logo
المجدد الشيرازي وتطوير الحوزات العلمية

المجدد الشيرازي وتطوير الحوزات العلمية

شبكة النبأمنذ 3 ساعات

مشروع المجدد الشيرازي لتطوير الحوزات العلمية كان ضرورة شرعية وحضارية تفرضها طبيعة المرحلة التي تمر بها الأمة التي لا يمكن لها النهوض ما لم يكن علماؤها قادرين على القيام بدورهم الطليعي في الإصلاح ولا يمكن للعلماء أن ينجزوا مهمتهم الكبرى ما لم تكن الحوزات مؤهلة بما يتناسب مع التحديات...
من أبرز التَّحديات التي واجهت الحوزات العلميَّة خلال القرن الماضي كانت الجمود في المناهج الدراسيَّة، والتي بقيت لعقود طويلة تدور في نفس المحاور التقليديَّة من دون تطوير يُذكر. وفي خضم هذا الجمود، برز سماحة المجدد الثَّاني السيِّد محمَّد الحسيني الشيرازي (أعلى الله تعالى مقامه) كأحد أهمِّ العلماء الذين سعوا بجدية لإحداث تغيير نوعي في بنية المناهج الحوزوية، إيمانًا منه بأنَّ تجديد الفكر لا يمكن أن يتمَّ من دون تجديد وسائله وأدواته.
لقد دعا سماحة السيِّد الشيرازي إلى توسيع أفق الدرس الحوزوي ليشمل قضايا الفكر والثَّقافة والاجتماع، معتبرًا أنَّ الاقتصار على الفقه والأصول بالشكل التَّقليدي لا يكفي لإعداد عالم قادر على قيادة الأمة في العصر الحديث.
ومن الجوانب اللافتة في مشروعه الإصلاحي، أنَّه لم يكتفِ بالتَّنظير؛ بل أسس حوزات علميَّة خاصَّة به حاول فيها تطبيق هذه الرؤية، فكانت مناهجها أكثر انفتاحًا وتنوعًا، وخرّجت عددًا من الطلبة الذين تأثَّروا بأفكاره وأكملوا المسيرة بعده.
لقد كان سماحة السيِّد محمَّد الحسيني الشيرازي (رضوان الله عليه) من بين أولئك القادة المصلحينَ الرساليينَ الذينَ استشرفوا مبكرًا التَّحولات الاجتماعيَّة والفكريَّة الكبرى التي بدأت تتشكَّل في العالم الإسلامي، وأدرك بوضوح أنَّ الجمود المعرفي، والتقوقع داخل الإطار التَّقليدي للدرس الحوزوي، لا يمكن أن يفضي إلَّا إلى تراجع دور الحوزة وفقدانها لمكانتها الرياديَّة التي تبوأتها عبر القرون؛ لذلك؛ رفض المجدد الشيرازي النَّظر إلى الحوزة العلميَّة بأنَّها مكان لتحصيل المعارف الفقهيَّة والأصوليَّة فقط، وإنَّما رأى فيها مؤسسة استراتيجيَّة كبرى، مهمَّتها صياغة المشروع الحضاري الإسلامي، وبناء الإنسان الرسالي الذي يتَّسم بالعلم، والوعي، والقدرة على التَّغيير؛ فالحوزة –في رؤيته– يجب أن تكون مصنعًا لإعداد القيادات الواعية، والمصلحين الاجتماعيين، والمفكرين القادرين على تشخيص مشكلات الأُمَّة وتقديم حلول عمليَّة لها، ضمن إطار الإسلام الشَّامل الذي لا يفصل بين البعد المعنوي والسياسة، ولا بين الفرد والمجتمع.
انطلاقًا من هذا الفهم العميق لدور الحوزة، وضع الإمام الشيرازي خطة إصلاحيَّة متكاملة تستهدف تجديد بنية الحوزة على المستوى المعرفي والمؤسساتي والوظيفي، مستلهمة من التراث الإسلامي الأصيل، ومنفتحة على معطيات العصر ومتغيراته، ولم تكن هذه الخطة تنظير نظري أو دعوة خطابية، وإنَّما كانت مشروعًا حيًّا تمَّ تطبيقه على أرض الواقع؛ إذ بادرَ إلى تأسيس مدارس علميَّة حديثة، ومراكز فكريَّة وثقافيَّة متنوعة، إلى جانب عشرات المؤلفات التي عالج فيها قضايا الحوزة، وشخَّص مواطن الخلل، وطرح رؤى عمليَّة للإصلاح والتَّطوير.
وقد تميَّز مشروعه بالجمع بين الأصالة الإسلاميَّة والتَّفاعل الحضاري، وبين الاجتهاد الفقهي العميق والانفتاح على العلوم المعاصرة، إيمانًا منه بأنَّ النَّهضة لا تتحقق إلَّا حين تتكامل المعرفة الإسلامية مع الوعي الزَّماني والمكاني.
وفيما يلي أبرز محاور هذا المشروع الإصلاحي المتكامل الذي قدَّمه سلطان المؤلفين لتطوير الحوزات العلميَّة، بما يجعلها قادرة على مواكبة الزَّمن، والقيام بوظيفتها التَّغييريَّة على مستوى الفرد والأُمَّة:
المحور الأوَّل: الإصلاح المعرفي والمنهجي
ركَّز المجدد الشيرازي في هذا المحور على تطوير البنية التَّعليميَّة والفكريَّة للحوزة ومناهجها من طريق:
إنَّ من أبرز المرتكزات الإصلاحيَّة التي نادى بها المجدد الشيرازي في مشروعه لتحديث الحوزات العلميَّة، هو الدَّعوة الصَّريحة والجريئة لتوسيع المنظومة التَّعليميَّة الحوزويَّة لتشمل العلوم العصريَّة والضروريَّة، التي باتت تشكِّل مفاتيح فهم الواقع المعاصر، ومداخله الأساسيَّة للتغيير والبناء.
وقد انطلق المجدد الثَّاني في هذا الطَّرح من إيمانه بأنَّ الحوزة لا يمكن أن تبقى كيانًا مغلقًا على ذاته؛ يُعيد إنتاج نفس المعارف من دون ارتباط بواقع النَّاس وتحدياتهم اليوميَّة، وإلَّا فقدت فاعليتها ومشروعيتها بوصفها مؤسسة رساليَّة تهدف إلى إصلاح المجتمع وتوجيهه.
فمن غير المقبول –بحسب رؤيته– أن يُحصر الطالب الحوزوي ضمن أطر ضيقة من الفقه والأصول فقط، من دون أن يُتاح له الولوج إلى عالم السياسة والاجتماع والاقتصاد وعلوم القرآن الكريم وسائر المعارف الفكريَّة والإنسانيَّة؛ فالعالِم الرسالي، كما يراه سماحة السيد، يجب أن يكون قادرًا على فهم النظم السياسيَّة، وتحليل الوقائع الاقتصاديَّة، وتقديم الرأي الإسلامي في المسائل المستجدة التي تمس حياة المسلمين في كلِّ مكان.
ولذلك، كانت دعوته إلى إدخال دروس السياسة في مناهج الحوزة ضرورة ملحة لكون السياسة –في المنظور الإسلامي– امتدادًا طبيعيًا للفقه، وتطبيقًا عمليًا لأحكام الشريعة في ميدان الحكم وإدارة شؤون الناس. كما اعتبر سماحة السيد الشيرازي (رحمة الله عليه) أنَّ الاقتصاد الإسلامي يشكِّل دعامة أساسيَّة لفهم مشكلات الفقر والبطالة والتَّفاوت الطبقي، ويتيح للعالم أن يقدّم بدائل عادلة ومستندة إلى المبادئ الإسلامية، بعيدًا عن إفرازات الرأسماليَّة المتوحشة أو الاشتراكيَّة المادية.
أمَّا علوم القرآن الكريم، فهي عنده مفتاح لفهم المشروع الإلهي في التَّاريخ والمجتمع، ودعامة لرؤية شاملة عن الإنسان والكون والحياة. ونهج البلاغة –بما يحمله من بعد فكري وسياسي وأخلاقي– يشكِّل منجمًا لا ينضب لبناء الشخصيَّة الرساليَّة التي تجمع بين العمق الروحي والبصيرة السياسيَّة.
لقد كان الإمام يرى أنَّ هذه العلوم تمثِّل عناصر تكميليَّة وأساسيَّة، تُخرج الطالب من الجمود، وتربطه بقضايا العصر، وتفتح له آفاقًا أوسع لفهم الدِّين بوصفه نظامًا للحياة، لا مجرَّد طقوس فرديَّة أو مفاهيم نظريَّة. وبذلك، تتحول الحوزة من مؤسسة تعليميَّة مغلقة إلى كيان حي نابض، يتفاعل مع الأحداث، ويواكب التغيرات، ويقدِّم الحلول، ويرفد الأُمَّة بالطاقات القادرة على قيادتها فكريًا واجتماعيًا وسياسيًا.
ثانيًا: ضخ دماء جديدة من ذوي الكفاءة وتحديث الذِّهنيَّة الحوزوية.
كان المجدد يؤمن بأهمية ضخ الدِّماء الجديدة في الحوزة العلمية بشكل يشارك في تجديدها من الدَّاخل، ويُحيي من خلالها آفاق التَّفكير والتَّفاعل مع المستجدات الفكريَّة والاجتماعيَّة. وقد كانت رؤيته في هذا المجال قائمة على ضرورة إشراك ذوي الاختصاص العلمي والمعرفي في عملية تطوير الحوزة، حتَّى يُساهموا في إعادة هيكلتها وتنويع المناهج الدراسيَّة لتشمل مجالات معرفية غير تقليديَّة، تواكب التطورات العلميَّة الحديثة، وتضاعف من قدرة الحوزة على التَّأثير في الأمَّة الإسلاميَّة.
إدراكًا منه لضرورة الانفتاح على العلوم الحديثة، كان يرى أنَّ الحوزة يجب أن تكون في طليعة المؤسسات العلميَّة التي لا تقف عند حدود العلم التقليدي؛ بل يجب أن تكون مركزًا متطورًا يضم أحدث العلوم والمعارف، مع المحافظة على أصالة المنهج الحوزوي. وكان يعتقد أنَّ الحوزة يجب أن تتحول إلى بيئة خصبة تنمو فيها الابتكارات الفكريَّة، والتي لا تأتي إلَّا من خلال إدخال عناصر جديدة من أصحاب التَّخصصات المختلفة، مثل العلوم الطبيعيَّة، والتكنولوجيا، والاقتصاد المعاصر، والعلوم الاجتماعية.
من هذا المنطلق، كان المجدد حريصًا على استقطاب علماء ومفكرين جدد من مختلف المجالات، بحيث يتعاون هؤلاء مع الأساتذة التقليديين داخل الحوزة لتطوير المناهج الدراسية، وتقديم رؤى جديدة تتماشى مع احتياجات الأمة في العصر الحديث. وكان في تصوره أنَّ الاختلاط بين العلوم الدينيَّة والعلوم الحديثة بمثابة حلقة وصل بين الماضي والحاضر، وبين التراث والمعاصرة؛ فإدخال هذه الدماء الجديدة كان من شأنه فتح أبواب جديدة للبحث العلمي داخل الحوزة، ويسهم في تجديد الفكر الحوزوي بما يتناسب مع العصر.
ثالثًا: بث روح التخصص وتوجيه الكفاءات بحسب قدراتهم.
في سياق رؤيته الشاملة لتطوير الحوزات العلمية، كان سماحة السيد محمَّد الحسيني الشيرازي يولي اهتمامًا خاصًا لـبث (روح التخصص) بين طلبة الحوزة العلميَّة، باعتبار أنَّ التَّخصص هو أحد الأسس الأساسيَّة في بناء كفاءات علمية قادرة على الإبداع والابتكار، وتحقيق تقدم فعلي في مختلف المجالات الدينيَّة والفكريَّة. وكان يرى أنَّ دور الحوزة لا يتوقف عند تعليم الفقه والأصول؛ وأنَّه يجب أن يتوسع ليشمل تعزيز فكرة التخصص داخل هذه العلوم، وأن يختار كلُّ طالب من طلاب الحوزة المجال الذي يتوافق مع قدراته وكفاءاته؛ فقد شدد على ضرورة أن يوجه أصحاب الكفاءات الفقهية إلى التخصص في المجال الفقهي، من أجل الوصول إلى مرحلة الاجتهاد والتأصيل العلمي المتعمق، بينما يُشجع المتخصصين في البلاغة أو الخطابة على التخصص في مجالات التفسير القرآني أو علوم الحديث، وكلُّ هذا بهدف إثراء الفكر الحوزوي وتطويره ليواكب حاجات الأمَّة وتحديات العصر.
إنَّ هذا التركيز على التخصص كان يمثِّل نقطة فارقة في تصور الإمام الشيرازي لعملية الإصلاح الحوزوي؛ لأنَّ التخصص يرتبط بتعميق الفهم والتعامل مع القضايا المعاصرة بشكل دقيق؛ فالعالم المتخصص يمتد دوره ليشمل إنتاج المعرفة الجديدة، التي تكون متوافقة مع الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، بما يخدم مصلحة الأمة الإسلاميَّة في مختلف نواحي حياتها.
وفي هذا السياق، كان يشدد على أنَّ التخصص يجب أن يرتبط ارتباطًا وثيقًا بحاجات الأمة ومشاكلها المعاصرة؛ فالعالم الذي يتخصص في الفقه السياسي أو الاقتصاد الإسلامي، على سبيل المثال، يجب أن يمتلك القدرة على تحليل القضايا المستجدة، مثل مشكلات الفقر، وعدم العدالة الاقتصادية، والتمييز الطبقي، بحيث يكون قادرًا على تقديم حلول إسلامية تتناسب مع العصر الذي يعيش فيه. كما أنَّ التخصص في مجال التفسير القرآني أو علوم الحديث يساند قدرة العلماء على فهم النصوص القرآنية والحديثية في سياقها التاريخي والحضاري، ومن ثم تقديم رؤى جديدة للإسلام قادرة على التجاوب مع مستجدات الحياة المعاصرة.
إنَّ بث روح التخصص في الحوزة، وفقًا لرؤية الإمام الشيرازي، لم يكن مجرَّد خطوة أكاديمية، بل كان خطة استراتيجية تهدف إلى توزيع المسؤوليات العلمية بين العلماء والمفكرين بحيث يتخصص كل منهم في مجال يتوافق مع اهتمامات الأمة ومتطلباتها؛ وهذا التوزيع يرفع من فاعلية الحوزة في المجتمع، ويجعل منها مصدرًا رئيسيًا للإجابة على الأسئلة والمشاكل المعاصرة التي تواجه الأمة الإسلاميَّة.
رابعًا: تدريس اللغات الأجنبية لخدمة التبليغ العالمي.
إنَّ الرسالة الإسلاميَّة هي رسالة عالمية تتجاوز الحدود الجغرافية والثَّقافيَّة، ولا يمكن أن تقتصر على مجتمع معين أو لغة واحدة. ومن هذا المنطلق، كان السيد الشيرازي يدرك بعمق أنَّ التبليغ الإسلامي يجب أن يكون شاملًا وعالميًا، يشمل مختلف الثقافات والشعوب، ويصل إلى أوسع شرائح من البشر، بغض النظر عن لغتهم أو انتمائهم. ومن هنا، جاء دعوته لتدريس اللغات الحيَّة التي تتعلق بالمجتمعات الكبرى في العالم، مثل الإنجليزية والفرنسية، في مناهج الحوزات العلمية.
لقد كان يرى أنَّ التبليغ الإسلامي لا يمكن أن يقتصر على اللغة العربيَّة فقط؛ لأنَّ الدعوة الإسلامية رسالة يجب أن تُنقل إلى جميع الأمم والشعوب بلغة يفهمونها؛ فاللغة هي أداة فاعلة في نقل الفكر والرؤية الإسلاميَّة بشكل مؤثر وفعَّال؛ لذلك، كان المجدد الشيرازي يرى أنَّ تعليم اللغات الأجنبية في الحوزة هو أداة استراتيجية لتمكين العلماء والطلاب من الوصول إلى المجتمعات الغربية، ومن ثمَّ الرد على الشبهات التي قد تثار حول الإسلام، وتوضيح فكر أهل البيت (عليهم السلام)، ودحض التصورات المغلوطة التي قد يتم ترويجها.
لم يكن الإمام الشيرازي يهدف فقط إلى تعليم اللغة كمهارة لغوية؛ بل كان يرى في تعلم اللغات أداة لتعميق الفهم والقدرة على الرد على التحديات الفكرية التي تواجهها الأمة الإسلامية في عصر العولمة والتكنولوجيا الحديثة؛ وبذلك، يفتح المجال أمام العلماء والمفكرين الحوزويين للانتقال من دائرة الانغلاق الثقافي إلى دائرة الانفتاح الفكري التي تتيح لهم التفاعل مع الآخر من دون أن يفقدوا هويتهم الإسلاميَّة الأصيلة.
المحور الثَّاني: الإصلاح الوظيفي والعملي.
في هذا المحور اهتمَّ المجدد الشيرازي بتفعيل دور الحوزة في الواقع الاجتماعي والسياسي، وذلك عبر أربعة فروع:
أوَّلًا: ربط الطالب الحوزوي بالواقع السياسي للأُمَّة.
لقد أدرك أنَّ الحوزة يصعب عليها أن تؤدِّي دورها الرسالي التغييري في المجتمع إذا عاشت في عزلة عن الأحداث السياسيَّة والاجتماعيَّة التي تمس الأُمَّة الإسلاميَّة بأسرها؛ فالوعي السياسي، وفقًا لرؤيته يجب أن يُغرس في نفوس طلَّاب الحوزة منذ البداية، لتتمكن هذه الحوزة من إمداد الأمة بقادة قادرين على مواجهة الأزمات السياسيَّة والمجتمعيَّة على أسس من الوعي الفقهي والعقلي المستنير.
لقد أكَّد على أنَّ الإسلام نظام متكامل يهتم بكلِّ جوانب الحياة، بما في ذلك السياسة، والاقتصاد، والتَّعليم، والشؤون الاجتماعيَّة. ومن هنا، فإنَّ دور الحوزة يتجاوز نشر العلوم الدينيَّة إلى المشاركة الفاعلة في القضايا السياسيَّة التي تشغل الأُمَّة، سواء على مستوى الحكومات أو على مستوى حركات الإصلاح الشعبي.
وفي هذا السياق، كان يدعو إلى أن يصبح الطالب الحوزوي قادرًا على تحليل الأوضاع السياسيَّة للأمة الإسلامية، وفهم ما يجري في الساحة الدولية، وتقديم الحلول الفقهيَّة والسياسيَّة للمشاكل التي تعيشها الأمة. وهذا الربط العميق بين الحوزة والواقع السياسي يهدف إلى تحقيق حالة من التفاعل بين العلم والواقع، بحيث لا يظل الطالب بعيدًا عن مشكلات المسلمين وآمالهم، ويصبح جزءًا من المشروع الإصلاحي الذي يستنهض الأمة من كبوتها؛ فالمجدد الشيرازي كان يرى أنَّ العلماء يجب أن يشاركوا في صنع القرار السياسي، أو التأثير في الرأي العام عبر الوسائل الحديثة كالإعلام والميديا، وإبداء الرأي في القضايا المصيريَّة للأمة.
ثانيًا: تشغيل أبناء الحوزة في مجالات التبليغ والإدارة وخدمة المجتمع.
من أبرز النقاط التي تناولها الإمام الشيرازي في خطته لتطوير الحوزات العلمية، هو التأكيد على أهمية تشغيل طلبة الحوزة في مجالات التبليغ وإدارة المشاريع وشؤون الناس؛ وذلك من أجل ضمان تحول الحوزة إلى مؤسسة حيَّة ومؤثرة في المجتمع، فعلى الرغم من أهمية التحصيل العلمي في الحوزة وتلقي العلوم الفقهية والأصولية وما يتعلَّق بهما، فإنَّه كان يرى أنَّ الطلبة يجب أن يُفعّل دورهم في تقديم الحلول الفقهية والإدارية التي تتناسب مع حاجات المجتمع، سواء على الصعيدين الاجتماعي أو الاقتصادي.
لقد كان يعي تمامًا أن الحوزة هي مركز لتخريج قادة ومصلحين، يجب أن يكتسبوا مهارات عملية إلى جانب المعرفة النظرية؛ ولذلك، فقد شجع على التفاعل مع القضايا المجتمعية من خلال إشراك الطلبة في إدارة المشروعات الخدمية والاجتماعية، التي تسهم في تحسين حياة الناس على الأرض. ومن هذا المنطلق، كان يطالب بتفعيل دور الطلبة في مجالات متعددة، مثل إدارة الجمعيات الخيرية، والمشاركة في مشاريع التنمية، والعمل على بناء مؤسسات تعليمية وثقافية تسهم في رفع مستوى الوعي العام وتعليم الناس المبادئ الإسلامية الحقيقية، وأن طلبة الحوزة يجب أن يكونوا في الميدان، يتواصلون مع الناس، وينقلون لهم الرسالة الإسلامية في سياق الحياة اليومية، ويكونون في طليعة المصلحين الاجتماعيين الذين يسهمون في بناء المجتمع الإسلامي؛ فالطالب الحوزوي، وفقًا لرؤيته، يجب أن يكون داعمًا فعالًا لقيم العدل والمساواة، وأن يسعى لإصلاح أي انحرافات اجتماعية أو سياسية وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية.
ثالثًا: الانتشار في البلاد الإسلاميَّة المختلفة.
كان سماحة السيد محمَّد الحسيني الشيرازي يدرك تمامًا أنَّ المركزيَّة المفرطة التي تميز الحوزات التقليدية كانت تشكل حاجزًا أمام توسيع تأثيرها، خاصَّة في البلدان التي تتواجد فيها جاليات إسلامية كبيرة، لكنها ليست على اتصال مباشر بالحوزات التقليديَّة في إيران أو العراق. وقد كان يرى أن الحوزة العلمية يجب أن تكون موجودة حيثما توجد الحاجة إليها، وأن تتوسع جغرافيًا لتصل إلى كل مكان في العالم الإسلامي، بما يتوافق مع احتياجات المجتمعات.
لذلك، دعا الإمام الشيرازي إلى إنشاء حوزات علمية في دول متعددة، مثل لبنان، وسوريا، والهند، وباكستان، وأفريقيا، وكذلك في أوروبا وغيرها من المناطق التي توجد فيها تجمعات إسلامية. وكان هدفه من هذه المبادرة خلق بيئات علمية محلية تتناسب مع الظروف الثقافية والاجتماعية لكلِّ بلد، وبذلك تكون الحوزة قادرة على التفاعل مع الواقع ومعالجة قضايا الناس بشكل مباشر وفعّال.
ففي كل بلد إسلامي، توجد حاجة ملحة إلى علماء ودعاة ينتمون إلى نفس البيئة الثقافية، ويفهمون اللغة المحلية والظروف الاجتماعية، ويستطيعون التواصل مع الناس بطرق فعّالة. وبذلك، فإن العلماء المحليين الذين يتخرجون من هذه الحوزات سيكونون في موقع أفضل لفهم احتياجات مجتمعاتهم وتقديم حلول عملية تتناسب مع تحدياتهم الخاصة.
رابعًا: إنشاء مدرسة حوزوية نموذجية متعددة الوظائف.
كانت رؤية الإمام الشيرازي للحوزة العلمية تختلف بشكل جذري عن النموذج التقليدي المتبع في العديد من الحوزات التي تقتصر على إعطاء الدروس الفقهية والأصولية فقط. وفي هذا التصور، كانت الحوزة بالنسبة له مركز متكامل يتسع ليشمل جميع جوانب الدراسة الفكريَّة، والتأليف، والبحث، والندوات الفكرية، بالإضافة إلى التدريب المهني والوعي الحضاري.
فالمدرسة الحوزوية النموذجية – وفقًا لرؤيته– يجب أن تُعدّ الطالب ليكون عالمًا ومصلحًا في آن واحد، بحيث تخرج من بين جدرانها خطباء وباحثين وكتّابًا ومديرين ومبلّغين ومحققين؛ وقد أسس فعليًا العديد من المدارس النموذجية في مدن إسلامية مقدَّسة مثل قم المقدَّسة وكربلاء، بالإضافة إلى دول أخرى، ووفّر لها البيئة المناسبة للتطور الفكري والعلمي. وهذه المدارس كانت مراكز إنتاج علمي حيث كان الطلاب يتعلمون ويتدربون على كيفية الكتابة والتأليف في شتَّى المجالات الدينية والفكرية.
ومن أجل تحقيق هذا النموذج المتكامل، كان المجدد يولي اهتمامًا خاصًا أيضًا لتوفير المستلزمات اللازمة التي تتيح للطلاب التفاعل مع العالم الفكري المعاصر؛ فقد عمل على تهيئة البيئة المناسبة للطلاب لكي يتلقوا علمًا موجهًا نحو الابتكار والإبداع، واستخدام التقنيات الحديثة في البحث العلمي، بحيث يتحقق الاستقلال العلمي والقدرة على تقديم مساهمات علمية تواكب متطلبات العصر.
إنَّ مشروع المجدد الشيرازي لتطوير الحوزات العلمية كان ضرورة شرعية وحضارية تفرضها طبيعة المرحلة التي تمر بها الأمة الإسلامية، وأنَّ الأمة الإسلامية لا يمكن لها النهوض ما لم يكن علماؤها قادرين على القيام بدورهم الطليعي في إصلاح الأمة، ولا يمكن للعلماء أن ينجزوا مهمتهم الكبرى ما لم تكن الحوزات العلمية مؤهلة بما يتناسب مع التحديات العصرية التي تطرأ على المجتمع الإسلامي.
لقد أدرك تمامًا أنَّ إصلاح الحوزة هو الخطوة الأولى نحو إصلاح الأمة بأسرها، وأنَّ الفكرة الطموحة في تحديث وتطوير المؤسسات العلميَّة هي الركيزة الأساسيَّة في استعادة القوة الفكريَّة و النهضة الحضارية التي تستحقها الأمة الإسلامية.
وبناءً على ذلك، فإنَّ الوفاء لسماحة المرجع المجدد الثاني الشيرازي (أعلى الله مقامه) لا يكون بالثناء عليه فقط أو بالاحتفاء بإنجازاته؛ بل هو في تبني مشروعه الإصلاحي والعمل على تفعيله في الواقع المعاصر؛ وتفعيل مشروعه يعني إصلاح الحوزة العلمية لتكون منارة للعلم و مركزًا للفكر ومنطلقًا للإصلاح الشامل(1).
* مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث/2002–Ⓒ2025
...........................................
الهوامش:
1. للمزيد حول الموضوع ينظر المؤلفات الآتية للمجدد الشيرازي (أعلى الله تعالى مقامه):
- نظام الحوزات العلمية في العراق.
- دور الحوزة العلمية في بناء المجتمع.
- إلى الحوزات العلمية.
- الفقه العولمة.
- السبيل الى انهاض المسلمين.
- المرجعية الاسلامية.
- الى الوكلاء في البلاد.
- الى نهضة ثقافية اسلامية.
- كلمات حول نهضة المسلمين.
- كيف ولماذا اسلموا؟
- مقومات رجل الدين.
- تسعون مليار نسمة.
- ثلاثة مليارات من الكتب.
- كيف يمكن نجاة الغرب.
- الصياغة الجديدة لعالم الإيمان والحرية والرفاه والسلام.
- حوار حول تطبيق الإسلام.
- ممارسة التغيير لإنقاذ المسلمين.
- أثر النشاط والحكمة في تقدم المسلمين.
- أنفقوا لكي تتقدموا.
- إلى العالم.
- فقه المستقبل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المجدد الشيرازي وتطوير الحوزات العلمية
المجدد الشيرازي وتطوير الحوزات العلمية

شبكة النبأ

timeمنذ 3 ساعات

  • شبكة النبأ

المجدد الشيرازي وتطوير الحوزات العلمية

مشروع المجدد الشيرازي لتطوير الحوزات العلمية كان ضرورة شرعية وحضارية تفرضها طبيعة المرحلة التي تمر بها الأمة التي لا يمكن لها النهوض ما لم يكن علماؤها قادرين على القيام بدورهم الطليعي في الإصلاح ولا يمكن للعلماء أن ينجزوا مهمتهم الكبرى ما لم تكن الحوزات مؤهلة بما يتناسب مع التحديات... من أبرز التَّحديات التي واجهت الحوزات العلميَّة خلال القرن الماضي كانت الجمود في المناهج الدراسيَّة، والتي بقيت لعقود طويلة تدور في نفس المحاور التقليديَّة من دون تطوير يُذكر. وفي خضم هذا الجمود، برز سماحة المجدد الثَّاني السيِّد محمَّد الحسيني الشيرازي (أعلى الله تعالى مقامه) كأحد أهمِّ العلماء الذين سعوا بجدية لإحداث تغيير نوعي في بنية المناهج الحوزوية، إيمانًا منه بأنَّ تجديد الفكر لا يمكن أن يتمَّ من دون تجديد وسائله وأدواته. لقد دعا سماحة السيِّد الشيرازي إلى توسيع أفق الدرس الحوزوي ليشمل قضايا الفكر والثَّقافة والاجتماع، معتبرًا أنَّ الاقتصار على الفقه والأصول بالشكل التَّقليدي لا يكفي لإعداد عالم قادر على قيادة الأمة في العصر الحديث. ومن الجوانب اللافتة في مشروعه الإصلاحي، أنَّه لم يكتفِ بالتَّنظير؛ بل أسس حوزات علميَّة خاصَّة به حاول فيها تطبيق هذه الرؤية، فكانت مناهجها أكثر انفتاحًا وتنوعًا، وخرّجت عددًا من الطلبة الذين تأثَّروا بأفكاره وأكملوا المسيرة بعده. لقد كان سماحة السيِّد محمَّد الحسيني الشيرازي (رضوان الله عليه) من بين أولئك القادة المصلحينَ الرساليينَ الذينَ استشرفوا مبكرًا التَّحولات الاجتماعيَّة والفكريَّة الكبرى التي بدأت تتشكَّل في العالم الإسلامي، وأدرك بوضوح أنَّ الجمود المعرفي، والتقوقع داخل الإطار التَّقليدي للدرس الحوزوي، لا يمكن أن يفضي إلَّا إلى تراجع دور الحوزة وفقدانها لمكانتها الرياديَّة التي تبوأتها عبر القرون؛ لذلك؛ رفض المجدد الشيرازي النَّظر إلى الحوزة العلميَّة بأنَّها مكان لتحصيل المعارف الفقهيَّة والأصوليَّة فقط، وإنَّما رأى فيها مؤسسة استراتيجيَّة كبرى، مهمَّتها صياغة المشروع الحضاري الإسلامي، وبناء الإنسان الرسالي الذي يتَّسم بالعلم، والوعي، والقدرة على التَّغيير؛ فالحوزة –في رؤيته– يجب أن تكون مصنعًا لإعداد القيادات الواعية، والمصلحين الاجتماعيين، والمفكرين القادرين على تشخيص مشكلات الأُمَّة وتقديم حلول عمليَّة لها، ضمن إطار الإسلام الشَّامل الذي لا يفصل بين البعد المعنوي والسياسة، ولا بين الفرد والمجتمع. انطلاقًا من هذا الفهم العميق لدور الحوزة، وضع الإمام الشيرازي خطة إصلاحيَّة متكاملة تستهدف تجديد بنية الحوزة على المستوى المعرفي والمؤسساتي والوظيفي، مستلهمة من التراث الإسلامي الأصيل، ومنفتحة على معطيات العصر ومتغيراته، ولم تكن هذه الخطة تنظير نظري أو دعوة خطابية، وإنَّما كانت مشروعًا حيًّا تمَّ تطبيقه على أرض الواقع؛ إذ بادرَ إلى تأسيس مدارس علميَّة حديثة، ومراكز فكريَّة وثقافيَّة متنوعة، إلى جانب عشرات المؤلفات التي عالج فيها قضايا الحوزة، وشخَّص مواطن الخلل، وطرح رؤى عمليَّة للإصلاح والتَّطوير. وقد تميَّز مشروعه بالجمع بين الأصالة الإسلاميَّة والتَّفاعل الحضاري، وبين الاجتهاد الفقهي العميق والانفتاح على العلوم المعاصرة، إيمانًا منه بأنَّ النَّهضة لا تتحقق إلَّا حين تتكامل المعرفة الإسلامية مع الوعي الزَّماني والمكاني. وفيما يلي أبرز محاور هذا المشروع الإصلاحي المتكامل الذي قدَّمه سلطان المؤلفين لتطوير الحوزات العلميَّة، بما يجعلها قادرة على مواكبة الزَّمن، والقيام بوظيفتها التَّغييريَّة على مستوى الفرد والأُمَّة: المحور الأوَّل: الإصلاح المعرفي والمنهجي ركَّز المجدد الشيرازي في هذا المحور على تطوير البنية التَّعليميَّة والفكريَّة للحوزة ومناهجها من طريق: إنَّ من أبرز المرتكزات الإصلاحيَّة التي نادى بها المجدد الشيرازي في مشروعه لتحديث الحوزات العلميَّة، هو الدَّعوة الصَّريحة والجريئة لتوسيع المنظومة التَّعليميَّة الحوزويَّة لتشمل العلوم العصريَّة والضروريَّة، التي باتت تشكِّل مفاتيح فهم الواقع المعاصر، ومداخله الأساسيَّة للتغيير والبناء. وقد انطلق المجدد الثَّاني في هذا الطَّرح من إيمانه بأنَّ الحوزة لا يمكن أن تبقى كيانًا مغلقًا على ذاته؛ يُعيد إنتاج نفس المعارف من دون ارتباط بواقع النَّاس وتحدياتهم اليوميَّة، وإلَّا فقدت فاعليتها ومشروعيتها بوصفها مؤسسة رساليَّة تهدف إلى إصلاح المجتمع وتوجيهه. فمن غير المقبول –بحسب رؤيته– أن يُحصر الطالب الحوزوي ضمن أطر ضيقة من الفقه والأصول فقط، من دون أن يُتاح له الولوج إلى عالم السياسة والاجتماع والاقتصاد وعلوم القرآن الكريم وسائر المعارف الفكريَّة والإنسانيَّة؛ فالعالِم الرسالي، كما يراه سماحة السيد، يجب أن يكون قادرًا على فهم النظم السياسيَّة، وتحليل الوقائع الاقتصاديَّة، وتقديم الرأي الإسلامي في المسائل المستجدة التي تمس حياة المسلمين في كلِّ مكان. ولذلك، كانت دعوته إلى إدخال دروس السياسة في مناهج الحوزة ضرورة ملحة لكون السياسة –في المنظور الإسلامي– امتدادًا طبيعيًا للفقه، وتطبيقًا عمليًا لأحكام الشريعة في ميدان الحكم وإدارة شؤون الناس. كما اعتبر سماحة السيد الشيرازي (رحمة الله عليه) أنَّ الاقتصاد الإسلامي يشكِّل دعامة أساسيَّة لفهم مشكلات الفقر والبطالة والتَّفاوت الطبقي، ويتيح للعالم أن يقدّم بدائل عادلة ومستندة إلى المبادئ الإسلامية، بعيدًا عن إفرازات الرأسماليَّة المتوحشة أو الاشتراكيَّة المادية. أمَّا علوم القرآن الكريم، فهي عنده مفتاح لفهم المشروع الإلهي في التَّاريخ والمجتمع، ودعامة لرؤية شاملة عن الإنسان والكون والحياة. ونهج البلاغة –بما يحمله من بعد فكري وسياسي وأخلاقي– يشكِّل منجمًا لا ينضب لبناء الشخصيَّة الرساليَّة التي تجمع بين العمق الروحي والبصيرة السياسيَّة. لقد كان الإمام يرى أنَّ هذه العلوم تمثِّل عناصر تكميليَّة وأساسيَّة، تُخرج الطالب من الجمود، وتربطه بقضايا العصر، وتفتح له آفاقًا أوسع لفهم الدِّين بوصفه نظامًا للحياة، لا مجرَّد طقوس فرديَّة أو مفاهيم نظريَّة. وبذلك، تتحول الحوزة من مؤسسة تعليميَّة مغلقة إلى كيان حي نابض، يتفاعل مع الأحداث، ويواكب التغيرات، ويقدِّم الحلول، ويرفد الأُمَّة بالطاقات القادرة على قيادتها فكريًا واجتماعيًا وسياسيًا. ثانيًا: ضخ دماء جديدة من ذوي الكفاءة وتحديث الذِّهنيَّة الحوزوية. كان المجدد يؤمن بأهمية ضخ الدِّماء الجديدة في الحوزة العلمية بشكل يشارك في تجديدها من الدَّاخل، ويُحيي من خلالها آفاق التَّفكير والتَّفاعل مع المستجدات الفكريَّة والاجتماعيَّة. وقد كانت رؤيته في هذا المجال قائمة على ضرورة إشراك ذوي الاختصاص العلمي والمعرفي في عملية تطوير الحوزة، حتَّى يُساهموا في إعادة هيكلتها وتنويع المناهج الدراسيَّة لتشمل مجالات معرفية غير تقليديَّة، تواكب التطورات العلميَّة الحديثة، وتضاعف من قدرة الحوزة على التَّأثير في الأمَّة الإسلاميَّة. إدراكًا منه لضرورة الانفتاح على العلوم الحديثة، كان يرى أنَّ الحوزة يجب أن تكون في طليعة المؤسسات العلميَّة التي لا تقف عند حدود العلم التقليدي؛ بل يجب أن تكون مركزًا متطورًا يضم أحدث العلوم والمعارف، مع المحافظة على أصالة المنهج الحوزوي. وكان يعتقد أنَّ الحوزة يجب أن تتحول إلى بيئة خصبة تنمو فيها الابتكارات الفكريَّة، والتي لا تأتي إلَّا من خلال إدخال عناصر جديدة من أصحاب التَّخصصات المختلفة، مثل العلوم الطبيعيَّة، والتكنولوجيا، والاقتصاد المعاصر، والعلوم الاجتماعية. من هذا المنطلق، كان المجدد حريصًا على استقطاب علماء ومفكرين جدد من مختلف المجالات، بحيث يتعاون هؤلاء مع الأساتذة التقليديين داخل الحوزة لتطوير المناهج الدراسية، وتقديم رؤى جديدة تتماشى مع احتياجات الأمة في العصر الحديث. وكان في تصوره أنَّ الاختلاط بين العلوم الدينيَّة والعلوم الحديثة بمثابة حلقة وصل بين الماضي والحاضر، وبين التراث والمعاصرة؛ فإدخال هذه الدماء الجديدة كان من شأنه فتح أبواب جديدة للبحث العلمي داخل الحوزة، ويسهم في تجديد الفكر الحوزوي بما يتناسب مع العصر. ثالثًا: بث روح التخصص وتوجيه الكفاءات بحسب قدراتهم. في سياق رؤيته الشاملة لتطوير الحوزات العلمية، كان سماحة السيد محمَّد الحسيني الشيرازي يولي اهتمامًا خاصًا لـبث (روح التخصص) بين طلبة الحوزة العلميَّة، باعتبار أنَّ التَّخصص هو أحد الأسس الأساسيَّة في بناء كفاءات علمية قادرة على الإبداع والابتكار، وتحقيق تقدم فعلي في مختلف المجالات الدينيَّة والفكريَّة. وكان يرى أنَّ دور الحوزة لا يتوقف عند تعليم الفقه والأصول؛ وأنَّه يجب أن يتوسع ليشمل تعزيز فكرة التخصص داخل هذه العلوم، وأن يختار كلُّ طالب من طلاب الحوزة المجال الذي يتوافق مع قدراته وكفاءاته؛ فقد شدد على ضرورة أن يوجه أصحاب الكفاءات الفقهية إلى التخصص في المجال الفقهي، من أجل الوصول إلى مرحلة الاجتهاد والتأصيل العلمي المتعمق، بينما يُشجع المتخصصين في البلاغة أو الخطابة على التخصص في مجالات التفسير القرآني أو علوم الحديث، وكلُّ هذا بهدف إثراء الفكر الحوزوي وتطويره ليواكب حاجات الأمَّة وتحديات العصر. إنَّ هذا التركيز على التخصص كان يمثِّل نقطة فارقة في تصور الإمام الشيرازي لعملية الإصلاح الحوزوي؛ لأنَّ التخصص يرتبط بتعميق الفهم والتعامل مع القضايا المعاصرة بشكل دقيق؛ فالعالم المتخصص يمتد دوره ليشمل إنتاج المعرفة الجديدة، التي تكون متوافقة مع الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، بما يخدم مصلحة الأمة الإسلاميَّة في مختلف نواحي حياتها. وفي هذا السياق، كان يشدد على أنَّ التخصص يجب أن يرتبط ارتباطًا وثيقًا بحاجات الأمة ومشاكلها المعاصرة؛ فالعالم الذي يتخصص في الفقه السياسي أو الاقتصاد الإسلامي، على سبيل المثال، يجب أن يمتلك القدرة على تحليل القضايا المستجدة، مثل مشكلات الفقر، وعدم العدالة الاقتصادية، والتمييز الطبقي، بحيث يكون قادرًا على تقديم حلول إسلامية تتناسب مع العصر الذي يعيش فيه. كما أنَّ التخصص في مجال التفسير القرآني أو علوم الحديث يساند قدرة العلماء على فهم النصوص القرآنية والحديثية في سياقها التاريخي والحضاري، ومن ثم تقديم رؤى جديدة للإسلام قادرة على التجاوب مع مستجدات الحياة المعاصرة. إنَّ بث روح التخصص في الحوزة، وفقًا لرؤية الإمام الشيرازي، لم يكن مجرَّد خطوة أكاديمية، بل كان خطة استراتيجية تهدف إلى توزيع المسؤوليات العلمية بين العلماء والمفكرين بحيث يتخصص كل منهم في مجال يتوافق مع اهتمامات الأمة ومتطلباتها؛ وهذا التوزيع يرفع من فاعلية الحوزة في المجتمع، ويجعل منها مصدرًا رئيسيًا للإجابة على الأسئلة والمشاكل المعاصرة التي تواجه الأمة الإسلاميَّة. رابعًا: تدريس اللغات الأجنبية لخدمة التبليغ العالمي. إنَّ الرسالة الإسلاميَّة هي رسالة عالمية تتجاوز الحدود الجغرافية والثَّقافيَّة، ولا يمكن أن تقتصر على مجتمع معين أو لغة واحدة. ومن هذا المنطلق، كان السيد الشيرازي يدرك بعمق أنَّ التبليغ الإسلامي يجب أن يكون شاملًا وعالميًا، يشمل مختلف الثقافات والشعوب، ويصل إلى أوسع شرائح من البشر، بغض النظر عن لغتهم أو انتمائهم. ومن هنا، جاء دعوته لتدريس اللغات الحيَّة التي تتعلق بالمجتمعات الكبرى في العالم، مثل الإنجليزية والفرنسية، في مناهج الحوزات العلمية. لقد كان يرى أنَّ التبليغ الإسلامي لا يمكن أن يقتصر على اللغة العربيَّة فقط؛ لأنَّ الدعوة الإسلامية رسالة يجب أن تُنقل إلى جميع الأمم والشعوب بلغة يفهمونها؛ فاللغة هي أداة فاعلة في نقل الفكر والرؤية الإسلاميَّة بشكل مؤثر وفعَّال؛ لذلك، كان المجدد الشيرازي يرى أنَّ تعليم اللغات الأجنبية في الحوزة هو أداة استراتيجية لتمكين العلماء والطلاب من الوصول إلى المجتمعات الغربية، ومن ثمَّ الرد على الشبهات التي قد تثار حول الإسلام، وتوضيح فكر أهل البيت (عليهم السلام)، ودحض التصورات المغلوطة التي قد يتم ترويجها. لم يكن الإمام الشيرازي يهدف فقط إلى تعليم اللغة كمهارة لغوية؛ بل كان يرى في تعلم اللغات أداة لتعميق الفهم والقدرة على الرد على التحديات الفكرية التي تواجهها الأمة الإسلامية في عصر العولمة والتكنولوجيا الحديثة؛ وبذلك، يفتح المجال أمام العلماء والمفكرين الحوزويين للانتقال من دائرة الانغلاق الثقافي إلى دائرة الانفتاح الفكري التي تتيح لهم التفاعل مع الآخر من دون أن يفقدوا هويتهم الإسلاميَّة الأصيلة. المحور الثَّاني: الإصلاح الوظيفي والعملي. في هذا المحور اهتمَّ المجدد الشيرازي بتفعيل دور الحوزة في الواقع الاجتماعي والسياسي، وذلك عبر أربعة فروع: أوَّلًا: ربط الطالب الحوزوي بالواقع السياسي للأُمَّة. لقد أدرك أنَّ الحوزة يصعب عليها أن تؤدِّي دورها الرسالي التغييري في المجتمع إذا عاشت في عزلة عن الأحداث السياسيَّة والاجتماعيَّة التي تمس الأُمَّة الإسلاميَّة بأسرها؛ فالوعي السياسي، وفقًا لرؤيته يجب أن يُغرس في نفوس طلَّاب الحوزة منذ البداية، لتتمكن هذه الحوزة من إمداد الأمة بقادة قادرين على مواجهة الأزمات السياسيَّة والمجتمعيَّة على أسس من الوعي الفقهي والعقلي المستنير. لقد أكَّد على أنَّ الإسلام نظام متكامل يهتم بكلِّ جوانب الحياة، بما في ذلك السياسة، والاقتصاد، والتَّعليم، والشؤون الاجتماعيَّة. ومن هنا، فإنَّ دور الحوزة يتجاوز نشر العلوم الدينيَّة إلى المشاركة الفاعلة في القضايا السياسيَّة التي تشغل الأُمَّة، سواء على مستوى الحكومات أو على مستوى حركات الإصلاح الشعبي. وفي هذا السياق، كان يدعو إلى أن يصبح الطالب الحوزوي قادرًا على تحليل الأوضاع السياسيَّة للأمة الإسلامية، وفهم ما يجري في الساحة الدولية، وتقديم الحلول الفقهيَّة والسياسيَّة للمشاكل التي تعيشها الأمة. وهذا الربط العميق بين الحوزة والواقع السياسي يهدف إلى تحقيق حالة من التفاعل بين العلم والواقع، بحيث لا يظل الطالب بعيدًا عن مشكلات المسلمين وآمالهم، ويصبح جزءًا من المشروع الإصلاحي الذي يستنهض الأمة من كبوتها؛ فالمجدد الشيرازي كان يرى أنَّ العلماء يجب أن يشاركوا في صنع القرار السياسي، أو التأثير في الرأي العام عبر الوسائل الحديثة كالإعلام والميديا، وإبداء الرأي في القضايا المصيريَّة للأمة. ثانيًا: تشغيل أبناء الحوزة في مجالات التبليغ والإدارة وخدمة المجتمع. من أبرز النقاط التي تناولها الإمام الشيرازي في خطته لتطوير الحوزات العلمية، هو التأكيد على أهمية تشغيل طلبة الحوزة في مجالات التبليغ وإدارة المشاريع وشؤون الناس؛ وذلك من أجل ضمان تحول الحوزة إلى مؤسسة حيَّة ومؤثرة في المجتمع، فعلى الرغم من أهمية التحصيل العلمي في الحوزة وتلقي العلوم الفقهية والأصولية وما يتعلَّق بهما، فإنَّه كان يرى أنَّ الطلبة يجب أن يُفعّل دورهم في تقديم الحلول الفقهية والإدارية التي تتناسب مع حاجات المجتمع، سواء على الصعيدين الاجتماعي أو الاقتصادي. لقد كان يعي تمامًا أن الحوزة هي مركز لتخريج قادة ومصلحين، يجب أن يكتسبوا مهارات عملية إلى جانب المعرفة النظرية؛ ولذلك، فقد شجع على التفاعل مع القضايا المجتمعية من خلال إشراك الطلبة في إدارة المشروعات الخدمية والاجتماعية، التي تسهم في تحسين حياة الناس على الأرض. ومن هذا المنطلق، كان يطالب بتفعيل دور الطلبة في مجالات متعددة، مثل إدارة الجمعيات الخيرية، والمشاركة في مشاريع التنمية، والعمل على بناء مؤسسات تعليمية وثقافية تسهم في رفع مستوى الوعي العام وتعليم الناس المبادئ الإسلامية الحقيقية، وأن طلبة الحوزة يجب أن يكونوا في الميدان، يتواصلون مع الناس، وينقلون لهم الرسالة الإسلامية في سياق الحياة اليومية، ويكونون في طليعة المصلحين الاجتماعيين الذين يسهمون في بناء المجتمع الإسلامي؛ فالطالب الحوزوي، وفقًا لرؤيته، يجب أن يكون داعمًا فعالًا لقيم العدل والمساواة، وأن يسعى لإصلاح أي انحرافات اجتماعية أو سياسية وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية. ثالثًا: الانتشار في البلاد الإسلاميَّة المختلفة. كان سماحة السيد محمَّد الحسيني الشيرازي يدرك تمامًا أنَّ المركزيَّة المفرطة التي تميز الحوزات التقليدية كانت تشكل حاجزًا أمام توسيع تأثيرها، خاصَّة في البلدان التي تتواجد فيها جاليات إسلامية كبيرة، لكنها ليست على اتصال مباشر بالحوزات التقليديَّة في إيران أو العراق. وقد كان يرى أن الحوزة العلمية يجب أن تكون موجودة حيثما توجد الحاجة إليها، وأن تتوسع جغرافيًا لتصل إلى كل مكان في العالم الإسلامي، بما يتوافق مع احتياجات المجتمعات. لذلك، دعا الإمام الشيرازي إلى إنشاء حوزات علمية في دول متعددة، مثل لبنان، وسوريا، والهند، وباكستان، وأفريقيا، وكذلك في أوروبا وغيرها من المناطق التي توجد فيها تجمعات إسلامية. وكان هدفه من هذه المبادرة خلق بيئات علمية محلية تتناسب مع الظروف الثقافية والاجتماعية لكلِّ بلد، وبذلك تكون الحوزة قادرة على التفاعل مع الواقع ومعالجة قضايا الناس بشكل مباشر وفعّال. ففي كل بلد إسلامي، توجد حاجة ملحة إلى علماء ودعاة ينتمون إلى نفس البيئة الثقافية، ويفهمون اللغة المحلية والظروف الاجتماعية، ويستطيعون التواصل مع الناس بطرق فعّالة. وبذلك، فإن العلماء المحليين الذين يتخرجون من هذه الحوزات سيكونون في موقع أفضل لفهم احتياجات مجتمعاتهم وتقديم حلول عملية تتناسب مع تحدياتهم الخاصة. رابعًا: إنشاء مدرسة حوزوية نموذجية متعددة الوظائف. كانت رؤية الإمام الشيرازي للحوزة العلمية تختلف بشكل جذري عن النموذج التقليدي المتبع في العديد من الحوزات التي تقتصر على إعطاء الدروس الفقهية والأصولية فقط. وفي هذا التصور، كانت الحوزة بالنسبة له مركز متكامل يتسع ليشمل جميع جوانب الدراسة الفكريَّة، والتأليف، والبحث، والندوات الفكرية، بالإضافة إلى التدريب المهني والوعي الحضاري. فالمدرسة الحوزوية النموذجية – وفقًا لرؤيته– يجب أن تُعدّ الطالب ليكون عالمًا ومصلحًا في آن واحد، بحيث تخرج من بين جدرانها خطباء وباحثين وكتّابًا ومديرين ومبلّغين ومحققين؛ وقد أسس فعليًا العديد من المدارس النموذجية في مدن إسلامية مقدَّسة مثل قم المقدَّسة وكربلاء، بالإضافة إلى دول أخرى، ووفّر لها البيئة المناسبة للتطور الفكري والعلمي. وهذه المدارس كانت مراكز إنتاج علمي حيث كان الطلاب يتعلمون ويتدربون على كيفية الكتابة والتأليف في شتَّى المجالات الدينية والفكرية. ومن أجل تحقيق هذا النموذج المتكامل، كان المجدد يولي اهتمامًا خاصًا أيضًا لتوفير المستلزمات اللازمة التي تتيح للطلاب التفاعل مع العالم الفكري المعاصر؛ فقد عمل على تهيئة البيئة المناسبة للطلاب لكي يتلقوا علمًا موجهًا نحو الابتكار والإبداع، واستخدام التقنيات الحديثة في البحث العلمي، بحيث يتحقق الاستقلال العلمي والقدرة على تقديم مساهمات علمية تواكب متطلبات العصر. إنَّ مشروع المجدد الشيرازي لتطوير الحوزات العلمية كان ضرورة شرعية وحضارية تفرضها طبيعة المرحلة التي تمر بها الأمة الإسلامية، وأنَّ الأمة الإسلامية لا يمكن لها النهوض ما لم يكن علماؤها قادرين على القيام بدورهم الطليعي في إصلاح الأمة، ولا يمكن للعلماء أن ينجزوا مهمتهم الكبرى ما لم تكن الحوزات العلمية مؤهلة بما يتناسب مع التحديات العصرية التي تطرأ على المجتمع الإسلامي. لقد أدرك تمامًا أنَّ إصلاح الحوزة هو الخطوة الأولى نحو إصلاح الأمة بأسرها، وأنَّ الفكرة الطموحة في تحديث وتطوير المؤسسات العلميَّة هي الركيزة الأساسيَّة في استعادة القوة الفكريَّة و النهضة الحضارية التي تستحقها الأمة الإسلامية. وبناءً على ذلك، فإنَّ الوفاء لسماحة المرجع المجدد الثاني الشيرازي (أعلى الله مقامه) لا يكون بالثناء عليه فقط أو بالاحتفاء بإنجازاته؛ بل هو في تبني مشروعه الإصلاحي والعمل على تفعيله في الواقع المعاصر؛ وتفعيل مشروعه يعني إصلاح الحوزة العلمية لتكون منارة للعلم و مركزًا للفكر ومنطلقًا للإصلاح الشامل(1). * مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث/2002–Ⓒ2025 ........................................... الهوامش: 1. للمزيد حول الموضوع ينظر المؤلفات الآتية للمجدد الشيرازي (أعلى الله تعالى مقامه): - نظام الحوزات العلمية في العراق. - دور الحوزة العلمية في بناء المجتمع. - إلى الحوزات العلمية. - الفقه العولمة. - السبيل الى انهاض المسلمين. - المرجعية الاسلامية. - الى الوكلاء في البلاد. - الى نهضة ثقافية اسلامية. - كلمات حول نهضة المسلمين. - كيف ولماذا اسلموا؟ - مقومات رجل الدين. - تسعون مليار نسمة. - ثلاثة مليارات من الكتب. - كيف يمكن نجاة الغرب. - الصياغة الجديدة لعالم الإيمان والحرية والرفاه والسلام. - حوار حول تطبيق الإسلام. - ممارسة التغيير لإنقاذ المسلمين. - أثر النشاط والحكمة في تقدم المسلمين. - أنفقوا لكي تتقدموا. - إلى العالم. - فقه المستقبل.

وصول 6720 حاجا مصريا من بعثة القرعة إلى المدينة المنورة
وصول 6720 حاجا مصريا من بعثة القرعة إلى المدينة المنورة

صدى البلد

timeمنذ يوم واحد

  • صدى البلد

وصول 6720 حاجا مصريا من بعثة القرعة إلى المدينة المنورة

أعلن اللواء مساعد وزير الداخلية لقطاع الشئون الإدارية الرئيس التنفيذي لبعثة الحج المصرية، وصول 6720 حاجا من بعثة حج القرعة إلى المدينة المنورة. وقال الرئيس التنفيذي لبعثة الحج المصرية - لموفد وكالة أنباء الشرق الأوسط إلى المدينة المنورة اليوم /السبت/ - إنه يتم توجيه رحلات حجاج القاعة إلى مكة المكرمة بالتوازي مع رحلات المدينة المنورة. وأوضح انه يتم تفويج الحجاج الذين أنهوا مدة إقاماتهم بالمدينة المنورة إلى مكة المكرمة بالتوازي مع وصول رحلات جديدة إلى المدينة المنورة. وأشار إلى أن مسؤولي بعثة القرعة كانوا في استقبال الحجاج بمطار الأمير محمد عبدالعزيز بالمدينة المنورة فور وصولهم؛ وذلك لمتابعة إجراءات الوصول وتسكينهم في فنادقهم الكائنة بالمنطقة المركزية المحيطة بالحرم النبوي الشريف. ولفت إلى قيام مسئولي بعثة حج القرعة يوميا، بمراجعة إجراءات تسكين الحجاج بمقار اقامتهم، قبل وصولهم؛ للتأكد من جاهزيتها وتزويدها بكافة سبل الراحة لضيوف الرحمن، وكذلك سرعة إنهاء إجراءات تسكينهم فور وصولهم بسلامة الله. وأكد أنه تم رفع درجات الاستعداد في صفوف ضباط بعثة القرعة بمطار الأمير محمد بن عبدالعزيز بالمدينة المنورة؛ لسرعة إنهاء إجراءات وصول الحجاج؛ وذلك تنفيذا لتوجيهات اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، بتقديم كافة أوجه الرعاية لضيوف الرحمن، بما يمكنهم من أداء المناسك في سهولة ويسر. وأضاف قائلا "جميع أفراد بعثة حج القرعة يعملون على مدار الـ 24 ساعة؛ لتقديم كافة التيسيرات لحجاج القرعة، ابتداء من سفرهم إلى الأراضي المقدسة وحتى عودتهم بسلامة الله إلى أرض الوطن". ومن جانبهم.. أعرب الحجاج عن سعادتهم بالخدمات المقدمة لهم من بعثة القرعة سواء من حيث الاستقبال والتنظيم والتسكين في فنادق قريبة من المسجد النبوي، مشيدين بتوافر خدمات مميزة تقدمها إدارة البعثة مثل توافر الخدمات الطبية وتنظيم زيارات جماعية للحجاج لزيارة الروضة الشريفة.

الإمارات... إجراءات وتدابير متكاملة لخدمة الحجاج
الإمارات... إجراءات وتدابير متكاملة لخدمة الحجاج

النهار

timeمنذ يوم واحد

  • النهار

الإمارات... إجراءات وتدابير متكاملة لخدمة الحجاج

كثفت الإمارات جهودها لاستكمال مختلف الإجراءات والتدابير التي تمكن حجاج الدولة من أداء شعيرة الحج هذا العام بكل سهولة ويسر. وذكرت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، أن عدد المواطنين الذين يؤدون فريضة الحج لهذا العام بلغ 6 آلاف و228 مواطناً، منهم 5648 حاجاً يؤدونها للمرة الأولى. وأشارت الهيئة إلى توزيع 6500 مصحف، و6500 حقيبة كروس، و6500 "كتيب يستفتونك بالحج"، و6500 خريطة الحاج، و6500 "كتيب من قيم الحاج"، و6500 "كتيب الدعاء بالحج". وأكد رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة الدكتور عمر حبتور الدرعي، أن راحة حجاج الدولة تأتي على رأس أولويات القيادة الرشيدة في دولة الإمارات، التي توجه وتتابع سنويا عملية توفير جميع احتياجات ومتطلبات حجاج الدولة منذ توجههم إلى الأراضي المقدسة حتى عودتهم إلى ديارهم سالمين بعد أداء الفريضة. وأشار في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات "وام"، إلى الاستراتيجية التطويرية المستمرة التي تتبعها الهيئة للارتقاء بالخدمات المقدمة لحجاج الدولة، واتباع أفضل الممارسات في منظومة وبرنامج الحج، مؤكدا أن الهيئة اتخذت الاستعدادات والإجراءات كافة التي تضمن أداء فريضة الحج بيسر وطمأنينة. وكانت بعثة الحج التحضيرية لمكتب شؤون حجاج دولة الإمارات، قد وصلت مؤخرا، إلى الأراضي المقدسة، تمهيدا لاستقبال طلائع الحجاج والتجهيز لاستقبال البعثة الرسمية التي تضم ممثلين عن مختلف الجهات الحكومية التي يتكون منها المكتب لتتناغم جميعًا لخدمة حجاج الدولة وإسعادهم. وباشرت اللجنة مهامها في مقر البعثة الرئيس في مكة المكرمة والاستعداد والتحضير المسبق في مختلف النواحي الإدارية والصحية وغيرها، والقيام باستقبال طلائع الحجاج عبر مطار جدة الدولي وتيسير كل شؤونهم حتى وصولهم إلى مقر سكنهم والاطمئنان على صحتهم وأحوالهم. وتفقدت البعثة مقر حجاج الدولة في منىً وعرفات وتابعت كل متطلباتها ومدى مطابقتها للمعايير والاشتراطات التي وضعتها الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، في إطار حرصها على راحة الحجاج في هذه المناسك. وفي سياق متصل، نظمت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، يوم الثلاثاء الماضي، "ملتقى حجاج الإمارات " بالتعاون مع الجهات والشركاء المساهمين في تقديم الخدمات لحجاج الدولة، والذي شهد حضور ومشاركة نحو 8 آلاف شخص. وتضمن الملتقى العديد من الجلسات الحوارية والمنصات الثقافية والتوعوية إلى جانب معرض للصور التاريخية لرحلة حج الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وما كان في عهده من عناية كبيرة بشؤون الحج والعمرة. استهدف الملتقى تعزيز وعي الحجاج بمناسك الحج بطريقةٍ مبتكرة، والارتقاء بالخدمات الصحية والوقائية والتنظيمية، وتعزيز الشراكات المؤسسية التي تسهم في توفير خدماتٍ استباقيةٍ ومتكاملةٍ لحجاج الدولة لأداء فريضة الحج بطمأنينة، وإبراز الصورة الحضارية لدولة الإمارات في تنظيم شؤون الحج بدعم القيادة الرشيدة، وتعريف الحجاج بأبرز المبادرات والخدمات التي تقدمها الهيئة بالتنسيق مع شركائها الاستراتيجيين. وتم خلال الملتقى استعراض مبادرة دليل تصنيف حملات الحج والعمرة التي أطلقتها الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة بالتعاون مع برنامج الإمارات للخدمة الحكومية المتميزة، لتقييم أداء حملات الحج والعمرة وفق نظام النجوم العالمي لتصنيف الخدمات. بدورها تستعد عدد من الناقلات الجوية الوطنية لتشغيل رحلات إضافية لتيسير حركة المسافرين لأداء مناسك الحج وعيد الأضحى هذا العام. فقد أعلنت طيران الإمارات عن تشغيل 33 رحلة إلى كل من جدة والمدينة المنورة خلال الفترة ما بين 19 إلى 31 أيار/مايو الجاري، و10 إلى 16حزيران/ يونيو المقبل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store