
"هجوم ميونخ": من هو "فرهاد إن" الأفغاني الذي أثار الجدل عشية مؤتمر ميونيخ الأمني؟
قالت الشرطة الألمانية إن طالب لجوء أفغاني، قاد سيارته في اتجاه تجمع عمالي في مدينة ميونخ، مما أدى إلى إصابة 28 شخصاً على الأقل جراء الدهس.
وتفيد الشرطة في آخر حصيلة عن سقوط 28 جريحاً بينهم أطفال، إصابة العديد منهم "بالغة جداً" وبعضهم بين الحياة والموت
وأفادت وسائل إعلام محلية بأن السيارة من طراز "ميني كوبر" دهست حشداً من العمال المضربين من اتحاد "فيردي"، وأن سيارات الإسعاف هرعت إلى الموقع.
وذكرت تقارير أن المشتبه به اتجه بسرعة كبيرة نحو مسيرة كان ينظمها اتحاد عمالي، لكن ضابط شرطة سارع إلى إطلاق عيار ناري - أصيب، لكنه لم يصب بجروح ناجمة عن طلقات نارية - قبل أن يُلقى القبض على الشاب قائد المركبة.
وتقول الشرطة إنه لا يُعرف أي أشخاص آخرين متورطين.
وأكدت الشرطة أن إدارة مكافحة الإرهاب هي التي تتولى التحقيق في الحادث بسبب احتمالات أن يكون الحادث وقع بدافع التطرف.
وأكدت الشرطة أن الحادث وقع على طريق رئيسي قرب مركز مدينة ميونخ التاريخي.
من هو فرهاد إن:
وقالت الشرطة في وقت سابق إن المشتبه به هو طالب لجوء أفغاني يبلغ من العمر 24 عاماً.
وأشارت وسائل إعلام ألمانية، إلى أن المشتبه به هو فرهاد إن.
أفادت مجلة دير شبيجل الألمانية الآن أنه جاء إلى ألمانيا في نهاية عام 2016 وتم رفض طلب اللجوء الخاص به لاحقاً.
ثم مُنح ما يُترجم بتصريح "التسامح"، مما يعني تعليق قرار ترحيله.
وقال المسؤولون في وقت سابق إنه معروف للشرطة بجرائم السرقة والمخدرات.
ووجدت بي بي سي تحقيقات، حسابات على فيسبوك وإنستغرام وتيك توك لشخص من كابول في أفغانستان يعيش في ميونيخ يحمل نفس الاسم.
على الرغم من أننا لا نستطيع التأكد من أنه نفس الشخص، فقد تمت إزالة الحسابات الآن، وهو ما يحدث عادةً عند تحديد هوية المشتبه به.
تُظهر الصور له وهو يقف بجوار سيارة ميني كوبر بيضاء، نفس نوع السيارة التي تم تصويرها في مكان "الهجوم".
تقول سيرته الذاتية على إنستغرام إنه عارض لياقة بدنية، وتُظهر منشوراته شغفاً ببناء الأجسام.
لقد نشر محتوى يدعم المتمردين الذين يقاتلون ضد طالبان. في العديد من المنشورات يقول إنه يتمنى أن تتمكن الفتيات الأفغانيات من العودة إلى المدرسة.
لم نر أي دليل على وجود محتوى إسلامي أو جهادي.
في حين أن بعض مقاطع الفيديو الخاصة به مغطاة بآيات من القرآن الكريم وتُظهر صورة ملفه الشخصي على فيسبوك كلمة الله باللغة العربية، فهذا ليس بالضرورة أمراً غير عادي حيث يشارك العديد من الأفغان العاديين هذا النوع من المحتوى.
توقيت "الهجوم"
ويأتي الحادث قبيل استضافة المدينة مؤتمر ميونخ للأمن الذي تشارك فيه عادة شخصيات عالمية كبيرة.
وصل نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، إلى المدينة، ومن المقرر أن يصل الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، من بين آخرين، في وقت لاحق اليوم.
ولا تعتقد الشرطة أن الهجوم مرتبط بالمؤتمر، لكن المتحدث باسم شرطة ميونيخ، توماس شيلشورن، يقول إنهم ينشرون 5000 ضابط لأغراض أمنية، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
ويقول: "لدينا معايير أمان عالية جداً جداً"، مضيفاً:
"سيتم حماية المشاركين في المظاهرات التي تجري هنا. سيتم حماية المشاركين في مؤتمر ميونيخ للأمن. لهذا السبب لدينا الكثير من الضباط في الخدمة. لا يوجد شيء مثل الحماية بنسبة 100٪، كما رأينا مرة أخرى اليوم".
وتوافد عدد من الناس في الوصول إلى مكان الهجوم المشتبه به لوضع الزهور وإضاءة الشموع من أجل الجرحى.
لقد كتبوا رسائل على الفوانيس التي أضاءوها. وقد تُرجمت بعض هذه الرسائل من الألمانية إلى "معاً من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان"، و"أفكارنا مع الضحايا"، و"لا تستغلوا هذا الهجوم في الحملة الانتخابية".
تحدث مراسل بي بي سي في ميونخ، إلى أشخاص من مختلف التوجهات السياسية، ويكاد لا يشك أحد في أن هوية المشتبه به أصبحت جزءاً من الجدل قبل الانتخابات المقررة بعد 10 أيام، في 23 فبراير/شباط 2025، والتي تهيمن عليها مسائل الهجرة والأمن بعد عدة اعتداءات دامية شهدها البلد في الآونة الأخيرة ونفذها أجانب.
وبحسب آخر استطلاعات الرأي، فإن اليمين المتطرف قد يحقق نتيجة تفوق بأكثر من الضعف نتيجته عام 2021، بحصوله على أكثر من 20% من الأصوات.
الأفغان في ألمانيا: "إدانة وقلق بشأن العواقب"
وقال المستشار الألماني أولاف شولتز إن المشتبه به الأفغاني "لابد أن يُعاقب "، مطالباً بمغادرته البلاد ومؤكدًا أنه لابد "ألا يكون لديه أمل في الحصول على أي تصريح" للإقامة في ألمانيا.
وأضاف: "إذا كان ذلك هجوماً، فلابد أن نتخذ الإجراء المناسب ضد الجناة المحتملين وتقديمهم للعدالة بكل السبل".
وقد توجهت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فايزر، إلى موقع الهجوم المشتبه به لوضع إكليل من الزهور والتحدث إلى الصحافة.
وقد أعربت عن تضامنها مع الضحايا وأسرهم، وشكرت المستجيبين الأوائل في موقع الحادث.
وقالت فايزر إن المشتبه به سوف يُحاكم "بكل قوة القانون" وأن المناقشات حول الترحيل إلى أفغانستان تحتاج إلى إعادة النظر.
تُشير المعلومات والتقارير القادمة من برلين، إلى أن ألمانيا استقبلت أكثر من 30 ألف أفغاني معرض للخطر منذ سيطرة طالبان على البلاد في عام 2021. ويعيش العديد منهم الآن في ميونيخ.
وأدان بعض الذين تحدثوا لبي بي سي "الهجوم"، لكنهم أعربوا أيضاً عن قلقهم بشأن تأثيره على حياتهم اليومية.
يعيش ميوند خان في ضواحي ميونيخ منذ 10 سنوات. ويقول: "أدين بشدة (الهجوم)، مثل هذه الحوادث ستزيد من الغضب في المجتمع تجاهنا، في حين أنها فعل فردي".
ومع اقتراب ألمانيا من الانتخابات الوطنية بأسبوع واحد فقط، يعتقد بعض الأفغان أن الهجوم المشتبه به سيمهد الطريق أمام اليمين المتطرف لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه المهاجرين.
ويقول موموزاي، الذي عاش في ميونيخ لأكثر من ثلاثة عقود: "بعض الأحزاب ضد المهاجرين بالفعل. هذا "الهجوم" المتزامن مع انعقاد مؤتمر ميونيخ الأمني، سيجعلهم يتخذون مواقف أكثر صرامة ضد اللاجئين".
أصبحت ألمانيا أول دولة في الاتحاد الأوروبي تقوم بترحيل الأفغان بعد وصول حركة طالبان إلى السلطة، ولكن هذا الهجوم المشتبه به سيجبر السلطات الألمانية على اتخاذ إجراءات أخرى.
أدى عدد من الهجمات المرتبطة بالمهاجرين على مدار العام الماضي إلى زيادة الدعم لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني.
وتتخذ الأحزاب السائدة، وخاصة المرشح المحافظ فريدريش ميرز، الذي من المتوقع أن يكون المستشار القادم لألمانيا، خطاً صارماً بشكل غير عادي بشأن الهجرة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- العربي الجديد
شبكات خارجية تنظم حملات الكراهية والتضليل الإلكتروني في سورية
شهدت النقاشات حول سورية على منصة إكس ("تويتر" سابقاً)، منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تصاعداً في نشر خطاب الكراهية والطائفية مع كم هائل من المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة. لم يكن ذلك انعكاساً للأوضاع السياسية المعقدة داخل البلاد فحسب، بل نتيجة عمل شبكات من الحسابات الخارجية التي تُدار بشكل ممنهج لإطلاق حملات إلكترونية موجهة ضد الحكومة السورية وضد الأقليات الدينية، وفقاً لما كشفه تحقيق استقصائي نشره موقع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ، الأحد الماضي. ورصد فريق "بي بي سي" أكثر من مليوني منشور مرتبط بالحدث السوري منذ سقوط نظام الأسد على منصة إكس، وحلّل عيّنة تشمل أكثر من 400 ألف منشور، احتوت على تضليل وكراهية، من قبل مؤيدي ومعارضي الإدارة السورية الجديدة ورئيسها أحمد الشرع. وبيّن التحقيق استعمال القائمين على هذه الحملات أساليب متشابهة، مثل تلفيق روايات للتأثير على الرأي العام، وإعادة نشر محتوى قديم، باعتماد أدوات أبرزها: تفعيل الحسابات المبرمجة والوهمية، والاستغلال الخوارزمي للسيطرة على الخطاب الإلكتروني. تضليل متبادل حول الأوضاع في سورية لفتت "بي بي سي" إلى أن فريقها فحص 50 ألف منشور ضمت "ادعاءات كاذبة أو غير موثوقة ضد الإدارة السورية الجديد"، ليتبين أن "60% من هذه المنشورات صادر عن حسابات حَدّدت أدوات التحليل موقعها الجغرافي خارج سورية، خاصةً في العراق واليمن ولبنان وإيران". اعتمدت هذه الحسابات على نشر أخبار كاذبة أو إعادة نشر مقاطع فيديو قديمة على أنها حديثة ومرتبطة بالوضع الحالي. كما أنها نشر المحتوى نفسه في أوقات متزامنة، ما يدل على أنها جزء ممّا وصفه التحقيق بأنه "عملية تلاعب منسّق". من الأمثلة على ذلك، انتشار فيديو على منصة إكس، في ديسمبر الماضي، يزعم أنه يوثق تدمير رجل "من عصابات الجولاني"، بحسب وصف ناشريه، تمثالاً لمريم العذراء. قبل أن يتبين لاحقاً أن المقطع يعود إلى العام 2013. وحدّد الموقع الجغرافي للحسابات التي نشرت الفيديو بشكل واسع آنذاك في العراق. مثالٌ آخر، كان نشر حسابات متعددة في مارس/ آذار الماضي، خبراً كاذباً على "إكس"، عن إعدام كاهن في كنيسة مار إلياس على يد ما وصفتها بأنها "عصابات الجولاني"، وجاءت المنشورات جميعها بالصياغة والصور نفسها. ونفت الكنيسة هذه المزاعم لاحقاً. على الجهة المقابلة، رصد فريق "بي بي سي" حملات إلكترونية مؤيدة للرئيس السوري أحمد الشرع، شاركت أكثر من 80 ألف منشور من حسابات تركزت معظمها في تركيا والسعودية. تحاول الحسابات التي تقف خلف هذه المنشورات إلى تقديم صورة إيجابية عن الشرع قائداً جديداً للبلاد. وبطريقة مماثلة لشبكة الحسابات المناهضة للشرع، أظهرت شبكة الحسابات المؤيدة أدلة على وجود "تلاعب إلكتروني منسّق"، بحسب "بي بي سي". وأوضح التقرير عن وجود مؤشرات عدة على أن حساباً معيناً ينتمي إلى جهة تدير حملات منظمة، منها نشر المحتوى بشكل متزامن، واتباع تسمية العديد من هذه الحسابات تسلسلاً رقمياً، مثل "قاصف 1" و"قاصف 2" و"قاصف 3"، أو أسماء تتكون من أحرف وأرقام عشوائية. إعلام وحريات التحديثات الحية الإعلام الرسمي السوري... أسئلة ما بعد الأسد تحريض على العلويين والدروز بحسب "بي بي سي"، ترافق تصاعد الخطاب الطائفي والتحريضي على "إكس"، مع تزايد العنف على الأرض في سورية. ظهر ذلك بوضوح، مع التطورات الأمنية في الساحل السوري في مارس/ آذار الماضي، ووقوع أعمال عنف طائفي استهدفت العلويين، وأدت إلى مقتل 1169 مدنياً، بحسب المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، إذ انعكس ذلك سريعاً على منصة التواصل الاجتماعي، من خلال نشر خطاب الكراهية والمعلومات المضللة على نطاق واسع. وأشار التقرير إلى أن الروايات المناهضة للحكومة تضمنت تقارير ملفقة جرى تداولها بشكل كبير، وذلك على الرغم من توثيق منظمات حقوقية عدة لحالات القتل والعنف ضد العلويين. في الوقت نفسه، كشف فريق "بي بي سي" عن وجود شبكة من الحسابات تحرّض ضد الطائفة العلوية في سورية. تركّزت هذه الحسابات في كل من السعودية وتركيا، وكانت مسؤولة عن 100 ألف منشور، احتوى على إساءة وتحريض ضد العلويين، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وحتى اليوم. استعملت كلمة "كفار" لوصف العلويين في أكثر من 50 ألف منشور، كما وصفوا بأنهم "مجرمون" في 48 ألف منشور. كما احتوت بعض المنشورات على دعوات صريحة لقتل العلويين. تعتمد هذه الشبكة على نمط مماثل، فهي تشارك منشورات متشابهة، وأحياناً بالصياغة نفسها، في وقت متزامن. كما أن أسماء الكثير منها مكون من أحرف وأرقام عشوائية، مما يدل على أنها حسابات وهمية أُنشئت لأغراض معينة. وتكرّر الأمر نفسه، مع اندلاع الاشتباكات في جرمانا، في ريف دمشق، أواخر إبريل/ نيسان الماضي، بين قوات الحكومة السورية وأهالي البلدة من الدروز، إذ رصد فريق "بي بي سي" كمّاً كبيراً من المنشورات الطائفية والتحريضية على منصة إكس. اعتبر الباحث في مختبر أبحاث الأدلة الرقمية، رسلان طراد، في حديث مع "بي بي سي"، أن النقاشات حول سورية على المنصات الاجتماعية تعكس واقع البلاد المنقسم والمجزأ. كذلك، لفت إلى وجود أدلة على حملات تضليل طائفية منسقة عديدة تخدم أجندات إيرانية أو إسرائيلية. كما أن هناك العديد من الحسابات التي تُدار من تركيا والإمارات والسعودية ومصر، منخرطة في التأجيج الطائفي. مع حضور لافت للحسابات الروسية، بحسب تعبيره.


العربي الجديد
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- العربي الجديد
تعذيب الحيوانات الأليفة يثير الغضب بين العراقيين
أبدى العراقيون غضباً واسعاً في الآونة الأخيرة من جراء انتشار مقاطع فيديو متعددة تظهر تعاملا قاسيا مع حيوانات أليفة يرتكبها شبان ومراهقون وحتى أطفال صغار، بعضها جرى نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي . في مقابل الغضب الشعبي، أكدت وزارة البيئة العراقية في بيان صدر في 27 إبريل الماضي، أنها بصدد اتخاذ إجراءات قانونية بحق من يثبت تورطه في أي عمل عنيف ضد الحيوانات ، وأنه جرى التنسيق مع وزارة الداخلية لرصد مقاطع الفيديو والصفحات التي تنشر هذه الأفعال. وعلى الرغم من معاقبة القانون العراقي مرتكبي العنف ضد الحيوانات بما يشمل عقوبات مالية والسجن لفترات تتراوح بين 3 أشهر وسنة، لكن هذه العقوبات شبه معطلة أو غير معمول بها. ويظل إطعام الحيوانات والطيور عادة متوارثة بين العراقيين، وتحرص العديد من الأسر على وضع الطعام أمام المنازل كي تستفيد منه القطط والكلاب والطيور. تقول عواطف عباس "أم زهير" لـ"العربي الجديد": "يعتبر العراقيون أن هذه الحيوانات زوار يرسلها الله، وأن لنا في إطعامهم وتوفير الأمان لهم أجرا عظيما. اعتدت إطعام القطط التي تمرّ يومياً أمام منزلي، وكذا الكلاب الصغيرة، وهي عادة قديمة ورثتها عن والدي". تواصل حديثها بانفعال وهي تتحدث عن إحدى القطط التي تطعمها باستمرار، قائلة: "القط الأبيض الجميل الذي كان دائماً يجلس على حافة سور منزلي، سمعته يصرخ بعدما ركله شاب بقوة، ما أدى إلى كسر ساقه. هذه الأفعال تؤلمني، خاصة أنها باتت تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ويشعر بعض الأشخاص بفخر وهم يعذبون الحيوانات الضعيفة". وجعل تداول مقاطع فيديو لتعذيب حيوانات على منصات التواصل كثيرين يعربون عن استغرابهم من سماح تلك المنصات بنشر مثل هذه الأفعال، ويؤكد بعضهم أنهم يشاركون في حملات تبليغ على الحسابات التي تنشر هذه المقاطع. مقطع قصير على منصة "إنستغرام" كان كفيلاً بتغيير مزاج مجموعة من الطالبات الجامعيات اللاتي يحرصن على إطعام مجموعة قطط وطيور في حديقة كليتهن. تقول الطالبة رهف لـ"العربي الجديد": "كنت أعتقد أن السوشيال ميديا هي مساحة للضحك والتفاعل، لكني صدمت بجانبها الأسود، إذ كنت مع صديقاتي نستعرض مجموعة مقاطع فيديو مضحكة على إنستغرام، فوجدنا مقطعاً يظهر شخصا ربط رقبة كلب بحبل طويل، ورماه من فوق الجسر إلى نهر دجلة". طفلة عراقية تحمل قطة في الموصل، 8 نوفمبر 2016 (أحمد إزجي/الأناضول) وتضيف أنها وصديقاتها غضبن كثيراً، وأخذن يعلقن على المقطع باستياء، وينصحن الآخرين بتجنب هذه الممارسات، لأنه "فعل تحرمه جميع الأديان، كما يخالف الطبيعة البشرية"، مبدية استغرابها من سماح مواقع ومنصات التواصل بنشر هذه المقاطع. ويصف بعض كبار السن الأجيال الشابة بأنها "أكثر قسوة"، ويعيدون ذلك إلى الانفتاح الواسع وتقلص الرقابة والابتعاد عن التعاليم الدينية والقيم المجتمعية. يقول السبعيني عبدالستار العماري، من مدينة الكاظمية شمالي بغداد، إن "هذا الجيل لا يعرف الرحمة، والنسبة الأكبر منهم تخلت عن عاداتنا وقيمنا الأخلاقية الموروثة. تعلمت من والدي وجدي أنه لا يجوز إيذاء عصفور، فالله يرانا، وعلّمت هذا لأبنائي وأحفادي، وهم ملتزمون بوضع الطعام والماء للطيور على الأسطح، وتقديم الطعام والماء للقطط والكلاب في الشارع. أرى شباباً يضحكون وهم يعذّبون طيوراً أو حيوانات أليفة؛ وهذا ليس فقط انحدارا في الأخلاق، بل خطر على المجتمع كله، فمن لا يرحم قطاً، لن يرحم إنساناً أضعف منه". ويكرر العراقيون آيات قرآنية وأحاديث نبوية وحكايات وقصصا من التراث الإسلامي تتحدث عن الرفق بالحيوان، وهو أيضاً ما يحرص الآباء على ترسيخه بين عوائلهم. ويؤكد العراقي أحمد حسين أنه زرع بين أفراد عائلته أن كل إساءة لحيوان أليف هي فعل حرام. قضايا وناس التحديثات الحية اهتمام التونسيين بالحيوانات الأليفة يخلق مئات فرص العمل بدوره، لم يكن حسين، الموظف بالقطاع الخاص، يتوقّع أن مشهداً في الشارع سيخلخل صورة الأب الحامي في عيون ابنته ذات التسعة أعوام، بينما كانا يتجولان في أحد أسواق بغداد الشعبية. يقول لـ"العربي الجديد": "كان على الرصيف كلب صغير ينزف، وكان المارّة يتجنبونه، بينما وقفت ابنتي تبكي عندما علمت أن صبية عذبوه، وأخذت تسأل عن سبب ذلك، ولم أجد إجابة. لم عرف بماذا أجيب. كان ذلك قبل ستة أشهر، وحتى اليوم ما زالت طفلتي التي اعتادت أن تطعم القطط وتداعب كلب جيراننا وجراءه الصغار كل صباح، تسألني عن سبب العنف الذي تعرّض له ذلك الكلب الصغير، وكأنها لا تصدق أن هذا يمكن أن يحدث. أخطر ما في الأمر أن يعتاد الجيل الجديد على مشاهد القسوة إزاء الحيوانات".


العربي الجديد
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- العربي الجديد
قاضي الإعدامات أمام قاضي السماء
حين يغيب العدل عن ساحات القضاء، يصبح الموت القاضي البديل. هذا مضمون الرسالة التي حملتها آلاف الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي في "ليلة القبض على شعبان الشامي"، وترحيله من منصّة الحكم إلى منصّة الحاكم، في ليلة الحساب. هذه هي العدالة التعويضية التي حصل عليها آلاف الضحايا، دفتر عزاءات الآباء الذين فقدوا أبناءهم، والأبناء الذين فقدوا آباءهم وأمّهاتهم وأشقّاءهم وأسرهم وأوطانهم وحيواتهم، مُقدَّم أتعاب وأوجاع، وثارات معلّقة بين السماء والأرض، رسائل "محكمة الذاكرة الجماعية" إلى صاحب "ولا تحسبنّ الله غافلاً عمّا يعمل الظالمون، إنما يؤخّرهم...". لا يحكم القاضي في مصر وفق الأوراق، كما تشيع حسابات الكتائب الإلكترونية للنظام، بل وفق عقيدته، وقناعته، ويقينه، ما استقرّ في وعيه، وفي عقله، وفي قلبه، وفي ضميره. هكذا تنصّ المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية المصري: "بعد نظر الدعاوى أمام المحكمة عن بصر وبصيرة، تكون (عقيدتها) في الدعوى، وتفصل فيها بعد سماع أقوال الشهود وفضّ الأحراز ومرافعة النيابة والدفاع"، وتنصّ المادة نفسها أنّ "كلّ قولٍ يثبت أنه صدر من أحد المتهمين أو الشهود تحت وطأة الإكراه أو التهديد به يُهدر ولا يُعوَّل عليه". هذا كلام واضح، وصريح، ومباشر، والحقّ أن الشامي لم يعمد إلى تزويره أو تأويله أو تحويره أو حرفه عن مساره، بل إلى تجاهله تماماً ونهائياً. وقف الشاب محمود الأحمدي (25 عاماً) أمام الشامي، وأخبره أنه مظلوم، وأنه بريء، وأنه خصيمه يوم القيامة، وأنه ومن معه لم يقتلوا النائب العام هشام بركات، ولم يقتلوا أحداً، وأن الاعترافات المدوّنة في الأوراق جرى انتزاعها بالتعذيب بالكهرباء. قال الأحمدي ذلك بوضوح، وبصوت عالٍ، وفي الميكروفون، وفي وجه القاضي، وفي عين الكاميرا، ومع ذلك رفض الشامي أن يسمع صرخات الجسد المعذّب، وأصغى إلى همسات الأجهزة السيادية، واعتمد ذبذبات الصاعق الكهربائي عنواناً للحقيقة، وحكم بالإعدام، وهو الحكم الذي يتعارض مع القانون المصري، الذي يُلزم القاضي، بعد شهادة الأحمدي، ألّا يعتدّ بالاعترافات المكتوبة، وأن يعيد القضية إلى التحقيق، على أقلّ تقدير لشبهة انتزاع الاعترافات بالتعذيب. لم تكن واقعة إعدام الشباب الذين تعرضوا للتعذيب هي الوحيدة التي ينتهك فيها الشامي نصوص القانون والدستور، فقضية الرئيس السابق محمد مرسي نفسها قامت على انتهاك صريح للدستور المصري، الذي ينصّ في المادة 152 من دستور 2012 على تشكيل "محكمة خاصّة" لمحاكمة رئيس الجمهورية، أي أن وجود الشامي نفسه على منصّة القضاء كان انتهاكاً دستورياً، وهو أول ما دفع به محامو مرسي، الذين أخبروا الشامي بـ"عدم اختصاص" المحكمة، ناهيك عن بطلان الإجراءات، وانتفاء القصد الجنائي، وعدم صحّة الاعترافات، وغياب الأدلة المادّية، لكنّ الشامي تجاهلهم تماماً، واستمرّ بالنظر في الدعوى، وأصدر أحكامه بالإعدام وبالمؤبّد. من المهم هنا أن ندرك، وفق مقرّرات الواقع، أن الشامي ليس حالةً فرديةً، بل "حالة قضائية"، حلّت فيها الشخصنة محلّ المؤسّساتية، والسلطة محلّ القانون، والقدرة محلّ الواجب، كما أن لقب "قاضي الإعدامات" لا يصف شخصاً، بل منظومةً فارغةً من العدالة، كارهةً لها، محذّرة منها، ناظرة إليها بوصفها تهديداً لـ"المصلحة الوطنية". ولذلك تجاوزت التعليقات على موت الشامي حدود شخصه إلى جهة انحيازه، كما تجاوزت حدود انحيازات المعلّقين وأيديولوجيّاتهم السياسية إلى وطأة إحساسهم الجماعي بالظلم، الذي لم يستثنِ أحداً. علّق "الإخوان"، وعلّق اليساريون، وعلّق الليبراليون، وعلّق السلفيون، وعلّق العلمانيون، وعلّق السجناء السابقون، وعلّق أهلهم وذووهم وأصدقاؤهم، وعلّق المتورّطون في العمل السياسي، وعلّق المتابعون، الصامتون، الخاضعون، علّق الجميع، واحتفل الجميع، ولم يأبه أحد بمزايدات أبواق السلطة وتهديداتهم. حتى أولئك الذين تجاوزوا، وفق المُعلَن من خطاباتهم، حدود التصوّرات الدينية والاعتقاد الغيبي في الإله، واليوم الآخر، والثواب والعقاب، علّقوا، واحتفوا، ليس بالعقوبة الأخرويّة، بل بتوقّف "القدرة على الإيذاء". فالموت هو العدالة السلبية، والعقوبة الوحيدة التي لن يستطيع القاضي تكييفها وفق مصالحه.