
أسعار النفط في منحى هبوطي وسط تحديات جيوسياسية واقتصادية
تشهد أسعار النفط خلال الفترة الراهنة توجهاً واضحاً نحو الانخفاض، مدفوعةً بتطورات عدة على الساحة الدولية، أبرزها مؤشرات التقارب بين الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية. هذا التقارب قد يُفضي إلى رفع العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، ما يعني عودة محتملة للنفط الإيراني إلى الأسواق العالمية، وهو ما يشكّل عاملاً ضاغطاً إضافياً على الأسعار.
إلى جانب ذلك، تُثار التوقعات حول انخراط فنزويلا مجدّداً في سوق النفط العالمية، على الرغم من استمرار العقوبات المفروضة عليها.
إنّ عودة الإنتاج من هذه الدول المنتجة ستساهم، بلا شك، في تعزيز فائض المعروض في الأسواق، ما يؤدي إلى استمرار الضغط على الأسعار.
وفي ظل هذه المعطيات، أصبح من الصعب التكهن بقدرة أسعار النفط على الوصول مجدداً إلى مستوى 70 دولاراً للبرميل، حيث تتراوح الأسعار حالياً ما بين 62 و65 دولاراً. يأتي هذا في وقت بدأت فيه دول «أوبك» منذ الشهر الماضي في زيادة إنتاجها تدريجياً، في محاولة منها للحفاظ على حصصها السوقية في وجه المنافسة المتصاعدة.
هذا الوضع قد يدفع الطلب العالمي على النفط إلى النمو في ظل الأسعار المنخفضة، ما يُعد أمراً إيجابياً للدول المستهلكة، إذ ان مستوى 70 دولاراً أو دونه يُعتبر مناسباً لها. لكنه في المقابل لا يُرضي منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، نظراً لارتفاع كلفة الإنتاج لديهم، وهو ما يمنح دول «أوبك» مجالاً أوسع لاستعادة جزء من حصتها في السوق.
ومع ذلك، فإن هذا المستوى السعري لا يخدم مصالح ميزانيات الدول المنتجة للنفط، والتي قد تُضطر إلى اللجوء للمصارف الدولية لتمويل عجزها، ما يعني اقتراضاً بفوائد مرتفعة وزيادة في أعبائها المالية. كما أن انخفاض أسعار النفط يؤدي إلى تراجع قيمة أصول الاستثمارات النفطية، التي كانت تُقيَّم سابقاً على أساس سعر يتجاوز 80 دولاراً للبرميل.
ومن التحديات المستقبلية التي قد تزيد من تخمة المعروض، ما يُتوقع من زيادة في الإنتاج من كندا والصين بما يصل إلى 1.4 مليون برميل يومياً، بالإضافة إلى استمرار الإنتاج الأميركي عند مستوى يفوق 13.3 مليون برميل يومياً، وهو الأعلى عالمياً.
في هذا السياق، يثار التساؤل حول غياب ملف النفط عن قمة الرياض الأخيرة التي جمعت قادة مجلس التعاون الخليجي والرئيس الأميركي. ويبدو أن التوجه العام اتجه نحو ترك الأسواق العالمية تُحدد الأسعار بحرية، دون تدخلات أو سياسات تحكم الإنتاج، ما يتعارض مع أهداف منظمة أوبك في الحفاظ على توازن السوق واستقرار الأسعار.
الدول المنتجة للنفط بحاجة إلى سعر توازني للبرميل يمكنها من تغطية نفقاتها السنوية وتمويل استثماراتها. فالسعر الحالي عند مستوى 64 دولاراً لا يُعتبر كافياً، في حين أن الدول المنتجة بحاجة إلى نطاق سعري يتراوح ما بين 90 إلى 120 دولاراً للبرميل لتحقيق توازن مالي. أما السعر المثالي الذي يُرضي المستهلكين ولا يُسبب ضغوطاً تضخمية أو ركوداً اقتصادياً، فيُقدر ما بين 75 إلى 80 دولاراً للبرميل.
وعليه، فإن ترك موضوع النفط لحركة السوق العالمية، يُمثّل خياراً محفوفاً بالمخاطر، خصوصاً في ظل إصرار الولايات المتحدة على إبقاء أسعار النفط منخفضة، بالرغم من معارضة بعض المنتجين الأميركيين الذين يفضّلون سعراً أعلى من 75 دولاراً للبرميل.
الحل الأمثل يكمن في عودة زمام المبادرة إلى منظمة «أوبك بلس»، من خلال إدارة الإنتاج بما يتوافق مع مستويات العرض والطلب العالمي. فالسعر الحالي لا يُغطي كلفة الاستثمارات التي تحتاجها الدول المنتجة لضمان استمرارية الإنتاج وتلبية الطلب المستقبلي في جميع مراحله من الاستكشاف والإنتاج إلى النقل والتكرير والتسويق.
الطلب العالمي، بدوره، بحاجة إلى «هزّة» تدفعه إلى الارتفاع، بما يُعيد التوازن إلى السوق ويُسهم في تحقيق نطاق سعري عادل. ويتوقع أن تبدأ بوادر هذا التوازن في الظهور قبل نهاية العام الحالي.
كاتب ومحلل نفطي مستقل
[email protected]

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجريدة
منذ 6 ساعات
- الجريدة
تباين العملات المشفرة مع ارتفاع تدفقات صناديق البتكوين المتداولة
تباينت العملات المشفرة خلال تعاملات، اليوم، وسط تفاؤل بمستقبل القطاع نتيجة زيادة استثمارات الشركات الأميركية، وارتفاع التدفقات النقدية إلى صناديق البتكوين المتداولة إلى مستوى قياسي جديد. وانخفضت البتكوين بنسبة 0.35 في المئة إلى 106273 دولاراً. وفي حين ارتفعت ثاني أكبر العملات المشفرة من حيث القيمة السوقية الإيثيريوم بنسبة 1.55 في المئة إلى 2527.4 دولاراً، تراجعت الريبل بنسبة 0.45 في المئة عند حوالي 2.3449 دولار. وتبلغ القيمة السوقية العالمية للعملات المشفرة 3.35 تريليونات دولار، فيما ارتفع إجمالي حجم التداولات خلال الـ 24 ساعة الماضية بنسبة 0.35 في المئة إلى 127.25 مليار دولار، وفقاً لبيانات «كوين ماركت كاب». وبحسب ما نقلت بورصة «باينانس»، تجاوزت التدفقات الصافية إلى صناديق البتكوين المتداولة في الولايات المتحدة نحو 42.746 مليار دولار، وهو ما يمثل مستوى قياسياً جديداً. كما أعلنت «بلاكستون» ضخ أول استثماراتها في العملات المشفرة، عبر الاستحواذ على أسهم في صندوق البتكوين المتداول «آي شيرز بتكوين تراست» التابع لـ «بلاك روك» بقيمة تزيد قليلاً على مليون دولار. وأكد كبير المطورين في شركة OTS Capital علي عسكر، أن تنظيم العملات الرقمية، وتحديداً العملات المستقرة (Stablecoins)، سيؤدي دوراً كبيراً في تعزيز الثقة وانتشارها. وقال عسكر مقابلة مع «العربية Business»، إن هذه العملات أخذت تتبوأ مكانة مشابهة لشركات التكنولوجيا المالية (FinTech) والمصارف في عمليات الدفع والتحويل. وبمجرد دمجها في النظام المالي الرسمي، ستزداد الثقة بها، مما يسهل بدوره دخول المستثمرين إلى العملات الرقمية الأخرى مثل البتكوين، ويُضفي شرعية على سوق العملات الرقمية الذي كان يُنظر إليه سابقًا بنوع من «عدم القانونية». البتكوين والعملات المستقرة وأشار إلى أنه في الوقت الراهن، لن يُغير هذا التنظيم من الفلسفة الأساسية لعرض النقد، لأن معظم العملات المستقرة مدعومة بعملات ورقية رئيسية مثل الدولار الأميركي أو مشتقاته. وأوضح أن هذه العملات تعمل كـ«رمز» (Token) مرتبط بالأصل الورقي الصادر عن البنوك المركزية، ما يعني أنها لا تُغير من جوهر النقد نفسه، رغم إمكانية حدوث تغييرات في المستقبل. هدوء يسبق «العاصفة» ولفت إلى وجود هدوء عام في سوق العملات الرقمية، الذي يعكس الهدوء في الأسواق الكلية. غير أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في التدفقات إلى صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) الخاصة بالبتكوين، إضافة إلى ارتفاع هائل في عقود الفائدة المفتوحة (Open Interest) على مشتقات البتكوين، التي بلغت حوالي 72 مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ العملات المشفرة. وتوقع أن يؤدي هذا الارتفاع في عقود الفائدة المفتوحة إلى مرحلة جديدة من التقلبات الهائلة (Volatility) في الأيام أو الأسابيع المقبلة. وأن أي حركة سعرية صغيرة، سواء صعوداً أو نزولاً، ستؤدي إلى «محاولات تصفية» للمراكز، مما يدفع الأسعار بشكل حاد في اتجاه واحد. سلوك «الجيل Z» يغذي تقلبات سوق البتكوين وذكر أن سوق العملات الرقمية، وخاصة البتكوين، يتأثر بشكل كبير بـ«السوشيال ميديا» وسلوك الجيل Z، الذي يميل أكثر إلى «المقامرة» وقابلية عالية للمخاطرة مقارنة بالأجيال السابقة. وهذا السلوك يخلق ظاهرة «الخوف من تفويت الفرصة» (FOMO) و«السلوك القطيعي»، حيث يندفع المستثمرون بسرعة كبيرة نحو نفس السعر عند أي حركة سعرية بسيطة، مما يغذي التقلبات الحادة ويُعزز من صعود أو هبوط الأسعار بشكل كبير.


كويت نيوز
منذ 10 ساعات
- كويت نيوز
ارتفاع أسعار النفط عقب التقارير عن استعداد الاحتلال لضرب إيران
د ب أ – ارتفعت أسعار العقود الآجلة للنفط في تعاملات، اليوم الأربعاء، عقب إشارة شبكة 'سي.إن.إن' الإخبارية الأمريكية إلى تقارير استخباراتية أمريكية، أفادت باستعداد إسرائيل لتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية. وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء، أن سعر خام برنت القياسي للنفط العالمي ارتفع إلى أكثر من 66 دولاراً للبرميل، في حين ارتفع خام غرب تكساس الوسيط، وهو الخام القياسي للنفط الأمريكي بنسبة تصل إلى 3.5% قبل أن يفقد مكاسبه. ونقلت 'سي.إن.إن' عن المسؤولين الأمريكيين القول، إنه لا يوجد دليل قاطع على أن القيادة الإسرائيلية اتخذت قراراً نهائياً بتنفيذ الهجوم، وأشاروا إلى وجود خلافات داخل الإدارة الأمريكية بشأن مدى احتمال أن تقدم إسرائيل على هذه الخطوة. وشهدت أسعار النفط تقلبات منذ الأسبوع الماضي، وسط تقارير متباينة حول مصير المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة، والتي قد تمهد الطريق إلى عودة المزيد من براميل النفط إلى سوق، يتوقع أن يشهد فائضاً في المعروض في وقت لاحق من العام.


الرأي
منذ 20 ساعات
- الرأي
النفط يصعد 1 في المئة بعد تقرير عن تحضير إسرائيل لضرب منشآت نووية إيرانية
قفزت أسعار النفط بأكثر من واحد في المئة، اليوم الأربعاء، بعد تقرير لشبكة (سي.إن.إن) أفاد بأن إسرائيل تجهز لتوجيه ضربة لمنشآت نووية إيرانية، مما أثار مخاوف من أن يؤدي الصراع إلى اضطراب الإمدادات بالشرق الأوسط المنتج الرئيسي للخام. وبحلول الساعة 00.03 بتوقيت غرينتش، زادت العقود الآجلة لخام برنت لشهر يوليو 86 سنتا أو 1.32 في المئة إلى 66.24 دولار للبرميل. وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي لشهر يوليو 90 سنتا أو 1.45 في المئة مسجلة 62.93 دولار. كانت (سي.إن.إن) قد ذكرت أمس الثلاثاء نقلا عن مسؤولين أمريكيين مطلعين أن معلومات استخباراتية جديدة حصلت عليها الولايات المتحدة تشير إلى أن إسرائيل تستعد لضرب المنشآت النووية الإيرانية. وأضافت الشبكة الإخبارية نقلا عن المسؤولين أنه لم يتضح ما إذا كان القادة الإسرائيليون قد اتخذوا قرارا نهائيا. وارتفعت العقود الآجلة للخام الأميركي بأكثر من دولارين للبرميل في أعقاب نشر التقرير، بينما ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بأكثر من دولار. إيران ثالث أكبر منتج بين أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك»، وقد يؤدي أي هجوم إسرائيلي إلى اضطراب إمداداتها من الخام. وتوجد أيضا مخاوف من احتمال رد إيران، في حال مهاجمتها، بمنع تدفقات ناقلات النفط عبر مضيق هرمز بالخليج الذي تصدر من خلاله السعودية والكويت والعراق والإمارات النفط الخام والوقود. ومع ذلك، ظهرت بوادر على زيادة الإمدادات. وذكرت مصادر بالسوق، نقلا عن أرقام معهد البترول الأميركي، أمس أن مخزونات النفط الخام بالولايات المتحدة ارتفعت الأسبوع الماضي بينما انخفضت مخزونات البنزين ونواتج التقطير. وقالت المصادر التي اشترطت عدم الكشف عن هويتها إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للخام في العالم، ارتفعت بمقدار 2.5 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 16 مايو. ويترقب المستثمرون أيضا بيانات مخزونات النفط الأميركية الحكومية الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة في وقت لاحق اليوم الأربعاء. وكشف مصدر بالقطاع عن أن إنتاج كازاخستان من النفط زاد بنسبة اثنين في المئة في مايو، وهي زيادة تتحدى ضغوط منظمة «أوبك» وحلفائها على البلاد لخفض إنتاجها.