبات إلى أن الضربة لم «تُبَدِّد» قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم، خاصة في منشأة «فوردو» المحصّنة داخل جبل. وشرحت الشبكة الأمريكية أن التقرير، المصنف سرّيًا، أعدته وكالة استخبارات الدفاع والقيادة المركزية الأمريكية، منوهة أن النتائج قد تتطور مع قيام وزارة الدفاع ودوائر الاستخبارات بجمع المزيد من المعلومات. ويتكوف يعتبرها «خيانة» على إثر ذلك، اقترح المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إجراء تقييم استخباراتي أولي للقدرات النووية الإيرانية بعد تسريب معلومات عن الضربات الأمريكية، واصفا مثل هذه الخطوة بأنها «خيانة». وقال ويتكوف، مع «قناة فوكس نيو»،: «حسنًا، لا شك أن تسريب هذا النوع من المعلومات، أيًا كانت، أو أيًا كان الجانب الذي انتقده، أمرٌ مُشين، إنه خيانة، لذا يجب التحقيق فيه». وعندما سُئل عما إذا كانت إيران قادرة على استئناف برنامجها لتخصيب اليورانيوم خلال بضعة أشهر، أجاب ويتكوف أن ذلك «أمر غير قابل للتصور على الإطلاق». ولطالما أكد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب أن الضربات نجحت في تدمير المنشآت النووية الإيرانية، والتي كان آخرها تصريحه، اليوم، بأن :«لو لم ندمر المنشآت الإيرانية ما كان ممكنا التوصل إلى تسوية مع الإيرانيين». 400 كيلو من اليورانيوم مصيرهم مجهول ما يعزز هذه التسريبات والتأكيدات الإيرانية هو حديث المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي، إن الوكالة لا تعلم مكان وجود ما يزيد على 400 كيلوجرام، من اليورانيوم المخصب «المحتمل»، بعدما أكد مسؤولون إيرانيون أنه نقل كإجراء وقائي قبل شن ضربات أمريكية على منشآت نووية في إيران. واليوم الأربعاء، صوت البرلمان الإيراني، على تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، متهما إياها بالتورط في المشاركة باستهداف منشآتها النووية، حيث هاجم محمد باقر قاليباف، رئيس البرلمان الإيراني الوكالة الدولية، واصفا إياها بـ:«أنها باعت مصداقيتها بثمن بخس».


مستقبل وطن
منذ 26 دقائق
- مستقبل وطن
عزل ترامب لإساءة استخدام السلطة؟.. النواب الأمريكي يتخذ قرارًا نهائيًا (79 مؤيد)
عزل ترامب تصدر محرك البحث جوجل، كما تصدرت عبارات « عزل الرئيس الأمريكي ، تحرك لعزل ترامب ، سبب عزل ترامب ، مايك بنس ترامب ،الكونغرس الأمريكي الآن »، على خلفية تصويت مجلس النواب الأمريكي منذ ساعات على عزل ترامب بتهمة إساءة استخدام السلطة .. فماذا حدث؟ . تحرك لعزل ترامب .. ومجلس النواب الأمريكي يصّوت صّوت مجلس النواب الأمريكي بأغلبية ساحقة، الثلاثاء، ضد تحرك لعزل الرئيس دونالد ترامب بتهمة إساءة استخدام السلطة، وذلك على خلفية شنه ضربات عسكرية ضد إيران من دون الحصول على إذن مسبق من الكونغرس. وجاء التحرك المفاجئ بمبادرة من النائب الديمقراطي آل غرين من ولاية تكساس، علما أن حزبه انقسم بشأن المبادرة، إذ انضم معظم الديمقراطيين إلى الأغلبية الجمهورية للتصويت على تأجيل النظر في القرار، بينما أيد عشرات الديمقراطيين مسعى غرين. وانتهى التصويت بنتيجة 344 معارض للمبادرة مقابل 79 مؤيد لها. وقال غرين قبل التصويت: "أفعل هذا لأن لا شخص واحدا يجب أن يمتلك السلطة لدفع أكثر من 300 مليون شخص في الحرب من دون التشاور مع الكونغرس". ترامب: إيران لن تحصل على سلاح نووي ولن تتمكن من مواصلة التخصيب أفادت قناة "القاهرة الإخبارية" في نبأ عاجل عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنه سينتهي بهم المطاف إلى إقامة علاقات جيدة مع إيران. وقال الرئيس الأمريكي إن 'وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل يسير بشكل جيد'. وأضاف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام لحلف الناتو، اليوم الأربعاء، أن إسرائيل التزمت بوقف إطلاق النار، وسحبت طائراتها من الأجواء الإيرانية. وأشار ترامب إلى اعتقاده بتدمير البرنامج النووي الإيراني بشكل كامل، قائلًا إن تخصيب اليورانيوم آخر شيء سترغب إيران في فعله الآن. وأضاف: 'إيران لن تقدم على تخصيب اليورانيوم لأنها تعمل أننا سنلاحقها، ولا نتوقع تطوير طهران لبرنامجها النووي وإنتاج قنبلة'. وأشار ترامب إلى أن إسرائيل وجهت ضربات قاسية لإيران، قائلاً: 'استطاعوا تدمير بعض المباني، ونتنياهو يجب أن يكون فخورًا بنفسه، وإيران لن تتمكن من إنتاج قنابل لفترة طويلة'، بحسب تعبيره. وقال ترامب إنه طلب من دول الناتو منذ سنوات رفع نسبة الإنفاق الدفاعي إلى 5%، مؤكداً أن حلف الناتو سيكون قويا جداً.


المصري اليوم
منذ 27 دقائق
- المصري اليوم
سجال «نووي طهران» يهيمن على ثاني أيام وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل (تقرير)
هيمن الملف النووي الإيراني على ثاني أيام وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل الذي دخل حيز التنفيذ، أمس الثلاثاء، بعد إعلانه من قبل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد حرب استمرت 12 يوما. وجدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التأكيد على أن الضربة العسكرية التي شنتها قواته على إيران الأحد الماضي «دمرت بالكامل» المواقع النووية الثلاثة (فوردو وأصفهان ونطنز) التي استهدفتها، نافيا صحة تقارير إعلامية نقلت عن مصادر مخابراتية أن الضربة لم تؤد سوى لتأخير برنامج طهران النووي بضعة أشهر. وقال «ترامب» إن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل «يسير على ما يرام». وعن التقارير المخابراتية التي تشكك في القضاء على البرنامج النووي الإيراني جراء الهجوم الأمريكي، قال ترامب من لاهاي قبل انعقاد قمة لقادة الدول الأعضاء بحلف شمال الأطلسي (ناتو): «معلومات المخابرات (الأمريكية) ليست حاسمة تماما بشأن الضربة على إيران». وأضاف: «أعتقد أنها كانت عملية محو تام»، مؤكدا أن الولايات المتحدة لن تسمح بأي خطط إيرانية لتخصيب اليورانيوم لأغراض عسكرية. وردا على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة ستقصف إيران مجددا إذا أعادت بناء برنامجها، قال ترامب: «بالتأكيد». وفي السياق ذاته، كتب «ترامب» في تدوينة عبر منصته «تروث سوشيال» أن «شبكة (سي إن إن) للأخبار الكاذبة، بالتعاون مع صحيفة نيويورك تايمز الفاشلة، ضافرتا جهودهما لتشويه سمعة إحدى أنجح الضربات العسكرية في التاريخ.. المواقع النووية في إيران دُمّرت بالكامل!». وجاءت تعليقات الرئيس الأمريكي، بعدما نقلت وسائل إعلام أمريكية عديدة عن تقرير أولي سري أعدته وكالة مخابرات الدفاع الأمريكية أن الضربة الأمريكية على إيران أعادت برنامج طهران النووي بضعة أشهر فقط إلى الوراء، ولم تدمره. وخلص تقييم أولي أعدته وكالة مخابرات الدفاع الأمريكية إلى أن الضربات التي استهدفت منشآت نووية في إيران مطلع الأسبوع أدت إلى تأخير برنامج طهران النووي لأشهر محدودة فقط، حسبما ذكرت ثلاثة مصادر مطلعة لوكالة «رويترز». ووفقا للمصادر، فإن التقرير الذي أعد تحت إشراف البنتاجون لا يعكس رواية الإدارة الأمريكية التي تصر على أن الضربات «قضت على أساس البرنامج النووي الإيراني». وكشف مسؤول أمريكي اطلع على التقييم أن التقرير يتضمن العديد من التحفظات والاحتمالات، مع توقع صدور تقارير أدق في الأيام والأسابيع المقبلة، في حين أشار أحد المصادر إلى أن التقييم لم يحظ بقبول عام وأثار خلافات واسعة. وأشار التقييم الأولي إلى أن الهجمات ربما لم تحقق النجاح الكامل الذي تتحدث عنه إدارة «ترامب»، ونقل مصدر مطلع أن مخزونات اليورانيوم المخصب في إيران لم تدمر، وربما يكون تراجع البرنامج النووي الإيراني محدودا بشهر أو شهرين فقط. وفي السياق ذاته، أكد اثنان من المصادر المطلعة على التقييم لـ «سي إن إن» أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب لم يُدمر، وقال أحدهما إن أجهزة الطرد المركزي «سليمة» إلى حد كبير. وقال مسؤول أمريكي، مشترطا عدم كشف هويته، إن واشنطن لا تعرف حجم الضرر بدقة حتى الآن. وأوضح محللون أن الاعتماد فقط على صور الأقمار الصناعية قد لا يظهر بالضرورة حجم الضرر الذي أصاب منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم الواقعة تحت الأرض. في المقابل، أشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، لشبكة «سي إن إن»، التي كانت أول من نشر التقييم، إلى أن هذه «الاستنتاجات المزعومة خاطئة تماما»، مضيفة: «الجميع يعلمون ما الذي يحدث عندما تسقط 14 قنبلة زنة كل منها 30 ألف رطل على أهدافها بدقة: إنه تدمير كامل». من جهته، قال وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، لصحيفة «بوليتيكو»، اليوم الأربعاء، إن إيران أصبحت «أبعد بكثير عن امتلاك سلاح نووي» بعد الضربة الأمريكية على المواقع النووية في إيران. وأوضح «روبيو» للصحيفة: «خلاصة القول، إنهم اليوم أبعد بكثير عن امتلاك سلاح نووي مما كانوا عليه قبل أن يتخذ الرئيس هذا الإجراء الجريء»، مضيفا: «لحقت أضرار جسيمة، جسيمة جدا، بمجموعة متنوعة من المكونات المختلفة، ونتلقى المزيد من المعلومات عنها». وقالت القائمة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا، أمام مجلس الأمن الدولي، إن الهجمات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية «حققت فعليا هدفنا المحدد، وهو تقليص قدرة إيران على إنتاج سلاح نووي». وأضافت: «هذه الضربات، التي تمت بناء على الحق الأصيل في الدفاع الجماعي عن النفس وبما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة، هدفت إلى الحد من التهديد الذي تشكله إيران على إسرائيل والمنطقة، وعلى السلام والأمن الدوليين بشكل أوسع». في سياق متصل، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في بيان، إن «الضربات الإضافية التي استهدفت فوردو صباح الإثنين الماضي، بعد القصف الأمريكي الذي وقع فجر الأحد الماضي، أصابت طرق الوصول القريبة من المنشأة تحت الأرض، بالإضافة إلى أحد مداخلها». أما في نطنز، فقد حددت الوكالة «حفرتين ناتجتين عن الضربات فوق القاعات تحت الأرض التي كانت تستخدم في أنشطة التخصيب والتخزين». وأضافت أن «المعطيات تشير إلى احتمال حدوث تلوث موضعي ومخاطر كيميائية نتيجة هذا القصف». من جهته، شدد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، على ضرورة استئناف عمل الوكالة في إيران، كاشفا أنه وجه رسالة إلى وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، يؤكد فيها على «أهمية العودة إلى التعاون»، وأبدى استعداده لعقد لقاء بهذا الخصوص. واعتبر «جروسي» في البيان، أن «استئناف التعاون مع الوكالة يعد أمرا حاسما للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي ناجح ينهي النزاع بشأن أنشطة إيران النووية». وأشار إلى أن مفتشي الوكالة «بقوا في إيران طوال فترة النزاع، وهم مستعدون لاستئناف أعمالهم في أسرع وقت ممكن، بما في ذلك التحقق من مخزونات المواد النووية، التي تضم أكثر من 400 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، والتي جرى التحقق منها آخر مرة قبل أيام من بدء الغارات الإسرائيلية في 13 يونيو الجاري». إلى ذلك، صوت البرلمان الإيراني في جلسة علنية، اليوم الأربعاء، على مشروع قرار تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث تمت الموافقة على المشروع بجميع تفاصيله. وذكرت وكالة «تسنيم» أن نواب البرلمان الإيراني صوتوا، على مشروع قرار يلزم الحكومة بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ونقل التلفزيون الإيراني الرسمي عن رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، قوله إن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي رفضت إصدار حتى إدانة محدودة للهجوم على منشآت إيران النووية، باعت مصداقيتها الدولية بأبخس الأثمان»، مضيفا أن «منظمة الطاقة الذرية الإيرانية ستعلق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى حين ضمان أمن المنشآت النووية». وردا على ذلك، قال «جروسي»، إن الأولوية القصوى لمفتشيه هي العودة إلى المنشآت النووية الإيرانية لتقييم أثر الضربات العسكرية على برنامج طهران النووي.