
رسائل عسكرية إسرائيلية... ونمط جديد من الاستهدافات؟!
يوسف دياب - الشرق الأوسط
حملت الغارات العنيفة التي شنتها إسرائيل على جنوب لبنان في الساعات الأخيرة، رسائل عسكرية وسياسية، لكن الرسالة الأعلى خطورة تمثّلت في استخدام الجيش الإسرائيلي قنابل خارقة للتحصينات؛ لم يسبق أن استخدمها في لبنان إلّا في عملتَيْ اغتيال الأمينين العامين لـ«حزب الله»؛ الأسبق حسن نصر الله، والسابق هاشم صفي الدين.
وانطوى إعلان الجيش الإسرائيلي عن تدمير أنفاق لـ«حزب الله» على تفسيرات متناقضة، بوصف الغارات استهدفت سلسلة الجبال الواقعة بالقرب من مدينة النبطيّة ذات الكثافة السكانية، في وقت تفيد فيه المعلومات بأن «الحزب» دائماً ما يتخذ من الوديان والهضاب مكاناً لأنفاقه. غير أن الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد خليل الحلو، أوضح أن «الأنفاق غالباً ما تُحفر في الجبال وليس في الوديان بالنظر إلى سهولة حفرها والتحرّك فيها، وسهولة الدخول والخروج إليها ومنها». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «رفع وتيرة العمليات في الجنوب، رغم أهميته العسكرية والأمنية لإسرائيل، والمضي في تدمير قدرات (حزب الله) ومخازن أسلحته، يحملان رسائل إلى طهران وإلى المفاوضات الأميركية - الإيرانية؛ كأن الأمر مقدمة للتحضير لعملية عسكرية كبرى تستهدف إيران، وهذا ما لوّح به وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الذي حذّر إيران بأنها ستلقى المصير نفسه الذي لاقته أذرعتها؛ أي (حماس) في غزّة، و(حزب الله) في لبنان، والحوثيين في اليمن».
لا تتعارض الرواية الإسرائيلية بشأن استهداف أنفاق لـ«الحزب» في الجبال، مع الفيديوهات التي كان نشرها «حزب الله» صيف عام 2024 بعنوان: «جبالنا خزائننا»، وعرض فيها مشاهد لأنفاق ضخمة في جنوب لبنان تتحرّك فيها شاحنات كبيرة ومقاتلون، وأطلق عليها اسم «عماد4»؛ تيمناً باسم القائد العسكري والأمني عماد مغنية الذي اغتالته إسرائيل في دمشق يوم 13 شباط 2008.
وعدّ الخبير في شؤون الأمن والدفاع والاستراتيجية، العميد حسن جوني، أن العمليات الإسرائيلية «تؤشر إلى نمط جديد من الاستهدافات، خصوصاً مع استخدامها ذخائر خارقة تصل إلى أعماق معينة في باطن الأرض». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «طبيعة الغارات الإسرائيلية الجديدة، سواء التي حدثت في الجنوب وقبلها في البقاع ومناطق أخرى، تظهر، وفق اعتقاد العدوّ، أن هناك بنى تحتية استراتيجية لـ(حزب الله) ومنشآت ومخازن في هذه المواقع وربما مقرات قيادة». ورأى أن «استهداف هذه المناطق، لأول مرة، له تفسيران: الأول أن الإسرائيلي استحصل على معلومات تتعلق بهذه المنشآت والأنفاق. والثاني أنه تسلّم مؤخراً من الولايات المتحدة الأميركية ذخائر خارقة، وقد يكون الاحتمال الثاني هو الأصح، بدليل أن الغارات أحدثت ارتجاجات كبيرة على مسافة بعيدة عنها، وخلقت حالة من الارتباك والتوتر لدى السكان».
وتسعى تل أبيب إلى خلق واقع جديد في المنطقة، يجعلها متحررة من أي اتفاق نووي محتمل بين واشنطن وطهران، وقال العميد خليل الحلو إن «القصف الجديد على الجنوب وبدرجة قوية جداً، يأتي تحذيراً شديداً إلى إيران مفاده بأن تل أبيب لا تلتزم بأي اتفاق بينها وبين واشنطن. وثانياً هي تهدف إلى رفع مستوى النقمة لدى جمهور (الحزب)، وممارسة الضغط على رئيسَيْ الجمهورية والحكومة اللبنانية وإبلاغهما أن إسرائيل مستعجلة تطبيق القرار (1701) شمال مجرى نهر الليطاني بالكامل ونزع سلاح (الحزب) بسرعة وليس عبر حوار لا تعرف أفقه ومداه»، لافتاً إلى أن «الإسرائيلي يحاول أن يكون صاحب المبادرة واليد العليا، وأن يجعل عدوّه في وضعية الدفاع وليس الهجوم».
ويأتي التصعيد الإسرائيلي في جنوب لبنان عقب الغارات التي نفذتها طائرات حربية إسرائيلية استخدمت فيها قنابل ثقيلة خارقة للتحصينات وأدت إلى تدمير ميناء الحديدة بالكامل، وتدمير أجزاء كبيرة من مطار صنعاء وإخراجه من الخدمة.
ولا يخفي العميد حسن جوني، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الأركان في الجيش اللبناني، أن «العمليات الإسرائيلية الجديدة مرتبطة بطاولة التفاوض الأميركي ـ الإيراني». وقال: «يحاول الإسرائيلي رفع درجة سخونة العمليات في لبنان وغزّة واليمن في الوقت الذي يمضي فيه الأميركي بمفاوضاته مع الإيراني، وكأنه فصل لخيارات بين أميركا وإسرائيل». ولم يستبعد في الوقت نفسه «إمكانية الضغط على الدولة اللبنانية لاستدراجها إلى مفاوضات سياسية عبر تشكيل لجان لا يقتصر عملها على الترتيبات الأمنية والانسحاب الإسرائيلي من النقاط التي احتلتها مؤخراً، بل وضع ترتيبات سياسية لا يقبل بها لبنان بأي حال من الأحوال».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 25 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
هل يملك نعيم قاسم الشجاعة ويجرؤ على الخروج من مخبئه للاقتراع غدًا؟
بين قرع طبول الانتخابات وهدير الطائرات في الأجواء، يدخل الجنوب اللبناني استحقاقه البلدي يوم غد السبت، وسط تصعيد ميداني بدا كأنه يحمل رسالة مزدوجة إلى الداخل اللبناني عشية الانتخابات، وإلى المجتمع الدولي في لحظة تتكثف فيها النقاشات حول سلاح "حزب الله" وترسيم الحدود، ومستقبل القرار السيادي في الجنوب. هذا الواقع الامني الهش، خلق مناخًا من الخوف والقلق لدى الجنوبيين، لِتأمين سلامة المقترعين والمرشحين في منطقة تتعرض بصورة شبه يومية لهجمات جوية ومدفعية، ما دفع بأمين عام الحزب نعيم قاسم، للخروج عشية الانتخابات متوجهًا الى جمهوره الجنوبي داعيًا إياهم إلى المشاركة الواسعة في الانتخابات البلدية والاختيارية، مؤكداً لهم أن هذا الاستحقاق يأتي هذا العام كتَحدٍّ من تحديات الصمود وقوة الموقف. جهات سياسية جنوبية بارزة علّقت على دعوة قاسم عبر بالقول: "هي محاولة لامتصاص غضب أنصاره الذين فقدوا منازلهم وسبل عيشهم، اذ يحاول تشتيت انتباههم عن الواقع الحقيقي جنوبًا، خصوصًا بما يُصرّح به دائمًا من جهة تحميل الدولة اللبنانية المسؤولية عما يجب فعله بعد الحرب عسكريًّا واقتصاديًّا وعمرانيًّا." بهذا الكلام، وفق الجهات عينها يحاول قاسم رفع عنه مسؤولية الدمار والموت اللذين تسبّب بهما للجنوبيين، ووضعها على كاهل الدولة التي لم يكن لديها قرار السلم والحرب، رغم ذلك يُبلغ مناصريه ضرورة المشاركة بفعالية في الإنتخابات البلدية، والتصويت حصرًا للوائح الحزب، بتكليف شرعي وإضفاء الصبغة الدينية على إنتخابات لها طابع إنمائي عائلي. فالمعروف أن قاسم هو ابن بلدة كفرفيلا في قضاء النبطية، وهنا نطرح السؤال الطبيعي: "هل يملك الشجاعة ويجرؤ على المشاركة في الاقتراع غدًا، أم سيظل في مخبئه الذي على الأرجح في طهران؟" انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

LBCI
منذ 28 دقائق
- LBCI
مقدمة النشرة المسائية 23-5-2025
غدًا آخرُ أيام الأنتخابات البلدية والأختيارية، ومحطتها الجنوب، وزمانُها السبت وليس الأحد، كما في المحطاتِ الثلاث الماضية، لأن بعد غد الأحد يصادف عيدُ "المقاومة والتحرير". ومع انتهاء الإستحقاق الديموقراطي الاول في هذا العهد، تبدأ المرحلة التالية التي تتمثَّل في انتخابات إتحادات البلديات، ومعارك ُهذه الإنتخابات لا تقلُّ ضراوةً عن الأنتخابات البلدية، خصوصا أنها تأتي تتمة لمعارك ِ موازين القوى، إما لاسترجاعها وإما لتثبيتها. بعيدًا من الأستحقاق الإنتخابي، ملف السلاح الفلسطيني موضوع على نار حامية، مستفيدًا من الدفع الذي أعطته زيارة ُ رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للبنان، وتدليلًا على أهمية البداية الجدية لمعالجة هذا الملف ، انعقد اليوم الأجتماع ُالأول للجنة وترأسها رئيس الحكومة نواف سلام ، ما اعطى انطباعًا على أن المسار جديٌ وسريع. وحسب معلومات الـLBCI فإن الجانبين اللبناني والفلسطيني إتفقا على بدء خطة تنفيذية لسحب السلاح من المخيمات، تبدأ منتصف حزيران، في مخيمات بيروت وتليها المخيماتُ الأخرى. لكن المعالجة في لبنان، هل تنسحب على الفلسطينيين الذين أبعدوا من سوريا وجاؤوا إلى لبنان، وهذا ما كشفته وكالة الصحافة الفرنسية. في ملف آخر، ولكن مشتعل، المواجهة ُبين إسرائيل وحزب الله متواصلة، ويُخشى ان تصبح متصاعدة، وفيما يتكتم الجانب اللبناني عن الأستهدافات الاسرائيلية، تتحدث إسرائيل عن أنها تستهدف مراكزَ عسكرية، وانها تقوم بعملياتها بغِطاء أميركي، وأنها ستواصل هذه العمليات. وفي الأجواء المحيطة بتصعيد ِ أمسن فإن دوائر َديبلوماسية قرأت في هذا التصعيد انه رد إسرائيلي بالنار، على ما أشيع عن ضمانات ، كما قرأت تلك المصادر ان إسرائيل تتجه إلى التصعيد بعدما لمست بطئًا لبنانيًا في معالجة سلاح جزب الله، وهذا البطء شكَّل امتعاضًا أميركيًا وحتى خليجيًا، وتكشف المعلومات الديبلوماسية أن الموفدة الأميركية أورتيغاس ، ستحمل إلى لبنان في زيارتها المرتقبة، مُهلًا مصحوبة بتحذيرات جدية، وهذا ما بدا يشكِّل حالًا من الإرباك لبنانيًا.


ليبانون 24
منذ ساعة واحدة
- ليبانون 24
عبد المسيح: آن الأوان لخطوة من "حزب الله" مماثلة لخطوة الرئيس الفلسطيني
كتب النائب أديب عبد المسيح ، اليوم الجمعة، عبر حسابه على منصة "اكس": "الدير القريب بيشفي... بس المهم تآمنوا". وتابع: "إعلان الرئيس الفلسـطيني محمود عباس (أبو مازن) بشأن تفكيك السلاح داخل المخيمات وحصره بالدولة اللبنانية ، شكّل ختمًا بالشمع الأحمر على ذيول اتفاقية القاهرة لعام 1969، وأسقط الغطاء عن كافة المنظمات والمليشيات الفلسـطينية، واضعًا حدًا لزمن السلاح الخارج عن الدولة". واضاف: "أما في الداخل اللبناني، فقد آن الأوان لخطوة تاريخية مماثلة من حزب الله ، تبدأ بتسليم سلاحه وفك ارتباطه بالمحور الإيراني ، وتقديم اعتراف رسمي لرئيس الجمهورية، يكلّفه فيه، لا بالقول بل بالفعل، تنفيذ القرار 1701، وقيادة مهمة تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة، وردع الاعتداءات الإسرائيلية ، ثم الشروع في ترسيم الحدود البرية وتثبيت هدنة 1949".