logo
بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي دور للرواية بسوريا الجديدة؟

بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي دور للرواية بسوريا الجديدة؟

الجزيرةمنذ 3 أيام
دمشق-"الرواية السورية مدعوّة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أن تؤدي وظيفة مزدوجة: التوثيق بضمير حي، والتخيل بمسؤولية. أن تكون معنية ليس فقط بما جرى، بل بما يمكن أن يكون. فالأدب، في لحظات كهذه، ليس ترفا أو ملاذا فرديا، بل ضرورة وطنية".
بهذه العبارة يصف الروائي السوري الشاب غيث حمور الدور المفترض للرواية في سوريا الجديدة بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ومثله يرى العديد من الروائيين السوريين أن للرواية دورا محوريا في هذه المرحلة الحساسة من عمر البلاد، إذ لطالما كان الأدب مرآة تعكس آلام المجتمعات وآمالها، وتوثّق تحولاتها، وتمزج بين التوثيق والتخييل لتنتج نصوصا جمالية تترك آثارها في الوجدان وتسهم في تشكيل الوعي، في حين يرى روائيون آخرون أنه لا دور للرواية في الوقت الحالي لأسباب متباينة.
ومع انفتاح الأفق السياسي والاجتماعي في سوريا الجديدة، تبدو الرواية أمام فرصة تاريخية لإعادة صياغة سرديات السوريين، واستكشاف ما لم يكتب بعد عن الثورة وما تلاها، بعيون تتطلع إلى المستقبل بقدر ما تنبش في الماضي.
دور الرواية في سوريا الجديدة
يؤكد حمور في حديث للجزيرة نت أن الرواية السورية، كما هو حال الأدب عموما، تلعب دورا محوريا في صياغة الوعي وصناعة المستقبل "ليس فقط بوصفها أداة للتعبير، بل بوصفها سجلا عميقا للتحولات، وأحيانا شهادة دامغة على الجريمة أو النسيان".
ويضيف الروائي الشاب "خلال السنوات الماضية، ومع تصاعد الاستبداد والعنف، اندفع كثير من الكتاب إلى المنافي، وهناك وُلد ما يُعرف بأدب المنفى السوري، الذي حمل في طياته وجع الوطن، ومآسي الشتات، وتفاصيل اللجوء والاقتلاع القسري".
ولكن اليوم، بعد التحولات السياسية والمجتمعية العميقة التي نشهدها، وخاصة مع انهيار قبضة النظام وبدء السوريين باستعادة بعض من صوتهم داخل البلد، فإن هذا الأدب أمام تحدٍ جديد: أن يعود من المنفى إلى الداخل، لا جغرافيا فقط، بل على مستوى الخطاب والتأثير.
ونحن بحاجة إلى تحويل "أدب المنفى" إلى "أدب وطن" أدب يتفاعل مع الواقع لا من موقع الحنين فقط، بل من موقع المساهمة في بناء رؤية جديدة لسوريا، رؤية تتجاوز السردية الرسمية الممسوخة، وتفتح بابا للمصالحة مع الذات والتاريخ والهوية.
وبينما يرى حمور أن للرواية دورا محوريا خلال هذه المرحلة فإن الروائي السوري عبد الرحمن حلاق يستبعد ذلك، مشيرا إلى أن الرواية نص أدبي يستغرق زمنا طويلا من البحث والتفكير والاحتشاد، لذا يرى أنه لا يمكن لهذا النص أن يتعامل مع الراهن بحالة انفعالية كما القصيدة أو المقالة.
وعليه لا يعتقد الحلاق أن الرواية السورية ستحقق موقعا متقدما في هذه المرحلة، فالنص الروائي -وفقا للحلاق- لا يعتمد على التوثيق وإسداء النصح، وإنما يمتلك مجموعة عوامل توافرها ليس يسيرا لتحقيق ما يمكن أن نقول عنه إنه نص إبداعي بامتياز.
ويتوقع الحلاق -في حديث للجزيرة نت- أن القارئ سيبقى أمام نصوص روائية سورية تأريخية توثيقية في معظمها، لأن "امتلاك الحكاية أمر متاح أما تحويلها إلى رواية فهذا لا يجيده إلا الراسخون بهذا المجال وهم قلة للأسف".
تهميش
ومن جهتها، تقول الروائية ابتسام التريسي في معرض إجابتها عن سؤال حول دور الرواية السورية "ما ألاحظه بعد تغيير الكادر العامل في مجال الثقافة في سوريا، أن العمل الثقافي برمته في أسوأ مرحلة له، وأن الرواية تحديدا والروائيين -خاصة الذين وقفوا بوضوح في وجه النظام السابق- يهمَّشون عن عمد لصالح كَتَبة يشبهون في نتاجهم كتبة التقارير الذين تحولوا إلى شعراء على زمن النظام الساقط".
وتضيف صاحبة "ليلاف: الثلج الجاف" أن الشعراء بدءا برأس الهرم وانتهاء بأصغر شويعر في الاتحاد والوزارة "بدؤوا باستعادة مكانتهم المفقودة بتحييد الرواية، وتهميش أسماء محددة من الروائيين".
كما أوضحت أنها لا تعمل وفق مخطط جديد يتناسب مع التحولات الراهنة، بل تواصل العمل على مشروعها الروائي عينهُ، وتؤكد أنها لن تتخلى عنه. وتشير إلى أنها قد تكتب بين الحين والآخر روايات "خارج السياق" كمحطات استراحة، لكنها تعود بعدها لإكمال مشروعها الأساسي، الذي ستتواصل معالمه في روايتها المقبلة، التي بدأت كتابتها قبل سقوط النظام، وتعدّ امتدادا لروايتها السابقة "مدن اليمام" في تناولها للثورة السورية.
وأضافت التريسي أنها لا تفكر حاليا في تناول المرحلة التي تلت "التحرير" معتبرة أن لديها مشاريع مؤجلة ومخططات روائية كافية لسنوات مقبلة. وتفضل التريث حتى تنقضي المرحلة الانتقالية وتتضح الصورة العامة، مشددة على أنها لن تحيد عن "خط النقد الاجتماعي والسياسي الذي نهجته في رواياتي عن الثورة، ولن أحول رواياتي القادمة -إن بقيت على قيد الحياة حتى ذلك الوقت- إلى بوق لسلطة ما، ولن أهادن".
الرواية ما بعد سقوط النظام
وحول ملامح الأدب في الحقبة السورية الجديدة، يقول حمور "في مرحلة ما بعد سقوط النظام، الأدب لا يجب أن يكون مرآة فقط. بل عليه أن يكون مشرطا، وعدسة، وبوصلة".
ولذا فإن الموضوعات التي يشعر حمور أنها بحاجة لمعالجتها أدبيا خلال هذه المرحلة هي:
العدالة الفردية والمجتمعية بعد الطغيان: لا كخطاب قانوني، بل كهاجس وجودي.
الأنوثة المعذبة في ظل الثورة والاستبداد معا.
ذاكرة المعتقلين والمنكسرين نفسيا ، لا أولئك الذين يظهرون في الشاشات، بل من عادوا من الجحيم بصمت ولم يجدوا من يصغي.
مأزق المنفى والعودة: هل نكتب من الخارج عن الداخل؟ أم نكتب من الداخل عن الذات الموزعة على الحدود؟
وعن سبب اختياره لهذه الموضوعات، يقول صاحب "أبيض قانٍ" إن ما بعد سقوط النظام "لم يكن السؤال بالنسبة لي: عمّا سأكتب؟ بل من أجل من سأكتب؟ شعرت منذ اللحظة الأولى أن استعادة الإنسان السوري ككائن مركّب، هش، ممزّق، يتأرجح بين الأمل والخذلان، هي الأولوية القصوى".
ويتابع حمور "إن الكتابة، بالنسبة لي، لم تكن محاولة لتوثيق اللحظة فحسب، بل لإعادة تشكيل الذاكرة الجمعية من داخلها، لا من فوقها. لذا كانت البداية مع العدالة الغائبة -تلك التي لم تتحقق لا في زمن الطغيان، ولا في لحظة التحرر الأولى. أردت أن أسأل: ماذا يحدث حين يُسقط الناس جلادهم، لكنهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع حطامهم الداخلي؟ كيف نمنع الضحية من أن تتحول إلى جلاد جديد؟".
وأوضح أن روايته "الرحلة الملعونة" -التي ستصدر قريبا- تتناول توترا داخليا يجسده عبر شخصية الطبيب النفسي "آرام" بأسئلته عن العدالة والانتقام ودور الفرد زمن الانهيار، وعبر شخصية "براءة" التي تكشف جرح الأنوثة في مجتمع يفرض الصمت على النساء حتى عند تعرضهن للسحق.
وأضاف حمور أن روايته القادمة "إنقاذ الموتى: أنفاس بين الأنقاض" -المقرر صدورها العام المقبل- تعود إلى لحظة مجزرة خان شيخون، لكنها تركز على ما يلي الحدث من تنفس وأحلام ومحاولات حب وسط الركام، مؤكدا أن السوريين يحتاجون لمن يفهم هشاشتهم ويعيد الاعتبار لتفاصيلهم الصغيرة المسلوبة، لا لمن يكتفي بنقل الألم.
بينما يرى حلاق بأن الروائي يعيش الواقع ويختزن ما يعيشه كتجربة ، يمكن توظيفها في رواية قادمة، فإنه (الروائي) يبحث عن الحكايات الخام في بنيتها البسيطة الدالة على جوهر ما، وعليه لا يمكن التخمين بماهية الموضوعات ذات الأولوية للتناول الأدبي. فأولويات الروائي هي الإنسان بفقره وغناه، بغضبه وحلمه، بظلمه ومظلوميته، فالروائي -وفقا للحلاق- يكون "ضد" لأن إنسانيته تقتضي ذلك، ويكون "مع" لأن إنسانيته تقتضي ذلك أيضا، أما غير ذلك فهو (روائي) مؤدلج يبحث عمن يشبهه.
الكتابة وفخاخ الحساسيات
وفي ظل ما تشهده سوريا مؤخرا من أحداث أمنية وتوجهات سياسية تلعب على وتر الحساسيات المجتمعية في بلد غني بالتنوع العرقي والديني والثقافي، مما يزيد البلاد انقساما وتشظيا في هذه المرحلة الحرجة من عمرها، تبرز مسألة الكتابة عن هذه الحساسيات كإشكالية لا بد من إثارتها.
وسط التوتر العام للوضع الطائفي والانقسام الحاصل في سوريا، سيجد الروائي نفسه أمام مهمة أخلاقية عليه أن يسير وسطها بحذر شديد. يا للأسف ما أراه من مواقف المثقفين والروائيين (الكبار) من تعصب لطوائفهم أمر مخجل في المطلق، وقد كشف الكم الكبير من الهشاشة الداخلية -عاطفيا، وأخلاقيا، وفكريا- لذا أجد من الصعوبة بمكان خروج أدب نظيف ومتوازن في هذه الفترة
وحول ذلك تقول التريسي "وسط التوتر العام للوضع الطائفي والانقسام الحاصل في سوريا، سيجد الروائي نفسه أمام مهمة أخلاقية عليه أن يسير وسطها بحذر شديد. يا للأسف ما أراه من مواقف المثقفين والروائيين (الكبار) من تعصب لطوائفهم أمر مخجل في المطلق، وقد كشف الكم الكبير من الهشاشة الداخلية -عاطفيا، وأخلاقيا، وفكريا- لذا أجد من الصعوبة بمكان خروج أدب نظيف ومتوازن في هذه الفترة".
وتفترض الروائية السورية أنه إذا ما مال الروائي لأبناء طائفته، وتشدّد في تحزبه لهم، فسيشوه الحقائق ويزور التاريخ عن عمد، إذ إن ذلك هو ما حصل -وفقا للتريسي- أثناء الثورة، فقد ظهرت روايات رمادية ميّعت الحقائق، وشوهت الثورة، وانتصرت لأفكار وسياسات خاطئة. بالإضافة إلى الروائيين الذين وقفوا في صف النظام وآلة التدمير والقتل.
وتضيف التريسي "بالنسبة لي لن أكتب في هذا السياق، كما لم أفعل سابقا حين كتبت مدن اليمام ولمار ولعنة الكادميوم وليلاف، وكل هذه الروايات انتقدت الوضع السياسي، والاجتماعي، وعرّت النظام أولا، والدواعش، والفصائل المسلحة، والمليشيات الإيرانية والكردية، ولم أقف في رواياتي يوما بجانب أحد. ولن أفعل الآن. وفي المطلق إن فكرت بالكتابة عما يجري الآن، سأكون منصفة وحيادية، وأرى بعينيّ الاثنتين، وعقلي. لن أغلق إحداها".
وهو ما يذهب إليه حمور معتبرا أن الكاتب لا يمكن أن يكون جزءا من الانقسام، ولا يمكنه في الوقت ذاته أن يتجاهله، قائلا "ما أؤمن به أن الموقع الأخلاقي للكاتب يجب أن يكون خارج الاصطفافات الضيقة -سواء كانت سياسية، طائفية، أو عرقية- وأن يكون دائما في صف الإنسان، الفرد، المعذّب، الذي لا يجد نفسه ممثَّلا لا في خطاب السلطة ولا في خطاب الجماعة. وإن هذا لا يعني الحياد، بل يعني المسافة الواعية التي تتيح للكاتب أن يرى بوضوح، وأن يكتب بصدق، دون أن يتحول إلى أداة دعائية لأي جهة، أو إلى شاهد زور يساهم في تدوير الأكاذيب".
ويضيف "عندما أكتب عن الانقسام السياسي أو الطائفي، لا أكتب عنه كموقف، بل كجرح. كعطب في بنية المجتمع يجب أن نواجهه بشجاعة، لا بتخوين الآخر أو تجميل الذات، وربما أهم مثال على ذلك ما كتبته في روايتي غراب وصنمان. أكتب عن الطفل الذي ورث كراهية لا يفهمها، عن الأم التي فقدت ابنها لأنها كانت من الطائفة، وعن الخطأ عن المدن التي انقسمت جغرافيا وروحيا. أكتب لأفضح هذا الانقسام، لا لأكرّسه".
ويجمع النقاد على أن السرد، سواء كان رواية أم قصة أم مدونة شخصية، أحد أهم روافد الذاكرة الجمعية للمجتمعات، فهو يشكل معالمها من خلال الأحداث والشخصيات ووجهات النظر التي يطرحها الكتاب حول حقبة تاريخية ما.
ويعتبر حمور أن الذاكرة الجمعية للسوريين اليوم "محطّمة، ومتنازَع عليها، ومشوّهة. فهناك من يصرّ على أن يكتبها بالحبر الرسمي، وهناك من يريد حصرها في سردية فئوية".
ويشير إلى أن دور الرواية هو المساهمة في إعادة تشكيل هذه الذاكرة، لا بفرض رواية واحدة، بل بإفساح المجال لكل الأصوات الصادقة، لكل الحكايات المهمّشة، لكل النبرات المتكسّرة التي غالبا ما يتم إسكاتها لأنها لا تتوافق مع الخطاب السائد.
إذ إن الكتابة بالنسبة إليه هي فعل مقاومة مزدوج: مقاومة للسلطة حين تحاول تزوير الماضي، ومقاومة للجماعة حين تحاول احتكار الألم. مضيفا "وأنا ككاتب، لا أبحث عن تطهير نفسي من الانحياز، بل أبحث عن الانحياز للإنسان، خارج كل هوية مسبقة".
ومن جهتها، ترى التريسي أن الرواية قد تحولت خلال السنوات الماضية من عمر الثورة إلى مدونة شخصية لروائيين نبتوا كالفطر في دول الشتات والداخل، معتبرة أن تجارب هؤلاء ليست فردية لا أهمية لها لكنها وثائق للتاريخ يمكن الاستفادة منها في تدوين التاريخ مستقبلا، فتلك الروايات -وفقا لتريسي- هي الذاكرة الجمعية للسوريين، وهي التاريخ الذي يجب أن يدوّن بدقة.
وتوضح أنها، بحكم إقامتها في سوريا، تلتقي يوميا بأشخاص وتسمع منهم كما كبيرا من الحكايات والأحداث، معتبرة أن كتابة كل فرد لمأساته الخاصة ستجعل تدفق هذه القصص لا ينقطع، لما تحمله من قيمة تستحق التوثيق.
ورغم تناولها موضوع المعتقلات في أكثر من عمل روائي، مستندة أحيانا إلى تجارب شخصية لأشخاص تعرفهم، تؤكد أن هذه القضية تحتاج إلى مزيد من الكتابات. وتشير إلى أن ابنها وثّق تجربته في الاعتقال في رواية، رغم أنه لا يطمح لأن يكون روائيا، معتبرة أن هذه التجربة بحد ذاتها تستحق أن تُروى.
وتضيف التريسي أنها تتابع ما يجري في البلاد وتعبّر عن رأيها عبر المقالات، ثم تستفيد مما كتبته في صياغة تفاصيل أعمالها الروائية، مبيّنة أنها تحرص على عدم ترك عاطفتها تتحكم في مجريات الأحداث الروائية. وتلفت إلى أن الانقسام الحاصل في سوريا اليوم يمثل بدوره موضوعا مهما للكتابة الروائية، رغم حساسيته وكثرة العوائق التي قد تواجه الكاتب عند تناوله.
والجدير بالذكر أن الرواية السورية قد أسهمت، خلال 14 عاما مضت وعبر عشرات الأعمال، في صياغة سرديات الثورة والمأساة، سواء داخل الوطن أو في المهاجر.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"شاعر البيت الأبيض".. عندما يفتخر جو بايدن بأصوله الأيرلندية
"شاعر البيت الأبيض".. عندما يفتخر جو بايدن بأصوله الأيرلندية

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

"شاعر البيت الأبيض".. عندما يفتخر جو بايدن بأصوله الأيرلندية

واشنطن – كان الرئيس الأميركي السابق جو بايدن طوال حياته السياسية كثير الاستشهاد في خطاباته وتصريحاته بالشعراء الأيرلنديين وعلى رأسهم شيمس هيني (1939-2013)، خاصة عندما يكون موضوع الحديث متصلا بتحديات كبرى أو بأحداث مؤلمة من الحاضر أو الماضي. وبعد عام على رحيل هيني، لم يضيع بايدن الفرصة وهو يخاطب أكثر من 3 آلاف مشارك في منتدى دولي حول المستقبل بمدينة مراكش بالمغرب، للاستشهاد بشاعره المفضل وتحديدا بأبيات من قصيدة له عن "تناغم الأمل والتاريخ". وانبرى بايدن في تلك المدينة المغربية العريقة للدفاع عن شغفه بشعراء ذلك البلد الأوربي قائلا: "لطالما سخروا مني لأنني دائما ما أقتبس من الشعراء الأيرلنديين. يظنون أنني أفعل ذلك لأني أيرلندي. ليس هذا هو السبب. أفعل ذلك لأنهم أفضل شعراء العالم". وفعلا، فقد تحول هوس الرئيس بايدن بالشعراء الأيرلنديين إلى موضوع للسخرية والتندر في محيطه السياسي والإعلامي والعائلي وأصبح المكلفون بكتابة خطبه يستبقون الأمر في بعض الأحيان ويطعّمون خطاباته بأبيات شعرية لهذا الشاعر الأيرلندي أو ذاك. وفي حفل في البيت الأبيض، كان الرئيس باراك أوباما يلقي كلمة بمناسبة منح جو بايدن وسام الحرية، وقال مازحا إنه سيستشهد بأبيات للشاعر الأيرلندي وليام بتلر ييتس (1865-1939) لأنه يعرف أن شيمس هيني من اختصاص بايدن. وعندما أخد بايدن الكلمة لم يخيب توقعات الحاضرين الذين كانوا يتطلعون إلى استشهاده بشاعره المفضل شيمس هيني، ولم يجد بدا من تحديهم بطريقة لطيفة قائلا "إذا كان لديكم من يعبر بشكل أحسن عما أريد قوله، فأتوا به". أما المفاجئ في تلك المناسبة فهو أن بايدن لم يستحضر أبياته المفضلة عن "الأمل والتاريخ" ولكن اختار في معرض إشادته بتواضع أوباما أبياتا من قصيدة بعنوان "من جمهورية الضمير" جاء فيها: لقد حملت عبئك الخاص وسرعان ما تلاشت عنك مظاهر الامتياز الطاغي. وقبل ذلك بسنوات، علقت آشلي بايدن على قرار باراك أوباما تعيين والدها لمنصب نائب الرئيس، قائلة إن "أبي هذا هو الأمل والتاريخ"، فرد عليها بايدن بالروح الساخرة نفسها: "رائع. هو (أوباما) الأمل، وأنا التاريخ". ومثّل ذلك البيت زبدة قصيدة بعنوان "العلاج في طروادة" نظمها شيمس هيني عام 1991 على خلفية الصراع السياسي والمذهبي في أيرلندا والذي تحول إلى مسلسل طويل من العنف المسلح. يقول التاريخ: لا تأملوا على هذا الجانب من القبر.. ولكن، مرة واحدة في العمر يمكن أن تتحقق العدالة التي طال انتظارها، ويتناغم الأمل والتاريخ. ومن فرط إعجابه بها، سجّل بايدن تلك القصيدة بصوته ونشرها على أكثر من منصة رقمية بينها يوتيوب وحصدت مئات آلاف المشاهدات، وهو رقم محترم من وجهة نظر ثقافية صرفة، ولا تصح مقارنته بملايين المشاهدات لفيديوهات بايدن وهو يسقط من فوق دراجته أو يتعثر في هذا الملتقى أو ذاك. وظل بايدن يستشهد بأبيات من تلك القصيدة في كل مناسبة يكون موضوعها عن تحديات الحاضر أو المستقبل في هذا السياق أو ذلك، أو عن مشاعر الانتقام وحلم العدالة، والحاجة إلى الأمل. وفي تعليقه على مضامين تلك القصيدة ومعانيها، قال بايدن مرات عدة إن تلك الأفكار تنعكس في "مشاعر وقلوب الغالبية العظمى من الشعب الأميركي". وتجد تلك الأبيات صدى كبيرا في حياة بايدن الشخصية والسياسية، إذ إن الرجل عاش لحظات صعبة عندما توفيت زوجته الشابة وابنته في حادث سير عام 1972، وخطف السرطان ابنه بُو عام 2015 بعد صراع طويل معه. وعلى الصعيد السياسي، فإن حلمه بدخول البيت الأبيض لم يتحقق له إلا عام 2020 وهو على مشارف الثمانين حولا رغم أنه خاض سباق الرئاسة مرات عديدة وكان متفرغا بالكامل للعمل السياسي منذ أن انتخب للكونغرس عام 1972 وهو في سن الـ29. وتعود علاقة بايدن بالشعراء الأيرلنديين إلى مرحلة مبكرة من حياته، ففي سن المراهقة كان يحفظ عن ظهر قلب أبياتا من أشعار وليام بتلر ييتس (نوبل 1923) وهو يحاول التغلب على التأتأة (التلعثم)، إذ كان يقف أمام المرآة ويردد تلك الأبيات وغيرها، محاولا ألّا تتشنج عضلات وجهه. ويعتبر شيمس هيني ووليام بتلر ييتس من أكبر الشعراء الأيرلنديين على الإطلاق وهما ضمن 4 كتّاب من ذلك البلد الأوروبي حصلوا على جائزة نوبل للآداب منهم صامويل بيكيت (1969) وجورج برنادر شو (1925). وإذا بحثنا في علاقات بعض الرؤساء الأميركيين بالشعر، فإن بايدن لم يكن أول المعجبين بالشعراء الأيرلنديين. فقد كان سلفه الديمقراطي بيل كلينتون المعروف بثقافته الواسعة، خاصة في مجال التاريخ، من المعجبين أيضا بالشعر الأيرلندي. وخلال زيارته إلى أيرلندا الشمالية عام 1995 بعد أسابيع قليلة على فوز هيني بجائزة نوبل، لم يجد كلينتون بدا من الاستشهاد ببيت "الأمل والتاريخ"، في معرض جهوده لتحقيق السلم في البلاد. وقال كلينتون لمخاطبيه الأيرلنديين: "لا أستطيع أن أقول ذلك بشكل أفضل مما قاله شاعركم الحائز جائزة نوبل، شيمس هيني: نحن نعيش في لحظة يتناغم فيها الأمل والتاريخ". وفي عام 2013 كتب بيل كلينتون وزوجته هيلاري في نعي الشاعر الراحل: "إن عقله وقلبه وموهبته اللغوية الفريدة جعلته شاعرنا الأبرز في إيقاعات الحياة اليومية، وصوتا قويا من أجل السلام. وكان صديقا عزيزا ووفيا. لقد أحببناه وسنفتقده". وفي المناسبة نفسها قال عنه ناشر مؤلفاته في لندن إنه "أحد أعظم كُتّاب العالم وإن أثره في الثقافة الأدبية لا يُمكن حصره". وقبل كلينتون وبايدن بعقود طويلة، كان على رأس البيت الأبيض رئيس ذو أصل أيرلندي بدوره هو جون ف. كينيدي الذي كان معروفا بأن قارئ نهم ومتذوق للشعر ومتميز في إلقائه. وعندما زار أرضي أجداده في يونيو/حزيران عام 1963 لم تخل رحلته من روح شعرية واستشهد في خاتمة كلمته أمام البرلمان بشاعر "أيرلندي عظيم" لم يسمه فقال "إنني أؤمن إيمانا عميقا بمستقبل أيرلندا… وأن هذه الجزيرة هي جزيرة القدر، وأن هذا القدر سيكون مجيدا… وأنه عندما تأتي ساعتنا، سيكون لدينا ما نقدمه للعالم". وتعليقا على تلك الزيارة التاريخية، قال جون كينيدي إنها "أفضل 4 أيام في حياتي". وبعد ذلك بأشهر قليلة، حانت ساعته وكتب له القدر نهاية بطعم التراجيديا على بعد آلاف الأميال من أرض أسلافه.

زوجة الشهيد أنس الشريف للجزيرة نت: قلبي يتآكل.. من يعيده إليّ؟
زوجة الشهيد أنس الشريف للجزيرة نت: قلبي يتآكل.. من يعيده إليّ؟

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

زوجة الشهيد أنس الشريف للجزيرة نت: قلبي يتآكل.. من يعيده إليّ؟

غزة – تسلل أنس في قلب الليل بلا موعد مسبق حيث رُكنه الآمن في آخر جمعة وآخر اجتماع، زيارة مفاجئة بعد غياب لأكثر من شهر، باغت فيها زوجته التي وجدته أمامها بذراعيه المُشرعتين كأنهما العالم بأسره، حسب تعبيرها. على غير العادة هرول إلى طفليه وأصر على إيقاظهما، ثم حمل كل واحد منهما بين يديه، يقذفه في الهواء ثم يتلقّفه ويحتضنه بقوة، يدور بهما مرارا كأنما يُخزّن من ضحكاتهما ما يكفيه للغياب القادم. تنقّل أنس بين الأرائك وتمدد على الأرض، ثم استلقى على السرير فاتحا ذراعيه، كان جسده مرهقا، لكن لأول مرة يُفصح عن ذلك، "تحدثنا طويلا، كانت ملامحه تشي بإنهاك لم أره منه قط، لأول مرة يعبّر عن شوقه لراحة ولعيشة بسيطة خالية من القلق والتهديد"، تقول زوجته بيان. اللقاء الأخير لأول مرة أنس بلا هواتف ولا مقاطعات ولا أخبار عاجلة، لا يحمل شيئا سوى مشاعره التي يحوم بها في أرجاء البيت كفراشة تنثر دفئها بين الغرف، وفي عينيه سكون عميق، وفي حضنه وداع مكنون، وبينما هو كذلك علا صوت داخل بيان "هل هو اللقاء الأخير؟" لكنها خنقته، وأقنعت نفسها بأنه الشوق، لا الوداع. بعد ساعات همّ أنس بالمغادرة، كل خطوة كان يبتعد فيها عنها كانت تشعر كأن سكينا ينغرس في قلبها، وحين بلغ الباب، التفت إليها وقال مبتسما "موعدنا يوم ميلادك، راجع وفي يدي هدية لك"، ضحكت بيان على استحياء فهي تعلم أنه كان يصنع من مناسباتها طقسا مقدسا، وشيعته بنظراتها حتى اختفى. مر يومان على هذا اللقاء حتى جاء يوم ميلادها في 14 أغسطس/آب الجاري على هيئة يوم عزاء، لم يأتِ فيه أنس بهديته، بل عاد محمولا على الأكتاف بلا صوت ولا هدية ولا مفاجأة ولا عناق. دقيقةٌ واحدة فقط هي المهلة التي مُنحت لبيان كي تودع حبيبها وداعا أخيرا، صاحت فيهم "افتحوا الكفن أريد أن أرى وجهه وأقبل وجنتيه"، لكن من حولها رفضوا، فأنس "بلا عينين"، تجهش بالبكاء وهي تتحسسه من فوق الكفن، "جسده بارد، لحمه طري". إعلان دقيقةٌ واحدة لم تتمكن فيها إلا من أن تهمس في أذنه سؤالا واحدا "أين وعدك لي بأن نموت معا كي لا يتحسر أحدنا على الآخر؟ لم نتفق على هذا يا حبيبي، ألم تعدني بالرجوع يوم ميلادي؟!"، همست بيان بعتبها، ثم رفعوه من أمامها وحملوه لمثواه الأخير. التقت الجزيرة نت بيان الشريف زوجة الصحفي الشهيد مراسل قناة الجزيرة أنس الشريف في يوم ميلادها، الذي صار له تأريخ جديد بوصفه يوم عزاء لأغلى من تملك، جلست أمامنا بجسد منهك وعينين متورمتين ورأس مائل يُثقله الوجع، لم تأتِ الهدية، بل جاء الوداع قاسيا ومباغتا كالموت نفسه. هوس الفقد "رح نكسر ظهرك بزوجتك وأطفالك يا أنس، لقد عرفنا مكانهم وسنقتلهم"، كان هذا الشكل الجديد للتهديد الأخير الذي تلقاه أنس في اتصال من جيش الاحتلال الإسرائيلي، عاش بعده هوس الفقد كما تقول زوجته، حيث طلب منها مغادرة المنزل بشكل فوري، فقد بدا التهديد بقتل عائلته مباشرا وجادا. قلقٌ حمله أنس حتى الرمق الأخير، فقبل الغارة بخمس دقائق، هاتفها وقد كان في صوته شجن خفي لكنه بادٍ لها، "مش عارف أقعد يا بيان خايف عليكم، أهرب للتغطية لكن عقلي مشغول بكم"، ثم باغتها بطلبه "عليكم أن تغادروا غزة لجنوب القطاع، إذا وضعت الحواجز بين الشمال والجنوب، لن تمري بسلام، سيبتزونني بكم والموت أهون عليّ من ذلك". لكن ككل مرة رفضت بيان رفضا قاطعا طلبه، "يمكنني فعل أي شيء إلا أن أبتعد عنك، انزع الفكرة من رأسك". خمس دقائق فاصلة بين إغلاقها الهاتف والغارة، حاول فيها أنس عبثا إقناع زوجته بالخروج إلى وسط القطاع تحسبا لأي هجوم بري على مدينة غزة ، محاولات لم تجد نفعا مع بيان التي كانت قد رفضت مسبقا عدة فرص لخروجها من القطاع. "ما سبب رفضك المتكرر للخروج؟"، سألناها، فأجابت باستنكار "أنس كل حياتي، كيف أحرمه من رؤية أبنائه في هذه الظروف إن اشتاق لهم، وقد كانت رؤيتهم بالنسبة إليه متنفسا؟ كيف سأهنأ بالبعد خارج القطاع وأتركه يعيش بؤس الحرب على الأرصفة والشوارع وحده؟". وُلد بطل القصة أنس الشريف في 3 ديسمبر/كانون الأول 1996، لأسرة من 7 إخوة كان أصغرهم، تزوج قبل 5 أعوام ولديه طفلان، شام ابنته الكبرى (5 أعوام) وقد كان لها النصيب الأوفر من الحب والدلال حتى إنه جعلها مبتدأ الوصية التي كتبها قبيل استشهاده، "لقد عاش ومات وهو يوصيني بها"، تقول بيان. أما طفله الثاني صلاح فهو وليدُ الحرب وعمره عام ونصف العام، بدأ مؤخرا بالتعرف على وجه أبيه والتعلق به، وبدأ لفظ "بابا" يتدحرج على شفتيه حتى انتزعه الموت من حجره ليغدو وحيدا قبل أن يتنعم بدلاله، تقول بيان "لو أردت عدّ الأيام التي اجتمع فيها أنس بصلاح فلن تتم نصف الشهر"، أما اليوم وبعد فقده فلا مُهدّئ له حين يلح بالنداء على أبيه سوى صورهما معا، ومقاطع أنس المصورة التي يسمع فيها صوته ثم يسكن بعدها. شام وأنس خلال مقابلتنا، دخلت طفلته شام بوجه غابت عنه الابتسامة، ارتمت في حضن أمها بذهول وملامح متجمدة، تقول بيان إنها أصرت على الذهاب إلى خيمة والدها للبحث عنه، فلم تجدها ولم تجده، سألت عنه، فأجابتها بيان "في الجنة مع جدّك"، لتمسك الهاتف وتبدأ بالإلحاح على أمها تريد سماع صوته. قالت لها والدتها "بابا تعبان يا ماما، لم يأخذ معه هواتفه إلى هناك حتى يستريح"، يبدو أن الرواية لم تكن مقنعة لشام تماما كعدم اقتناعها بأن من دخل إليهم محمولا حين الوداع هو والدها؛ فهي لم ترَ وجهه، غير أنها علقت حينها "بابا له قدمان ويستطيع المشي". تضيف بيان "كانت شام تسأل أنس دوما لماذا لا تعيش معنا، فيجيبها بأن الاحتلال يريد قتله، فتعانقه وتمسح وجهه بكفيها وتقول له لا تخف يا بابا لن يقتلوك". درس أنس تخصص الإذاعة والتلفزيون في جامعة الأقصى، ثم عمل بعدها مصورا حرا، كان يرى في عدسته نافذة لفضح جرائم الاحتلال بحق أبناء شعبه، ومع بدء العدوان على غزة، بدأ بالعمل بشكل تدريجي في قناة الجزيرة حتى صار مراسلها في القطاع. كان قرار الانضمام لطاقم الجزيرة بمثابة تحدٍ لأنس، دفعته إليه زوجته التي كانت تراه قادرا على إيصال الصورة وتغطية الأحداث بشكل أمثل، تقول بيان "حتى قبل انضمام أنس للجزيرة كان صاحب رسالة مفعما بالحيوية، طموحا ومخلصا وعنيدا لا يخاف، وبعدها رأى أن الله قد منحه منبرا ليكون صوت المظلومين، وعليه أن يبلي فيه بلاء حسنا". وحين بدأت التهديدات تنهال عليه، كانت بيان تعينه على قلقه، "بحذر وبلا مخاطرة يا أنس، وتذكّر أننا بحاجة إليك دوما وعائلتك"، فيجيبها "الله الحامي، ولن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا". "زوجك مفخرة" 22 شهرا عاشت فيها بيان القلق والاشتياق والبعد والخوف والحاجة مع طفليها وأب حاضر غائب، "كل ما كنت ألقاه من ضغط نفسي كان يتلاشى بلقائه وقربه وكلماته التي تهوّن عليّ ما أجد، كان هو دافعي للاستمرار والصبر"، تصمت وعيناها ترمقان المكان "لمن تركني الآن؟ من أين سأستمد قوتي يا أنس؟". وبينما لم يكن يفصل بين أنس وعائلته سوى عدة دقائق وشارعين، كان اجتماعه بهم محدودا، فقد كان يخشى أن يؤذيهم بقربه وأن يُغتال وهم معه، لكن مكالماته مع أبنائه لم تكن تنقطع، "كنت أشعر بالقهر.. وأسأله دوما متى سنجتمع بأمان تحت سقف واحد بلا تهديد أو مطاردة أو استراق الوقت؟" تقول بيان. وبينما يبدو وصف "رجل كامل" مبالغا فيه لدى الكثيرين، تجده بيان أقل وصف يستحقه أنس، وتؤكد "كان مثاليا معي ومع أمه وأطفاله وأسرته، والله ما بنلاقي (لن نجد) مثله". قبل 5 أيام، باغت أنس زوجته برسالة حملت وصايا كثيرة، كان أولها ألا تبكي عليه حين يرحل، ومنها أن تهتم بتعليم أطفالهما وأن تربيهما كما كان يحب، وأن تكمل دراسة الوسائط المتعددة التي اختارها لها، كما أوصاها بأمه وبالقرب منها، وختم وصيته "لقد أثبت غيابي عنكِ الفترة الماضية اقتدارك وقوتك، أنا أعتمد عليك يا بيان". لم يكن يهمها ما يقول بقدر ما كان يخنقها الشعور، "لا تتحدث معي هكذا أرجوك، فليمدد الله في عمرك أو لنمت معا". في عزاء أنس، تلتف أمهات الشهداء حول والدته، ومن مدخل سرادق العزاء تتساءل زوجات الشهداء عن مكان زوجته وهنّ لا يعرفنها، الناس هنا سواسية في دهس الفقد الذي مرّ بقلوبهن، تحكي كلّ واحدة منهن قصتها، فيهون على الواحدة منهن مصابها، لكن في قصة أنس كانت المواساة الجامعة، "ارفعي رأسك، زوجك مفخرة، تعب كثيرا وآن له أن يرتاح". وبينما هن كذلك، تحدق بيان في الساعة وتتسمر عيناها على صورته التي على شاشة هاتفها، تميلُ برأسها عليّ وأنا واحدة من الفاقدات القدامى، "أشعر أنه سيباغتني باتصال أو زيارة ليُكذّب ما يقولونه"، تعدل جلستها وتتمتم "قلبي يتآكل.. من يعيده إليّ؟".

بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي دور للرواية بسوريا الجديدة؟
بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي دور للرواية بسوريا الجديدة؟

الجزيرة

timeمنذ 3 أيام

  • الجزيرة

بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي دور للرواية بسوريا الجديدة؟

دمشق-"الرواية السورية مدعوّة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى أن تؤدي وظيفة مزدوجة: التوثيق بضمير حي، والتخيل بمسؤولية. أن تكون معنية ليس فقط بما جرى، بل بما يمكن أن يكون. فالأدب، في لحظات كهذه، ليس ترفا أو ملاذا فرديا، بل ضرورة وطنية". بهذه العبارة يصف الروائي السوري الشاب غيث حمور الدور المفترض للرواية في سوريا الجديدة بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي. ومثله يرى العديد من الروائيين السوريين أن للرواية دورا محوريا في هذه المرحلة الحساسة من عمر البلاد، إذ لطالما كان الأدب مرآة تعكس آلام المجتمعات وآمالها، وتوثّق تحولاتها، وتمزج بين التوثيق والتخييل لتنتج نصوصا جمالية تترك آثارها في الوجدان وتسهم في تشكيل الوعي، في حين يرى روائيون آخرون أنه لا دور للرواية في الوقت الحالي لأسباب متباينة. ومع انفتاح الأفق السياسي والاجتماعي في سوريا الجديدة، تبدو الرواية أمام فرصة تاريخية لإعادة صياغة سرديات السوريين، واستكشاف ما لم يكتب بعد عن الثورة وما تلاها، بعيون تتطلع إلى المستقبل بقدر ما تنبش في الماضي. دور الرواية في سوريا الجديدة يؤكد حمور في حديث للجزيرة نت أن الرواية السورية، كما هو حال الأدب عموما، تلعب دورا محوريا في صياغة الوعي وصناعة المستقبل "ليس فقط بوصفها أداة للتعبير، بل بوصفها سجلا عميقا للتحولات، وأحيانا شهادة دامغة على الجريمة أو النسيان". ويضيف الروائي الشاب "خلال السنوات الماضية، ومع تصاعد الاستبداد والعنف، اندفع كثير من الكتاب إلى المنافي، وهناك وُلد ما يُعرف بأدب المنفى السوري، الذي حمل في طياته وجع الوطن، ومآسي الشتات، وتفاصيل اللجوء والاقتلاع القسري". ولكن اليوم، بعد التحولات السياسية والمجتمعية العميقة التي نشهدها، وخاصة مع انهيار قبضة النظام وبدء السوريين باستعادة بعض من صوتهم داخل البلد، فإن هذا الأدب أمام تحدٍ جديد: أن يعود من المنفى إلى الداخل، لا جغرافيا فقط، بل على مستوى الخطاب والتأثير. ونحن بحاجة إلى تحويل "أدب المنفى" إلى "أدب وطن" أدب يتفاعل مع الواقع لا من موقع الحنين فقط، بل من موقع المساهمة في بناء رؤية جديدة لسوريا، رؤية تتجاوز السردية الرسمية الممسوخة، وتفتح بابا للمصالحة مع الذات والتاريخ والهوية. وبينما يرى حمور أن للرواية دورا محوريا خلال هذه المرحلة فإن الروائي السوري عبد الرحمن حلاق يستبعد ذلك، مشيرا إلى أن الرواية نص أدبي يستغرق زمنا طويلا من البحث والتفكير والاحتشاد، لذا يرى أنه لا يمكن لهذا النص أن يتعامل مع الراهن بحالة انفعالية كما القصيدة أو المقالة. وعليه لا يعتقد الحلاق أن الرواية السورية ستحقق موقعا متقدما في هذه المرحلة، فالنص الروائي -وفقا للحلاق- لا يعتمد على التوثيق وإسداء النصح، وإنما يمتلك مجموعة عوامل توافرها ليس يسيرا لتحقيق ما يمكن أن نقول عنه إنه نص إبداعي بامتياز. ويتوقع الحلاق -في حديث للجزيرة نت- أن القارئ سيبقى أمام نصوص روائية سورية تأريخية توثيقية في معظمها، لأن "امتلاك الحكاية أمر متاح أما تحويلها إلى رواية فهذا لا يجيده إلا الراسخون بهذا المجال وهم قلة للأسف". تهميش ومن جهتها، تقول الروائية ابتسام التريسي في معرض إجابتها عن سؤال حول دور الرواية السورية "ما ألاحظه بعد تغيير الكادر العامل في مجال الثقافة في سوريا، أن العمل الثقافي برمته في أسوأ مرحلة له، وأن الرواية تحديدا والروائيين -خاصة الذين وقفوا بوضوح في وجه النظام السابق- يهمَّشون عن عمد لصالح كَتَبة يشبهون في نتاجهم كتبة التقارير الذين تحولوا إلى شعراء على زمن النظام الساقط". وتضيف صاحبة "ليلاف: الثلج الجاف" أن الشعراء بدءا برأس الهرم وانتهاء بأصغر شويعر في الاتحاد والوزارة "بدؤوا باستعادة مكانتهم المفقودة بتحييد الرواية، وتهميش أسماء محددة من الروائيين". كما أوضحت أنها لا تعمل وفق مخطط جديد يتناسب مع التحولات الراهنة، بل تواصل العمل على مشروعها الروائي عينهُ، وتؤكد أنها لن تتخلى عنه. وتشير إلى أنها قد تكتب بين الحين والآخر روايات "خارج السياق" كمحطات استراحة، لكنها تعود بعدها لإكمال مشروعها الأساسي، الذي ستتواصل معالمه في روايتها المقبلة، التي بدأت كتابتها قبل سقوط النظام، وتعدّ امتدادا لروايتها السابقة "مدن اليمام" في تناولها للثورة السورية. وأضافت التريسي أنها لا تفكر حاليا في تناول المرحلة التي تلت "التحرير" معتبرة أن لديها مشاريع مؤجلة ومخططات روائية كافية لسنوات مقبلة. وتفضل التريث حتى تنقضي المرحلة الانتقالية وتتضح الصورة العامة، مشددة على أنها لن تحيد عن "خط النقد الاجتماعي والسياسي الذي نهجته في رواياتي عن الثورة، ولن أحول رواياتي القادمة -إن بقيت على قيد الحياة حتى ذلك الوقت- إلى بوق لسلطة ما، ولن أهادن". الرواية ما بعد سقوط النظام وحول ملامح الأدب في الحقبة السورية الجديدة، يقول حمور "في مرحلة ما بعد سقوط النظام، الأدب لا يجب أن يكون مرآة فقط. بل عليه أن يكون مشرطا، وعدسة، وبوصلة". ولذا فإن الموضوعات التي يشعر حمور أنها بحاجة لمعالجتها أدبيا خلال هذه المرحلة هي: العدالة الفردية والمجتمعية بعد الطغيان: لا كخطاب قانوني، بل كهاجس وجودي. الأنوثة المعذبة في ظل الثورة والاستبداد معا. ذاكرة المعتقلين والمنكسرين نفسيا ، لا أولئك الذين يظهرون في الشاشات، بل من عادوا من الجحيم بصمت ولم يجدوا من يصغي. مأزق المنفى والعودة: هل نكتب من الخارج عن الداخل؟ أم نكتب من الداخل عن الذات الموزعة على الحدود؟ وعن سبب اختياره لهذه الموضوعات، يقول صاحب "أبيض قانٍ" إن ما بعد سقوط النظام "لم يكن السؤال بالنسبة لي: عمّا سأكتب؟ بل من أجل من سأكتب؟ شعرت منذ اللحظة الأولى أن استعادة الإنسان السوري ككائن مركّب، هش، ممزّق، يتأرجح بين الأمل والخذلان، هي الأولوية القصوى". ويتابع حمور "إن الكتابة، بالنسبة لي، لم تكن محاولة لتوثيق اللحظة فحسب، بل لإعادة تشكيل الذاكرة الجمعية من داخلها، لا من فوقها. لذا كانت البداية مع العدالة الغائبة -تلك التي لم تتحقق لا في زمن الطغيان، ولا في لحظة التحرر الأولى. أردت أن أسأل: ماذا يحدث حين يُسقط الناس جلادهم، لكنهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع حطامهم الداخلي؟ كيف نمنع الضحية من أن تتحول إلى جلاد جديد؟". وأوضح أن روايته "الرحلة الملعونة" -التي ستصدر قريبا- تتناول توترا داخليا يجسده عبر شخصية الطبيب النفسي "آرام" بأسئلته عن العدالة والانتقام ودور الفرد زمن الانهيار، وعبر شخصية "براءة" التي تكشف جرح الأنوثة في مجتمع يفرض الصمت على النساء حتى عند تعرضهن للسحق. وأضاف حمور أن روايته القادمة "إنقاذ الموتى: أنفاس بين الأنقاض" -المقرر صدورها العام المقبل- تعود إلى لحظة مجزرة خان شيخون، لكنها تركز على ما يلي الحدث من تنفس وأحلام ومحاولات حب وسط الركام، مؤكدا أن السوريين يحتاجون لمن يفهم هشاشتهم ويعيد الاعتبار لتفاصيلهم الصغيرة المسلوبة، لا لمن يكتفي بنقل الألم. بينما يرى حلاق بأن الروائي يعيش الواقع ويختزن ما يعيشه كتجربة ، يمكن توظيفها في رواية قادمة، فإنه (الروائي) يبحث عن الحكايات الخام في بنيتها البسيطة الدالة على جوهر ما، وعليه لا يمكن التخمين بماهية الموضوعات ذات الأولوية للتناول الأدبي. فأولويات الروائي هي الإنسان بفقره وغناه، بغضبه وحلمه، بظلمه ومظلوميته، فالروائي -وفقا للحلاق- يكون "ضد" لأن إنسانيته تقتضي ذلك، ويكون "مع" لأن إنسانيته تقتضي ذلك أيضا، أما غير ذلك فهو (روائي) مؤدلج يبحث عمن يشبهه. الكتابة وفخاخ الحساسيات وفي ظل ما تشهده سوريا مؤخرا من أحداث أمنية وتوجهات سياسية تلعب على وتر الحساسيات المجتمعية في بلد غني بالتنوع العرقي والديني والثقافي، مما يزيد البلاد انقساما وتشظيا في هذه المرحلة الحرجة من عمرها، تبرز مسألة الكتابة عن هذه الحساسيات كإشكالية لا بد من إثارتها. وسط التوتر العام للوضع الطائفي والانقسام الحاصل في سوريا، سيجد الروائي نفسه أمام مهمة أخلاقية عليه أن يسير وسطها بحذر شديد. يا للأسف ما أراه من مواقف المثقفين والروائيين (الكبار) من تعصب لطوائفهم أمر مخجل في المطلق، وقد كشف الكم الكبير من الهشاشة الداخلية -عاطفيا، وأخلاقيا، وفكريا- لذا أجد من الصعوبة بمكان خروج أدب نظيف ومتوازن في هذه الفترة وحول ذلك تقول التريسي "وسط التوتر العام للوضع الطائفي والانقسام الحاصل في سوريا، سيجد الروائي نفسه أمام مهمة أخلاقية عليه أن يسير وسطها بحذر شديد. يا للأسف ما أراه من مواقف المثقفين والروائيين (الكبار) من تعصب لطوائفهم أمر مخجل في المطلق، وقد كشف الكم الكبير من الهشاشة الداخلية -عاطفيا، وأخلاقيا، وفكريا- لذا أجد من الصعوبة بمكان خروج أدب نظيف ومتوازن في هذه الفترة". وتفترض الروائية السورية أنه إذا ما مال الروائي لأبناء طائفته، وتشدّد في تحزبه لهم، فسيشوه الحقائق ويزور التاريخ عن عمد، إذ إن ذلك هو ما حصل -وفقا للتريسي- أثناء الثورة، فقد ظهرت روايات رمادية ميّعت الحقائق، وشوهت الثورة، وانتصرت لأفكار وسياسات خاطئة. بالإضافة إلى الروائيين الذين وقفوا في صف النظام وآلة التدمير والقتل. وتضيف التريسي "بالنسبة لي لن أكتب في هذا السياق، كما لم أفعل سابقا حين كتبت مدن اليمام ولمار ولعنة الكادميوم وليلاف، وكل هذه الروايات انتقدت الوضع السياسي، والاجتماعي، وعرّت النظام أولا، والدواعش، والفصائل المسلحة، والمليشيات الإيرانية والكردية، ولم أقف في رواياتي يوما بجانب أحد. ولن أفعل الآن. وفي المطلق إن فكرت بالكتابة عما يجري الآن، سأكون منصفة وحيادية، وأرى بعينيّ الاثنتين، وعقلي. لن أغلق إحداها". وهو ما يذهب إليه حمور معتبرا أن الكاتب لا يمكن أن يكون جزءا من الانقسام، ولا يمكنه في الوقت ذاته أن يتجاهله، قائلا "ما أؤمن به أن الموقع الأخلاقي للكاتب يجب أن يكون خارج الاصطفافات الضيقة -سواء كانت سياسية، طائفية، أو عرقية- وأن يكون دائما في صف الإنسان، الفرد، المعذّب، الذي لا يجد نفسه ممثَّلا لا في خطاب السلطة ولا في خطاب الجماعة. وإن هذا لا يعني الحياد، بل يعني المسافة الواعية التي تتيح للكاتب أن يرى بوضوح، وأن يكتب بصدق، دون أن يتحول إلى أداة دعائية لأي جهة، أو إلى شاهد زور يساهم في تدوير الأكاذيب". ويضيف "عندما أكتب عن الانقسام السياسي أو الطائفي، لا أكتب عنه كموقف، بل كجرح. كعطب في بنية المجتمع يجب أن نواجهه بشجاعة، لا بتخوين الآخر أو تجميل الذات، وربما أهم مثال على ذلك ما كتبته في روايتي غراب وصنمان. أكتب عن الطفل الذي ورث كراهية لا يفهمها، عن الأم التي فقدت ابنها لأنها كانت من الطائفة، وعن الخطأ عن المدن التي انقسمت جغرافيا وروحيا. أكتب لأفضح هذا الانقسام، لا لأكرّسه". ويجمع النقاد على أن السرد، سواء كان رواية أم قصة أم مدونة شخصية، أحد أهم روافد الذاكرة الجمعية للمجتمعات، فهو يشكل معالمها من خلال الأحداث والشخصيات ووجهات النظر التي يطرحها الكتاب حول حقبة تاريخية ما. ويعتبر حمور أن الذاكرة الجمعية للسوريين اليوم "محطّمة، ومتنازَع عليها، ومشوّهة. فهناك من يصرّ على أن يكتبها بالحبر الرسمي، وهناك من يريد حصرها في سردية فئوية". ويشير إلى أن دور الرواية هو المساهمة في إعادة تشكيل هذه الذاكرة، لا بفرض رواية واحدة، بل بإفساح المجال لكل الأصوات الصادقة، لكل الحكايات المهمّشة، لكل النبرات المتكسّرة التي غالبا ما يتم إسكاتها لأنها لا تتوافق مع الخطاب السائد. إذ إن الكتابة بالنسبة إليه هي فعل مقاومة مزدوج: مقاومة للسلطة حين تحاول تزوير الماضي، ومقاومة للجماعة حين تحاول احتكار الألم. مضيفا "وأنا ككاتب، لا أبحث عن تطهير نفسي من الانحياز، بل أبحث عن الانحياز للإنسان، خارج كل هوية مسبقة". ومن جهتها، ترى التريسي أن الرواية قد تحولت خلال السنوات الماضية من عمر الثورة إلى مدونة شخصية لروائيين نبتوا كالفطر في دول الشتات والداخل، معتبرة أن تجارب هؤلاء ليست فردية لا أهمية لها لكنها وثائق للتاريخ يمكن الاستفادة منها في تدوين التاريخ مستقبلا، فتلك الروايات -وفقا لتريسي- هي الذاكرة الجمعية للسوريين، وهي التاريخ الذي يجب أن يدوّن بدقة. وتوضح أنها، بحكم إقامتها في سوريا، تلتقي يوميا بأشخاص وتسمع منهم كما كبيرا من الحكايات والأحداث، معتبرة أن كتابة كل فرد لمأساته الخاصة ستجعل تدفق هذه القصص لا ينقطع، لما تحمله من قيمة تستحق التوثيق. ورغم تناولها موضوع المعتقلات في أكثر من عمل روائي، مستندة أحيانا إلى تجارب شخصية لأشخاص تعرفهم، تؤكد أن هذه القضية تحتاج إلى مزيد من الكتابات. وتشير إلى أن ابنها وثّق تجربته في الاعتقال في رواية، رغم أنه لا يطمح لأن يكون روائيا، معتبرة أن هذه التجربة بحد ذاتها تستحق أن تُروى. وتضيف التريسي أنها تتابع ما يجري في البلاد وتعبّر عن رأيها عبر المقالات، ثم تستفيد مما كتبته في صياغة تفاصيل أعمالها الروائية، مبيّنة أنها تحرص على عدم ترك عاطفتها تتحكم في مجريات الأحداث الروائية. وتلفت إلى أن الانقسام الحاصل في سوريا اليوم يمثل بدوره موضوعا مهما للكتابة الروائية، رغم حساسيته وكثرة العوائق التي قد تواجه الكاتب عند تناوله. والجدير بالذكر أن الرواية السورية قد أسهمت، خلال 14 عاما مضت وعبر عشرات الأعمال، في صياغة سرديات الثورة والمأساة، سواء داخل الوطن أو في المهاجر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store