logo
إسرائيل تهز إيران وتكشف لعبة أمريكا المزدوجة

إسرائيل تهز إيران وتكشف لعبة أمريكا المزدوجة

عمونمنذ 16 ساعات

في فجر الثالث عشر من حزيران، استيقظ الشرق الأوسط على وقع انفجارات مروعة، إثر غارات جوية إسرائيلية غير مسبوقة استهدفت العمق الإيراني، في عملية وصفت بأنها الأكبر منذ سنوات. أكثر من 200 طائرة حربية حلقت في سماء إيران، وقصفت ما يقارب 100 موقع استراتيجي، شملت مرافق تخصيب اليورانيوم في ناتانز، ومواقع تصنيع صواريخ، ومراكز عسكرية شديدة التحصين.
الحصيلة الأولية لهذا الهجوم الصاعق جاءت كالتالي: مقتل 20 من كبار القادة العسكريين الإيرانيين، من بينهم الجنرال حسين سلامي، قائد الحرس الثوري، واللواء محمد باقري، رئيس هيئة الأركان العامة، واللواء أمير علي حاجي زاده، قائد القوة الجوية للحرس الثوري، والفريق غلام علي رشيد، رئيس مركز خاتم الأنبياء، بالإضافة إلى المستشار الأمني الأعلى للمرشد، علي شمخاني، الذي تضاربت الأنباء حول إصابته أو مقتله. كما قتل ستة علماء نوويين بارزين، من بينهم فريدون عباسي ومحمد مهدي طهرانشي، بينما سقط 78 مدنيا وأصيب 329 آخرون، وفقا لما أعلنته وكالة "فارس" الإيرانية.
الرد الإيراني لم يتأخر، إذ أطلقت طهران أكثر من 100 طائرة بدون طيار (درون) باتجاه إسرائيل، لكن الدفاعات الجوية الإسرائيلية نجحت في اعتراض الغالبية العظمى منها، دون تسجيل خسائر مادية تذكر. ورغم تناقض التصريحات الإيرانية—بين تأكيد الرد ونفيه—فإن إسرائيل رفعت حالة التأهب، وعلقت فعاليات عامة، بما في ذلك مهرجان "فخر تل أبيب"، تحسبا لأي تصعيد لاحق.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل يعقل أن تشن إسرائيل هذه العملية المعقدة ، وتغتال 20 من كبار القادة الإيرانيين، دون تنسيق أو دعم فعلي من الولايات المتحدة؟ الولايات المتحدة، وكعادتها، تبنت رواية باهتة، تزعم أنها كانت على "علم مسبق" بالعملية لكنها لم تشارك. لكن هذا الخطاب لا يصلح إلا لتسويقه في متاجر الأكاذيب، وليس في ساحة سياسية مكشوفة يعرف فيها الجميع أن إسرائيل لا تملك وحدها القدرة الاستخباراتية والعسكرية الكافية لتنفيذ مثل هذه الضربات الدقيقة والمعمقة داخل الأراضي الإيرانية.
فمن غير المنطقي أن ينسب لموساد إسرائيل وحده قدرة اختراق أجهزة الأمن الإيرانية، وتجنيد العملاء، ورصد تحركات قيادات عسكرية بهذا الحجم، دون أصابع استخبارات أمريكية، اعتادت أن تمسك بكل خيوط اللعبة.
الجواب بسيط وخطير: لأن أي اعتراف أمريكي بالمشاركة قد يجعل القواعد الأمريكية في الخليج هدفا مشروعا لرد إيراني مباشر. طهران سبق أن هددت مرارا بأن أي ضربة إسرائيلية بدعم أمريكي، ستقابل باستهداف شامل لكل القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة، من قطر إلى الإمارات والبحرين، وصولا إلى السعودية.
ومن جهة أخرى، فإن الولايات المتحدة لا ترغب في جر حلفائها الخليجيين إلى أتون صراع مفتوح مع إيران، خاصة وأن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات، كانت دائما متوجسة من البرنامج النووي الإيراني، وتضغط منذ سنوات خلف الكواليس لضربه، لكن دون أن تدفع هي ثمن النيران.
الضربة الإسرائيلية شكلت إهانة سياسية عميقة لإيران، قد لا تكون مميتة، لكنها بالتأكيد لن تمر دون تبعات. وإذا كانت الصواريخ الإيرانية لم تصب أهدافا استراتيجية بعد، لكن تنبئ التوقعات بأن تنتهج إيران التخطيط في عمليات استخباراتية مؤلمة تضرب عمق المصالح الإسرائيلية والأمريكية في الخارج.
كما أن إيران ما تزال تهيمن على مضيق هرمز، الذي يمر من خلاله ثلث واردات النفط العالمية، وهو ممر بحري استراتيجي حيوي. أي إغلاق أو تعطيل لهذا المضيق سيؤدي إلى أزمة طاقة عالمية تضرب الأسواق المالية والاقتصادات الكبرى، وتضعف إمدادات النفط للدول الصناعية والناشئة على حد سواء. هذا الأمر لا يهم إيران فقط، بل يثير مخاوف عميقة لدى قوى دولية كبرى، على رأسها الصين وروسيا، اللتين تتابعان الوضع بقلق متزايد لما له من تداعيات على استقرار الأسواق العالمية ومصالحهما الاقتصادية والاستراتيجية.
في المحصلة، ليست الضربة مجرد حادث عابر، بل إعلان فصل جديد في الصراع المستعر بين إيران والغرب. ومضيق هرمز يشكل نقطة حساسة بالغة الخطورة؛ إذ إن أي إغلاق أو تعطيل لهذا الممر الاستراتيجي سيقود إلى أزمة عالمية تؤثر على أسواق الطاقة وتزعزع استقرار الاقتصاد العالمي، مما يجعل دولًا مثل الصين وروسيا تتابع بقلق بالغ مجريات الأحداث، لما لها من مصالح استراتيجية في استمرار تدفق النفط والأسواق المفتوحة.
إضافة إلى ذلك، تحاول القوى الكبرى إدارة الصراع بحذر، في لعبة معقدة بين التصعيد والتفاوض، بينما تظل المنطقة على حافة انفجار قد لا يقف عند حدودها.
فهل ستقلب الطاولة؟ أم أن الصمت العربي سيبقى شاهدا على نار تشتعل من طهران إلى تل أبيب؟
ويبقى السؤال الكبير: من يشعل الفتيل؟ ومن يجرؤ على إطفائه؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مقتل 3 إسرائيليين في هجمات إيرانية ردًا على عدوان إسرائيلي متواصل
مقتل 3 إسرائيليين في هجمات إيرانية ردًا على عدوان إسرائيلي متواصل

الدستور

timeمنذ 42 دقائق

  • الدستور

مقتل 3 إسرائيليين في هجمات إيرانية ردًا على عدوان إسرائيلي متواصل

وكالات - استهدفت إيران، الليلة الماضية، مدنًا ومناطق في إسرائيل، ضمن عملية "الوعد الصادق 3"، ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص وإصابة العشرات، وتدمير مئات الشقق السكنية، وفق ما أفادت به الطواقم الطبية الإسرائيلية. وتركّزت الهجمات، بحسب تقارير، على منشآت عسكرية ومقرات أمنية في تل أبيب ورمات غان تقع وسط المناطق السكنية، فيما دوّت صفارات الإنذار في أنحاء واسعة، ولجأ السكان إلى الملاجئ، فيما تتواصل الهجمات الإسرائيلية على إيران. وتأتي هذه الضربات في سياق المواجهة العسكرية المتصاعدة بين إسرائيل وإيران، منذ فجر الجمعة، بعد أن أطلقت إسرائيل عملية "الأسد الصاعد" التي شملت هجمات جوية على منشآت نووية وعسكرية في إيران، واغتيالات لأرفع القيادات في الجيش والحرس الثوري الإيراني وعلماء نوويين. وأعلنت تل أبيب أن العملية تهدف إلى "إضعاف وتدمير قدرة إيران الصاروخية والنووية". وفي إطار العدوان، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف "أكبر منشأة لتخصيب اليورانيوم في نطنز"، إضافة إلى منشآت أخرى في أصفهان، بينها مبانٍ لإنتاج اليورانيوم المعدني، وبنى تحتية لتحويل اليورانيوم المخصّب. كما أشار إلى شن غارات مكثفة على قواعد سلاح الجو الإيراني في همدان وتبريز، ومنظومات دفاع جوي ومخازن صواريخ أرض-أرض. وأكد أن العملية ستتواصل "طالما اقتضت الضرورة". وفي كلمة متلفزة، قال المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي إن "القوات المسلحة ستتحرك بكل قوتها وستجعل الكيان الصهيوني في حال يرثى لها"، متوعدًا بردّ واسع. في المقابل، صرّح رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مساء الجمعة، أن القرار بشن الهجوم اتخذ منذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مشيرًا إلى أن إسرائيل تستعد لموجات متتالية من الردود الإيرانية.

الطاقة الذرية الإيرانية: أضرار محدودة في موقع فوردو النووي
الطاقة الذرية الإيرانية: أضرار محدودة في موقع فوردو النووي

عمون

timeمنذ ساعة واحدة

  • عمون

الطاقة الذرية الإيرانية: أضرار محدودة في موقع فوردو النووي

عمون - قال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي إن طهران أكدت تعرض موقع فوردو النووي لأضرار محدودة عقب هجمات إسرائيل. وأضاف كمالوندي "هناك أضرار محدودة في بعض المناطق في موقع فوردو لتخصيب اليورانيوم، ونقلنا بالفعل جزءا كبيرا من المعدات والمواد، ولم تقع أضرار جسيمة ولا توجد مخاوف إزاء التلوث".

كيف يمكن أن يخرج نتنياهو خاسراً من المواجهة مع إيران؟
كيف يمكن أن يخرج نتنياهو خاسراً من المواجهة مع إيران؟

سرايا الإخبارية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سرايا الإخبارية

كيف يمكن أن يخرج نتنياهو خاسراً من المواجهة مع إيران؟

سرايا - رأت صحيفة "هآرتس" العبرية أن الهجوم الكبير الذي شنته إسرائيل على إيران يوم الجمعة، قد يرتد سلباً على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كما لم تستبعد حدوث صِدام مرتقب مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب. وقالت الصحيفة إن الأهداف الإسرائيلية "الطموحة" من الضربة تتلخص في تقويض السيطرة العسكرية للنظام الإيراني، وإلحاق الضرر بجوهر قدراته النووية ومعرفته وخبرته، وتعطيل خيارات الرد، وخلق صدمة أخلاقية، وربما إشعال شرارة انتفاضة مدنية يمكن أن تؤدي إلى انهيار نظام الحُكم. لكن هذه الاستراتيجية، بحسب "هآرتس" تعتمد على عناصر متنوعة استخدمتها إسرائيل سابقاً، سواء ضد إيران أو ضد منظمات ودول أخرى في المنطقة، مشككة في إمكانية أن يؤدّي دمج هذه العناصر في نتيجة استراتيجية تُغيّر طبيعة التهديد الإيراني أو الواقع الإقليمي. وفي تقليلها من شأن خسارات إيران في اليوم الأول من الضربة "الصادمة"، ذكرت الصحيفة العبرية أن البرنامج النووي الإيراني بُني على مدى عقود، ولا يعتمد على نخبة واحدة من العلماء، وكذلك لا يعتمد الجيش الإيراني والحرس الثوري على طبقة رفيعة من كبار الشخصيات الذين قد يؤدي القضاء عليهم إلى انهيار الجيش أو الجهاز النووي للبلاد. كما رأت "هآرتس" أن إلحاق ضرر كبير بالمنشآت النووية قد يؤخر تطوير البرنامج النووي، لكنه لن يوقف طموح إيران في أن تصبح دولة نووية على أعتاب مرحلة الإنتاج أو امتلاك أسلحة نووية في نهاية المطاف، حتى لو كانت جاهزة. العودة للمفاوضات وفي ظل تلك المعطيات، ومع عدم قدرة إسرائيل على "تدمير شامل وكامل" للقدرات النووية الإيرانية، تعتقد "هآرتس" ان العودة إلى المفاوضات واردة بقوة، منوهة بأن ترامب وبعد ساعات قليلة من هجوم يوم الجمعة، أعرب عن أمله في عودة إيران إلى طاولة المفاوضات. وطرحت الصحيفة العبرية افتراضاً واراداً، وهو أن تسارع الولايات المتحدة وإيران إلى إبرام اتفاق يتضمن ضمانات أمنية لطهران ضد أي هجمات إسرائيلية مستقبلية، معتبراً أن ذلك سيُشعل فتيل التوترات بين نتنياهو وترامب. بينما تعوّل إدارة ترامب على أن الضربة الإسرائيلية قد تكون وسيلة ضغط مفيدة لإعادة إيران إلى المفاوضات، ترى تل أبيب أن أي اتفاق يجب أن يخلق واقعاً جديداً لا تمتلك فيه طهران برنامجاً نووياً على الإطلاق. إلا أن "هآرتس" تدعو نتنياهو إلى أن يتعلم درساً قاسياً من مدى تضليل مصطلحات مثل "النصر الشامل" و"انهيار البنية التحتية"، حتى عند استخدامها في صراعات مع أطراف أضعف كثيرا من إيران. بل ذهبت الصحيفة إلى أن ومن المفارقات أن الضربة الإسرائيلية قد تُفضي الآن إلى النتيجة ذاتها التي كانت إسرائيل تأمل في منعها، وهي إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات. ومع استمرار الحرب في غزة، سيتعين على إسرائيل والولايات المتحدة تحديد ليس فقط متى فُتحت "أبواب الجحيم"، بل أيضاً متى وكيف تُغلقانها، إذا لم تُدمَّر جميع المواقع النووية، فسيتعين اتخاذ قرار بشأن ما يُعتبر نجاحاً "مُغير لقواعد اللعبة"، بحسب "هآرتس". ولا تستبعد الصحيفة العبرية في نهاية المطاف، أن تتجه إسرائيل وواشنطن نحو صِدام؛ إذ قد يعتبر ترامب تجديد الاتفاق النووي إنجازاً كبيراً ناتجاً عن الضربة، في المقابل، قد تعتقد إسرائيل أي اتفاق من هذا القبيل فشلاً، خاصة إذا استمرت إيران في السعي وراء قدراتها النووية، حتى مع تقييد تخصيب اليورانيوم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store