
كي لا نخسر قوتنا الناعمة
يقول المعلق الأمريكي فريد زكريا، في برنامجه My Take، إن سياسات الرئيس ترامب المتعلقة بالتعرفة أخذت اهتماماً كبيراً، لما تسببت به من خسائر ضخمة، لكن سياساته المتعلقة بالهجرة والتعليم ودعم الابحاث، ستكون لها آثار سلبية أكبر، على المدى الطويل. فأمريكا التي قادت العالم تكنولوجياً، لدرجة اعتقدنا أنها كانت كذلك منذ نشأتها، لكنها حقيقة كانت متأخرة عن غيرها علمياً، تتقدم عليها ألمانيا وبريطانيا في الفوز بجوائز نوبل العلمية، لكن طرأت 3 عوامل غيّرت الوضع مع منتصف القرن العشرين:
الأول: وصول هتلر للحكم في ألمانيا، واتباعه سياساته العنصرية، دفع أجيالاً من أفضل العقول العلمية للهرب إلى أمريكا، وأغلبيتهم من اليهود، الذين شكلوا تالياً العمود الفقري للمؤسسة العلمية فيها. مع استمرار أمريكا في جذب أفضل العقول العلمية والطلبة المتفوقين، من الصين والهند، للدراسة والبقاء فيها تالياً.
الثاني: خروج ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وروسيا من الحرب العالمية الثانية منهكة ومحطمة باقتصادات منهارة، وخسائر بشرية بالملايين، بينما لم تصب أمريكا إلا بأقل الأضرار، ليتيح لها ذلك تسيّد العالم اقتصادياً وعسكرياً وتكنولوجياً.
الثالث: قرار الحكومة الأمريكية أن تصبح الأكبر صرفاً على البحث العلمي، بحيث وصل دعمها في عام 1953 إلى %2.4 من إجمالي دخلها القومي، وفتح ذلك المجال للجامعات الأمريكية، الحكومية والخاصة، للتنافس على تلقي ذلك الدعم، فنتج عن تلك الخطة الكريمة، والحرية المطلقة لها بالعمل، في خلق النموذج العلمي الأمريكي الحديث، الأكثر نجاحاً في التاريخ. لكن تم التخلّي عن هذه العوامل في العهد الحالي، مع التهديد بوقف الدعم المالي للجامعات، إذا لم تتعهد بالالتزام بتعليمات الحكومة في ما يتعلق بصميم وظائفها العلمية، وهذا ما لم يحدث من قبل، وحتى مراكز الأبحاث الحكومية لم تسلم من تدخلات الحكومة.
أصبحت الصين، خلال آخر 10 سنوات في الصدارة، وصاحبة الحصة الأكبر في تسجيل الاختراعات، متخطية أمريكا. وحتى في مجال أفضل 500 جامعة في العالم، فقد كانت حصتها 27 جامعة في 2010 فأصبحت 76 جامعة، بينما انخفضت حصة أمريكا من 154 إلى 133 جامعة!
لكن بقي أمر مهم ووحيد لم تستطع الصين الانتصار فيه على أمريكا، وهو القدرة على جذب العقول والخبرات، ففي الفترة من سنة 2000 إلى 2014 شكّل المهاجرون إلى أمريكا ثلث عدد الفائزين بجوائز نوبل. وارتفعت نسبتهم إلى 40 في المئة بين فئة مطوري برامج الكمبيوتر، وإلى 62 في المئة في مجال مكافحة الأمراض، لكن كل ذلك انقلب تماماً مؤخراً، مع البدء بإلقاء القبض على أعداد كبيرة من الطلبة وترحيلهم، وتعرّض باحثين من الصين بالذات للتحقيق من الـFBI، فقرر الكثيرون الهجرة إلى كندا وأستراليا وأوروبا.
قامت مجلة Nature العلمية المرموقة بإرسال استبيان للمشتركين فيها، وكلهم من العلماء، وسؤالهم عما إذا كانوا يفكرون في الهجرة، فجاءت ردود 75 في المئة من أصل 1600 مشارك؛ بنعم! علماً بأن هؤلاء يمثلون قوة أمريكا الحقيقية، التي تم خلقها طوال 100 عام، والتي تم بدء العمل على تفكيكها في الـ100 يوم الأخيرة!
* * *
تميّزت الكويت، طوال تاريخها، مقارنة بشقيقاتها، بأنها بلد مهاجرين، وفاق ما قدمه هؤلاء لمجتمعهم ومحيطه الأوسع، على مدى ثلاثة عقود، كل ما قدمه غيرها، بحرياً وتجارياً وثقافياً وفنياً، وكل ذلك نتيجة تمازج مكونات المجتمع المتعدد الأعراق والثقافات! لهذا السبب لا يجب وقف تجنيس الكفاءات، خاصة أن أغلبية الشقيقات تسعى إلى ذلك بكل قوة، من خلال تقديم مختلف المغريات لها، فنحن سنبقى مثلهم بحاجة إلى دماء جديدة، وأفكار جديدة، علماً بأن قوتنا لا تزال تكمن في تعدد خلفياتنا، وولائنا لوطننا وإخلاصنا لقيادتنا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 8 ساعات
- عكاظ
الطلاب السعوديون في نيوكاسل يشاركون بمؤتمر (SUSE 2025)
تابعوا عكاظ على عُقد في جامعة نيوكاسل البريطانية، مؤتمر (SUSE 2025) تحت إشراف الملحقية الثقافية السعودية في المملكة المتحدة، بمشاركة متميزة من الطلبة السعوديين المبتعثين في التخصصات العلمية، والهندسية، والحاسوبية من مختلف الجامعات البريطانية. وشهد المؤتمر جلسات علمية ونقاشات أكاديمية متخصصة، حيث عكست البحوث والأطروحات المعروضة ما يتمتع به الطلبة السعوديون من مستوى علمي متميز، وروح ابتكارية تنسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، في مجالات التعليم والبحث والتطوير. وتضمّنت فعاليات المؤتمر جلسةً حواريةً بعنوان: «البحث العلمي المدفوع بالتقنية: تكامل الذكاء الاصطناعي والبيانات والأنظمة الهندسية»، ناقش خلالها عددٌ من الأكاديميين والباحثين أدوار التقنيات الحديثة في تشكيل مستقبل البحث العلمي، إضافةً إلى جلسة الملصقات العلمية التي عرضت مشاريع بحثية مبتكرة في مجالات الذكاء الاصطناعي، وعلوم المواد، والطاقة المتجددة، والأمن السيبراني، وعددٍ من التخصصات الحيوية الأخرى. وأكّد رئيس المؤتمر أنس الثبيتي، أنّ مؤتمر (SUSE 2025) يُجسِّد صورة مشرّفة للطلبة السعوديين المبتعثين، ويعكس التزامهم العلمي وإسهامهم الفاعل في دفع عجلة الابتكار والمعرفة، مشيرًا إلى أنّ المؤتمر يشكّل منصة فاعلة؛ لتعزيز التواصل الأكاديمي، وتأهيل جيل متميز من الباحثين السعوديين القادرين على المنافسة. أخبار ذات صلة النادي السعودي في مدينة نيوكاسل44

صحيفة سبق
منذ 9 ساعات
- صحيفة سبق
برعاية نائب أمير الرياض.. انطلاق فعاليّات المؤتمر العالمي الأول للميتاجينوم والميكروبيوم
تحت رعاية الأمير محمد بن عبدالرحمن بن عبدالعزيز، نائب أمير منطقة الرياض، انطلقت صباح اليوم الاثنين فعاليّات المؤتمر العالمي الأول للميتاجينوم والميكروبيوم، الذي تنظمه جمعية الميتاجينوم والميكروبيوم، بمشاركة نخبة من العلماء والباحثين والخبراء من داخل المملكة وخارجها. وفي كلمتها خلال حفل الافتتاح، أكدت رئيسة اللجنة المنظمة ورئيس مجلس إدارة الجمعية، الدكتورة همسة الطيب، أن المؤتمر يمثل منصة علمية رائدة تهدف إلى استعراض أحدث الأبحاث والاكتشافات، وتعزيز التعاون بين التخصصات في هذا المجال الحيوي، بما يخدم التقدم الصحي والبيئي والصناعي. وأشادت الطيب بالرعاية الكريمة من نائب أمير منطقة الرياض، مشيرة إلى أن هذه الرعاية تجسّد حرص القيادة على دعم البحث العلمي والابتكار، وتُسهم في تمكين المملكة من تبوؤ مكانة متقدمة كمركز إقليمي في أبحاث الميتاجينوم والميكروبيوم، تماشيًا مع مستهدفات رؤية السعودية 2030. كما أعلنت عن التوجه لإقامة المؤتمر بشكل سنوي لتعزيز استدامة مخرجاته العلمية. وتضمن حفل الافتتاح عرضًا مرئيًا عن أنشطة وبرامج الجمعية، استعرض أبرز جهودها في دعم البحث العلمي ونقل المعرفة، إضافة إلى تكريم عددٍ من الجهات والشركات الداعمة، وتوقيع اتفاقيّات تعاون مع عددٍ من المؤسسات البحثية والجهات ذات العلاقة. عقب ذلك، انطلقت فعاليّات المؤتمر التي شملت ورش عمل متخصصة، ولقاءات علمية موسعة ناقشت أحدث ما توصلت إليه الأبحاث في مجالات الميتاجينوم والميكروبيوم، وسط حضور علمي مميز يعكس المكانة المتنامية للمملكة في هذا المجال المتقدم.


مجلة سيدتي
منذ 11 ساعات
- مجلة سيدتي
رصد ظاهرة الشفق القطبي المرئي بالعين المجردة على كوكب المريخ
رصدت مركبة "بيرسيفيرانس" التابعة لوكالة "ناسا" ظاهرة الشفق القطبي المرئي على كوكب المريخ لأول مرة بالضوء المرئي، حيث تلألأت السماء بلون أخضر خافت، في مشهد فريد على سطح الكوكب الأحمر، وذلك نتيجة اصطدام جسيمات شمسية عالية الطاقة بالغلاف الجوي للمريخ، مما أدى إلى توهج خفيف غطى السماء. ظاهرة ضوئية فريدة على المريخ وأبان العلماء، إن هذه الظاهرة الضوئية الفريدة، التي ظهرت كوميض أخضر خافت في سماء المريخ ، نتجت عن عاصفة شمسية عنيفة ضربت كوكب المريخ في مارس 2024، ما أدى إلى تفاعل أسفر عن توهج خافت عبر سماء الليل بالكامل. ورغم أن الشفق سبق أن رُصد في أطوال موجية فوق بنفسجية من المدار، إلا أن هذه أول مرة يُرى فيها بالعين المجردة من السطح على عكس الأرض ، التي تُوجَّه فيها الجسيمات إلى القطبين بفعل المجال المغناطيسي. وقبل ذلك بثلاثة أيام أطلقت الشمس توهجاً شمسياً، رافقه انبعاث للكتلة في شكل إكليل، وهو انفجار ضخم من الغاز والطاقة المغناطيسية، يجلب معه كميات كبيرة من الجسيمات الشمسية النشطة التي انطلقت إلى الخارج عبر النظام الشمسي. وبحسب العلماء، فإن الشفق يتشكل على كوكب المريخ بالطريقة نفسها التي يتشكل بها على الأرض، حيث تتصادم الجسيمات المشحونة النشطة مع الذرات والجزيئات في الغلاف الجوي، ما يؤدي إلى إثارة هذه الجسيمات دون الذرية التي تُسمى الإلكترونات لتبعث جسيمات ضوئية تسمى الفوتونات. سبب تشكل هذه الظاهرة الفريدة وكون المريخ لا يمتلك مجالًا مغناطيسيًا كليًا، فقد غطى الشفق الكوكب بأكمله، أوضحت إليزا رايت كنوتسن، الباحثة لما بعد الدكتوراه في مركز مستشعرات وأنظمة الفضاء بجامعة أوسلو، أن اللون الأخضر ناتج عن تفاعل الجسيمات الشمسية مع الأكسجين في الغلاف الجوي، وخلال عواصف شمسية أقوى، قد يصبح الشفق أكثر إشراقًا، مما يفتح الباب أمام عروض ضوئية مذهلة قد يستمتع بها رواد الفضاء مستقبلًا على سطح المريخ. وتابعت قائلةً: "أثناء عاصفة شمسية أكثر كثافة، تنتج شفقاً أكثر إشراقاً، أعتقد أن السماء التي تتوهج باللون الأخضر من الأفق إلى الأفق سيكون جمالها ساحراً". نقلة نوعية في فهم الظواهر الجوية على الكواكب هذا الاكتشاف الجديد بحسب العلماء، يمثل نقلة نوعية في فهم الظواهر الجوية على الكواكب ، إذ أنه على مدى عقود، ظل الشفق القطبي حكراً على الأرض في ما يتعلق بالرؤية بالعين المجردة، بينما اقتصرت مشاهداته على الكواكب الأخرى ضمن أطوال موجية غير مرئية. كوكب المريخ يعد الكوكب الأحمر"المريخ" واحداً من أكثر الكواكب الشبيهة بالأرض داخل نظامنا الشمسي، فلكل منهما مناظر طبيعية صخرية، وقشور خارجية صلبة، ولباب مكونة من الصخور المنصهرة، ونظراً لتشابهه مع الأرض وقربه منها، ظلت البشرية مفتونة بالمريخ لعدة قرون. كما يعد المريخ من أكثر الكواكب التي تثير فضول وحيرة العلماء، وذلك لاعتقادهم بوجود حياة أخرى على سطح هذا الكوكب الغامض.