logo
تحديات القمة الأمريكية الروسية

تحديات القمة الأمريكية الروسية

صحيفة الخليجمنذ 4 أيام
د. خليل حسين*
مفارقة العلاقات الأمريكية الروسية ارتباطُها بمؤثرات لا حصر لها، وفي معظم الحالات هي بحاجةٍ إلى متابعات دقيقة، بالنظر إلى التداعيات التي تؤثر في قضايا دولية وإقليمية غالباً ما يكون لهما قرار واضح فيها. واليوم تبدو العلاقة أكثر حَراجة، بخاصة لما للأزمة الأوكرانية من آثار قوية على طبيعة العلاقة وكيفية التعاطي مع القضايا المرتبطة بها. وتخضع هذه العلاقات لطبيعة شخصية الرئيسين الأمريكي والروسي، وكيفية التعامل مع القضايا الدولية، وبخاصة مع الرئيسين الحاليين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب. والأغرب في ذلك ما يشاع عن علاقة وثيقة تجمع الرجلين ولو في أطر غير منظورة للعلن، رغم التوترات التي تظهر بين البلدين وأحياناً كثيرة في أطر عالية المستوى. وآخرها كان إعطاء الرئيس الأمريكي أوامره لإرسال غواصتين نوويتين بالقرب من روسيا كرسالة واضحة لموسكو، رداً على تصريحات الرئيس الروسي الأسبق دمتري ميدفيديف، وهي مفارقة نادراً ما تظهر في التعاطي الدولي بين دول عظمى تمتلك أسلحة غير تقليدية.
وفي ظل هذه الأجواء الضاغطة يصار إلى تأمين الظروف لعقد قمة رئاسية أمريكية روسية، في محاولة لإيجاد فرص لتخفيف التوتر المتزايد ومحاولة الخروج برؤى لحل أعقد الأزمات الدولية، أي الأزمة الأوكرانية التي شغلت العالم وتركت آثاراً كثيرة حتى في تجمعات قارية كالاتحاد الأوروبي مثلاً. ويبدو جلياً أن قمة ألاسكا منتصف أغسطس/آب الحالي، حيث يؤمل منها التوصل إلى مسار يفتح المجال لتكوين بيئة لحل الأزمة الأوكرانية، والحد من تداعياتها الإقليمية والدولية؛ حيث جرت اتصالات أمريكية أوروبية كعامل إشراك، سيما أن الرئيس الأوكراني شارك فيها في محاولة لإمكانية انضمامه إلى القمة. وفي أي حال من الأحوال، تعقد هذه القمة في ظروف مختلفة ومغايرة عن العديد من القمم السابقة، فهي اللقاء الأول في الولاية الثانية لدونالد ترامب، والمحاطة بظروف دولية غير مريحة لموسكو، إن كان لجهةِ وقائعِ النزاع الروسي الأوكراني، أو المتغيرات التي حصلت في الشرق الأوسط، وبخاصة الزلزال السوري وتداعياته الكبيرة على موقع روسيا ومستوى قدرتها على فرض ما تريد أو أقله بداية طرح ما تريد.
لقد عمدت الولايات المتحدة إلى رفع مستوى تدخلها في الأزمة الأوكرانية مباشرة وعبر حلف الأطلسي بمواجهة موسكو، وتمكنت في بعض المراحل من كبح جماح القوة الروسية، علاوة على تلقيها ضربات نوعية موجعة حتى في الداخل الروسي. فيما أدى سقوط النظام السوري إلى تداعيات وازنة في حضور روسيا الشرق أوسطي، حيث تعتبر قواعدها في الساحل السوري الرئة التي تتنفس منها دولياً، وتؤمن لها الحلم الدائم في المياه الدافئة. إزاء هذا الواقع، يبدو أن موسكو لن تكون قادرة على فرض رؤيتها في القمة، إلا إذا طرحت مقايضات مرغوبة لدى الأطراف المعنية، وطبعاً قبول أوكرانيا بها. وفي هذا المجال يشاع مثلاً عن طرح ضم بعض الأراضي التي سيطرت عليها روسيا في المعارك الأخيرة، إضافة إلى شبه جزيرة القرم التي سبق وضمتها روسيا في عام 2014، وطبعاً هو أمر رفضه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، واعتبره طرحاً معادياً للسلام.
وفي مقابل ذلك، ثمة تنافسات واضحة بين قوى كثيرة حول موارد القطب الشمالي، ومن بينها روسيا وأمريكا، إضافة إلى نزاعات بين واشنطن وبعض الدول الأخرى المشاطئة للقطب مثل كندا، وبعض الدول الاسكندنافية، وفي هذا الإطار يبدو أن موسكو أعدت العدة لتقديم مواقف متصلة بالقطب الشمالي وموارده في القمة، وهو أمر يسعى إليه الرئيس الأمريكي بشكل واضح، وعليه فالجانب الاقتصادي في القمة سيفتح المجال أمام نقاشات ومفاوضات قادمة بين موسكو وواشنطن دون إغفال أطراف أخرى، ومن بينها الدول الأعضاء في مجلس القطب الشمالي.
وقياساً على سوابق جمعت الطرفين، يبدو أن هذه القمة ستكون مفتاحاً لمسائل حيوية يحاول الطرفان إيجاد حلول لها، بخاصة أن متغيرات استراتيجية أعادت مسائل وُضِعت جانباً في فترة من الفترات، وما لبثت أن أعيدت إمكانية النقاش فيها، وهي مواضيع اقتصادية متصلة بموارد القطب الشمالي الذي يشهد تنافساً قوياً، علاوة على العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، والتي استهلكت الكثير من قواها وإمكاناتها.
ومن بين القضايا التي تشغل بال موسكو وتضعها في مقدمة اهتماماتها، ما تعتبره موسكو تهديداً لأمنها الاستراتيجي القومي المتأتي من حلف الأطلسي عبر الأزمة الأوكرانية، والذي سيكون، إلى جوانب أخرى، في طليعة المباحثات بين الطرفين.
خلاصة القول: إن الظروف الدقيقة التي تحيط بأجواء قمة ألاسكا، ستجبر الطرفين الروسي والأمريكي على إيجاد بيئة متقاربة لوجهتي النظر المطروحة لكليهما، إضافة إلى الأطراف الأخرى التي تحاول أن تشارك في نتائج ذلك اللقاء، إن لم يكن المحاولة لكي لا تكون النتائج على حساب مصالحها الخاصة. فغالباً ما تكون هذه القمم مناسبة لوضع أسسٍ لحل نزاعات متراكمة استهلكت الكثير من الجهود دون التوصل إلى حلول مقبولة لدى أطرافها.
إن تورّط روسيا في الأزمة الأوكرانية من جهة، وتورط الولايات المتحدة وحلف الأطلسي من جهة ثانية، وضعا العالم أمام وَضع خطِر، غالباً وفي ظروف مماثلة أدت سابقاً إلى إشعال أزمات وحروب كبرى وضعت البشرية أمام تحديات لا حصر لها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ويتكوف: بوتين وافق على تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا
ويتكوف: بوتين وافق على تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا

البيان

timeمنذ 20 دقائق

  • البيان

ويتكوف: بوتين وافق على تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا

قال المبعوث الأمريكي الخاص، ستيف ويتكوف، اليوم الأحد، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وافق خلال قمته مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب على السماح للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين بتقديم ضمان أمني لأوكرانيا يشبه تفويض الدفاع الجماعي لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وذلك كجزء من اتفاق محتمل لإنهاء الحرب المستمرة منذ ثلاثة أعوام ونصف العام. وأوضح ويتكوف في مقابلة مع شبكة (سي إن إن) الأمريكية قائلا: "تمكنا من انتزاع التنازل التالي: أن تتوفر إمكانية للولايات المتحدة من تقديم حماية شبيهة بالمادة 5 من معاهدة حلف شمال الأطلسي، التي تمثل أحد الأسباب الجوهرية التي تدفع أوكرانيا إلى الرغبة في الانضمام إلى حلف الناتو." وأضاف ويتكوف بأن هذه هي المرة الأولى التي سمع فيها أن بوتين يوافق على ذلك. وتابع ويتكوف، في معرض كشفه عن بعض من أولى التفاصيل عما جرى بحثه في قمة أمس الأول الجمعة في ألاسكا، بأن الجانبين توافقا على "ضمانات أمنية قوية يمكنني وصفها بأنها تغير قواعد اللعبة." وأضاف أن روسيا أعلنت إنها ستقدم التزاما تشريعيا بعدم السعي للاستيلاء على أي أراض إضافية في أوكرانيا. ودافع ويتكوف عن قرار ترامب التخلي عن مسعاه لإقناع روسيا بالموافقة على وقف فوري لإطلاق النار، قائلا إن الرئيس تحول نحو اتفاق سلام بسبب التقدم الكبير الذي تحقق. وأوضح ويتكوف: "لقد تناولنا تقريبا جميع القضايا الأخرى اللازمة للتوصل إلى اتفاق سلام"، دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل. وأضاف: "بدأنا نلمس قدرا من الاعتدال في الطريقة التي يفكرون بها بشأن التوصل إلى اتفاق سلام نهائي."

طواقم ضيافة"إير كندا" تتحدى الحكومة وتواصل الإضراب
طواقم ضيافة"إير كندا" تتحدى الحكومة وتواصل الإضراب

البيان

timeمنذ 2 ساعات

  • البيان

طواقم ضيافة"إير كندا" تتحدى الحكومة وتواصل الإضراب

أعلنت طواقم الضيافة في الخطوط الجوية الكندية (إير كندا) أنها ستواصل الإضراب عن العمل، في تحد لأمر حكومي بالعودة إلى العمل بحلول الساعة الثانية مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدةوهو ما وصفته الطواقم بأنه غير دستوري. وقال الاتحاد الكندي لموظفي القطاع العام، وهو نقابة تمثل طواقم الضيافة في الشركة، في بيان إن أعضاءه سيواصلون الإضراب، ودعا إير كندا إلى العودة إلى الطاولة "للتفاوض على اتفاق عادل". وتحركت الحكومة الكندية برئاسة رئيس الوزراء مارك كارني أمس السبت لإنهاء إضراب أكثر من عشرة آلاف من المضيفين والمضيفات في أكبر شركة طيران بالبلاد. وكان مجلس العلاقات الصناعية الكندي قد وافق على طلب للحكومة بإصدار أمر تحكيم ملزم وإنهاء الإضراب لكسر الجمود الخاص بالتعاقدات، وهو إجراء سعت إليه شركة إير كندا لكن عارضته بشدة طواقم الضيافة النقابية. ويمنح قانون العمل الكندي الحكومة سلطة مطالبة مجلس التحكيم الكندي للمهنيين بفرض تحكيم ملزم لحماية الاقتصاد. وكانت إير كندا قد أعلنت أنها تعتزم استئناف رحلاتها الجوية اليوم الأحد بعد أن تحرك مجلس العلاقات الصناعية الكندي بناء على توجيهات من وزيرة العمل الكندية باتي هايدو لإنهاء الإضراب الذي أدى إلى تعليق أكثر من 700 رحلة جوية وتقطع السبل بأكثر من 100 ألف مسافر. وأضرب الآلاف من أفراد طواقم الضيافة الجوية في إير كندا أمس السبت عن العمل لأول مرة منذ 1985 بعد شهور من المفاوضات حول إبرام عقود جديدة. ولم يتسن الوصول إلى إير كندا ولا متحدث باسم الحكومة للتعليق. وأعلنت أكبر شركة طيران في كندا أن بعض الرحلات ستُلغى خلال الأيام السبعة إلى العشرة المقبلة لحين استقرار الجدول وعودته إلى طبيعته. وبدأت الشركة بإلغاء الرحلات يوم الجمعة تحسبا للتوقف. وكان مجلس العلاقات الصناعية الكندية قد وجه إير كندا باستئناف عملياتها الجوية وأن تعاود طواقم الضيافة في (إير كندا) و(إير كندا روج) مهام العمل. وقالت إير كندا إن مجلس العلاقات الصناعية الكندية أمر بتمديد شروط الاتفاقية الجماعية بين النقابة وشركة الطيران التي انتهى سريانها في 31 مارس آذار حتى يتم التوصل إلى اتفاق جديد.

أوكرانيا وروسيا تتبادلان هجمات بمسيّرات قبل اجتماع ترامب وزيلينسكي
أوكرانيا وروسيا تتبادلان هجمات بمسيّرات قبل اجتماع ترامب وزيلينسكي

صحيفة الخليج

timeمنذ 2 ساعات

  • صحيفة الخليج

أوكرانيا وروسيا تتبادلان هجمات بمسيّرات قبل اجتماع ترامب وزيلينسكي

كييف-أ ف ب شنّت كييف وموسكو الأحد هجمات بطائرات مسيّرة، عشية لقاء يجمع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، في إطار المساعي الأمريكية لإنهاء الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ أكثر من ثلاثة أعوام. وأفاد سلاح الجو الأوكراني بأن روسيا هاجمت أوكرانيا بستين مسيًرة، إضافة إلى صواريخ اسكندر. وقال حاكم منطقة دونيتسك في شرقي البلاد فاديم فيلاشكين إن الهجمات الروسية خلفت خمسة قتلى السبت. وفي روسيا، أوردت وزارة الدفاع أن كييف أطلقت 46 مسيرة غالبيتها على مناطق حدودية، فضلاً عن منطقة نيزني نوفغورود الواقعة شرقي موسكو والتي تبعد مئات الكيلومترات من أوكرانيا. وقال حاكم منطقة كورسك الحدودية الكسندر خينستين إن مسيّرة أوكرانية أسفرت عن مقتل شخص كان داخل سيارته. ولفت حاكم منطقة فورونيج (جنوب) الكسندر غوسيف الى إصابة عامل في السكة الحديد إثر هجوم بمسيّرة. ويتوجه زيلينسكي إلى واشنطن الاثنين، بعد ثلاثة أيام من قمة ضمت ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا. وينظم قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا مؤتمراً عبر الفيديو الأحد لـ«تحالف الراغبين» لمناقشة سبل المضي قدماً في تسوية الحرب في أوكرانيا بعدما استبعد الرئيس الأمريكي السبت وقفاً فورياً لإطلاق النار، مشيراً إلى أنه دفع مباشرة نحو «اتفاق سلام» غداة القمة التي عقدها مع نظيره الروسي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store