
لماذا يتصاعد العنف السياسي في الولايات المتحدة بذريعة "إنقاذ البلاد"؟
يتبادل الديمقراطيون والجمهوريون ومن يدور في فلك الحزبين، الاتهامات عن المسؤولية في تصاعد العنف السياسي، ويختلفون في تفسير أنواع العنف، وما يجوز منه "كوسيلة لإنقاذ البلاد وما لا يجوز"، وذلك بعد سلسلة متصاعدة من حوادث العنف التي تشهدها الولايات المتحدة.
وكانت ولاية مينسوتا شهدت في 27 يونيو حالة من الحزن العام ومتابعةً للتحقيق في حادثة ذات طابع سياسي، صدمت المجتمع المحلي والفيدرالي بسبب استهداف مسؤولين منتخبين على خلفية مواقفهم السياسية.
وجرى وداع النائبة الديمقراطية السابقة ميليسا هورتمان وزوجها في مراسم رسمية داخل قاعة الكابيتول بولاية مينيسوتا بعد مصرعهما في هجوم وُصفت دوافعه أنها سياسية.
وفي اليوم نفسه، وقف المتهم فانس بولتر أمام المحكمة، لكن الجلسة أُجّلت بسبب ظروف احتجازه، التي وصفها محاميه بأنها "قاسية".
كما وُجّهت لبولتر اتهامات أيضاً بمحاولة اغتيال سياسيين آخرين إضافة إلى انتحال صفة شرطي والتنكر بزي الشرطة، حيث وُجدت بحوزته قائمة بأسماء مسؤولين مؤيدين للإجهاض.
وأعادت جريمة مينسوتا التي وقعت في 14 يونيو الحالي، فتح ملف العنف السياسي في الولايات المتحدة، خاصة أنها تأتي بعد شهرين من حوادث عنف سياسي شهدتها الولايات المتحدة، منها مصرع 2 من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وإلقاء قنابل حارقة على مسيرة في كولورادو تطالب بإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة "حماس" في غزة منذ هجوم 7 أكتوبر 2023؛ إلى جانب هجوم مماثل على مقر الحزب الجمهوري في نيو مكسيكو، وآخر في صالة عرض سيارات تسلا في الولاية نفسها، كما أُضرمت النيران في مقر إقامة حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو خلال قضاء عطلة مع عائلته.
مُعدلات تُنذر بالخطر
منذ هجوم الكابيتول في 6 يناير 2021 وحتى 22 أكتوبر 2024، رصدت وكالة "رويترز"، 300 حادثة عنف سياسي في الولايات المتحدة، من بينها 51 وقعت خلال العام الانتخابي الماضي. ووصفت الوكالة هذا التصاعد بأنه الأكبر والأطول منذ سبعينيات القرن الماضي.
وشهد شهر يوليو من العام نفسه محاولة اغتيال دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في بلدة صغيرة بولاية بنسلفانيا، أصابت إحدى الطلقات أُذن ترمب اليمنى فيما لقي شخص آخر نحبه. وبعد شهرين أُحبطت محاولة أخرى لاغتيال ترمب في نادي "ترمب الدولي للجولف" في ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا.
وحذّر أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاجو روبرت بابي، من أن "أعمال العنف السياسي خلال السنوات الخمس الأخيرة تحدثُ بمعدل يُنذر بالخطر".
وفي حديث لـ"الشرق"، قسّم بابي، الذي درس العنف السياسي لمدة 30 عاماً، فترات العنف في التاريخ الأميركي إلى عدة مراحل، لافتاً إلى أن "الفترات الأساسية التي تُسمى (حقبة الشعبوية العنيفة) تعود إلى عشرينيات القرن الماضي، (1920 حتى 1925)، ثم الستينيات، وخاصة أواخرها، ثم الفترة الثالثة وهي الحالية وتتسم بالشعبوية العنيفة، من 2020 إلى 2025.
وأضاف: "في كلٍ من هذه الفترات، شهدنا ارتفاعاً تاريخياً في العنف السياسي داخل الولايات المتحدة".
وخلال السنوات الخمس الأخيرة وقعت سلسلة محاولات لتنفيذ اغتيالات ذات طابع سياسي، على غرار الهجوم على منزل رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي في 2022، وشهد العام نفسه أيضاً محاولة استهداف عمدة لويزفيل الديمقراطي كريج جرينبرج، خلال إطلاق نار في مقر حملته الانتخابية.
وفي 2023، تعرّض منزل الرئيس السابق باراك أوباما لمحاولة اقتحام في واشنطن العاصمة، وألقي القبض على المشتبه به وبحوزته أسلحة ومتفجرات في سيارته.
ومنذ 2024 حتى 2025، تعرّض ترمب لمحاولتي اغتيال، ثم حدث الشيء ذاته مع حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو في أبريل 2025، وأخيراً تعرض نواب في ولاية مينيسوتا لعملية اغتيال في عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
وبجانب سلسلة محاولات الاغتيال السياسي شهدت أميركا تصاعداً في مستويات العنف السياسي خلال السنوات الخمس الأخيرة، أيضاً، من بينها أعمال الشغب التي اندلعت خلال احتجاجات جورج فلويد، والتي كانت في أغلبها سلمية، لكن نحو 5% منها تحولت إلى أعمال شغب شارك فيها نحو 200 ألف شخص.
وفي 2020، وقعت أعمال شغب سياسية مثّلت صدمة كبيرة باقتحام الكابيتول في 6 يناير.
وقال بابي: "كل هذه الأحداث مجتمعة تُمثل تصاعداً في الاحتجاجات العنيفة وسلسلة من عمليات الاغتيال أو محاولاتها لم نشهد مثلها منذ الستينيات".
العنف السياسي في التاريخ الأميركي
وُصِفت ستينيات القرن الـ20، بأكثر الفترات اضطراباً في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، خاصة بين عامي 1965 و1968، حيث شهدت بعضاً من أوسع الاحتجاجات انتشاراً، مثل حركة الحقوق المدنية، التي بدأت مبكراً بقيادة مارتن لوثر كينج الابن بشكل سلمي، لكن أواخر الستينيات شهدت أعمال شغب في ديترويت، ولوس أنجلوس، وشيكاجو وغيرها من المدن الكبرى، رداً على التوترات العرقية، والفقر، وسوء معاملة الشرطة، وفقاً لأستاذ التاريخ السياسي في جامعة ويسكونسن، جوناثان كاسباريك.
وأكد كاسباريك لـ"الشرق"، أن "العنف السياسي متجذر في الولايات المتحدة، ولا يقتصر على التاريخ الحديث، فقد تأسس استقلال البلاد من خلال أعمال عنف ضد الممتلكات، على غرار حفل شاي بوسطن عام 1773، عندما ألقى المستَعمرون الأميركيون 342 صندوقاً من الشاي، مملوكة لشركة الهند الشرقية البريطانية، في ميناء بوسطن، احتجاجاً على ضريبة الشاي التي فرضتها بريطانيا على المستعمرات الأميركية".
ويُعد الحدث المعروف بـ"تغطية جباة الضرائب بالقار والريش"، شكلاً آخر من العنف في القرن الـ18، ففي احتجاجاتهم ضد الضرائب البريطانية كان يتم القبض على جامعي الضرائب أو موظفي الجمارك من قبل حشد من المستعمرين الأميركيين، ثم يجردون الأشخاص من ملابسهم ويصبون عليهم القطران الساخن ويُغطونهم بالريش، ويُجبرون على التجوال.
لكن العنف ضد الممتلكات ليس النوع الوحيد المتجذر في التاريخ الأميركي، فقد أشار كاسباريك إلى أعمال عنف أخرى صاحبت توسع المستوطنات على الحدود "كان مصحوباً بأعمال عنف ضد السكان الأصليين من قبل الأميركيين البيض، وردود انتقامية من السكان الأصليين ضد المتسللين البيض".
وجادل أستاذ التاريخ بأن العنف السياسي يشمل أيضاً "الإعدامات العنصرية والاعتداءات الجماعية على مجتمعات الأميركيين من أصل إفريقي والسكان الأصليين".
وقال إنه يمكن اعتبار "ثورات العبيد"، وخاصة تمرد "نات تورنر"، أحد أشكال العنف السياسي، ونموذجاً للأعمال "الانتقامية الوحشية" التي أعقبتها.
وفي 1831، قاد نات تورنر، تمرداً للأميركيين من أصل إفريقي، في ولاية فيرجينيا. وقتل مع الثوار 55 شخصاً أبيض اللون، قبل أن يستعيد البيض السيطرة بسرعة، حيث أعدموا تورنر وأتباعه، وشنوا موجة تصفية جماعية ضد الأميركيين من أصل إفريقي.
لماذا ازداد العنف السياسي؟
في السنوات الأخيرة، أصبح المشرعون في الولايات المتحدة يُواجهون خطراً متزايداً من العنف السياسي، وفي حوادث عديدة كان أعضاء الكونجرس وغيرهم من المسؤولين أهدافاً مباشرة.
ومن أبرز هذه الحوادث، إطلاق النار الذي تعرضت له النائبة الديمقراطية جابرييل جيفوردز من أريزونا عام 2011، وكذلك محاولة اختطاف الحاكمة الديمقراطية جريتشن ويتمر من منزلها في 2020، وحادث إطلاق النار على نواب جمهوريين كانوا يتدربون لمباراة بيسبول عام 2017 في شمال فرجينيا، ما أدى إلى إصابة النائب ستيف سكاليز من لويزيانا بجروح بالغة.
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاجو روبرت بابي، إن التغير الاجتماعي السريع ساهم في زيادة الاضطرابات السياسية العنيفة، لافتاً في حديثه لـ"الشرق"، إلى أن هناك مصدران أساسيان لهذا التغير الاجتماعي، هما التغير الديموغرافي، حيث تتحول الولايات المتحدة من دولة ذات أغلبية بيضاء، إلى "ديمقراطية ذات أقلية بيضاء"، مشيراً إلى أنه عام 1990، كانت نسبة السكان البيض نحو 76%، واليوم أصبحت نحو 58%، مرجحاً أن تنخفض إلى أقل من 50% خلال العقد القادم.
وأضاف بابي أن هذا التحول السريع، هو ما دفع ترمب للصعود السريع قبل 10 سنوات من خلال تركيزه على قضية الهجرة التي مثلت أهم قضاياه، موضحاً أن "هناك شريحة في المجتمع الأميركي تريد وقف هذا التغيير الديموغرافي، وأخرى تريد تسريعه ومواصلته".
ويدعم هذا الرأي حوادث العنف في بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا خلال 2018، وإل باسو في تكساس 2019، وبوفالو في نيويورك 2022، حيث كان الدافع وراءها سياسياً وعنصرياً.
وكان مرتكبوها يؤمنون بنظرية مؤامرة تقول إن هناك محاولة سرية "لاستبدال" السكان البيض بأشخاص من الأقليات، لا سيما من ذوي الأصول الإفريقية أو اللاتينية. وأصبحت هذه النظرية ركيزةً أساسية في بعض الأوساط اليمينية التي تدعم جهود ترمب للحد من الهجرة.
أما المصدر الثاني للتغير الاجتماعي، وفقاً لبابي، فهو التحول الاقتصادي، لافتاً إلى أنه "على مدى الـ30 عاماً الماضية، حدث تحول هائل في الثروة لصالح 20% من الأميركيين، الذين أصبح وضعهم الاقتصادي أعلى، بينما انخفض الوضع الاقتصادي لبقية الـ80 %، ما أدى إلى احتدام الصراع بين الفئات الاجتماعية، إذ يشعر الناس أنهم يخسرون مكاسبهم الاقتصادية".
وتابع: "عند جمع هذين العاملين معاً، التغير الديموغرافي والاقتصادي، يحصل تغيير اجتماعي عميق يسبب اضطراباً كبيراً في السياسة، ويجعل نتائج الانتخابات أكثر حساسية وتأثيراً، مما يفتح الباب أمام تصاعد العنف السياسي".
"من أجل إعادة البلاد إلى المسار الصحيح"
ينتشر العنف السياسي في مختلف الأطياف السياسية الأميركية، ويتزامن ذلك مع ارتفاع في التأييد الشعبي له من اليمين واليسار.
وأظهرت استطلاعات الرأي ارتفاعاً حاداً في نسبة الأميركيين الذين يعتقدون أن العنف وسيلة مشروعة لتحقيق أهدافهم السياسية، ففي استطلاع أجرته صحيفة "واشنطن بوست" وجامعة ميريلاند، في ديسمبر 2021، قال واحد من كل 3 مشاركين إنهم يعتقدون أن القيام بأعمال عنف ضد الحكومة يمكن تبريره، مقارنةً بأقل من واحد من كل 10 في تسعينيات القرن الماضي.
وفي استطلاع أجرته "PBS وMarist" خلال أبريل 2024، قال 28% من الجمهوريين و12% من الديمقراطيين إنهم يعتقدون أن الأميركيين قد "يضطرون للجوء إلى العنف من أجل إعادة البلاد إلى المسار الصحيح".
وكشفت دراسة أخرى أجراها "معهد أبحاث الدين العام"، وهي منظمة بحثية غير ربحية، أن واحداً فقط من كل 6 أميركيين يؤيد العنف السياسي، والأرقام أعلى بكثير بين الجمهوريين مقارنة بالديمقراطيين.
وأظهرت الدراسة التي نُشرت قبل انتخابات 2024، أن 27% من الجمهوريين و32% من الجمهوريين المؤيدين لترمب اتفقوا على أن "الوطنيين قد يضطرون للجوء إلى العنف لإنقاذ البلاد"، بينما قال 10% فقط من المستقلين و8% من الديمقراطيين نفس الرأي.
وفيما يتعلق بالعنف السياسي، رأى 24% من الجمهوريين و27% من الجمهوريين المؤيدين لترمب، أنه "إذا تعرضت الانتخابات الرئاسية لعام 2024 للتزوير الانتخابي، فسيحتاج الأميركيون العاديون إلى ضمان تولي الزعيم الشرعي منصبه، حتى لو تطلب ذلك اللجوء إلى أعمال عنف"، ولم يوافق على هذا الرأي سوى 15% من المستقلين و10% من الديمقراطيين.
وأرجع أستاذ العلوم السياسية وعضو الأكاديمية الفخرية في "جامعة أوهايو" بول بيك، انتشار العنف وقبوله في المجتمع إلى الخطاب السياسي المتطرف وحالة الاستقطاب السياسي الكبيرة.
وقال بيك لـ"الشرق"، إن القادة السياسيين وبعض المواقع الإلكترونية والمدونات المتحيزة يلعبون دوراً كبيراً في إشعال مشاعر الغضب والخوف، بمن فيهم الرئيس الأميركي.
ترمب متهم بتعزيز "العنف السياسي"
دافع ترمب عن مقتحمي مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021. وفي بداية ولايته الثانية، منح عفواً رئاسياً لعدد من هؤلاء المشاركين في أعمال العنف، التي كانت تهدف إلى منع الكونجرس من التصديق على خسارته في انتخابات 2020.
ورأى مرشح الحزب الديمقراطي السابق روبرت باتيلو، أن "العفو الذي أقره ترمب عن المتورطين في الهجوم على مبنى الكابيتول أحد أسباب تصاعد العنف"، معتبراً في حديث لـ"الشرق"، أن ذلك العفو "أرسل رسالة مفادها أنه يمكن التسامح مع العنف ومكافئته".
ووصف باتيلو الخطاب السياسي في الولايات المتحدة بأنه أصبح "شخصياً وعدائياً"، حيث لم تعد الخلافات تدور حول السياسات، بل تحولت إلى هجمات شخصية. وقال إن الرئيس وأنصاره يصوّرون الخصوم كأعداء "يسعون لتدمير البلاد"، ما يشجع على العنف بدلاً من التفاهم السياسي.
وانتقد باتيلو وسائل الإعلام الربحية، لافتاً إلى أنها "تلعب دوراً كبيراً في هذا التصعيد، إذ تركز على الأخبار المثيرة والمتطرفة لتحقيق أرباح، مما يغذي الكراهية ويضخم الانقسام. الناس لا يهتمون بقصص السياسات العادية، بل بالخطاب الذي يصور الخصوم كأشرار، ما يعمق الاستقطاب ويدفع نحو عنف سياسي".
"أكثر ارتباطاً باليمين وأكثر قبولاً بين الليبراليين"
منذ العام 2017، أظهر الجمهوريون والديمقراطيون وفق الاستطلاعات، مستويات متقاربة في قبول العنف السياسي، ما عكس تأثيراً متساوياً للاستقطاب الحزبي. لكن اعتباراً من أكتوبر 2020، ومع انتشار رواية تزوير الانتخابات ضد ترمب، ارتفع تأييد الجمهوريين للعنف، بينما بقي موقف الديمقراطيين أكثر ثباتاً.
وارتفعت التهديدات ضد أعضاء الكونجرس بنحو 10 أضعاف منذ عام 2015، إذ تم الإبلاغ عن أكثر من 8 آلاف تهديد في عام 2023، بحسب تقرير لشرطة الكابيتول. كما تضاعفت التهديدات الخطيرة ضد القضاة الفيدراليين.
ووجدت رابطة "مكافحة التشهير" أنه بين عامي 2022 و2024، ارتُكبت جميع جرائم القتل السياسية في الولايات المتحدة على يد متطرفين يمينيين.
وقال كاسباريك إن العنف السياسي في الولايات المتحدة يبدو أكثر ارتباطاً باليمين المحافظ، مشيراً إلى أن أصوات اليمين سريعة في إدانة العنف الذي يُعتقد أنه صادر من اليسار مثل حركة "حياة السود مهمة"، لكنها في المقابل تُشجع كثيراً العنف ضد ما يسميه الرئيس ترمب بانتظام "اليساريين المجانين".
ولفت إلى أن قضاء بعض الوقت في متابعة وسائل الإعلام اليمينية مثل "فوكس نيوز"، و"نيوز ماكس"، تجعل المشاهد يخرج بانطباع أن "الأميركيين الحقيقيين" مُعرضون لخطر وشيك، ويجب عليهم الرد أو حتى توجيه ضربة استباقية، بينما لا يرى كاسباريك أن اليسار يدعو للعنف بنفس الطريقة، إذ أن "العنف اليساري تاريخياً كان موجهاً ضد الممتلكات وليس الأشخاص"، مؤكداً أن هذه مجرد ملاحظات أولية قابلة للتعديل مع ظهور أبحاث أو أدلة جديدة.
"الديمقراطيون متهمون أيضاً"
في المقابل، اعتبر المحلل الاستراتيجي الجمهوري سكوت أولنجر، أن العنف السياسي يأتي دائماً من جهة واحدة: "إنه يأتي من الديمقراطيين".
وقال إن الأمر أصبح "أكثر سوءاً" في السنوات الأخيرة، مستشهداً بعدة حوادث، كمحاولة اغتيال نائب خلال مباراة بيسبول، والاعتداء على السيناتور راند بول، مشيراً إلى أن الجناة في كل هذه الحالات كانوا ديمقراطيين.
وعلى غرار كاسباريك، اتهم أولنجر الإعلام الأميركي بنشر العنف السياسي، لكنه على العكس خصص الاتهام لـ"القنوات والصحف الليبرالية"، مشيراً إلى أن "الإعلام تٌهيمن عليه وجهات نظر ليبرالية، وهذا يؤدي إلى تصوير دونالد ترمب بشكل سلبي دائماً".
وأضاف: "إن تشبيه ترمب بهتلر بشكل متكرر في بعض وسائل الإعلام مثل (CNN) وغيرها، يجعل بعض الأشخاص المضطربين نفسياً يصدقون ذلك، مما يدفعهم للقيام بأعمال عنف، باعتبار أنهم يوقفون شراً مطلقاً".
واعتاد الرئيس السابق جو بايدن، خلال رئاسته وفي بداية حملته الانتخابية، تحذير الأميركيين من ترمب، واصفاً إياه بأنه "خطر يهدد الأمة".
ومع عودته إلى البيت الأبيض في يناير 2025، ازداد تأييد العنف بين الديمقراطيين، حيث وجد "مشروع شيكاجو للأمن والتهديدات"، الذي يُجري استطلاعات رأي ربع سنوية حول تأييد العنف السياسي بين الأميركيين، أن حوالي 40% من الديمقراطيين أيدوا استخدام القوة لإزاحة ترمب من الرئاسة، بينما أيد حوالي 25% من الجمهوريين استخدام الجيش لوقف الاحتجاجات ضد أجندته.
وقال أستاذ العلوم السياسية روبرت بابي، الذي يدير مشروع شيكاجو للأمن والتهديدات، إن هذه الأرقام، التي ظهرت في مايو، تضاعفت أكثر من مرة منذ الخريف الماضي، لافتاً إلى أن "دعم العنف السياسي مرتفع على جانبي الطيف السياسي".
إلا أن المؤرخ كاسباريك، رأى أن "القوة"، التي ذُكِرت في الاستطلاع السابق، ليست هي نفسها "العنف"، موضحاً أن "القوة" قد تشمل الاعتقال من قِبل ضباط المارشالات الأميركيين أو عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي، لكن ليس بالضرورة التمرد المسلح، "فقد تشمل القوة درجةً من الضغط وليس العنف".
من جانبه، اعتبر الديمقراطي باتيلو أن ازدياد نسبة التأييد للعنف السياسي بين الديمقراطيين ترتبط بتهديدات ترمب بالبقاء في السلطة بعد 2028 واحتمال ترشحه لولاية ثالثة، "ما يُضعف ثقة الناس بالنظام الديمقراطي ويدفع بعضهم للتفكير في العنف كوسيلة للدفاع عن الدستور"، مستشهداً بقول النائب السابق عن ولاية جورجيا جون لويس، إن "السياسة حرب بلا دماء، والحرب سياسة دامية"، وتابع: "عندما ينهار الإيمان بالديمقراطية، يظهر خطر العنف".
وأضاف باتيلو أن الديمقراطيين "لا يؤيدون العنف بحد ذاته، بل يؤمنون بدور النظام الدستوري في منع الاستبداد".
وأشار إلى الفهم المختلف للعنف عند الديمقراطيين وعلاقته بالدستور، وقال إن "التعديل الثاني للدستور، الذي يحمي حق حمل السلاح، لا يعني امتلاك الأسلحة بلا قيود، بل يشير إلى ميليشيا منظمة جيداً تُوازن السلطة"، مستنتجاً أن "الدعوة للعنف عند بعض الديمقراطيين تُفهم في سياق الدفاع عن الديمقراطية، وليس الدعوة لانهيارها".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 44 دقائق
- العربية
مقتل رجلي إطفاء في إطلاق نار بولاية آيداهو الأميركية
أعلنت السلطات الأميركية، مساء الأحد/الاثنين، أنها عثرت على "رجل ميت" على جبل كانفيلد في ولاية آيداهو بشمال غربي الولايات المتحدة، حيث وقع رجال إطفاء في كمين وتعرضوا لإطلاق نار خلال مكافحتهم حريقا. وقال بيان صادر عن قائد شرطة مقاطعة كوتيناي "هذا المساء، عثر أفراد فرقة سوات (قوات خاصة تابعة للشرطة) على رجل ميت في جبل كانفيلد"، مضيفا "عثر على سلاح ناري في مكان قريب". وأضاف أن الأمر الصادر للسكان بملازمة أماكنهم خلال المواجهة بين قوات إنفاذ القانون وعدد غير محدد من المسلحين "سيتم رفعه". وقبلها، قال قائد شرطة مقاطعة كوتيناي بولاية آيداهو الأميركية، إن اثنين من رجال الإطفاء لقيا حتفيهما بالرصاص خلال مشاركتهما في إخماد حريق بشمال الولاية. لقطات متداولة من مقاطعة كوتيناي بولاية أيداهو بعد حادث إطلاق نار #قناة_العربية — العربية (@AlArabiya) June 29, 2025 وأضاف أن ضباط إنفاذ القانون لا يزالون يتعرضون لنيران قناصة ويكثفون جهودهم بحثا عن القاتل. وقال قائد الشرطة بوب نوريس في مؤتمر صحافي إنه لم يتضح بعد ما إذا كان هناك مسلح واحد أو أكثر، مشيرا إلى أن مدنيين ربما أصيبوا في الواقعة التي شهدتها منطقة طبيعية في كور دالين. وتابع "نحن مستعدون لتحييد هذا المشتبه به الذي يطلق النار حاليا على أفراد السلامة العامة". وذكرت شبكة (إيه.بي.سي. نيوز) أنه تم إطلاع وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم على تفاصيل واقعة إطلاق النار بولاية آيداهو. #قناة_العربية — العربية (@AlArabiya) June 29, 2025 اعتداء مباشر شنيع وقال حاكم ولاية آيداهو، براد ليتل، في منشور على موقع إكس "هذا اعتداء مباشر شنيع على رجال الإطفاء الشجعان. أطلب من جميع سكان آيداهو الدعاء لهم ولعائلاتهم بينما ننتظر معرفة المزيد". ولم يدلِ بمزيد من التفاصيل حول أية إصابات أو كيفية تطور الواقعة. وأضاف ليتل "بما أن الوضع لا يزال يتطور، يُرجى الابتعاد عن المنطقة للسماح لرجال الأمن ورجال الإطفاء بأداء عملهم".


الشرق الأوسط
منذ 44 دقائق
- الشرق الأوسط
قتلى وجرحى بكمين نفذه قناص ضد رجال إطفاء وشرطة في آيداهو الأميركية
أعلنت السلطات الأميركية، فجر الاثنين، أنها عثرت على «رجل ميت» على جبل كانفيلد في ولاية أيداهو بشمال غرب الولايات المتحدة، حيث وقع رجال إطفاء في مكمن وتعرضوا لإطلاق نار خلال مكافحتهم حريقا. وقال بيان صادر عن شريف مقاطعة كوتيناي «هذا المساء، عثر أفراد فرقة سوات (قوات خاصة تابعة للشرطة) على رجل ميت في جبل كانفيلد»، مضيفا «عثر على سلاح ناري في مكان قريب». وأضاف أن الامر الصادر للسكان بملازمة أماكنهم خلال المواجهة بين قوات إنفاذ القانون وعدد غير محدد من المسلحين «سيتم رفعه». وكان قائد شرطة مقاطعة كوتيناي بولاية آيداهو الأميركية قال إن اثنين من رجال الإطفاء لقيا حتفهما بالرصاص خلال مشاركتهما في إخماد حريق بشمال الولاية. وقال قائد الشرطة بوب نوريس في مؤتمر صحفي إنه لم يتضح بعد ما إذا كان هناك مسلح واحد أو أكثر، مشيرا إلى أن مدنيين ربما أصيبوا في الواقعة التي شهدتها منطقة طبيعية في كور دالين. وتابع «نحن مستعدون لتحييد هذا المشتبه به الذي يطلق النار حاليا على أفراد السلامة العامة». وذكرت شبكة (إيه.بي.سي. نيوز) أنه تم إطلاع وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم على تفاصيل واقعة إطلاق النار بولاية آيداهو. وقال حاكم ولاية آيداهو الأميركية براد ليتل إن عددا من رجال الإطفاء تعرضوا لهجوم في أثناء محاولتهم إخماد حريق في شمال الولاية، داعيا الناس إلى الابتعاد عن المنطقة، حيث أفيد بمقتل رجلي إطفاء وإصابة 9 آخرين بجراح. وقال ليتل في منشور على موقع إكس «هذا اعتداء مباشر شنيع على رجال الإطفاء الشجعان. أطلب من جميع سكان آيداهو الدعاء لهم ولعائلاتهم بينما ننتظر معرفة المزيد». وأضاف ليتل «بما أن الوضع لا يزال يتطور، يُرجى الابتعاد عن المنطقة للسماح لرجال الأمن ورجال الإطفاء بأداء عملهم». وأفادت تقارير إخبارية محلية، نقلا عن أجهزة مسح الشرطة، بتعرض عدد من رجال الإطفاء لإطلاق نار من قبل قناصة. وأكد قائد شرطة آيداهو مقتل شخصين وإصابة عدد غير معلوم من الأشخاص. وأصدر مكتب إدارة الطوارئ في مقاطعة كوتيناي تنبيها للمواطنين في المناطق المجاورة بالاحتماء في أماكنهم. وقال ضابط من شرطة كوتيناي لشبكة (إيه.بي.سي) إن رجال الإطفاء كانوا يتعاملون مع حريق صغير اندلع في منطقة جبل كانفيلد الطبيعية شرقي المدينة، عندما تعرضوا لإطلاق نار من شخص في منطقة غابات قريبة. وأضاف هوارد أن المسؤولين يحققون فيما إذا كان الحريق مُدبرا.


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
بعد تعليق فرض أوتاوا ضريبة على شركات التكنولوجيا الأميركية
أعلنت كندا يوم الأحد أنها ستستأنف المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة، أملا في التوصل إلى اتفاق، بعد أن كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد ألغى هذه المفاوضات احتجاجا على فرض أوتاوا ضريبة على شركات التكنولوجيا الأميركية. وقال وزير المالية الكندي فرانسوا فيليب شامبان في بيان إن ترامب ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني "اتفقا على استئناف المفاوضات بهدف التوصل إلى صفقة بحلول 21 يوليو/تموز 2025". وأضاف شامبان أن "كندا ستلغي ضريبة الخدمات الرقمية تحسبا لاتفاق تجاري شامل مع الولايات المتحدة يعود بالنفع المتبادل". ولم يصدر أي تعليق فوري من البيت الأبيض أو ترامب. وأعلن الرئيس الجمهوري يوم الجمعة أنه سينهي المفاوضات التجارية بين البلدين الجارين في أميركا الشمالية على خلفية الضريبة الكندية، مضيفا أن أوتاوا ستتبلغ فرض رسوم جمركية جديدة على سلعها في غضون أسبوع. وفرضت كندا ضريبة الخدمات الرقمية العام الماضي، ومن المتوقع أن تُدر 5.9 مليار دولار كندي على مدى خمس سنوات. ومع أن هذا الإجراء ليس جديدا، إلا أن رابطة صناعة الحواسيب والاتصالات الأميركية أشارت مؤخرا إلى أن مقدمي الخدمات الأميركيين كانوا سيتحملون ضرائب بمليارات الدولارات في كندا بحلول 30 يونيو/حزيران. وتستهدف الضريبة البالغة 3% الشركات الكبيرة أو متعددة الجنسيات مثل ألفابت وأمازون وميتا التي تقدم خدمات رقمية للكنديين، وكانت واشنطن قد طلبت في السابق إجراء محادثات لتسوية النزاع حول هذه المسألة. وأعفيت كندا من بعض الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها ترامب على دول أخرى، لكنها تواجه نظام رسوم منفصل. ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني، فرض ترامب أيضا رسوما جمركية باهظة على واردات الصلب والألمنيوم والسيارات. وتعد كندا من أكبر مصدري الصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة.