logo
الوسيط المفرغ: حين يصير التنظيم قشرة بلا مضمون

الوسيط المفرغ: حين يصير التنظيم قشرة بلا مضمون

هبة بريسمنذ 4 ساعات

بقلم : حسام بوزكارن
هل تعيش الأحزاب المغربية أزمة تصور للوظيفة الحزبية أم أزمة وجود داخل الحقل الاجتماعي؟
منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، والأحزاب المغربية تسير على خيط رفيع بين الاستمرار الشكلي والانقراض الفعلي. لم تعد إشكاليتها تقتصر على ضعف في الأداء أو تراجع في الشعبية، بل باتت أزمة الأحزاب المغربية أزمة تعريف وجودي: ما وظيفتها؟ ما طبيعة حضورها في المجتمع؟ ولماذا فقدت القدرة على التموقع داخل ديناميات التحول الاجتماعي؟
أغلب التنظيمات الحزبية المعاصرة تعاملت مع مفهوم 'التمثيلية' كما لو كان وضعا إداريا أكثر من كونه علاقة عضوية، حية ومتفاعلة، مع نسق اجتماعي متحرك. فقدت الأحزاب البوصلة حين توقفت عن تخيل ذاتها كأداة لخلق الممكن السياسي، وانحصرت في تدبير الواقع كما هو، لا في مساءلته أو تغييره.
إلى أي مدى تحولت البنية التنظيمية الحزبية إلى شكل مؤسساتي معطل عن إنتاج الفعل السياسي؟
الخلل هنا ليس في النوايا، بل في البنية. لقد ورثت الأحزاب المغربية، منذ الاستقلال، تنظيمات عمودية، مشحونة بهرمية صارمة، تقوم على الولاء قبل الكفاءة، وعلى الانضباط قبل الخيال السياسي. مع مرور الوقت، تحولت هذه البنى إلى إدارات حزبية مغلقة، لا تختلف في أسلوبها عن البيروقراطية التي تدعي محاربتها.
الأسوأ أن هذه التنظيمات باتت مؤسسات بلا طاقة توليدية، قادرة على إعادة إنتاج نفسها، ولكن غير قادرة على إنتاج أثر سياسي أو فكري جديد. أصبحت الأحزاب كالأجهزة القديمة : تعمل، لكن خارج الزمن، وخارج الحاجة.
هذا الانحباس التنظيمي أفرز ما يمكن تسميته بالسياسة الصامتة، حيث تبدو الأحزاب حاضرة في المشهد شكليا، لكن غائبة عن الوعي الجمعي، وغير قادرة على التفاعل مع تحولات الواقع.
كيف ساهمت آليات إعادة إنتاج النخب داخل الأحزاب في ترسيخ العجز البنيوي عن التجديد؟
كل تنظيم لا يستطيع تغيير نخبه، لا يستطيع تغيير خطابه. الأحزاب المغربية، في أغلبها، أصبحت رهينة لنخب مستهلكة، تعيش على رصيد رمزي قديم أو طموح شخصي ضيق. النخبة داخل الحزب لم تعد تؤمن بالسياسة كمشروع جماعي، بل أصبحت تتعامل معها كأفق فردي للصعود الاجتماعي.
الأخطر أن آليات 'الترقية السياسية' أصبحت مغلقة : لا صوت للشباب، لا اعتبار للثقافة، ولا حظ للرؤية النقدية. كل صوت جديد يطلب منه أن 'يتأقلم' مع لغة قديمة، وأن يتحدث بمنطق 'الحزب لا يخطئ'، فيصبح جزءا من الصمت لا من التحول.
بذلك، تحولت الأحزاب إلى أوعية خانقة للأفكار، لا منصات لتفجير الطاقات. لم تعد النخبة داخلها تنتج خطابا، بل تدير الصمت الجماعي بمهارة مميتة.
هل فقدت الأحزاب شرعيتها الرمزية بسبب انفصالها عن ديناميات الواقع المجتمعي؟
الشرعية في السياق السياسي ليست فقط قانونية أو انتخابية، بل هي أولا شرعية رمزية: هل يراك الناس فاعلا حقيقيا في حياتهم؟ هل يرون فيك معنى؟
ما حدث هو أن الأحزاب فقدت هذا المعنى.
عندما يتحول التنظيم السياسي إلى قشرة خالية من الفكرة، والشخصية الحزبية إلى واجهة بلا مشروع، يفقد المجتمع القدرة على تصديق أن هذه الكيانات تمثله أو تعبر عنه. وهنا بالضبط يبدأ الفراغ السياسي : ذلك الفراغ الذي لا يملؤه الشارع بالضرورة، بل تملؤه اللاسياسة، العبث، العدمية.
في هذا السياق، لم يعد الشارع هو المنافس الأول للأحزاب، بل فقدان الأمل في السياسة ذاتها.
الأحزاب المغربية، في لحظتها الراهنة، لم تفشل فقط في تأدية أدوارها التقليدية، بل فشلت في ابتكار أدوار جديدة تتماشى مع التحولات الزلزالية في المجتمع المغربي : تحولات في القيم، في أنماط الوعي، في وسائل التعبير.
المطلوب اليوم ليس فقط إعادة تأهيل الأحزاب، بل إعادة طرح السؤال الجوهري: لماذا نحتاج الأحزاب أصلا؟
إن لم تكن منصات للفكر، مساحات للتمثيل الحقيقي، وجسورا بين الأمل والواقع، فوجودها لم يعد ضروريا… بل بات جزءا من المشكل، لا من الحل.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إفران على صفيح ساخن.. تمدّد البناء العشوائي بسيدي عدي وسط صمت مريب للسلطات
إفران على صفيح ساخن.. تمدّد البناء العشوائي بسيدي عدي وسط صمت مريب للسلطات

هبة بريس

timeمنذ ساعة واحدة

  • هبة بريس

إفران على صفيح ساخن.. تمدّد البناء العشوائي بسيدي عدي وسط صمت مريب للسلطات

هبة بريس – مكتب فاس في وقت تتعالى فيه الشعارات الرسمية حول الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، تشهد جماعة سيدي عدي التابعة لإقليم إفران وضعًا عمرانيًا خطيرًا بات يهدد التوازن البيئي والمجالي للمنطقة. فالبناء العشوائي يتمدّد بوتيرة متسارعة، وسط صمت غير مفهوم من السلطات المحلية، وفي مقدمتها القائد حديث التعيين، الذي يبدو أن المنصب أكبر من قدراته، وفق ما يؤكده أبناء المنطقة. البناء العشوائي في واضحة النهار ما يثير الاستغراب أن عمليات التشييد المخالفة للقانون لا تتم في الخفاء، بل تُنفّذ أمام أعين الجميع، بما فيهم أعوان السلطة، دون أن يحركوا ساكنًا. فبدلاً من التصدي لهذا الزحف الإسمنتي، اختار بعضهم لعب دور المتفرّج، بينما يرى السكان أن دور القائد يكاد يكون غائبًا تمامًا، رغم علمه بكل ما يجري. وأكدت مصادر محلية لجريدة 'هبة بريس' أن عدة بنايات شُيّدت دون تراخيص في مناطق متفرقة من سيدي عدي، مثل دوار البقريات ودوار سيدي المخفي، وبعضها ما زال في طور البناء. وأضافت المصادر أن هذه الخروقات تتم بمعرفة القائد، دون أن يتخذ أي إجراء يذكر. أين وزارة الداخلية؟ الوضع يطرح تساؤلات محورية حول دور وزارة الداخلية في مراقبة أداء ممثليها الترابيين. هل يتم إطلاع مصالح الوزارة على ما يجري؟ وإذا كانت على علم، فلماذا لم تتحرك؟ وإذا لم تكن تعلم، فهل هناك تقصير في نقل التقارير من قبل الجهات الإقليمية؟ كما لا يفوت ملاحظو الشأن المحلي عقد مقارنة مع فترة العامل السابق، عبد الحميد المزيد، الذي كان يتسم بالحزم واليقظة الميدانية. خطر بيئي ومجالي داهم تنامي البناء العشوائي لا يشوّه المشهد العمراني فحسب، بل يهدد كذلك البنية البيئية والاجتماعية للمنطقة. فتوسع الأحياء غير المهيكلة قد يحوّل دواوير مثل البقريات وسيدي المخفي إلى تجمعات فوضوية تفتقر لأدنى شروط السلامة والتخطيط الحضري، ما ينذر بكارثة عمرانية في المستقبل القريب. دعوة عاجلة للتحقيق والمحاسبة ما يحدث في سيدي عدي لا يمكن السكوت عنه. فالوضع يستدعي فتح تحقيق معمّق من طرف الجهات المركزية، لتحديد المسؤوليات ومحاسبة المتورطين في التغاضي عن هذه الخروقات، سواء بتواطؤ أو بإهمال. إن استمرار هذا الصمت قد يُفهم على أنه تشجيع غير مباشر للفوضى، وهو ما يتعارض كليًا مع الخطاب الرسمي للدولة المغربية بشأن تنزيل النموذج التنموي الجديد القائم على دولة الحق والقانون. فهل تتحرك وزارة الداخلية لردّ الاعتبار لهيبة القانون؟ أم أن صوت الخرسانة سيظل أعلى من صوت السلطة؟ فضيحة تفويت عقار للجموع في عهد القائد السابق في سياق متصل، علمت 'هبة بريس' من مصادر موثوقة بجماعة سيدي المخفي أن عقارًا جماعيًا تبلغ مساحته حوالي 5 هكتارات، تم تفويته بطريقة مشبوهة خلال فترة القائد السابق، حيث حصلت إحدى العائلات على شهادة إدارية تُمكّنها من الاستفادة من الأرض، وذلك في غفلة تامة من وزارة الداخلية. هذا التطور أثار الكثير من الجدل في أوساط الساكنة، التي تساءلت عن المسؤول الحقيقي وراء هذا التفويت غير القانوني، وما إذا كانت الجهات الوصية ستفتح تحقيقًا في هذا الملف أيضًا.

ترامب يحذر ماسك من "عواقب وخيمة" في السجال حول مشروع قانون الميزانية
ترامب يحذر ماسك من "عواقب وخيمة" في السجال حول مشروع قانون الميزانية

اليوم 24

timeمنذ ساعة واحدة

  • اليوم 24

ترامب يحذر ماسك من "عواقب وخيمة" في السجال حول مشروع قانون الميزانية

حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السبت، مستشاره السابق إيلون ماسك من « عواقب وخيمة » إذا سعى لدعم طعون ضد المشرعين الجمهوريين الذين سيصوتون لصالح إقرار مشروع قانون الميزانية المثير للجدل في الكونغرس. تأتي تصريحات ترامب التي أدلى بها لشبكة إن بي سي نيوز بعد تدهور العلاقة بين أغنى رجل في العالم ورئيس أقوى دولة في العالم، في خلاف ظهرت فصوله علنا خلال الأسبوع. انفجر الخلاف بين الرجلين بعدما وجه ماسك انتقادات حادة لمشروع قانون الميزانية المطروح حاليا أمام الكونغرس والذي يصفه ترامب بأنه « كبير وجميل »، في حين اعتبره ماسك « رجسا يثير الاشمئزاز ». وحض مشرعون معارضون لمشروع قانون الميزانية ماسك، أحد أكبر ممولي حملة الحزب الجمهوري الرئاسية العام الماضي، على تمويل طعون ضد الجمهوريين الذين يصوتون لصالح إقرار مشروع القانون. السبت، قال ترامب في تصريح لشبكة إن بي سي نيوز « ستترتب عليه عواقب وخيمة في حال فعل ذلك »، من دون تحديد ماهية تلك العواقب. ولفت ترامب إلى عدم وجود أي رغبة لديه لإصلاح العلاقة مع الرئيس التنفيذي لشركتي تيسلا وسبايس إكس ومالك منصة إكس المولود في جنوب إفريقيا، وقال إنه « لا يعتزم » التحدث إليه. في الأسبوع الماضي أقام ترامب حفلا وداعيا لماسك في البيت الأبيض تقديرا لجهود بذلها على رأس هيئة الكفاءة الحكومية التي غادرها من أجل التفرغ لإدارة شركاته. وتدهورت العلاقات بعيد ذلك على خلفية انتقاد ماسك مشروع قانون الميزانية الذي يعد في حال أقره الكونغرس، العلامة الفارقة للولاية الرئاسية الثانية لترامب. ورد ترامب بتوجيه انتقادات حادة لماسك خلال مؤتمر صحافي في المكتب البيضوي. لكن مذاك يبدو أن الرجلين قررا احتواء التصعيد، إذ قال ترامب في تصريح لصحافيين « أتمنى له الخير »، ليرد ماسك في منشور على إكس « وأنا كذلك ». تصريحات ترامب لـ « إن بي سي » جاءت بعدما حذف ماسك منشورا كان أشار فيه إلى ورود اسم ترامب في ملفات جيفري إبستين، المتهم باستغلال قاصرات جنسيا. الخميس ادعى ماسك بعد أقل من أسبوع على مغادرته منصبه على رأس هيئة الكفاءة الحكومية، أن اسم ترامب يرد في ملفات حكومية غير منشورة على صلة بقضية إبستين الذي انتحر في سجنه في العام 2019 قبل محاكمته. وأقرت إدارة ترامب بأنها تجري مراجعة لعشرات آلاف الوثائق والفيديوهات ومواد التحقيق، فيما قالت حركة « ماغا » نسبة إلى شعار ترامب « لنجعل أمريكا عظيمة من جديد »، إن المستندات ستكشف ضلوع شخصيات عامة في جرائم إبستين. ورد اسم ترامب في مجموعة من الاستجوابات والبيانات المرتبطة بإبستين كشف عنها قاض في نيويورك في أوائل العام 2024. ولم يوجه للرئيس أي اتهام في القضية. وكان جاء في منشور لماسك على منصته إكس « حان الوقت لإلقاء القنبلة الكبرى: (اسم ترامب) يرد في ملفات إبستين » وذلك في خضم سجال حاد بينه وبين الرئيس الجمهوري على خلفية مشروع قانون الميزانية. وتابع « هذا هو السبب الحقيقي لعدم نشر » الملفات. ولم يوضح ماسك ما هي بالتحديد الملفات التي يشير إليها، وكتب في منشور لاحق « احفظوا هذا المنشور للمستقبل. الحقيقة ستظهر ». لكن صباح السبت بدا أنه حذف المنشورين. ونفى ترامب صحة ما يدعيه ماسك، وقال لـ »ان بي سي »، السبت، « حتى محامي إبستين قال إن لا علاقة لي بذلك ».

الفرقة الوطنية تُسقط موظفا سابقا بالمحكمة التجارية ضمن عصابة هشام جيراندو
الفرقة الوطنية تُسقط موظفا سابقا بالمحكمة التجارية ضمن عصابة هشام جيراندو

كواليس اليوم

timeمنذ 2 ساعات

  • كواليس اليوم

الفرقة الوطنية تُسقط موظفا سابقا بالمحكمة التجارية ضمن عصابة هشام جيراندو

الرباط: كواليس في تطور جديد يكشف حجم التشابكات الخطيرة في الملف المثير للجدل الذي بات يعرف إعلاميا باسم 'قضية هشام جيراندو'، باشرت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحركا وصف بالحاسم، قادت خلاله اثنين من المتعاونين الرئيسيين مع جيراندو إلى أروقة العدالة. وحسب مصادر مطلعة، فقد جرى، اليوم السبت، تقديم المشتبه فيهما أمام وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، على خلفية الاشتباه في تورطهما في أفعال إجرامية غاية في الخطورة. ويتعلق الأمر، حسب نفس المصادر، بموظف سابق بالمحكمة التجارية بالدار البيضاء، إلى جانب شخص آخر يعتقد أنه أحد العناصر النشطة ضمن الشبكة التي كانت تدور في فلك جيراندو. وتشمل التهم الموجهة إلى المعنيين بالأمر المشاركة في أعمال الابتزاز الممنهج والتشهير عبر وسائط التواصل، فضلا عن إهانة رجال القضاء وموظفين عموميين وهيئات نظامية، وهي أفعال تعتبر انتهاكا صريحا لكرامة المؤسسات ومقومات سلطة الدولة. الأخطر من ذلك، أن التحقيقات الأولية كشفت تورط المتهمين في التحريض العلني على ارتكاب جنايات وجنح، وترويج ادعاءات كاذبة تتعلق بجرائم يعلمون بعدم حدوثها، مع السعي الممنهج إلى تقويض الثقة في المقررات القضائية ومحاولة تشويه سمعة شخصيات عامة. وتؤشر هذه التطورات، بحسب متابعين، على أن العدالة بدأت في تطويق الدوائر المحيطة بجرائم التشهير والافتراء التي طالت شخصيات بارزة ومؤسسات دستورية، في وقت كانت فيه بعض الجهات تحاول تقديم هذه الجرائم في قوالب 'حرية تعبير' مغشوشة. ويرى مراقبون أن اشتداد الحصار القضائي على محيط جيراندو، خاصة مع دخول موظفين سابقين في سلك العدالة ضمن قائمة المتابعين، يكشف عن خطورة التغلغل الذي عرفته هذه الشبكة داخل بعض المؤسسات، واستغلال الخبرات الإدارية والقانونية في تسويق محتوى هدام على منصات التواصل. وفي انتظار استكمال التحقيقات وتحديد باقي الأسماء المتورطة، تتجه الأنظار إلى القضاء المغربي الذي بات أمام اختبار جديد في تعزيز سيادة القانون، وحماية هيبة القضاء من حملات التشهير الممنهجة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store