logo
حين يُتهم الإنقاذ بالمسرحية… من يُطعم الجوعى في غزة؟

حين يُتهم الإنقاذ بالمسرحية… من يُطعم الجوعى في غزة؟

عمونمنذ يوم واحد
في غزة، لا شيء يشبه الحياة سوى التمسك بها. هناك، في الشمال المحاصر، لا صوت يعلو فوق أنين الأطفال الجوعى، ولا صورة أكثر قسوة من أمّ تحتضن أبناءها محاولة إقناعهم أن العشب غذاء، وأن الماء سيأتي "غداً". لكن الغد لا يأتي. ولا المعابر تُفتح. ولا الشاحنات تدخل. ويبقى الحصار سيد الموقف، والمجاعة تتربّص بكل بيت، وكل شارع، وكل قلب. وفي خضم هذه الكارثة، يخرج من يختار الهجوم لا على من يحاصر غزة، بل على من يحاول أن يُنقذ ما يمكن إنقاذه. يصفون الإسقاطات الجوية بأنها مسرحية، ويسخرون من الطائرات التي تلقي بحمولات الغذاء والماء من السماء، كما لو أن من يُلقي المساعدة مجرم، ومن يتلقاها مُدان. يتناسون أن هذه الحمولات، مهما كانت محدودة، هي الفرق بين الحياة والموت لأناس تُركوا وحدهم في مواجهة الجوع، في ظل عجز العالم وتواطؤه.
قد لا تكون المساعدات الجوية حلاً مثالياً. لا أحد يدّعي ذلك. هي ليست كافية، وليست دقيقة دائماً، وبعضها لا يصل إلى وجهته. لكنها الخيار الوحيد الممكن اليوم، في منطقة تحوّلت إلى سجن كبير، بلا طعام، ولا ماء، ولا دواء، ولا ممر إنساني. هي فعل اضطراري في مواجهة كارثة، وصوت إنساني وسط صمت دولي مخزٍ. الإسقاط الجوي لا يدّعي أنه حل شامل، لكنه شريان حياة في قلب الموت. هل المطلوب أن نمزّق هذا الشريان لأنه ليس مثالياً؟ هل الكمال شرط للمساعدة؟ وهل نترك الناس تموت لأن الإسعاف جاء من السماء؟
في هذا المشهد، لا يمكن لأي ضمير حيّ أن يتجاهل الدور الأردني، الهاشمي، الثابت والمتقدم، في إيصال المساعدات إلى قلب غزة. لم ينتظر الأردن الإذن من أحد، ولم يقف عند الحسابات الضيقة أو المناكفات، بل تحرّك بعزم، وبمسؤولية، وبمبادئ راسخة. الجيش العربي الأردني، بتوجيه من القيادة الهاشمية، نفّذ عمليات إسقاط دقيقة وخطيرة، لإيصال الغذاء والماء إلى المناطق الأكثر فقراً وحصاراً، في شمال القطاع، حيث توقفت الحياة. هذا ليس مجرّد عمل إغاثي، بل موقف سياسي وأخلاقي، عبّرت عنه عمّان بوضوح: لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي فيما يُذبح شعب بأكمله جوعاً. لم يكن الأردن يملك رفاهية الانتظار، ولم يتردد في تحويل قراره إلى فعل. بينما كانت دول كثيرة تكتفي بالبيانات، كانت طائرات سلاح الجو الأردني تخترق السماء الفلسطينية، مُحمّلة بما يُعيد الحياة إلى أهلها. وهذا الفعل لم يكن لمجرد استعراض، بل كان حصيلة قرار وطني، يعكس انحيازاً راسخاً لفلسطين، شعباً وقضية.
من السهل على البعض، ممن لا يقدّمون شيئاً، أن يسخروا من كل محاولة. أن يصفوا الإغاثة بالاستعراض، والإسقاط بالمسرحية، بينما أيديهم فارغة، وصدورهم خاوية من الرحمة. لكن من لا يحمل بديلاً، لا يملك حق الانتقاد. من لا يفتح طريقاً، ولا يُرسل شاحنة، ولا يحمي طفلاً من الجوع، لا يحق له أن يُسفّه محاولات الإنقاذ، أياً كانت طبيعتها. فالكرامة لا تكون بتجويع الناس. ولا تُبنى المقاومة على أنقاض أجساد الأطفال. الكرامة الحقيقية تبدأ من حماية الإنسان، من إنقاذ حياته، من صون جسده من الجوع والمرض.
أما تحويل الألم إلى شعارات، واحتكار الفهم الوطني في وجه كل من يقدّم يد العون، فهذه قسوة تُلبس ثوب المزايدة، لا أكثر.
الإسقاطات الجوية التي ينفذها الأردن اليوم، ليست أكثر مما يستطيع أن يفعل، لكنها بالتأكيد أكثر بكثير مما يفعله الآخرون. إنها ليست الحل النهائي، لكنها خط الحياة الوحيد المتبقي لآلاف البشر في شمال غزة. والقيادة الأردنية، وفي مقدمتها جلالة الملك عبد الله الثاني المعظم، لم تساوم على هذا المبدأ، ولم تبحث عن صدى إعلامي، بل عملت بصمت وشجاعة، وبقيت على عهدها التاريخي في الدفاع عن فلسطين في كل المحافل، وبكل الوسائل. ومن يرى في هذا الفعل "مسرحية"، فليخبرنا كيف يمكن إنقاذ طفل جائع بكلمات الغضب فقط؟ كيف يمكن تعبئة معدة خاوية بالشعارات؟ وهل تُبنى المواقف برفض الخبز لأنه أتى من الجو؟
غزة تحتاج إلى كل يدٍ تمتد، وكل قلب ينبض، وكل شريان يحمل أملاً، حتى لو كان عبر السماء. ولا أحد يملك حق التهكم على ذلك، ما دام لا يملك شيئاً آخر يُنقذ به حياة من لا يملكون شيئاً سوى الصمود.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فرنسا تعتبر عنف المستوطنين "الإسرائيليين" في الضفة الغربية "أعمالًا إرهابية"
فرنسا تعتبر عنف المستوطنين "الإسرائيليين" في الضفة الغربية "أعمالًا إرهابية"

رؤيا

timeمنذ 39 دقائق

  • رؤيا

فرنسا تعتبر عنف المستوطنين "الإسرائيليين" في الضفة الغربية "أعمالًا إرهابية"

وزارة الخارجية الفرنسية: تشجب فرنسا جريمة القتل هذه بأشد العبارات اعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية، الثلاثاء، أن أعمال العنف التي يرتكبها مستوطنون إسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة هي "أعمال إرهابية"، وذلك بعد استشهاد ناشط فلسطيني مناهض للاحتلال، في عملية نسبت إلى مستوطنين. وقال ناطق باسم الوزارة في بيان: "تشجب فرنسا جريمة القتل هذه بأشد العبارات، فضلاً عن كل أعمال العنف المتعمدة التي يرتكبها مستوطنون متطرفون بحق الفلسطينيين والتي تكثر في أرجاء الضفة الغربية". وأضاف: "أعمال العنف هذه هي أعمال إرهابية".

العيسوي: مواقف الملك تجاه فلسطين وغزة تجسّد الثبات والالتزام العملي والإنساني
العيسوي: مواقف الملك تجاه فلسطين وغزة تجسّد الثبات والالتزام العملي والإنساني

رؤيا

timeمنذ 39 دقائق

  • رؤيا

العيسوي: مواقف الملك تجاه فلسطين وغزة تجسّد الثبات والالتزام العملي والإنساني

إشادة بدور الملكة رانيا وولي العهد في دعم الإنسان وتمكين الشباب رئيس الديوان الملكي: الإصلاح والتحديث في عهد الملك واقع ملموس لا شعارات العيسوي: الوصاية الهاشمية على القدس مسؤولية تاريخية يحملها الملك بثقة واقتدار العيسوي: احترام العالم للأردن ثمرة سياسات عقلانية ومبادئ راسخة يقودها الملك أكد رئيس الديوان الملكي الهاشمي يوسف حسن العيسوي، أن الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، يواصل دوره القومي والإنساني المشرف، بثبات لا يتراجع، وإرادة لا تلين، مجسدًا نموذج الدولة التي لا تحيد عن الحق، ولا تتردد في نصرة الأشقاء، وفي مقدمتهم أهلنا في غزة، الذين كان موقف الأردن من أجلهم الأقوى والأوضح والأكثر تأثيرًا. وأضاف أن الموقف الأردني بقيادة جلالة الملك لم يقتصر على التصريحات، بل ترجم إلى أفعال ميدانية وإنسانية، من خلال تسيير قوافل المساعدات إلى عمق قطاع غزة، وتنفيذ عمليات إنزال جوي للمؤن والمستلزمات الطبية رغم التحديات، في تعبير واضح عن التزام لا يساوم، وواجب هاشمي راسخ لا يعرف التردد. وقال العيسوي إن عهد جلالة الملك شهد تحولات ومنجزات وطنية راسخة في مختلف الميادين، مشيرًا إلى أن مسيرة الإصلاح الشامل والتحديث المستمر لم تكن مجرد شعارات، بل واقعًا ملموسًا يلمسه كل أردني. وأكد أن هذه الإنجازات هي ثمرة رؤية استراتيجية بعيدة المدى، وضعها جلالته منذ توليه سلطاته الدستورية، وبنى من خلالها دولة المؤسسات، وعزّز مكانة الأردن كأنموذج في الاستقرار والاعتدال والإنجاز وسط إقليم مضطرب. جاء ذلك خلال لقائه اليوم الثلاثاء، في الديوان الملكي الهاشمي، وفدًا من طلبة كلية التمريض في جامعة البلقاء التطبيقية، يمثلون فريق Sanova. وفي حديثه عن القضايا الإقليمية، شدد العيسوي على أن القضية الفلسطينية تظل في صدارة أولويات جلالة الملك، باعتبارها قضية وطنية وقومية، وأن الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس هي مسؤولية تاريخية ودينية يحملها جلالته بكل أمانة واقتدار. وأكد أن الأردن بقيادته الهاشمية يشكّل اليوم صوتًا نزيهًا في زمن التلوّن، وحضورًا مؤثرًا في زمن الاصطفاف، مشيرًا إلى أن ما يتمتع به الأردن من احترام عالمي إنما هو ثمرة سياسات متزنة ومبادئ راسخة، يقودها جلالة الملك بعقلانية وشجاعة. كما نوّه العيسوي بالدور الفاعل لجلالة الملكة رانيا العبدالله في دعم قضايا الإنسان وتمكين المرأة، والدور الطليعي لسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، الذي يمضي في حمل هموم الشباب وتطلعاتهم، ضمن رؤية ملكية تؤمن بالشباب شركاء في البناء لا مجرد مستفيدين. وأشار إلى أن الأمن والاستقرار الذي ينعم به الأردن، وسط محيط إقليمي مضطرب، لم يكن ليتحقق لولا تضحيات نشامى القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، ووعي الأردنيين الذين يقفون خلف قيادتهم، صفًا واحدًا، في كل محطة من محطات الوطن. من جهتهم، أعرب المتحدثون عن فخرهم واعتزازهم العميق بالقيادة الهاشمية، مؤكدين أن جلالة الملك يمثّل اليوم صوت العدل في العالم، ورمز الالتزام بقضايا الأمة، وفي مقدمتها فلسطين، التي حملها على كتفيه في كل محفل دولي بجرأة وإخلاص. وأشاروا إلى أن المساعدات الأردنية التي تصل إلى غزة، سواء عبر الإنزال الجوي أو القوافل البرية، كانت محط اعتزاز وفخر لكل أردني، لأنها تجسّد المواقف لا الشعارات، وتؤكد أن الأردن في مقدمة الصفوف في كل قضية عادلة. وشددوا على أن الأردن وقيادته الهاشمية خط أحمر، وأن الأردنيين يقفون خلف جلالة الملك بثقة مطلقة، وإيمان راسخ بحكمته، مؤكدين أن محاولات التشكيك والتزييف ستتحطم دائمًا على جدار وعي هذا الشعب وإيمانه بقيادته. كما أكدوا أن ما تحقق من إنجازات وطنية في عهد جلالة الملك، على مختلف المستويات، يعزز الثقة بالمستقبل، ويدفع الشباب نحو المزيد من العمل والاجتهاد لخدمة الوطن والمجتمع. وعبروا عن اعتزازهم بالدور الإنساني والفكري الريادي الذي تضطلع به جلالة الملكة رانيا العبدالله، مشيدين بجهود بسمو ولي العهد ، الذي يسير بخطى واثقة على نهج جلالة الملك، حاملًا تطلعات الشباب الأردني، وقريبًا من نبضهم، ومبادرًا إلى إشراكهم في مسيرة البناء.

وزير حرب الاحتلال: سنهزم حماس وستبقى المسؤولية الأمنية في غزة بأيدينا
وزير حرب الاحتلال: سنهزم حماس وستبقى المسؤولية الأمنية في غزة بأيدينا

رؤيا

timeمنذ 39 دقائق

  • رؤيا

وزير حرب الاحتلال: سنهزم حماس وستبقى المسؤولية الأمنية في غزة بأيدينا

وزير حرب الاحتلال: تحقيق الهزيمة الكاملة في القطاع ليس سهلًا في ظل وجود المحتجزين لدى حماس قال وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي "يسرائيل كاتس"، الثلاثاء، إن الهدف من العملية العسكرية في غزة هو إلحاق الهزيمة الكاملة بحركة حماس، مؤكدًا أن الاحتلال لن يسمح لها، لا بجناحها العسكري ولا المدني، بتحديد مستقبل القطاع. وأضاف كاتس أن تحقيق هذا الهدف ليس سهلًا في ظل وجود المحتجزين لدى حماس، مشيرًا إلى أن أي صفقة محتملة لاستعادة المحتجزين الأحياء أو جثامين القتلى، سيتم تنفيذها بما لا يضر بأمن تل أبيب. على حد تعبيره. وأكد وزير الحرب أن قوات الاحتلال بحاجة للبقاء في محيط غزة وداخلها، مع إمكانية تنفيذ عمليات أمنية فيها كما يحدث في الضفة الغربية، مشددًا على ضرورة أن تبقى المسؤولية الأمنية في القطاع بأيدي الاحتلال.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store