
هل يعيد الذكاء الاصطناعي صياغة قواعد صناعة الموسيقى؟
لم يعد الـ AI مجرد أداة مساعدة في التحرير أو التوزيع، بل أصبح لاعباً مؤثراً في عملية التأليف نفسها، ما أثار تساؤلات قانونية وأخلاقية حول حقوق الملكية وحدود الابتكار التكنولوجي.
هذا التحول الجذري دفع أطرافاً تقليدية وحديثة إلى طاولة المفاوضات، حيث تتشابك المصالح الفنية والاقتصادية في محاولة لصياغة قواعد جديدة للّعبة.
وفي ظل غياب إطار تنظيمي واضح، تتنامى المخاوف من أن تؤدي طفرات التكنولوجيا إلى طمس معالم الأصالة، ما لم يتم التوصل إلى صيغة تضمن التوازن بين حماية الإبداع البشري واستثمار القدرات الهائلة للذكاء الاصطناعي.
في هذا السياق، يشير تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن شركات الموسيقى الكبرى تتفاوض حالياً على اتفاقيات ترخيص مع شركتين ناشئتين في مجال الذكاء الاصطناعي ، في خطوة قد تُشكّل سابقة جديدة في طريقة استخدام الأغاني ودفع حقوق الفنانين مقابل "الريمكسات" التي تُنتَج بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وفقاً لمصادر مطلعة على المفاوضات، تسعى شركات مثل Universal Music Group وWarner Music Group و Sony Music Group إلى الحصول على تعويض مالي من شركتي Suno وUdio عند استخدام موسيقى الفنانين الذين تمثلهم لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي أو لإنتاج موسيقى جديدة.
ولتحديد ما يجب دفعه من حقوق للفنانين وشركات الإنتاج، تطالب هذه الشركات الناشئة بتطوير تقنيات تتبع وبصمة رقمية مشابهة لنظام Content ID التابع ليوتيوب، بهدف مراقبة متى وكيف تُستخدم الأغاني.
كما تطالب شركات الموسيقى بأن يكون لها دور فاعل في المنتجات الموسيقية التي تُصدرها شركات الذكاء الاصطناعي، بما يشمل المشاركة في قرارات تطوير المنتجات وطريقة عملها.
هذه الشركات تمثل كبار الفنانين مثل تايلور سويفت ودرايك وإد شيران.
وبحسب تقرير الصحيفة، تعكس هذه المفاوضات الجهود التي تبذلها شركات الإنتاج الموسيقي، على غرار استوديوهات الأفلام ودور النشر، لحماية حقوقها من التهديدات المحتملة لتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مع السعي أيضاً لخلق مصادر دخل جديدة.
وكانت جمعية صناعة التسجيلات الأميركية (RIAA) قد رفعت دعوى قضائية في يونيو الماضي ضد Suno وUdio، متهمةً الشركتين بانتهاك حقوق النشر للفنانين وشركات الإنتاج.
وردّت Suno بأنها تبتكر محتوى جديدًا ولا تقوم بنسخ الموسيقى الموجودة، بينما قالت Udio إن هدفها من التدريب هو فهم الأفكار الموسيقية العامة التي لا يملكها أحد، وأن لديها فلاتر تمنع النموذج من إعادة إنتاج الأعمال المحمية بحقوق النشر أو أصوات الفنانين.
والآن، يسعى الطرفان، الشركات الكبرى والشركات الناشئة، إلى التوصل لاتفاقات ترخيص في ظل بيئة تنظيمية غير واضحة وضغوط من المستثمرين لتطوير أطر تجارية تتيح استخدام الموسيقى في منتجات الذكاء الاصطناعي.
تطور الـ AI
من جانبه، يقول العضو المنتدب لشركة "أي دي تي" للاستشارات والنظم التكنولوجية، محمد سعيد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن:
تطور الذكاء الاصطناعي في صناعة الموسيقى قلب الموازين بشكل غير مسبوق، ولم يعد مجرد أداة مساعدة في الإنتاج أو التوزيع، بل أصبح شريكاً فعلياً في عملية التأليف والإبداع أيضاً.
شركات كبرى مثل "يونيفرسال" و"وارنر" و"سوني" بدأت تفاوض شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة بشأن ترخيص استخدام الأعمال الموسيقية لتدريب النماذج التوليدية الجديدة، بهدف ضمان حصول العلامات التجارية والفنانين على عائدات عادلة مقابل استغلال موسيقاهم في هذه المنصات الذكية، التي باتت قادرة على إنتاج موسيقى جديدة أو تقليد أساليب فنانين حقيقيين بدقة كبيرة.
ويشير إلى أن الفرص المتاحة في هذا المجال ضخمة، إذ يفتح الذكاء الاصطناعي الباب أمام موجة إبداعية جديدة، تتيح للملحنين والمنتجين تجربة أنماط موسيقية مبتكرة والوصول إلى جماهير أوسع من خلال أدوات التخصيص الذكية، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن منصات البث الموسيقي مثل "Spotify" و"Apple Music" تعتمد على خوارزميات متقدمة لتحليل تفضيلات الجمهور وتقديم توصيات موسيقية مخصصة، في حين أصبحت أدوات التحرير والمزج الذكية تتيح للفنانين المستقلين إنتاج أعمالهم بجودة عالية وبتكلفة أقل.
ويؤكد أن الذكاء الاصطناعي أصبح أيضاً قادراً على إنتاج موسيقى تفاعلية تتغير بحسب مزاج المستمع أو حتى حالة الطقس والوقت، ما يمثل تحولاً كبيراً في تجربة الاستماع.
لكن، بحسب سعيد، فإن هذا الزخم يصاحبه عدد من التحديات الجوهرية، أبرزها مسألة حقوق الملكية الفكرية ، متسائلًا: "من يملك العمل الموسيقي الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي؟ وما نصيب الفنان الأصلي إذا تم تدريب النموذج على أعماله دون إذنه؟". وعبر عن قلق كثير من الفنانين من تقليد أصواتهم أو أساليبهم دون موافقة أو تعويض عادل.
ويضيف: هناك أيضاً تحديات تتعلق بالأصالة والتمييز بين العمل البشري والعمل الاصطناعي، إلى جانب التحديات التقنية المرتبطة بتكلفة تطوير أو شراء أدوات الذكاء الاصطناعي، ومخاطر التحيز في الخوارزميات، وانتهاك خصوصية المستخدمين بسبب جمع وتحليل البيانات.
وينبه سعيد إلى أن:
سوق الموسيقى تشهد بالفعل تحولات جذرية، حيث تم إصدار عدد هائل من الأغاني باستخدام الذكاء الاصطناعي خلال عام واحد فقط محققm مليارات من عمليات التشغيل وهو ما يجعل الموسيقى الذكية منافساً حقيقياً للموسيقى التقليدية.
إبداع الذكاء الاصطناعي لا يلغي الإبداع البشري لكنه يعيد رسم الحدود بين الإنسان والآلة.
الشركات التي تستطيع التكيف مع هذه التغيرات وتوازن بين حمايه حقوق الفنانين واستغلال الفرص التقنية ستكون الأكثر استفاده في السوق الجديدة، أما من يتجاهل هذه التحولات فسيجد نفسه خارج المشهد أسرع مما يتوقع.
60 مليون مستخدم
ويشار إلى أن تطبيقات الموسيقى المدعومة بالذكاء الاصطناعي جذبت ما مجموعه 60 مليون مستخدم العام الماضي، وفقاً للدراسة السنوية لصناعة الموسيقى الإلكترونية التي أعدها مارك مولليغان ومؤسسة MIDiA Research، بحسب منصة edm.
تُبرز البيانات ارتفاعًا في استخدام أدوات تعديل الصوت، حيث برز تعديل الإيقاع (التمبو) كأكثر خاصية مطلوبة. كما شملت الميزات الأخرى إنشاء أغانٍ تُغنّى بصوت المستخدم ذاته، بل واستبدال غناء فنان بآخر.
يعكس هذا الاتجاه تنامي رغبة الجماهير في المشاركة بعملية الإبداع الموسيقي، بدلًا من الاكتفاء بالاستماع السلبي.
ورغم التحذيرات المتشائمة بشأن الذكاء الاصطناعي، شهدت صناعة الموسيقى الإلكترونية نموًا بنسبة 6 بالمئة على أساس سنوي في عام 2024، لتصل قيمتها السوقية عالميًا إلى 12.9 مليار دولار.
وقال مولليغان: "واصلت إيرادات صناعة الموسيقى العالمية النمو في عام 2024، وإن كان بوتيرة أبطأ مقارنة بعام 2023، بسبب تباطؤ نمو إيرادات البث المباشر وتراجع تأثير انتعاش الحفلات بعد جائحة كورونا. ومع ذلك، واصلت الموسيقى الإلكترونية زيادة حصتها من الإيرادات والثقافة على حد سواء".
وإلى ذلك، يوضح رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets، جو يرق، في تصريحات خاصة لموقع لموقع اقتصاد سكاي نيوز عربية قائلا :
إن دخول الذكاء الاصطناعي إلى صناعة الموسيقى يشكّل تحولًا كبيرًا مشابهًا لما أحدثه في الصناعات الأخرى، حيث بات يفتح آفاقًا جديدة ويخلق مصادر دخل متعددة.
"الذكاء الاصطناعي في المجال الموسيقي يمكّن من ترخيص استخدام الأعمال الموسيقية، بل ويُستخدم في تدريب النماذج الذكية، مما يُمثّل دخلًا إضافيًا للفنانين والمنتجين".
شركات كبرى بدأت تفاوض للحصول على حقوق استخدام هذه التقنيات، ما يفتح بابًا واسعًا للعوائد التجارية.
الـ AI يُسهم أيضًا في عمليات تنظيم الأغاني ,توزيعها ,تسجيلها، وتقليل تكاليف الإنتاج، مع الحفاظ على جودة عالية ورفع الكفاءة.
ويتابع: "مع تطور الذكاء الاصطناعي، أصبحت جودة الأغاني المصنّعة أفضل، ويمكن توليد موسيقى تتماشى مع العصر وتفضيلات الجمهور". كما يشدد على أهمية تحليلات البيانات لفهم آراء المستمعين وتفضيلاتهم الموسيقية، مما يساعد في إنتاج موسيقى تلامس أذواقهم.
لكن، بحسب يرق، يبرز هنا تحدٍ جوهري مرتبط بحقوق الملكية الفكرية، حيث لا تزال هناك فجوات قانونية وتنظيمية في حماية أعمال الفنانين من التعدي أو التزوير، خاصة مع إمكانية استخدام صوت فنان لتركيب أغنية لفنان آخر، مما يطرح إشكالات أخلاقية وقانونية.
ويختتم حديثهقائلًا: "الذكاء الاصطناعي يوفّر فرصًا كبيرة، لكنه أيضًا قد يُسهم في حالة من عدم الاستقرار في حال غياب الضوابط. التحدي الأساسي يتمثل في كيفية تحقيق التوازن بين الابتكار من جهة، وضمان حقوق الملكية وحماية الفنانين من جهة أخرى".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 31 دقائق
- صحيفة الخليج
توقيف خابي لام في أحد مطارات أمريكا لهذا السبب
لوس أنجلوس ـ (أ ف ب) أوقفت شرطة الهجرة والجمارك الأمريكية لوقت وجيز نجم «تيك توك» السنغالي الإيطالي خابي لام الذي يحظى حسابه بأكبر عدد من المتابعين في العالم، وأوضحت أنها أذنت له بـ«المغادرة الطوعية» من الولايات المتحدة بعد تجاوز إقامته فيها مدة صلاحية تأشيرته. وأعلنت شرطة الهجرة والجمارك في بيان أنها «أوقفت المواطن الإيطالي لام البالغ 25 عاماً في 6 يونيو/حزيران في مطار هاري ريد الدولي في لاس فيغاس بولاية نيفادا، لمخالفته قوانين الهجرة». 162 مليون متابع وأضاف البيان أن لام دخل الولايات المتحدة في 30 إبريل/نيسان و«تجاوز مدة صلاحية تأشيرته». وأفاد بأن إذناً بـ«المغادرة الطوعية أُعطيَ في 6 يونيو/حزيران» للام، مشيراً إلى أن المؤثر الإيطالي السنغالي الأصل الذي يبلغ عدد متابعيه على تيك توك 162,2 مليون، وهو الأكبر على هذه المنصة، «غادر الولايات المتحدة» بعد حصوله على الإذن. وحتى ظهر السبت، لم ينشر لام أي تعليق على الحادثة. ونفّذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الفائت وعوده الانتخابية بتشديد ضوابط الهجرة وبشنّ حملة ترحيل جماعي من الولايات المتحدة، طُعن في بعض جوانبها أمام المحاكم الأمريكية. من هو خابي لام؟ واشتهر لام الذي عُيّن سفيراً لليونيسيف في نهاية يناير/كانون الثاني، بمقاطع الفيديو القصيرة والصامتة التي يسخر فيها من البرامج التعليمية والنصائح التي تعقّد المهمات البسيطة وتنتشر بكثرة على الإنترنت. ويقدّم لام في مقاطعه حلولاً سهلة لما تعقّده هذه البرامج التعليمية، معبّراً عن استغرابه بحركة رفع راحتَي يديه نحو السماء، مصحوبة بابتسامة بالمعنى نفسه وبعينين واسعتين تَشِيان أيضاً بالدهشة. وخطرت فكرة دخول عالم «تيك توك» للام عندما كان محتاراً في أمره في المسكن الشعبي لعائلته في تشيفاسو قرب تورينو (شمال إيطاليا)، بعدما فقد وظيفته كميكانيكي في أحد المصانع في مارس/آذار 2020، مع بداية جائحة كوفيد. ولقيَت مقاطع الفيديو التي ينشرها نجاحاً كبيراً، ما أتاح له تحقيق مدخول كبير، إذ كسب مثلاً 16,5 مليون دولار من عقود تعاون مع شركات بين يونيو/ حزيران 2022 وسبتمبر/أيلول 2023، وفق تقديرات مجلة «فوربس».


البيان
منذ 33 دقائق
- البيان
ميتا تبحث استثماراً يتجاوز 10 مليارات دولار في سكيل إيه.آي
ذكرت وكالة بلومبرغ نيوز اليوم الأحد أن شركة ميتا بلاتفورمز تجري محادثات بشأن استثمار قد يتجاوز 10 مليارات دولار في شركة سكيل إيه.آي الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي.


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
اللكمات تتطاير في البيت الأبيض.. ماسك وبيسنت يتشاجران أمام أنظار ترامب
ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، نقلاً عن ستيف بانون، المدون اليميني المؤثر والمستشار السياسي السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت ورجل الأعمال إيلون ماسك، الذي كان حتى وقت قريب مسؤولا عن إدارة الكفاءة الحكومية الأمريكية، تبادلا اللكمات في البيت الأبيض في أبريل الماضي. ووفقا للصحيفة، "تسببت تكتيكات ماسك الوحشية، ونقص الحنكة السياسية، والخلافات الأيديولوجية مع قاعدة -اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى- في تدهور علاقته بكبار مسؤولي الإدارة، وفي النهاية مع الرئيس". ومع ذلك، "على الرغم من التوتر، انحاز ترامب ونائب رئيس موظفيه، ستيفن ميلر، إلى جانب ماسك". وفي 2 أبريل الماضي، عندما طرح ترامب "الرسوم الجمركية التي تهدف إلى إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي، لجأ ماسك إلى منصة إكس للتعبير عن استيائه من الرسوم"، بينما "في الخاص، قدم ماسك نداءات شخصية لترامب لعكس الرسوم الجمركية. ولم يمتثل ترامب، ولم يتراجع إلا بعد أيام من انخفاض حاد في أسواق السندات". وفي منتصف أبريل، أدت الخلافات حول تفضيلاتهما لمفوض دائرة الإيرادات الداخلية بالإنابة إلى تبادل اللكمات بين ماسك وبيسنت. وبعد أن غادرا المكتب البيضاوي، حيث دعم ترامب اختيار بيسنت، بدأ الرجلان في تبادل الإهانات، حيث دفع ماسك كتفه في قفص بيسنت الصدري، ورد بيسنت بضربه ووصفه بأنه "محتال". ووفقا لبانون، تدخل عدة أشخاص لفض الشجار. وفي وقت لاحق، علق ترامب على الحادث، قائلا إن "هذا كثير جدا".