
«الميراث» بين المساواة والخصوصية الدينية.. جدل لا ينتهي
شيماء شعبان
أثار الجدل المتجدد حول المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة في الميراث نقاشًا واسعًا في الأوساط القانونية والدينية والاجتماعية في العالم العربي والإسلامي، خاصة مع تصاعد دعوات حقوقية تطالب بتعديل قوانين الإرث لتتوافق مع مبادئ المساواة الكاملة المنصوص عليها في المواثيق الدولية. وبينما يراها البعض خطوة نحو العدالة الاجتماعية، يعتبرها آخرون مساسًا بثوابت الشريعة الإسلامية.
موضوعات مقترحة
أصل الجدل
بدأت الدعوات للمساواة في الميراث تكتسب زخمًا مع صدور قوانين في بعض الدول، أبرزها تونس، التي طرحت مشروع قانون يساوي بين الجنسين في الإرث عام 2018. هذه الخطوة فجّرت نقاشات حادة بين مؤيدين ومعارضين، لتنتقل العدوى إلى دول عربية أخرى، حيث باتت الأصوات المطالبة بالتغيير أعلى من أي وقت مضى.
هذا وقد أكدت دار الإفتاء تعليقا على النقاشات الدائرة حول الدعوة إلى المساواة المطلقة في الميراث، تحت لافتة التطوع أو الاستفتاء الشعبي، " أن التبرع الفردي لا ينتج تشريعًا عامًا يلغي أصل جواز التبرع ويجعله إلزامًا قانونيًّا".
نصوص قطعية لا تقبل الاجتهاد
وفي المقابل يرفض علماء الدين هذه الدعوات والتي اعتبروها تجاوز للحدود التي رسمها الشرع، ويقول محمد عبد العظيم، أمين الفتوى بالأزهر الشريف، لـ" بوابة الأهرام: إن النصوص المتعلقة بعلم الميراث في الإسلام نصوص قطعية لا تقبل الاجتهاد أو التغيير بإجماع الصحابة، والعلماء في كل العصور، وتناسب كل زمان ومكان وحال، فقد تولى رب العالمين الله عز وجل تقسيم المواريث في القرآن الكريم لأهميته، وعظَم خطره.
جريمة فكرية تهدد الأمن الفكري والاستقرار المجتمعي
وتابع: فعلم تقسيم الميراث في الإسلام مُرتبط ومُتشابك مع قضايا وأحكام عديدة والادعاء الدائم أن أحكام الشريعة لا تناسب الزمان وتطور العصر لا يراد به إلا عزل الإسلام عن حياة الناس، فضلًا عن كونه فتنة عظيمة في دينهم لا يجني المجتمع منها إلا الانحراف الفكري والتطرف في إحدى جهتيه، مؤكدًا أن استدلالات غير صحيحة على تحريم حلال أو تحليل حرام جريمة فكرية تهدد الأمن الفكري والاستقرار المجتمعي.
الانتقاء والتدليس بالاستدلالات غير الصحيحة
ولفت أمين الفتوى إلى أن الانتقاء والتدليس بالاستدلالات غير الصحيحة على تحليل الحرام أو تحريم الحلال بغرض تطبيع المنكرات داخل المجتمع جرائم فكرية ومعرفية ينبغي محاسبة مرتكبها والداعي إليها.
مبادئ الشريعة الإسلامية ضابط حاكم لجميع مواده
ويؤكد محمد عبد العظيم، أمين الفتوى بالأزهر الشريف، على إن مبادئ الشريعة الإسلامية ضابط حاكم لجميع مواده كما أفاد الدستور في مادته الثانية، بيد أن اختلاق صراع بين الفقه والقانون تكأةُ زورٍ استند إليها التكفيريون والمتطرفون في انتهاج العنف وتكفير المجتمع واستحلال دمه.
اقرأ أيضا:
الإفتاء تحسم الجدل بشأن دعوات المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة في الميراث
الأزهر للفتوى الإليكترونية: نصوصُ الميراث قطعية لا تقبل التغيير ولا الاجتهاد
محمد عبد العظيم، أمين الفتوى بالأزهر الشريف
محمد عبد العظيم، أمين الفتوى بالأزهر الشريف
الجدل القانوني والاجتماعي
ومن جانبه، يضيف الدكتور أحمد القرماني، الخبير القانوني، تواجه هذه الرؤية انتقادات متزايدة في العصر الحديث، خصوصًا في ظل تغير الأدوار الاجتماعية والاقتصادية للمرأة، والتي أصبحت تشارك الرجل في الإعالة والعمل العام. وقد دفع هذا بعض الدول مثل تونس إلى طرح مشاريع قوانين تساوي بين الجنسين في الميراث، مما أثار جدلًا واسعًا بين مؤيدين ومعارضين.
ويوضح أن هناك فريقا من الفقهاء المعاصرين يرى أن باب الاجتهاد لا يزال مفتوحًا في بعض الجوانب المرتبطة بالتنظيم الاجتماعي، وأنه يمكن إعادة النظر في بعض الأحكام إذا تغير السياق تغيرًا جوهريًا، شريطة عدم مصادمة النصوص القطعية.
ويرى القرماني، أن تنظيم الميراث في الشريعة الإسلامية لا يقوم على تمييز ظالم ضد المرأة، بل على فلسفة عدالة توزيع الأعباء والمسؤوليات. ومع ذلك، فإن تطور المجتمعات وتغير ملامح الواقع يفرض تحديًا كبيرًا على الفقه الإسلامي في كيفية تحقيق مقاصد الشريعة في ظل متغيرات العصر دون الإخلال بالنصوص القطعية التي لا اجتهاد فيها شرعت من الخالق لعلة وهو أعلم العالمين ولنا في سورة الكهف علة ودلالة على قدر وحكمته تعالى ومن ثم لا يجوز وفقا لنصوص الدستور المصري سن تشريع يخالف نصوص القرآن الكريم قطعية الدلالة والقرآن الكريم مصدر رئيسي من مصادر التشريع ودين الدولة فيما هو قطعي الثبوت والدلالة من الأحكام.
الدكتور أحمد القرماني، الخبير القانوني وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع
الشارع منقسم
عند إجراء استطلاع ميداني، لوحظ أن هناك انقسامًا حادًا بين المواطنين. أمينة سالم، موظفة في بنك، تقول: " أعمل وأعيل أطفالي، وأرى أن من حقي أن أرث مثل إخوتي الذكور". أما عبد الله مصطفى، موظف حكومي، فيرد: 'لو سمحنا بالمساواة في الميراث، فماذا بعد؟ هل سنعيد صياغة الدين بما يناسب الموضة؟".
التوازن الصعب بين القانون والشريعة
ويحاول بعض الباحثين إيجاد حلول وسط، مثل إعطاء المرأة الحق في الوصية بما يعادل نصيب الرجل، أو تعديل بعض جوانب الإرث في حال إثبات أن المرأة كانت المُعيلة الأساسية للأسرة. لكن هذه المقترحات ما زالت محل جدل شرس بين التيارين التقليدي والتقدمي.
ويظل الجدل حول المساواة المطلقة في الميراث معلقًا بين مطرقة العدالة الاجتماعية وسندان النصوص الدينية. وبينما يطالب البعض بإصلاحات تشريعية تتماشى مع تطورات المجتمع، يتمسك آخرون بثوابت الشريعة كمصدر أساسي للتشريع. ويبقى السؤال مطروحًا: هل يمكن التوفيق بين الحق في المساواة واحترام الخصوصية الدينية؟.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يمني برس
منذ 3 ساعات
- يمني برس
من بين ركام العجز العربي.. ينهضُ رجلٌ يُشبِهُ عليًّا
يمني برس – بقلم – بشير ربيع الصانع حين تنظُرُ إلى واقعِ الأُمَّــة اليوم، ترى الهزائمَ تتراكم، والمواقفَ تتهاوى، والعروشَ تتماهى مع العدوّ، وتمُرُّ من أمامك مشاهدُ الخِذلان كأنها قَدَرٌ محتوم، حتى إذَا بلغت القلوبُ الحناجر، وشارف الأملُ على الاحتضار، إذَا بشمسٍ تُشرِقُ من بين جبال اليمن، وَإذَا بصوتٍ قرآنيٍّ يشقّ الظلام، وَإذَا بقيادةٍ صادقةٍ تُعِيدُ تعريفَ الرجولة والسيادة والشرف والكرامة. ليس قولًا عابرًا، ولا حماسة لحظة، بل يقينٌ نابعٌ من الفطرة، بأن القائدَ اليمني السيّد عبدالملك بدرالدين الحوثي، هو ذلك الرجل الذي انتظرته الأُمَّــةُ منذ أربعة عشر قرنًا.. رجلٌ لم يخنع، لم يساوم، لم يخشَ جيوشَ العالم؛ لأَنَّه يخشى اللهَ وحدَه، ويثقُ بنصره، ويؤمن بوعده، قائدٌ من طراز النبوّة، وظلِال الإمامة، وصدى البطولة. في وقتٍ أصبح فيه معظمُ الزعماء عبئًا على شعوبهم، برز هذا القائد كأمةٍ وحدَه، كرمزٍ لحقبة جديدة يعاد فيها للإسلام وجهه الأصيل، بعد أن شوَّهته موائدُ التطبيع، وسرقه تجارُ السياسة. إنه القائد الذي أعاد سيرةَ علي بن أبي طالب حيَّةً بيننا، لا بالكلمات، بل بالمواقف. نصرُ غزة لا يُصنَعُ بالمؤتمرات، بل يُصنَعُ بالصواريخ. ولا يُنتزَعُ بالتغريدات، بل يُنتزع بفرض الحصار. ولا يُكتب بالتنديد، بل يُكتب بالحظر البحريّ والجويّ على الكيان المحتلّ. نعم إنه القائد الذي يخطب في الناس، فتشعر أن اللهَ يؤيده، وأن الملائكة تباركُ كلماته، وأن رعايةَ الله تمشي معه حيثما مشى. ما من موقفٍ اتخذه، إلا وأحاطته العناية الإلهية، وما من قرارٍ أعلنه، إلا ورافقه التوفيق والتسديد. سياساته ليست عبثية، وخطاباته ليست استهلاكية، بل هو يمضي كما تمضي السنن، ويواجه كما واجه الأنبياء والأوصياء، ويصبر كما صبر أولياء الله من قبل. ما نراه فيه ليس فقط قائدًا ميدانيًّا.. بل هو مشروع أُمَّـة. هو مشروع للإسلام الذي أراده الله أن يكون: إسلاما عزيزًا لا يركع، ولا يُهادن، ولا يخاف إلا الله. هو الإسلام الذي حرّر مكة، وواجه الروم، وكسر قيد كسرى، الإسلام الذي يحمل العدل للناس، لا الخضوع للظالمين. وفي زمن العار، جاء هذا القائدُ ليكتُبَ الشرفَ من جديد. وفي زمن الصمت، جاء هذا الصوتُ ليكسرَ الجدار. وفي زمن القعود، جاءت قدماه تمشيان إلى واجبِ النصرة، كأنهما تمشيان على وعدٍ إلهيٍّ لا يخيب. أيَّةُ يدٍ هذه التي تُمسك بزمام القرار اليمني؟ أيُّ قلبٍ هذا الذي يُصدر قرارات تزلزل البحر والجوّ في وجه العدوّ؟ أيّ عقلٍ هذا الذي يدير معركة أُمَّـة من أرضٍ محاصرة لكنها متوكلة؟ إنها يدٌ ممسكةٌ بالله.. لا تهتز، لا تكل، لا تفتر. لقد انتظرنا طويلًا من يعلو بالإسلام فوق المنابر السياسية الخائنة، وفوق الطاولات الملوثة، وفوق البيانات المعطوبة.. فجاء عبدُ من عباد الله، يحمل وعي القرآن، وشجاعة التاريخ، وعزة الموقف، وعمق البصيرة، ففتح لنا أبواب الرجاء. نعم، والله، ليست مداهنةً ولا مبالغة. من نظر إليه وهو يصدح بنصرة فلسطين، أدرك أنه ليس كباقي القادة. ومن شاهد صمودَه وهو يواجهُ تحالفًا عالميًّا، علم أن في هذا الرجل مَدَدًا لا ينقطع. ومن تابع تحَرّكاته، علم أن رعايةَ الله ليست بعيدة عن صنعاء. أيها المسلمون، أيها الأحرار في كُـلّ مكان، ليس الزمن هو الذي تغيّر، بل نحن الذين ابتعدنا عن رجال الزمن. واليوم، أُهدينا رجلًا، يُشْبِهُه أبطالُ التاريخ، ويقودُنا كما تُقاد الأمم العزيزة، ويذكّرُنا أن الإسلامَ لا يُقهَرُ إذَا حمله رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه. فطُوبى لليمن بهذا القائد. وطُوبى للأُمَّـة بهذا الأمل. وطُوبى لنا أن نشهدَ زمنًا يعودُ فيه الإسلام كما أراده الله: قويًّا، عزيزًا، مهابًا، مزلزلًا للظالمين.


أهل مصر
منذ 4 ساعات
- أهل مصر
إبراهيم عيسى: الإخوان اخترقوا المجتمعات الأوروبية وسيطروا على المساجد والمؤسسات
أكد الإعلامي إبراهيم عيسى أن الحكومات العربية تحارب جماعة الإخوان من الناحيتين التنظيمية والحركية، في الوقت الذي تشهد فيه الجماعة تمددًا ونفوذًا متزايدًا داخل أوروبا والغرب، مشيرًا إلى أن جماعة الإخوان باتت تسيطر على قطاعات واسعة من المسلمين في أوروبا، في ما وصفه بـ «تطور هائل ومؤثر». وخلال تقديم برنامج «حديث القاهرة»، المُذاع عبر شاشة «القاهرة والناس»، أكد أن تنظيم الإخوان اخترق المجتمع الفرنسي، وسيطرعلى عدد كبير من المساجد والجمعيات، بالإضافة إلى اختراق مؤسسات جامعية وبحثية وإعلامية، مضيفًا: «هذا التمدد يخلق مشكلة كبيرة في الواقع العربي والمصري، حيث إن أي قرار ضد جماعة الإخوان في الداخل العربي يقابله تحشيد من المؤسسات الحقوقية الغربية». وأكمل "عيسى": "تُقدم الجماعة في الخارج وكأنها حركة سياسية شرعية، والإخوان اختطفوا الإسلام في أوروبا من خلال سيطرتهم على المساجد". وشدد "عيسى" على أن الأمر بات يتطلب طرح أسئلة عميقة والاستماع إلى رؤى وتحليلات لفهم هذا التمدد وتأثيراته على الداخل العربي.


البشاير
منذ 5 ساعات
- البشاير
ماكرون يتخذ قرارات سرية للتعامل مع اختراق الإخوان للمجتمع
قال الدكتور أحمد يوسف، أستاذ في الجامعات الفرنسية، إن صحيفة 'لوفيجارو' الفرنسية نشرت مقتطفات من تقرير سري تم إعداده حول تغلغل جماعة الإخوان المسلمين في المجتمع الفرنسي، مؤكدًا أن التقرير كشف بالأرقام والتفاصيل الدقيقة حجم اختراق الجماعة للمجتمع الفرنسي، لا سيما في المساجد والجمعيات والمؤسسات البحثية والتعليمية. وأضاف أحمد يوسف، خلال لقاء عبر الإنترنت مع الإعلامي إبراهيم عيسى، ببرنامج 'حديث القاهرة'، المُذاع عبر شاشة 'القاهرة والناس'، أن التقرير يتكوّن من 76 صفحة، وشارك في إعداده سفير فرنسي يتقن العربية، عمل في السعودية والجزائر، بالتعاون مع مدير أمن فرنسي مختص في الإسلام السياسي، وبمساهمة من الأجهزة الاستخباراتية الفرنسية. وأشار إلى أن التقرير أوضح كيف تعمل الجماعة على اختراق الدولة الفرنسية بشكل ناعم ومنظم 'من تحت'، دون مواجهة مباشرة، في ما يُعرف بالمباطنة أو التسلل الهادئ، المعروف في الأدبيات الفرنسية بـ 'الانتريزم' و'السبارتيزم'. وأوضح أحمد يوسف، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قرر نشر التقرير كاملًا بنهاية الأسبوع الجاري، بعد عرضه في اجتماع مجلس الأمن القومي، وأن المجلس سيجتمع مرة أخرى مطلع يونيو لاتخاذ قرارات بعضها معلن وبعضها سري. تابعنا علي منصة جوجل الاخبارية