
موسم الأزمات الفنية في مصر بين شائعات مُغرضة وحقائق مؤكدة
وبعد انتهاء هوجة حفل ختام المسرح القومي بأيام قليلة بدأ الحديث عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن اتهام فنانة مشهورة بالمتاجرة في الأعضاء البشرية، وهو ما مثل صدمة للرأي العام المصري مازالت أصداؤها القوية مستمرة إلى الآن برغم محاولات تلك الفنانة نفي التهمة عن نفسها وقيامها بمخاطبة جمهورها عبر صفحتها الرسمية بالفيسبوك، وهي في حالة نفسية مضطربة ويبدو عليها الحزن الشديد والارتباك لورود اسمها في جريمة من هذا النوع ولو من باب الاشتباه فقط.
القضية الثالثة والتي شغلت آلاف المُحبين والمُعجبين بالمطربة أنغام، هي قصة مرضها العُضال واحتجازها في المستشفى لفترة طويلة خارج البلاد، ولأنها تتمتع بقدر كبير من الشعبية ولها جمهور يمتد من المحيط إلى الخليج، فقد ظل الكثير في حالة ترقب ومتابعة آملين وراجين من الله أن تتحسن حالتها وتعود إلى أرض الوطن وهي في كامل صحتها وعافيتها.
وبنفس الدرجة من الاهتمام تابع الناشطون على السوشيال ميديا ردود أفعال نقيب الموسيقيين مصطفى كامل إزاء مرض الفنانة العضو بالنقابة، واستنكر بعضهم تصريحاته التي ذكر فيها أنه حاول الاتصال تليفونياً بأنغام أكثر من مرة ولكنها لم ترد، ولهذا فلم يُكرر الاتصال لأنه لا يقبل بالتجاهل وعدم الاعتناء على أي مستوى.
وقد جلب هذا التصريح لنقيب الموسيقيين موجة عارمة من النقد الحاد وصلت إلى حد اتهامه بعدم التوفيق في التعامل مع الموقف، وبعده عن الصواب في مواجهة أزمة الفنانة المرضية وهي في حالة عصيبة لا تُمكنها بالطبع من الرد على أي اتصال من أي شخص مهما كان اعتباره.
وتأتي وفاة الفنان لطفي لبيب لتضع العديد من علامات الاستفهام حول إدعاء بعض الشخصيات بأن وفاة الفنان الراحل لم يكن لها صدىً قوياً يتناسب مع تاريخه الفني وحجم جماهيريته، في إشارة خبيثة لوجود تفرقة عنصرية داخل الوسط الفني والثقافي بين الفنان المسلم والفنان غير المسلم، وهو اجتراء على الحقيقة بكل المقاييس لأن خبر وفاة الفنان الكبير لطفي لبيب كان مؤلماً للجميع، وقد تناقلته وسائل الإعلام الرسمية على نطاق واسع وامتلأت صفحات الفيسبوك بالعديد من عبارات الرثاء والعزاء وانتشرت صور الفنان على جميع المواقع وهو في مراحل مُختلفة من عمره.
فضلاً عن أن هناك من تحدث باهتمام بالغ عن فترة وجوده في الخدمة العسكرية واشتراكه كمقاتل في حرب أكتوبر 73 وهو ما ينفي بالكلية ما ورد في كتابات البعض عن مزاعم العنصرية والتفرقة بين فئات الفنانين والنجوم على أساس الدين والعقيدة أو غير ذلك من الإدعاءات الباطلة.
وما ينفي عن الوسط الفني المصري هذا الافتراء الكاذب ردود الأفعال الشعبية القوية التي صاحبت وفاة الموسيقي والمُلحن اللبناني الكبير زياد رحباني في توقيت متزامن مع وفاة لطفي لبيب، حيث خصصت أغلب الفضائيات والمحطات الإذاعية المصرية فترات مطولة من إرسالها لاستعراض تاريخ الفنان الكبير ومسيرته مع تحليلات عميقة لبعض أعماله الإبداعية، سواء التي أبدعها مع والدته المطربة العربية الكبيرة فيروز أو مع غيرها. فعلى مدى ثلاثة أيام وأكثر ظلت المادة الفنية الخاصة بزياد رحباني ومشواره في صدارة المشهد الثقافي والإعلامي على مدار الساعة.
وربما فرض تزامن موعد الوفاة بين الفنانين الكبيرين، المصري لطفي لبيب واللبناني زياد رحباني، توزيع مساحات التغطية للحدثين على فترات متقطعة، وهو ما أكد حرص الإعلام المصري والجمهور العربي كله على متابعة كل ما تم عرضه بالفضائيات وكان له صلة بمسيرة الفقيدين العربيين بدون الالتفات لمسألة الديانة أو العرق فكلاهما عربي وهذا يكفي.
وفي سياق آخر ألقت أزمة قانون الإيجار القديم الذي تم تعديله مؤخراً بظلالها على الوسط الفني أيضاً، حيث أعرب عدد من الفنانين والفنانات عن تضررهم من التعديلات التي أدخلت على القانون وكان أبرز هؤلاء الفنانة نبيلة عبيد التي ما تزال تقطن في شقة بالإيجار في حي المهندسين.
وقد أوضح رئيس الوزراء أن هناك إجراءات خاصة ستتخذها الدولة حيال بعض الحالات الخاصة لسكن الفنانين والنجوم، خاصة الأماكن السكنية التي تأخذ طابعاً أثرياً، مؤكداً حسب ما نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي وتم تداوله بمختلف الصفحات، حرص الدولة الكامل على عدم الإضرار أو المساس بواقع الفنانين والنجوم المصريين ومستقبلهم في المراحل المُقبلة من حياتهم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 10 ساعات
- العربي الجديد
وداعاً دستويفسكي العالم العربي
لقب "دوستويفسكي العرب" أضفاه يوسف إدريس على صنع الله إبراهيم، وهو يكتب مقدّمة المجموعة القصصية "تلك الرائحة"، أول ما وقعت بين يديّ من كتابات صنع الله، ويسرد فيها صفحات سنوات سجنه. كان ذلك في أواخر الثمانينيّات في فترة الثانوية العامّة، حين وجد القاصّ الملقب "تشيخوف العرب" العالم العربي، ما ينمّ عن موهبةٍ كبيرة، وهو ما ذكره بالتفصيل في مقدمته الطويلة. وحين سافرتُ إلى المغرب للدراسة صار صنع الله ينشر بعض رواياته في حلقاتٍ في صحيفة الاتحاد الاشتراكي، وكان من أبرزها "ذات". حين توفّي الكاتب المغربي محمد شكري، كتب الشاعر التونسي ناجي الخشناوي مقالاً عنه، جاء فيه: "رحل كاتبٌ عاش وكتب ضدّ الأدب"، وهنا يرمز إلى الأدب بمعناه الاجتماعي. صنع الله إبراهيم في هذا السياق، ومن دون البحث كثيراً عن مقابل هذه الكلمة، كاتب عاش وكتب مع الأدب الملتزم، بمعناه السارتري. لم تكن الكتابة بالنسبة إليه لحظة استرخاء، بل شغل شاغلٍ وعملٌ طويلٌ يسبق السطر الأول، وكان يستحقّ جائزة نوبل للآداب عن جدارة، ليس لأنه مؤثّر فقط، إنما أيضاً لأن إبداعه ناجمٌ عن اشتغالٍ شاقّ وحمّى وسهر واعتكاف وعزلة، تستمرّ أحياناً عشر سنوات. إلى جانب استخدامه تقنيات عديدة للاستفادة من التاريخ أدبياً، ومن عطايا الصحافة والأرشيف. اعتكف واجتهد ونبش وغاب، ليُخرج لنا رواياتٍ تحدث أصداء واسعة لا مثيل لها، كما حدث مع روايته الأشهر "اللجنة"، التي جُسّدت في المسرح، كما في مصر في مسرحية من أبطالها نور الشريف، وفي أخرى في المغرب حملت الاسم نفسه، كان من نجومها ثريا جبران، كما حوّلها فنّان القصص المصوّرة، الفرنسي والصحافي في صحيفة لوموند، توماس أزويلوس، روايةً مصوّرة (الحديث هنا عن عمل واحد من أعماله). التاريخ والماضي عند صنع الله يظهر حيّاً مَعِيشاً، يشارك القارئ في صنع ديمومة الإحساس به، كما حدث مع رواية "وردة"، وهو أحد ثلاثة مصريين، كتبوا رواياتٍ عن عُمان، إبراهيم عبد المجيد في "شهد القلعة"، وإبراهيم فرغلي في "كهف الفراشات". ورواية "وردة"، وإن كان هدفها التاريخ السياسي تاريخ ثورة ظفار تحديداً، إلا أن حركتها منذ البداية آنية، أشبه بأسلوب الرحلات أو السير الذاتية، حين يحلّ مسافر على مطار مسقط، ينتظره هناك سائق. وانطلاقاً من تلك اللحظة، يبدأ بوصف ما سيراه من صمت وعتمة وتوجّس وغرابة. وكانت هذه الزيارة بدعوة للإقامة من وزير الإعلام العُماني السابق، عبد العزيز الرواس، الذي أطلع الكاتب أيضاً على كلّ ما سأل عنه من أرشيف ثورة ظفار. لبّى صنع الله هذه الدعوة إذن، وفي ذهنه كتابة رواية لا تبتعد عن انشغالاته، سواء الإبداعية أو السياسية اليسارية، وهو يدمج الأرشيف بالمتخيّل. وقد كان في أثناء إقامته في مسقط حريصاً على لقاء الناس، خصوصاً الكتّاب، لأنه يلتفت إلى جميع التفاصيل. حين عاد إلى القاهرة، تذكّر أنه نسي أن يصوّر أمراً قد يبدو ساذجاً، وهو قائمة طعام في مطعم مرّ عليه في أثناء رحلته، وقد ألحّ في طلبه والاتصال بمن عرفهم من الكتّاب العُمانيين، ولم يهدأ له بال حتى تواصل معه. تُبنى روايات صنع الله على استدعاء التاريخ، ولكن ليس استدعاءً فلوكلورياً بارداً تعليمياً، إنما استدعاء مدموج بتعقيدات الحاضر ومتاهاته. ويجعل هذا الأسلوب من التاريخ نابضاً بالحياة، وقابلاً للعيش في مختلف الأزمان. كما أنه لا يحشُر الذاكرة السياسية في قالبها المؤدلج، إنما يفتحها على فضاء العلاقات والحبّ والطفولة، كما فعل في رواية "وردة"، حين سافر إلى عُمان، وكما فعل مع رواية "برلين 69" حين سافر إلى ألمانيا، فيمتزج السياحي بالتاريخي امتزاجاً مربوطاً بانزياحات الخيال الذي يرتّب الأحداث ترتيباً واقعياً أو قريباً من الواقع. يُكمل يوسف إدريس حديثه الطويل عن الكتاب الأول لصنع الله إبراهيم: ""تلك الرائحة" ليست مجرّد قصّة، ولكنّها ثورة، وأولها ثورة فنّان على نفسه، وهي ليست نهاية، ولكنّها بداية أصيلة لموهبة أصيلة، بداية فيها كلّ مميّزات البداية، ولكنّها تكاد تخلو من عيوب البدايات، لأنها أيضاً موهبةٌ ناضجة".


العربي الجديد
منذ يوم واحد
- العربي الجديد
"طلع إبليس بحب الله".. عن الانتحار وشرور أخرى
لما قال الله للملائكة: "إني جاعل في الأرض خليفة"، قالوا: "نحن نسبح بحمدك ونقدّس لك". وعندما أمرهم بالسجود لآدم، سجدوا جميعاً إلا إبليس؛ أبى واستكبر. ولماذا؟ لأنه ـ كما تقول الجملة الساخرة ـ "طلع إبليس بحب الله". بهذه العبارة، قدّم المخرج محمد الدايخ والممثلان حسين قاووق وحسين الدايخ مسرحيتهم "طلع إبليس بحب الله" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فاتحين الباب أمام جمهورهم لدخول لعبة فكرية تمزج الدين بالفلسفة والكوميديا السوداء. المسرحية التي بدأت عروضها في السابع من الشهر الجاري، على خشبة مسرح البوليفار، وتعرض أيام 21، و22، و23 منه، تفتح الستارة على فضاء ضيق يضغط على الجسد والروح معاً: جدران نصفها خشب مهترئ ونصفها جص متشقق، وورق حائط أزرق فاتح يلصق بالخشب، فيما شمعدان حائطي يحمل لمبتين شاحبتين لا تكادان تنيران المكان. إلى اليمين، مطبخ صغير بحوض معدني صدئ وبعض الأطباق المبعثرة، ورف خشبي مائل يحمل كتباً وأواني قديمة. إلى اليسار، أريكة رمادية متآكلة، وطاولة قهوة عليها فنجان شاي نصف ممتلئ، وتحتها مجلات مبعثرة، بينما تظهر حقيبة سوداء شبه مغلقة على كرسي جانبي، وكأنها في انتظار مغادرة أو وصول شخص. لعبة فكرية تمزج الدين بالفلسفة والكوميديا السوداء وسط هذا الفضاء يقف إسماعيل (حسين قاووق)، بشعره الكثيف ولحيته غير المشذبة، مرتدياً سترة بنية فضفاضة عليها رقع، وقميصاً رمادياً وبنطالاً داكناً. يمسك السماعة الأرضية بيد ويرفع إصبعه الأخرى، وكأنه يصرخ في محكمة خفية: "أنا كيف بدي عيش طبيعي؟ أنا ولا مرة عشت طبيعي". هذا الجزء الأول يمتد على شكل مونودراما، حيث يعكس النص صراع إسماعيل الداخلي، مرارة حياته، وخيباته اليومية، مع لمسات من الكوميديا السوداء التي لا تهدف إلى الهروب من مأساة الانتحار، بل تعمل كفخ فلسفي: فالضحك يمهّد للجمهور للانغماس في الأسئلة الكبرى، فيجد نفسه أمام مرآة قاسية تعكس هشاشة إيمانه بعدالة العالم وهشاشة التعريفات الجاهزة للخير والشر، للطاعة والتمرد. تتغير الأحداث بدخول شخصية غامضة (حسين الدايخ)، يظن إسماعيل في البداية أنها ملاك من حي اللجا أرسلته السماء، لكن الحوار يكشف تدريجياً أنه ليس ملاكاً، بل إبليس في صورة مغايرة؛ كائن أحب الله ورفض الطاعة العمياء، معتبراً أن الطاعة لا تعني الحب الحقيقي. وفي تطوّر لاحق، يتضح أن هذا الشخص هو صاحب المنزل، ما يضيف بعداً كوميدياً وفلسفياً إلى سوء التفاهم. يتحول النص بعدها من مونودراما إلى حوار ثنائي مكثف بين إسماعيل و"الملاك/إبليس"، يتناولان موضوعات كبرى: الخلق، العدالة، الشر، الطاعة، التمرد، الانتحار، بأسلوب يمزج الواقعية اليومية بالرمزية الغامضة. مونولوج إسماعيل عن جنازته في قريته يعكس نفاق المجتمع والدين، بينما مشهد المواجهة النهائية يترك سؤالاً مفتوحاً حول من يحمل الشر الحقيقي: المتمرّد أم المطيع؟ تُقرأ المسرحية أيضاً في سياق الأزمة اللبنانية الراهنة؛ فالفقر والفوضى وانسداد الأفق موضوعات حاضرة على خشبة المسرح كما في الشارع. إسماعيل ليس فرداً معزولاً فقط، بل صورة مكبرة لمواطن يواجه خيباته اليومية، يساوم على كرامته، ويحلم بخلاص قد لا يأتي، سواء من الأرض أو من السماء. الذروة الفلسفية في العمل هي إعادة تعريف التمرد بوصفه أقصى درجات الحب، حيث لا يعني الحب الخضوع، بل التمسك بالمطلق مهما كان الثمن. المسرحية مستلهمة من تجربة سابقة للدايخ بعنوان "عم بيقولوا إسماعيل انتحر" (2019)، لكنها تقدّم النص برؤية أعمق بصرياً وفلسفياً. النمط المسرحي يميل إلى الواقعية السحرية، حيث تمتزج التفاصيل اليومية بالرمزية الغامضة، مع ديكور يروي هوية ساكنه: لوحات كارافاجيو، كتب، كاسيتات، وأيقونة "خلق آدم" لمايكل أنجلو، كلها تلمح إلى جدل الخلق والشر. ورغم انطلاق العمل من بيئة لبنانية خاصة، إلا أنه يلتقي مع تيار عربي أوسع تناول الانتحار بوصفه موضوعاً مسرحياً. في سورية، قدّم سمير عثمان عرض "المنتحر" (2017) للكاتب الروسي نيكولاي إيردمن، على خشبة مسرح الحمراء، ترجمة وإخراج سمير عثمان الباش، واستمر عرضه عشرة أيام. وفي العام نفسه، جاء جمال شقير بـ"ستاتيكو" عن واقع الإنسان السوري المحاصر بالقسوة والخراب، حيث يدفع الإحباط والقهر الشخصية الرئيسية لتسجيل شريط انتحار معلناً براءته من البشرية. أما في المغرب، فقد شدّت مسرحية "انتحار على حافة العشق" (فرقة محترف أدونيس) جمهور مكناس عبر معالجة رمزية للتيه الوجودي العربي وصراعات الذات أمام واقع قومي مأزوم. مع إسدال الستارة، يغادر الجمهور حاملاً سؤالاً جوهرياً: إذا كان إبليس قد رفض السجود حباً بالله، فبأي دافع نطيعه نحن؟ الخوف؟ الطمع؟ العادة؟ وهل الانتحار، في زمن أصبح البقاء فيه ضرباً من التعذيب، هو فعل موت أم حياة مؤجلة؟ آداب التحديثات الحية بطلات غير جميلات لروايات ناجحة


القدس العربي
منذ يوم واحد
- القدس العربي
موسم الأزمات الفنية في مصر بين شائعات مُغرضة وحقائق مؤكدة
خلال الفترة القصيرة الماضية أشارت بعض الظواهر في الوسط الفني إلى وجود حالة من عدم الانسجام العام، نظراً لتوالي عدد من المُشكلات كان أولها احتجاج الفنان محي إسماعيل على شكل وطبيعة تكريمه بمهرجان المسرح القومي الذي يترأسه الفنان محمد رياض. فقد عبر محي عن استيائه من طريقة التكريم واختصار مسيرته الفنية في مراسم شكلية واعتراف رمزي بقيمته وتاريخه الفني، ما أثار حفيظة القائمين على المهرجان ودعاهم للدفاع عن الفعاليات الرسمية والرد على الفنان في محاولة للتبرير وتقديم أعذار، باعتبار أن القيمة الحقيقية للتكريم هي نوع من التقدير المعنوي وليس بالضرورة وجود حافز مالي يُرضي جميع المكرمين، لاسيما أن إمكانيات المهرجان لا تسمح بما هو فوق طاقته. وبعد انتهاء هوجة حفل ختام المسرح القومي بأيام قليلة بدأ الحديث عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن اتهام فنانة مشهورة بالمتاجرة في الأعضاء البشرية، وهو ما مثل صدمة للرأي العام المصري مازالت أصداؤها القوية مستمرة إلى الآن برغم محاولات تلك الفنانة نفي التهمة عن نفسها وقيامها بمخاطبة جمهورها عبر صفحتها الرسمية بالفيسبوك، وهي في حالة نفسية مضطربة ويبدو عليها الحزن الشديد والارتباك لورود اسمها في جريمة من هذا النوع ولو من باب الاشتباه فقط. القضية الثالثة والتي شغلت آلاف المُحبين والمُعجبين بالمطربة أنغام، هي قصة مرضها العُضال واحتجازها في المستشفى لفترة طويلة خارج البلاد، ولأنها تتمتع بقدر كبير من الشعبية ولها جمهور يمتد من المحيط إلى الخليج، فقد ظل الكثير في حالة ترقب ومتابعة آملين وراجين من الله أن تتحسن حالتها وتعود إلى أرض الوطن وهي في كامل صحتها وعافيتها. وبنفس الدرجة من الاهتمام تابع الناشطون على السوشيال ميديا ردود أفعال نقيب الموسيقيين مصطفى كامل إزاء مرض الفنانة العضو بالنقابة، واستنكر بعضهم تصريحاته التي ذكر فيها أنه حاول الاتصال تليفونياً بأنغام أكثر من مرة ولكنها لم ترد، ولهذا فلم يُكرر الاتصال لأنه لا يقبل بالتجاهل وعدم الاعتناء على أي مستوى. وقد جلب هذا التصريح لنقيب الموسيقيين موجة عارمة من النقد الحاد وصلت إلى حد اتهامه بعدم التوفيق في التعامل مع الموقف، وبعده عن الصواب في مواجهة أزمة الفنانة المرضية وهي في حالة عصيبة لا تُمكنها بالطبع من الرد على أي اتصال من أي شخص مهما كان اعتباره. وتأتي وفاة الفنان لطفي لبيب لتضع العديد من علامات الاستفهام حول إدعاء بعض الشخصيات بأن وفاة الفنان الراحل لم يكن لها صدىً قوياً يتناسب مع تاريخه الفني وحجم جماهيريته، في إشارة خبيثة لوجود تفرقة عنصرية داخل الوسط الفني والثقافي بين الفنان المسلم والفنان غير المسلم، وهو اجتراء على الحقيقة بكل المقاييس لأن خبر وفاة الفنان الكبير لطفي لبيب كان مؤلماً للجميع، وقد تناقلته وسائل الإعلام الرسمية على نطاق واسع وامتلأت صفحات الفيسبوك بالعديد من عبارات الرثاء والعزاء وانتشرت صور الفنان على جميع المواقع وهو في مراحل مُختلفة من عمره. فضلاً عن أن هناك من تحدث باهتمام بالغ عن فترة وجوده في الخدمة العسكرية واشتراكه كمقاتل في حرب أكتوبر 73 وهو ما ينفي بالكلية ما ورد في كتابات البعض عن مزاعم العنصرية والتفرقة بين فئات الفنانين والنجوم على أساس الدين والعقيدة أو غير ذلك من الإدعاءات الباطلة. وما ينفي عن الوسط الفني المصري هذا الافتراء الكاذب ردود الأفعال الشعبية القوية التي صاحبت وفاة الموسيقي والمُلحن اللبناني الكبير زياد رحباني في توقيت متزامن مع وفاة لطفي لبيب، حيث خصصت أغلب الفضائيات والمحطات الإذاعية المصرية فترات مطولة من إرسالها لاستعراض تاريخ الفنان الكبير ومسيرته مع تحليلات عميقة لبعض أعماله الإبداعية، سواء التي أبدعها مع والدته المطربة العربية الكبيرة فيروز أو مع غيرها. فعلى مدى ثلاثة أيام وأكثر ظلت المادة الفنية الخاصة بزياد رحباني ومشواره في صدارة المشهد الثقافي والإعلامي على مدار الساعة. وربما فرض تزامن موعد الوفاة بين الفنانين الكبيرين، المصري لطفي لبيب واللبناني زياد رحباني، توزيع مساحات التغطية للحدثين على فترات متقطعة، وهو ما أكد حرص الإعلام المصري والجمهور العربي كله على متابعة كل ما تم عرضه بالفضائيات وكان له صلة بمسيرة الفقيدين العربيين بدون الالتفات لمسألة الديانة أو العرق فكلاهما عربي وهذا يكفي. وفي سياق آخر ألقت أزمة قانون الإيجار القديم الذي تم تعديله مؤخراً بظلالها على الوسط الفني أيضاً، حيث أعرب عدد من الفنانين والفنانات عن تضررهم من التعديلات التي أدخلت على القانون وكان أبرز هؤلاء الفنانة نبيلة عبيد التي ما تزال تقطن في شقة بالإيجار في حي المهندسين. وقد أوضح رئيس الوزراء أن هناك إجراءات خاصة ستتخذها الدولة حيال بعض الحالات الخاصة لسكن الفنانين والنجوم، خاصة الأماكن السكنية التي تأخذ طابعاً أثرياً، مؤكداً حسب ما نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي وتم تداوله بمختلف الصفحات، حرص الدولة الكامل على عدم الإضرار أو المساس بواقع الفنانين والنجوم المصريين ومستقبلهم في المراحل المُقبلة من حياتهم.