جريدة "القاهرة" تحتفى بالنجم الأسطوري عادل إمام في ذكرى ميلاده
احتفى العدد الجديد الصادر اليوم الثلاثاء من جريدة "القاهرة" الأسبوعية بعيد ميلاد الفنان الكبير عادل إمام النجم الأسطوري الذي استطاع أن يحافظ على شعبيته الطاغية ومكانته الكبيرة في قلوب جماهير الوطن العربي لمسيرة تمتد لما يقرب نصف القرن.
وذكرت جريدة "القاهرة" – الصادرة عن وزارة الثقافة والتي يرأس مجلس إداراتها الدكتور أحمد بهي الدين رئيس الهيئة العامة للكتاب ويرأس تحريرها طارق رضوان ـ أن عادل إمام ظل طوال تلك السنوات في هذه المكانة التي لم يصل إليها نجم سواه، وأن هناك محاولات كثيرة ستظل لتفسير ظاهرة النجم.
وفي محاولة منها ، عادت "الجريدة"، تحت عنوان عادل إمام.. جذور الأسطورة ، مع ذاكرة الفنان لأيام الطفولة والصبا للوصول إلى هذا التفسير أو جوانب منه.
وعددت "الجريدة" مناقب النجم عادل إمام الذي اشتهر منذ طفولته بالذكاء والموهبة وخفة الدم والجرأة وقوة الشخصية التي لم يكن أحد يعلم ولا هو نفسه إلى أين تقوده هذه الصفات ،فلم يكن في أسرته أو بين معارفه من يمكن أن يضعه على بداية الطريق.
واعتبرت أن شخصية "إمام" كانت تتشكل سريعا وكانت موهبته تتكون من قوة ذاكرته الانفعالية التي احتفظت بذكرى حزينة داخله وهو طفل لم يتجاوز الخمس سنوات يقول هو عنها //كنا نسكن في البيت الذي ولدت فيه قرب السيدة عائشة وفي ذلك اليوم وجدت سريري فوق عربة كارو جريت على أمي وسألتها ايه الحكاية قالت لي وهي منشغلة نحن سنترك المنزل لأن سيدة اشترت البيت لتبني مكانه بيتا جديدا يومها شعرت بأمر لا أعرفه يخنقني.. قهرت من داخلي وبكيت ولم أكن مستوعبا إنما كنت أشعر//.
واستطاع النجم عادل إمام بعد فترة التأقلم مع منطقة سكنه الجديد في الحلمية الجديدة "وأن يندمج مع الحياة في حي ثري ودافئ " كنت أحيا (..) لم أشعر أن هناك شيئا ينقصني .. أحيا تفاصيل حياة الناس اليومية .. كل شيء موجود لأن الناس تحب وتساعد بعضها".
وتوقفت "القاهرة" أمام منطقة الحلمية الجديدة التي تنتمي إلى حي الخليفة وتتاخم حدودها مع السيدة زينب والدرب الأحمر لكنها كانت تتميز عن المناطق الشعبية المجاورة بتركيبة عمرانية نادرة حيث تمتزج فيها القصور العريقة مع العمارات الحديثة والمباني الشعبية البسيطة وكان يسكنها في الأربعينيات أبناء الطبقات الثلاثة العليا والمتوسطة والشعبية ربما هجرها معظم أبناء الطبقة العليا في مرحله لاحقة إلى أحياء أحدث وأكثر هدوءا وبعيدا عن ضجيج الأحياء الشعبية ، معتبرة أن هذا التميز الجغرافي للمنطقة أثر في شخصيه عادل إمام الذي عرف مبكرا كيف يتعامل مع مختلف الطبقات وهو يمر من شارع مميز إلى حارة فقيرة ومن حي له خصوصية إلى حي آخر له خصائص أخرى.
وسرعان ما أصبح "إمام" مشهورا بالقفشات والمقالب اللاذعة يقول هو عنها :" كان لساني مثل الكرباج وكنت أستطيع أن أضحك طوب بسهولة لم أكن أدري لماذا لكن عقب فهمت أني أقوم بعملية تنفيس وترويح النفس لان صوتي لم يكن يخرج في البيت".
ويقول عادل إمام:" والدي كان يعمل في البوليس، وكان أيضا بوليس في البيت كان يأخذنا أحيانا إلى قرية عائلتي حيث تعرفت على جدي وكان رجلا بشوشا وساخرا جدا كنت ألاحظ أن الناس في القرية يجتمعون عنده كل ليلة للضحك والسمر ويتبادلون القفشات والقافية والضحك يرن في أذني وأنا أتابع وكان والدي يشاركهم الحديث لكنه كان محافظا على مهابته ولا يضحك إلا قليلا وكانت ابتسامته نادره في العموم".
ربما ورث عادل إمام عن جده هذه الروح الفكهة والساخرة وورث عن والده الجانب الجد الحازم ومن ملاحظاته الدقيقة لهما تشكل لديه مخزونا قويا من الوجهين جعله متمكنا تماما من الكوميديا وقادرا أيضا على التعبير عن الجدية والمأساة.
وكان عادل إمام يقلد أساتذته في المدرسة بينما يقلد خارجها شخصيات كثيرة وغريبة منها عنتر بائع البليلة وشحاته الأقرع بائع الكبدة عند سور الأزبكية والوحيد الذي بدأ تقليده من زبائن قهوه عكاشه كان البلطجي ذكي النص بلطجي الحته المرعب واكتشفت أن الناس يفرحون أكثر عندما يقلده ويطلبون باستمرار تقليده وكأنهم يشاركوه في عملية السخرية والانتقام منه بالضحك عليه .
وشعر عادل إمام لأول بأن الضحك يعجب الناس أكثر من خلال مشخصاتي وليس المقلد أو المضحكاتي وقد تأكد له ذلك عندنا استطاع أن ينتزع الضحك من الجمهور على شخصيه كريهة لا تمت لشخصيته باي صلة ولا لشخصية يقلدها ويعرفها الجمهور ومن هنا أدرك قيمه الفن وعرف أن الإضحاك لا يمس شخص المضحك بسوء.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

مصرس
منذ يوم واحد
- مصرس
حفل كأس إنرجى يكرم الزعيم عادل إمام
شهد حفل توزيع جوائز "كأس إنرجي للدراما"، الذي تنظمه إذاعة راديو إنرجي 92.1 في موسمه التاسع، لحظة مؤثرة تم خلالها تقديم تحية خاصة لروح الراحل الدكتور وليد مصطفى، مؤسس المحطة، الذي وافته المنية بشكل مفاجئ مطلع الشهر الجاري. وخلال كلمتها في الحفل، عبّرت الإعلامية عايدة سعودي، المدير التنفيذي لراديو إنرجي، عن حزنها الشديد لغياب الدكتور وليد مصطفى، قائلة: "غاب بجسده، لكن قيمه ومبادئه ستظل حاضرة في كل ما نقدمه".وتضمن الحفل، الذي أقيم بأحد الفنادق الكبرى في القاهرة، عرض فيلم وثائقي قصير يوثق مسيرة الدكتور وليد مصطفى، كمنتج وإعلامي ورجل أعمال كان له دور بارز في تطوير المشهد الإعلامي والفني في مصر.كما يكرّم الحفل النجم الكبير عادل إمام كضيف شرف للدورة الحالية، تقديرًا لمسيرته الفنية الطويلة وإسهاماته الكبيرة في عالم الدراما، وأكد محمد طارق أيضا أن غياب الزعيم عن التكريم جاء بسبب ظروف خاصة.حرص عدد من الفنانين على التواجد على السجادة الحمراء لحفل توزيع جوائز كاس إنرجي للدراما في موسمه التاسع، حيث حضرت النجمة ياسمين عبد العزيز والمؤلف عمرو محمود ياسين، والنجم أحمد السعدني، والنجم خالد سليم، والنجم محمد شاهين، والنجمة أمينة خليل، والفنانة منه القيعي، والفنان يوسف حشيش، والفنان مصطفى غريب، والنجم هشام ماجد، والفنان الكبير صلاح عبد الله، والمؤلف عبد الرحيم كمال، ومهندس الديكور أحمد فايز. والفنانة هدى المفتي، والفنانة إنتصار، والنجم فتحي عبد الوهاب، والفنانة دنيا سامي.كما حضر كلا من النجمة أنوشكا والفنان أحمد عزمي، والطفل على البيلي، والفنان مصطفى عماد، والفنانة جيهان الشماشرجي، والفنان طه دسوقيذ والفنان معتز هشام، والفنانة مايان السيد، والفنان أحمد عصام السيد، والفنان أشرف عبد الباقي.وقد فازت العديد من الأعمال المشاركة في الموسم الدرامي هذا العام بتصويت كأس إنرجي للدراما في موسمه التاسع على التوالي؛ وحصلت الأعمال المشاركة في مسابقة راديو إنرجي 92.1 السنوية، على أكثر من 4 مليون صوت على مدار شهر رمضان.واختارت لجنة تحكيم كأس إنرجي للدراما قائمتها لأفضل الأعمال والممثلين هذا العام، المكونة من الناقد محمد نبيل، ورامي المتولي، وفايزة هنداوي، وأعلنت محطة راديو إنرجي 92.1 اختيار الزعيم عادل إمام ضيف شرف الموسم التاسع من كأس إنرجي للدراما.وجاءت اختيارات لجنة تحكيم كأس إنرجي للدراما على النحو التالي: أفضل مسلسل طويل (محجوبة)، أفضل مسلسل درامي قصير (لام شمسية)، أفضل مسلسل كوميدي قصير (أشغال شقة جدا)، أفضل ممثل (فتحي عبد الوهاب - عن مسلسل ظلم المصطبة)، أفضل ممثل (أحمد السعدني – عن مسلسل لام شمسية)، أفضل ممثلة (ريهام عبد الغفور – عن مسلسل ظلم المصطبة)، وأمينة خليل عن مسلسل لام شمسية)، وأفضل بطل تاني دراما (محمد شاهين - عن دوره في مسلسل لام شمسية).كما حصل على أفضل بطل تاني كوميدي (مصطفى غريب - عن دوره في مسلسل أشغال شقة جدا)، وأفضل ممثل كوميدي (هشام ماجد - عن دوره في مسلسل أشغال شقة جدا)، وأفضل ممثلة كوميدية (هدى المفتي - عن دورها في مسلسل 80 باكو)، وأفضل بطلة ثانية في الدراما (يسرا اللوزي - عن دورها في مسلسل لام شمسية)، وأفضل بطلة ثانية كوميدية (انتصار - عن دورها في مسلسل 80 باكو)، وأفضل ممثلة مساعدة (دنيا سامي عن دورها في مسلسل 80 باكو – النص – نص الشعب اسمه محمد)، وأفضل ممثل مساعد (محمد عبده – عن دوره في مسلسل الشرنقة، وأفضل ممثل صاعد (علي البيلي - عن دوره في مسلسل لام شمسية).وحصل على أفضل ممثلة صاعدة مناصفة (فاتن سعيد – عن دورها في مسلسل قهوة المحطة- ظلم المصطبة – لام شمسية)، وأفضل ممثلة صاعدة ياسمينا العبد – عن دورها في مسلسل لام شمسية)، وأفضل مدير تصوير (مصطفى فهمي - عن مسلسل لام شمسية)، وأفضل موسيقى تصويرية (خالد الجابري - عن مسلسل ولاد الشمس)، وأفضل ديكور (أحمد فايز- عن مسلسل قلبي ومفتاحه).وحصل على جائزة أفضل استايلست (مروة عبد السميع - عن مسلسل ظلم المصطبة)، وأفضل مونتاج (رامز عاطف - عن مسلسل الشرنقة)، وأفضل مخرج (كريم الشناوي - عن مسلسل لام شمسية)، وأفضل سيناريو (عمرو سمير عاطف عن مسلسل الشرنقة).


الدستور
منذ يوم واحد
- الدستور
برنامج صاحبة السعادة يفوز بجائزة أفضل برنامج ثقافي عربي في منتدى الإعلام العربي بدبي
حقق برنامج صاحبة السعادة والذي تقدمه النجمة إسعاد يونس نجاحًا جديدًا بفوزه بجائزة أفضل برنامج ثقافي عربي خلال فعاليات منتدى الإعلام العربي المقام حاليا بدبي بالإمارات العربية المتحدة، والتي تُقام ضمن فعاليات "قمة الإعلام العربي 2025". وتعتبر هذه الجائزة تقديرًا للجهود الكبيرة التي يبذلها فريق العمل في البرنامج، الذي استطاع أن يحقق حضورًا مميزًا وجمهورًا واسعًا في العالم العربي، من خلال تقديم محتوى ثقافي هادف ومتنوع. هذا الإنجاز يعكس الدور البارز الذي يلعبه برنامج صاحبة السعادة في إثراء المشهد الإعلامي العربي وتعزيز الثقافة في العالم العربي، ويعزز مكانته كأحد أبرز البرامج الثقافية على الساحة. قمة الإعلام العربي 2025 وتشهد قمة الإعلام العربي 2025، التي تستمر حتى 28 مايو الجاري في مركز دبي التجاري العالمي، مشاركة نحو 8000 إعلامي من داخل دولة الإمارات وخارجها، إلى جانب أكثر من 300 متحدث من المنطقة والعالم، بينهم كبار الشخصيات السياسية والإعلامية، ورؤساء التحرير، وصنّاع المحتوى والمؤثرين، وخبراء التكنولوجيا الإعلامية والأكاديميين. وانطلقت أعمال القمة بجلسات "المنتدى الإعلامي العربي للشباب"، وسط حضور واسع يهدف إلى استعراض آفاق التطوير الإعلامي خلال المرحلة المقبلة. وتشهد القمة تكريم "شخصية العام الإعلامية" والفائزين بجائزة الإعلام العربي، ضمن فئاتها المختلفة، بينما سيشهد اليوم الختامي للقمة في 28 مايو الجاري فعاليات "قمة رواد التواصل الاجتماعي العرب"، والتي سيتزامن معها حفل تكريم الفائزين بجائزة "رواد التواصل الاجتماعي العرب". اقرأ أيضا إسعاد يونس: عادل إمام كان زملكاويًا وتحول لتشجيع الأهلى عايدة الأيوبي ضيفة "صاحبة السعادة" الأحد المقبل شقيقة إسعاد يونس تُحيي أغنية "الشوارع حواديت" في "صاحبة السعادة" "صاحبة السعادة" تحتفل بعيد ميلاد الزعيم على طريقتها الخاصة شقيقة إسعاد يونس تُحيي أغنية "الشوارع حواديت" في "صاحبة السعادة" إسعاد يونس: عادل إمام تربع على عرش الفن العربي لستة عقود


الدستور
منذ يوم واحد
- الدستور
عصمت النمر يفتح كنوزه وأسراره لـ "الدستور" (حوار) 1-2
في مقابلة لـ 'الدستور' مع الباحث في الترات عصمت النمر، فتح لنا كنوز أسراره، وخباياه الدفينة، عن نجوم الزمن الجميل في الفن والثقافة. من الشيخ إمام للأبنودي. وعن علاقته بكل هؤلاء النجوم، وما تحفظه كنوزه، كان هذا الحوار الممتد. كيف بدأت علاقتك بالشيخ إمام؟ ومتى استمعت إليه لأول مرة؟ أنا عاشق للسماع، أجد فيه ما يغني الروح وينعش القلب، كانت معرفتي الأولى بالشيخ إمام مفاجأة حقيقية، كنت حينها في السنة الثانية بكلية الطب، حين أهداني أحد زملائي شريطا صوتيا. استمعت إليه دون أن أعرف من صاحب هذا الصوت المتوهج: أهو سيد درويش؟ أم فنان آخر؟ سألت صديقي عنه، لكنه اكتفى بابتسامة غامضة وقال: "سأخبرك لاحقا". كان في ألحان الشيخ إمام شيء مختلف، لا يشبه كمال الطويل، ولا أحمد صدقي، ولا محمود الشريف، كان يحمل في نغمه روح سيد مكاوي، وعرفت لاحقا أن كليهما تربى وتعلم الموسيقى في حضرة الشيخ درويش الحريري. منذ أول استماع، أصبحت أسيرا لسحر الشيخ إمام وأشعاره، وطلبت من زميلي أن يدلني على المزيد من أعماله، أخبرني بوجود حفل في كلية الآداب بجامعة القاهرة، بمناسبة التضامن مع القضية الفلسطينية، حضرت الحفل، وشعرت وكأنني في أوبرا شعبية، المدرج مسرح والطلاب كورال يتغنون، وكانت الأجواء مشحونة بالشجن والانفعال. انتهى الحفل، وصعدت إلى خشبة المسرح، لم أجد أحدا هناك سوى الشيخ إمام، مد يده نحوي وسألني: "إنت عترة؟" أجبته بابتسامة وتبادلنا السلام، فقال لي: "تعالى نتدقلج سوا" وسرنا معا من جامعة القاهرة، مرورا ببيت الرئيس السادات، ثم إلى كوبري بديعة، وهناك، اعترفت له بتعب قد تسلل إلى قدمي، فضحك ضحكته المميزة، استقللنا تاكسي من ميدان التحرير حتى الغورية، حيث كان يسكن في حوش آدم داخل حارة متفرعة من حارة، وكان هذا العالم جديدا علي، فأنا اسكن في العباسية الشرقية، وأسكن بجوار ميدان الجيش، قرب ميدان الجناين حيث يقيم نجيب محفوظ. وتكررت زياراتي له، وصرت أقطع الطريق من الحسينية إلى باب الفتوح، ثم شارع المعز لدين الله الفاطمي، حتى أصل إلى الغورية حيث نلتقي، كان يحب المشي كثيرا، وكان يمشي كمن يحفظ الطريق بعيني قلبه. وحدثني عن شيخه درويش الحريري، وعن بداياته في تعلم الموسيقى، وعن أشياء كثيرة، عن الفن والحياة ورغم أنه كان ضريرا، إلا أنه لم يعرف الخوف، كنت أندهش من جرأته، وهو يتنقل بمفرده في حواري ضيقة لا تعرف الرحمة، ومع ذلك كان يسير وكأن العتمة طريقه. كان غريبا في تلحينه، يجلس ويتمتم، فكنت أظنه يقرأ وردا دينيا، لكنني أدركت لاحقا أنه يلحن، كان يلحن وهو يمشي، فالموسيقى عنده علم معقد له أوزان وتفعيلات، كأنها قصيدة طويلة يحكيها، لا مجرد نغمة تعزف. كيف تعرف الشيخ إمام على أستاذه الأول في فن الموسيقى؟ في قلب القاهرة الشعبية، حيث كان الشيخ إمام يقيم في "حوش آدم"، حي متواضع تضج أزقته بالمبتهلين والباعة والموسيقيين الفطريين، في البيت المجاور، سكن المبتهل الإذاعي عبد السميع بيومي، الذي لحن له الشيخ إمام بإخلاص ودون مقابل، فقط حبا للفن وتقديرا للموهبة، كان إمام يحبه حتى أنه أوصى أن يدفن إلى جواره. عبد السميع كان له ابنان: أمين، يعمل في خياطة الجلابيب البلدي، وحسن، الحلاق وعازف العود، وفي محل حسن الصغير وقعت الحلقة الأولى في سلسلة القدر، كان الشيخ درويش الحريري زبونا دائما هناك، ومن حسن سمع عن الفتى الكفيف الذي يقرأ "الرواتب" بصوت يخطف القلوب. حين عرف إمام أن الحريري يحلق عند حسن، أدرك أن هذا خيط لا يمكن تفويته، الحريري وقتها كان أسطورة، معلما صعب الإرضاء، يعيش في "ربع" بحي الجمالية يفتح أبوابه للمكفوفين الراغبين في تعلم الموسيقى، رجل حازم متعال بموهبته، لا يرضى عن أحد، حتى قال مرة في حوار صحفي إن "كل المغنيين في مصر على درجة واحدة، وأم كلثوم فقط تستحق أن تسمع". ومع ذلك، حين التقى به إمام، قال له بثبات: "أنا مش هسيبك"، ومن هنا بدأت الرحلة. عاش في ربع الجمالية سنوات طويلة، تتلمذ فيها على يد الحريري، وتشرب أصول الموشحات والابتهالات والأدوار، في مدرسة لا تشبه غيرها، جامعة بلا أوراق، مفتوحة لمن يستحق لا لمن يملك. كيف انتهت الصداقة بين الشيخ إمام وزكريا أحمد ولماذا اتهمه سيد مكاوي بالجحود؟ كان الشيخ إمام يحب زكريا أحمد حبا كبيرا، تربطهما علاقة طيبة وود صادق، اعتاد زكريا أن يزوره في "حوش آدم"، لا لمجاملة بل ليستمع إلى ألحانه بصوت إمام، الذي كان يضيف لكل لحن روحا جديدة، لم يكن يغني العمل مرتين بالطريقة نفسها، بل يعيد تشكيله، يطعمه بحلياته الخاصة، ويمنحه بصمته. في أحد الأيام، كان زكريا يلحن أغنية "حلم" أو "الآهات" لأم كلثوم، فغناها إمام في الأفراح قبل أن تؤديها هي، وعندما علمت أم كلثوم، غضبت غضبا شديدا، وقرر زكريا مقاطعة إمام، واستمرت القطيعة أشهرا طويلة قبل أن تعود المياه إلى مجاريها. سألت الشيخ إمام ذات مرة عن سبب هجوم سيد مكاوي عليه في صفحات "روز اليوسف"، أجاب بهدوء: "سيد فنان عظيم، لكن التاريخ هو اللي هيحكم بينا، وهيدي كل واحد حقه" لم يكمل الحديث، ولم أشأ أن أفتح الجرح، كنت أعلم أن مكاوي كان تلميذه في الأصل، وتعلم العزف على العود منه في "ربع" الشيخ درويش الحريري. يبتسم النمر وهو يسترجع واحدة من أكثر اللحظات طرافة، قائلًا: كنا نتناول الطعام في مطعم شعبي بسيط اسمه "توفيق"، جلسنا على المائدة، وفوجئت بإمام يحيط طبق اللحم بكلتا يديه كأنه يحجبه، لم أفهم حتى هجمت قطة على طبقي وخطفت قطعة لحم، ضحك إمام حين شعر بها، وقال لي ضاحكا: "يا مفتح"، وفهمت حينها لماذا كان يحمي طبقه. في حكاية أخرى لا تقل دهشة، أراد أن يذهب إلى حي "الجدارية" القريب من حوش آدم، أخبرته أنني لا أعرف الطريق، فرد بثقة: "اطمن، أنا معاك" سار كأنه يرى، يحييه الناس في الطريق: "أهلًا يا مولانا"، يدخل الأزقة ببراعة، يتنقل بين اليمين واليسار، حتى وقف أمام باب وقال لي: "فيه باب قدامك، خبط عليه" طرقت الباب، ففتح رجل وسألته: "أنت حمادة صاحب الفرن؟"، قال: "أيوه". التفت إلى إمام مندهشا وقلت: "لا... إنت مفتح". لماذا لم يلحن الشيخ إمام يوما لأم كلثوم أو عبد الحليم حافظ رغم عبقريته الموسيقية؟ بسبب سر اختيارات الشيخ إمام للكلمات والمغنين، لم تكن ألحانه تقليدية، بل خرجت من قلب الشارع، موجهة إلى الناس بلا رتوش، كل لحن كان يحمل نفسا وموقفا وجرحا، ولهذا لم ينسجم صوته أو أسلوبه مع عالم أم كلثوم أو عبد الحليم، رغم احترامه لفنهما. الموسيقار محمد عبد الوهاب قال لعبد الحليم عن إمام: "فنان كبير، ماشي في سكة سيد درويش وبحماس" لكنها شهادة لم تترجم إلى تعاون، خاصة أن عبد الحليم كان يحمل ضغينة شخصية تجاه أحمد فؤاد نجم، رفيقه القديم في ملجأ الأيتام، فكان يتحاشى كل ما يرتبط به، حتى الشيخ إمام. حين سأله عبد الحليم ذات يوم الموسيقار عبد الوهاب: "مش شايف إن أغاني إمام ونجم فيها حقد طبقي؟" أجاب عبد الوهاب بدهاء: "مفيش حاجة اسمها حقد طبقي، دي مشاعر ناس تعبانة وبتتكلم". في زمن الاشتراكية، كانت هذه الجملة كفيلة بإغلاق أي باب للوقيعة. أما إمام، فكان صريحا في اختياراته، لا يركض خلف الأسماء اللامعة، بل يبحث عن الكلمة التي تشبهه، كلمات أحمد فؤاد نجم وفؤاد قاعود خرجت من الشارع لا من الصالونات، ولهذا بقي إمام صوت الفقراء، لا مطرب السهرات.