
ماذا يقول التاريخ عن دور الولايات المتحدة في قناة السويس؟
أثار الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضجة واسعة بتصريح غير متوقع، دعا فيه إلى إعفاء السفن الأميركية من رسوم المرور في قناتي بنما والسويس، قائلاً "يجب السماح للسفن الأميركية، العسكرية والتجارية على حد سواء، بالمرور مجاناً عبر قناتي بنما والسويس". مشيراً إلى دور أميركي في وجود القناتين، مما أثار التساؤلات حول إذا كان لواشنطن دور في وجود قناة السويس المصرية.
وبحسب مراقبين لم تكن دعوة ترمب مجرد بالونة اختبار، أو إحدى هفواته الساخرة، فقد أضاف في منشور على منصة "تروث سوشيال"، "طلبت من وزير الخارجية ماركو روبيو أن يتولى هذا الأمر على الفور، هاتان القناتان ما كانتا لتوجدا لولا الولايات المتحدة الأميركية".
وبينما أتمت الولايات المتحدة بناء قناة بنما في أوائل القرن الـ20، ومنحت السيطرة على الممر المائي المهم استراتيجياً إلى بنما عام 1999، فإن علاقة واشنطن بقناة السويس تظل بعيدة، خصوصاً إذا ما تعلق الحديث بنشأة القناة وحفرها، فقد ارتبطت تاريخياً بالصراع الاستعماري بين فرنسا وبريطانيا والدولة العثمانية، لكنها بقيت مصرية خلال كل مراحل حفرها وتطويرها، بخاصة منذ قرار التأميم الذي أنهى التدخل الأجنبي في إدارتها، فالقناة تقع بالكامل ضمن الإقليم المصري، وتخضع لسيادة مصر والقوانين السارية فيها، لكن تصريح الرئيس الأميركي فتح باب الجدل حول العلاقة التاريخية للولايات المتحدة بالقناة التي ظهرت في عصر الانعزالية والحرب الأهلية الأميركية.
جذور تاريخية
يجمع المؤرخون على أن فرعون مصر سنوسرت الثالث كان أول من فكر في شق قناة تربط البحرين الأحمر والمتوسط عبر الملاحة في نهر النيل والبحيرات المرة، فتاريخ أول قناة تربط بين البحرين يعود إلى أكثر من 3400 عام. وتعرضت القناة لفترات من الإهمال أدت إلى ردمها أو صعوبة الملاحة فيها في غير موسم الفيضان في بعض الحقب التاريخية إلى أن جرت إعادة الربط بين النيل والبحر الأحمر عام 510 قبل الميلاد، وجرى تطويرها في عهد بطاليموس الثاني عام 285 قبل الميلاد، لتصبح مجدداً غير صالحة للملاحة في عهد البيزنطيين 400 ميلادية، ليعيد عمرو بن العاص الملاحة إلى القناة عام 641 ميلادية. وبحسب موقع القناة على الإنترنت "يبدأ التاريخ الحقيقي لقناة السويس من فرمان الامتياز الأول، الذي منح فرديناند ديليسبس حق إنشاء شركة لشق قناة السويس في 30 نوفمبر 1854".
ووفقاً لموقع قناة السويس، تأسست الشركة العالمية لقناة السويس البحرية في الـ15 من ديسمبر (كانون الأول) 1858 برأسمال قدره 200 مليون فرنك، مقسم على 400 ألف سهم قيمة كل منها 500 فرنك، خصصت الشركة لكل دولة من الدول عدداً معيناً منها، وكان نصيب مصر 92136 سهماً، ونصيب إنجلترا والولايات المتحدة والنمسا وروسيا 85506 أسهم.
غير أن هذه الدول رفضت رفضاً باتاً المشاركة في الاكتتاب، فاضطرت مصر إزاء رفضها إلى استدانة 28 مليون فرنك بفائدة باهظة لشراء نصيبها بناء على إلحاح ديليسبس، ورغبة منها في تعضيد المشروع وإنجاحه، وبذلك أصبح مجموع ما تملكه مصر من الأسهم 177642 سهماً قيمتها 89 مليون فرنك تقريباً، أي ما يقارب نصف رأسمال الشركة.
أعلن الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر في خطابه التاريخي بمدينة الإسكندرية في الـ26 من يوليو (تموز) 1956 قرار تأميم قناة السويس. ونصت المادة الأولى من القرار على تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية (شركة مساهمة مصرية) وتنقل إلى الدولة جميع ما لها من أموال وحقوق وما عليها من التزامات وتحل الهيئات واللجان القائمة حالياً على إدارتها، ويعوض المساهمون وحملة حصص التأسيس. وبالفعل أوفت الدولة المصرية بجميع التزاماتها، فمع حلول الأول من يناير (كانون الثاني) 1963 كانت قد سددت التعويضات التي أعلنت عزمها على دفعها لمساهميها تعويضاً لهم عما يملكونه من أسهم وحصص تأسيس.
ووفقاً للمصادر التاريخية، جاء قرار التأميم رد فعل مباشراً على مواقف الدول الكبرى بما فيها الولايات المتحدة والبنك الدولي من مسألة تمويل السد العالي، "إلا أن القرار في حقيقة الأمر كان كاشفاً وليس منشئاً للحقوق المصرية، وهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالسيادة المصرية على كامل التراب الوطني بعد ثورة 23 يوليو"، وفقاً لموقع القناة الرسمي.
قناة السويس... محور للصراع الدولي
تشير المصادر التاريخية إلى أن القناة كانت محل نزاع بين القوى الكبرى، بخاصة بريطانيا وفرنسا، ورغم أهميتها لم تحظَ بالدعم الكافي والمساهمة الخارجية، بل سعت القوى الكبرى لعرقلة حفرها في البداية، ثم السيطرة عليها بعدما تمكن المصريون من إعادتها إلى الخريطة الجيوسياسية.
في كتابه "الصراع الدولي حول استغلال قناة السويس (1869 - 1882)"، يوضح السيد حسين جلال، أن قناة السويس افتتحت في أوج عصر الإمبريالية العالمية كواحدة من أكبر المشاريع العالمية تلبية لحاجات العصر لنقل التجارة بين الشرق والغرب، وكانت بريطانيا هي القوة البحرية الرائدة آنذاك فدخلت في سباق محموم مع فرنسا، واتهم ساسة إنجلترا فرنسا بأنها تريد إنشاء دردنيل مصري، أو جبل طارق مصري تسيطر عليه فرنسا، وتتحكم في طريق بحري يؤدي إلى الهند وغيرها من ممتلكات بريطانيا في ما وراء البحار.
ويتابع المؤلف أن بريطانيا شنت ثلاث هجمات استعمارية خلال القرن الـ19، عام 1801، إبان الحملة الفرنسية والثانية 1807 المعروفة بحملة فريزر، والثالثة عام 1882 ليمكث الاستعمار البريطاني في مصر قرابة ثلاثة أرباع القرن. ولم تكد مصر تسترد سيادتها وحقوقها على قناة السويس عام 1956 من أجل أن تكون مصدر رخائها الاقتصادي، ومظهراً من مظاهر سيادتها القومية على أراضيها، حتى خاضت مصر ثلاث حروب ضارية على مدى 17 عاماً فقط (1956، و1967، و1973) دارت كلها حول قناة السويس، وهكذا أصبحت مصر بسبب قناة السويس منذ إنشائها، موضع مساومات ومؤامرات في السياسة الدولية.
أما كتاب "السخرة في حفر قناة السويس" للمؤرخ عبدالعزيز الشناوي فيوضح أن بريطانيا عارضت مشروع قناة السويس في أول الأمر، إذ اعتقدت أنه مشروع سياسي فرنسي يهدف إلى امتلاك مصر، ثم ضرب الممتلكات البريطانية في الهند وغيرها، وذكر نابليون بونابرت في مذكراته التي وضعها في منفاه بجزيرة سانت هيلانه "إن الإنجليز تنخلع قلوبهم هولاً إذا رأوا فرنسا تحتل مصر. ونحن بهذا الاحتلال نوضح لأوروبا الوسيلة الفعالة لحرمان الإنجليز من الهند". وقد ذهبوا في اعتناق هذا الرأي إلى القول إنه إذا أيدت إنجلترا مشروع القناة كان هذا بمثابة انتحار لها، لأن السفن الفرنسية تستطيع اجتياح الهند قبل أن تصل أخبار الغزو إلى إنجلترا.
تكشف وثائق بريطانية أزيحت عنها السرية أن لندن كانت دائماً تحرص على التمييز بين الملكية المصرية للقناة وتشغيلها، بينما حاولت دراسة إجراءات طارئة للحفاظ على القناة مفتوحة في حال حدوث أي انهيار لخدمات قناة السويس نتيجة عمل ما من جانب الحكومة المصرية، بعد ثورة 1952 ورفضها تسليم القناة للسيادة المصرية. ووفقاً للوثائق التي نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية، خططت بريطانيا وفرنسا للتحكم في الممر الملاحي من طريق تحالف شركات غربية حتى بعد التأميم.
وفي يوليو (تموز) عام 1953، كثفت لندن وفرنسا الضغوط على الولايات المتحدة لعقد مؤتمر سري في أقرب وقت ممكن، وتكشف وثائق مجلس الوزراء البريطاني أن واشنطن "أوضحت بجلاء أنها غير مستعدة للمشاركة، بسبب إمكانية إثارة ردود فعل عنيفة من جانب المصريين إذا سمعوا به، وربما يفاقم هذا الأخطار التي يهدف المؤتمر إلى مواجهتها".
لم تكتف الولايات المتحدة بالرفض، بل اقترحت بديلاً للنهج البريطاني - الفرنسي. ووفق محضر اجتماع للجنة القناة بمجلس الوزراء البريطاني في مارس (آذار) عام 1954، فإن هذا البديل هو "نهج متعدد الأطراف تجاه مصر من جانب القوى البحرية".
ووفقاً للوثائق صدم عبدالناصر رئيس وزراء مصر في ذلك الوقت، بريطانيا والدول الغربية، بإعلانه يوم الـ17 من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1954 أن مصر تستعد بالفعل للسيطرة على القناة عندما ينتهي اتفاق الامتياز عام 1968. وأكد أنه "يريد تجنب أخطاء الماضي"، وقال عبارته الشهيرة "في الماضي كانت مصر تنتمي إلى القناة، لكنه من الآن فصاعداً، ستنتمي القناة إلى مصر".
هل من دور تاريخي لواشنطن بقناة السويس؟
رغم عدم وضوح تصريحات ترمب حول الدور التاريخي للولايات المتحدة في قناة السويس، يجادل البعض بدور الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور في استعادة مصر قناة السويس، فقناة السويس لم تعد للملكية والسيادة المصرية بمجرد قرار الرئيس المصري الراحل عبدالناصر تأميمها يوم الـ26 من يوليو (تموز) 1956، لكن بانسحاب القوات البريطانية والفرنسية من منطقة قناة السويس، وانسحاب إسرائيل من سيناء وغزة في مارس 1957، بعدما دعم أيزنهاور قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ضد العدوان الثلاثي على مصر، وفرض الانسحاب من سيناء ومنطقة القناة، وهو الدور الذي ظلت القيادة المصرية آنذاك ممتنة له، بصرف النظر عن دوافع واشنطن نحو ملء الفراغ، وتعويض انحدار الإمبراطورية البريطانية وقتذاك.
وعلى أية حال، فالثابت تاريخياً أن ظهور القناة جاء بينما كانت الولايات المتحدة ملتزمة مبدأ الرئيس مونرو عام 1823، الذي قضى بعدم انتظام الولايات المتحدة في الشؤون الأوروبية والدولية، إضافة إلى انشغالها بالحرب الأهلية خلال فترة 1861 - 1865.
بدوره يقول مساعد مدير المخابرات الحربية المصرية السابق اللواء ممدوح الإمام، في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، إن تصريحات ترمب تنطوي على مغالطات تاريخية، ليس للولايات المتحدة أي دور أو فضل في إنشاء قناة السويس، من أنشأها هو الشعب المصري، مضيفاً "الولايات المتحدة أنشئت عام 1776، وظهر أول دستور لها عام 1787، وفي عام 1850 كانت الولايات المتحدة 31 ولاية بانضمام ولاية كاليفورنيا، الولاية 32 مينيسوتا انضمت عام 1858، وقتها كان الشعب المصري قد استغرق أربعة أعوام في حفر القناة بالفعل، لأنه بدأ في حفرها 1854 بعد فرمان الامتياز الأول، بالتالي ليس للولايات المتحدة أو أي دولة دور في ذلك، والدور الوحيد والرئيس للشعب المصري".
وأوضح الإمام أن مرحلة حفر القناة لم يكن بها أي دور للولايات المتحدة، المشروع وفقاً للوثائق التاريخية كان يدار بين مصر والدولة العثمانية وفرنسا وبريطانيا، وفي معاهدة الأستانة دخلت روسيا والنمسا على أساس أنها دول أوروبية يهمها المرور بالقناة، والولايات المتحدة لم يرد ذكرها في الوثائق التاريخية للقناة مطلقاً.
ويتفق أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة القاهرة محمد عفيفي مع مساعد مدير المخابرات الحربية المصرية السابق، موضحاً أن تصريحات الرئيس الأميركي "غير واضحة" في ما يتعلق بدورها في قناة السويس، لكن الثابت والمعلوم تاريخياً أن الولايات المتحدة ليس لها أي دور في حفر قناة السويس، فبعد أعوام قليلة من بدء حفر قناة السويس دخلت الولايات المتحدة في الفترة الحرب الأهلية الأميركية من عام 1861 إلى 1865، ولم تكن في وضع يسمح لها بدور في القناة، ولم تقم بدور في حفرها أو تمويلها، لكن تصريحه يمكن قراءته في ما يتعلق بالدور الراهن في "ضرب الحوثيين وحماية الملاحة في البحر الأحمر".
هل أسهم أيزنهاور في استعادة مصر القناة؟
في مقابل الحديث عن الدور الأميركي في استعادة مصر للسيطرة على قناة السويس بعد قرار التأميم ورفض العدوان الثلاثي، يوضح أستاذ التاريخ في جامعة القاهرة أن دور الولايات المتحدة في أزمة السويس ليس له علاقة بالقناة، "فقد كانت واشنطن ضد قرار التأميم، لأن قرار تأميم قناة السويس نفسه جاء رداً على رفض الولايات المتحدة والغرب من خلال البنك الدولي تمويل مشروع السد العالي، لكن عندما وقع العدوان الثلاثي، واشنطن لم تكن موافقة على شن بريطانيا وفرنسا وإسرائيل الحرب، ثم خشيت من التدخل السوفياتي في هذا التوقيت، ولم تكن تريد أن يقوم الاتحاد السوفياتي باستغلال الأزمة والتدخل في المنطقة ويتقارب مع عبدالناصر، ومن ثم اتفقت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي على ضرورة وقف الحرب، ولم تكن الولايات المتحدة السبب في تأمين سيطرة مصر على القناة وتأميمها".
وفي ما يتعلق بدور الولايات المتحدة في حرب السويس ووقف العدوان الثلاثي لفرنسا وبريطانيا وإسرائيل على مصر، بعد استعادة السيطرة والسيادة المصرية على القناة، يوضح مساعد مدير المخابرات الحربية المصرية السابق أن دور الولايات المتحدة في حرب السويس "لم يكن من أجل الملاحة في قناة السويس، إنما من أجل هيبتها، لأن الرئيس دوايت أيزنهاور، شعر بأن بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، تصرفوا بصورة منفردة عندما قاموا بهذا الهجوم ولم يبلغوه، فأراد فرض هيبته على الدول الثلاثة، وأمرهم بالانسحاب من سيناء، ولم تكن قناة السويس في باله مطلقاً، بل استعادة لهيبة الولايات المتحدة ودورها الدولي".
وتابع الإمام "الشعب المصري دفع ثمناً باهظاً في حفر القناة، فحينما كان تعداد مصر 4.8 مليون نسمة، توفي في الحفر 120 ألف مصري في ظروف بالغة السوء من العطش والجوع والأوبئة، وهو ما يرصده المؤرخ المصري عبدالعزيز الشناوي في مؤلفاته آنذاك عن السخرة".
ويعتقد أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة أن ترمب يبحث عن تعويض لكلفة ضرب الحوثيين وحماية الملاحة في البحر الأحمر، وهي أمور مكلفة للولايات المتحدة، بالتالي يبحث عن مقابل، في شكل مرور السفن التجارية الأميركية في القناة مجاناً، لكن هذه أيضاً مغالطة، لأنه "يضرب الحوثيين حماية لإسرائيل، لا حماية لقناة السويس، وهو يتبع أسلوب الضغط وفرض الشروط".
ومن جهته، يستكمل مساعد مدير المخابرات الحربية المصرية السابق أن غارات الولايات المتحدة ضد الحوثيين بدأت خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن، وكان من الواضح عدم اتخاذ موقف جاد وقوي من الولايات المتحدة ضد الحوثيين المدعومين من إيران، لقناعتها بأن وجود تهديدهم يمثل ورقة ضغط أميركية في مواجهة دول الخليج ومصر، ولم تكن واشنطن جادة في القضاء على خطر الحوثي، وتحالف حارس الازدهار لم يكن له تأثير قوي في ردعهم، ولم تبدأ جدية واشنطن في ضربهم إلا اعتباراً من منتصف مارس الماضي، وهذا الهدف يحقق مصالح الولايات المتحدة والصين، لأنهما أكبر اقتصادين في العالم، ولا تقارن حجم المنافع الاقتصادية لسلاسل الإمداد الأميركية والصينية بالعائد من مرور السفن بقناة السويس، فمصر خسرت 7 مليارات دولار نتيجة التوتر في البحر الأحمر، فالتجارة العالمية خسرت أضعاف هذا المبلغ، ومن ثم تحييد الحوثي ليس لمصلحة مصر بالأساس، لكنه لمصلحة واشنطن أيضاً.
ويؤكد الإمام أن طلب ترمب إعفاء السفن الأميركية يواجه باتفاقية القسطنطينية التي تنص على حياد قناة السويس، والبند 12 من هذه المعاهدة الدولية يمنع سعي أي طرف للحصول على فوائد إقليمية أو تجارية أو امتيازات في الترتيبات الدولية التي قد تجري مستقبلاً في ما يتعلق بالقناة، ومن ثم "فمصر لا تملك أن تعفي السفن الأميركية من رسوم العبور في قناة السويس وفقاً لاتفاقية القسطنطينية"، على حد قوله.
وبدوره يذهب مستشار المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية اللواء محمد قشقوش إلى أنه "في إطار العلاقات الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، لسفن واشنطن أسبقية للعبور من قناة السويس، فهذه ميزة، وقد يكون هناك تعاون مستقبلي في ميزات أخرى متبادلة، لكن ليس من ضمنها أن تمر سفن الولايات المتحدة ذهاباً وإياباً من دون رسوم، فحديث ترمب نابع من خلفيته التجارية والرأسمالية، وتصريحه غير موفق، وحق قناة السويس محفوظ، المراحل التاريخية التي مرت بها، مثل حرب السويس وتأميم القناة وإغلاقها خلال حرب 1967، حتى تحريرها بعد انتصار 1973، فالقناة جزء من تراث مصر القومي وأصولها، ومصدر أساس للناتج المحلي الإجمالي، ودخلها القومي، ولا يمكن التنازل عن حقوقنا بها".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار قشقوش إلى أن تصريح ترمب استفزازي ويحمل خلطاً للأوراق، فعندما يقول إنه لولا الولايات المتحدة لما وجدت قناتا بنما والسويس، فالشق الأول فقط صحيح، لأن الولايات المتحدة لعبت دوراً كبيراً في إنشاء وتشغيل قناة بنما، وحتى جرى تسليمها إلى بنما عام 1999 في عهد الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، وهذا الوضع يختلف تماماً في قناة السويس، فإنشاؤها مصري صرف، صحيح أن المهندس الفرنسي فرديناد ديليسبس الذي وضع تصميمها وأقنع حاكم مصر آنذاك الخديوي محمد سعيد بحفرها، لكن جرى إنشاؤها بأيدي مهندسين وعمال مصريين دفعوا ثمناً كبيراً لحفر القناة بالطرق البدائية التي كانت موجودة، وهذه القناة سبقتها محاولات خلال العصرين الفرعوني والإسلامي وغيرهما، لكن هذه القناة الآن قناة مصرية، وليس للولايات المتحدة أي فضل في حفرها أو تطويرها، وحديث ترمب غير مسؤول ولا يجب الالتفات إليه".
ويوضح قشقوش أن حركة التجارة الأميركية ونقل النفط وحركة الأساطيل العسكرية الأميركية، بخاصة الأسطولان السادس بالبحر المتوسط والخامس في الخليج العربي، والوجود العسكري الأميركي في القرن الأفريقي، والقيادة المركزية الأميركية البحرية، تمر عبر قناة السويس، التي تمثل ممراً مصرياً له صفة دولية، ولا يمكن لأي طرف أن يطلب المرور منه من دون رسوم، ومن غير المنطقي أن يفرض ترمب على العالم رسوماً جمركية متصاعدة، بينما يريد إلغاء رسوم القناة، مضيفاً "قد يكون هناك تفاهمات، وقد يصلح هذا الأمر على قناة بنما، لأن للولايات المتحدة فضلاً في وجودها، لكن لا مجال للحديث عن التاريخ بالنسبة إلى قناة السويس حالياً".
كيف ينظر ترمب إلى قناتي بنما والسويس؟
يجيب عن هذا التساؤل، الأكاديمي الأميركي المتخصص في سياسة الشرق الأوسط فرانك مسمار، إذ يوضح أن دعوة ترمب إلى السماح للسفن العسكرية والتجارية الأميركية بالسفر مجاناً عبر قناتي بنما والسويس، يرجع إلى أهمية هذين المسارين التجاريين الاستراتيجيين للتجارة العالمية وعمليات الجيش الأميركي، إذ يربطان الممرات المائية الحيوية ويقصران بشكل كبير أوقات السفر بين المحيطات. معتبراً أن الرئيس الأميركي لديه أساس منطقي في حديثه عن المرور المجاني، "فتأكيد ترمب أن هذه القنوات تدين بوجودها للولايات المتحدة يرتكز على السياق التاريخي. لعبت الولايات المتحدة دوراً محورياً في بناء قناة بنما وصيانتها لاحقاً، إضافة إلى ذلك، كثيراً ما تشابكت المصالح الدبلوماسية والاقتصادية الأميركية مع عمليات كلتا القناتين. من خلال الدعوة إلى حرية المرور، يسعى ترمب إلى الاستفادة من هذه المشاركة التاريخية لمصلحة أميركيا".
ويذهب مسمار إلى أن اقتراح السماح للسفن الأميركية بالمرور الحر سيكون له تداعيات عميقة على التجارة العالمية والاستراتيجية العسكرية. من الناحية الاقتصادية، سيقلل من الكلف التشغيلية لشركات الشحن التجارية الأميركية، مما قد يخفض أسعار البضائع المنقولة من طريق البحر. من الناحية العسكرية، سيعزز تنقل البحرية الأميركية واستعدادها، مما يسمح بالانتشار السريع وتحديد المواقع الاستراتيجية من دون تكبد رسوم عبور.
ويستكمل الأكاديمي الأميركي "دعوة ترمب إلى حرية مرور السفن الأميركية عبر قناتي بنما والسويس تعكس مزيجاً من التبرير التاريخي والطموح الاستراتيجي، مع فوائد اقتصادية وعسكرية محتملة للولايات المتحدة. ويؤكد طلب ترمب من وزير الخارجية ماركو روبيو معالجة هذه المسألة على الفور على الحاجة الملحة والأهمية التي يوليها لهذه القضية. ومع ذلك من المرجح أن يثير مجموعة من ردود الفعل من المجتمع الدولي. تعد إدارة القناتين وإيراداتهما أمراً بالغ الأهمية لاقتصادات بنما ومصر. يمكن اعتبار تأكيد حقوق المرور الحر انتهاكاً لسيادتها، مما قد يؤدي إلى توتر العلاقات الدبلوماسية".
الأكاديمي الأميركي المتخصص في سياسة الشرق الأوسط يعد أن طريقة فهم ترمب لإبرام الصفقات يؤثر بصورة عميقة في نهجه بالمفاوضات الدولية، بما في ذلك مقترحاته في شأن بنما وقناة السويس. وهو ينظر إلى هذه القنوات على أنها نقاط نفوذ في المساومة، إذ يمكن للولايات المتحدة تأكيد نفوذها وتأمين شروط مفيدة للطرفين. وتشير استراتيجيته إلى أنه من خلال تقليل كلف العبور للسفن الأميركية، يمكن للولايات المتحدة تعظيم فوائدها الاقتصادية والعسكرية، و"الفوز" بصورة فعالة بمزيد من القطع من الكعكة في التجارة العالمية والخدمات اللوجيستية الدفاعية.
ومع ذلك فإن جدوى مثل هذا الاقتراح تعتمد على ما إذا كان يمكن للنقاش الانتقال من المساومة المفضلة لترمب إلى المفاوضة التكاملية. وسيشمل ذلك إيجاد شروط مفيدة للطرفين لجميع الأطراف، واحترام المصالح الاقتصادية لبنما ومصر وسيادتهما مع تعزيز التعاون والأمن العالميين، وفقاً للأكاديمي الأميركي.
وستكون المفاوضات المعقدة ضرورية لتحقيق رؤية ترمب. ستشمل هذه المناقشات بنما ومصر وأصحاب المصلحة الآخرين في المجتمع البحري الدولي. ويمكن أن تؤدي نتيجة مثل هذه المفاوضات إلى اتفاقات جديدة تعيد تحديد شروط مرور السفن الأميركية، وتحقيق التوازن بين المصالح الاقتصادية والاستراتيجية مع احترام السيادة الدولية. ومع تطور التجارة العالمية والديناميكيات العسكرية، ستزداد الأهمية الاستراتيجية لقناتي بنما والسويس. تصريح ترمب، رغم كونه مثيراً للجدل، فإنه يفتح حواراً حول مستقبل هذه الممرات المائية الحيوية. ويبقى أن نرى ما إذا كان اقتراحه سيتم قبوله أم لا"، وفقاً للمتحدث نفسه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 3 ساعات
- Independent عربية
من يخرب المحادثات الإيرانية- الأميركية إسرائيل أم إدارة ترمب أم ماضي طهران؟
ظلال من الشك والتصريحات المتبادلة بين طهران وواشنطن تشي بأجواء متوترة تحيط بالجولة الخامسة من المحادثات، وما إذا كان من الممكن الوصول إلى اتفاق نووي أو لا. وهذه التصريحات ترتبط بمطلب أميركي بالتخصيب الصفري، في حين تعتبر إيران ذلك خطاً أحمر وإنجازاً وطنياً لن تتخلى عنه. فهل وصلت المفاوضات إلى حد الخلاف؟ ولا سيما أن إيران أعلنت مرات عدة أنها لن تتنازل عن هذا الخط الأحمر وأنه ما من اتفاق إذا استمر الإصرار الأميركي على التخصيب الصفري. فهل السبب في ذلك الخلاف عدم كفاءة إدارة دونالد ترمب؟ أم خبرة إيرانية من الماضي تؤثر في رؤية طهران للمحادثات؟ أم السبب هو فعل إسرائيلي؟ يمكن القول إن السبب عبارة عن تفاعل العوامل الثلاثة، فإيران لديها تجربة من الماضي تدفعها إلى عدم التنازل عن التخصيب وقبول استيراد اليورانيوم المخصب من الخارج، كما أن تدخل إسرائيل بصورة غير مباشرة دفع إدارة ترمب إلى رفع المطلب الأقصى لدرجة التخصيب الصفري وتغيير مطلبها السابق بخفض التخصيب إلى درجة 3.76 في المئة، وكان حينها أقصى مطالب ترمب منع إيران من تملك السلاح النووي، لكن ذلك تغير الآن. فقبل بدء الجولة الخامسة من المحادثات بين واشنطن وطهران، تتناثر التصريحات من الطرفين وتدور حول مسألة تخصيب اليورانيوم، فتعتبر إيران أن الولايات المتحدة تغير اتفاقاتها معها، وأن المعلن غير ما اتُفق عليه خلال الجولات الماضية، إذ يشير الجانب الأميركي إلى التخصيب الصفري الذي ليست طهران في وارد القبول به. وخرجت التصريحات الإيرانية من المرشد ومجلس الخبراء ونائب وزير الخارجية ومدير وكالة الطاقة الإيرانية لتؤكد أن تخصيب اليورانيوم هو حق للدول كما أنه "إنجاز وطني" و"حق للأجيال المقبلة". ويرفض الإيرانيون الآن تصريحات المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف الذي قال "لدينا خط أحمر واضح للغاية، وهو التخصيب، لا يمكننا أن نقبل حتى بنسبة واحد في المئة من قدرة التخصيب". وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي أن بلاده وافقت على الاقتراح الذي قدمته سلطنة عمان بعقد جولة أخرى من المحادثات الإيرانية- الأميركية في العاصمة الإيطالية روما، كما أكد أن "الفريق التفاوضي عازم على السعي إلى تحقيق الحقوق والمصالح العليا في الاستفادة من الطاقة النووية السلمية، بما في ذلك التخصيب ورفع العقوبات الجائرة، ولن يدخر أي جهد أو مبادرة في هذا الصدد". وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن "موقف إيران واضح للغاية، التخصيب سيستمر مع أو من دون اتفاق، ولكن إذا كانت الأطراف ترغب في الشفافية في ما يتعلق بالبرنامج السلمي الإيراني، فيتعين عليهم رفع العقوبات"، مضيفاً "إذا كانت لديهم مطالب أكثر من ذلك ويريدون حرماننا من أشياء هي حقنا، فلا مجال للقبول". في البداية كان هناك تياران داخل إدارة ترمب بالنسبة إلى التعامل مع الملف الإيراني، الأول يحبذ التوصل إلى حل سلمي واتفاق مع طهران، بينما يدعم التيار الآخر الخيار العسكري، وبعدما كان ويتكوف يتحدث عن التخصيب بنسبة 3.67 في المئة، صار المطلب الأميركي على لسانه ولسان وزير الخارجية ماركو روبيو التخصيب الصفري. ومطلب التخصيب الصفري جاء بعد حديث إسرائيل عن نموذج الحل الليبي، أي تفكيك الملف النووي الإيراني. وجاء ذلك المطلب بعدما قلل بعضهم في الإعلام الأميركي من شأن الاتفاق الجديد مع إيران، معتبرين أنه لن يختلف عن اتفاق عام 2015 الذي توصلت إليه إدارة باراك أوباما، وهنا بدأ المفاوض الأميركي يتحدث عن التخصيب الصفري على اعتبار أن هذا المطلب سيجعل اتفاق إدارة ترمب مختلفاً عن الاتفاق القديم مع أوباما. ربما لعبت الدوائر الإعلامية المرتبطة بإسرائيل داخل الولايات المتحدة بهذا الأمر للتقليل من الاتفاق الجديد بغية استفزاز ترمب للتفكير في أنه لا بد من أن يأتي بما لم يأتِ به أوباما أو جو بايدن. وما يجعل هذا الأمر مرجحاً ومرتبطاً بإسرائيل، الغائب الحاضر في الملف النووي الإيراني، هو أن أحد الأسباب الرئيسة لإقالة مايك والتز من منصب مستشار الأمن القومي الأميركي هو أن التنسيق بينه ونتنياهو كان أكبر من التنسيق مع ترمب في شأن الملف النووي الإيراني. وربما كان تعقيد سير المحادثات بين طهران وواشنطن إلى حد تخريبها جزءاً من تفاهمات والتز مع نتنياهو. وفي حين اعتبر بعضهم أن ترمب حاول فعلياً إيصال رسالة إلى نتنياهو بأنه لا ينوي منحه شيكاً على بياض وجعل السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط تابعة لأولويات إسرائيل، فأقال والتز من منصبه، إلا أن رغبة ترمب في تحقيق إنجازات ضمن ملفات عدة تميزه عن إدراتي أوباما وبايدن جعلته يطالب بفرض "التخصيب الصفري"، لتصبح تلك النقطة الخلافية الأهم في سير المفاوضات للوصول إلى اتفاق مع إيران. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) واللافت هو صدور تقرير جديد عبر شبكة "سي أن أن" نقلاً عن مصادر استخباراتية أميركية جاء خلاله أن إسرائيل لديها خطة جاهزة لضرب المنشآت الإيرانية في حال عدم التوصل إلى اتفاق يوقف تخصيب اليورانيوم، في ما يبدو أنه نوع من الحرب النفسية للضغط على إيران. لكن كل ما سبق سواء من التقرير الإخباري لـ"سي ان أن"، أو التردد في الموقف الأميركي، أو الدور الإسرائيلي، تجاهل تماماً عاملاً مهماً عند التعامل مع العقلية الإيرانية وهو خبرات التاريخ، فإيران دولة ذات إطار نفسي يحكمه في جزء كبير ما مرت به في الماضي وتستشهد دائماً بالتاريخ. ودخلت إيران للمرة الأولى ضمن ترتيبات إنتاج الوقود النووي في أوروبا عام 1974، أي قبل عام من توقيع عقد بناء محطة بوشهر للطاقة النووية، مع تأسيس الشركة الفرنسية- الإيرانية لتخصيب اليورانيوم بالانبعاثات الغازية (SOFIDIF)، ثم انضمت إيران إلى اتحاد "يوروديف" وهو المجمع الأوروبي لتخصيب اليورانيوم، ومُنحت 10 في المئة من إجمالي أسهم الاتحاد وكانت بلجيكا وفرنسا وإيران وإيطاليا وإسبانيا من المساهمين فيه لإنتاج الوقود النووي. وقدمت طهران قرضاً بقيمة 1.18 مليار دولار لتطوير "يوروديف". ومع بدء المنشأة بالعمل في فرنسا، كانت الثورة الإيرانية اندلعت، بالتالي لم يُنقل الوقود النووي إليها، وبعد ذلك أكدت فرنسا أن العقد معها انتهى عام 1990 وأن "يوروديف" لم يعُد ملزماً نقل اليورانيوم المخصب إلى إيران. وهنا يتضح سبب رفض إيران التخصيب الصفري واستيراد اليورانيوم من الخارج، وإصرارها على الاحتفاظ بذلك الحق، كما يفسر ذلك سبب اقتراحها تأسيس اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم على أراضيها. لو كانت الإدارة الأميركية على درجة عالية من فهم العقلية الإيرانية ومنطلقات تحركها، لما كرر ماركو روبيو خلال جلسة استماع في الكونغرس الأميركي أن "الخيار أمام إيران هو استيراد اليورانيوم المخصب اللازم لمفاعلاتها." وهذا التذبذب في الموقف الأميركي الذي يبدو عائداً للدور الإسرائيلي الهادف إلى تخريب المفاوضات، وضع المحادثات أمام نقطة خلاف رئيسة إذا تراجعت أمامها إدارة ترمب فستضيف إلى كثير من المواقف المتراجعة التي مرت بها منذ مجيئها إلى البيت الأبيض، سواء في ما يخص الصين والتعريفات الجمركية والحرب الأوكرانية وأخيراً ملف إيران. ربما يبدو لنا من زاوية أخرى أن الإدارات الأميركية المتعاقبة حتى هذه اللحظة، وبصورة عامة، ليس لديها تصور لكيفية التعامل مع إيران في الشرق الأوسط، وهو ما تحتاج دول المنطقة إلى أن تكون أكثر دراية بما تريده هي من إيران.


الوئام
منذ 3 ساعات
- الوئام
تراجع بسيط في أسعار الذهب عالميا
بعد الارتفاعات الحادة خلال الأيام القليلة الماضية تراجعت أسعار الذهب في تعاملات الخميس. وانخفض سعر المعدن الأصفر اليوم بمقدار 17 دولارا أي بنسبة 5ر0% إلى 30ر3292 دولارا للأوقية تسليم الشهر الحالي، بعد ارتفاعه بأكثر من 4% خلال الجلسات الثلاث السابقة. جاء تراجع المعدن النفيس في ظل عودة قيمة الدولار إلى الارتفاع، حيث قفز مؤشر سعر العملة الأمريكية أمام العملات الأخرى بنسبة 5ر0%، مستعيدا جزءا من خسائر الأيام الماضية. واستفادت أسعار العقود الآجلة للذهب مؤخرا من تزايد جاذبيته كملاذ استثماري في ظل المخاوف من الآثار المالية للتخفيضات الضريبية الكبيرة التي أقرها مجلس النواب الأمريكي الذي يسيطر الحزب الجمهوري على الأغلبية فيه. جاء تصويت مجلس النواب، على مشروع قانون تخفيض الضرائب في ساعة مبكرة من اليوم، متفقا مع التركيبة الحزبية له، في حين يحذر المحللون من أنه قد يضيف تريليونات إلى ديون الحكومة الاتحادية الضخمة أصلًا. وفي منشورٍ على موقع 'تروث سوشيال'، وصف الرئيس دونالد ترامب مشروع القانون بأنه 'ربما يكون أهم تشريعٍ في تاريخ بلادنا'، وحثّ مجلس الشيوخ على إقرار القانون ورفعه إليه للتصديق عليه في أقرب وقتٍ ممكن. وعلى صعيد الأنباء الاقتصادية، أظهر تقرير صادر عن وزارة العمل الأمريكية اليوم انخفاضًا طفيفًا غير متوقع في عدد طلبات إعانة البطالة الأمريكية لأول مرة خلال الأسبوع المنتهي في 17 مايو/أيار. وذكرت وزارة العمل أن عدد طلبات إعانة البطالة تراجع إلى 227 ألف طلب، بانخفاض قدره 2000 طلب عن عدد الأسبوع السابق والبالغ 229 ألف طلب وفقا للبيانات المعدلة. وكان المحللون يتوقعون ارتفاعا طفيفا في العدد خلال الأسبوع الماضي إلى 230 ألف طلب. كما أظهرت بيانات اقتصادية تراجعا جديدا غير متوقع لمبيعات المساكن القائمة في الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي. وبحسب بيانات الاتحاد الوطني للمطورين العقاريين بأمريكا، تراجعت المبيعات خلال أبريل/نيسان الماضي بنسبة 5ر0% إلى ما يعادل 4 ملايين مسكنا سنويا، بعد تراجعها بنسبة 9ر5% خلال مارس/آذار إلى ما يعادل 02ر4 مليون مسكنا سنويا وفقا للبيانات المعدلة. وكان المحللون يتوقعون ارتفاع المبيعات بنسبة 2% إلى ما يعادل 10ر4 مليون مسكنا سنويا خلال الشهر الماضي.


الشرق الأوسط
منذ 3 ساعات
- الشرق الأوسط
ترمب ونتنياهو يناقشان اتفاقاً محتملاً مع إيران
أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث تناقشا حول الاتفاق المحتمل مع إيران، والوضع في غزة، إضافة إلى تقديم التعازي في مقتل اثنين من الموظفين في السفارة الإسرائيلية أمام المتحف اليهودي في العاصمة واشنطن، مساء الأربعاء. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن ترمب أوضح في اتصال، اليوم (الخميس)، أنه يريد التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي. وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن ترمب «وافق على ضرورة ضمان عدم حصول إيران على أسلحة نووية». وأوضحت ليفيت أن ترمب أشار إلى أن الأمور تمضي في المسار الصحيح، فيما يتعلق بالمحادثات مع إيران، حيث تجري الجولة الخامسة من المحادثات بين الجانبين الأميركي والإيراني في العاصمة الإيطالية روما، الجمعة، بواسطة سلطنة عمان. وأعلن وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، أمس، أن الجولة الخامسة من المحادثات الإيرانية الأميركية غير المباشرة بشأن برنامج طهران النووي ستُعقد في روما، الجمعة. ترمب برفقة نتنياهو في البيت الأبيض خلال أبريل الماضي (رويترز) وذكر تقرير لشبكة «سي إن إن»، الثلاثاء، نقلاً عن مسؤولين أميركيين لم تُسمّهم، أن إسرائيل تستعد لاستهداف مواقع نووية إيرانية، رغم استمرار المحادثات الدبلوماسية. وفي أعقاب هذا التقرير حذّرت إيران من أنها ستحمّل الولايات المتحدة مسؤولية أي هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية. وعبّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم (الخميس)، عن قلقه إزاء تقارير تفيد بأن إسرائيل تخطط لشنّ هجوم على منشآت نووية إيرانية، مطالباً مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية بإدانة تلك التقارير فوراً، وبشكل حازم. وقد تعهد الرئيس ترمب مراراً بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، وشدّد على ضرورة التوصل إلى اتفاق أقوى من الاتفاق الذي تم التوصل إليه في عهد أوباما عام 2015، الذي انسحب منه ترمب عام 2018 خلال ولايته الأولى. وألمح ترمب خلال زيارته الخليجية أنه يعتقد أن إيران قد قبلت بشروط رئيسية، وأن نهجه الدبلوماسي سيمنع الصراع العسكري، ويغادر الوفد الأميركي، الذي يضم ستيف ويتكوف المبعوث الرئاسي المقرب من الرئيس ترمب، ومسؤول السياسات في وزارة الخارجية مايكل أنطون، الذي يتولى الجوانب الفنية. ويواجه الجانبان معضلة التوصل إلى اتفاق حول تخصيب اليورانيوم الذي أصبح نقطة خلاف رئيسية. فبينما سمح اتفاق عام 2015 بالتخصيب منخفض المستوى للاستخدام المدني حتي درجة نقاء 3.67 في المائة، والحفاظ على مخزون يورانيوم يبلغ 300 كيلوغرام، تُخصّب إيران اليورانيوم الآن إلى 60 في المائة، ولكنه لا يزال أقل من نسبة 90 في المائة اللازمة لصنع الأسلحة. وقدّر آخر تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامج إيران مخزونها من اليورانيوم المخصب بنحو 830 كيلوغراماً. وتقدر وكالات الاستخبارات الأميركية أن إيران لم تبدأ بعد برنامجاً للأسلحة النووية، لكنها «قامت بأنشطة تُمكّنها من إنتاج سلاح نووي، إذا اختارت ذلك». وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو متحدثاً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ اليوم (أ.ب) وقد صرّح ويتكوف، نهاية الأسبوع الماضي، أن الإدارة الأميركية تريد وقفاً كاملاً لتخصيب اليورانيوم، فيما أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في شهادته أمام الكونغرس الثلاثاء، تمسك إدارة ترمب بمطلبها وقف إيران تخصيب اليورانيوم تماماً. وقال روبيو: «لا يمكن لإيران امتلاك القدرة على التخصيب، لأن ذلك يجعلها في نهاية المطاف قوة نووية على عتبة النجاح». وعندما سأل أحد المشرعين روبيو، أشار إلى أن الولايات المتحدة ستبقي على العقوبات المفروضة على تطوير إيران للصواريخ الباليستية، وهو موضوع لم يتطرق إليه صراحةً اتفاق عام 2015. وقال روبيو: «هناك عقوبات تتعلق بالإرهاب، وعقوبات تتعلق ببرنامج الصواريخ الباليستية، هذه العقوبات، إذا لم تكن جزءاً من الاتفاق، فستبقى سارية». وقال روبيو، الذي كان يتحدث قبل ساعات من صدور تقرير شبكة «سي إن إن» حول استعداد إيران لضرب المواقع النووية الإسرائيلية، إنه «ليس سرّاً أن إسرائيل تدرس الخيارات العسكرية».