logo
حوارات ثقافية. إعتماد سلام تحاور الروائي المغربي محمد برادة

حوارات ثقافية. إعتماد سلام تحاور الروائي المغربي محمد برادة

LE12٠٣-٠٣-٢٠٢٥

من حواري فاس مرت طفولة محمد برادة، قبل أن يجلس في مدارج جامعة القاهرة في مصر، وهو وطالب، فالعودة إلى الرباط كاتبا وروائيا أثرى الخزانة المغربية والعربية بالعديد من الأعمال الأدبية.
تقديم – محمد سليكي
في هذا الحوار تستضيف الزميلة إعتماد سلام في برنامجها الثقافي الناجح على
حوار يعيد إكتشاف العديد من المحطات في نشأة وتطور الروائي محمد برادة.
من حواري فاس مرت طفولة
أعمال منها من إعتمد في المقررات الدراسية تسعينات القرن الماضي، في أقسام الثانية ثانوية، والأمر يتعلق برواية لعبة النسيان.
إليكم نص الحوار
حوار -اعتماد سلام
س: لنعد إلى مرحلة ما قبل التحاقك بمدرسة الحركة الوطنية، الطفل الصغير حينها كيف اكتشف الكتاب وتعرف عليه الأول مرة؟
ج: في الحقيقة اكتشفت الكتاب عندما كنت في فاس، حيث أمضيت الطفولة الأولى هناك وكنت أدرس في الكُتاب 'المسيد'، ولكن سرعان ما تحول المسيد إلى مدرسة، لأن الحركة الوطنية كانت تفتح مدارس لمقاومة الفرنسة ولجعل التعليم يعتمد أساسا على اللغة العربية. وفي تلك المدرسة بدأنا نكتشف نصوصا، يعني محفوظات القراءات الجزئية، ولكن عندما انتقلت إلى الرباط وعمري ربما تسع أو ثماني سنوات، هناك في المدرسة المحمدية بدأت علاقتي بالكتاب لأن الأساتذة كانوا يؤسسون ما يمكن أن نسميه مكتبة داخلية ويسمحون لنا بأن نأخذ الكتب لنقرأها، وأحيانا نقوم بعرض حول بعضها، فاكتشفنا حينها قصص كامل الكيلاني في مصر وبعدها سيد أبو حديد، ومعظمها كانت تأتي من المشرق لأن برامج المدارس الحرة في عهد الحماية كانت تعتمد على المشرق العربي.
س: لاحقا ستكون لك حكاية طويلة مع المشرق ومع الإصدارات المشرقية وسنعود إلى ذلك. لكن خلال مرحلة الدراسة في المكتبة الوطنية ما هي الكتب التي كانت الأكثر تأثيرا بالنسبة لك؟
ج: الكتب الأولى هي كتب كامل الكيلاني كتب سيد أبو حديد.. كتب متعددة، ولكن بدأت العلاقة تنمو وتترسخ عندما دخلنا المرحلة الأولى من التعليم الثانوي في مدارس محمد الخامس، هناك اكتشفنا كتبا متباينة ومختلفة، اكتشفت مثلا ولاشك أن جيلي أيضا اكتشف نفس الشيء، كتب مصطفى لطفي المنفلوطي. إنه ظاهرة فعلا، ونحن كنا نعتقد أنه كان يترجم عن اللغة الفرنسية وهو في الواقع لم يكن يعرف اللغة الفرنسية، ولكن كان بعض أصدقائه يحكون له عن روايات فرنسية فيعيد صياغتها ببلاغة وبفصاحة وبقاموس منتقى. وهذه القراءات دفعتنا عندئذ لنتنافس كي تكون أوراق الإنشاء التي نكتبها متميزة بلغتها.
س: الملاحظ أنه رغم الاستعمار كانت هذه الإصدارات متوفرة وتصل بشكل منتظم إلى المغرب؟
نعم وهذا شيء غريب فعلا، في المكتبة العامة مثلا كنا نجد كل المجلات والكتب وهذا ما سهل مأمورية التعريب لاحقا. اكتشفنا المنفلوطي بهذا الشكل وفي نفس الوقت كان الأساتذة يثيرون انتباهنا إلى جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وطه حسين وكتابه الأيام وأحيانا كنا نقرأ نصوصا لا نفهمها مثل نصوص عباس محمود العقاد. هذا الخليط كان في الحقيقة يثير فضولنا ويدفعنا إلى أن نتقاسم بيننا ما نقرأه، لنجعل مادة الإنشاء متميزة ولكي نحظى بقراءة ما نكتبه داخل الفصل.
س: كثير من الأسماء التي ذكرتها مصرية، وشاءت الظروف أن تنتقل إلى مصر لاستكمال دراستك عندما لتحقت بجامعة القاهرة، وبالتالي أتيحت لك الفرصة لتلتقي أسماء كبيرة في عالم الأدب والثقافة.
ج: نعم. في الحقيقة الفترة التي أمضيتها في مصر من 1955 إلى 1960 كانت فترة ازدهار وتشجيع للثقافة. يعني في عهد جمال عبد الناصر رغم ما يمكن أن يوجه إليه من انتقادات فيما بعد.. فإنه كان يشجع الثقافة والمسرح والموسيقى، فكانت هناك نهضة مفتوحة على كل الاتجاهات الثقافية بما فيها المسرح الطلائعي والسينما الطلائعية إلى آخره. و لذلك في الكلية كنا محظوظين أيضا لأن بعض الأسماء البارزة كانت تدرسنا، منها الدكتور عبد الحميد يونس والدكتورة سهير القلماوي وأيضا كان طه حسين يأتي مرة في الشهر ليحاضر حول النهضة الثقافية الحديثة في العالم العربي وفي مصر خاصة. كانت هذه العوامل فعلا تشدنا إلى الكتاب في تلك الفترة وكان الكتاب هو المادة الأساسية للتواصل الثقافي والعلمي والبحثي ولذلك فالعلاقة بالكتب لدي ولدى الجيل الذي أنتمي إليه ترسخت بقوة، وإلى الآن رغم أنني أحاول أن أتابع ما يجد في عالم الاختراعات الثقافية لكنني لا أستغني عن الكتاب.
س: من أيام القاهرة الأولى، ما هو الكتاب أوالكتب التي لازالت في مكتبتك إلى اليوم؟
ج: لا. لا أحتفظ بها في الحقيقة لأني تنقلت بين عدة أماكن. ولكني احتفظت ببعض المراجع، مثلا كان هناك كتاب نادر 'محاضرات في النقد' لسهير القلماوي، سهير كانت حينئذ تمثل أسلوبا خاصا في التدريس، كان أسلوبها يعتمد على دفع الطلبة إلى التفكير وإلى المناقشة لم تكن تحب أن نعتمد على الذاكرة وعلى الحفظ، احتفظت أيضا بكتاب كنت أرجع إليه من حين لآخر لعبد الحميد يونس، يعني عرفته أستاذا لي في القاهرة ثم أصبح زميلا لي مدرسا في فاس لبضع سنوات. وكان يهتم بالأدب الشعبي ويحاول أن يعطيه أبعادا بعيدة متصلة بالثقافة في عمومها وبالثقافة الشعبية خاصة.. ولكن كنت أحتفظ بالأخص بروايات نجيب محفوظ.
خلال إقامتي مع الأصدقاء في القاهرة كان نجيب محفوظ في حالة صعود خاصة وكان طه حسين قد كتب عنه مقالا أظن سنة 1957 في صحيفة الجمهورية حول الثلاثية تحديدا، فأصبح نجيب محفوظ نجما متألقا وأصبحنا ننتظر ما سيكتبه كل سنة.. مثلا عندما نشر 'ثرثرة فوق النيل' كانت رواية فعلا فيها نقد عميق لما يسمى بالاتحاد الاشتراكي عندهم ولما يسمى أيضا بالنظام الاشتراكي الناصري، وفي هذا الصدد كان نجيب محفوظ رغم علاقته الطيبة بالدولة، كان مع ذلك يستطيع أن يمرر ما يريد عبر شكل فني مقبول، إلى حد أنه عندما كتب 'أولاد حارتنا' وهي رواية كانت جريئة واستعملت الرموز الدينية لتجعلها في صراع فوق الأرض وأثارت غضب علماء الأزهر وغضب المحافظين وأوقفت عن النشر، فاضطر إلى نشرها كاملة عن دار الآداب في بيروت.
هذه الكتب كانت تقترن عندي بلحظات مميزة من تطور الإبداع الفني، إبداع الرواية والشعر والقصة والمسرح، وترتبط عندي أيضا بالإشكاليات التي كانت تطرح حسب المراحل.. مرحلة القومية العربية، مرحلة الاشتراكية، مرحلة العودة إلى الليبيرالية والاتفتاح إلى آخره.. فكانت مصر فعلا من هذه الزاوية يوجد فيها مجموعة من الكتاب خاصة ما يسمى في التصنيف بجيل الستينيات، يعني صنع الله إبراهيم وجمال الغيطاني وعبد الحكيم قاسم وسعيد الكفراوي إلى آخره، وكانوا أيضا يشكلون مرحلة أخرى من الإبداع الأدبي ومن الإبداع الفكري كذلك.
س: بما أنك أستاذ محمد برادة تحدثت عن الراحل نجيب محفوظ. طبعا أنت التقيته خلال وجودك في القاهرة، وقرأت لك ما كتبته عن لقاءين معه، أحدهما كان في مقهى علي بابا أو مقهى جروبي وقد كتبت عنه في 'محكيات'.
ج: نعم، في هذا اللقاء ذهبت لأجري معه حوارا لمجلة الدراسات الفلسطينية باللغة الفرنسية، كلفوني بأن أجري معه حوارا عقب نيله جائزة نوبل وكانت له عادات لا يتخلى عنها. يستيقظ باكرا ويذهب راجلا من حي العجوزة إلى ميدان التحرير وفي مقهى علي بابا كان يشرب قهوته ويستريح قليلا قبل أن يتابع مسيرته إلى وزارة الأوقاف. وأنا عندما اتصلت به أعطاني موعدا في هذا المقهى، فذهبت فعلا باكرا إلى هناك، أظن في السابعة والنصف صباحا، وكان حوارا مضيئا نشرته بالفرنسية في تلك المجلة.
س: جمعتك أيضا صداقات بأسماء عديدة مع أسماء من هذا الجيل؟
ج: نعم. من هذا الجيل الأول كنت على علاقة صداقة بالناقد الكبير محمود أمين العالم ثم بالكاتب الصديق المبدع إدوارد خراط صاحب راما والتنين، كان لي أصدقاء كثر تعرفت على بعضهم عندما كنت طالبا ولكن بعد ذلك عندما أصبحت ضمن المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب وعزمنا على تنظيم أول لقاء للرواية العربية في مدينة فاس سنة 1979 قمت بسفريات للاتصال ببعض الكتاب واستدعائهم وكان هذا اللقاء مميزا وربط علاقات صداقة متينة بين الكتاب المغاربة الشباب آنذاك وبين هؤلاء، وهذه الصداقات استمرت وكلما زرت مصر كانت لي لقاءات معهم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إيمان الطوخي تتصدر محركات البحث بعد اختفاء دام سنوات وسط أنباء عن هجرة واعتزال مفاجئ
إيمان الطوخي تتصدر محركات البحث بعد اختفاء دام سنوات وسط أنباء عن هجرة واعتزال مفاجئ

المغرب اليوم

time٢٥-٠٤-٢٠٢٥

  • المغرب اليوم

إيمان الطوخي تتصدر محركات البحث بعد اختفاء دام سنوات وسط أنباء عن هجرة واعتزال مفاجئ

تصدرت الفنانة المصرية إيمان الطوخي محركات البحث في مصر خلال الساعات القليلة الماضية بعد انتشار أنباء عن اختفائها طيلة 28 عاما، واعتزالها الفن بسبب زواجها من شخصية مصرية رفيعة المستوى.فقد راجت الأخبار حول هجرة المطربة والفنانة إلى الولايات المتحدة الأميركية منذ عدة سنوات هربا من الشائعات التي طاردتها. فيما كشف المطرب أحمد محسن نجل شقيقة الطوخي، في تصريحات لـ"العربية.نت" ، أن الأخبار المتداولة عن خالته لا أساس لها من الصحة، مؤكدا أنها تقيم في مصر بمفردها منذ عدة سنوات، بعد وفاة والدتها عام 2017 ولم تهاجر لأميركا. كما أضاف أنها اعتزلت الفن منذ 28 عاماً، وكانت وقتها في أوج نجوميتها، لكنها فضلت الابتعاد بكامل إرادتها والإقامة مع والدتها التي كانت تحتاج إلى رعاية خاصة، وظلت بالفعل تقيم معها حتى وفاتها منذ 8 سنوات، معلنا أن خالته تقيم وحيدة بمنزلها بأحد الأحياء الراقية بالقاهرة حاليا وبعيدا عن الأضواء. إيمان الطوخي إيمان الطوخي كذلك كأوضح أنها لم تتزوج نهائياً، بل خطبت مرتين فقط وفسخت الخطبتين بعد وقت قصير، مضيفا أنها رفضت فكرة الزواج وقررت الابتعاد والعزلة، فضلا عن أن دائرة علاقتها ضيقة للغاية، وتقتصر على بعض أفراد العائلة والأصدقاء المقربين الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليدين. يذكر أن إيمان الطوخي هي مطربة وممثلة مصرية، وهي ابنة الفنان محمد الطوخي، حيث تخرجت في كلية الإعلام قسم إذاعة وتلفزيون بجامعة القاهرة عام 1980، واستطاعت أن تحقق نجومية كبيرة بعد مشاركتها بمسلسل "رأفت الهجان"، الذي عرض فترة الثمانينيات. وكانت أعلنت اعتزالها المجال الفني عقب آخر عمل لها عام 1997، منهية مشوارها الفني الذي استمر 15 عاما، معللة الأمر بأن الدخلاء أساؤوا إلى الفنانين الحقيقيين مما أدى إلى ابتعاد عدد كبير من الفنانات عن الوسط.

حوارات ثقافية. إعتماد سلام تحاور الروائي المغربي محمد برادة
حوارات ثقافية. إعتماد سلام تحاور الروائي المغربي محمد برادة

LE12

time٠٣-٠٣-٢٠٢٥

  • LE12

حوارات ثقافية. إعتماد سلام تحاور الروائي المغربي محمد برادة

من حواري فاس مرت طفولة محمد برادة، قبل أن يجلس في مدارج جامعة القاهرة في مصر، وهو وطالب، فالعودة إلى الرباط كاتبا وروائيا أثرى الخزانة المغربية والعربية بالعديد من الأعمال الأدبية. تقديم – محمد سليكي في هذا الحوار تستضيف الزميلة إعتماد سلام في برنامجها الثقافي الناجح على حوار يعيد إكتشاف العديد من المحطات في نشأة وتطور الروائي محمد برادة. من حواري فاس مرت طفولة أعمال منها من إعتمد في المقررات الدراسية تسعينات القرن الماضي، في أقسام الثانية ثانوية، والأمر يتعلق برواية لعبة النسيان. إليكم نص الحوار حوار -اعتماد سلام س: لنعد إلى مرحلة ما قبل التحاقك بمدرسة الحركة الوطنية، الطفل الصغير حينها كيف اكتشف الكتاب وتعرف عليه الأول مرة؟ ج: في الحقيقة اكتشفت الكتاب عندما كنت في فاس، حيث أمضيت الطفولة الأولى هناك وكنت أدرس في الكُتاب 'المسيد'، ولكن سرعان ما تحول المسيد إلى مدرسة، لأن الحركة الوطنية كانت تفتح مدارس لمقاومة الفرنسة ولجعل التعليم يعتمد أساسا على اللغة العربية. وفي تلك المدرسة بدأنا نكتشف نصوصا، يعني محفوظات القراءات الجزئية، ولكن عندما انتقلت إلى الرباط وعمري ربما تسع أو ثماني سنوات، هناك في المدرسة المحمدية بدأت علاقتي بالكتاب لأن الأساتذة كانوا يؤسسون ما يمكن أن نسميه مكتبة داخلية ويسمحون لنا بأن نأخذ الكتب لنقرأها، وأحيانا نقوم بعرض حول بعضها، فاكتشفنا حينها قصص كامل الكيلاني في مصر وبعدها سيد أبو حديد، ومعظمها كانت تأتي من المشرق لأن برامج المدارس الحرة في عهد الحماية كانت تعتمد على المشرق العربي. س: لاحقا ستكون لك حكاية طويلة مع المشرق ومع الإصدارات المشرقية وسنعود إلى ذلك. لكن خلال مرحلة الدراسة في المكتبة الوطنية ما هي الكتب التي كانت الأكثر تأثيرا بالنسبة لك؟ ج: الكتب الأولى هي كتب كامل الكيلاني كتب سيد أبو حديد.. كتب متعددة، ولكن بدأت العلاقة تنمو وتترسخ عندما دخلنا المرحلة الأولى من التعليم الثانوي في مدارس محمد الخامس، هناك اكتشفنا كتبا متباينة ومختلفة، اكتشفت مثلا ولاشك أن جيلي أيضا اكتشف نفس الشيء، كتب مصطفى لطفي المنفلوطي. إنه ظاهرة فعلا، ونحن كنا نعتقد أنه كان يترجم عن اللغة الفرنسية وهو في الواقع لم يكن يعرف اللغة الفرنسية، ولكن كان بعض أصدقائه يحكون له عن روايات فرنسية فيعيد صياغتها ببلاغة وبفصاحة وبقاموس منتقى. وهذه القراءات دفعتنا عندئذ لنتنافس كي تكون أوراق الإنشاء التي نكتبها متميزة بلغتها. س: الملاحظ أنه رغم الاستعمار كانت هذه الإصدارات متوفرة وتصل بشكل منتظم إلى المغرب؟ نعم وهذا شيء غريب فعلا، في المكتبة العامة مثلا كنا نجد كل المجلات والكتب وهذا ما سهل مأمورية التعريب لاحقا. اكتشفنا المنفلوطي بهذا الشكل وفي نفس الوقت كان الأساتذة يثيرون انتباهنا إلى جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وطه حسين وكتابه الأيام وأحيانا كنا نقرأ نصوصا لا نفهمها مثل نصوص عباس محمود العقاد. هذا الخليط كان في الحقيقة يثير فضولنا ويدفعنا إلى أن نتقاسم بيننا ما نقرأه، لنجعل مادة الإنشاء متميزة ولكي نحظى بقراءة ما نكتبه داخل الفصل. س: كثير من الأسماء التي ذكرتها مصرية، وشاءت الظروف أن تنتقل إلى مصر لاستكمال دراستك عندما لتحقت بجامعة القاهرة، وبالتالي أتيحت لك الفرصة لتلتقي أسماء كبيرة في عالم الأدب والثقافة. ج: نعم. في الحقيقة الفترة التي أمضيتها في مصر من 1955 إلى 1960 كانت فترة ازدهار وتشجيع للثقافة. يعني في عهد جمال عبد الناصر رغم ما يمكن أن يوجه إليه من انتقادات فيما بعد.. فإنه كان يشجع الثقافة والمسرح والموسيقى، فكانت هناك نهضة مفتوحة على كل الاتجاهات الثقافية بما فيها المسرح الطلائعي والسينما الطلائعية إلى آخره. و لذلك في الكلية كنا محظوظين أيضا لأن بعض الأسماء البارزة كانت تدرسنا، منها الدكتور عبد الحميد يونس والدكتورة سهير القلماوي وأيضا كان طه حسين يأتي مرة في الشهر ليحاضر حول النهضة الثقافية الحديثة في العالم العربي وفي مصر خاصة. كانت هذه العوامل فعلا تشدنا إلى الكتاب في تلك الفترة وكان الكتاب هو المادة الأساسية للتواصل الثقافي والعلمي والبحثي ولذلك فالعلاقة بالكتب لدي ولدى الجيل الذي أنتمي إليه ترسخت بقوة، وإلى الآن رغم أنني أحاول أن أتابع ما يجد في عالم الاختراعات الثقافية لكنني لا أستغني عن الكتاب. س: من أيام القاهرة الأولى، ما هو الكتاب أوالكتب التي لازالت في مكتبتك إلى اليوم؟ ج: لا. لا أحتفظ بها في الحقيقة لأني تنقلت بين عدة أماكن. ولكني احتفظت ببعض المراجع، مثلا كان هناك كتاب نادر 'محاضرات في النقد' لسهير القلماوي، سهير كانت حينئذ تمثل أسلوبا خاصا في التدريس، كان أسلوبها يعتمد على دفع الطلبة إلى التفكير وإلى المناقشة لم تكن تحب أن نعتمد على الذاكرة وعلى الحفظ، احتفظت أيضا بكتاب كنت أرجع إليه من حين لآخر لعبد الحميد يونس، يعني عرفته أستاذا لي في القاهرة ثم أصبح زميلا لي مدرسا في فاس لبضع سنوات. وكان يهتم بالأدب الشعبي ويحاول أن يعطيه أبعادا بعيدة متصلة بالثقافة في عمومها وبالثقافة الشعبية خاصة.. ولكن كنت أحتفظ بالأخص بروايات نجيب محفوظ. خلال إقامتي مع الأصدقاء في القاهرة كان نجيب محفوظ في حالة صعود خاصة وكان طه حسين قد كتب عنه مقالا أظن سنة 1957 في صحيفة الجمهورية حول الثلاثية تحديدا، فأصبح نجيب محفوظ نجما متألقا وأصبحنا ننتظر ما سيكتبه كل سنة.. مثلا عندما نشر 'ثرثرة فوق النيل' كانت رواية فعلا فيها نقد عميق لما يسمى بالاتحاد الاشتراكي عندهم ولما يسمى أيضا بالنظام الاشتراكي الناصري، وفي هذا الصدد كان نجيب محفوظ رغم علاقته الطيبة بالدولة، كان مع ذلك يستطيع أن يمرر ما يريد عبر شكل فني مقبول، إلى حد أنه عندما كتب 'أولاد حارتنا' وهي رواية كانت جريئة واستعملت الرموز الدينية لتجعلها في صراع فوق الأرض وأثارت غضب علماء الأزهر وغضب المحافظين وأوقفت عن النشر، فاضطر إلى نشرها كاملة عن دار الآداب في بيروت. هذه الكتب كانت تقترن عندي بلحظات مميزة من تطور الإبداع الفني، إبداع الرواية والشعر والقصة والمسرح، وترتبط عندي أيضا بالإشكاليات التي كانت تطرح حسب المراحل.. مرحلة القومية العربية، مرحلة الاشتراكية، مرحلة العودة إلى الليبيرالية والاتفتاح إلى آخره.. فكانت مصر فعلا من هذه الزاوية يوجد فيها مجموعة من الكتاب خاصة ما يسمى في التصنيف بجيل الستينيات، يعني صنع الله إبراهيم وجمال الغيطاني وعبد الحكيم قاسم وسعيد الكفراوي إلى آخره، وكانوا أيضا يشكلون مرحلة أخرى من الإبداع الأدبي ومن الإبداع الفكري كذلك. س: بما أنك أستاذ محمد برادة تحدثت عن الراحل نجيب محفوظ. طبعا أنت التقيته خلال وجودك في القاهرة، وقرأت لك ما كتبته عن لقاءين معه، أحدهما كان في مقهى علي بابا أو مقهى جروبي وقد كتبت عنه في 'محكيات'. ج: نعم، في هذا اللقاء ذهبت لأجري معه حوارا لمجلة الدراسات الفلسطينية باللغة الفرنسية، كلفوني بأن أجري معه حوارا عقب نيله جائزة نوبل وكانت له عادات لا يتخلى عنها. يستيقظ باكرا ويذهب راجلا من حي العجوزة إلى ميدان التحرير وفي مقهى علي بابا كان يشرب قهوته ويستريح قليلا قبل أن يتابع مسيرته إلى وزارة الأوقاف. وأنا عندما اتصلت به أعطاني موعدا في هذا المقهى، فذهبت فعلا باكرا إلى هناك، أظن في السابعة والنصف صباحا، وكان حوارا مضيئا نشرته بالفرنسية في تلك المجلة. س: جمعتك أيضا صداقات بأسماء عديدة مع أسماء من هذا الجيل؟ ج: نعم. من هذا الجيل الأول كنت على علاقة صداقة بالناقد الكبير محمود أمين العالم ثم بالكاتب الصديق المبدع إدوارد خراط صاحب راما والتنين، كان لي أصدقاء كثر تعرفت على بعضهم عندما كنت طالبا ولكن بعد ذلك عندما أصبحت ضمن المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب وعزمنا على تنظيم أول لقاء للرواية العربية في مدينة فاس سنة 1979 قمت بسفريات للاتصال ببعض الكتاب واستدعائهم وكان هذا اللقاء مميزا وربط علاقات صداقة متينة بين الكتاب المغاربة الشباب آنذاك وبين هؤلاء، وهذه الصداقات استمرت وكلما زرت مصر كانت لي لقاءات معهم.

الفنان المصري سامي مغاوري...فنان بدرجة "امتياز مع مرتبة الشرف"
الفنان المصري سامي مغاوري...فنان بدرجة "امتياز مع مرتبة الشرف"

الرباط

time٠٣-١٢-٢٠٢٤

  • الرباط

الفنان المصري سامي مغاوري...فنان بدرجة "امتياز مع مرتبة الشرف"

الفنان المصري سامي مغاوري…فنان بدرجة 'امتياز مع مرتبة الشرف' بقلم – هند الصنعاني سامي مغاوري، فنان مصري يؤمن بالرسالة السامية للفن، ينتمي إلى جيل الرواد الذين أثروا الساحة الفنية المصرية والعربية بإبداعاتهم الخالدة، حصل من جمهوره العربي على شهادة التفوق بدرجة 'امتياز مع مرتبة الشرف'، مسيرته الفنية تدل على أنه ممثل استثنائي بقدرات متفردة، بارع في التحول من الشخصية الساخرة إلى الشخصية الدرامية المركبة التي تتطلب تعبيرا عميقا. تخرج سامي من كلية الحقوق بجامعة القاهرة في عام 1975، وكانت بدايته الفنية من خلال مسلسل 'ليلة القبض على فاطمة' عام 1982، قدم أكثر من أربعمائة عمل فني، استطاع بفضل موهبته أن يلمع في جميع الأدوار التي أسندت إليه، ومن أبرز أعماله 'أوراق مصرية'، 'اللعبة'، 'ربع رومي'، 'سابع جار'، 'البنديرة' وغيرهم… له مشاركات قوية في المسرح أيضا، حيث أظهر قدرته على الإبداع المباشر وخطف الأضواء بكوميديا راقية، أبرز مسرحياته 'انستونا'، 'أهلا يا بكوات'، 'في بيتناك شبح'، 'المستريح'… لم تقتصر موهبة سامي مغاوري على التمثيل فقط، بل امتدت إلى الأداء الصوتي، حيث قدم أدوارا مهمة بصوته المميز في العديد من الأفلام والمسلسلات الكرتونية، مما جعله يترك بصمة قوية لدى الأجيال الجديدة، أبرز هذه الأعمال 'يحيي وكنوز'، و'سر المساجد'. أما عن حياته الشخصية، فقد كشف سامي مغاوري عن كواليس ارتباطه بزوجته المغربية التي كانت تعمل بالإذاعة المغربية، حيث خطفت قلبه من أول نظرة خلال عرض مسرحية 'رصاصة في القلب' والتي كانت تعرض في المغرب. سامي مغاوري نموذج الفنان المبدع والراقي، انتماؤه لجيل الرواد جعله أحد عمالقة الفن المصري، واحترامه وتقديره لفنه، مسيرته وجمهوره سيسجله التاريخ مرجعا للأجيال القادمة في التمثيل والإبداع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store