
شاهد.. لحظات الهلع وتحذيرات عاجلة عقب زلزال روسيا
المشاهد القادمة من المنطقة وثّقت لحظات هلع عاشها السكان، بينما سارعت السلطات في اليابان وولاية هاواي الأميركية إلى إصدار تحذيرات وأوامر إخلاء للسكان مع اقتراب موجات تسونامي.
وانطلقت صفارات الإنذار تحذر من تسونامي في البلدات على طول ساحل اليابان المطل على المحيط الهادي ، وحثت السلطات عشرات الآلاف من السكان على الإخلاء.
وفي هاواي، طلبت السلطات من سكان المناطق الساحلية الصعود إلى أراض مرتفعة أو إلى الطابق الرابع أو فوق المباني، وأمر خفر السواحل الأميركي السفن بالخروج من الموانئ مع اقتراب التسونامي.
ودعت الهيئة المختصة بإدارة الطوارئ في هونولولو على منصة إكس السكان بالتحرك، لأنه "من المتوقع حدوث موجات تسونامي مدمرة".
وذكر خبراء روس، أن الزلزال هو الأقوى الذي يضرب المنطقة منذ عام 1952.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
دولة عظمى تشن إعصارًا فترد الأخرى بتسونامي.. حروب المناخ قادمة!
في عصرنا لم يعد المناخ مجرد خلفية للأحداث، بل أصبح ساحة صراع، وفيها يتشكل نوع جديد من الحروب. فلم يعد السؤال اليوم يتعلّق فقط بإمكانية التنبؤ بالعواصف، بل بإمكانية استثارتها لخدمة أهداف المتحاربين! كانت فكرة أن تتحكم الدول في الطقس لأغراض عسكرية أو سياسية مجرد مادة للخيال العلمي وا في زمن الحرب الباردة. لكن التطورات التقنية، إلى جانب تصاعد التوترات الجيوسياسية وتفاقم الأزمة المناخية العالمية، أعادت إحياء الاهتمام بالطقس كسلاح. فمن تقنية استجلاب الأمطار في فيتنام إلى تجارب حقن الهباء الجوي في الستراتوسفير في روسيا والصين، لم يعد الطقس خارج متناول قوة الإنسان الحديث، على الأقل من بعض نواحيه، بل أصبح في حالات بعينها القوة ذاتها. هذه القوة تظهر أحيانًا متخفية تحت مصطلح "الهندسة الجيولوجية"، والذي يعني عملية التدخلات الصناعية التي تهدف إلى عكس ضوء الشمس، أو تلقيح السحب، أو تبريد أجزاء من الأرض في مواجهة الاحترار العالمي المتسارع. لكن في الظروف المواتية، يمكن استغلال هذه الأدوات نفسها لتعطيل الأمطار في دول مجاورة، أو عدوّة، أو إثارة الجفاف، أو تحفيز فيضانات في المناطق الساحلية دون إطلاق طلقة واحدة. وإذا كانت الحرب استمرارًا للسياسة بوسائل أخرى، كما كتب الجنرال والمؤرخ الحربي في القرن التاسع عشر كارل فون كلاوزفيتز، فإن التلاعب بالمناخ قد يصبح استمرارًا للحرب بوسائل مختلفة تمامًا عما عهدناه. تثير هذه الإمكانية أسئلة عميقة، لا حول التقنيات المستخدمة فقط، بل عن الفلسفة والأخلاق أيضًا. فكيف يحدث هذا الاعتداء؟ وإذا كان بمقدور أحد فعل ذلك، فمن يملك حق التحكم بالسماء، ومن يستطيع مساءلة صاحب هذا الحق؟ وما السيناريوهات التي نتوقعها إذا ما سمح العالم لأقويائه بهذا التدخل؟ هل سنكون أمام احتمالية أن تثير طائرة دون طيار فيضانًا؟ وكيف نوقف ذلك؟ هذا المقال يحاول الولوج إلى هذا النقاش، ولا يدّعي القدرة على الإحاطة به. لذلك سنقدم عرضا تاريخيا وجيوسياسيا لتوظيف الطقس كسلاح: من العمليات السرية الأميركية في فيتنام إلى تجارب الاتحاد السوفياتي والصيني ضمن محاولات السيطرة على الغلاف الجوي، ومن معاهدات الحرب الباردة إلى المخاوف المعاصرة حول هندسة المناخ. ومع تقلص الفاصل بين علم المناخ وحرب المناخ، قد لا يكون السؤال في المستقبل ما إذا كان بالإمكان تحويل الطقس إلى سلاح، بل سنتساءل عما إذا كنا قادرين على منعه! أول قنبلة مطرية أولى المحاولات الفعلية لتسليح الطقس ظهرت خلال حرب فيتنام، في ما عُرف بعملية "باباي" (Popeye). وهي تجربة سرية انطلقت بين عامي 1967-1972، قامت خلالها القوات الجوية الأميركية باستمطار السحب عبر نثر يوديد الفضة فوق مسار "هو تشي منه"، الذي كانت تمر عبره الإمدادات إلى فيتنام الجنوبية من لاوس وكمبوديا. كان الهدف من ذلك تمديد الأمطار الموسمية لأسابيع إضافية، بحيث تتحول طرق الإمداد إلى مستنقعات طينية تعيق حركة العدو. وقد كشفت وثائق لاحقة أن العملية نجحت بالفعل في رفع معدلات الهطول بنسبة تصل إلى 30%، مما تسبّب في فيضانات وانهيارات طينية أعاقت تحركات القوات الفيتنامية الشمالية. ورغم أن الكشف عن هذا التوظيف العسكري للطقس أثار قلقا عالميا، وأفضى إلى توقيع معاهدة التعديل البيئي (ENMOD) في عام 1977، والتي حظرت الاستخدام العسكري أو أي استخدام عدائي آخر لتقنيات تعديل البيئة، فإن ذلك لم يتحول إلى قيد فعلي على البحث والتمويل، حيث استمر العمل في مشروعات مماثلة تحت عناوين مدنية أو مناخية. من ضمنها مشروع "ستورم فيوري" الذي أطلقته الولايات المتحدة في الستينيات لمحاولة إضعاف الأعاصير المدارية من خلال تلقيح السحب لتقليل شدّتها. لكن النتائج المتفاوتة، وعدم القدرة على عزل أثر التلقيح عن التغيرات الطبيعية، أدّيا إلى تعليق المشروع نهائيًا في عام 1983. محاولة تجميد السباق لكن هذا الإيقاف، كما يوضّح جاستن كانفيل، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة كارنيجي ميلون، لم يكن نتيجة قناعة علمية أو استجابة لضغط شعبي، بل هو ناجم عن إدراك إستراتيجي في واشنطن بأن السباق قد ينقلب ضدها. ففي أعقاب عملية "باباي"، سعى البيت الأبيض إلى مواصلة تطوير تقنيات التعديل البيئي، بل اقترح في عهد نيكسون مضاعفة تمويل التجارب، لكن تقارير استخباراتية لاحقة رجّحت أن الاتحاد السوفياتي بات يمتلك برنامجًا أكثر اتساعًا وتسارعًا، وأن معرفته العلمية في هذا المجال صارت تضاهي نظيرتها الأميركية. ويرى كانفيل أن صانعي القرار الأميركيين وجدوا أنفسهم أمام خيار صعب، إما تعميق الاستثمار في تقنية مثيرة للجدل، أو الدفع نحو حظر دولي استباقي يمنع الخصم من تطويرها إلى حد يصعب ردعه، فاختارت واشنطن المسار الثاني. ومع ذلك، لم يتخلَّ التفكير العسكري الأميركي عن تناول هذا المجال بالبحث، ففي عام 1996، أصدر مركز قيادة القوات الجوية الأميركية دراسة داخلية بعنوان: "الطقس كقوة مضاعِفة: امتلاك الطقس عام 2025″، تناولت بشكل استشرافي إمكانية تحويل الطقس من متغيّر طبيعي إلى أداة إستراتيجية تتحكم في مخرجات ساحة المعركة المستقبلية. وقد طمحت هذه الوثيقة إلى استخدام الطقس في تعزيز العمليات الصديقة وتعطيل عمليات العدو، فضلا عن تحقيق هيمنة كاملة على الاتصالات العالمية والتحكم في الفضاء المضاد، من خلال مجموعة من التطبيقات التي تتجاوز نطاق الاستمطار التقليدي، ومن أبرزها: إعلان تحفيز المطر أو الثلوج في مناطق مختارة بدقة، مثل مناطق العدو أو ساحات العمليات، من خلال تقنيات "بذر السحب"، أي نثر مواد كيميائية داخل الغيوم لتشجيعها على المطر. تفريق الضباب في ممرات الطيران أو فوق القواعد العسكرية، عبر رشّ جسيمات صغيرة تسرّع تجمع قطرات الضباب، مما يفتح الرؤية ويسمح بالإقلاع والهبوط في ظروف جوية سيئة. التحكم بالصواعق ، إما عبر تفريغها مبكرًا في أماكن آمنة، أو توجيهها لتصيب أهدافا معادية. تسخين الجو باستخدام غبار الكربون ، وهي فكرة تقوم على نشر جزيئات سوداء دقيقة في الهواء لامتصاص حرارة الشمس، مما يغيّر تدفق الهواء والضغط الجوي، وبالتالي قد يؤثر على تكوّن السحب أو مسارها. إنشاء "مرايا كهرومغناطيسية" في السماء ، من خلال التلاعب بطبقة الأيونوسفير، وهي طبقة مرتفعة جدا في الغلاف الجوي تحتوي على جسيمات مشحونة كهربائيا، وتساعد في عكس موجات الراديو، مما يعني أن تكوين مرايا كهرومغناطيسية خلالها قد يعمل على قطع الاتصالات عن الخصم. صراع في الغلاف الجوي تدعم وثائق علمية أخرى الطرح الذي قدمه كانفيل، بل إن بعضها يؤكد على أن برامج موسكو البحثية في هذا المجال تجاوزت بالفعل ما عرفه الغرب في تلك الحقبة. فبحسب "مراجعة أبحاث تعديل الأيونوسفير" التي أعدّها الفيزيائي الأميركي لويس دانكن، بدأت الأبحاث السوفياتية حول تعديل طبقة الأيونوسفير منذ خمسينيات القرن العشرين، وركّزت على تسخين مناطق محددة من الغلاف الجوي العلوي باستخدام موجات راديو عالية التردد. وقد استُخدمت هذه الموجات إما بشكل رأسي مباشر نحو السماء، أو بزوايا مائلة لزيادة فعالية التداخل مع الجسيمات المشحونة. وهي التقنية التي شكّلت لاحقًا الأساس لتجارب الولايات المتحدة في مشروعها الشهير "هارب" (HAARP). وإلى جانب ذلك، استخدم السوفيات موجات ميكروويف شبيهة بتلك المستخدمة في الأفران المنزلية، كما أجروا تجارب على التلاعب بالمجالات المغناطيسية في الغلاف الجوي لتعزيز التأثيرات المنشودة. وتشير الوثيقة نفسها إلى أن مفهوم "المرآة الأيونوسفيرية الصناعية"، طُرح للمرة الأولى في السبعينيات على يد الفيزيائي الروسي أناتولي غوريفيتش، بغرض التحكم في بيئة الاتصالات والرادارات وتوجيهها أو تعطيلها. وتعدّ روسيا اليوم بين القوى الرائدة في أبحاث "صناعة الطقس". ويحذر تقرير حديث صادر عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، أن موسكو قد تتجه خلال هذا العقد إلى استخدام تقنيات تُعرف باسم "الهندسة الشمسية للمناخ" لإحداث اضطرابات متعمّدة في الأجواء الأوروبية، دون الحاجة لاستخدام القوة العسكرية التقليدية. ومن أبرز التقنيات التي تمتلكها موسكو لهذا الغرض، ما يُعرف بـ"حقن الستراتوسفير"، وهي عملية تعتمد على إطلاق جسيمات دقيقة في طبقة الستراتوسفير، وهي الطبقة الثانية من الغلاف الجوي المحتوية على طبقة الأوزون، والتي تمتد بين 10-50 كيلومترًا فوق سطح الأرض. وتشير الدراسات إلى أن نشر جسيمات مثل مركبات الكبريت، قد يؤدي إلى عكس جزء من أشعة الشمس وتقليل حرارة الأرض في مناطق محددة. كما يُعتقد أن موسكو مهتمة أيضًا بتقنيات أخرى، مثل تعديل طبيعة السحب فوق المحيطات لجعلها أكثر انعكاسية، وهو ما من شأنه تقليل كمية الحرارة الممتصة، وفتح الباب أمام توجيه الظروف المناخية لأغراض إستراتيجية. ورغم أن هذه الأساليب طُورت بالأساس لمواجهة الاحتباس الحراري، فإن استخدامها لأغراض عدائية قد يخلّف آثارًا مدمرة، تتراوح بين جفاف وفيضانات إلى اضطرابات زراعية تهدد الأمن الغذائي والاقتصادي. كما تكمن خطورتها في صعوبة رصدها أو إثبات الجهة المسؤولة عنها، في ظل غياب قواعد دولية واضحة. بدورها، بدأت الصين، منذ خمسينيات القرن الماضي، العمل على مشروع موازٍ لـ "ستورم فيوري" الأميركي، لكنه سرعان ما تطوّر ليصبح أكبر برنامج تعديل الطقس في العالم، يعمل به أكثر من 37 ألف شخص بين علماء وفنيين، بحسب تقارير غربية حديثة. وقد استخدمت الصين بالفعل تقنيات الاستمطار والتفريق الجوي في مناسبات حساسة، أبرزها أولمبياد بكين 2008، حيث عمدت السلطات إلى تفجير مركبات كيميائية في السحب على أطراف العاصمة لإفراغها من الأمطار قبل أن تصل إلى مواقع الاحتفالات. وفي عام 2020، أعلنت بكين عزمها توسيع نطاق مشروعها التجريبي ليغطي أكثر من 5.5 ملايين كيلومتر مربع، أي ما يفوق مساحة الهند بأكملها. وقد باتت عمليات "بذر السحب" جزءًا من سياسات الدولة في مواجهة الكوارث المناخية وتوزيع الموارد، حيث تُستخدم تقنيات الاستمطار والتفريق الجوي لتوجيه الطقس نحو أهداف محددة؛ كتعزيز الهطول في مقاطعات تعاني الجفاف، أو تفادي الأمطار في مدن مكتظة أو مواقع إستراتيجية. ويُطلق بعض الباحثين على هذا البرنامج اسم "بذور" (Seeds)، في إشارة إلى السحب المُلقّحة صناعيا والتي باتت تُعامل كأصول قابلة للإدارة. ورغم اتسام هذه البرامج بطابع مدني، فإنها تثير قلق المراقبين من احتمال استخدامها لأغراض هجومية أو للضغط على دول مجاورة. كما تزداد هذه الشكوك بسبب الطابع المغلق لتلك البرامج التي تخضع لإشراف مباشر من الجيش الصيني. هارب.. حدود العلم وبداية المؤامرة في ظلّ بيئة كهذه، تتسم بالغموض المؤسسي والانغلاق المعلوماتي وتداخل الأغراض المدنية والعسكرية، من الطبيعي أن تنشأ نظريات مؤامرة وتكهنات شعبية يصعب دحضها، وأن تصبح كل كارثة مناخية أو ظاهرة غير مألوفة عرضة للتأويل والاتهام. ولعل المثال الأبرز هو "برنامج أبحاث الشفق القطبي النشط عالي التردد"، المعروف اختصارًا بمشروع "هارب" ، والذي تحوّل من برنامج بحثي لدراسة طبقة الأيونوسفير إلى أيقونة شبه أسطورية في مخيلة المؤمنين بالتحكم في الطقس والكوارث. تعود الجذور النظرية لـ"هارب" إلى أواخر القرن التاسع عشر، حين وضع الفيزيائي الأميركي نيكولا تسلا تصوّره الأولي لإمكانية التأثير في الطبقات العليا من الغلاف الجوي باستخدام موجات كهرومغناطيسية. وفي عام 1993، أُطلق البرنامج كمشروع مشترك بين القوات الجوية والبحرية الأميركية، بالتعاون مع جامعة ولاية ألاسكا، ووكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة. وقد استمر المشروع تحت إشراف الجيش الأميركي حتى عام 2015، حين أعلنت القوات الجوية إغلاقه رسميا، وتسليمه إلى جامعة ألاسكا فيربانكس التي تديره حاليا لأغراض البحث العلمي الأكاديمي. ويُعدّ "هارب" أحد أقوى أنظمة الإرسال الراديوي عالي التردد المختصة في دراسة الأيونوسفير، وهي الطبقة المشحونة كهربائيا من الغلاف الجوي التي تمتد بين 50-400 كيلومتر فوق سطح الأرض. ولا يعمل النظام باستمرار، بل يتم تشغيله لبضعة أسابيع فقط خلال العام. فمثلًا، لم يُفعَّل البرنامج في عام 2022 إلا 4 مرات. ورغم ما يُثار من تكهنات حول "هارب"، فإن العلماء يؤكدون بشكل قاطع أن البرنامج لا يمتلك أي قدرة على التحكم بالطقس أو افتعال الزلازل. فالمشروع، كما تشير الجامعات والمراكز البحثية المشاركة فيه، لا يتجاوز كونه برنامجا علميا لدراسة الطبقات العليا من الغلاف الجوي باستخدام موجات راديو عالية التردد. هذه الموجات تُوجّه نحو ارتفاعات تتجاوز 60 كيلومترًا، أي أعلى بكثير من نطاق الطقس الفعلي الذي يتكوّن في طبقتي التروبوسفير والستراتوسفير. فضلا عن ذلك، لا يوجد أي تفاعل مباشر بين إشارات "هارب" والظواهر المناخية في الطبقات السفلى للغلاف الجوي. كما أن الطاقة التي يبثها البرنامج محدودة للغاية، ولا تكفي إلا لإحداث تغييرات صغيرة ومؤقتة في بقعة ضيقة من الأيونوسفير، بهدف رصدها علميا. بديل زائف للإصلاح لكن انتشار الخرافات ونظريات المؤامرة حول استخدام الطقس كسلاح، لا يلغي حقيقة أن تقنيات التلاعب المناخي قد تتحول فعليا إلى أدوات سياسية وأمنية توظفها الدول في سياقات الصراع والتفاوض، وإن كانت ليست بالقدرات الخارقة التي يتخيلها البعض. فلم تعد الهندسة الجيولوجية الشمسية تُطرح كتقنية بيئية بحتة لتخفيف آثار التغير المناخي، بل كأداة إستراتيجية تُلوّح بها بعض الدول القوية لحماية مصالحها أو لانتزاع تنازلات سياسية واقتصادية، مما دفع باحثين إلى التحذير من إمكانية تحوُّلها إلى وسيلة ضغط تخدم أجندات ضيقة. ويشير دان ماركس، باحث أمن الطاقة في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إلى أن الحديث عن استخدامها العسكري قد يكون مبكرًا، لكنه لا يستبعد إمكانية توظيفها لاحقًا لأغراض عدائية، مثل استهداف الزراعة أو البنية التحتية أو المياه في سياق صراعات مستقبلية، فمعظم الدول عرضة للطقس المتطرف، وإذا ما بات بالإمكان تعديل هذا الطقس، فقد يصبح سلاحًا يُستخدم بالعكس، من خلال تفاقم الظواهر بدلًا من التخفيف منها. في هذه الحالة، يمكن توظيف أدوات التلاعب المناخي ضمن تكتيكات ما قبل أو أثناء الحملات العسكرية، سواء بإضعاف مجتمعات عبر الجفاف، أو إغراق مناطق حساسة بفيضانات مدمّرة، مما يجعل السكان أكثر هشاشة واستغلالا من قبل أطراف الصراع. وفي مثل هذه السياقات، لن يكون الطقس نفسه "سلاحًا" بالمعنى الصريح، بل تُستغل الفوضى التي يخلّفها لصالح أهداف إستراتيجية، في ما يمكن تسميته بـ"حرب المناخ غير المباشرة"، خصوصًا أن قابلية الإنكار تجعل من المناخ أداة مثالية في الحروب الهجينة، التي تمزج بين الوسائل العسكرية والتخريبية غير المباشرة. ففي حين تترك الحرب التقليدية أدلة مادية واضحة، فإن التلاعب بالبيئة يمكن أن يبدو كارثةً طبيعية، مما يصعّب كثيرًا تحميل المسؤولية لجهة بعينها. وتحذر إحدى الدراسات المنشورة عام 2023، من إمكانية توظيف هذه التقنيات كورقة تفاوضية أو تهديد سياسي واقتصادي ضد دول أخرى. إذ يمكن لدولة ما أن تلوّح باستخدام هذه الأدوات أو تنشرها بالفعل، فتفرض اتفاقيات تجارية تفضيلية أو تطالب بتعويضات نظير وقف التدخل المناخي. فضلا عن ذلك، يمكن استغلال هذه التكنولوجيا لضمان بقاء أنماط الحياة القائمة على استهلاك الوقود الأحفوري، عبر تخفيف الآثار المناخية دون معالجة جذرية لانبعاثات الكربون، لا سيما في الدول الصناعية الكبرى، أو الدول التي يعتمد اقتصادها بشكل أساسي على سوق المواد البترولية، مما يعني تأجيل التحول الحقيقي نحو الطاقات النظيفة، والارتكان إلى الهندسة المناخية بدلًا من اتخاذ خطوات جدية نحو الإصلاح المناخي. في النهاية، يحذّر الفيلسوف ستيفن جاردنر من اعتبار الهندسة الجيولوجية حلا تقنيا سهلا، ويرى في هذا الإطار مخاطرة أخلاقية وجنوحا نحو قرارات متهورة فيما يسميه "الاستكبار التقني". في كتابه 'أخلاقيات الهندسة الجيولوجية'، يفكك جاردنر الفرضية القائلة إن هذه التدخلات التكنولوجية أقل ضررًا من الكوارث المناخية التي يُفترض أن تُخفَّف. يقدم جاردنر نقدًا واضحًا مفاده أن الإيمان بالتكنولوجيا باعتبارها قادرة على التحكم بنتائج المناخ يعكس أزمة أخلاقية أعمق، أزمة تنبع من تخلينا عن مسؤولياتنا لصالح أنظمة من صنع أيدينا. هذا النوع من الغرور قد يؤدي إلى نتائج كارثية، وأضرار عابرة للحدود لم تكن مقصودة، وظلم عميق لفئات لا تملك الدفاع عن نفسها. ويخلص جاردنر في تأملاته الأخلاقية إلى الإشارة أن علينا مقاومة إغراء تحويل الغلاف الجوي إلى ملعب للتكنولوجيا، وتذكّر حدودنا ومسؤولياتنا في مواجهة تعقيد الطبيعة. إن تحذيره يذكرنا بحقيقة تكرر صداها طوال تاريخ البشر منذ بدأ في إدراك نقاط قوته وتجاهل نقاط ضعفه، فحين تغرينا التكنولوجيا بالاعتقاد أننا قادرون على حل كل شيء، فسنكون أمام مخاطرة حقيقية بصناعة كوارث أسوأ كثيرًا من تلك التي نسعى لتجنّبها.


جريدة الوطن
منذ 2 ساعات
- جريدة الوطن
زلــزال يـهــــز الأرض والتــاريــخ
في مشهد يذكر بماضٍ زلزالي عتيق، جاء زلزال منطقة كامتشاتكا شرق روسيا، الذي بلغت قوته 8.8 درجة على مقياس ريختر، وهذه الدرجة وضعت الزلزال ضمن قائمة أقوى عشرة زلازل مسجلة في تاريخ الأرض، لكن المفاجأة الأكبر ليست في شدة الزلزال الحالي وحدها، بل في أن المنطقة نفسها سبق أن شهدت زلزالا أعنف في عام 1952 بلغت قوته 9 درجات، ما يجعلها من القلائل حول العالم التي سجلت اثنين من أعنف الزلازل في العصر الحديث. وتقع كامتشاتكا فوق ما يُعرف بـ«منطقة الاندساس»، وهي نقطة التقاء بين صفيحتين تكتونيتين تتصادمان ببطء، ما يُراكم ضغطا هائلا تحت سطح الأرض يُطلق فجأة على شكل زلازل ضخمة. الزلزال الذي ضرب كامتشاتكا في 4 نوفمبر 1952 بقوة 9 درجات، يُعد من بين أقوى الزلازل التي سجلتها البشرية. وقد تسبب في تسونامي مدمّر وصل تأثيره إلى شواطئ هاواي، مخلفا خسائر بشرية ومادية كبيرة، في ظل ضعف وسائل الرصد والاتصال آنذاك. وبحسب الخبراء، فإن الزلزال الحالي يقع على الجبهة الزلزالية نفسها التي أطلقت زلزال 1952، وهو ما يعيد إلى الأذهان الدورة الزلزالية طويلة الأمد التي قد تمر بها بعض مناطق الاندساس النشطة. ويتوقع العلماء أن تشهد المنطقة نشاطا زلزاليا متواصلا خلال الأيام والأسابيع المقبلة، من خلال عدد من الهزات الارتدادية، قد تتجاوز قوتها 7 درجات. وبهذا الحدث، تثبت كامتشاتكا أنها ليست مجرد منطقة نائية في أقصى شرق روسيا، بل نقطة محورية لفهم أعمق قوى الأرض وأكثرها عنفا.


الجزيرة
منذ 8 ساعات
- الجزيرة
بالفيديو.. تقنية المنازل اليابانية الطافية للحماية من الزلازل
تعاني اليابان سنويا من 1500 زلزال حسب ما نُشر في موقع جامعة طوكيو الموجه للطلاب القادمين من الخارج، لذا كان على الشركات الهندسية والإنشائية البحث عن طرق مبتكرة لمواجهة هذه المخاطر، ومن بينها شركة "إير دانشين سيستمز" (Air Danshin Systems Inc) التي قدمت مفهوما مستقبليا لبناء منازل مقاومة للزلازل. ووجدت الشركة حلا مبتكرا عبر تقنية عزل للزلازل تعتمد على جعل المنزل يطفو حالة حدوث الزلزال حتى تهدأ الهزات، وذلك بحسب التقرير الذي نشره موقع "باراميتك آركيتشتر" (parametric-architecture) الهندسي. ويعتمد حل الشركة على بناء المنزل فوق منظومة غرف هوائية خاصة تظل خاملة حتى تحدث الهزات، وعندما تستشعر الهزات تمتلئ هذه الغرف الهوائية بهواء مضغوط يساهم في جعل المنزل يطفو مسافة لا تزيد 3 سنتيمترات. ورغم أن المسافة التي يطفوها المنزل ليست كبيرة، إلا أنها كفيلة بعزل الهزات وتقليل أثرها بشكل كبير على المنزل مما يحمي أساساته من الاهتزاز مع الأرض، وعندما تنتهي الهزة يقوم النظام بتفريغ الهواء بشكل بطيء ليعود المنزل إلى وضعه الطبيعي. ويشير تقرير الموقع إلى أن ابتكار الشركة ليس خيالا علميا أو حلا نظريا لا يمكن تطبيقه، إذ تم تطبيقه في 90 منزلا ومبنى حول اليابان، مضيفا أن النظام يعمل بعد حدوث الزلال في خلال ثانية واحدة ويأتي مزودا بمنظومة طاقة احتياطية ليتمكن من العمل في حالة انقطاع الطاقة الكهربائية. وتمتاز هذه المنظومة باعتمادها على تقنيات اقتصادية نسبيا، إذ يكلف تثبيت المنظومة ثلث قيمة أنظمة عزل الزلازل والهزات المعتادة مما يجعله خيارا ملائما للعديد من الشركات الصغيرة وأصحاب المنازل حسب التقرير. كما طورت الشركة منظومة موسعة للعمل مع المصانع والمباني الكبيرة والمعامل التي تحتاج طبقات حماية إضافية ومخصصة للأجهزة الموجودة بها كما جاء في التقرير. ومن أجل استعراض كفاءة المنظومة، قدمت الشركة عرضا مباشرا أمام مجموعة من المهندسين وخبراء السلامة، وتضمن العرض منزلا كامل الأرجاء يتعرض لهزة أرضية اصطناعية تمت محاكاتها خصوصا لهذا العرض. وبعد أن تبدأ الهزة الأرضية، يرتفع المنزل الاختباري عن الأرض بشكل بسيط وفي ثوان معدودة دون أن تتأثر محتوياته من أثاث وأكواد زجاجية وغيرها، إذ ظلت ثابتة في مكانها رغم ازدياد شدة الهزة الأرضية حسب ما جاء في التقرير. وأثارت المنظومة المبتكرة تحفظ خبراء المباني والزلال، ومن بينهم ديكي سميث المدير التنفيذي لمجلس سلامة الزلازل في المباني بالولايات المتحدة، الذي أثنى على الابتكار وأشار إلى أنه قد يكون فعالا مع الهزات الصغيرة أو الهزات الجانبية، ولكن تساءل عن فعاليته مع الهزات القوية ومتعددة الاتجاهات حسب ما جاء في التقرير. كما تساءل سميث عن مدى قدرة المنظومة على العمل حال حدوث الضرر الأولي في الهزة الأولى قبل ارتفاع المنزل أو بدء المنظومة في عملها، مشيرا إلى أنها قد لا تعمل حال وقوع ضرر كبير من الهزة الأولى حسب ما جاء في التقرير. يذكر أن شركة "إير دانشين سيستمز" ومبتكرها شويتشي ساكاموتو يعملان حاليا على تحسين المنظومة وتعزيزها لتجنب مخاوف الخبراء، كما بدأت الشركة حملة تمويل جمعي لتطوير المنتج أكثر ونشره عالميا.