logo
فرنسا تستبق المجهول بـ"دليل البقاء"

فرنسا تستبق المجهول بـ"دليل البقاء"

Independent عربية٢٦-٠٣-٢٠٢٥

في خضم التوترات الجيوسياسية المتصاعدة على الصعيدين الإقليمي والعالمي، تعتزم فرنسا إصدار "دليل البقاء" كأداة استراتيجية تثير كثيراً من التساؤلات، إذ تعمل الحكومة الفرنسية على تحضير الشعب لأخطار من الممكن أن تهدد استقراره.
والدليل تعده الأمانة العامة للدفاع والأمن الوطني ويتوقع أن يكون جاهزاً بحلول الصيف المقبل ليوزع على جميع الأسر في فرنسا، بحسب وسائل الإعلام المحلية.
وعلى رغم أن هذا الدليل لا يزال في مرحلة المسودة، فإن الهدف منه تمكين الفرنسيين من التصدي لأي أزمة طارئة، سواء كانت طبيعية، أو تكنولوجية، أو سيبرانية، أو حتى أمنية.
ويتألف "دليل البقاء" من 20 صفحة مقسمة إلى ثلاثة أجزاء تشمل إرشادات تفصيلية حول كيفية التصرف في حالات النزاعات المسلحة والطوارئ الصحية والكوارث الطبيعية. كما يقدم إرشادات حول كيفية حماية الأفراد والعائلات ونصائح عملية حول التضامن مع الأحباء وتجميع مستلزمات البقاء مثل الماء والطعام المعلب والمصابيح وأدوات الإسعافات الأولية.
وعلى رغم أن هذا المشروع قد يكون مفاجئاً لبعضهم، فإنه ليس الأول من نوعه، بل استلهم "دليل البقاء" من نماذج طُبقت في دول إسكندنافية مثل السويد التي أرسلت في خريف العام الماضي خمسة ملايين كتيب إلى سكانها، وتبعتها فنلندا والنرويج في الاتجاه نفسه، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كان هذا مجرد احترازات أو استعداد لمرحلة تشهد ربما تغييرات دراماتيكية على مستوى العالم.
في وجه التحولات
يؤكد المحلل السياسي رامي خليفة العلي أن هناك أسباباً واضحة لتوجه فرنسا نحو تعزيز قدراتها الدفاعية، إذ تسعى إلى تمكين مواطنيها من الصمود أمام الأزمات المختلفة، سواء كانت حوادث طبيعية أو هجمات إلكترونية أو أزمات صحية أو أمنية أو نزاعات مسلحة، وأوضح أن "التقارب المحتمل بين موسكو وواشنطن يثير تساؤلات حول التوازن الجيوسياسي العالمي، مما قد يدفع فرنسا إلى إعادة تقييم استراتيجياتها الدفاعية وتعزيز قدراتها الذاتية لضمان أمنها القومي".
وفي هذا الإطار خصصت فرنسا 413 مليار يورو (446.37 مليار دولار) لموازنتها العسكرية بين عامي 2024 و2030 لتقليل الفجوة مع الولايات المتحدة وروسيا. ويشير العلي إلى أن باريس تدرك أن التغيرات في التحالفات الدولية من المحتمل أن تؤثر بصورة مباشرة في أمنها القومي، لذلك فهي تعمل على تعزيز تعاونها مع شركائها الأوروبيين من خلال تقوية قدراتها الدفاعية المتنقلة لحماية مصالحها.
ويضيف أن "فرنسا تتبع نهجاً شاملاً في علاقاتها الدفاعية والأمنية يرتكز على ثلاثة أسس رئيسة، الحوار السياسي العسكري والتعاون العسكري والتعاون في مجال التسلح، ومن خلال هذا النهج تحاول باريس ضمان استمرارية دورها الدفاعي داخل أوروبا وتعزيز استقلاليتها الأمنية.
وحول تأثير التقارب بين واشنطن وموسكو في الدور الأوروبي يرى العلي أنه يشكل هاجساً للدول الأوروبية، إذ قد يؤدي إلى إعادة توزيع الأدوار على الساحة الدولية، ومع ذلك يشير إلى أن أوروبا يمكنها مواجهة هذا التحدي عبر تعزيز التعاون الدفاعي بين دولها وتطوير سياسات أمنية مشتركة، مما تسعى إليه فرنسا من خلال دعم استقلالية أوروبا الدفاعية وتقليل اعتمادها على الولايات المتحدة.
ويوضح أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سبق أن اقترح فكرة إنشاء جيش أوروبي مستقل ويبدو من المرجح أن يجد هذا الاقتراح طريقه إلى التنفيذ في ظل التغيرات التي طرأت على السياسة الأميركية في عهد إدارة ترمب.
أما في ما يخص تأثير التوتر بين روسيا والغرب في الخيارات العسكرية لفرنسا، فيرى أن هذا التوتر قد يدفع باريس إلى تعزيز جاهزيتها العسكرية وتحديث قواتها وأسلحتها لمواجهة أية تهديدات محتملة وضمان استقرار القارة الأوروبية، ومن بين الخطوات التي تتخذها باريس إجراء تدريبات عسكرية متقدمة ضمن قواعدها مثل تدريبات حرب الخنادق التي تهدف إلى تعزيز قدرات الجيش الفرنسي في مواجهة أعداء يمتلكون تقنيات عسكرية متطورة.
وعند الحديث عن ارتباط استعدادات فرنسا بالتغيرات داخل حلف شمال الأطلسي (ناتو) يرى العلي أن الإجابة تحمل جانبين، فمن ناحية نعم لأن تعزيز القدرات العسكرية الفرنسية هو جزء من تحول أوسع في إستراتيجية "ناتو" يهدف إلى رفع الجاهزية الدفاعية لدول الحلف بمواجهة التهديدات المتغيرة، ويظهر ذلك في زيادة الإنفاق العسكري الفرنسي والتدريبات العسكرية المتقدمة التي تنفذها.
لكن من ناحية أخرى هناك كثيراً من الشكوك، بحسب العلي، حول مستقبل الحلف، خصوصاً مع السياسات التي تتبعها الإدارة الأميركية الحالية، ويوضح أن هذا الأمر قد يدفع بعض الدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا، إلى البحث عن استقلالية دفاعية بعيدة من الهيمنة الأميركية.
ويرى أن الاستقلالية الفرنسية قد تتخذ مساراً مختلفاً عن مسار "ناتو" التقليدي، بخاصة في ظل التساؤلات حول استمرار التزام الولايات المتحدة بالحلف، إذ كانت بمثابة العمود الفقري له لعقود طويلة.
أما في ما يتعلق بالعلاقات الدفاعية بين فرنسا وألمانيا، فيؤكد العلي أن باريس تعتبر التعاون الدفاعي مع برلين ركيزة أساس للأمن الأوروبي، لا سيما في ظل التهديدات الجديدة التي تواجه القارة، مبيناً أن البلدين يسعيان إلى تعزيز شراكتهما الدفاعية من خلال تطوير مشاريع عسكرية مشتركة تسهم في تقوية قدراتهما القتالية، إضافة إلى التعاون في مجالات أخرى خارج الإطار العسكري.
استباق أم تحذير؟
الباحث السياسي نبيل شوفان يوضح أن نشر "دليل البقاء" قد يثير مشاعر متباينة بين المواطنين، فمن ناحية هناك مخاوف من أن يؤدي إلى حال من الذعر، إذ ربما يشعر بعضهم بأن هناك تهديدات وشيكة تستدعي اتخاذ تدابير احترازية عاجلة، مما قد يؤثر سلباً في الشعور العام بالأمن ويزيد من القلق والتوتر.
لكن من ناحية أخرى يرى شوفان أن توزيع هذا الدليل يمكن أن يعزز الشعور بالأمان والاستعداد لدى المواطنين، فتوفر الشفافية معلومات واضحة تقلل من التوتر الناتج من عدم اليقين. كما أنه يتيح إرشادات تساعد الأفراد على التعامل مع الأزمات والطوارئ مما يسهم في تعزيز الثقة بالحكومة واستعداداتها. إضافة إلى ذلك يمكن أن يعزز الدليل روح التضامن والانتماء والتعاون بين المواطنين، لكن لتحقيق ذلك يؤكد شوفان أهمية التواصل الدقيق مع الفرنسيين.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما عن الأسباب الأساس وراء توزيع هذا الدليل، فيشير شوفان إلى أبعاد جيوسياسية واستراتيجية، إذ تبرز مخاوف من تصعيد عسكري روسي، إلى جانب تأثير أي تغيير محتمل في التحالفات الدولية، بخاصة بين روسيا والولايات المتحدة، في الاستراتيجية الدفاعية لفرنسا، فمثل هذه التحولات قد تؤثر في الأمن القومي الفرنسي وتضعف الدور الأوروبي في الشؤون الأمنية العالمية، مما يهدد النفوذ الفرنسي سياسياً وثقافياً.
ويلفت شوفان إلى أن تصاعد التوتر بين موسكو والغرب يؤثر بصورة مباشرة في خيارات باريس العسكرية ويدفعها إلى تعزيز استعداداتها بما يتماشى مع التحولات في استراتيجية "ناتو". وفي هذا السياق تولي فرنسا أهمية خاصة لعلاقاتها الدفاعية مع ألمانيا، معتبرة أن تعزيز القدرات الدفاعية الألمانية يصب في مصلحة الاستقرار الأوروبي، وترى أن تقوية التعاون العسكري الفرنسي- الألماني، إلى جانب التنسيق مع بريطانيا، سيسهم في تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة وتحقيق توازن قوى أكبر داخل القارة الأوروبية.
ويؤكد شوفان أن تعزيز القدرات الدفاعية للاتحاد الأوروبي لا يعني بالضرورة دخول القارة في سباق تسلح، لكنه يقر بأن هذه القضية ستثير جدلاً داخل فرنسا. فبينما ينظر بعضهم إلى تعزيز القدرات العسكرية الألمانية على أنه تعاون استراتيجي ضروري، هناك من سيستحضر مخاوف تاريخية مرتبطة بهذا التوجه. كما أن توزيع الأدوار العسكرية وتقاسم المسؤوليات داخل أوروبا قد يؤديان إلى خلافات، خصوصاً في شأن برامج رئيسة مثل "نظام القتال الجوي المستقبلي" و"دبابة المستقبل". وتظل باريس حذرة من ميل برلين أحياناً إلى تفضيل الشراكات مع الولايات المتحدة على حساب دعم الصناعة الدفاعية الأوروبية.
وحول إنشاء صندوق لدعم صناعة الدفاع يرى شوفان أن تأثيره في استقلالية الجيش الفرنسي يعتمد على عوامل عدة مثل آليات التمويل والمستفيدين وشروط الوصول إلى المشاريع الاستراتيجية، لكنه يؤكد أن هذا الصندوق سيسهم في دعم الشركات الدفاعية، بخاصة الصغيرة والمتوسطة، من خلال توفير التمويل اللازم للابتكار والتطوير، وهو أمر ضروري لتحقيق استقلالية أوروبا عبر الابتكار، نظراً إلى قدرتها على إنتاج جميع حاجاتها مع الحفاظ على ريادتها التكنولوجية.
ويشير إلى أن فرنسا يمكن أن تصبح قوة عسكرية أوروبية أكثر استقلالية عن الولايات المتحدة إذا استطاعت إقناع بعض الحلفاء الأوروبيين مثل ألمانيا وبولندا وهولندا بعدم الاعتماد على المعدات الأميركية، مما يكون متاحاً فقط في إطار تعاون أوروبي مشترك ودمج للبرامج الدفاعية، حتى لو أدى ذلك إلى تراجع بعض الشركات الفرنسية عن ريادتها في بعض المجالات.
ويؤكد أن إلغاء الخدمة العسكرية عام 1997 خلال عهد جاك شيراك أدى إلى إنشاء جيش محترف، بالتالي لا توجد حماسة حقيقية لإعادة فرض التجنيد العسكري الإجباري. وعلى رغم استحداث الخدمة الوطنية الشاملة عام 2019 لتعزيز الالتزام المدني والعسكري بين الشباب، فإنها لا تزال طوعية ولم تتحول إلى تجنيد إجباري، ومع ذلك هناك دعوات من بعض القادة العسكريين والسياسيين إلى تعزيزها أو حتى إعادة الخدمة العسكرية القصيرة بصورة تدريجية، لكن تنفيذ ذلك على المدى المتوسط يظل احتمالاً ضعيفاً بخلاف ألمانيا التي تبحث بنشاط عن حلول لتقوية جيشها.
ويلفت شوفان إلى أن هذه الإجراءات ذات طابع احترازي واستباقي وتهدف أساساً إلى ردع روسيا وضمان المصداقية الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي، وليست تحركات هجومية، بل استعدادات دفاعية يمكن تحويلها بسرعة إلى عمليات عسكرية مكثفة إذا تصاعدت التهديدات، مما يمنح فرنسا مرونة في الاستجابة للتغيرات السريعة في البيئة الجيوسياسية غير المستقرة.
ويؤكد أن السياسة الدفاعية الفرنسية تأخذ في الاعتبار التهديدات الهجينة مثل الهجمات الإلكترونية والتخريب وطلب الفدية، كما ورد في قانون الدفاع السيبراني 2019- 2025، إذ لا تقتصر استعدادات فرنسا على الحرب التقليدية، بل تشمل أيضاً حماية البنية التحتية الحيوية من الهجمات السيبرانية، إضافة إلى التصدي لحملات التضليل الإعلامي والدعاية الموجهة.
أما عن إمكان أن تؤدي هذه الاستعدادات إلى رد فعل روسي معاكس، فيرى شوفان أن موسكو قد تعتبر هذه التحركات استفزازاً، مما يدفعها ربما إلى تكثيف أعمالها المزعزعة للاستقرار في أوروبا، بما في ذلك الهجمات السيبرانية. أما السيناريو الأسوأ، فهو تصعيد عسكري مباشر ضد دولة في "ناتو"، مما قد يؤدي إلى سباق تسلح متزايد وتحول الاقتصاد الأوروبي إلى اقتصاد حرب.
وتتوقع فرنسا دائماً هجمات إلكترونية على بنيتها التحتية الحيوية، بخاصة في قطاعات الطاقة والنقل والاتصالات، إضافة إلى تصاعد الحملات الدعائية الروسية التي تستهدف تقسيم الاتحاد الأوروبي والحلف. ويشير شوفان إلى أن فرنسا، على رغم استعدادها لتحمل كلف الدفاع عن أمنها، تدرك أهمية البحث عن حلول دبلوماسية لتحقيق سلام عادل ودائم في أوكرانيا مع الحرص على عدم التصعيد غير الضروري.
صراعات أكثر تعقيداً
في الختام يبدو أن فرنسا دخلت في سباق مع الزمن، إذ إنها تستعد لمواجهة تحديات من المحتمل أن تغير مجرى التاريخ. وإن تعزيز دفاعاتها العسكرية والأمنية ليس مجرد تحرك دفاعي، بل هو إعلان واضح عن قلق متزايد من التقارب بين موسكو وواشنطن. فهل نحن فعلاً على شفا حرب عالمية جديدة؟ أم أن هذه التحركات تمهد لصراعات أكثر تعقيداً في عالم لا يعترف بالثوابت؟
الأيام المقبلة ستكشف عن إجابات تكون صادمة ربما، وعلى الجميع الاستعداد لمرحلة من الممكن أن تكون أكثر اضطراباً مما نتوقع. وفي هذا السياق يتساءل الجميع، هل ستكون فرنسا هي الرابحة في هذه المعركة المصيرية، أم ستجد نفسها في قلب العاصفة؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

انطلاق الانتخابات يفتح الجدل حول سلاح حزب الله.. لبنان يصوت فوق أنقاض الدمار
انطلاق الانتخابات يفتح الجدل حول سلاح حزب الله.. لبنان يصوت فوق أنقاض الدمار

سعورس

timeمنذ 41 دقائق

  • سعورس

انطلاق الانتخابات يفتح الجدل حول سلاح حزب الله.. لبنان يصوت فوق أنقاض الدمار

المشهد الانتخابي في الجنوب بدا فريداً هذا العام، فبينما توافد المواطنون إلى صناديق الاقتراع في بلدات مدمّرة ومناطق تفتقر إلى البنية التحتية، انتشرت لافتات دعائية لحزب الله تدعو إلى التصويت له، في محاولة واضحة لإظهار استمرار نفوذه الشعبي والسياسي رغم الضربات التي تلقاها في المواجهة العسكرية الأخيرة مع إسرائيل، والتي اندلعت في أكتوبر 2023 وتصاعدت حتى بلغت ذروتها في سبتمبر 2024. الحزب ادعى أن هذه الحرب بأنها جاءت دفاعاً عن غزة ومؤازرة لحماس، لكن نتائجها كانت قاسية، إذ أسفرت عن مقتل عدد كبير من مقاتليه، بينهم قياديون بارزون، إلى جانب تدمير مناطق شاسعة من البنية التحتية في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت. فيما تستمر الانتخابات، برز موقف حاسم من الحكومة اللبنانية الجديدة التي أكدت سعيها إلى حصر السلاح بيد الدولة، وهو بند رئيسي في اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية. وأوضح وزير الخارجية اللبناني ، يوسف راجي، أن "المجتمع الدولي، وخصوصاً الجهات المانحة، أبلغت الدولة اللبنانية بأن أي دعم مالي لإعادة الإعمار سيكون مشروطاً بنزع سلاح حزب الله". وفي هذا السياق، أكد دبلوماسي فرنسي أن "استمرار الغارات الإسرائيلية وعدم تحرك الحكومة بسرعة لنزع السلاح سيحولان دون أي تمويل دولي حقيقي". وأضاف أن الدول المانحة تطالب أيضاً بإصلاحات اقتصادية وهيكلية كشرط مسبق للمساعدات. رد حزب الله لم يتأخر، إذ اتهم الحكومة اللبنانية بالتقصير في ملف إعادة الإعمار. وقال النائب في البرلمان عن الحزب، حسن فضل الله، إن "تمويل إعادة الإعمار يقع على عاتق الدولة، التي لم تتخذ أي خطوات فعالة حتى الآن". وحذر من أن التباطؤ في معالجة هذا الملف قد يؤدي إلى تعميق الانقسام الطائفي والمناطقي، متسائلاً: "هل يمكن أن يستقر جزء من الوطن وجزء آخر يئن تحت وطأة الدمار؟". ويزعم الحزب أن تحميله وحده مسؤولية الأزمة فيه تجاهل للتركيبة السياسية اللبنانية ولتقصير الدولة التاريخي في التنمية، خاصة في المناطق الجنوبية. من جهته، أشار الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، مهند الحاج علي، إلى أن ربط المساعدات الدولية بنزع سلاح حزب الله يأتي بهدف الضغط على الحزب، لكن "من غير المرجح أن يقبل الحزب بذلك بسهولة، خاصة في ظل اعتقاده أن سلاحه لا يزال يمثل وسيلة ضغط إقليمية". أما رئيس مجلس الجنوب ، هاشم حيدر، فقد أقر بأن الدولة لا تملك حالياً الموارد المالية الكافية لعملية إعادة الإعمار، لكنه لفت إلى أن هناك "تقدماً في عمليات رفع الأنقاض في بعض المناطق المتضررة". وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن لبنان يحتاج إلى نحو 11 مليار دولار لإعادة الإعمار والتعافي، وهي أرقام ضخمة تتطلب استقراراً سياسياً وأمنياً غير متوفرين حالياً. الانتخابات البلدية، التي تُفترض أن تكون محطة ديمقراطية محلية، تحوّلت إلى مؤشر على حجم الأزمة الوطنية في لبنان. فالمسألة لم تعد محصورة بإدارة الخدمات المحلية، بل باتت جزءاً من معركة كبرى حول هوية الدولة وسلطتها، ودور حزب الله في الداخل والخارج. وفيما يتابع اللبنانيون عمليات الاقتراع بكثير من القلق، تبدو الطريق نحو إعادة الإعمار طويلة وشائكة، وتعتمد على قرارات سياسية كبرى لم تُحسم بعد، وفي مقدمتها ملف السلاح.

ولي العهد.. ومسيرة بناء الوطن
ولي العهد.. ومسيرة بناء الوطن

سعورس

timeمنذ 41 دقائق

  • سعورس

ولي العهد.. ومسيرة بناء الوطن

واليوم، وفي ظل قيادة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان –حفظه الله– تتواصل الانتصارات على خطى الآباء والأجداد. فمنذ النشأة الأولى، وملوك السعودية يسعون لتعزيز أمن المملكة واستقرارها، وقد غرسوا ذلك في أبنائهم، لنرى اليوم الجهود العظيمة التي يبذلها الأحفاد، وعلى رأسهم الأمير محمد بن سلمان، لتنصت لآرائه كبرى دول العالم. ولم يكن ذلك جديدًا علينا؛ فبالعودة قليلًا إلى التاريخ، نجد أن الملك عبدالعزيز كان أول من أسس تحالفًا متينًا مع الرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت، بهدف تزويد المملكة بالخبرات العسكرية وتطوير الجيش، ومنع استغلال نفطها، لتصبح منذ ذلك الوقت من أكثر الدول تأثيرًا في العالم الإسلامي والأقوى في الوطن العربي. كما سار أبناء عبدالعزيز على خطاه، يقدّم الأمير محمد بن سلمان منذ توليه ولاية العهد كل ما يملك في خدمة البلاد. فعلى مدار نحو 10 أعوام، نرى الخير ينهمر من يديه وأثر توفيق الله عليه، حيث كانت رؤية 2030 التي أطلقها بتوجيه الملك سلمان انطلاقة قوية نحو مستقبل واعد للمملكة، وها نحن نعيش آثارها بفخر وعز قبل موعدها المحدد. كان لولي العهد دور فعّال ومبتكر في مختلف قطاعات الدولة، فلم يقتصر أثره على الاقتصاد فحسب، بل شمل المجتمع بأسره، من خلال تعزيز دور الشباب. فالأمير محمد بن سلمان، وهو لا يزال في مقتبل العمر، لم يغفل عن الشباب السعودي، وقدم لهم أهدافًا طموحة نصّت عليها الرؤية، لتمكينهم من سوق العمل وتطويرهم بالتعليم والتدريب لمواكبة متطلبات السوق الحديثة. لم يقتصر دور ولي العهد على المجتمع السعودي فقط، بل كان له أثر كبير ورأي سديد على الصعيدين العربي والغربي، حيث سعى لتعزيز التعاون الإقليمي في الجوانب الاقتصادية والأمنية، وقد تجلّى ذلك في القمة العربية الثانية والثلاثين التي استضافتها المملكة. كما أن له جهدًا فعّالًا في حل النزاعات ودعم الجهود الدولية، ويتضح ذلك من منتدى الاستثمار السعودي الأميركي الذي اعتززنا به، خاصةً عند تصريح ترامب برفع العقوبات عن سوريا ، وهو ما أبرز مكانة المملكة الرفيعة عالميًا. وليس هذا فحسب؛ فقد كان لمنتدى الاستثمار تأثير إيجابي على أبناء الوطن، ويمثّل محركًا مهمًا للنمو الاقتصادي وتنويعه لتحقيق رؤية 2030، ومن أبرز آثاره جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث تعمّقت العلاقات مع أمريكا ب600 مليار دولار لتعزيز الابتكار وتطوير القدرات المحلية. وعلى صعيد المواطنين، أوصى المنتدى بخلق فرص عمل جديدة، وتحسين المعيشة من خلال زيادة الرواتب، وتطوير البنية التحتية والخدمات العامة، إلى جانب دعم ريادة الأعمال. كما ترك المنتدى أثرًا بالغًا في نفوس المرأة السعودية، إذ يسعى لتمكينها وتوسيع فرص عملها في قطاعات متعددة مثل: السياحة، الترفيه، والتجزئة. كما يسعى المنتدى لتطوير مهارات المرأة السعودية عبر برامج تدريبية وتأهيلية مصاحبة للاستثمارات الجديدة، لزيادة قدرتها التنافسية في سوق العمل، ومن أبرز هذه البرامج مؤسسة الأمير محمد بن سلمان «مسك» التي قدّمت العديد من البرامج لتطوير مهارات الشباب، خصوصًا الإناث. والكثير من الجهود التي قدّمها ولا يزال يقدّمها الأمير محمد بن سلمان لبلاده وشعبه. وسنظل نفخر به وبالإنجازات التي حققها في وقت وجيز بعقل حكيم ورأي سديد، لينظر العالم اليوم إلى حكومتنا وشعبنا وجيشنا المتين، بقيادة رجل سيخلده التاريخ بإذن الله.

محامي الصحفي المياحي: الحكم الحوثي يشمل السجن ومصادرة ممتلكات وإقامة جبرية 3 سنوات!
محامي الصحفي المياحي: الحكم الحوثي يشمل السجن ومصادرة ممتلكات وإقامة جبرية 3 سنوات!

حضرموت نت

timeمنذ 2 ساعات

  • حضرموت نت

محامي الصحفي المياحي: الحكم الحوثي يشمل السجن ومصادرة ممتلكات وإقامة جبرية 3 سنوات!

كشف محامي الصحفي محمد المياحي، عمار علي ياسين، أن المحكمة قضت بسجن موكله لمدة عام ونصف، إلى جانب فرض الإقامة الجبرية لمدة ثلاث سنوات بعد انقضاء فترة الحبس، مع إخضاعه لرقابة أمنية مشددة خلال تلك الفترة. جاء ذلك في تصريح لمنظمة سام للحقوق والحريات، التي أدانت الحكم الصادر عن المحكمة الجزائية المتخصصة التابعة للحوثيين في صنعاء بحق الصحفي المختطف محمد دبوان المياحي، معتبرةً إياه تتويجًا لمسلسل طويل من الانتهاكات القانونية والحقوقية التي تعرض لها منذ اعتقاله في 20 سبتمبر 2024. كما تضمن الحكم، مصادرة كافة أجهزته الإلكترونية، بما في ذلك الهاتف المحمول والحاسوب المحمول، وفرض تعهد كتابي وضمانة مالية بقيمة خمسة ملايين ريال يمني (ما يعادل نحو 10 آلاف دولار أمريكي)، تُلزم المياحي بعدم العودة للنشر الصحفي، تحت طائلة المساءلة. وصفت 'سام' هذا الحكم بأنه يمثل ذروة الانتهاكات، مؤكدة أن مسار القضية برمّته يشير إلى طابع سياسي واضح، وليس إجراءً قانونيًا نزيهًا. وأشارت إلى أن اختطاف المياحي، واحتجازه في ظروف قاسية، ومحاكمته أمام محكمة غير مختصة، تكشف استخدام القضاء كأداة لقمع حرية الصحافة في مناطق سيطرة الحوثيين. دعوة لتحرك دولي عاجل ودعت المنظمة في بيان لها، مساء السبت، طالعه 'المشهد اليمني' إلى تحرك دولي عاجل لوقف الانتهاكات الممنهجة ضد الصحفيين في اليمن، محذرة من أن استمرار هذه الممارسات لا يفاقم فقط من حجم المعاناة الإنسانية، بل يكرس أيضًا حالة من القمع الإعلامي وتكميم الأفواه، تحت غطاء قانوني زائف. وأكد المحامي عمار علي ياسين، محامي الصحفي المعتقل محمد دبوان المياحي، أن المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء، أصدرت حكمًا مُعدًا مسبقًا على هاتف القاضي، واصفًا الحكم الصادر بحق موكله بأنه جائر وظالم ويستند إلى تهم باطلة واجتزاءات من منشوراته. وقال ياسين، في تصريحات أدلى بها لمنظمة سام للحقوق والحريات، إن النيابة قدمت خلال الجلسة الأخيرة 'أدلة جديدة' ومحضرًا تكميليًا تضمّن صورًا لمنشورات وصفها بأنها ملفقة، مشيرًا إلى أن الدفاع اعترض عليها نظرًا لأن صفحة المياحي على مواقع التواصل لم تعد موجودة أصلًا. وأضاف أن الدفاع كان بإمكانه تقديم منشورات أخرى تؤكد مواقف موكله الوطنية والمؤيدة للمقاومة، لولا حذف الصفحة، متهمًا النيابة بالانتقائية والاجتزاء من منشوراته. وأوضح المحامي أن فريق الدفاع دفع بعدم اختصاص المحكمة الجزائية المتخصصة بالقضية، مؤكدًا أن التهم الموجهة تتعلق بالعمل الصحفي، ويجب أن تُنظر وفقًا لقانون الصحافة اليمني، الذي ينظم أيضًا حالات إذاعة الأخبار التي تكدر الأمن العام. إلا أن النيابة والمحكمة تمسكتا بحجة أن القضية تمس أمن الدولة، ما اعتبره الدفاع حجة واهية سبق وأن حسمها قانون الصحافة. وأضاف أن الصحفي محمد المياحي تحدث خلال الجلسة قائلاً إنه يقيم في صنعاء ويخضع لقوانينها، وأنه حتى في حال وجود مخالفة، فيجب محاسبته وفق قانون الصحافة، لا عبر محكمة استثنائية. وأكد أن موكله كاتب يقدم آراءً وأفكارًا وليس صحفي أخبار تقليدي، وقد يتراجع عن بعض مواقفه أو يعيد النظر فيها. كما اعتبر أن التحريض عليه من قبل النيابة ناجم عن اجتزاء مقصود لمحتوى منشوراته. بحسب المحامي، حجز القاضي القضية للنطق بالحكم وأقفل باب المرافعة، لكن الدفاع اكتشف أن مسودة الحكم كانت محفوظة مسبقًا في قائمة الملاحظات على هاتف القاضي، ولم يتم الاطلاع على المسودة بشكل مفصل أو توضيح أسباب تفضيل المحكمة الجزائية المتخصصة. وأضاف أن القاضي قرأ منطوق الحكم مباشرة، وأبلغ المياحي بأنه حاول مراعاته، ملمّحًا إلى أن حرية التعبير مكفولة قانونًا، وهو ما اعتبر تهديدًا معنويًا مبطنًا. وأكد المحامي أنه تم تسجيل الاستئناف فورًا، مضيفًا أن موكله أُعيد إلى السجن مكبلاً، ورفضت السلطات فك القيود عن يديه وسط حراسة مشددة، على غرار ما يُطبق عادة في المحكمة الجزائية المتخصصة. وقالت منظمة سام للحقوق والحريات إن الحكم الصادر عن المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء يمثل ذروة الانتهاكات التي تعرّض لها الصحفي محمد دبوان المياحي منذ اعتقاله في 20 سبتمبر 2024. وأضافت المنظمة أن الحكم يُعد تصعيدًا خطيرًا يفاقم من المعاناة الإنسانية للصحفي، مطالبة المجتمع الدولي بتحرك عاجل لوقف ما وصفته بالانتهاكات المتزايدة. وأكدت المنظمة أن الحكم ينتهك حرية الرأي والتعبير المنصوص عليها في المادة (19) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمادة (10) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تكفل لكل فرد محاكمة عادلة أمام محكمة مستقلة ونزيهة. وشددت على أن إحالة المياحي إلى محكمة استثنائية تُعد انتهاكًا للقانون اليمني، لا سيما وأن التهم المنسوبة إليه تتعلق بعمله الصحفي. وأضافت أن القضية كشفت الطابع السياسي للمحاكمة، وفضحت توظيف القضاء كأداة لقمع حرية الصحافة. وأوضحت المنظمة أن المياحي تم اعتقاله من قبل قوات تابعة لجماعة الحوثي دون إذن قضائي، واحتُجز في زنزانة انفرادية حُرم خلالها من أبسط حقوقه الإنسانية. كما خضع لتحقيقات من قبل جهات أمنية مستحدثة لا ينص عليها القانون اليمني، في مخالفة واضحة لقانون الإجراءات الجزائية. السبب الحقيقي خلف الاتهامات وفي السياق ذاته، كشف المحامي عبد المجيد صبرة أن السبب الحقيقي لاستهداف الصحفي محمد المياحي كان منشورًا له على فيسبوك، دعا فيه للخروج إلى ميدان السبعين انتقامًا لما وصفه بالمساس بكبيرهم، في إشارة إلى عبد الملك الحوثي. وأشار إلى أن اتهامات التواصل مع قناتي 'بلقيس' و'يمن شباب' كانت مجرد غطاء لإخفاء الدافع الحقيقي، مستدلًا بمناقشة القاضي مع المياحي حول تلك الدعوة، رغم أن قرار الاتهام لم يتطرق لها. وحذرت المنظمة من أن الحكم الصادر بحق الصحفي محمد دبوان المياحي لا يقتصر على كونه اعتداءً على فرد، بل يشكل تهديدًا مباشرًا لكل الصحفيين في اليمن، معتبرةً إياه رسالة ترهيب ممنهجة تستهدف حرية الإعلام وتكميم الأصوات المستقلة. وشددت سام على أن تجريم العمل الصحفي وتحويل التعبير عن الرأي إلى جرائم أمن دولة يمثل سلوكًا استبداديًا يناقض الدستور اليمني، وقانون الصحافة النافذ الذي يوجب محاكمة الصحفيين أمام محكمة الصحافة لا أمام محاكم استثنائية كالجزائية المتخصصة. كما أدانت المنظمة توظيف القضاء كأداة لتصفية الحسابات السياسية، مشيرة إلى أن المحاكمات العلنية التي تُعقد بدون ضمانات حقيقية – مثل الحياد القضائي وحقوق الدفاع وشفافية التحقيق – ما هي إلا غطاء شكلي يخفي انتهاكات فادحة لحق المتهم في محاكمة عادلة. واختطفت مليشيات الحوثي، الصحفي محمد المياحي في 20 سبتمبر 2024 من منزله بصنعاء دون أمر قضائي، ليُحتجز بعد ذلك في الحبس الانفرادي لفترة طويلة، تعرض خلالها للإخفاء القسري، ومنع من الحصول على التمثيل القانوني أو الزيارات العائلية. وأضافت المنظمة، أن التهم الموجهة إليه اقتصرت على ما نشره من آراء وكتابات على مواقع التواصل الاجتماعي، انتقد فيها سلطات الحوثيين، وهو ما يكشف الطابع السياسي للقضية ويفضح استهدافه بسبب مواقفه المستقلة. وأكدت أن محاكمة المياحي تندرج ضمن مناخ قمعي آخذ في التوسع بمناطق سيطرة الحوثيين، حيث أنشأت الجماعة شبكة من الأجهزة الأمنية المستحدثة وغير المعترف بها قانونًا، والتي تنفذ الاعتقالات خارج إطار القانون، مستندة إلى الترهيب والممارسات غير القانونية لقمع المعارضين والصحفيين. وأشارت المنظمة إلى أن هذا التآكل الممنهج للحريات المدنية وتسليح القضاء يعكس جهودًا متعمدة لإحكام السيطرة على الرأي العام وحرية التعبير، ما يشكل خطرًا جسيمًا على مستقبل الصحافة والمجتمع المدني في اليمن. وطالبت منظمة سام الحقوقية بإلغاء الحكم الصادر بحق المياحي فورًا، إسقاط كافة التهم الموجهة إليه، الإفراج عنه دون قيد أو شرط وتعويضه عن الضرر النفسي والجسدي الذي لحق به جراء هذه الانتهاكات. كما دعت إلى فتح تحقيق مستقل في ظروف اختطافه واحتجازه ومحاكمته، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store