logo
عن زيارة ترامب إلى الخليج والسيدة العجوز

عن زيارة ترامب إلى الخليج والسيدة العجوز

العربي الجديدمنذ يوم واحد

قليل منا في
الوطن العربي
من يعرف عن الإنتاج الأدبي السويسري. ولكن واحدا من كتاب المسرحيات والقصصيين البارزين كان اسمه فريدريش دورمانت Frederich Dürremmente، الذي كانت "الزيارة" واحدة من أهم مسرحياته السياسية الساخرة المعروفة. وفي العام 1964، تحولت المسرحية إلى فيلم سينمائي من بطولة إنغريد بيرغمان وأنتوني كوين.
قصة "الزيارة" المسرحية تحكي عن سيرة عجوز ثرية تعود بعد غياب عقود عن قريتها من أجل أن تنتقم لنفسها من عشيق سابق لها حملت منه بطفلة، ولكنه تآمر عليها بالاتفاق مع عمدة تلك القرية وبعض مساعديه، وتحملت وزر حملها وفقدان سمعتها وغادرت القرية مطرودة. ولما عادت، طرحت مكافأة قدرها مليونا دولار لمن يقتل عشيقها السابق الذي بدأ يشعر أنه أذنب بحقها، وأدرك أن أهل القرية قد خذلوه وتركوه وصاروا يريدون قتله. ولما كاد يقتل وسط ميدان القرية من أهلها، طلبت منهم أن يتوقفوا وتركت والد طفلتها ليعيش الحيرة والخيبة والمرارة التي عانت منها قبل عقود. ومن ثم تترك القرية بعدما وزعت المال الموعود عليهم.
لو أن رحلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي انتهت يوم الجمعة الماضي 16-05-2025 كانت لإسرائيل، لانطبقت المسرحية نصاً وحدثاً كما كتبها المؤلف. فترامب الذي قدم في فترة رئاسته الأولى لإسرائيل ما لم يقدمه لها أحد (الاعتراف بالقدس عاصمة ودفع مشروع الاتفاقات الإبراهيمية وغيرهما) لقلنا إن هذه القرارات قد قوبلت من قبل بنيامين نتنياهو وحكومته بالجحود والإنكار لترامب وذهبا ليتفاهما ويتناغما مع إدارة بايدن، ولكانت زيارته شبيهة بزيارة السيدة العجوز إلى تلك القرية. ولكنه لم يزر إسرائيل، بل استثناها، ما دفعها لتصعيد آلية القتل والتدمير في غزة والضفة الغربية وداخل سورية.
وحتى نضع زيارة الرئيس ترامب في إطارها الواقعي، يجب أن نتذكر أن أربعين مليون دولار قدمت على شكل تبرعات لحملته الانتخابية الرئاسية السابقة من قبل شيلدون أدلسون (الثري الأميركي اليهودي صاحب كازينوهات القمار) قد دفعت ترامب لاتخاذ القرار التنفيذي بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. وكان من المتوقع أن التبرع الذي قدمته أرملة شيلدون أدلسون بمقدار 100 مليون دولار لحملته الانتخابية الأخيرة كان مشروطاً باعتراف إدارة ترامب، إن نجح في الانتخابات (وقد نجح)، بالاعتراف بضم الضفة الغربية لإسرائيل.
ولو عدنا إلى الأرقام التي حصل عليها الرئيس ترامب للاقتصاد الأميركي من دول الخليج، لرأينا أن المباشر منها والموقع عليه قد وصل إلى 600 مليار دولار من السعودية، و200 مليار من دولة قطر، و200 مليار من دولة الإمارات. ويبلغ مجموع هذه الأرقام تريليون دولار. ولكن السعودية التزمت برفع المبلغ الملتزم به في السنوات القادمة إلى تريليون دولار، وكذلك التزمت الدول العربية بمشاريع استثمارية تقارب 1.4 تريليون دولار خلال السنوات العشر القادمة. ولا أدري تماما ما هو المبلغ الذي التزمت به دولة قطر عدا الـ200 مليار ثمناً لـ150 طائرة مدنية من بوينغ. وإذا قلنا إن الدول الثلاث ستشتري أسلحة بمقادير إضافية تقارب تريليون دولار، فإن المبالغ التي التزمت بها أو يجرى العمل على تأطيرها ضمن اتفاقات وصفقات قد يصل إلى ثلاثة تريليونات دولار وأكثر خلال العقد القادم أو ربما ما يقارب 340 مليار دولار سنوياً.
موقف
التحديثات الحية
على هامش زيارته للخليج...لا تلوموا ترامب
ولو نظرنا إلى صادرات الدول الثلاث من الوقود الأحفوري (النفط الخام والغاز الطبيعي والفحم)، لرأينا أنه بأسعار وكميات العام 2023 قد بلغت حوالي 500 مليار دولار. وبمعنى آخر، بافتراض أن هذا المبلغ سيبقى، فإن 68% منه ستخصص للاستثمارات الأميركية في السنوات العشر القادمة، وهو رقم كبير بكل المقاييس، ويعني أن دول الخليج الثلاث قد ارتبطت ارتباطاً استراتيجياً كبيراً بالولايات المتحدة.
وبغض النظر عن الأبعاد السياسية للقرار، فإن السؤال الاقتصادي الكبير هو: هل سيساعد هذا الارتباط التكنولوجي للدول الثلاث بتحقيق الهدف الاستراتيجي الأساسي، وهو تنويع اقتصاداتها ومشروعاتها التنافسية حتى تخرج من مرحلة الاعتماد على النفط الذي من المتوقع أن يفقد مركزه الاستراتيجي العام 2050؟
إذاً، فالرهان في هذه الدول الثلاث هو على تنويع الاقتصاد بأموال النفط حتى يستطيعوا الاستغناء عن الدخل من الخام الاسود. وهذا يتطلب مقترحاً كان يسميه اقتصاديو البنك الدولي والمختصون بالتنمية بنموذج "الدفعة الكبيرة" أو (Big-Push Approach) الذي يقول إن إحداث النقلة الشاملة في الاقتصاد لها متطلبات غير قابلة للتجزئة، وهذه المتطلبات الثلاث هي أولاً: تكامل البنى التحتية والخدمات المساندة للإنتاج، وثانيها: توفر الاموال وحسن إدارتها لتنويع العملية الاقتصادية، وثالثها: تدريب وتأهيل وتوفير القوى العاملة المطلوبة لإنجاز الأعمال أثناء عملية البناء وبعدها حين تبدأ الآلات في العمل بكامل جذوتها وطاقتها.
لم تكن زيارة ترامب التي لم تبلغ مدتها أكثر من ستة أيام كافية لتخطيط كل ما أنجز خلالها، بل أصبح من الواضح أن الزيارة قد مُهِد لها بكثير من العمل على المشروعات ومؤتمرات الاستثمار والاتفاقات الخاصة بين الشركات ومذكرات التفاهم والاتفاقات الحكومية، وحتى مراسم الاستقبال وأماكن الزيارة والمؤتمرات الصحافية والتغطية الإعلامية التي بدت كلها منظمة تنظيماً وثيقاً، بدءاً من أسماء المرافقين للرئيس ومروراً بالأماكن التي زارها مثل مسجد الشيخ زايد في أبوظبي والكنيس الإبراهيمي فيها. هذا التنظيم الدقيق يسوقنا إلى اعتماد فرضية مفادها أن كل الخطوات والترتيبات التي نفذت بموجبها الزيارة وفعالياتها لم تكن صدفة، سواء ما اشتملت عليه أو حتى ما لم تشتمل عليه.
من ناحية، فإن زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى الرياض وقبوله الرعاية الملكية السعودية لتكون وسيطة لدى البيت الأبيض والرئيس ترامب، والتي أدت إلى إلغاء العقوبات عن سورية، تعني أن سورية قد دخلت في علاقة متميزة مع دول الخليج لكي تقوم الأخيرة بمساندة عملية إعادة الإعمار في هذا البلد العربي الصميم. ولأن الحكومة اللبنانية فشلت حتى الآن في جمع سلاح حزب الله، فإنها لم تدع إلى الرياض، ولربما تمنح سورية الآن كل الدعم لكي تحول دون وصول أي سلاح من إيران أو من غيرها عبر الأراضي السورية إلى جنوب لبنان والبقاع.
موقف
التحديثات الحية
مستقبل النظام الاقتصادي العالمي... مَن المؤهل لقيادته؟
ولأن مؤتمر قمة خليجية كان سيعقد في الرياض قبيل انعقاد مؤتمر القمة العربية في بغداد، فإن استثناء مصر والأردن من هذه القمة يضع البلدين أمام مواقف يجب أن تحسم. الأول هو أن الأردن الذي اعيدت إليه المساعدات العسكرية والمالية الأميركية لدعم الخزينة بحاجة إلى أن يصوغ موقفه من الولايات المتحدة كي يبقي العلاقات الاستراتيجية معها. ولكنه يجب أن يكون يقظاً كل اليقظة من أن يقع تحت ضغوط اللوبي الصهيوني واصدقائه ليفرض على الأردن قبول مهاجرين إليه من الضفة الغربية وقطاع غزة. وهذا يتطلب أن يحافظ الأردن على علاقات وثيقة مع الدول الأوروبية واليابان. والسياسة الأردنية واعية لهذا الأمر.
أما بالنسبة لمصر، فالأمر مختلف قليلاً. وفي رأيي أن على دول الخليج الانتباه من أن مصر دولة مهمة جداً، ولا يجوز العبث بوضعها الداخلي لخلق فوضى قد تحيل المنطقة كلها إلى حالة عدم الاستقرار والتوازن التي يسعى نتنياهو ليبقيها فيها. ولا يجب أن تنجر كثيراً في تضخيم مشكلة حماس في قطاع غزة بعد كل الدمار والقتل والتجويع الذي يعاني منه القطاع. وإذا تركت مصر للفوضى، فإن غزة ستبدو بالمقارنة قضية بسيطة.
زيارة الرئيس الأميركي إلى منطقة الخليج الأسبوع الماضي انتهت، وحقق الرئيس ترامب المكاسب المادية التي أرادها. ولكنها لم تعط له مجاناً بل مقابل استثمارات ومشتريات كان معظمها سيتم حتى من دون تلك الزيارة. ولذلك، فإن الزيارة في نهاية الأمر يجب أن تعطي الجانب العربي شيئاً يستحق أن يفرح به. ومن أهم هذه الأمور كان اعتراف الولايات المتحدة بدولة فلسطين، أو انهاء الحرب في غزة التي عانت الأمرين أثناء الزيارة، أو حداً أدنى، الوصول إلى وقف لإطلاق النار. ولذلك، فإن الأموال العربية المستثمرة في الولايات المتحدة ومعها يجب أن ينتج عنها قرار سياسي مهم يستحق أن نسميه مكسباً سياسياً يعطي الزيارة أبعاداً غير مادية (Non Transactional). ولو عرضت نفس المبالغ على الصين، لربما حصلت دول الخليج على أكثر بكثير من الولايات المتحدة. إن الفائدة الأساسية هي الحصول على نتائج سياسية ملموسة تعوض القرارات الأميركية السيئة ضدنا، عربا ومسلمين، التي اتخذها الرئيس ترامب حين نقل السفارة إلى القدس وحين اعترف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل.
لقد أدت زيارة السيدة العجوز إلى قريتها إلى معاقبة الظالم الذي أضرَّ بها، ونريد من زيارة الرئيس الأميركي إلى الخليج أن تنهي حكومة نتنياهو، وهي قادرة على ذلك.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يتّهم جامعة هارفارد بـ"معاداة السامية" و"تهديد الديمقراطية"
ترامب يتّهم جامعة هارفارد بـ"معاداة السامية" و"تهديد الديمقراطية"

العربي الجديد

timeمنذ 27 دقائق

  • العربي الجديد

ترامب يتّهم جامعة هارفارد بـ"معاداة السامية" و"تهديد الديمقراطية"

يمضي الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حملته الممنهجة التي يشنّها على جامعة هارفارد المرموقة، وقد اتّهمها أخيراً بأنّها "مؤسسة يسارية متطرّفة" و"معادية للسامية"، وبأنّها تمثّل "تهديداً للديمقراطية"، وذلك في تدوينة نشرها على حسابه على منصّة تروث سوشال للتواصل الإلكتروني اليوم الخميس. وهذه ليست المرّة الأولى التي يوجّه فيها ترامب اتّهامات مماثلة لهذه الجامعة الأميركية التي تجرّأت ورفضت الخضوع لمجموعة من الشروط التي حاولت إدارته فرضها عليها، مع العلم أنّها سبق أن امتثلت لشروط أخرى من أجل الحؤول دون خسارة التمويل المخصّص لها من قبل الحكومة الفدرالية التي تطبّق الأوامر التنفيذية الصادرة عن الرئيس الأميركي منذ تسلّمه ولايته الثانية في البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني الماضي. وفي تدوينته التي أتت طويلة بحسب المراقبين، رأى ترامب أنّ جامعة هارفارد التي "تقبل طلاباً من العالم أجمع يريدون هتك بلادنا" هي مكان لـ"الفوضى الليبيرالية"، شارحاً أنّها "تسمح لمجموعةٍ من المجانين بدخول قاعات الدراسة والخروج من الفصول الدراسية وبثّ غضب وكراهية زائفَين". وأردف: "إنّه أمر مروّع حقاً!". ويُذكر أنّ الرئيس الأميركي كان قد وقّع، أمس الأربعاء، سلسلة من المراسيم الهادفة إلى زيادة الضغط على جامعات الولايات المتحدة الأميركية، في تصعيد لسياسة تطويع منشآت التعليم العالي، ولا سيّما تلك المرموقة من بينها، والتي تُعَدّ جامعات النخبة. طلاب وشباب التحديثات الحية إدارة ترامب تتوعّد جامعة هارفارد بتجريدها من حق تسجيل طلاب أجانب وربط ترامب ادّعاءه بأنّ جامعة هارفارد "تهديد للديمقراطية" بـ"وجود محامٍ يُمثّلني، لا بدّ من إجباره على الاستقالة فوراً أو فصله". وأضاف أنّ المحامي المشار إليه "ليس جيدًا على أيّ حال، وآمل أن تتخلّص منه شركتي الكبيرة والجميلة التي يديرها أبنائي في الوقت الراهن، في أسرع وقت ممكن". وفي حين أنّ ترامب لم يذكر اسمه، غير أنّ المحامي الذي دعا الرئيس الأميركي إلى "التخلّص" منه هو وليام بورك المشهور في أوساط الجمهوريين، وهو يتولّى منصب مستشار في "منظمة ترامب"، وفي الوقت نفسه كلّفته جامعة هارفارد بالدفاع عنها في وجه البيت الأبيض. وكانت جامعة هارفارد قد رفعت دعوى قضائية ضدّ إدارة ترامب، يوم الاثنين الماضي، بعد قرار قضى بتجميد مساعدات فدرالية بأكثر من مليارَي دولار أميركي، رداً على رفض مؤسسة التعليم العالي المرموقة الرضوخ لسلسلة شروط وضعتها إدارة الرئيس الأميركي الماضي في تضييقه على الجامعات الأميركية. تجدر الإشارة إلى أنّ جامعة هارفارد كانت قد رضخت، في أواخر مارس/ آذار الماضي، لضغوط إدارة ترامب وتهديداتها بوقف التمويل الفيدرالي، وكذلك لضغوط مؤسسات داعمة لإسرائيل، فأجبرت كلية العلوم الاجتماعية في الجامعة اثنَين من قيادات مركز دراسات الشرق الأوسط على ترك منصبَيهما فيه؛ المدير البروفسور جمال كفادار أستاذ الدراسات التركية، والمديرة المساعدة البروفسورة روزي بشير أستاذة التاريخ. (العربي الجديد، فرانس برس)

جامعات أميركية تساعد طلابها الأجانب للتعامل مع إجراءات ترامب للترحيل
جامعات أميركية تساعد طلابها الأجانب للتعامل مع إجراءات ترامب للترحيل

العربي الجديد

timeمنذ 27 دقائق

  • العربي الجديد

جامعات أميركية تساعد طلابها الأجانب للتعامل مع إجراءات ترامب للترحيل

تقدّم جامعات أميركية المشورة لطلابها الأجانب بشأن كيفية التعامل مع الحملة الممنهجة التي يشنّها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على المهاجرين منذ تسلّمه ولايته الثانية في البيت الأبيض ، وتشمل المشورة تحذيرات من مغادرة البلاد ونصائح حول كيفية استكمال درجاتهم العلمية. وبعدما كانت سلطات الهجرة في الولايات المتحدة الأميركية تعتقل في بادئ الأمر طلاباً شاركوا في تحرّكات مندّدة بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ومناصرة للفلسطينيين، توسّع الأمر ليستهدف آلاف الطلاب الأجانب بالاعتقال والترحيل استناداً إلى مخالفات لا تستدعي مثل هذَين الإجراءَين. وأفاد أكثر من 20 طالباً ومحامياً متخصّصين في شؤون الهجرة ومسؤولين في الجامعات وكالة رويترز بأنّ عدداً من مستشاري الجامعات يُبلغون سرّاً الطلاب الأجانب بوجوب الاستعانة بمحامٍ ومواصلة حضور الفصول الدراسية في خلال المدّة التي تجري في خلالها عمليات الاستئناف على القرارات الصادرة بحقّهم من قبل الإدارة الأميركية الحالية. في هذا الإطار، لجأ أعضاء في هيئات تدريس بالجامعات الأميركية إلى القضاء من أجل النظر في مدى دستورية الاعتقالات التي تنفّذها إدارة ترامب بناءً على أوامر تنفيذية صادرة عن رئيس البلاد نفسه. وتفيد رابطة جامعات الولايات المتحدة الأميركية بأنّ الطلاب الأجانب ساهموا بنحو 44 مليار دولار أميركي في الاقتصاد الأميركي في العام الماضي، في ظلّ عدد قياسي منهم يصل إلى نحو 1.1 مليون طالب أجنبي في البلاد. وترى رئيسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا سالي كورنبلوث أنّ الأمر لا يتعلق بالمال فحسب، وتشير إلى فكرة القدرات العالمية. وتقول لوكالة رويترز إنّ مؤسستها الخاصة بالتعليم العالي "جامعة أميركية، بكلّ فخر (...) لكنّ مكانتنا سوف تتراجع كثيراً من دون الطلاب والباحثين الذين ينضمّون إلينا من دول أخرى". طلاب وشباب التحديثات الحية إدارة ترامب تتوعّد جامعة هارفارد بتجريدها من حق تسجيل طلاب أجانب وذكر "معهد التعليم الدولي" أنّ أكثر من نصف الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة الأميركية من الهند والصين. وقد حذفت وكالة الهجرة والجمارك الأميركية في إدارة ترامب أكثر من 4.700 اسم، من قاعدة بيانات أنظمة معلومات الطلاب وتبادل الزائرين، لحاملي التأشيرات، مستندةً في أحيان كثيرة إلى ما تزعم أنّه "ارتكاب أنشطة إجرامية"، وفقاً لما ذكرته رابطة محامي الهجرة الأميركيين. وتبيّن دراسة أنّ نصف هؤلاء من الهند. تجدر الإشارة إلى أنّ مساعدة وزيرة الأمن الداخلي تريشيا ماكلولين حثّت الطلاب الأجانب، الذين لم تَعُد أسماؤهم مدرجةً في أنظمة معلومات الطلاب والزائرين، على مغادرة الولايات المتحدة الأميركية. وينصح مسؤولون في الجامعات الطلاب المسجّلين في دوام كامل بالاستعانة بمحامين. وقال مسؤول يقدّم المشورة للطلاب الأجانب في جامعة كبرى لوكالة رويترز، شريطة عدم ذكر اسمه حتى يتمكّن من التحدّث عن الأمر، إنّ الطلاب الذين طعنوا على قرار إزالة أسمائهم سوف يُسمَح لهم بمواصلة دراستهم. وبالفعل، بيّنت نتائج إحصاء أعدّته وكالة رويترز أنّ أكثر من 200 طالب، من بين الذين أُزيلت أسماؤهم، تمكّنوا من استصدار أوامر قضائية تمنع الإدارة الأميركية الحالية مؤقتاً من اتّخاذ إجراءات بحقّهم. من جهتها، دعت جامعة جورج ماسون في ولاية فرجينيا الطلاب إلى التواصل مع مستشاريهم الأكاديميين لمناقشة سبل استكمال مقرّراتهم الدراسية. وفي الإطار نفسه، أفادت متحدّثة باسم مكتب رئيس جامعة كاليفورنيا بأنّها تبحث عن سبل لتمكين طلابها من مواصلة تعليمهم. ومع اقتراب العطلة الصيفية، حذّرت جامعة ديوك بولاية كارولينا الشمالية، في الآونة الأخيرة، طلابها الأجانب من مغادرة الولايات المتحدة الأميركية بسبب مخاوف من عدم السماح لهم بالعودة إليها في فصل الخريف. لجوء واغتراب التحديثات الحية إدارة ترامب: "التواصل الاجتماعي" لرفض طلبات الإقامة والجنسية واللجوء استطلاع للرأي: الهجرة أقوى ملفّات ترامب لكنّه يتمادى فيه من جهة أخرى، كشف استطلاع للرأي أجرته وكالة أسوشييتد برس بالتعاون مع مركز "نورك" لأبحاث الشؤون العامة أنّ الهجرة هي أقوى ملفّات الرئيس ترامب، غير أنّ عدداً كبيراً من الأميركيين البالغين المستطلعة آراؤهم يقولون إنّه تمادى كثيراً في هذا المجال. وأكد استطلاع الرأي الجديد أنّ تعامل ترامب مع الهجرة ما زال يمثّل نقطة قوة، إذ إنّه يتّخذ إجراءات واسعة النطاق لتكثيف عمليات الترحيل واستهداف الأشخاص الموجودين في الولايات المتحدة الأميركية بطريقة غير قانونية. وأظهر استطلاع الرأي المشار إليه إلى أنّ 46% من البالغين في الولايات المتحدة الأميركية يوافقون على أسلوب تعامل ترامب مع ملفّ الهجرة، الأمر الذي يزيد بنحو 10 نقاط مئوية عن نسبة الموافقة على ملفّ الاقتصاد والتجارة مع الدول الأخرى. وفي حين أنّ إجراءات ترامب ما زالت تثير الانقسام، يبدو الإجماع على تجاوز الرئيس الجمهوري سياسة الهجرة أقلّ من الإجماع على تجاوزه ملفّات أخرى. ويرى نحو نصف الأميركيين البالغين المستطلعة آراؤهم أنّ ترامب "ذهب بعيداً جداً" في ترحيل المهاجرين غير النظاميين. وينقسم هؤلاء حول ترحيل المهاجرين الفنزويليين، المتّهمين بالانتماء إلى عصابات، إلى السلفادور، ويعارض عدد أكبر من المؤيّدين إلغاء تأشيرات الطلاب الأجانب لمشاركتهم في أنشطة مؤيّدة للفلسطينيين. (رويترز، أسوشييتد برس، العربي الجديد)

إدارة ترامب تنفّذ تهديدها وتمنع جامعة هارفارد من قبول طلاب أجانب
إدارة ترامب تنفّذ تهديدها وتمنع جامعة هارفارد من قبول طلاب أجانب

العربي الجديد

timeمنذ 33 دقائق

  • العربي الجديد

إدارة ترامب تنفّذ تهديدها وتمنع جامعة هارفارد من قبول طلاب أجانب

تلقّت جامعة هارفارد الأميركية ضربة جديدة من إدارة الرئيس دونالد ترامب التي منعتها من قبول طلاب أجانب بزعم "عدم امتثال الجامعة للقوانين المعمول بها"، واتّهمتها بـ"التحريض على العنف ومعاداة السامية في الحرم الجامعي"، وكذلك بـ"التنسيق مع الحزب الشيوعي الصيني" من دون تقديم أيّ أدلّة على ذلك. وكانت وزارة الأمن الداخلي الأميركية قد حذّرت جامعة هارفارد، في 16 إبريل/ نيسان الماضي، من فقدان حقّها في قبول طلاب أجانب، وذلك في إطار الإجراءات الذي تتّخذها إدارة ترامب للتضييق على الجامعات الأميركية، لا سيّما تلك التي شهدت احتجاجات مندّدة بالحرب الإسرائلية على قطاع غزة ومتضامنة مع القضية الفلسطينية. ويأتي قرار إدارة ترامب الذي أعلنته وزارة الأمن الداخلي، أمس الخميس، في تصعيد للنزاع القائم مع جامعة هارفارد العريقة، التي تتّهمها بخلق بيئة جامعية غير آمنة من خلال سماحها لـ"محرّضين معادين لأميركا ومؤيّدين للإرهاب" بالاعتداء على طلاب يهود في داخل الحرم الجامعي. وفي ما يشبه التهديد، شدّدت الوزارة على وجوب أن ينتقل آلاف الطلاب الأجانب الحاليين إلى جامعات أخرى أو خسارة وضعهم القانوني، ما يعني إجبارهم على مغادرة الولايات المتحدة الأميركية. وتستقبل جامعة هارفارد نحو 6 آلاف و800 طالب أجنبي في حرمها الجامعي في كامبريدج بولاية ماساتشوستس، الأمر الذي يمثّل أكثر من ربع إجمالي عدد طلابها (27%)، معظمهم طلاب دراسات عليا، وهؤلاء يأتون من أكثر من 100 دولة. This administration is holding Harvard accountable for fostering violence, antisemitism, and coordinating with the Chinese Communist Party on its campus. It is a privilege, not a right, for universities to enroll foreign students and benefit from their higher tuition payments… — Secretary Kristi Noem (@Sec_Noem) May 22, 2025 وأعلنت وزيرة الأمن الداخلي الأميركية كريستي نويم، أمس الخميس، أنّها أبلغت إدارة جامعة هارفارد بإلغاء اعتماد جامعة هارفارد في برنامج الطلاب وتبادل الزوار، البرنامج الذي يتيح للجامعة القدرة على رعاية الطلاب الأجانب للحصول على تأشيراتهم والالتحاق بالدراسة في الولايات المتحدة الأميركية، من خلال رسالة رسمية وجّهتها إليها، مشيرةً إلى أنّ القرار دخل حيّز التنفيذ فوراً. وتستخدم إدارة ترامب التخفيضات المالية والتحقيقات في الجامعات للضغط على إداراتها من أجل منع التظاهرات الطالبية الداعمة لفلسطين. وسبق لها أن هدّدت بتجميد التمويل الفيدرالي لعدد من الجامعات، من بينها جامعة هارفارد، مستندةً في ذلك إلى احتجاجات طالبية متضامنة مع فلسطين في داخل الحرم الجامعي. وبالفعل، أعلنت وزارة التعليم الأميركية، في مطلع مايو/ أيار الجاري، أنّها لن تمنح جامعة هارفارد أيّ تمويل فيدرالي جديد إلى حين تلبية الأخيرة مطالب البيت الأبيض، في إشارة إلى عدم التزامها بمنع التظاهرات الداعمة لفلسطين. يُذكر أنّ احتجاجات طالبية داعمة لفلسطين ومندّدة بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة انطلقت في الجامعات الأميركية في إبريل 2024، وقد بدأت في جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك لتتمدّد إلى أكثر من 50 جامعة في مختلف أنحاء البلاد، علماً أنّ الشرطة الأميركية احتجزت خلالها أكثر من ثلاثة آلاف و100 شخص، معظمهم من الطلاب وأفراد في هيئات التدريس. وفي وقت سابق، أعلن البيت الأبيض فتح تحقيق للتأكد من أنّ المنح التي تتجاوز قيمتها 8.7 مليارات دولار أميركي التي تتلقّاها جامعة هارفارد من مؤسسات مختلفة تُستخدَم بما يتوافق مع قوانين الحقوق المدنية. وفي مواجهة هذا التهديد الفيدرالي، أعلنت جامعة هارفارد رفضها مطالب ترامب المتعلقة بـ"إجراء إصلاحات" داخلية، فيما رفع عدد من أساتذة الجامعة دعاوى قضائية ضدّ قرار إدارة ترامب التحقيق في التمويل الفيدرالي المخصّص لهذه الجامعة. قضايا وناس التحديثات الحية ترامب: جامعة هارفارد معادية للسامية وتمثّل تهديداً للديمقراطية وأثار قرار إدارة ترامب منع جامعة هارفارد من استقبال طلاب أجانب قلقاً على نطاق أوسع، إذ إنّه يستهدف مصدراً رئيسياً للدخل بالنسبة إلى مئات مؤسسات التعليم العالي في الولايات المتحدة الأميركية. وفي هذا الإطار، قال المستشار التعليمي والرئيس السابق لجامعة سنترال ميزوري الأميركية تشاك إمبروز إنّه بالنظر إلى أنّ الطلاب الأجانب يدفعون على الأرجح الرسوم الدراسية كاملة، فإنّهم يدعمون من ذلك، بصورة أساسية، الطلاب الآخرين الذين يحصلون على دعم. من جهته، قال الأستاذ في جامعة تينيسي والباحث في الشؤون المالية للجامعات روبرت كيلتشن إنّ خطوة إدارة ترامب بوقف تسجيل الطلاب الأجانب ضربة كبيرة لجامعة هارفارد، وتبعث برسالة إلى الجامعات الأخرى مفادها أنّ "دوركم قد يكون تالياً". وهذا بالفعل ما أفادت به وزيرة الأمن الداخلي في لقاء تلفزيوني أمس الخميس، عندما سُئلت عمّا إذا كانت الإدارة الأميركية تدرس اتّخاذ خطوات مماثلة في جامعات أخرى، بما في ذلك جامعة كولومبيا في نيويورك. فقد أجابت نويم: "بالتأكيد، نفعل ذلك... يجب أن يكون هذا تحذيراً لكلّ الجامعات الأخرى". ويأتي قرار إدارة ترامب في الوقت الذي تسعى فيه الجامعات الأميركية بالفعل إلى التعامل مع تداعيات التخفيضات الاتحادية الضخمة في تمويل الأبحاث. وتدّعي الإدارة الأميركية أنّ جامعة هارفارد أخفقت في التعامل مع معاداة السامية والمضايقات على أساس عرقي في حرمها، وقد جرى تجميد أو إنهاء نحو ثلاثة مليارات دولار من العقود الاتحادية والمنح البحثية المخصّصة لها في الأسابيع الماضية. وحتى كتابة هذا التقرير، لم تعلّق جامعة هارفارد ولا جامعة كولومبيا على التأثير المالي لقرار إدارة ترامب الأخير. (رويترز، الأناضول، أسوشييتد برس، العربي الجديد)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store