
من «خلوة» إلى «عزل»: كيف تحول مركز مؤقت إلى بؤرة موت؟
تحولت من ساحة لتحفيظ القرآن إلى مركز عزل مؤقت لمرضى الكوليرا ووصل عدد الوفيات فيها بين 25 و30 حالة يوميًا، ليتم إغلاقها وتوزيع المرضى.
كمبالا- أم درمان: التغيير
لم يمهل الوباء أمل وإيمان وقتًا لتلقي العلاج، فالأولى مسؤولة الإحصاء في عيادة طبية قرب مركز عزل مستشفى النو، والثانية بائعة شاي تعمل أمام المركز نفسه، وكلتاهما لفظت أنفاسها الأخيرة نتيجة إصابتها بالكوليرا، في مشهد بات يتكرر كل ساعة، داخل العاصمة السودانية الخرطوم، وتحديدًا في مدينة أم درمان.
في خلوة لتحفيظ القرآن بالثورة الحارة الثامنة، تحولت ساحة التحفيظ إلى مركز عزل مؤقت، يستقبل يوميًا أكثر من 200 حالة إصابة بالكوليرا، وسط نقص حاد في الإمدادات وتردي بيئي خطير، قبل أن يغلق الخميس الماضي وتوزع الحالات على أربعة مراكز بديلة في أم درمان والجزيرة إسلانج وأمبدة النموذجي والمستشفى التركي.
تحدث متطوع ميداني من داخل مستشفى النو لـ(التغيير) قائلاً: 'الوضع في مركز النو كان مأساويًا فقد تحولت الخلوة التي فتحت كمركز مؤقت بواسطة منظمة أطباء بلا حدود قبل ستة أشهر إلى ساحة مكتظة بالمرضى الممددين على الأرض، في ظل نفاد المستلزمات الطبية'.
وأضاف أن 'المنظمة كانت تقدم خدمات متكاملة، لكن وزارة الصحة الاتحادية سحبتها من الموقع، وأسندت الملف بأكمله إلى منظمة (سيف ذا تشيلدرن)، وسط اتهامات بعدم قدرتها على تغطية الاحتياجات بنفس الكفاءة.
وأوضح المتطوع أن عدد الوفيات في المركز تراوح بين 25 إلى 30 حالة يوميًا، قبل أن يتم لاحقًا توزيع المرضى على 15 مركزًا موزعة حتى بحري وشرق النيل.
أعداد مفزعة ووضع يزداد سوءًا
بحسب شهود عيان داخل مستشفى النو ومستشفى أم درمان التعليمي، فإن معدل الوفيات تجاوز الـ20 حالة يوميًا في كل مركز، مع توافد أكثر من ألف حالة إصابة بالكوليرا يوميًا في الخرطوم وحدها.
وأكد شهود من حي ود نوباوي والفتيحاب وأمبدات، وجود إصابات ووفيات متعددة في المنازل، وبعض الأسر فقدت أكثر من 3 أفراد بالريف الجنوبي.
ووفقًا لشهود عيان تتجلى الأعراض في إسهال مائيٍ حاد، فيما تتردد شائعات حول استخدام مواد كيميائية أو أسلحة أو غازات، وهي مزاعم يستحيل تأكيدها من دون تحاليل مخبرية وأخذ عينات كافية من المرضى لمعرفة العامل المسبب. وبوجه عام تشخص الحالات على أنها كوليرا.
أما بالنسبة لوضع الأطفال فإنه لا يقل مأساوية حيث أُنشئ عنبر خاص للأطفال في مستشفى أم درمان لاستقبال الحالات من سن عامين وحتى 14 عامًا، وسط نقص حاد في المحاليل الوريدية، وتردي خدمات النظافة، وغياب الكوادر الصحية المؤهلة.
وزير الصحة: الوضع تحت السيطرة
في المقابل، قال وزير الصحة هيثم محمد ابراهيم إن 'انتشار الكوليرا ليس بالأمر الجديد'، وأرجع تفشي المرض إلى تدهور البنية التحتية لمياه الشرب، وتخريب مصادر المياه في مناطق النزاع.
وأضاف: 'الانفجار الأخير في الخرطوم جاء بعد خروج قوات الدعم السريع من بعض المناطق، حيث كانت المياه ملوثة'.
وأكد الوزير في تصريح لـ(التغيير) تسجيل ما بين 800 إلى 1000 إصابة يوميًا، بمعدل وفيات يتراوح بين 2 إلى 3%، لافتًا إلى أن أغلب الوفيات تصل إلى مراكز العزل في حالة متأخرة.
وأوضح أن هناك 15 مركزًا للعزل تستقبل الحالات، وتتوفر بها كميات كبيرة من المحاليل الوريدية بدعم من منظمات دولية، بجانب حملات للتطعيم والتوعية وتعقيم المياه.
غياب الشفافية والتعتيم على الكارثة
لكن هذه التصريحات الرسمية تتناقض مع ما رصده متطوعون وناشطون ميدانيون، حيث أشار أحدهم إلى أن 'الوزارة سحبت منظمة أطباء بلاحدود من مستشفي النو قبل يومين، ومن مستشفي أم درمان قبل 4 أيام، واعتبر أن الوزارة لا تريد وجود إحصاءات دقيقة عن الإصابات و الوفيات، وتسعى لتسليم المراكز إلى منظمات لا تملك نفس مستوى الكفاءة، مثل أطباء بلا حدود'، مؤكدًا أن 'الهدف من سحب المنظمات الكبرى هو التعتيم'.
وأضاف أن السكان في الثورة الحارة الثامنة المجاورة لمستشفى النو ومركز العزل احتجوا على وجوده بسبب انتقال العدوى، لكن لم تتم الاستجابة لهم إلا بعد زيارة وزير الصحة، الذي أمر بإغلاق المركز.
وقال: 'لا أظن أن قرار إغلاق المركز جاء استجابة لمطالب سكان الحي، بل جاء نتيجة الضغط الكبير وتداول الصور التي كشفت حجم الكارثة، في وقت بدا فيه أن هناك توجهاً لفرض تعتيم إعلامي على الوضع.'
مؤشرات لانحسار تدريجي
أكد وزير الصحة أن جهود التدخل نجحت خلال الأيام الثلاثة الماضية في خفض المنحنى الوبائي.
وقال: 'أكثر من 10 منظمات، بما فيها وكالات أممية، شاركت في حملات استجابة مكثفة، شملت توفير الإمدادات الطبية وعلى رأسها المحاليل الوريدية التي تعد خط الدفاع الأول ضد الجفاف الناتج عن الكوليرا'.
وأشار الوزير إلى أن 'الإمدادات شملت أكثر من 100 طن من المحاليل، و100 ألف عبوة وريدية، بالإضافة إلى 15 ألف عبوة من منظمة الصحة العالمية، ومساهمات من منظمة اليونيسف وشركة زادنا. كما تم فتح أكثر من 10 مراكز عزل جديدة بسعة تتجاوز 800 سرير'.
وأوضح أن جهودًا كبيرة تبذل أيضًا في محور إصلاح محطات المياه، مثل محطة الصالحة، وصيانة الآبار وفتح مصادر مياه جديدة، إلى جانب حملات إصحاح بيئي بالتنسيق مع المحليات ومنظمات شريكة.
كما أشار إلى قرب وصول 2.7 مليون جرعة لقاح مخصصة لولاية الخرطوم.
خطر التوسع مستمر
رغم الانفراج النسبي في الخرطوم، حذر الوزير من انتشار الوباء إلى ولايات أخرى، وقال إن 'حالات تم رصدها بالفعل في نهر النيل، وسنار، والجزيرة، وشمال كردفان، والنيل الأبيض، وجنوب دارفور. معظمها وافدة وتحت المراقبة، لكن هناك مخاوف من انفجارات جديدة في حال لم يتم احتواؤها سريعًا'.
وشدد الوزير على دور المواطن في الوقاية، مشيرًا إلى أهمية النظافة الشخصية، وغسل اليدين، وطهي الطعام جيدًا، وتجنب الأطعمة المكشوفة، وغلي المياه أو كلورتها قبل الشرب.
مطالبات بإعلان الطوارئ والتدخل العاجل
مع تفاقم الأوضاع، طالب ناشطون بإعلان حالة الطوارئ الصحية في الخرطوم وولايات الجزيرة وسنار ونهر النيل، حيث تم رصد إصابات متفرقة بالكوليرا. ودعوا إلى تدخل عاجل من جميع المنظمات الإنسانية، بالإضافة إلى توفير الدعم الطبي والكوادر الصحية، وتحسين شروط النظافة في مراكز العزل، التي تعاني من تكدس النفايات، والذباب، وانتشار العدوى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


التغيير
منذ 9 ساعات
- التغيير
«صحة الخرطوم» تربط استمرار تراجع وباء الكوليرا بالالتزام الصحي خلال عيد الأضحى
عدد الإصابات المؤكدة بالمرض بلغ حتى اليوم 531 حالة، فيما سُجلت 3 حالات وفاة، وارتفع عدد المتعافين ومغادري مراكز العزل إلى 377 حالة. كما رُصدت 87 حالة جديدة في ست من محليات الولاية عبر العيادات المتنقلة وفرق الاستجابة السريعة. الخرطوم: التغيير دعت وزارة الصحة بولاية الخرطوم إلى الالتزام الصارم بالإرشادات الصحية خلال فترة عيد الأضحى، محذّرة من أن التهاون في التخلص السليم من مخلفات الذبيح قد يُهدد التقدم المحرز في احتواء وباء الكوليرا بالولاية. وأكد مدير الإدارة العامة للطوارئ والأوبئة، محمد التجاني، في تصريح صحفي عبر منصة الوزارة، أن الولاية تشهد تراجعًا ملحوظًا في عدد الإصابات والوفيات بالكوليرا، مشيرًا إلى أن نسبة التعافي ارتفعت لليوم السادس على التوالي، مما يشير إلى فاعلية التدخلات الصحية الجارية. وأشار التجاني إلى أن عدد الإصابات المؤكدة بالمرض بلغ حتى اليوم 531 حالة، فيما سُجلت 3 حالات وفاة، وارتفع عدد المتعافين ومغادري مراكز العزل إلى 377 حالة. كما رُصدت 87 حالة جديدة في ست من محليات الولاية عبر العيادات المتنقلة وفرق الاستجابة السريعة. وأوضح التجاني أن استمرار انخفاض الإصابات والوفيات يعود إلى التوسع في التدخلات الوقائية وسط المصابين والمخالطين، مطمئنًا المواطنين بأن الكوادر الصحية ستواصل العمل خلال أيام العيد في كافة المؤسسات الصحية. وشملت التوجيهات الصحية للعيد، دفن الدماء الناتجة عن الذبح بطريقة صحية، والتخلص من مخلفات الأضاحي عبر صناديق النفايات المنتشرة، إلى جانب التأكيد على ضرورة شرب المياه النظيفة وغسل الأيدي بانتظام. وتشهد ولاية الخرطوم منذ عدة أسابيع موجة من تفشي وباء الكوليرا، تسببت في إصابات ووفيات متفرقة، خاصة في ظل تدهور البنية التحتية الصحية ونقص المياه النظيفة. وقد كثفت وزارة الصحة من جهودها في الاستجابة عبر حملات تطعيم وتوعية، إلى جانب إنشاء مراكز للعزل الصحي. وتُعد فترة عيد الأضحى تحديًا حرجًا في سياق السيطرة على الوباء، نظرًا لما يصاحبها من ممارسات بيئية قد تساهم في تفاقم انتشار المرض في حال عدم الالتزام بالإرشادات الصحية.


التغيير
منذ يوم واحد
- التغيير
«أوتشا»: قلق إزاء الهجمات على المدنيين في السودان وتحذير من انتشار الكوليرا
مكتب «أوتشا» حذر من أن أعداد حالات الكوليرا في ولاية الخرطوم (لا تزال مذهلة)، رغم انخفاض الحالات اليومية بالأسابيع السابقة. أعرب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عن القلق إزاء الموجة الأخيرة من الهجمات على المدنيين والبنية التحتية المدنية في السودان. وفي آخر تحديث له اليوم الاثنين، أفاد المكتب بأنه في 30 مايو، تعرض مستشفى الضمان الدولي في الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، لهجوم بطائرة مسيرة، مما أسفر عن مقتل ستة عاملين صحيين على الأقل وإصابة أكثر من 15 آخرين. وقبل ذلك بيوم واحد فقط، تعرضت منشآت لبرنامج الأغذية العالمي في الفاشر لقصف متكرر، مما تسبب في أضرار جسيمة لمركز إنساني رئيسي. وأوضح المكتب أن تقارير أفادت بأن قوات الدعم السريع هي التي نفذت كلا الهجومين. ودعت القائمة بأعمال منسقة الشؤون الإنسانية في السودان كريستين هامبروك، في بيان لها، إلى احترام القانون الدولي الإنساني. وقالت إنه يجب عدم استهداف المدنيين والعاملين الصحيين وموظفي الإغاثة. وأكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية مجددا أن تلك المرافق ضرورية لاستمرار الحياة في مواجهة أزمة إنسانية متفاقمة. مياه غير آمنة وانتشار للكوليرا وقال مكتب أوتشا إن الهجمات على البنية التحتية للكهرباء في الخرطوم أدت إلى تفاقم نقص المياه، مما أجبر الكثيرين على استخدام مصادر غير آمنة، وعرض أكثر من مليون طفل لخطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه، في وقت ينتشر فيه وباء الكوليرا في السودان. وأضاف أن الحالات اليومية في ولاية الخرطوم انخفضت مقارنة بالأسابيع السابقة، وذلك بفضل جهود العاملين الصحيين والمتطوعين المجتمعيين. لكنه حذر من أن الأعداد الإجمالية هناك لا تزال مذهلة، حيث تم الإبلاغ عن أكثر من 16.500 حالة وما يربو على 340 حالة وفاة منذ بدء تفشي المرض. وفي ولاية جنوب دارفور، ظهرت العشرات من حالات الكوليرا في نيالا، عاصمة الولاية والمناطق المحيطة بها، مما دفع المسؤولين إلى إعلان حالة طوارئ صحية. ويناشد هؤلاء المسؤولون تقديم دعم عاجل لاحتواء تفشي المرض قبل أن ينتشر، وفقا لما ذكره مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية. وأضاف أنه في ولايتي شمال دارفور ونهر النيل، يستمر انتشار الكوليرا، حيث تم الإبلاغ عن أكثر من 200 حالة وعدد من الوفيات منذ منتصف الشهر الماضي. وأوضح أنه بدعم من الأمم المتحدة، أنشأت السلطات الصحية المحلية مراكز علاج وأطلقت أنشطة للرصد والصحة المجتمعية، إلا أن فجوات حرجة في الإمدادات والتمويل ودعم العاملين الصحيين المنهكين لا تزال قائمة. وأكد المكتب أنه وشركاء الأمم المتحدة يعملون على توسيع نطاق الاستجابة، إلا أن مواجهة قيود متزايدة، مع نقص التمويل وصعوبة حركة الإمدادات والأفراد عبر خطوط النزاع، لا تزال تشكل تحديا أساسيا لقدرتهم على القيام بعملهم. وحث المجتمع الدولي على التحرك بسرعة، لضمان وصول الموارد إلى الناس حيث هم في أمس الحاجة إليها، ولمنع انتشار الكوليرا، وحماية ملايين المدنيين العالقين والمعرضين للخطر.


التغيير
منذ 3 أيام
- التغيير
أم درمان: الكوليرا تفتك بالمدينة وسط تفاقم الأزمة الصحية
منتدى الاعلام السوداني أم درمان ، 31 مايو 2025 (سودان تربيون) – يعيش نور الدين حالة من اليأس وهو يكافح لإنقاذ عائلته بعد إصابة زوجته وابنتيه بمرض الكوليرا في مدينة أم درمان، غرب العاصمة السودانية، التي أصبحت بؤرة رئيسية لانتشار الوباء على مستوى البلاد. نور الدين (50 عامًا)، الذي تعافى مؤخرًا من الكوليرا، أعرب عن استيائه من مستوى الرعاية الطبية في مستشفى النّو الحكومي بوسط أم درمان. ولا يزال يتابع علاج أفراد عائلته، متحملاً نفقات مالية باهظة لشراء المحاليل الوريدية من السوق الموازي بأسعار مضاعفة. هذا الوضع تفاقم بعد أن قررت وزارة الصحة الاتحادية إغلاق مركز العزل بمستشفى النّو مساء الأربعاء، إثر تفشي المرض في محيط المستشفى وتزايد حالات الإصابة في المنطقة. ما هو مرض الكوليرا؟ الكوليرا هو مرض بكتيري حاد يسببه تناول طعام أو مياه ملوثة ببكتيريا 'ضمة الكوليرا' (Vibrio cholerae). يتميز المرض بظهور إسهال مائي حاد يمكن أن يؤدي بسرعة إلى جفاف شديد وصدمة. إذا لم يتم علاجه فوراً، يمكن أن يكون قاتلاً في غضون ساعات. تشمل الأعراض الرئيسية الإسهال المائي الغزير (غالبًا ما يوصف بأنه يشبه ماء الأرز)، والقيء، وتشنجات الساق. الوقاية من الكوليرا تعتمد بشكل أساسي على توفير مياه شرب آمنة، وممارسات الصرف الصحي الجيدة، والنظافة الشخصية، بالإضافة إلى التطعيم في المناطق الموبوءة. وذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في بيان صحفي صدر مؤخرًا أن 'حالات الكوليرا في الخرطوم ارتفعت من 90 حالة يوميًا إلى 815 حالة يوميًا بين 15 و25 مايو الحالي، أي بزيادة تسعة أضعاف خلال عشرة أيام فقط'. تدني الخدمات الطبية أُصيب حافظ نور الدين وزوجته وابنتاه بالكوليرا قبل أقل من أسبوع في أم درمان. وفي حديثه لـ'سودان تريبيون'، وصف نور الدين معاناته الشديدة لتوفير العلاج لأسرته، مؤكدًا أنه على الرغم من تلقيهم مساعدة أولية في مستشفى النّو، إلا أنه لا يزال يكافح لتلبية احتياجاتهم العلاجية الأخرى. ووصف الوضع الحالي بـ'الحرج'، رغم جهود الأطباء والمتطوعين في المستشفى الذي يستقبل أعدادًا متزايدة من المرضى يوميًا. إغلاق مركز العزل ذكرت مصادر لـ'سودان تريبيون' أن وزارة الصحة الاتحادية أغلقت مركز العزل بمستشفى النّو مساء الأربعاء بسبب تفشي المرض في محيطه وتزايد حالات الإصابة بالمنطقة. وأفادت المصادر بأن مسؤولين من وزارتي الصحة الاتحادية والولائية زاروا مستشفى النّو خلال اليومين الماضيين وقرروا إغلاق مركز العزل نتيجة لتفشي المرض حول محيط المستشفى، حيث بلغت حالات الإصابة 500 حالة وأكثر من 100 وفاة. وأكدت المصادر نقل مرضى الكوليرا من مركز العزل بمستشفى النّو إلى مستشفيات بشائر، وألبان جديد، وأم بدة النموذجي، وأم درمان التعليمي، والأمين حامد، والتركي، والسعودي. حالات جديدة وتوسع الانتشار أفادت فاطمة أحمد من منطقة الجيلي شمال الخرطوم عن إصابة أربعة أفراد من عائلتها بالكوليرا، وهم الآن في مركز العزل بمستشفى أمبدة النموذجي منذ يومين. وفي حديثها لـ'سودان تريبيون'، أعربت فاطمة عن مخاوفها من تفشي الوباء بين المواطنين وسط انعدام الخدمات الطبية في المنطقة. كما ظهرت حالات اشتباه في منطقة الحلفايا، حسب مصادر تحدثت لـ'سودان تريبيون'، نتيجة لاستخدام مياه ملوثة وتدهور الوضع البيئي في المنطقة. زيادة أعداد الإصابات والوفيات في سياق متصل، كشف قطاع العمل الإنساني لتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير (تقدم) عن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا إلى 8 آلاف حالة، بينما بلغ عدد الوفيات 200 حالة خلال الأيام الثلاثة الماضية. وأوضح القطاع في بيان أن ظهور 8 حالات إصابة بالكوليرا، بينها حالة وفاة واحدة في ولاية جنوب دارفور، يمثل تطورًا خطيرًا يهدد بتفشي الوباء إلى مناطق أوسع في دارفور. هذه المناطق تضم أعدادًا كبيرة من النازحين واللاجئين الذين يعيشون في ظروف صحية صعبة للغاية، فضلاً عن تأثرها بالحرب الدائرة. ودعا قطاع العمل الإنساني إلى تنفيذ خطة استجابة عاجلة لمحاصرة انتشار المرض. وطالب القطاع السلطات الحكومية بإعلان حالة الطوارئ الصحية، خاصة في ولاية الخرطوم التي اعتبرها 'منطقة كوارث' بسبب نقص الإمدادات، والزيادة الكبيرة في عدد الوفيات، وصعوبة السيطرة على انتشار المرض، بالإضافة إلى آثار الحرب وتدمير البنية التحتية الخدمية، مما يعيق التعامل الفعال مع هذا الوباء. ارتفاع الحالات بعد تطورات ميدانية بالخرطوم كشف وزير الصحة الاتحادي، الدكتور هيثم محمد إبراهيم، أن حالات تفشي وباء الكوليرا في ولاية الخرطوم وصلت إلى 1000 حالة يوميًا، بمعدل وفيات يتراوح بين 2% و3%. وقال الوزير في تصريح خاص لـ'سودان تريبيون' إن هناك 'زيادة في معدلات الإصابة بمرض الكوليرا بعد تحرير منطقة الصالحة وإعلان خلو الخرطوم من قوات الدعم السريع، وعودة أعداد كبيرة من المواطنين إلى منازلهم، حيث ارتفع متوسط الحالات إلى 1000 حالة يوميًا، ويتراوح معدل الوفيات بين 2% و3%'. وأضاف الوزير أن معظم حالات الوفاة تحدث قبل الوصول إلى مراكز العزل والعلاج أو في مراحل متأخرة من المرض، مما يؤكد وجود مشكلة في الإرواء الفوري وتناول السوائل الكافية في بداية ظهور الأعراض. وأردف: 'نهدف إلى تقليل حالات الوفيات قدر الإمكان إلى أقل من 1% في الأيام القادمة'. تدخلات عاجلة من وزارة الصحة وأشار الوزير إلى انخفاض في المنحنى الوبائي خلال اليومين الماضيين نتيجة للتدخلات العاجلة. وأكد توفير إمدادات دوائية تشمل أكثر من 100 ألف عبوة محاليل وريدية (درب)، وأدوية البروتوكول العلاجي الأخرى. كما وفرت منظمة الصحة العالمية 15 طنًا من العلاجات، بينما وفرت منظمة يونيسف حصة الكلور لتنقية المياه. ونوّه الوزير إلى افتتاح أكثر من 10 مراكز عزل بسعة سريرية إجمالية تجاوزت 800 سرير، وتعمل عدة منظمات على تشغيل هذه المراكز. كما أعلن عن استلام 2.9 مليون جرعة لقاح كوليرا مخصصة للمحليات المتأثرة بالمرض في الخرطوم. وأوضح أنه تم رصد عدد من حالات الإصابة بالكوليرا في ولايات أخرى، متابعًا أنها 'حالات متفرقة معظمها وافدة من الخرطوم، ويجري العمل على السيطرة عليها بشكل كامل من خلال المتابعة حتى لا يتفشى الوباء في بقية الولايات'. يُذكر أن الموجة الجديدة من الكوليرا تفشّت في أم درمان بولاية الخرطوم، بعد اعتماد الأهالي على استخدام مياه غير آمنة نظرًا لتوقف عمل محطات المياه نتيجة لهجوم شنّته قوات الدعم السريع بطائرات مسيّرة على محطات الكهرباء، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن تلك المحطات. ينشر منتدى الإعلام السوداني والمنظمات الأعضاء فيه، هذا التقرير من اعداد 'سودان تربيون' بهدف تسليط الضوء على التحديات التي تواجه المدنيين في ولاية الخرطوم في مواجهة انتشار الاوبئة والإمراض في ظل غياب كامل للأدوية والخدمات الصحية.