logo
مادونا تدعو لإنقاذ أطفال غزة: السياسة وحدها لا تصنع التغيير

مادونا تدعو لإنقاذ أطفال غزة: السياسة وحدها لا تصنع التغيير

الجزيرةمنذ 2 أيام
أبدت النجمة الأميركية مادونا تضامنها مع الأحداث الجارية في غزة، مسلطة الضوء على المجاعة التي يواجهها الأطفال في القطاع جراء الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب عقب طوفان الأقصى في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ودعت مادونا إلى الإسراع في فتح الممرات الإنسانية لإنقاذ الأطفال العالقين وسط تبادل إطلاق النار، كما وجهت نداء لمتابعيها لدعم المنظمات الإنسانية، والمساهمة في حمايتهم من خطر المجاعة، مؤكدة أهمية التحرك الإنساني العاجل.
View this post on Instagram
A post shared by Madonna (@madonna)
واعتبرت نجمة البوب العالمية، في منشور عبر حساباتها الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي، أن أفضل ما يمكن أن تقدمه لابنها روكو في يوم ميلاده هو دعوة الجميع للمساهمة في إنقاذ الأطفال، مؤكدة أنها كأم لا تستطيع تحمل رؤية معاناتهم.
ووجهت مادونا رسالة إلى البابا ليون الرابع عشر، دعت فيها إلى التوجه إلى قطاع غزة، معتبرة أنه الشخص الوحيد الذي لا يمكن منعه من الدخول، ومؤكدة أن السياسة وحدها عاجزة عن إحداث التغيير المنشود.
ويأتي موقف مادونا الأخير بعد تحول ملحوظ في نظرتها إلى السياسات الإسرائيلية، مقارنة بدعمها السابق للاحتلال، خاصة منذ أحداث "طوفان الأقصى" والحرب التي يتعرض خلالها الشعب الفلسطيني لجرائم إبادة. هذا التحول تجلى في تعاطفها مع أطفال غزة، خلال كلمة ألقتها على أحد مسارح لندن في ثالث أيام جولتها الغنائية لعام 2023.
ففي أعقاب عملية "طوفان الأقصى"، كانت مادونا قد عبّرت في منشور لها عن حزنها لما يجري قائلة: "قلبي مع إسرائيل، وأدرك أن هناك الكثير من الأبرياء في فلسطين". إلا أنها عادت وأعادت قراءة المشهد بعد مقتل الطفل الأميركي وديع الفيومي (6 أعوام) في شيكاغو، على يد مالك العقار الذي تسكن فيه أسرته، جوزيف تشوبا (71 عاما)، والذي طعنه بدافع الكراهية بسبب أنه مسلم، متأثرا بالموقف الإعلامي الغربي من الحرب.
وقالت مادونا إنها ترغب في إعادة صياغة مقولة للكاتب الأميركي جيمس بالدوين، الذي كان مصدر إلهام كبير لها طوال حياتها، مؤكدة: "أطفال العالم هم ملك لنا جميعا، كل واحد منهم. لا يهم من أين جاؤوا، أو ماذا يرتدون على رؤوسهم، أو لون بشرتهم، أو ديانتهم، فهم جميعا ينتمون إلينا، ونحن مسؤولون عنهم".
وتأتي رسالة نجمة البوب الأميركية في وقت يواجه فيه قطاع غزة أقسى موجة تجويع ، إذ منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي دخول أكثر من 90 ألف شاحنة إغاثة منذ مطلع مارس/آذار الماضي، بعد أن أغلقت المعابر بشكل كامل ضمن خطة ممنهجة لتجويع السكان.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دجاج الطحين وفاصوليا الصبّار.. طاهية أردنية تبتكر وصفات لمواجهة التجويع في غزة
دجاج الطحين وفاصوليا الصبّار.. طاهية أردنية تبتكر وصفات لمواجهة التجويع في غزة

الجزيرة

timeمنذ 8 ساعات

  • الجزيرة

دجاج الطحين وفاصوليا الصبّار.. طاهية أردنية تبتكر وصفات لمواجهة التجويع في غزة

بعبارة "يا أهلنا الثابتين بغزة"، تستهلّ الطاهية ياسمين ناصر فيديوهاتها الأخيرة من مطبخها في العاصمة الأردنية عمّان، والذي حولته إلى مساحة للابتكار والمقاومة في وجه التجويع، مستفيدة من خبرتها الأكاديمية في فنون الطهو، تقدم وصفات تُجسد حلولا عملية لمواجهة الأزمات الإنسانية القاسية التي يعيشها الفلسطينيون في غزة. ففي ظل نقص المواد الغذائية الأساسية، بدأت ياسمين، الحاصلة على شهادة متقدمة في فنون الطهو من مدرسة "لو كوردون بلو" الفرنسية، بتقديم وصفات بديلة تحاكي أطعمة لم تعد متوفرة في القطاع، مثل "دجاج من الطحين" و"فاصوليا من ورق الصبّار" و"لحم من العدس". هذه الأطباق، وإن بدت غريبة، صُمّمت لتحتوي على الحد الأدنى من القيم الغذائية، وتمنح العائلات طعاما يشبه في الشكل والمذاق ما اعتادوا عليه قبل الحصار. تقول ياسمين ناصر إن هذه الأفكار وُلدت من رحم الأزمة: "جاءت نتيجة قلة المكوّنات المتوفرة بسبب المجاعة الممنهجة التي يتعرض لها أهلنا في غزة، وكيف يمكن ابتكار أطعمة من المكوّنات المتاحة لهم، هذه أطباق نباتية شائعة في النظام النباتي، لكن التحدي الأكبر كان في صنعها فعليا من لا شيء. رغبتي الشديدة في مساعدة أهلنا بأي شكل ممكن هي ما دفعني إلى الاستمرار وتقديم المزيد". وتضيف ياسمين للجزيرة نت: "كل المشاهد هناك في غزة أثرت بي، من الأطفال الذين يواجهون الموت بسبب الجوع، إلى كبار السن والمرضى. كان التحدي الأكبر غياب المكوّنات الأساسية، لذا كان عليّ تبسيط الطريقة ليتمكن الجميع من تطبيق الوصفات". View this post on Instagram A post shared by Yasmin Nasir ياسمين ناصر (@ ردود فعل محفّزة المبادرة لم تبقَ حبيسة الشاشة، إذ وجدت طريقها سريعا إلى أهالي غزة، تقول ياسمين: "كانت ردود الفعل رائعة، خاصة من الأطفال". وتابعت "وصلني الكثير من الفيديوهات من أهل غزة وهم يطبّقون الوصفات، وكانوا سعداء جدا بالنتيجة، وهذا شجعني أكثر لأقترح وصفات جديدة". إعلان تشير ياسمين، التي يتابع فيديوهاتها ملايين المشاهدين، إلى كون التجربة قد عززت من نظرتها الخاصة إلى مهنتها فهي ترى أن الطبخ ليس مجرد حرفة لصناعة النكهات، بل رسالة إنسانية تقول: "لطالما كان لدي تقدير كبير لنعمة الله وهي الطعام، أتبنى أسلوب "صفر هدر" في المطبخ، ودائما أحاول ابتكار شيء من لا شيء". وعن مدى فاعلية هذه الوصفات، تؤكد ياسمين أنها اختبرتها بنفسها قبل مشاركتها، قائلة إنها "جربت وصفة دجاج السيتان باستخدام 6 أنواع مختلفة من الطحين، تتراوح بين الأرخص والأغلى، لضمان نجاحها مع الجميع. النتيجة كانت أن الطعم يُشبه الدجاج بنسبة 85%، أما القوام فبلغت دقته نحو 95%. من حيث القيمة الغذائية، فهي وصفة نباتية مغذية جدا، لكنها تختلف بالطبع عن الدجاج الحقيقي، إذ تحتوي على بروتينات نباتية، وكلاهما مفيد ولكن بطرق مختلفة". View this post on Instagram A post shared by Yasmin Nasir ياسمين ناصر (@ شغف الطبخ درست ياسمين إدارة الأعمال والتسويق وعملت في مجال الإعلان 13 عاما، ثم قررت أن تحوّل شغفها بالطبخ إلى احتراف فالتحقت بـ"لو كوردون بلو"، إحدى أعرق مدارس الطهو في العالم، وتقدم برنامجها التلفزيوني "يلا نطبخ" على إحدى القنوات المحلية، إضافة إلى إسهامات تلفزيونية طوال العام فضلا عن تقديم تجاربها الخاصة عبر مواقع التواصل. وفي ظل تصاعد الحصار على غزة، تطرح وصفات ياسمين ناصر مثالا على قدرة الإبداع على الاستمرار في مواجهة الظروف الصعبة، حيث يمكن للطهو أن يتجاوز دوره التقليدي كفن أو مهارة، ليصبح وسيلة للتكيف ومساندة المجتمعات المتأثرة. وتُبرز تجربتها كيف يمكن توظيف الخبرات والتخصصات الفردية في دعم القضايا الإنسانية.

بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي دور للرواية بسوريا الجديدة؟
بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي دور للرواية بسوريا الجديدة؟

الجزيرة

timeمنذ 10 ساعات

  • الجزيرة

بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي دور للرواية بسوريا الجديدة؟

دمشق-"الرواية السورية مدعوّة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أن تؤدي وظيفة مزدوجة: التوثيق بضمير حي، والتخيل بمسؤولية. أن تكون معنية ليس فقط بما جرى، بل بما يمكن أن يكون. فالأدب، في لحظات كهذه، ليس ترفا أو ملاذا فرديا، بل ضرورة وطنية". بهذه العبارة يصف الروائي السوري الشاب غيث حمور الدور المفترض للرواية في سوريا الجديدة بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي. ومثله يرى العديد من الروائيين السوريين أن للرواية دورا محوريا في هذه المرحلة الحساسة من عمر البلاد، إذ لطالما كان الأدب مرآة تعكس آلام المجتمعات وآمالها، وتوثّق تحولاتها، وتمزج بين التوثيق والتخييل لتنتج نصوصا جمالية تترك آثارها في الوجدان وتسهم في تشكيل الوعي، في حين يرى روائيون آخرون أنه لا دور للرواية في الوقت الحالي لأسباب متباينة. ومع انفتاح الأفق السياسي والاجتماعي في سوريا الجديدة، تبدو الرواية أمام فرصة تاريخية لإعادة صياغة سرديات السوريين، واستكشاف ما لم يكتب بعد عن الثورة وما تلاها، بعيون تتطلع إلى المستقبل بقدر ما تنبش في الماضي. دور الرواية في سوريا الجديدة يؤكد حمور في حديث للجزيرة نت أن الرواية السورية، كما هو حال الأدب عموما، تلعب دورا محوريا في صياغة الوعي وصناعة المستقبل "ليس فقط بوصفها أداة للتعبير، بل بوصفها سجلا عميقا للتحولات، وأحيانا شهادة دامغة على الجريمة أو النسيان". ويضيف الروائي الشاب "خلال السنوات الماضية، ومع تصاعد الاستبداد والعنف، اندفع كثير من الكتاب إلى المنافي، وهناك وُلد ما يُعرف بأدب المنفى السوري، الذي حمل في طياته وجع الوطن، ومآسي الشتات، وتفاصيل اللجوء والاقتلاع القسري". ولكن اليوم، بعد التحولات السياسية والمجتمعية العميقة التي نشهدها، وخاصة مع انهيار قبضة النظام وبدء السوريين باستعادة بعض من صوتهم داخل البلد، فإن هذا الأدب أمام تحدٍ جديد: أن يعود من المنفى إلى الداخل، لا جغرافيا فقط، بل على مستوى الخطاب والتأثير. ونحن بحاجة إلى تحويل "أدب المنفى" إلى "أدب وطن" أدب يتفاعل مع الواقع لا من موقع الحنين فقط، بل من موقع المساهمة في بناء رؤية جديدة لسوريا، رؤية تتجاوز السردية الرسمية الممسوخة، وتفتح بابا للمصالحة مع الذات والتاريخ والهوية. وبينما يرى حمور أن للرواية دورا محوريا خلال هذه المرحلة فإن الروائي السوري عبد الرحمن حلاق يستبعد ذلك، مشيرا إلى أن الرواية نص أدبي يستغرق زمنا طويلا من البحث والتفكير والاحتشاد، لذا يرى أنه لا يمكن لهذا النص أن يتعامل مع الراهن بحالة انفعالية كما القصيدة أو المقالة. وعليه لا يعتقد الحلاق أن الرواية السورية ستحقق موقعا متقدما في هذه المرحلة، فالنص الروائي -وفقا للحلاق- لا يعتمد على التوثيق وإسداء النصح، وإنما يمتلك مجموعة عوامل توافرها ليس يسيرا لتحقيق ما يمكن أن نقول عنه إنه نص إبداعي بامتياز. ويتوقع الحلاق -في حديث للجزيرة نت- أن القارئ سيبقى أمام نصوص روائية سورية تأريخية توثيقية في معظمها، لأن "امتلاك الحكاية أمر متاح أما تحويلها إلى رواية فهذا لا يجيده إلا الراسخون بهذا المجال وهم قلة للأسف". تهميش ومن جهتها، تقول الروائية ابتسام التريسي في معرض إجابتها عن سؤال حول دور الرواية السورية "ما ألاحظه بعد تغيير الكادر العامل في مجال الثقافة في سوريا، أن العمل الثقافي برمته في أسوأ مرحلة له، وأن الرواية تحديدا والروائيين -خاصة الذين وقفوا بوضوح في وجه النظام السابق- يهمَّشون عن عمد لصالح كَتَبة يشبهون في نتاجهم كتبة التقارير الذين تحولوا إلى شعراء على زمن النظام الساقط". وتضيف صاحبة "ليلاف: الثلج الجاف" أن الشعراء بدءا برأس الهرم وانتهاء بأصغر شويعر في الاتحاد والوزارة "بدؤوا باستعادة مكانتهم المفقودة بتحييد الرواية، وتهميش أسماء محددة من الروائيين". كما أوضحت أنها لا تعمل وفق مخطط جديد يتناسب مع التحولات الراهنة، بل تواصل العمل على مشروعها الروائي عينهُ، وتؤكد أنها لن تتخلى عنه. وتشير إلى أنها قد تكتب بين الحين والآخر روايات "خارج السياق" كمحطات استراحة، لكنها تعود بعدها لإكمال مشروعها الأساسي، الذي ستتواصل معالمه في روايتها المقبلة، التي بدأت كتابتها قبل سقوط النظام، وتعدّ امتدادا لروايتها السابقة "مدن اليمام" في تناولها للثورة السورية. وأضافت التريسي أنها لا تفكر حاليا في تناول المرحلة التي تلت "التحرير" معتبرة أن لديها مشاريع مؤجلة ومخططات روائية كافية لسنوات مقبلة. وتفضل التريث حتى تنقضي المرحلة الانتقالية وتتضح الصورة العامة، مشددة على أنها لن تحيد عن "خط النقد الاجتماعي والسياسي الذي نهجته في رواياتي عن الثورة، ولن أحول رواياتي القادمة -إن بقيت على قيد الحياة حتى ذلك الوقت- إلى بوق لسلطة ما، ولن أهادن". الرواية ما بعد سقوط النظام وحول ملامح الأدب في الحقبة السورية الجديدة، يقول حمور "في مرحلة ما بعد سقوط النظام، الأدب لا يجب أن يكون مرآة فقط. بل عليه أن يكون مشرطا، وعدسة، وبوصلة". ولذا فإن الموضوعات التي يشعر حمور أنها بحاجة لمعالجتها أدبيا خلال هذه المرحلة هي: العدالة الفردية والمجتمعية بعد الطغيان: لا كخطاب قانوني، بل كهاجس وجودي. الأنوثة المعذبة في ظل الثورة والاستبداد معا. ذاكرة المعتقلين والمنكسرين نفسيا ، لا أولئك الذين يظهرون في الشاشات، بل من عادوا من الجحيم بصمت ولم يجدوا من يصغي. مأزق المنفى والعودة: هل نكتب من الخارج عن الداخل؟ أم نكتب من الداخل عن الذات الموزعة على الحدود؟ وعن سبب اختياره لهذه الموضوعات، يقول صاحب "أبيض قانٍ" إن ما بعد سقوط النظام "لم يكن السؤال بالنسبة لي: عمّا سأكتب؟ بل من أجل من سأكتب؟ شعرت منذ اللحظة الأولى أن استعادة الإنسان السوري ككائن مركّب، هش، ممزّق، يتأرجح بين الأمل والخذلان، هي الأولوية القصوى". ويتابع حمور "إن الكتابة، بالنسبة لي، لم تكن محاولة لتوثيق اللحظة فحسب، بل لإعادة تشكيل الذاكرة الجمعية من داخلها، لا من فوقها. لذا كانت البداية مع العدالة الغائبة -تلك التي لم تتحقق لا في زمن الطغيان، ولا في لحظة التحرر الأولى. أردت أن أسأل: ماذا يحدث حين يُسقط الناس جلادهم، لكنهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع حطامهم الداخلي؟ كيف نمنع الضحية من أن تتحول إلى جلاد جديد؟". وأوضح أن روايته "الرحلة الملعونة" -التي ستصدر قريبا- تتناول توترا داخليا يجسده عبر شخصية الطبيب النفسي "آرام" بأسئلته عن العدالة والانتقام ودور الفرد زمن الانهيار، وعبر شخصية "براءة" التي تكشف جرح الأنوثة في مجتمع يفرض الصمت على النساء حتى عند تعرضهن للسحق. وأضاف حمور أن روايته القادمة "إنقاذ الموتى: أنفاس بين الأنقاض" -المقرر صدورها العام المقبل- تعود إلى لحظة مجزرة خان شيخون، لكنها تركز على ما يلي الحدث من تنفس وأحلام ومحاولات حب وسط الركام، مؤكدا أن السوريين يحتاجون لمن يفهم هشاشتهم ويعيد الاعتبار لتفاصيلهم الصغيرة المسلوبة، لا لمن يكتفي بنقل الألم. بينما يرى حلاق بأن الروائي يعيش الواقع ويختزن ما يعيشه كتجربة ، يمكن توظيفها في رواية قادمة، فإنه (الروائي) يبحث عن الحكايات الخام في بنيتها البسيطة الدالة على جوهر ما، وعليه لا يمكن التخمين بماهية الموضوعات ذات الأولوية للتناول الأدبي. فأولويات الروائي هي الإنسان بفقره وغناه، بغضبه وحلمه، بظلمه ومظلوميته، فالروائي -وفقا للحلاق- يكون "ضد" لأن إنسانيته تقتضي ذلك، ويكون "مع" لأن إنسانيته تقتضي ذلك أيضا، أما غير ذلك فهو (روائي) مؤدلج يبحث عمن يشبهه. الكتابة وفخاخ الحساسيات وفي ظل ما تشهده سوريا مؤخرا من أحداث أمنية وتوجهات سياسية تلعب على وتر الحساسيات المجتمعية في بلد غني بالتنوع العرقي والديني والثقافي، مما يزيد البلاد انقساما وتشظيا في هذه المرحلة الحرجة من عمرها، تبرز مسألة الكتابة عن هذه الحساسيات كإشكالية لا بد من إثارتها. وسط التوتر العام للوضع الطائفي والانقسام الحاصل في سوريا، سيجد الروائي نفسه أمام مهمة أخلاقية عليه أن يسير وسطها بحذر شديد. يا للأسف ما أراه من مواقف المثقفين والروائيين (الكبار) من تعصب لطوائفهم أمر مخجل في المطلق، وقد كشف الكم الكبير من الهشاشة الداخلية -عاطفيا، وأخلاقيا، وفكريا- لذا أجد من الصعوبة بمكان خروج أدب نظيف ومتوازن في هذه الفترة وحول ذلك تقول التريسي "وسط التوتر العام للوضع الطائفي والانقسام الحاصل في سوريا، سيجد الروائي نفسه أمام مهمة أخلاقية عليه أن يسير وسطها بحذر شديد. يا للأسف ما أراه من مواقف المثقفين والروائيين (الكبار) من تعصب لطوائفهم أمر مخجل في المطلق، وقد كشف الكم الكبير من الهشاشة الداخلية -عاطفيا، وأخلاقيا، وفكريا- لذا أجد من الصعوبة بمكان خروج أدب نظيف ومتوازن في هذه الفترة". وتفترض الروائية السورية أنه إذا ما مال الروائي لأبناء طائفته، وتشدّد في تحزبه لهم، فسيشوه الحقائق ويزور التاريخ عن عمد، إذ إن ذلك هو ما حصل -وفقا للتريسي- أثناء الثورة، فقد ظهرت روايات رمادية ميّعت الحقائق، وشوهت الثورة، وانتصرت لأفكار وسياسات خاطئة. بالإضافة إلى الروائيين الذين وقفوا في صف النظام وآلة التدمير والقتل. وتضيف التريسي "بالنسبة لي لن أكتب في هذا السياق، كما لم أفعل سابقا حين كتبت مدن اليمام ولمار ولعنة الكادميوم وليلاف، وكل هذه الروايات انتقدت الوضع السياسي، والاجتماعي، وعرّت النظام أولا، والدواعش، والفصائل المسلحة، والمليشيات الإيرانية والكردية، ولم أقف في رواياتي يوما بجانب أحد. ولن أفعل الآن. وفي المطلق إن فكرت بالكتابة عما يجري الآن، سأكون منصفة وحيادية، وأرى بعينيّ الاثنتين، وعقلي. لن أغلق إحداها". وهو ما يذهب إليه حمور معتبرا أن الكاتب لا يمكن أن يكون جزءا من الانقسام، ولا يمكنه في الوقت ذاته أن يتجاهله، قائلا "ما أؤمن به أن الموقع الأخلاقي للكاتب يجب أن يكون خارج الاصطفافات الضيقة -سواء كانت سياسية، طائفية، أو عرقية- وأن يكون دائما في صف الإنسان، الفرد، المعذّب، الذي لا يجد نفسه ممثَّلا لا في خطاب السلطة ولا في خطاب الجماعة. وإن هذا لا يعني الحياد، بل يعني المسافة الواعية التي تتيح للكاتب أن يرى بوضوح، وأن يكتب بصدق، دون أن يتحول إلى أداة دعائية لأي جهة، أو إلى شاهد زور يساهم في تدوير الأكاذيب". ويضيف "عندما أكتب عن الانقسام السياسي أو الطائفي، لا أكتب عنه كموقف، بل كجرح. كعطب في بنية المجتمع يجب أن نواجهه بشجاعة، لا بتخوين الآخر أو تجميل الذات، وربما أهم مثال على ذلك ما كتبته في روايتي غراب وصنمان. أكتب عن الطفل الذي ورث كراهية لا يفهمها، عن الأم التي فقدت ابنها لأنها كانت من الطائفة، وعن الخطأ عن المدن التي انقسمت جغرافيا وروحيا. أكتب لأفضح هذا الانقسام، لا لأكرّسه". ويجمع النقاد على أن السرد، سواء كان رواية أم قصة أم مدونة شخصية، أحد أهم روافد الذاكرة الجمعية للمجتمعات، فهو يشكل معالمها من خلال الأحداث والشخصيات ووجهات النظر التي يطرحها الكتاب حول حقبة تاريخية ما. ويعتبر حمور أن الذاكرة الجمعية للسوريين اليوم "محطّمة، ومتنازَع عليها، ومشوّهة. فهناك من يصرّ على أن يكتبها بالحبر الرسمي، وهناك من يريد حصرها في سردية فئوية". ويشير إلى أن دور الرواية هو المساهمة في إعادة تشكيل هذه الذاكرة، لا بفرض رواية واحدة، بل بإفساح المجال لكل الأصوات الصادقة، لكل الحكايات المهمّشة، لكل النبرات المتكسّرة التي غالبا ما يتم إسكاتها لأنها لا تتوافق مع الخطاب السائد. إذ إن الكتابة بالنسبة إليه هي فعل مقاومة مزدوج: مقاومة للسلطة حين تحاول تزوير الماضي، ومقاومة للجماعة حين تحاول احتكار الألم. مضيفا "وأنا ككاتب، لا أبحث عن تطهير نفسي من الانحياز، بل أبحث عن الانحياز للإنسان، خارج كل هوية مسبقة". ومن جهتها، ترى التريسي أن الرواية قد تحولت خلال السنوات الماضية من عمر الثورة إلى مدونة شخصية لروائيين نبتوا كالفطر في دول الشتات والداخل، معتبرة أن تجارب هؤلاء ليست فردية لا أهمية لها لكنها وثائق للتاريخ يمكن الاستفادة منها في تدوين التاريخ مستقبلا، فتلك الروايات -وفقا لتريسي- هي الذاكرة الجمعية للسوريين، وهي التاريخ الذي يجب أن يدوّن بدقة. وتوضح أنها، بحكم إقامتها في سوريا، تلتقي يوميا بأشخاص وتسمع منهم كما كبيرا من الحكايات والأحداث، معتبرة أن كتابة كل فرد لمأساته الخاصة ستجعل تدفق هذه القصص لا ينقطع، لما تحمله من قيمة تستحق التوثيق. ورغم تناولها موضوع المعتقلات في أكثر من عمل روائي، مستندة أحيانا إلى تجارب شخصية لأشخاص تعرفهم، تؤكد أن هذه القضية تحتاج إلى مزيد من الكتابات. وتشير إلى أن ابنها وثّق تجربته في الاعتقال في رواية، رغم أنه لا يطمح لأن يكون روائيا، معتبرة أن هذه التجربة بحد ذاتها تستحق أن تُروى. وتضيف التريسي أنها تتابع ما يجري في البلاد وتعبّر عن رأيها عبر المقالات، ثم تستفيد مما كتبته في صياغة تفاصيل أعمالها الروائية، مبيّنة أنها تحرص على عدم ترك عاطفتها تتحكم في مجريات الأحداث الروائية. وتلفت إلى أن الانقسام الحاصل في سوريا اليوم يمثل بدوره موضوعا مهما للكتابة الروائية، رغم حساسيته وكثرة العوائق التي قد تواجه الكاتب عند تناوله. والجدير بالذكر أن الرواية السورية قد أسهمت، خلال 14 عاما مضت وعبر عشرات الأعمال، في صياغة سرديات الثورة والمأساة، سواء داخل الوطن أو في المهاجر.

بين رواندا وكمبوديا وغزة.. 4 أفلام عالمية وثقت المجاعة والحصار
بين رواندا وكمبوديا وغزة.. 4 أفلام عالمية وثقت المجاعة والحصار

الجزيرة

timeمنذ 12 ساعات

  • الجزيرة

بين رواندا وكمبوديا وغزة.. 4 أفلام عالمية وثقت المجاعة والحصار

للسينما دور رئيسي في توثيق الكوارث الإنسانية، ليس فقط كطريقة لسرد الأحداث أو توثيقها، بل كوسيلة لتحليل التجارب وربطها بالوعي الجمعي في سياق الأزمات الإنسانية في مختلف أنحاء العالم، مثل ما يحدث اليوم في غزة. ففي مثل هذه اللحظة، تصبح العودة إلى الأفلام التي تناولت الحصار والإبادة والمجاعات، وسيلة ضرورية لفهم الحاضر من خلال أزمات الماضي. فيما يلي، نستعرض بعض الأعمال السينمائية الروائية والوثائقية، التي لا تكتفي بنقل المعاناة فحسب، بل تطرح أسئلة أخلاقية وإنسانية عن المسؤولية العالمية، وتمنح الضحايا صوتا ضد النسيان. 1- فيلم "أشباح رواندا" (Ghosts of Rwanda) يعتبر فيلم "أشباح رواندا" (Ghosts of Rwanda) الصادر سنة 2004، من أهم الوثائقيات التي تناولت الإبادة الجماعية في الدولة الواقعة في وسط أفريقيا عام 1994. تلك الجريمة التي راح ضحيتها ما يقرب من 800 ألف شخص خلال 100 يوم تقريبا. يقدم الفيلم سردا إنسانيا مؤلما للأحداث من خلال شهادات الصحفيين، والدبلوماسيين مثل الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان، و وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت ، وبعض مسؤولي الإغاثة، بالإضافة إلى شهادات بعض الناجين من المجزرة. لا يكتفي "أشباح رواندا" بعرض الجرائم، بل يفتح ملف التهاون الدولي، خاصة موقف الدول الكبرى والأمم المتحدة التي اختارت الحياد وعدم مناصرة المظلومين، حسب وجهة نظر صنّاع الوثائقي. كما يتناول الفيلم مفهوم الإبادة الجماعية التي ارتكبت ضد أقليات التوتسي على يد الهوتو، وسط تواطؤ النظام الحاكم آنذاك. خاصة أن الإبادة كانت بدعم غربي لأسباب جيوسياسية، مع تخاذل الدول الكبرى رغم علمها الكامل بما يحدث، بالإضافة إلى بعثة الأمم المتحدة التي كانت حاضرة وقتها، لكنها كانت مقيدة بتفويض محدود ولم يسمح لها بحماية شعب كامل من مجزرة جماعية. 2- فيلم "عنبر الجوع" (Hunger Ward) يرصد الفيلم الوثائقي "عنبر الجوع" (Hunger Ward) الجانب القاسي المروع من الحرب في اليمن، والمجاعة التي فتكت بالأطفال في صمت. ويعد الفيلم الجزء الثالث من "ثلاثية اللاجئين"، وقد ترشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي قصير عام 2021. إعلان تدور أحداث الوثائقي في مركزين لعلاج سوء التغذية الحاد، ويتتبع الأحداث اليومية في حياة طبيبتين يمنيتين، تحاولان إنقاذ الأطفال في ظل انهيار شبه تام للنظام الصحي. ولا يوجد بالفيلم سرد أو تعليق صوتي، لكن المهمة الأكبر للكاميرا التي تنقل المعاناة بالكامل، مع مشاهد قاسية لأجساد الأطفال الهزيلة في أحضان أمهات عاجزات. لا يكتفي "عنبر الجوع" بعرض مآسي الحرب، بل يعرض أساسها السياسي، والجهات التي تدفع من أجل استمرارها، من خلال وجهة نظر إنسانية، لا يمكن للعالم تجاهلها، ويطرح سؤالا قاسيا وهو: هل يمكن تسييس الجوع؟ 3- فيلم "مقابر بلا اسم" (Graves Without a Name) يتأمل فيلم "مقابر بلا اسم" (Graves Without a Name) للمخرج الكمبودي ريثي بان، ذاكرة الإبادة الجماعية التي حدثت في كمبوديا أثناء حكم "الخمير الحمر" ، والتي أودت بحياة ما يقرب من مليوني شخص في سبعينيات القرن الماضي. ولا يسرد الفيلم المجازر التي حدثت بصورة مباشرة، لكنه يتخذ منحى شخصيا إنسانيا، إذ يتتبع رحلة المخرج في البحث عن قبر والده المفقود، محاولا العثور على أي أثر له، في أراض متخمة بالمقابر الجماعية التي لا تحمل أي أسماء. مزج بان بين الشهادات الشخصية والمشاهد الصامتة والتأملات البصرية، ليثير تساؤلات حول الذاكرة والغفران، ومفهوم العدالة في غياب الحقائق المثبتة ولم يقدم "مقابر بلا اسم" إجابات، لكنه طرح أسئلة لا تزال شائكة حتى الآن، ووضع المشاهد في مواجهة المأساة الشخصية لإنسان يبحث عن الاعتراف بوجوده ووجود والده ليشبه الفيلم طريقة لمقاومة النسيان. 4- فيلم "حقول القتل" (The Killing Fields) يُعد "حقول القتل" (The Killing Fields) من أهم الأفلام الروائية التي تناولت جريمة الإبادة الجماعية في كمبوديا تحت حكم "الخمير الحمر"، مستندا إلى قصة حقيقية للصحافي الأميركي سيدني شونبرغ وزميله الكمبودي ديث بران، اللذين عملا على تغطية الأحداث الدامية التي دارت في كمبوديا بعد السقوط في قبضة النظام الشيوعي عام 1975. ومن خلال العلاقة القوية بين الصديقين، يعرض الفيلم أخلاقيات مهنة الصحافة، وكيف أن للحقيقة ثمنا باهظا في زمن الكذب. ويقدم "حقول القتل" تجربة بصرية تؤكد على الخوف والعزلة، وينقل المشاهد عبر المشاهد المروعة للمجازر والمجاعات التي ارتكبت داخل معسكرات "إعادة التثقيف" التي كانت تعتبر جزءا من مشروع متطرف لتحويل المجتمع إلى يوتوبيا شيوعية زراعية، لكنها في الواقع كانت أماكن لتعذيب المعتقلين جسديا ونفسيا وإجبارهم على الاعتراف بجرائم مفبركة. حصل الفيلم على 3 جوائز أوسكار، من بينها أفضل ممثل مساعد للممثل الكمبودي هاينغ إس. نور، الذي نجا فعلا من المجازر ولعب دور بران، ما أضفى على الفيلم واقعية نادرة. وتُستعاد هذه الصور في قطاع غزة اليوم، حيث يعيش المواطنون الفلسطينيون وعمال الإغاثة وأفراد الطواقم الطبية والصحافيون تحت القصف، والحصار محاولين إظهار الحقيقة، في عالم لا يتوقف عن تكرار أخطائه السابقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store