
سيف الله المسلول، أسرار عبقرية خالد بن الوليد الحربية في "أزمة مالك بن نويرة"
خالد بن الوليد، رضي الله عنه، هو أعظم عقلية عسكرية، وأخطر عبقرية حربية عرفها التاريخ.. اكتشف رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، مواهبه الفذة في الجندية، والقتال، وأطلق عليه "سيف الله المسلول"، رغم أنه كان عائدا من معركة انهزم فيها جيش المسلمين، وعير الناس الجنود العائرين، آنذاك، بأنهم "فرَّار"، فرد عليهم، صلى الله عليه وآله وسلم: قائلا: "بل الكُرّار إن شاء الله".
خاض خالد بعدها أكثر من 100 معركة أمام قوات متفوقة عدديًا من الروم والفرس وحلفائهم، ولم ينهزم قط.
وقال عنه الجنرال الألماني "فون درجولتيس"، أحد أبرز قادة الحرب العالمية الأولى، وصاحب كتاب "الأمة المسلحة": "إنه أستاذي في فن الحرب".
في الحلقات التالية نستعرض جوانب العبقرية الحربية، وأسرارها عند خالد بن الوليد.
خالد قائدًا لحروب الرِدَّة
برز خالد بن الوليد في حروب الرِّدَّة كقائدٍ محترفٍ ومقاتل شجاع، مارس عمليا مهام القائد العام، واستطاع بفضل الخطط العسكرية المبتكرة والمداهمات الصاعقة التي نفَّذها ضدَّ المرتدين أن يُحقِّق النجاح المطلوب في مهمَّته الصعبة؛ ففي أقلِّ من عامٍ كانت لديه القدرة على قمع حركة الرِدَّة وتصفية جيوب التمرُّد في كافَّة أنحاء الجزيرة العربية.
معركة "النقرة"
وقعت معركة "النقرة" (يقع على طريق القصيم المدينة المنورة القديم) في رجب 12 هجرية، بين جيوش المتمردين، وجيش خالد بن الوليد خلال حروب الردة.
بعد هزيمة طليحة في معركة بزاخة، بقيَت قبيلة بني سليم، بقيادة عمرو بن عبد العزيز، الملقب بـ "أبو شجرة"، متحديةً للقوات المعارضة بقيادة خالد بن الوليد.
نظم كُلٌّ من خالد بن الوليد وأبو شجرة جيشه في النقرة، واندلعت المعركة حيث أبدى بني سليم مقاومة عنيدة. ومع احتدام المعركة، اكتسبت القوات الإسلامية اليد العليا بثبات حتى هُزِمَت قوات المتمردين، وأُسِر وسُجِن زعيمهم أبو شجرة.
ومن المعارك التي خاضها خالد، معركة غمرة وهي معركة دارت بين المسلمين وجيش البزاخة المتبقين من معركة بزاخة، على بُعد 20 ميلًا من بزاخة. وكانت النتيجة نصرًا حاسمًا للمسلمين.
قصة "أم زٍمل"
أما تفاصيل قصة "أم زٍمل" فهي سلمى بنت مالك بن حذيفة بن بدر الفزارية، وهي ابنة عم عيينة بن حصن.
وأمها هي "أم قرفة" فاطمة بنت ربيعة، قتلها زيد بن حارثة في سريته إلى بني فزارة؛ لتحريضها بني قومها على قتال المسلمين، وكانت الابنة "سلمى" قد سُبِيَت، فأعتقتها السيدة عائشة.
أثار مقتل "أم قرفة" على أيدي جند المسلمين، حزن وحنق ابنتها "أم زمل" على المسلمين، فكانت تحرض بني قومها على الثأر لأمها.
وبعد أن انتصر خالد على طليحة بن خويلد الأسدي في يوم بزاخة، تجمّع عندها من فر من غطفان في "ظفر"، فأخذت تحرضهم على قتال المسلمين.
واجتمعت أعداد كثيرة ممن فروا يوم بزاخة من أصحاب طليحة من بني غطفان، فاجتمعوا إلى "أم زمل" سلمى، فلما اجتمعوا إليها حثتهم على قتال خالد، فتحمسوا لذلك، وانضم إليهم آخرون من بني سليم وطيء وهوازن وأسد، فصاروا جيشا كثيفا، واستفحل أمر هذه المرأة.
فلما سمع بهم خالد بن الوليد سار إليهم، واقتتلوا قتالا شديدا وهي راكبة على جمل أمها الذي كان يقال له: من يمس جملها فله مائة من الإبل وذلك لعزها، فهزمهم خالد وعقر جملها وقتلها، وبعث بالفتح إلى أبو بكر الصديق.
مالك بن نويرة
كان مالك بن نويرة اليربوعي التميمي فارسا شجاعا مطاعا في قومه وفيه خيلاء، كان يقال له "الجفول" (لكثافة شعره وطوله).
قدِم على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأسلم فعينه مسئولا عن استلام الصدقات والزكاة من قومه، ثم ارتد بعد انتقال سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم.
في البداية، واستعدادا للمواجهة مع جيش المسلمين، عسكر مالك بن نويرة وأتباعه المرتدين عن الإسلام في "البُطاح" (في الشمال الشرقي للجزيرة العربية).
وعقد خالد بن الوليد العزم على المسير إلى البُطَاح لملاقاة مالك وأتباعه.
فلما وصل إلى ديارهم لم يجد أحدًا. فكان فرار بني تميم من البُطَاح، فلاحقهم الجيش الإسلامي، وبث خالد سرايا لمطاردة بني تميم، فتمكنت من اللحاق بمالك وإحضاره بين يدي خالد هو ومن معه ووافقه من قومه، وأمر خالد بحبسهم.
وصية الصديق
كانت وصية أبي بكر الصديق: أن يؤذنوا إذا نزلوا منزلًا؛ فإن أذَّن القومُ، فكفوا عنهم، وإن لم يَؤذنوا فقاتلوهم، وإن أجابوكم إلى الإسلام، فاسألوهم عن الزكاة، فإن أقروا، فاقبلوا منهم، وإن أبوا فقاتلوهم.
عندما وصل خالد، بثَّ سراياه وأمرهم بتنفيذ وصيَّة أبي بكر، فجاءته الخيل بمالك بن نويرة، مع نفرٍ من أصحابه، فاختلف أفراد السرية فيهم، فشهدت فئةٌ منهم، بأنَّهم أذَّنوا، وأقاموا، وصلُّوا، وأقرُّوا بالزكاة، وكان من بينهم أبو قتادة الأنصاري.
في حين شهدت فئةٌ أخرى، بأنَّهم استمرُّوا على ردَّتهم.
فلمَّا حدث الاختلاف، أمر خالد بسجنهم حتى الصباح ليحكم في الأمر، وكانت ليلةٌ باردةٌ فلما انقضى جزء من الليل، يقال إن خالدا أشفق عليهم من البرد، فأمر مناديًا: "أدفئوا أسراكم".
وكان معنى العبارة في لغة كنانة (أشهر لهجات العرب) "القتل"، ولمـَّا كان الحرس من "كنانة" قتلوا الأسرى، ومنهم مالك، الذي قتله ضرارُ بن الأزور.
وسمع خالد الضجَّة فخرج، وقد فرغوا منهم، فقال: 'إذا أراد الله أمرًا أصابه'، وتزوج خالد أم تميم امرأة مالك.
رواية أخرى
وقيل أيضا: إن أمراء بنى تميم استقبلوا خالدا بالسمع والطاعة، وقدموا الزكوات، إلا أن مالك بن نويرة بدا متحيرا في أمره، منعزلا عن الناس، فجاءته السرايا فأسروه وأسروا معه أصحابه، واختلفت السرية فيهم، فشهد أبو قتادة (الحرث بن ربعي الأنصاري) أنهم أقاموا الصلاة، وقال آخرون: إنهم لم يؤذنوا ولا صلوا.
ثم استدعى خالد مالك بن نويرة فأنَّبه على ما صدر منه من متابعة سجاح (امرأة ادعت النبوة)، وعلى منعه الزكاة، وقال: ألم تعلم أنها قرينة الصلاة؟ فقال مالك: إن صاحبكم كان يزعم ذلك، فقال: أهو صاحبنا وليس بصاحبك؟! يا ضرار اضرب عنقه، فضُربت عنقه. ثم تزوج خالد بأرملة مالك.
وأبدى أبو قتادة رأيه، وأيده عبد الله بن عمر، مع خالد فيما صنع، واختلفا بشدة في ذلك حتى ذهب أبو قتادة فشكاه إلى الصديق، وتكلم عمر مع أبى قتادة في خالد، وقال للصديق: "اعزله فإن في سيفه رهقا".
فلما قدِم خالد إلى المدينة، ثار عمر بن الخطاب في وجهه، وصاح: يا عدو الله قتلت امرأ مسلما ثم نزوت على امرأته، لأرجمنك.
وقال عمر: يا أبا بكر إنَّ في سيف خالد رهقا، وإن هذا لم يكن حقا، فإن حقا عليك أن تقيده، فقال أبو بكر لا أشيم (أنزع) سيفا سله الله على الكفار.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


24 القاهرة
منذ ساعة واحدة
- 24 القاهرة
هل أضحي أم أساعد ابنتي المحتاجة؟.. أمين الفتوى يجيب
أجاب الشيخ أحمد عبد العظيم، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال سيدة أرملة تبلغ من العمر 58 عامًا، قالت فيه: أنا بعمل جمعية من معاش جوزي علشان أشتري أضحية، لكن بنتي بتمر بضائقة مالية، هل لو ساعدتها بالفلوس بدل ما أشتري الأضحية يكون عليّ ذنب؟ هل أضحي أم أساعد ابنتي المحتاجة؟ وأكد أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في تصريحات تليفزيونية، اليوم السبت، أنه لا إثم مطلقًا إذا قررت توجيه المال لمساعدة ابنتها بدلًا من شراء الأضحية، مشددًا على أن الأضحية في رأي جمهور الفقهاء سنة مؤكدة، يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها. وأضاف: إذا كانت الابنة في حاجة ماسة، فإن مساعدتها تُعد أولى من أداء السنة، بل ويُرجى للسائلة الأجر والثواب عند الله، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا، فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. الإفتاء: لا يُطلب شرعًا من الحاج أداء صلاة عيد الأضحى الإفتاء: يجوز خلع لباس الإحرام وتغييره خلال الإحرام ولا حرج في ذلك وشدد أمين الفتوى على أهمية ترتيب الأولويات الشرعية، موضحًا أن رفع المعاناة عن محتاج –خاصة إن كانت ابنتك– يُقدَّم على شعائر يُثاب عليها الإنسان ولكن لا يُؤثم على تركها، مثل الأضحية. وأكد أن الإسلام دين رحمة وموازنة، ويراعي ظروف الإنسان واحتياجات أسرته، داعيًا إلى التراحم والتكافل، خاصة في الأوقات الصعبة.


الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
محمد الشاذلى يكتب: صلاة متأخرة
بعد أربعة وثلاثين عامًا من وفاة جدة أمى قدت سيارتى مرشدًا رتلًا من سيارات العائلة فى طريق المقابر للصلاة على روح الجدة عزيزة التى نسى الجميع الصلاة على جسدها يوم وفاتها. لم تكن عزيزة التى وصلت على أحد المراكب من الأستانة إلى الإسكندرية نهاية القرن قبل الماضى فى العام ١٨٩٩ سوى طفلة صغيرة حكت لنا نحن أحفاد ابنتها الوحيدة نفيسة والذين نسوا الصلاة على جسدها قبل الدفن أن أباها حملها على كتفيه لكى تتمكن من رؤية أرض الميناء لتتوقف عن البكاء والرعب من خمسة أيام فى البحر سمعت خلالها الكثير من الصراخ والدعاء، ولولا أن الله كتب لها النجاة ما كانت رأت مصر، وما كانت هذه العائلة. كان الأب الذى ترك السلطنة ليعمل جزارًا فى سلخانة بالإسكندرية يهرب من مطاردة ذكرى زوجته التى ماتت شابة، ولكنه لم يستغرق طويلًا فى أحزانه، وتزوج من سكندرية أرملة مثله، ولديها ثلاث بنات، ومارست زوجة الأب ضغطًا منظمًا حتى زوجت عزيزة من جزار من القاهرة قبل أن تعرف الطمث بعامين كاملين. وكانت جدتى تهز رأسها وتميل به من النشوة، وهى تتذكر أن ذلك لم يكن وراءه من دافع سوى إزاحتها من الإسكندرية بسبب جمالها اللافت الذى رأت زوجة الأب أنه سيحول حياة بناتها الثلاث إلى جحيم. لم تكن مسألة الصلاة على جثمانها قبل التوجه للمقابر مطروحة للنقاش وإن كنا نعرف كل على حدة أننا لم نصل عليها مثلما حدث فى وفيات لاحقة. كان سرًا معذبًا، ولكنه داخل قوقعة لا نسمح لأحد باقتحامها، وكنا نجتهد فى إزاحة القلق حول هذه النقطة والذى كان ينتابنا أحيانًا خصوصا فى المناسبات الحزينة. لقد كنا صغارًا لا نعرف شيئًا حتى أننا تسلمنا جثمانها من ثلاجة الموتى فى مستشفى قصر العينى بالبطاقة الشخصية لنبيل أخى الأكبر الذى كان قد تأخر فى استخراجها حتى بلغ الثامنة عشرة، وتصادف أن حصل عليها لأول مرة فى حياته قبل الوفاة بأيام. أما شقيقاتى وأزواجهن فى السيارات الأربع خلفى الآن كن أصغر كثيرًا ليعرفن أى طقوس حتى إننى لا أتذكر أننا بكينا ونحن فى سيارة أجرة على الطريق نفسه، خلف سيارة نقل الموتى دبرها لنا كفاعل خير أحد الأشخاص الواقفين مصادفة أمام الثلاجة، وكان نبيل يعرف الطريق إلى مقبرة العائلة عندما شارك فى دفن أمنا فوزية قبل موت عزيزة بثلاث سنوات. كان الموت محيطًا بنا فى العائلة، وكان أبى سعيد يعمل فى ليبيا بعيدًا عن أرق الليالى فى البيت الذى ضمه رامى لخمسة وعشرين عامًا، ولم نعرف كيف نبلغه خبر وفاة الجدة، وهو عندما عاد فى إجازة لم يسألنا عن شىء فقط عرف ودعا لها بالرحمة. ولم نتحدث معه قط حول تفاصيل ذلك اليوم، ومات من دون أن نجرؤ على الاقتراب من هذه الذكرى التى يبدو أنها كانت تؤرقنا أنا وإخوتى فقط. ولكن جدتى عزيزة كانت تتحدث عن الموت بلا خوف، وأحيانا بمرح شديد، وتقول إنهن جميعًا هناك فى انتظارها، وإنها ربما تأخرت كثيرًا عليهن. وأتذكر الآن أنها كانت تزور المقبرة بانتظام، خصوصًا فى الأعياد، وأحمل معها قفصًا من القش مغطى بقطعة قماش بيضاء وممتلئًا بالجوافة والبلح والشريك، ونقضى يومًا حافلًا وكأننا فى مهرجان للموتى يقيمه الأحياء. كانت تتذكر وحيدتها نفيسة التى تزوجت من جزار آخر على الرغم من محاولات إبعادها عن معارف زوجها وعملائه، ولكن نفيسة التى عملت فى التمريض وقعت فى غرام جدنا صادق خلال احتجازه فى مستشفى الحميات بالعباسية، وتزوجته رغمًا عن عزيزة، لأنها كانت تحبه، ولأن جدنا مصطفى رأى فيه ابن مهنة وجزارًًا أبًا عن جد، متغاضيًا عن كون صادق له زوجة أولى وطفل. وتحكى عزيزة لنا أن نفيسة كانت أجمل منها، وأنه بسبب هذا الجمال اختفت صورتها الوحيدة عندما صممت على الانتقال من مصر القديمة إلى شبرا مصر بعد أن قال لها أحد الشيوخ إن نفيسة ماتت بعد إنجاب فوزية بسب حسد الجارات. وتقول عزيزة إن زوجها مصطفى كان جدًا وأبًا لفوزية، وأنه انصاع لرغبتها فى تغيير الحى الذى لا يعرف غيره احترامًا لمشاعرها، ولكنها غاضبة عليه لأنه زوج أمى فوزية من جزار أيضًا رغم توسلاتها بألا يفعل. كان جدى مصطفى يريد ألا يغلق محل الجزارة أبدًا، خصوصًا أن جدى صادق انزوى بعد موت نفيسة ورفض ترك بيت مصر القديمة وعاش على ذكرى نفيسة، وأمده ابنه من زوجته الأولى بجرامافون وأسطوانات أم كلثوم التى وجد فى سماعها العزاء، وظل ابنه يمده بالجديد من هذه الأسطوانات مع ما يلزمه للعيش، وظل على خدمته حتى وفاته بعد جدتنا عزيزة بسنة واحدة، ولا أعرف إذا كان علم بوفاتها.. قالت لنا الجدة عزيزة إن جدنا مصطفى وجد فى أبى سعيد صبيًا مخلصًا له، وأنه سيصون فوزية والمحل. وربما كان الجد مصطفى بصيرًا، إذ إن أبى سعيد تحمل عدم إنجاب أمى فوزية لعشر سنوات، واستجاب لضغوط عزيزة بالانتقال من شبرا إلى إمبابة، وبناء بيت كبير بعيدًا عن حسد جارات أخريات فى شبرا لجمال فوزية التى كانوا يشيرون إليها بـ«التركية» قبل أن تتحفه بستة أبناء، بواقع طفل كل عامين، ثم ماتت تاركة صغرى شقيقاتى نوال فى الثالثة من عمرها. قالت لنا سلوى الأخت التى تصغرنى مباشرة إن الجدة عزيزة زارتها فى المنام، وإنها كانت شديدة العطش، وإنها ركضت فى البيت الكبير فى إمبابة بحثًا عن كوب ماء والذى سقط من يدها قبل أن تلمسه بشفتيها. ولم يكن تفسير الحلم الذى أصرت سلوى على أنه رؤيا، لأنه سبق أذان الفجر مباشرة سوى أن عزيزة غير مرتاحة فى رقدتها الأبدية بسبب عدم الصلاة على جثمانها، وبدأنا نسأل على استحياء كيف نرد للجدة صلاتها، وهى التى لم تترك فرضًا فى أى يوم حتى أيام مرضها الأخير. لم تكن الجدة عزيزة تستحق الدفن بلا صلاة، فقد قادت بحكمة طوال حياتها عائلة تموت نساؤها الجميلات، بينما الرجال تؤرقهم الذكرى لدرجة لا تحتمل، فيباشرون فعل الهروب بطرق شتى. وأثناء انزواء كل هؤلاء الرجال أصرت الجدة عزيزة على إلحاقنا بالمدارس وإبعادنا عن لعنة الجزارة، وتدبير حياتنا بما ادخرته عبر الزمن، وبما يرسله أبى سعيد من ليبيا من نقود قليلة. كان الشيخ ناصر بجانبى فى السيارة والذى استحسنا فتواه بإقامة الصلاة على روحها فى المقبرة وفى المقعد الخلفى زوجتى وولداى اللذان يدرسان فى المرحلة الثانوية وسمع منى الكثير عن الجدة عزيزة، وعندما اصطففنا وراء الشيخ فى صلاة الجنازة المتأخرة كل هذه السنوات بحيث كنا فى اتجاه القبلة نظرت بعينى إلى سلوى التى كانت آخر من رأى الجدة عزيزة ولو فى المنام. هامش: وصلت عزيزة إلى الإسكندرية عام ١٨٩٩ وكان عمرها سبع سنوات، وتزوجت عام ١٩٠٤ وعمرها ١٢ سنة جاءها الطمث عام ١٩٠٦، وأنجبت وحيدتها نفيسة عام ١٩٠٧. تزوجت نفيسة فى سن السابعة عشرة، وذلك عام ١٩٢٤، وأنجبت فوزية عام ١٩٢٥، ثم ماتت بعدها بعامين. أما فوزية فقد تزوجت أيضًا فى سن السابعة عشرة «سنة ١٩٤٢» ولكنها لم تنجب إلا بعد عشر سنوات، حيث أنجبت نبيل سنة ١٩٥٢، وأنا سنة ٥٤ وسلوى ٥٦ ومنى ٥٨ وسعاد ٦٠ ونوال ٦٢، ثم ماتت سنة ٦٧. وبعدها بثلاث سنوات ماتت عزيزة «سنة ١٩٧٠» عن عمر يناهز ٧٧ سنة.


بوابة ماسبيرو
منذ ساعة واحدة
- بوابة ماسبيرو
فاطمة عقل: بر الوالدين مفتاح الفوز بالجنة والنعيم الأبدي
أكدت الكاتبة والشاعرة فاطمة عقل ، أن بر الوالدين يعد من أعظم القيم التي تثمر خيرا في الدنيا والآخرة، حيث يجلب البركة في الرزق والصحة وطول العمر، ويغرس المحبة في نفوس الأبناء تجاه آبائهم، ما ينعكس لاحقا في معاملتهم . وأضافت أن البر لا يقتصر على حسن المعاملة فقط، بل يشمل الدعاء لهما بالرحمة والمغفرة، والصدقات الجارية، وهو ما وعد الله به من المغفرة والرحمة الواسعة. وشددت فاهمة على أن بر الوالدين واجب ديني وقيمة إنسانية سامية من أحب الأعمال إلى الله تعالى، ووصفت الوالدين بأنهما 'عماد البيت والسند القوي في حياة الإنسان"، مشيرة إلى أن وجودهما نعمة عظيمة، وطاعتهما من أقرب السبل لرضا الله عز وجل، وأن الإحسان إليهما مفتاح الفوز بالجنة والنعيم الأبدي. برنامج (الست أصيلة) يذاع عبر أثير شبكة القاهرة الكبرى ،تعده وتقدمه سامية العقباوي.