logo
الراعي في ذكرى تطويب البطريرك الدويهي: وحدها الثقة تبني وطنًا متماسكًا

الراعي في ذكرى تطويب البطريرك الدويهي: وحدها الثقة تبني وطنًا متماسكًا

صوت لبنان٠٢-٠٨-٢٠٢٥
أحيت الأبرشية البطريركية المارونية نيابة إهدن – زغرتا اليوم الثاني من الاحتفالات بعيد مولد الطوباوي البطريرك الدويهي، والذكرى السنوية الأولى لتطويبه، واستقبلت البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أمام كنيسة مار ماما، حيث سار بصحبة حشد المؤمنين إلى كنيسة مار جرجس في إهدن التي تحتضن ضريح الطوباوي.
وترأس الراعي القداس الذي خدمته جوقة قاديشا المعروفة عاونه المطران جوزيف نفاع – النائب البطريركي العام على نيابة إهدن – زغرتا، المطران حنا علوان- النائب البطريركيّ للشؤون القانونيّة والقضائيّة والمشرف العامّ على توزيع العدالة في الكنيسة المارونيّة، المطران الياس نصّار- النائب البطريركي في الدائرة البطريركية المارونية في بكركي، المطران يوسف سويف- رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية، المونسينيور إسطفان فرنجية، بمشاركة رئيس دير مار سركيس وباخوس في إهدن الأب زكا القزي، ورئيس دير مار أنطونيوس- الجديده الأب سابا سابا، وكهنة نيابة إهدن-زغرتا ولفيف من كهنة ورهبان المنطقة والشمامسة والإكليريكيين.
وشارك في الاحتفال رئيس 'تيارة المردة' سليمان فرنجية، رئيس 'حركة الاستقلال' النائب ميشال معوض ممثلًا بالعميد رينيه معوض، النائب طوني فرنجية وعقيلته، النائب ميشال الدويهي، الوزير السابق زياد المكاري، النواب السابقون جواد بولس وعقيلته، إسطفان الدويهي وعقيلته، يوسف بهاء الدويهي، وممثلون عن الأحزاب السياسية، عبدالله بو عبدالله منسق 'التيار الوطني الحرّ' في زغرتا، ونعيم الدويهي عن حزب 'القوات اللبنانية'، النقيب جوزيف الرعيدي نائب رئيس 'مؤسسة البطريرك الدويهي، رئيس 'حركة الأرض اللبنانية' طلال الدويهي، رئيس إتحاد بلديات زغرتا بسام هيكل وعقيلته، رئيس بلدية زغرتا- إهدن بيارو الدويهي وعقيلته وراهبات وممثلين عن الأخويات والجمعيات والحركات الرسولية.
وبعد الإنجيل استشهد البطريرك الراعي في عظته، بقول الربّ يسوع: 'من أراد أن يتبعني، فليزهد بنفسه، ويحمل صليبه ويتبعني: (متى 16: 24)، وقال: 'إنّها دعوة للحياة المسيحية الحقيقية، وقد وقعت هذه الدعوة في قلب الطوباويّ اسطفان الدويهي، الذي نحيي ذكرى مولده هذا المساء. فالزهد، كما أوضح سيادته، لا يعني مجرّد التقشّف، بل هو تحرّر من عبودية الأنا، وارتفاع في الحبّ نحو الله. والدويهي كان مثالًا لهذا الزهد، إذ حمل صليبه بمحبة وتبع سيده بثبات طوال حياته. يسرّني أن أحيّيكم جميعًا، أنتم الذين جئتم من أماكن مختلفة للمشاركة في هذه الليتورجيا الإلهية، في ذكرى مولد ابن إهدن البار، الطوباوي البطريرك اسطفان الدويهي. هذه المدينة التي أنجبت بطاركة وأساقفة وكهنة ومؤمنين، وشهدت على رجال دولة وثقافة وشأن عام'.
وأضاف في وصف سيرة الطوباوي: 'كان البطريرك الدويهي لاهوتيًا عميقًا، مؤرخًا دقيقًا، كاتبًا غزير الإنتاج، ورجلًا وازن بين الإيمان والعقل، والتقليد والتجدّد. هو مربّي أجيال، ومدافع صلب عن الهوية المارونية. عاش قديسًا، وتقلّد المسؤولية بتقوى وثقافة وشجاعة. وقد أعلنته الكنيسة طوباويًا، ونصلّي اليوم ليُعلَن قديسًا في القريب'.
ثم استعرض نشأته وتأثيره التاريخي قائلاً: 'وُلد الطوباوي في زمن الانقسامات، وتربّى على التقوى والصمود. درس في روما، لكنه بقي أمينًا لتراث كنيسته. عاد إلى لبنان ليخدمه في أحلك الظروف، حارسًا لتاريخه ولاهوته وليتورجيته. فالكنيسة حين تذكر قديسيها، لا تفعل ذلك فقط لتكرّمهم، بل لتستدعي حضورهم وشفاعتهم اليوم'.
وتناول في جانب من عظته الدور الوطني للبطريرك فقال: 'لا يمكننا أن نذكر الدويهي، دون أن نستلهم رسالته الوطنية. لقد كان رجل دولة، يكتب إلى قناصل العالم، ويرعى شعبه في زمن الفقر والاحتلال. رأى في البطريركية المارونية رسالة وطنية، صوتًا للكرامة، وجسرًا للوحدة. ومن هذا الوادي الذي أنجبه، نرفع الصلاة ليقيم الربّ رجالاً يشبهونه في الخدمة والتجرد والمسؤولية.'
وسأل: 'ألا يحتاج لبنان اليوم إلى قادة يزهدون بأنانياتهم ويتبعون صوت الله؟ إلى رجال دولة لا رجال صفقات، إلى قادة يحكمون بالضمير لا بالمصلحة؟ لبنان يحتاج إلى عودة روحية ووطنية، إلى بناء دولة تُصان فيها الكرامة ويعلو فيها الدستور، ويكون فيها المسؤول راعيًا لا متسلّطًا.'
وأكّد الراعي في نهاية عظته على هوية ورسالة الدويهي، وقال:'لقد حدّد لنا الطوباوي هويتنا ورسالتنا. الهوية هي الوحدة في التنوّع، والرسالة هي بناء الدولة المدنية العادلة. لا ثقة بلا عدالة، ولا مواطنة بلا مصالحة وتنقية للذاكرة. وحدها الثقة تبني وطنًا متماسكًا، وتحرّر المواطن من ارتهانه للطائفة.'
وختم: 'فلنصلِّ معًا ليشرق فجر جديد على وطننا، وعلى كنيستنا، وعلى عائلاتنا. نصلّي من أجل شرقنا الجريح، من فلسطين وسوريا إلى العراق ولبنان. ومن أجل السلام في الأرض التي أحبّها الدويهي وكرّس حياته لأجلها. ونرفع نشيد المجد والتسبيح للآب والابن والروح القدس، إلى الأبد، آمين.'
وبعد انتهاء القداس، توجّه الجميع إلى ساحة تمثال الطوباوي حيث شارك أهالي الحيّ في تحضير الهريسة التقليدية، والتي باركها الراعي قبل توزيعها على الحضور، في لفتة تجسّد المحبة وكرم الإهدنيين لتعبّر عن الفرح الحقيقي الذي يولد من المشاركة والبذل.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ملحمة الأربعين
ملحمة الأربعين

شبكة النبأ

timeمنذ 21 دقائق

  • شبكة النبأ

ملحمة الأربعين

ارتقت مناسبة الزيارة الاربعينية من مصاف الفردانية اول مرة ومن ثمّ الى مصاف الجماعية ومن ثم الى الجمعية (المليونية) واخيرا الى مصاف (العالمية)، لان القضية الحسينية هي قضية جماعية ـ عالمية ـ كونية خرجت من اطارها المحلي الضيق الى اطارها العالمي ومن ثم الانساني الواسع، وذلك بجهود المنبر... تحقيقا لنبوءة السيدة زينب (ع) الخالدة والتي أطلقتها متحدية امام الطاغية يزيد (فكدْ كيدك، واسعَ سعيك، وناصب جهدك، فو اللهِ لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا)، معلنة استمرار البرنامج الحسيني الاصلاحي وعدم توقفه باستشهاد صاحبه او وفاة من وقفوا معه مساندين إياه. ومنذ ذلك الوقت والى اليوم او الى ماشاء الله بدأ الزحف المليوني الهادر صوب كربلاء بجماهير اعلنت مواساتها وحزنها على سيد الشهداء (ع)، فكانت باكورة هذا الزحف على يد الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الانصاري (رض)، واستمر الزحف المنفرد الى ان وصل الى الملايين ومن ثمّ الى عشرات الملايين كما يحدث الان. فكربلاء لم تكن فحسب بزمنكانها المدوّي والفاجع مسرحا لحادثة تراجيدية ـ مأساوية انقضت ساعاتها في العاشر من المحرم سنة 61 للهجرة عن احداث حفرت ندوبها التي لاتُمحى في اديم الزمن وذاكرة المخيال الجمعي البشري الذي لم يشهد بشاعة لحادثة مأساوية وصلت الى درجة بشاعة ذبح طفل رضيع في حجر ابيه لمجرد ان طلب ابوه الماء، وقطع رؤوس المخالفين لمجرد ابداء الراي بعد استشهادهم. ولهذا وانطلاقا من تلك النبوءة (واللهِ لاتميت وحينا) تسعى الملايين المحبة للحسين (ع) الى استذكار مشروعه الاصلاحي (ماخرجتُ الاّ للاصلاح) ومستذكرين حادثة تسيير قافلة الحسين (ع) المكونة من النساء والاطفال والرجال المرضى في ابشع حال لا انسانية من كربلاء ومن ثمّ الى الكوفة ومنها الى الشام مرورا بالكثير من القرى والمدن المخالفة لسياسة أهل البيت العلوي الاصلاحية. تفدُ الملايين من كافة انحاء العالم فضلا عن العراق مشكّلة كرنفالا مليونيا (عالميا) تضامنيا يجمعهم حب الحسين (ع) ومن كافة الاجناس والاعراق والاثنيات والالوان والمذاهب والأديان، كلهم يرطنون بحب الحسين وفي لغات شتّى ترى أشكالهم مختلفة وألوانهم شتّى ولغاتهم ولهجاتهم متباينة، ولكن قلوبهم واحدة متفقة على حب الحسين الذي يجمعهم كنسق عالمي واحد شعارهم كلهم (ياحسين). من يمشي في شوارع وأزقة كربلاء لاسيما القريبة منها من المراقد المشرّفة والمزارات الشريفة يرى جميع ألوان البشر ويسمع مالم تسمعه أذناه من قبلُ من لغات ولهجات يرطن بها أناس قدموا من مشارق الأرض ومغاربها رنت أبصارهم صوب الحسين (ع) وولوّا وجوههم شطره وبذلوا الأموال وتكبدوا مشقات السفر ووعثاء الطريق ومخاطره شوقا الى الامام الشهيد، فهو عند المؤمنين العارفين بقدره ليس مجرد شاخص معماري ومعلَم يتغير بتغير الأيدي القائمة على التشرف بإدارة مرقده المقدس وبتغير الايام والليالي، بل هو مثابةٌ للناس كما جُعلت الكعبة مثابة للناس وأمانا لهم (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا) ومستقرا للرحمة والهداية والاتصال بالله والاعتراف باجر الرسالة (قُل لا أسألُكُم عَليه أجراً إلاّ المودَّةَ في القُربى). فزيارة الحسين (ع) هي جزء من ردّ الجميل والمودة المكافِئة لأجر الرسالة فهؤلاء يرطنون بحسب أبجدياتهم المتباينة بهذه المودة ويعبّرون عنها بمختلف ألسنتهم عنها اعترافا بها وعرفانا للأجر المناط بأعناقهم وردّ الجميل للنبي صلى الله عليه وآله بزيارتهم للحسين (ع) الذي يرطنون بحبه بل ويتمنون لو يمشون على ذات النهج الذي سار عليه المؤمنون، وحسُن أولائك رفيقا رغم الثمن الباهظ الذي دفعه الكثير منهم على يد الطغاة الذين جاهدوا على منع التواصل المليوني الجماعي، فقد تعرضت زيارة الاربعين المباركة على مر العصور الى الكثير من التشويه والتزييف والمحاربة من قبل معظم الطغاة والجبابرة. لان ثورة الامام الحسين عليه السلام كانت ومازالت وستبقى اكبر صرخة وأعظم انتفاضة حدثت لحد الان في وجه كل ظالم ومتكبر وفاسق، ومن ثم جاءت زيارة الاربعين في كل عام بما تحمله من معاني ودلالات عظيمة لتشكّل نصرة مليونية كبيرة وضحمة وبيعة دائمة ومتجددة للخط الذي نهجه الامام الحسين عليه السلام واهل بيت النبوة وتحديا كبيرا وشامخا لكل من عادى نهج الحسين في الماضي والحاضر، ولكن ارادة الله كانت اقوى. وها هي كربلاء على صغر جغرافيتها وضعف امكاناتها اللوجستية والخدمية تستقبل عشرات الملايين المنخرطين في عزاء مليوني وجماعي عالمي وموحد يتسابقون على تقديم الخدمات بما اشبه الدعم الذاتي دون ان يطلبوا مساعدة من اية جهة كانت فترى الخدمات والمآكل والمشارب الجماعية مبسوطة للجميع بدون منية من أحد. ارتقت مناسبة الزيارة الاربعينية من مصاف الفردانية اول مرة ومن ثمّ الى مصاف الجماعية ومن ثم الى الجمعية (المليونية) واخيرا الى مصاف (العالمية)، لان القضية الحسينية هي قضية جماعية ـ عالمية ـ كونية خرجت من اطارها المحلي الضيق الى اطارها العالمي ومن ثم الانساني الواسع، وذلك بجهود المنبر الزينبي الذي ساهم بنشر معالم الثورة الحسينية التي لولا هذا المنبر لتوقفت مسيرة الاصلاح الحسيني عند حدود بسيطة وضيقة وانطمست الى الابد، فالفضل كل الفضل الى عالمية الزيارة الاربعينية يعود بالدرجة الاساس الى زينب(ع) التي قالت من مايقرب من 14 قرنا (فو اللهِ لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا) وهكذا كان وسيبقى.

الإعلام ودوره في زيارة الأربعين
الإعلام ودوره في زيارة الأربعين

شبكة النبأ

timeمنذ 21 دقائق

  • شبكة النبأ

الإعلام ودوره في زيارة الأربعين

هذه الأدوار التي يجب على الإعلام الحسيني أن يقوم بنشرها في إرجاع العالم وهو الوسيلة الأبرز لجذب الناس إلى الإصلاح الحسيني، وعبره سيتم نشر الوعي في الأوساط الثقافية والمجتمعية؛ لذا نجد الأنظار تتجه إلى الإعلام لأنَّه الأقرب لتناول الناس والوصول بوساطته إلى أحداث هذه الزيارة. على المؤسسات الإعلامية... يعدُّ الإعلام من أهم العوامل التي تروج لكل حدث ويبرزه بحسب ما يريد توجهه، لأنَّه يعمل على نقل وقائع وأحداث أو تسيير لحالة معيَّنة، أو إرشاد إلى قضيَّة ما، أو ما أشبه ذلك، ونقلها عبر وسائل مكتوبة أو مسموعة أو مرئية وقوامه: الإنسان، والتقنية، والفكرة، والمجتمع المتلقي، وحريَّة تداول الحقائق، وهذا يعتمد على أقطاب الإرسال النصي الذي يقوم على (المرسل، والمرسل إليه، والرسالة). وكذلك يُعدَّ الوسيلة التي يتم بوساطتها نقل المعرفة وفن صياغة الأفكار والدعوة إلى المُثل والقيم النبيلة والمفاهيم الطيبة ونشرها في الأوساط المجتمعية، وتكوين المواقف الرائدة والوعي الذاتي. وللإعلام دور بارز في تكوين المعرفة والوعي الاجتماعي في تغيير وتطوير المجتمع، وله دور أيضاً في تكوين المعارف لدى الناس ثمَّ تحويلها إلى مواقف وسلوك وعادات يتبعها الناس في حياتهم اليومية. بالإضافة إلى العمليات التي يترتب عليها نشر المعلومات وأخبار معيَّنة تقوم على أساس الصدق والصراحة واحترام قول الجمهور وتكوين الرأي العام من طريق تنويره. (العلاقات العامَّة والإعلام: 235). فالإعلام ضروري في جميع مفاصل الحياة حتّى عُدَّ (السلطة الرابعة) لما له من دور في إبراز الحقائق ونشرها، والترويج لحدث غاب عن فئة من الجماهير، فيعمل على إعلامهم وتنويرهم بالمعلومة. زيارة الأربعين حثَّ أئمة أهل البيت (عليهم السلام) على زيارة قبر الإمام الحسين (عليه السلام) لما لهذه الزيارة من آثار روحية ونفسية وتثبيت المواقف الإصلاحية في نهج الإمام الحسين (عليه السلام)، وأشاروا إلى الثواب الذي يحصل عليه زائر الإمام الحسين ترغيباً منهم (عليهم السلام) بها، فقد ورد عن الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام): "مُروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين فإن إتيانه مفترض على كل مؤمن يقرُّ للحسين بالإمامة من الله عز وجل"، وفي حديث آخر له (عليه السلام) أيضاً عندما سُئلَ: ما لزائر الحسين من الثواب؟ فقال (عليه السلام): "يؤمنه الله يوم الفزع الأكبر وتلقاه الملائكة بالبشارة ويقال له: لا تخف ولا تحزن هذا يومك الذي فيه فوزك". وقد ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) أنَّه في كلِّ صلاة يقول: "اللهم اغفر لي ولإخواني وزوّار قبر الحسين الذين أنفقوا أموالهم وأشخصوا أبدانهم رغبة في برّنا ورجاءً لما عندك في صلتنا وسروراً أدخلوه على نبيك". وغيرها من الروايات التي حثَّت على زيارة قبر الإمام الحسين (عليه السلام)، وقد ورد لفظ الأربعين في أقوال أئمة الهدى (عليهم السلام) كثيراً؛ منها ما جاء عن زرارة عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) في قوله: "إن السماء بكت على الحسين أربعين صباحاً بالدم، والأرض بكت عليه أربعين صباحاً بالسواد، والشمس بكت عليه أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة، والملائكة بكت عليه أربعين صباحاً وما اختضبت امرأة منا ولا أدهنت ولا اكتحلت ولا رجّلت حتى أتانا رأس عبيد الله بن زياد وما زلنا في عبرة من بعده" (مستدرك الوسائل: 215 باب 94 )، ومثلها عن الإمام الباقر (عليه السلام). وقد جعلها الإمام الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام) من علامات المؤمن؛ في قوله "علامات المؤمن خمس: الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وصلاة إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم باليمين، وتعفير الجبين" (تهذيب الأحكام ج 2 ص 17)، وأوَّل من زار الإمام الحسين يوم الأربعين هو الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري (رضوان الله تعالى عليه). فأخذ الناس يحجون إلى قبر الخلود ولو زحفاً على الركبِ ولا يخشوا في الله لومة لائم، وتعرضوا إلى القتل والتسليب والضريبة والتوهين والاعتقال، ولم يتوانوا في المواصلة، وبعد سقوط الطاغية في العراق حدثت انفراجة لمحبي الإمام الحسين (عليه السلام) فصاروا يسيرون إليه زرافات ووحدانا من أقصى الجنوب وأقصى الشمال إلى مهوى الفضيلة والكمال، واتجهت الأنظار إلى هذه المشاهد الحيَّة التي تأسر القلوب وتبهج النفوس وتأخذ بتلابيب الأرواح، فأراد العالم أن يعرف سبب هذا المسير؟ وإلى مَن يذهبون؟، وما هي النتيجة؟ فاحتاجت هذه الزيارة إلى البيان والتبيين، وإلى الدلالة والإيضاح؛ لذا كانت الدعوة إلى الإعلام أن يأخذ دوره في إبرازها. دور الإعلام زيارة الأربعين للإعلام أدوار عدَّة يلعبها في إيصال المعلومة، وعليه أن يوظفها في إبراز هذه الزيارة التي ملئت الدنيا وشغلت الناس منها: 1- التعريف بالمناسبة: تغيُّب زيارة الأربعين في الأوساط الإسلامية والعالمية؛ بسبب السياسات القمعية التي مُورست ضدَّها منذ استشهاد أبي الأحرار وملهم الثوار الإمام الحسين (عليه السلام)، فمن واجب الإعلام (المرئي والمسموع والمقروء) أن يُعرِّف بهذه المناسبة، واستطلاع الآراء الأخرى عبر افتراض أسئلة توجيهية إلى المشاة للإمام الحسين (عليه السلام)؛ وبذلك سيتم تعريف الناس بطريقة الحوار الممتع. 2- نشر المعلومات الخاصَّة بالزيارة: يحتاج الناس إلى تفهُّم الماهيَّة الخاصَّة التي تتمتع بها هذه الزيارة بوساطة إقامة برامج ومنتديات أو لقاءات مباشرة من طريق الزائرين، وهذا يتم بإعداد منهجية خاصَّة يجب على الإعلام الإلتفات إليها، وقد عمل عليها مجموعة من الجهات الإعلاميَّة، وندعو إلى تكثيف هذا الأمر ونشره بشكلٍ أوسع. 3- الحيادية الإعلاميَّة: يتجه الناس نحو الحيادية وعدم التسويق لأمرٍ ما، وهذا ينعكس على الإعلام بشكل كبير، فالقنوات والجهات الإعلامية المسيَّسة أو التابعة إلى جهة تعمل على توهين الآخر؛ تُجابه من قبل المجتمع العالمي على أنَّها لا تريد الحقيقة، وهذا من جهة يخدم الإعلام المستقل ويدعوه إلى أن يأخذ دوره الريادي وإبراز ما يُريده بحريَّة وقبول، ومن جهة أخرى؛ يتقهقر التسييس والتوجيه المقصود والغايات الرديئة، وينزوي الإعلام الإعلاني فيتجه الناس نحو الإعلام المستقل المحايد؛ ظنَّاً من المجتمع أنَّه لا غاية له سوى التعريف بالزيارة. 4- تغطية الفعاليات: الفعاليات التي يُمارسها الزائرون في سيرهم من البحر إلى النَّحر تحتاج إلى تغطية فاعلة وكبيرة -من نصب السرادق وتوزيع الطعام وتقديم الإسعافات الأوَّلية والكرم المقدَّم من قبل القائمين على الضيافة وغيرها من خدمات مقدَّمة على طول الطريق- لأنَّ العالم لم يشهد مثل هذا الكرنفال الذي يقر العيون ويُبهج النفوس. 5- عدم المقارنة: نرى أنَّه يجب على الإعلام أن ينأى بنفسه عن المقارنة بين هذا الكرنفال والمشاهد العالمية الأخرى، فلا يُقارن بين زيارة الأربعين وبين حج بيت الله الحرام، أو بينها وبين المهرجان البوذي، وغير ذلك من المشاهد العالمية، لأنَّ هذه المقارنة تُذكي روح الضغينة والحقد، وتجعل الآخر ينظر إلى هذه الزيارة على أنَّها تنحصر بفئة خاصَّة تدعو إلى فكِّ أواصر المجتمعات، وهذا غير ما يُريده الإمام الحسين (عليه السلام). 6- نقل الحقيقة أو الصورة الحقيقية: تزيفت الكثير من الصور في الأحداث العالمية مما جعل عدم الثقة هو السائد في أذهان الناس، فصار المجتمع يشكك في المشاهد ويسعى إلى كشف الزيف الذي يقبع خلف الصورة المنظورة، فعلى الإعلام أن يتوخى الحذر من الفبركة أو المونتاج المزيَّف، لأنَّ النقل المزيَّف يضر بكامل الزيارة، وهذا ما لا نُريده في هذا الحدث الرهيب، نحتاج إلى الدعوة بالحقيقة لا بالتزييف. هذه الأدوار التي يجب على الإعلام الحسيني أن يقوم بنشرها في إرجاع العالم وهو الوسيلة الأبرز لجذب الناس إلى الإصلاح الحسيني الذي خرج من أجله الإمام الحسين (عليه السلام)، وعبره سيتم نشر الوعي في الأوساط الثقافية والمجتمعية؛ لذا نجد الأنظار تتجه إلى الإعلام لأنَّه الأقرب لتناول الناس والوصول بوساطته إلى أحداث هذه الزيارة المباركة، فعليه تسهيل وصول المعلومات الصحيحة للناس -من الزائرين إلى المجتمع إلى المناطق الإقليمية إلى العالم بالنتيجة-. دور المؤسسات الإعلامية على المؤسسات الإعلامية أن تعمل على جميع الاتجاهات، وكما نعلم أنَّ الناس لم تقتنِ لوناً معيَّناً من ألوان الإعلام، فمنهم مَن يستهوي الصّورة الحيَّة الطويلة (التلفزيون)، فيجب أن تكون هناك تغطيات خاصَّة ومباشرة على المحطات التلفازية تنقل الحدث لجميع المجتمعات، بالإضافة إلى تعيين ذوي الاختصاص والمتمكنين من أداء الحدث بصورته الرائعة. ومن الناس مَن يستهوي برامج التواصل الاجتماعي: كالفيس بوك والانستكرام والتلكرام والواتس آب وغيرها، فليكن النشر على هذه المواقع نشراً داعياً جاذباً لا دافعاً منفِّراً. ومن الناس من يستهوي المقاطع القصيرة والسريعة؛ وهذا ما تكفَّل به تطبيق (التيك توك) فعلى الإعلام أن يأخذ دوره في تجهيز مقاطع قصيرة تشتمل على فائدة سريعة يستفيد منها المشاهد على هذه المنصَّة. بالإضافة إلى المحطَّات المسموعة (الراديو)، في مثل هذه الأيام يكون الناس كثيراً ما يخرجون من منازلهم، فالراديو يكون الأكثر استماعاً من غيره في الطرق بوساطة السيارات. إذا ما تمت هذه الأدوار يكون للإعلام السلطة الحقيقية في إبراز هذه الزيارة المباركة وسيكون مصداقاً لقول الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): "حدِّثوا الناس بمحاسن كلامنا، فإن الناس إذا سمعوا محاسنَ كلامنا اتبعونا" وهي دعوة بالتي هي أحسن، فيجب أن يأخذ دوره الحقيقي بعيداً عن المناكفات السياسية والتسييس الحقدي والضغائني، لأنَّ الحسين للجميع. * باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث/2002–Ⓒ2025

تحذير من الشارع والفتنة (الجمهورية)
تحذير من الشارع والفتنة (الجمهورية)

OTV

timeمنذ ساعة واحدة

  • OTV

تحذير من الشارع والفتنة (الجمهورية)

كتبت صحيفة 'الجمهورية': علمت «الجمهورية»، انّ اتصالات على مستويات سياسية وأمنية جرت بصورة مكثفة خلال اليومين الأخيرين، جرى خلالها التأكيد على احترام إجراءات الجيش اللبناني في حماية السلم الأهلي، وحفظ أمن واستقرار البلد، وهذا معناه إحباط أي محاولة لتوتير الشارع او قطع الطرقات، ومنع حصول أي مظاهر وتحرّكات استفزازية او توتيرية من أي نوع كانت». وبحسب المعلومات، فإنّ ثنائي «حركة «امل» و»حزب الله» عبّرا عن حرصهما على السلم الأهلي، وليسا معنيَّين بأيّ تحرّك من شأنه أن يمسّ به، وهما اصلاً ليسا في هذا الوارد». بدوره، أكّد مرجع سياسي لـ«الجمهورية»، أنّ السلم الأهلي خط أحمر، وانّه يرفض أي تحرّكات في الشارع. وخصوصاً انّ «التجربة مع الشارع دلّت اننا نكون بشارع فنصبح بشوارع خارجة عن السيطرة». وحذّر المرجع عينه من «فتنة يُعمل لها من جهات تريد تخريب البلد»، وقال: «هناك من يريد الفتنة بين الشيعة والمسيحيين، وهناك من يريد الفتنة بين السنّة والشيعة، هذا واقع يجعلني أخشى أن اقول بأنّهم لا يريدون السلاح بقدر ما يريدون استهداف الشيعة بصورة عامة. كل ذلك، يجعلنا نتمسك بثوابتنا اكثر، وبحرصنا على لبنان وسلمه الاهلي اكثر، وبالتالي نحن لن نكون طرفاً في أي فتنة، بل سنواجهها ونمنعها، ولعن الله من يوقظها، فليفعلوا ما يشاؤون، وليمعنوا في الاستفزاز قدر ما يريدون، ولن ننجرّ إلى حيث يريدون أن يأخذونا. وللجميع نقول حذارِ الإنجرار إلى الفتنة ، والمطلوب هو التروّي وعدم الانفعال وتجنّب ما يحقق للخبثاء ما يريدونه». ورداً على سؤال قال المرجع السياسي: «نحن ممثلون في الحكومة، ولن نغادر الحكومة بل سنبقى فيها، ووزراؤنا، لن يستقيلوا، فقد مارسوا حقهم الطبيعي في الإنسحاب من جلسة مجلس الوزراء احتجاجاً على أمر ضدّ مصلحة البلد، وموقفهم ثابت حياله. اما في ما خصّ الامور الأخرى فسيكملون مهامهم بصورة طبيعية». وعمّا إذا كانت ظروف ما او تطورات تفرض مواجهتها بأبعد من خطوة الانسحاب من جلسة مجلس الوزراء، أي إلى تعليق المشاركة في الجلسات او الاستقالة من الحكومة، اكتفى المرجع السياسي بالقول: «لا تستعجلوا الظروف والتطورات، ودعونا الآن في ما نحن فيه، الوزراء انسحبوا من الجلسة وليس من الحكومة». وعمّا إذا كان الباب ما زال مفتوحاً على حلول تخفف من وطأة الأزمة قال: «مفتاح الحلّ في يدهم وليس في يدنا. قلنا لهم انّ ما تُقدمون عليه أمر خطير جداً، قلنا لهم صحّحوا، فلم يفعلوا، فهل نقبل بذلك، لا. كل الأعراف والمواثيق الدولية والوطنية والأخلاقية والإنسانية تعطي الحق بالمقاومة والدفاع عن البلاد التي يُعتدى عليها، فكيف أجرّد نفسي من قوتي، وكيف أسحب السلاح والعدو يهدّدني، ويحتل أرضي وفوق رأسي ويستبيح سيادتي بالعدوان اليومي والاغتيالات على امتداد لبنان؟ وكيف أوافق على ورقة حلّ أميركي تطلب مني كل شيء ولا تجرؤ على أن تأخذ شيئاً من إسرائيل أو تلزمها بوقف العدوان؟ الجواب لا ننتظره من الخارج فهو يعبّر عن نفسه في الورقة الأميركية، بل ننتظره من شركائنا في الداخل».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store