logo
أوساط خليجية: لن نكرّر تجارب الهدر وسيادة الدولة هي المفتاح

أوساط خليجية: لن نكرّر تجارب الهدر وسيادة الدولة هي المفتاح

صوت لبنان٢٦-٠٧-٢٠٢٥
نداء الوطن جومانا زغيبتاريخ لبنان بعد الطائف هو في جانب منه تاريخ مشين في الفساد والسرقة والهدر والصفقات والتشبيح، فقد فرض النظام السوري فور هيمنته على الدولة اللبنانية نتيجة الحروب العبثية للعماد ميشال عون وصولًا إلى إسقاط الخطوط الحمر حول المناطق الحرّة آنذاك، واقعًا مزريًا جعل الدولة ومؤسّساتها وصناديقها مزرعة متفلّتة من أي رقابة ومساءلة ومحاسبة، وغلب عليها منطق تبادل المصالح والغنائم بين نظام الأسد ممثلًا بمخابراته وقادتها في لبنان، وبين الأتباع والأزلام ومن كانوا يُعتبرون حلفاء أو متعاونين ضمن شروط الوصاية.
وقد استغلّ النظام السوري أيّما استغلال هذا الواقع، وكانت معروفة النسب المحسومة له مسبقًا من كل مشروع وتعهّد والتزام، بل إن الرئيس الشهيد رفيق الحريري لم يأتِ إلى رئاسة الحكومة إلّا بعد تسوية لم يكن في إمكانه إلّا التسليم بشروطها، وهي أنّ السياسة والأمن للنظام الأمني المشترك، بينما الاقتصاد والمال للرئيس الحريري وللنظام في آن واحد.
ومع ذلك، حاول الرئيس الحريري التملّص ما أمكن من هذه المعادلة، لكنه لم ينجح إلّا بشكل جزئيّ جدًا، لأنّ الدولة باتت شيئًا فشيئًا أقرب إلى فدرالية مافيات، والحكومات المتعاقبة إلى مجالس محاصصة، "تتناتش" أطرافها ما بقي لها بعد الحصة الثابتة للنظام السوري والحصص المقطوعة لكبار المسؤولين. وتدريجيًا، وقعت الخزينة تحت دين عام متفاقم، وبات الخلاف و "النقار" على المكاسب المتراجعة أكثر منه على السياسة. ولذلك، قال الرئيس الياس الهراوي ذات مرة إن "الدولة باتت كبقرة حلوب جفّ ضرعها". أما الخيار البديل لمواجهة التآكل، بعد معاناة الرئيس رفيق الحريري ورفضه الاستمرار في تجيير المال والقرار للنظام السوري وصولًا إلى استبعاده من الحكم ثمّ اغتياله، فكان باللجوء إلى المؤتمرات الدولية والمساعدات الغربية والعربية ولا سيّما الخليجية، فعقدت مؤتمرات باريس 1 و 2 و 3 والتي أقرّت على التوالي مساعدات وهبات وقروضًا للبنان بمليارات الدولارات، ولكن لم تكن نتائجها ملموسة بقدر الآمال، لأنّ قسمًا كبيرًا من أموالها ذهب هدرًا وتشبيحًا. فقد ضجّت الدول والصناديق المانحة بين مؤتمري باريس 2 وباريس 3 لجهة التعبير عن الانزعاج والغضب، وصولًا إلى فرض شروط قاسية ترافق تقديم أي هبة أو قرض، لا سيّما لجهة رقابة لصيقة على مسار الأموال وكيفية صرفها وتنفيذ المشاريع المخصصة لها، علمًا أنّ ما تمّ لحظه من مبالغ في المؤتمر الأخير لم يتعدّ الـ 700 مليون دولار.
وحيال هذا الواقع، حوّل الرئيس سعد الحريري التركيز على الدول العربية ولا سيّما الخليجية التي كانت في الأساس من المساهمين في المؤتمرات الثلاثة، لكنه فضّل التعاطي الثنائي، واستطاع استجلاب بعض الهبات والمساعدات والودائع، على أنه لم يتمكّن في السياسة من التصدّي الفاعل للأمر الواقع الذي كان يقوده "حزب اللّه" بدعم من النظامين الإيراني والسوري، وكانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير هي إعلان المملكة العربية السعودية تخصيص أربعة مليارات دولار بالتعاون مع دول خليجية أخرى بموجب مؤتمر "سيدر"، وتمّ رصد هذه المبالغ بشكل خاص للجيش اللبناني والأجهزة الأمنية.
وقد تبيّن بعد حين أنّ الدفعة الأولى التي أرسلت إلى لبنان بمئات ملايين الدولارات قد ذهبت بنسبة كبيرة هدرًا لا سيّما أنّ قسمًا منها صبّ لمصلحة "حزب اللّه" والمؤسسات والصناديق المرتبطة به والنفقات المخصّصة لبيئته من دون أي رقابة أو محاسبة، في وقت كان "الحزب" لا يتورّع عن مهاجمة المملكة وتهديدها. فكان ما كان من وقف فوري وحاسم لأي مساعدات على أشكالها، وهو وقف ما زال ساريًا حتى اليوم.
وتلفت أوساط خليجية عليمة إلى أن على اللبنانيين ألّا يحلموا بأي مساعدات أيًّا كان نوعها وتحت أي ظرف كان، طالما أنّ السلطات اللبنانية لم تستعد سيادتها الكاملة على قرارها وأراضيها ومؤسّساتها، ولم تقرن ذلك بإصلاحات جذرية وجدية تعطل الفساد والهدر والسرقة، وحينها يمكن للمملكة ودول الخليج أن تفكّر في كيفية تقديم ما ينبغي تقديمه ليس لمجرّد المساعدة على الطريقة القديمة، بل من خلال برامج دقيقة وموضوعية وضمن معايير رقابية محددة ومشدّدة، على أن يكون جانب من تلك المساعدات للاستثمار.
وتضيف: لقد علمتنا التجربة اللبنانية أنه لا يمكن الاعتماد على الأشخاص فحسب مهما كانوا قريبين منا، بل ينبغي التركيز على الأداء والبرامج والخطط، بعد التأكّد من سلامة الإدارة المالية في الدولة اللبنانية من خلال التعاون مع المؤسسات الدولية المختصة. ولذلك لن نكرر أبدًا التجارب المرّة، علمًا أننا ندعم توجهات العهد الحالي مبدئيًّا وننتظر خطوات عملية فاعلة كي نطمئن إلى عودة السيادة الكاملة للدولة اللبنانية ونقتنع بالإجراءات الإصلاحية العتيدة. أما في ما خصّ المساعدات المالية للضرورات الإنسانية الملحّة، فلن تكون أبدًا مباشرة أقلّه حتى إشعار آخر، بل من خلال المؤسسات الدولية المعنية، بل ومن خلال مؤسسات معيّنة تملك الصدقية الكافية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أوكرانيا تعول بقوة على طائرات مسيرة اعتراضية كدرع جوي منخفض التكلفة
أوكرانيا تعول بقوة على طائرات مسيرة اعتراضية كدرع جوي منخفض التكلفة

صوت بيروت

timeمنذ ساعة واحدة

  • صوت بيروت

أوكرانيا تعول بقوة على طائرات مسيرة اعتراضية كدرع جوي منخفض التكلفة

طائرة مسيرة أوكرانية من طراز FPV تابعة للفوج 1129 المضاد للطائرات أثناء تحليقها في مكان لم يكشف عنه في منطقة دنيبروبتروفسك، أوكرانيا، 8 يوليو 2025. رويترز عندما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في نهاية الشهر الماضي إن كييف بحاجة إلى ستة مليارات دولار لتمويل إنتاج طائرات مسيرة اعتراضية، ووضع هدفا بإنتاج 1000 طائرة يوميا، كانت لديه أسبابه. وبعد تعديل مفاهيم ساحة المعركة بعد تنفيذ مهام اقتصرت في السابق على الصواريخ بعيدة المدى والمدفعية الميدانية، أصبحت الطائرات المسيرة الأوكرانية الآن تضاهي المسيرات الروسية، وهو ما يعد مكسبا كبيرا لكييف في ظل تناقص مخزونها من أنظمة الدفاع الجوي الصاروخية. وعلى مدى الشهرين الماضيين، تقول إحدى المنظمات الخيرية الأوكرانية التي تورد مسيرات اعتراضية إن أجهزتها أسقطت نحو 1500 مسيرة أرسلتها روسيا لاستطلاع ساحة المعركة أو لقصف المدن والبلدات الأوكرانية. والأهم من ذلك أن مثل هذه المسيرات بديلا رخيصا وموفرا لاستخدام صواريخ الدفاع الجوي الغربية أو سوفيتية الصنع والتي اُستنزفت بسبب عجز الحلفاء أو ترددهم في إعادة تزويد أوكرانيا بها. وتشير بعض التقديرات إلى أن سرعة الصواريخ الاعتراضية تزيد على 300 كيلومتر في الساعة، على الرغم من أن الأرقام الدقيقة تخضع لسرية شديدة. وقال زيلينسكي إن وحدات أخرى تستخدم المسيرات الاعتراضية لاستهداف طائرات من طراز 'شاهد' الانتحارية بعيدة المدى التي تطلقها روسيا على كييف ومدن أخرى، إذ تُسقط في بعض الأحيان العشرات منها كل ليلة. وتحولت الطائرات المسيرة منذ غزو روسيا الشامل لأوكرانيا من أداة مساعدة إلى إحدى الوسائل الأساسية لشن الحرب بالنسبة لكلا الجانبين. ولإسقاطها، يتعين على الطائرات الاعتراضية أن تكون أسرع وأقوى من تلك التي أحدثت ثورة بالفعل في الضربات الدقيقة بعيدة المدى والاستطلاع الجوي.

أوكرانيا تتهم 6 أشخاص بينهم نائب بالبرلمان باختلاس أموال في صفقة طائرات مسيرة
أوكرانيا تتهم 6 أشخاص بينهم نائب بالبرلمان باختلاس أموال في صفقة طائرات مسيرة

صوت بيروت

timeمنذ ساعة واحدة

  • صوت بيروت

أوكرانيا تتهم 6 أشخاص بينهم نائب بالبرلمان باختلاس أموال في صفقة طائرات مسيرة

قالت أوكرانيا اليوم الاثنين إنها اتهمت ستة أشخاص من بينهم نائب بالبرلمان ومسؤول حكومي باختلاس أموال في شراء طائرات مسيرة ومعدات تشويش للجيش. وتعتمد كييف على إمدادات ثابتة من الطائرات المسيرة وأنظمة الحرب الإلكترونية للتصدي للغزو الروسي، كما تشن حملة على الكسب غير المشروع الذي يعد أمرا بالغ الأهمية لمستقبلها في الاتحاد الأوروبي. وقالت سلطات مكافحة الفساد يوم السبت إنها كشفت مخططا يضم نائبا بالبرلمان ومسؤولان أحدهما لا يزال في منصبه والآخر أقيل بالإضافة إلى قائد في الحرس الوطني واثنين من رجال الأعمال، كانوا يقدمون رشاوى مقابل صفقات شراء بأسعار مبالغ فيها. وذكر المكتب الوطني لمكافحة الفساد في بيان 'في 2024-2025، اختلست مجموعة إجرامية منظمة بشكل منهجي أموالا خصصتها السلطات المحلية لتلبية احتياجات الدفاع'، مضيفا أن الرشاوى بلغت حوالي 30 بالمئة من قيمة العقود. وقال المكتب إن قيمة عقد الطائرات المسيرة بلغت 240 ألف دولار مع زيادة قدرها حوالي 80 ألف دولار. ولم تنشر أسماء أي من المشتبه بهم. وكانت المعدات المعنية محلية الصنع.

ادارة ترامب: الولايات والمدن الأميركية لن تتلقى تمويلا للاستعداد للكوارث الطبيعية إذا اختارت مقاطعة الشركات الإسرائيلية
ادارة ترامب: الولايات والمدن الأميركية لن تتلقى تمويلا للاستعداد للكوارث الطبيعية إذا اختارت مقاطعة الشركات الإسرائيلية

النشرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • النشرة

ادارة ترامب: الولايات والمدن الأميركية لن تتلقى تمويلا للاستعداد للكوارث الطبيعية إذا اختارت مقاطعة الشركات الإسرائيلية

ذكرت الوكالة الاتحادية لإدارة الطوارئ الاميركية في بيان نقلا عن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الولايات والمدن الأميركية لن تتلقى تمويلا للاستعداد للكوارث الطبيعية، إذا اختارت مقاطعة الشركات الإسرائيلية. وبموجب شروط الوكالة للمستفيدين من المنح، يتعين أن تقر الولايات بأنها لن تقطع "علاقاتها التجارية مع الشركات الإسرائيلية تحديدا" كي تتلقى الأموال من الوكالة. وجاء في 11 إشعارا من الوكالة بشأن المنح أن هذا الشرط ينطبق على 1.9 مليار دولار على الأقل تعتمد عليها الولايات في تغطية تكاليف معدات البحث والإنقاذ ورواتب مديري الطوارئ وأنظمة الطاقة الاحتياطية ونفقات أخرى. واوضحت الوكالة في تموز إنها ستطلب من الولايات إنفاق جزء من أموال مكافحة الإرهاب الاتحادية في مساعدة الحكومة على القبض على المهاجرين، وهي أولوية للإدارة الأميركية. ويستهدف هذا الشرط حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها، وهي حملة هدفها ممارسة ضغوط اقتصادية على إسرائيل لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية. وذكر متحدث باسم وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم في بيان، بانه "ستطبق الوزارة كل قوانين وسياسات مكافحة التمييز، ومن بينها ما يتعلق بحركة مقاطعة إسرائيل، والتي ترتكز صراحة على معاداة السامية". وهذا الشرط رمزي إلى حد كبير. وقالت الدورية القانونية لجامعة بنسلفانيا إن لدى 34 ولاية على الأقل بالفعل قوانين أو سياسات مناهضة لحركة المقاطعة. وجاء في إشعار يتعلق بالمنح نُشر يوم الجمعة أن الوكالة ستطلب من المدن الكبرى الموافقة على السياسة الخاصة بإسرائيل للحصول على 553.5 مليون دولار مخصصة لمكافحة الإرهاب في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. وكشف الإشعار أن من المقرر أن تتلقى مدينة نيويورك 92.2 مليون دولار من البرنامج، وهو أكبر مبلغ من بين كل المستفيدين. وتستند المخصصات على تحليل الوكالة "للخطر النسبي للإرهاب".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store