
تهديدات وجودية بلا حدود
بذلك أضاف رئيس وزراء إسرائيل البرنامج الصاروخي الإيراني، وبالتداعي ما على شاكلته من أنماط التسلح في الرحاب الشرق أوسطية الفسيحة، إلى قائمة التهديدات الوجودية لدولته.
ووفقاً لما يلوكه هؤلاء في خطاباتهم، بات من المؤكد أن توجه أي كيان سياسي في جوارهم الإقليمي اللصيق أو الأبعد نسبياً نحو الاستحواذ على مشروع نووي، يقع في طليعة ما يثير لديهم حساسية هذا الخطر.
وهم لا يكترثون كثيراً في سياق هذا التصور بما إن كان هذا المشروع ينطلق على أرضية سلمية مقوننة ويخضع للرقابة الدولية أو غير ذلك؛ هذا لأنهم في تقديرنا يقيسون ما يجري من حولهم ويقيمونه انطلاقاً من سلوكهم الغامض والمنحرف هم أنفسهم مع هذه الأحاديث الموضوعة.
والعبرة هنا أنهم يحتاطون لإمكانية توظيف التقنيات النووية في التغطية على تصنيع منتجات ذات مكون عسكري، تماماً مثلما فعلوا مع مشروعهم الذي بدأوه عام 1949، أي منذ الساعة التالية لإعلان دولتهم، ويقال اليوم إنه أوصلهم لامتلاك أكثر من مئتي قنبلة نووية. لإسرائيل عموماً تاريخ ممتد في مطاردة المعارف النووية من الأصل عند العرب.
وصولاً إلى اغتيال بعض القائمين عليها، وقصف البني التحتية للمشروعات والمنشآت ذات الصلة، بيد أن هذه المطاردة الشهيرة ليست سوى نموذج واحد لأصداء وسواس الخطر الوجودي الذي يغلف تصرفات هذه الدولة وسياساتها في مجرى العلاقة مع محيطها الإقليمي.
فالذريعة المتعلقة بهذا الخطر نلقاها مبثوثة ومتداولة بفجاجة بين يدي الكثير من المعالجات الإسرائيلية لأبعاد هذه العلاقة، سواء كانت محفوفة بالصراع أو بالأطر السلمية ومفردات التطبيع، فعودة اللاجئين الفلسطينيين تطبيقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة بالخصوص، تعرض إسرائيل لتهديد وجودي، إذ سيتم إغراقها ديموغرافياً بملايين العائدين.
ومثل ذلك يقال عن تطور أوضاع فلسطينيي 1948، الذين إن حصلوا على كامل حقوق المواطنة غيروا معادلات الطبيعة اليهودية المهيمنة على الدولة. ويقال عن حل الدولتين، الذي يعيد اسم فلسطين وهويتها التاريخية إلى صلب الخريطتين الإقليمية والدولية.
ويهدم صدقية رواية «أرض الميعاد» التي أشيع أنها أرض بلا شعب ردت لشعب بلا أرض. ويقال عن حل الدولة الواحدة، الذي سيمنح الفلسطينيين فرصة الاستيلاء على مصير الدولة بالوسائل الديمقراطية في أجل غير بعيد، بالنظر إلى تزايدهم السكاني وخصوبة أرحامهم الفائضة.
ويقال إذا ما شح سيل هجرة يهود الخارج إلى إسرائيل، مثلما يقال إذا ما ارتفع منسوب ما يعرف بالهجرة العكسية إلى الخارج. ويقال بإلحاح كبير إذا ما التقى العرب كلهم أو بعضهم على كلمة وحدوية سواء بأي معنى أو مفهوم، لا سيما إن جاء هذا المتغير الفارق مشفوعاً بتدابير سياسية أو عسكرية أو جيواستراتيجية مؤثرة في توازن القوى.
والحال كذلك، يصح الاعتقاد بأننا إزاء دولة تحسب كل صيحة عليها، بل تكاد ترى أن كل حراك داخلها أو حولها لا يصدر عن إرادتها يخفي وراءه تهديداً لها، الأمر الذي يشي بحالة مستعصية فريدة من الوسواس القهري والاضطراب النفسي الجماعي، التي تظهر آثارها في الترقب والتربص بكل صغيرة وكبيرة مما يدور في محيطها.
يعتقد فقهاء الاجتماع السياسي الإسرائيلي أن هذه الحالة تجلب لدولتهم منافع كثيرة، من قبيل ترسيخ مفهوم المظلومية والاضطهاد الذي يستقطب التعاطف والدعم الخارجي من جهة.
ويخدم من جهة أخرى عمليات الحشد والتعبئة والاستنفار على الصعيد الداخلي. وفي سياق النشوة بهذه الوصفة السحرية، يغيب عن هؤلاء الأبعدين أن الحياة الهانئة لا يمكن أن تتحقق لمجتمع يعيش طوال الوقت على صفيح ساخن، ينام قلقاً بنصف عين.
ويغيب عنهم أيضاً احتمال أن تفضي كثرة الحديث عن التهديدات الوجودية إلى عكس بعض المراد منها، كأن يعزف يهود العالم عن مغادرة مواطنهم إلى دولة مهجوسة، ولعلها مهووسة بالتهديدات من كل حدب وصوب، تسعى لتحقيق الأمن المطلق الذي يمثل أمنية مستحيلة لدى كل دول المعمورة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الإمارات اليوم
منذ 2 ساعات
- الإمارات اليوم
«الداخلية» تشارك في جلسة بشأن التصدي لجرائم استغلال الأطفال عبر الإنترنت
شاركت وزارة الداخلية في جلسة «المائدة المستديرة بشأن التصدي للأنماط المستحدثة في جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت»، والتي انعقدت في جمهورية مصر العربية، بمشاركة وحضور الخبراء والمختصين من الجهات الإقليمية والدولية المعنية. وقدمت الوزارة خلال الجلسة ورقة عمل ألقاها من الإدارة العامة للشرطة الجنائية الاتحادية العميد الدكتور حمد الزعابي، استعرض فيها التجربة الإماراتية الرائدة في مكافحة هذه الجرائم، مسلطاً الضوء على الجهود الأمنية الاستباقية التي تتبناها الدولة ضمن منظومة رقمية متكاملة. وأكد أن دولة الإمارات تركز على التنسيق والتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين على المستويين المحلي والعالمي للتصدي للمحتوى الضار والمحظور عبر الإنترنت، بما يعزز الحماية الرقمية ويضمن فضاءً افتراضياً آمناً للجميع لاسيما الأطفال. وأشار إلى المبادرات المجتمعية والبرامج التثقيفية التي تنفذها الوزارة، وتهدف إلى رفع الوعي لدى الأسر وتمكينهم من حماية أطفالهم من مختلف أشكال ووسائل الاستغلال الإلكتروني. وتأتي هذه المشاركة تأكيداً على التزام وزارة الداخلية بمسؤوليتها الاستراتيجية في تعزيز أمن المجتمعات، وتوحيد الجهود الدولية للتصدي لهذه الظواهر الخطيرة، بما يسهم في بناء بيئة رقمية أكثر أماناً لكل أفراد المجتمع.


البيان
منذ 2 ساعات
- البيان
ترامب يتوقع التوصل لاتفاق وشيك بشأن غزة خلال أسبوع
أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى اقتراب الاتفاق على وقف لإطلاق النار في غزة.وقال ترامب ردا على أسئلة الصحفيين في المكتب البيضاوي أمس الجمعة "نعتقد أنه خلال الأسبوع المقبل، سنتوصل إلى وقف لإطلاق النار". وقد كان هذا الاتفاق بعيد المنال منذ فترة طويلة، وليس من الواضح ما إذا كانت هذه المرة ستكون مختلفة. وأضاف ترامب "نحن نعمل على غزة، ونحاول أن نقوم بالاعتناء بهذا الأمر".


سكاي نيوز عربية
منذ 2 ساعات
- سكاي نيوز عربية
الجيش الإيراني يكشف حصيلة قتلاه خلال الحرب مع إسرائيل
وكانت إسرائيل قد شنت صباح يوم الجمعة 13 يونيو الجاري هجوما على إيران ، أدى إلى مقتل عدد من كبار القادة العسكريين والعلماء والمدنيين. وفي صباح يوم الأحد الموافق 22 يونيو، شنت الولايات المتحدة أيضا ضربات على المنشآت النووية الثلاث فوردو ونطنز وأصفهان. وخلال الحرب التي استمرت 12 يوما، استهدفت إسرائيل وقتلت أكثر من 20 مسؤولا عسكريا رفيع المستوى، بعضهم قُتلوا داخل منازلهم. وقال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير لـ"رويترز"، الجمعة، إن إسرائيل قتلت أكثر من 30 مسؤولا أمنيا إيرانيا و11 خبيرا نوويا خلال الحرب التي شنتها على إيران واستمرت 12 يوما. وفي الولايات المتحدة، قال خبير مستقل إن مراجعة صور الأقمار الاصطناعية التجارية أظهرت أن عددا قليلا فقط من الصواريخ الإيرانية التي اخترقت الدفاعات الجوية الإسرائيلية، والبالغ عددها حوالي 30 صاروخا، نجح في إصابة أهداف عسكرية مهمة. ووفق المسؤول الإسرائيلي الذي تحدث إلى "رويترز" فإن الضربة الافتتاحية التي شنتها إسرائيل في 13 يونيو على إيران ألحقت أضرارا بالغة بدفاعاتها الجوية وزعزعت قدرتها على الرد في الساعات الأولى الحاسمة من الصراع. وأضاف المسؤول أن القوات الجوية الإسرائيلية ضربت أكثر من 900 هدف وألحق الجيش الإسرائيلي أضرارا بالغة بقدرة إيران على إنتاج الصواريخ خلال الحرب. وتابع المسؤول الإسرائيلي قائلا: "تعرض المشروع النووي الإيراني لضربة كبيرة. فقد تم تحييد قدرة النظام على تخصيب اليورانيوم بنسبة 90 بالمئة لفترة طويلة. وتم تحييد قدرته الحالية على إنتاج نواة سلاح نووي".