logo
شباك تذاكر السينما المصرية "ينجو" من الأزمة الاقتصادية

شباك تذاكر السينما المصرية "ينجو" من الأزمة الاقتصادية

Independent عربيةمنذ 2 أيام
بدأ الموسم الصيفي السينمائي باكراً منذ شهر مايو (أيار) الماضي بإطلاق فيلم كريم عبدالعزيز "المشروع إكس"، واستمر بضخ أفلام عدة مثل "ريستارت" لتامر حسني و "في عز الضهر" لمينا مسعود، وكذلك استمر فيلم "سيكو سيكو" في المنافسة على رغم عرضه منذ عيد الفطر لأربعة أشهر متواصلة.
وفي حكم صناعة السينما يبدأ موسم الصيف السينمائي ببداية يوليو (تموز) بعد اقتراب نهاية موسم الاختبارات نظراً إلى ارتباط القطاع الأكبر من الجمهور والأسر المصرية بتوقيت الدراسة.
وبحسب تصريحات مسئول التوزيع السينمائي في مصر محمود الدفراوي لـ "اندبندنت عربية"، فإن الموسم يشهد حالاً جيدة جداً من الرواج والاقبال على رغم ظروف الطقس والاختبارات والعوامل الاقتصادية، لكنه حقق حتى الآن أرقاماً جيدة في طريقها للتصاعد، بخاصة أن هناك فرصة كبيرة لعرض الأفلام حتى نهاية سبتمبر (أيلول) وبداية أكتوبر (تشرين الأول) المقبلين.
"أحمد وأحمد" يتصدر
وانطلق الموسم فعليا في الثاني من يوليو (تموز) الماضي بعرض فيلم "أحمد وأحمد" لأحمد السقا وأحمد فهمي وغادة عبدالرازق وطارق لطفي ورشدي الشامي وجيهان الشماشرجي وإخراج أحمد نادر جلال، وتصدر الفيلم شباك التذاكر المصري منذ بداية عرضه محققاً إيرادات جيدة جداً على رغم ظروف العرض التي واكبت اختبارات الثانوية العامة في مصر، وحقق في بعض أيام العرض 5
ملايين جنيه مصري (105 ألف دولار)، ووصلت الإيرادات الإجمالية للعمل حتى الآن 60 مليون جنيه (1.2 مليون دولار)، وبذلك يتربع على شباك التذاكر الصيفي بوصفه الفيلم الذي عرض في الموسم نفسه بداية من يوليو الماضي.
ويدور فيلم "أحمد وأحمد" حول مدرس كيمياء مسالم (أحمد السقا) يفقد الذاكرة ويتفاجأ ابن شقيقته الذي يحمل اسمه ويدعى أحمد (أحمد فهمي) بجرائم خاله، ويسعى الاثنان إلى محاولة مواجهة المشكلات المترتبة على تورط الخال مع عصابات ومجرمين في إطار كوميدي.
الشاطر يلاحق
ونافس فيلم "الشاطر" لأمير كرارة ومصطفى غريب وهنا الزاهد في يوليو الماضي أيضاً، وطرح العمل منتصف الشهر محققاً إيرادات جيدة وبخاصة مع انتهاء الموسم الدراسي بالكامل واختبارات الثانوية العامة مما أسهم في زيادة إيراداته، وحقق العمل خلال فترة عرضه التي تجاوزت أسبوعين 50 مليون جنيه مصري (1.4 مليون دولار)، ليلاحق فيلم "أحمد وأحمد" ويستقر في المركز الثاني من حيث إيرادات الصيف.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويدور العمل في إطار من الكوميديا والحركة حول دوبلير متخصص في تجسيد المشاهد الخطرة للنجوم المشاهير يقع في كثير من المتاعب والمشكلات بعد تورطه مع عصابة خارجية يعتقد أنها خطفت شقيقه الأصغر عصفور، والفيلم من تأليف وإخراج أحمد الجندي وشارك في بطولته خالد الصاوي ومحمد القس وعادل كرم.
البطولة النسائية
ومنذ أعوام لم تنافس أية ممثلة مصرية في موسم سينمائي كبير مثل الصيف أو الأعياد، واكتفت معظم النجمات بتقديم أفلام في الموسم الشتوي والأيام الهادئة خوفا من المجازفة مع النجوم الرجال بالمواسم الطاحنة التي تحسم في الغالب لمصلحة نجوم الشباك الرجال وأفلام الكوميديا والـ "أكشن"، وبعد سلسلة من التأجيلات طرحت دنيا سمير غانم فيلم "روكي الغلابة" منذ ساعات في دور العرض السينمائي المصرية لتنافس به السقا وفهمي وكرارة وتدخل في حلبة المعركة الصيفية على شباك التذاكر، وحققت دنيا في أول يوم عرض 2.6 مليون جنيه مصري (55 ألف دولار)، وهذا الرقم قابل للتصاعد خلال فترات الاجازات المقبلة، وهو مبشر وبخاصة أنه ينافس أرقام أفلام نجوم آخرين لا يستهان بهم.
ويدور فيلم "روكي الغلابة" حول فتاة قادمة من بيئة ريفية بسيطة تدخل عالم الملاكمة وتجد نفسها مكلفة بحراسة أحد الأطباء الذي تحاك حوله الأخطار، فتحاول التعايش مع العالم الجديد الذي دخلت فيه لتواجه كثيراً من المواقف والمفارقات الكوميدية.
ويشارك في بطولة الفيلم مع دنيا سمير غانم كل من محمد ممدوح و محمد ثروت وأحمد طلعت وبيومي فؤاد ومحمد رضوان والطفلة كايلا رامى رضوان ومن ضيوف الشرف إيمي سمير غانم وأحمد الفيشاوي وأوس أوس وأحمد سعد، والفيلم من تأليف كريم يوسف وإخراج أحمد الجندي وإنتاج محمد أحمد السبكي، ويسجل ثاني بطولات دنيا سمير غانم في السينما بعد "تسليم أهالي" الذي عرض عام 2021.
مواصلة الصراع
ولا يزال فيلم "المشروع إكس" لكريم عبدالعزيز يواصل بقوة صراعه في المنافسة مع أفلام الصيف على رغم عرضه في موسم عيد الأضحى، ويستمر الفيلم للأسبوع الـ 10 في تحقيق إيرادات وصل مجموعها إلى 142 مليون جنيه مصري (3 مليون دولار)، ويشارك في بطولته ياسمين صبري ومصطفى غريب واياد نصار وأحمد غزي وماجد الكدواني وعدد كبير من الممثلين، ويدور حول تورط عالم آثار في عملية للكشف عن سر الهرم الأكبر لتقوده المغامرة إلى السفر لعدد من الدول لاكتشاف بردية لحل اللغز، وهو من تأليف وإخراج بيتر ميمي، وجرى تصويره في عدد من الدول مثل تركيا وإيطاليا والسلفادور.
وبإيرادات كلية وصلت إلى 93 مليون جنيه مصري (1.9مليون دولار) خلال تسعة أسابيع عرض لا يزال فيلم "ريستارت" لتامر حسني وباسم سمرة ينافس في الموسم الصيفي على رغم مشاركته منذ موسم عيد الأضحى، ويدور حول شاب يحاول التغلب على الفقر فيدخل مع شخص متخصص في صناعة مواقع التواصل الاجتماعي ليجعله يكسب أموالاً من فيديوهات ومقاطع مثيرة، مما يؤثر في حياة الجميع بالسلب ويعرضهم لمشكلات اجتماعية ونفسية وأخلاقية كثيرة، وهو من تأليف أيمن بهجت قمر وإخراج سارة وفيق.
"في عز الضهر"
وعلى رغم مشاركة الممثل العالمي مينا مسعود في بطولة أول فيلم مصري بعنوان "في عز الضهر" وعرضه في أواخر شهر يونيو (حزيران) الماضي، لكنه بكل أسف كان صدمة كبيرة من حيث الإيرادات، فلم يحقق إجمالاً متوازناً يليق بالمشاركة الأولى لممثل عالمي، إذ حقق فقط 6 ملايين جنيه مصري (125 ألف دولار) خلال خمسة أسابيع، وكان الإقبال على المشاهدة مخزياً فلم يحقق سوى 40 ألف تذكرة، وجرى رفع الفيلم بعد خمسة أسابيع من طرحه.
وتدور أحداث الفيلم حول شاب يدعى حمزة الكاشف يجد نفسه فجأة داخل أروقة المافيا الدولية، ويصبح أصغر أعضائها وأكثرهم جرأة، ويتم تكليفه بمهمة بالغة الخطورة داخل مصر ويدفع إلى مواجهة صراعات داخلية بين انتمائه لأرضه وجذوره، وبين قواعد العالم السفلي الذي دخله من دون أن يدرك تماماً ثمن البقاء فيه، وقد شارك في بطولة الفيلم شيرين رضا وإيمان العاصي وجميلة عوض وبيومي فؤاد، وأخرج الفيلم مرقص عادل.
طفرة "سيكو سيكو"
واستمر فيلم "سيكو سيكو" في العرض حتى جرى رفعه منذ أيام قليلة بعد أن شكل طفرة غير مسبوقة في الإيرادات وصلت إلى 190 مليون جنيه مصري (4 ملايين دولار) خلال 16 أسبوع عرض، بدأت منذ موسم عيد الفطر الماضي في أبريل (نيسان) الماضي.
وفي سياق متصل حقق الفيلم رقماً قياسياً في عدد التذاكر اقترب من 1.5 مليون تذكرة، متفوقاً على الأفلام المعروضة بلا استثناء، ومنها "المشروع إكس" الذي حقق فقط مليون تذكرة، وجرى رفع "سيكو سيكو" من السينما بعد عرضه على بعض المنصات الرقمية وتوقف عند ما حققه من إيرادات، وهو من بطولة مجموعة من الشباب منهم عصام عمر وطه الدسوقي وتارا عماد وأحمد عصام وديانا هشام ومن إخراج عمر المهندس وتأليف محمد الدباح، ويدور حول شابين تجمعهما صلة قرابة ويرثان ثروة من عمهما الراحل ثم يكتشفان أنهما ورثا مواد مخدرة لا بد من بيعها للحصول على الميراث، فيضطران إلى تدشين منصة إلكترونية لتجارة الممنوعات، لتتوالى الأحداث في إطار كوميدي اجتماعي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اخبار السعودية : كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025: فريق Liquid الهولندي يتوج بلقب بطولة ML:BB MSC
اخبار السعودية : كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025: فريق Liquid الهولندي يتوج بلقب بطولة ML:BB MSC

حضرموت نت

timeمنذ 5 ساعات

  • حضرموت نت

اخبار السعودية : كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025: فريق Liquid الهولندي يتوج بلقب بطولة ML:BB MSC

حقق فريق Liquid الهولندي لقب بطولة ML:BB MSC، إحدى بطولات كأس العالم للرياضات الإلكترونية (2025)، بعد فوزه في المباراة النهائية بمنطقة أمازون للرياضات الإلكترونية. ونال Liquid جائزة مالية قدرها مليون دولار، إضافة إلى (1000) نقطة في تصنيف الأندية، مما يعزز حظوظه في مواصلة المنافسة على لقب كأس العالم. وفي المركز الثاني جاء فريق الماليزي، الذي حصل على (500) ألف دولار، و(750) نقطة في الترتيب، بينما حصد ONIC Esports PH الفلبيني المركز الثالث وجائزة قدرها (250) ألف دولار، و(500) نقطة. فيما حل رابعًا فريق ONIC Esports ID الإندونيسي، الذي حصل على (150) ألف دولار و(300) نقطة. وعقب ختام المنافسات، توّج الأمير فيصل بن بندر بن سلطان، رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، الكأس للفريق البطل، وسط أجواء احتفالية شهدت حضورًا جماهيريًا واسعًا في صالة ألعاب STC. ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة سبق , ولا يعبر عن وجهة نظر حضرموت نت وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة سبق ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة على المصدر السابق ذكرة.

حكم نهائي ينصف شيرين عبد الوهاب في نزاعها مع روتانا
حكم نهائي ينصف شيرين عبد الوهاب في نزاعها مع روتانا

صدى الالكترونية

timeمنذ 5 ساعات

  • صدى الالكترونية

حكم نهائي ينصف شيرين عبد الوهاب في نزاعها مع روتانا

أصدرت محكمة مصرية اليوم السبت حكمًا نهائيًا وباتًا بإلزام شركة 'روتانا للصوتيات والمرئيات' بدفع تعويض مالي قدره 2 مليون جنيه للفنانة شيرين عبد الوهاب، إلى جانب إنهاء التعاقد الرسمي بين الطرفين. وأكد محامي شيرين، أن الحكم واجب النفاذ ويُعد انتصارًا قانونيًا للفنانة في نزاعها مع الشركة، وأوضح في بيان صحفي إن محكمة النقض رفضت الطعن المُقدم من 'روتانا'، وأيدت الحكم السابق الصادر عن محكمة القاهرة الاقتصادية، ليُغلق الملف بشكل نهائي. وترجع تفاصيل القضية إلى خلافات تعاقدية نشبت بين الطرفين، بعدما أقدمت 'روتانا' على حذف أغنيتين لشيرين من 'يوتيوب' ومنصات التواصل الاجتماعي، رغم انتهاء العلاقة التعاقدية، وهو ما اعتبرته شيرين انتهاكًا صريحًا لحقوقها. وكانت المحكمة الاقتصادية قد أصدرت حكمًا بإلزام الشركة بدفع تعويض عن الأضرار الناتجة عن الحذف، وهو الحكم الذي أصبح الآن نهائيًا بعد تأييده من أعلى جهة قضائية مختصة. اقرأ أيضاً

دانيال داي لويس: النجم الذي هرب من الأضواء
دانيال داي لويس: النجم الذي هرب من الأضواء

Independent عربية

timeمنذ 12 ساعات

  • Independent عربية

دانيال داي لويس: النجم الذي هرب من الأضواء

ربما يأتي يوم، إن شاءت الأقدار، يصنع فيه فيلم عن كواليس تصوير "الخيط الخفي" Phantom Thread للمخرج بول توماس أندرسون الصادر عام 2017. قد يكون عملاً وثائقياً أو درامياً، مأساة شكسبيرية أو مهزلة فوضوية، لكنه سيكشف لنا ما جرى خلف الأبواب في منزل بلندن، حيث فقد ممثل عظيم رغبته في الاستمرار. استغرق التصوير وقتاً أطول مما ينبغي، كانت الظروف مرهقة، والمتعة الخالصة في الأداء اختفت تماماً. وما إن انتهى دانيال داي لويس من تجسيد شخصية مصمم الأزياء الرفيع "رينولدز وودكوك"، حتى أعلن اعتزاله. قال وقتها، وهو في الـ60 من عمره "أحتاج إلى أن أؤمن بقيمة ما أفعله". ثم أضاف بصراحة أنه لم يعد يشعر بذلك خلال الفترة الأخيرة. وعند إعلان وفاة الرئيس الأميركي كالفين كوليدج، علقت دوروثي باركر ساخرة "وكيف عرفوا؟" من السهل أن نطرح نفس السؤال عن اعتزال داي لويس، نظراً إلى ندرة ظهوره على الشاشة خلال الأعوام الأخيرة. منذ مطلع الألفية، لم يقدم سوى سبعة أفلام، ويقال إنه كان يعيد التفكير في مستقبله الفني بعد كل واحد منها، وأنه من أكثر نجوم السينما هشاشة وتردداً وبعداً عن بريق الشهرة، غير أن المفارقة تكمن في كون هذا بالضبط جزءاً من هالته الغامضة. إن لم يكن في وسعنا مشاهدة عمل جديد لداي لويس هذا الصيف، فلدينا في الأقل فرصة لاستعادة أحد أعماله القديمة، الذي أعيد اكتشافه وإطلاقه مجدداً. في فيلم "مغسلتي الجميلة" My Beautiful Laundrette الصادر عام 1985، يؤدي داي لويس دور "جوني"، شاب بريطاني يتبع ثقافة الـ"بانك" العبثية ويتبنى أفكار الفاشية الجديدة (نيوفاشية)، ويصبغ شعره بالأشقر الفاتح جداً. يجد الشاب الخلاص عبر علاقة حب صادقة مع رجل طيب (زميله في الدراسة "عمر"، ذي الأصول الأنغلو-آسيوية). كان هذا الدور نقطة التحول الكبرى في مسيرة الممثل الشاب آنذاك، إذ وصل إلى صالات السينما البريطانية قبل وقت قصير من ظهوره اللافت في فيلم "غرفة ذات إطلالة" A Room with a View من إخراج وإنتاج الثنائي جيمس آيفوري وإسماعيل ميرشنت. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) أما في فيلم "مغسلتي الجميلة" الذي أخرجه ستيفن فريرز عن نص لـحنيف قريشي، يأتي داي لويس ثالثاً في استعراض الأسماء في الشارة، كجزء من الخلفية لا كمركز الصورة، مجرد عنصر في النسيج لا نجم يتصدر العمل. كان العمل بمثابة سرد خشن، صريح (وربما مسرحي قليلاً) لأحلام المهاجرين جنوب لندن خلال عهد مارغريت تاتشر. ومن منظور اليوم يبدو العمل تحفة عتيقة آسرة، فهو لا يوثق فقط بريطانيا الماضية، بريطانيا المعاطف الثقيلة، وسلال القمامة المعدنية، والمظلات المخططة فوق أبواب المتاجر، بل يكشف أيضاً عن عالم شجي ضائع سبق شهرة داي لويس، حين كان لا يزال شاباً على أعتاب النجومية. يدرك داي لويس تماماً كيف يراه الجمهور "مجنون بحق" -بحسب وصفه هو نفسه- يعيش في عالم مواز، وتستحوذ عليه قوة التقمص حتى يصبح التحضير للدور أسطورياً بقدر الأداء نفسه. ولا يكتفي الرجل بتأدية الشخصية بل يصر على أن يتحول إليها بالكامل. خلال تصوير فيلم "قدمي اليسرى" My Left Foot (1989)، بقي على كرسي متحرك طوال الوقت، وفي فيلم "باسم الأب" In the Name of the Father (1993)، عاش على وجبات المساجين، أما في "آخر سلالة الموهيكان" The Last of the Mohicans (1992)، فقد قام بسلخ الحيوانات داخل الغابات بنفسه. هذه الطريقة المتطرفة في الأداء أتت أكلها، فقد حصد ثلاث جوائز أوسكار في فئة أفضل ممثل في دور رئيس -وهو رقم غير مسبوق- عن أفلام "قدمي اليسرى" و"ستسيل الدماء" There Will Be Blood (2007) و"لينكولن" Lincoln (2012). ومع ذلك، لا ينكر داي لويس أن هذه المنهجية جعلت صحبته مرهقة، وعبئاً حقيقياً على عائلته في المنزل، وعلى طاقم التصوير الذي يتحمل تبعات هذا التفرغ المطلق للدور. تخيل مثلاً أن تعمل طوال النهار في موقع تصوير فيلم "عصابات نيويورك" Gangs of New York (2002) تحت إدارة مارتن سكورسيزي، ثم تجد نفسك مجبراً على تناول الغداء إلى جانب "بيل الجزار"، بعينه الزجاجية ونظرته القاتلة. التقيت دانيال داي لويس مرة واحدة قبل أعوام، وكان إنساناً متأملاً ودوداً بعيداً تماماً عن صورة "المجنون" التي يروجها بعض عنه. شرح لي سبب قبوله قليلاً من الأدوار، قائلاً إنه لا يريد أبداً أن يشعر بأنه يؤدي عملاً رتيباً أو يعمل بدافع العادة فحسب. وأضاف أن التمسك بالبقاء في الشخصية طوال فترة التصوير ساعده على الحفاظ على تركيزه وسط وتيرة التصوير المتقطعة، إذ يقول "بهذه الطريقة لا يحدث الانقطاع كلما توقفت الكاميرا، ولا تشعر فجأة بوجود الكابلات والمعاطف السميكة، أو تسمع أصوات أجهزة اللاسلكي". واعترف بصراحة أن هذا قد يكون مجرد وهم ذاتي، لكنه في النهاية أسلوب فعال بالنسبة إليه. أتساءل إن كان فيلم "الخيط الخفي" نقطة الانهيار الحاسمة، ذلك الإنتاج الذي دفع الممثل إلى تجاوز حدوده الطبيعية. كانت هذه المرة الثانية التي يتعاون فيها أندرسون وداي لويس، بعد فيلم "ستسيل الدماء". يتناول الفيلم قصة حب مظلمة وصراع قوة تدور أحداثه خلال الخمسينيات، بين مصمم أزياء متسلط ونادلة أجنبية متواضعة جسدتها فيكي كريبس. الفيلم نفسه يضيق الخناق على المشاهد، وكان التصوير كذلك. خلال مارس (آذار) 2017، انتقل طاقم العمل إلى العنوان "3 فيتزروي سكوير"، من أجل القيام بتصوير "غير مرئي"، إذ استخدم المنزل كموقع للمسرح ومسكن ومخزن في آن واحد. وفي أعمال سابقة، كان داي لويس قادراً على الحفاظ على مسافة بينه وعملية التصوير، أما هنا فوجد نفسه محاصراً في شخصية رينولدز وودكوك المتقلبة، يتصبب عرقاً وهو يواجه الكاميرات التي تسجل لقطات مقربة له، أسبوعاً تلو الآخر، أثناء التصوير وبعده. وصف التصوير بأنه كان "فظيعاً" وكابوساً لوجيستياً، بينما كانت شخصيته تثير توتر الجميع باستمرار. وقال بصراحة "من الصعب أن تعمل مع طاقم يكرهك حقاً". إذا كان هناك درس يمكن استخلاصه من هذه القصة الحزينة عن معاناة الممثلين، فهو أن لا طريقة تبقى مضمونة للجميع، وأن لكل شخص حدوده الخاصة. حتى لو كان عبقرياً، وحتى لو كان يزين رفوف منزله بثلاث جوائز أوسكار. بالنسبة إلى داي لويس، كثيراً ما كانت الحال المثالية هي الانسياب الكامل، الانغماس التام، والسعادة المستمرة للإبداع المتواصل بلا انقطاع. لكن في المنزل الذي استضاف تصوير "الخيط الخفي"، فجأة لم يعد قادراً على تجاوز مسارات الكاميرات والكابلات وأعضاء الطاقم المتذمرين. حققت الشخصية نجاحاً باهراً وأكسبته ترشيحاً جديداً للأوسكار، لكن الأهم من ذلك -بل والمصيري- أنه لم يعد يؤمن بنفسه. مصير النجوم المشهورين أحياناً يجعل حتى قرار الاعتزال يبدو وكأنه أداء تمثيلي آخر، كأنه وقفة درامية تحمل بعض الغموض والانتظار. ومن يذكر أن داي لويس لم يسهل على نفسه الأمور بهذا الخصوص، فقد اعتزل مرة سابقة بين عامي 1997 و2001، وكما كسر حديثاً عهده الأخير بالمشاركة في فيلم من إخراج ابنه البالغ من العمر 26 سنة. الفيلم المقبل الذي سيصدر خلال أكتوبر (تشرين الأول) هذا العام ويحمل عنوان "شقائق النعمان" Anemone، يصنف كدراما عائلية ببطولة جماعية، تدور أحداثها في المملكة المتحدة، ويشارك فيه داي لويس إلى جانب شون بين وسامانثا مورتون. وربما سيجعله هذا الفيلم جزءاً بسيطاً من طاقم العمل مرة أخرى، تماماً كما كان منذ أربعة عقود في فيلم "مغسلتي الجميلة". للممثل حق في تغيير رأيه، وداي لويس حر في الاعتزال والعودة متى شاء. ومع ذلك، من المرجح أن يكون "شقائق النعمان" آخر إطلالة هادئة له في عالم السينما، وليس بداية لنهضة جديدة. قد ينجح الفيلم أو لا، لكن لغاية موعد صدوره -وربما حتى بعد ذلك- سأظل أعتبر فيلم "الخيط الخفي" الوداع الحقيقي لداي لويس على الشاشة. ربما يكون دوره فيه هو الأهم في مسيرته، الدور الذي حاصره وكسره وأعاده إلى الواقع. فشخصية رينولدز وودكوك تنتهي مريضة وفي حاجة للآخرين، سجينة في منزلها بلندن. أما داي لويس، فكان محظوظاً، إذ استطاع الخروج والعودة إلى بيته. يعاد عرض فيلم "مغسلتي الجميلة" في دور السينما داخل أنحاء المملكة المتحدة وإيرلندا بدءاً من الأول من أغسطس (آب) الجاري.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store