
لماذا تسعى إسرائيل لاحتلال أراضٍ سورية جديدة؟
منذ سقوط نظام بشار الأسد، تتبع السلطات الإسرائيلية نهجاً يفرض واقعاً جديداً في سوريا، بدأ بتدمير 80% من المنظومة العسكرية والاستراتيجية، واستباحة الجغرافيا السورية بأكملها. ونفذت القوات الإسرائيلية أكثر من 500 غارة جوية، واحتلت 11 بلدة وقرية يُقدّر عدد سكانها بـ70 ألفاً، بعد اجتياح المناطق العازلة من خلال التوغل المستمر وفرض السيطرة وإقامة منشآت عسكرية وتدمير البنى التحتية ومنع السكان من الوصول إلى أراضيهم
ليس واضحاً حتى الآن ما هي المخططات النهائية لإسرائيل، إلا أن تصريحات مسؤوليها وما تنشره وسائل الإعلام العبرية يشير إلى نية الجيش الإسرائيلي إقامة منطقة آمنة والمكوث فيها لأجل غير مسمّى.
وفي ضوء المتابعات التي يقوم بها المرصد العربي لحقوق الإنسان في الجولان السوري المحتل، أصدر بياناً جاء فيه: "يعامل جيش الاحتلال سكان القرى السورية في المناطق التي احتلها أخيراً بطريقتين مختلفتين. من جهة، يحاول استمالة الناس بتقديم مساعدات غذائية ويجمع قاعدة بيانات شخصية لهم ولاحتياجاتهم، ومن جهة ثانية ينكّل بهم عبر فصل السكان عن أراضيهم والسيطرة على أوسع مساحة من الأرض مع أقل عدد من السكان في مسعى واضح لتهجيرهم".
ويضيف: "أي اعتراض علني على وجود قوات الاحتلال يواجه بعنف مفرط، يشمل عمليات اعتقال ويصل إلى إطلاق النار على المتظاهرين المدنيين وقتلهم، كما حدث في قرية كويا بريف درعا الغربي".
ويتابع: "يمارس جيش الاحتلال معاملة تفضيلية تجاه القرى ذات اللون الطائفي الدرزي، ولا يتوقف المسؤولون الإسرائيليون عن إطلاق التصريحات عن عزمهم على حماية الدروز في السويداء وجرمانا، والسماح لهم بالعمل داخل المستوطنات في الجولان المحتل مقابل 70-100 دولار في اليوم".
السيطرة والتوسع
ويقول وائل طربيه، المشرف على برنامج الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المرصد العربي لحقوق الإنسان، في حديث مع "النهار"، إنّ إسرائيل تحتل حوالى 1200 كم من هضبة الجولان منذ عام 1967، كما أعلنت انسحابها من اتفاقية فصل القوات لعام 1974، وأنها ستبقى في الأراضي السورية لمدة غير محددة.
ويرى طربيه أن "الأهداف الإسرائيلية متعددة؛ فالاحتلال والتوسع أحد طبائع إسرائيل، وهو مرتبط بالمخططات المبكرة للحركة الصهيونية التي تطمح لضم كامل منطقة جبل الشيخ وحوران للسيطرة على منابع المياه الحيوية والأراضي الخصبة".
وأهداف إسرائيل معلنة على لسان قادتها، منها إقامة منطقة عمليات عسكرية بعمق 15 كلم، ومنطقة عمليات استخباراتية بعمق 60 كلم، وتفريغ الجنوب السوري من السلاح تماماً، ومنع الحكومة الجديدة في دمشق من بسط سيادة الدولة السورية على محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء.
ويشير طربيه إلى أن إسرائيل تقوم بعمليات توغل وتدمير ثم تنسحب، وتعمل على "عزل سكان القرى التي احتلتها والتنكيل بهم، وتدمّر بطريقة منهجية الشوارع وشبكات المياه والكهرباء، وقتلت مواطنين سوريين في قرية كويا بريف درعا. وهذه الاعتداءات تهدف إلى تهجير السكان من قراهم".
ويتابع المسؤول في المرصد العربي لحقوق الإنسان أنه "يجب أن نأخذ في الحسبان أن إسرائيل تملك فائض قوة وتحلم بإعادة رسم الخرائط في المنطقة، وتعتقد أن الإبقاء على سوريا ضعيفة ومقسمة هو مصلحة عليا لها بعد تجربتها في غزة وجنوب لبنان. أما دخول متطرفين لوضع حجر أساس استيطاني في الأراضي السورية فهو مؤشر إلى زيادة الرغبة في الاحتلال والاستيطان واستباحة السيادة، والتلاعب بديموغرافيا المنطقة".
مشروع سوريا الفيدرالية
ويلفت طربيه إلى أن تدخلات إسرائيل في الجنوب السوري بدأت منذ أكثر من 14 عاماً، إذ تعمل على "استمالة مجموعات وتغذيها بالأسلحة، وتمارس لعبتها المفضلة لتأجيج الصراعات بين المكونات الاجتماعية، وتعلن بوقاحة أنها ستحمي الدروز، وتحاول إلباسهم ثوب المتعاملين معها لنشر الكراهية بين السوريين... كما أنها تسخّر الشخصيات الدينية النافذة لبناء علاقات مع دروز سوريا كما حدث خلال زيارة الشيوخ الدروز للأماكن المقدسة، منتهكة سيادة الدولة السورية".
وتطرق إلى استغلال حالة البؤس الاقتصادي الذي يكابده السوريون، إذ تعدهم إسرائيل بفتح مجال العمل في مستوطنات الجولان. وتحت غطاء المساعدات الإنسانية وشد العصب الطائفي من طرفي خط وقف إطلاق النار، تحرّض إسرائيل على الحكومة الناشئة، حتى إن بعض المسؤولين الإسرائيليين طرحوا شكل الدولة الفيدرالية الذي يجب أن تكون عليه سوريا.
ويضيف طربيه أنه يمكن جمع كل خيوط التدخلات الإسرائيلية ومحاولات إثارة النزاعات من خلال مشروع يغال ألون، الذي يقضي بإنشاء فيدراليتين طائفيتين للدروز والموارنة. ويقول إن هذا المشروع "أفشله السوريون الدروز بعد احتلال الجولان. وتعتقد إسرائيل أن الوضع الهش في سوريا مناسب لتحاول تنفيذه من جديد، وأرى أن القوى الوطنية في الجنوب السوري وفي السويداء لن تسمح بتمرير هذه المشاريع، لأن انتماءها كان على الدوام للحكومة الوطنية، ومستقبلها لا يمكن أن يكون آمناً إلا ضمن الدولة السورية".
ويخلص إلى أن من الصعب التكهن بمآلات الأمور على سكان الجولان السوري، لكن "بالتأكيد ليس في كل خطوات إسرائيل أي خير"، ويضيف: "قد يكون جزء من مراهناتها لفرض تطبيع قسري على الإدارة الجديدة، وأن تسعى لإغلاق ملف الجولان المحتل بمعاهدة قسرية. الاحتمالات مفتوحة في كل الاتجاهات".
ويختم طربيه بأن عمليات "الأسرلة" وهندسة الهويات الطائفية لتناسب أجندة إسرائيل وسياسات التضييق "قائمة في كل الأحوال"، مضيفاً: "الجولان في أسفل سلم الأولويات، وتتعامل معه كملفّ منتهٍ وأنه جزء من إسرائيل غير قابل للتفاوض".
ليس في المدى المنظور أمل إلا أن تستتبّ الأوضاع داخلياً، وأن يكون هناك تقدم على مستوى بناء هيكلية الدولة بما يضمن التشاركية والمواطنة المتساوية لكل السوريين. فقط حينها سيعود الجولان إلى الأجندة الوطنية للدولة التي تواجه تحديات وجودية في توفير الأمان وأسس العيش لملايين السوريين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


IM Lebanon
منذ 2 ساعات
- IM Lebanon
فانس يهاجم سياسات واشنطن السابقة
هاجم جي دي فانس، نائب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، سياسات واشنطن السابقة في الشرق الأوسط، معتبرًا أن محاولات بناء الديمقراطيات في المنطقة كانت فاشلة ومكلفة إلى حدٍّ صادم. وخلال خطاب ألقاه في الأكاديمية البحرية الأميركية، ونشره عبر حسابه الرسمي على منصة 'إكس'، قال فانس: 'بدلًا من تركيز طاقاتنا على مواجهة ظهور قوى منافسة مثل الصين، اختار زعماؤنا ملاحقة ما اعتقدوا أنه مهمة سهلة، بناء ديمقراطيات في الشرق الأوسط. لكن كما تبيّن، كانت المهمة شبه مستحيلة، وباهظة التكلفة، تجاوزت تريليون دولار، دفع ثمنها المواطن الأميركي'. وأشار فانس إلى أن جولة ترامب الأخيرة إلى السعودية وقطر والإمارات كانت أكثر من مجرد محادثات استثمارية، معتبرًا إياها 'نقطة تحوّل في السياسة الخارجية الأميركية'. وأضاف، 'الزيارة لم تكن فقط لتأمين تريليونات الدولارات في استثمارات لصالح بلادنا، بل شكلت مؤشرًا واضحًا على نهاية نهج قديم دام لأكثر من عقد، تمثل في المقايضة بين الحفاظ على التحالفات والتدخل في شؤون الدول الأخرى'. وأكد نائب الرئيس أن إدارة ترامب تتجه نحو استراتيجية قائمة على الواقعية وحماية المصالح الوطنية الأميركية الأساسية، وقال: 'لا مزيد من المهام غير المحددة، ولا مزيد من الصراعات المفتوحة. نحن نعود إلى سياسة خارجية تعكس مصالحنا أولًا'.

القناة الثالثة والعشرون
منذ 3 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
فانس يهاجم سياسات واشنطن السابقة
هاجم جي دي فانس، نائب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، سياسات واشنطن السابقة في الشرق الأوسط، معتبرًا أن محاولات بناء الديمقراطيات في المنطقة كانت فاشلة ومكلفة إلى حدٍّ صادم. وخلال خطاب ألقاه في الأكاديمية البحرية الأميركية، ونشره عبر حسابه الرسمي على منصة 'إكس'، قال فانس: 'بدلًا من تركيز طاقاتنا على مواجهة ظهور قوى منافسة مثل الصين، اختار زعماؤنا ملاحقة ما اعتقدوا أنه مهمة سهلة، بناء ديمقراطيات في الشرق الأوسط. لكن كما تبيّن، كانت المهمة شبه مستحيلة، وباهظة التكلفة، تجاوزت تريليون دولار، دفع ثمنها المواطن الأميركي'. وأشار فانس إلى أن جولة ترامب الأخيرة إلى السعودية وقطر والإمارات كانت أكثر من مجرد محادثات استثمارية، معتبرًا إياها 'نقطة تحوّل في السياسة الخارجية الأميركية'. وأضاف، 'الزيارة لم تكن فقط لتأمين تريليونات الدولارات في استثمارات لصالح بلادنا، بل شكلت مؤشرًا واضحًا على نهاية نهج قديم دام لأكثر من عقد، تمثل في المقايضة بين الحفاظ على التحالفات والتدخل في شؤون الدول الأخرى'. وأكد نائب الرئيس أن إدارة ترامب تتجه نحو استراتيجية قائمة على الواقعية وحماية المصالح الوطنية الأميركية الأساسية، وقال: 'لا مزيد من المهام غير المحددة، ولا مزيد من الصراعات المفتوحة. نحن نعود إلى سياسة خارجية تعكس مصالحنا أولًا'. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


بيروت نيوز
منذ 3 ساعات
- بيروت نيوز
كبار حلفاء إسرائيل قد يقلبون الطاولة.. صحيفة تكشف المفاجأة
قالت صحيفة واشنطن بوست إن عددا من كبار حلفاء إسرائيل وشركائها التجاريين أعلنوا هذا الأسبوع أنهم سيعيدون النظر في الاتفاقيات التجارية معها، نظرا للأوضاع الإنسانية والأزمة الحادة في قطاع غزة. وأكدت بريطانيا أن الحصار الإسرائيلي على غزة والعملية البرية الجديدة سيعرقلان 'مباحثات متقدمة' بشأن اتفاقية تجارية جديدة معها، دون التأثير على اتفاقيتهما الحالية، كما أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن الاتحاد، المكون من 27 دولة، سيجري مراجعة لاتفاقيته التجارية مع إسرائيل. ومع أن الآثار الكاملة لإعادة النظر في الاتفاقيات التجارية لا تزال غير واضحة، فإن الدول المعنية من أهم شركاء إسرائيل التجاريين، إذ تمثل نحو 31% من صادراتها العام الماضي و37% من وارداتها، وفقا لبيانات المكتب المركزي للإحصاء في البلاد. وقد نددت إسرائيل بهذه التحركات من قبل أوروبا، وقال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية أورين مارمورشتاين إن تصريحات كالاس تعكس 'سوء فهم تاما للواقع المعقد الذي تواجهه إسرائيل'، وأبلغت السلطات الإسرائيلية الوكالات الإنسانية أنها قد ترسل 100 شاحنة يوميا إلى غزة هذا الأسبوع، بعد تجميد تام دام قرابة 3 أشهر. غير أن جماعات الإغاثة تقول إن هناك حاجة إلى مزيد، كما أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ذكر بأن نحو 500 شاحنة كانت تدخل غزة كل يوم عمل قبل الحرب، وحذرت الأمم المتحدة من أن القطاع بأكمله معرض لخطر المجاعة، خاصة أن بعض المرافق الطبية القليلة المتبقية شهدت زيادة في عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية. وذكّرت الصحيفة بأن أجهزة الكمبيوتر والمنتجات الإلكترونية والبصرية كانت أكبر فئة من صادرات إسرائيل العام الماضي، إذ مثّلت ما يقرب من 17 مليار دولار من إجمالي صادرات البلاد البالغة 60 مليار دولار، وفقا للمكتب المركزي للإحصاء. وحسب إدارة التجارة الخارجية الإسرائيلية، فإن الدوائر الإلكترونية المتكاملة كانت أكبر منتج صدرته إلى الاتحاد الأوروبي العام الماضي، في حين كانت 'بوليمرات البروبيلين وغيرها من الأوليفينات، بأشكالها الأولية'، هي أكبر الصادرات إلى المملكة المتحدة، تليها الفواكه الطازجة والمجففة. (الجزيرة نت)