
جرش 39.. ثقافة الحياة في وجه الموت
ورغم هذا الواقع الدموي القاسي، تواصل إدارة المهرجان للعام الثاني على التوالي تحدي المأساة بالأمل، إذ حافظت على برنامج ثقافي وفني ملتزم، يستنطق هموم الناس، ويرفع صوت الوجع العربي، دون أن يسقط في فخ الترف أو الابتذال.
وتحت شعار 'هنا الأردن.. ومجده مستمر'، تؤكد الدورة الحالية أن جرش ليست مجرد مهرجان، بل رسالة حضارية، وأن الثقافة الأردنية قادرة على تجديد ذاتها رغم المحن، والانتصار لقيم الجمال والمعنى.
ما يميز هذه الدورة من مهرجان جرش ليس فقط حجم المشاركات أو أسماء الفنانين، بل الرسالة التي يحملها المهرجان هذا العام، وهي أن الثقافة مقاومة، وأن الصوت الذي يخرج من مدينة جرش الأثرية، لا بد أن يصل صداه إلى أحياء غزة الجريحة، وإلى كل من لا يزال يؤمن بأن الفن الحقيقي يملك القدرة على التضميد لا التزييف.
وقد حرصت إدارة المهرجان، على أن تتضمن الفعاليات أمسيات شعرية، وعروضا مسرحية، ومعارض تراثية، وغنائية، تستلهم الروح الوطنية والهوية الثقافية للمنطقة، وتؤكد أن الأردن، الأقرب إلى فلسطين جغرافيا ووجدانيًا، لا يزال وفيا لرسالته القومية والإنسانية.
إن إقامة مهرجان ثقافي بحجم 'جرش' في هذا الوقت بالذات، هو فعل مقاومة بامتياز، لا يقل أهمية عن أي شكل من أشكال التعبير عن التضامن. فالثقافة هنا لا تقفز فوق الجراح، بل تتقاطع معها وتصر على رواية الحقيقة من زوايا الفن والشعر والموسيقى.
وفي الوقت الذي يصمت فيه العالم أو يتواطأ، تبقى المهرجانات الثقافية مثل 'جرش' مساحات نادرة للنبل الإنساني، وللإيمان بأن الحضارة لا تنكسر تحت القنابل، بل تعاندها بالغناء والقصيدة والمسرح، مجسدة بحق شعار المهرجان: 'هنا الأردن.. ومجده مستمر'.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 43 دقائق
- الرأي
الفنانة الفلسطينية زين تتألق على المسرح الشمالي وسط تفاعل جماهيري كبير
أحيت الفنانة الفلسطينية زين، مساء الأحد، حفلا فنيا على خشبة المسرح الشمالي ضمن فعاليات الدورة الـ39 من مهرجان جرش للثقافة والفنون، وسط حضور جماهيري كبير وتفاعل لافت من الحاضرين. وقدمت زين خلال الحفل باقة من الأغاني التي عكست هويتها الفنية، وسط تفاعل الجمهور الذي ردد معها كلمات الأغاني وصفق لها بحرارة. وتتميز زين بصوتها الأصيل وأدائها الذي يمزج بين الحداثة والأصالة، ما جعلها تحظى بمحبة واسعة من الجمهور الفلسطيني والعربي، وتعتبر مشاركتها في مهرجان جرش إضافة نوعية للمشهد الثقافي والفني في المهرجان. ويواصل مهرجان جرش بدورته الحالية استقطاب فنانين من مختلف الدول العربية، احتفاء بالفن والثقافة والتنوع، وسط حضور جماهيري كبير في مختلف فعالياته تحت شعار "هنا الأردن... ومجده مستمر".


الغد
منذ ساعة واحدة
- الغد
اختتام فعاليات "شهر الموسيقى" بحفل للموسيقار طلال أبو الراغب على مسرح الأوديون
اضافة اعلان وأكدت الوزيرة عناب، أن تنظيم فعاليات 'شهر الموسيقى' يعكس حرص الوزارة على توظيف الفنون والثقافة كأدوات فاعلة في تعزيز الحركة السياحية في المملكة، مشيرة إلى أن هذه المبادرات تسهم في تنويع المنتج السياحي، واستقطاب فئات جديدة من الزوار من داخل الأردن وخارجه، من خلال تقديم تجارب ثقافية غنية في مواقع سياحية وأثرية متنوعة.وبينت، أن تفاعل الجمهور الواسع مع العروض الموسيقية يعكس شغف المجتمع بالفنون، ويعزز من مكانة الأردن كوجهة ثقافية نابضة بالحياة، لافتة إلى أن الوزارة ستواصل دعم البرامج التي تربط السياحة بالثقافة والفنون لما لها من أثر مباشر في تنشيط السياحة الداخلية وتحقيق التنمية المستدامة بالقطاع السياحي.ويأتي هذا الحفل تتويجا لسلسلة من الفعاليات الفنية والثقافية التي أقيمت طيلة شهر حزيران في عدد من محافظات المملكة، واستهدفت جمهورا واسعا من محبي الموسيقى والفنون من المواطنين والزوار، وذلك في إطار جهود الوزارة المستمرة لتعزيز النشاط الثقافي وتنشيط الحركة السياحية المحلية والوافدة.وخلال الحفل، قدّم الموسيقار طلال أبو الراغب الطفلة لمياء التلاوي على آلة الكمان، والطفل تروي صويص على آلة البيانو، في لفتة فنية مميزة هدفت إلى تسليط الضوء على المواهب الموسيقية الناشئة، والتأكيد على أهمية إتاحة الفرصة للأطفال لاكتشاف مهاراتهم وتنميتها من خلال دراسة الموسيقى بشكل أكاديمي، باعتبار أن رعاية الجيل الجديد من الفنانين الصغار تُعد استثمارًا في مستقبل المشهد الثقافي الوطني.وتضمنت الفعاليات مجموعة من العروض الفنية المميزة، يقدمها نخبة من أبرز الموسيقيين الأردنيين إلى جانب فرق موسيقية متنوعة، كما تشمل الفعاليات سلسلة من العروض السينمائية ضمن مبادرة 'سينما ع'، التي اقيمت في منطقة جبل عمّان/نوفة وعدد من المحافظات، والتي عرض خلالها أفلاماً عالمية ومحلية ذات طابع موسيقي.وافتتح برنامج فعاليات "شهر الموسيقى" في الرابع من حزيران الحالي بعرض لفرقة 'حرقة كرت' أُقيم في معهد الفسيفساء بمدينة مادبا، وحفل موسيقي للفنان طارق الجندي في أُقيم في ساحة قلعة عجلون، وحفل لفرقة النشامى في قلعة السلع بمحافظة الطفيلة، وعرض لفرقة معان للفنون الشعبية في مدينة الفحيص.وتواصلت الفعاليات مع عرض موسيقي لفرقة 'أوكتاف' في ساحة عقبة بن نافع بمدينة السلط، وحفلات موسيقية في مناطق مختلفة في العاصمة عمان للفنان علاء المعايطة بمنطقة جبل اللويبدة دوار باريس، والفنان معتز عبده في ساحة فيصل في وسط البلد، وحفل للفنان سامح صبحي في شارع الرينبو.كما أُقيم حفل موسيقي للموسيقار طارق الناصر في المدرج الروماني بالعاصمة عمان، وحفل لفرقة 'أوتوستراد' على المدرج في مدينة أم قيس، وحفل للفنان رامي شفيق في مدينة الحسن للشباب بمحافظة إربد.والى جانب الحفل الموسيقي الذي أحياه الموسيقار طلال أبو الراغب على مسرح الأوديون في عمّان اليوم الجمعة، أُقيم حفل لفرقة راحوب بمحافظة المفرق.وتضمنت فعاليات "شهر الموسيقى" سلسلة من العروض السينمائية الموسيقية ضمن مبادرة "سينما ع" التي تقام في جبل عمان/نوفة وعدد من المحافظات، واشتملت على عروضًا لأفلام عالمية ومحلية ذات طابع موسيقي مثل افلام "Singin' in the Rain" و"أحلام عابرة" و"قصة سليمان" و "سامية" و "سليم" و "vermiglio" و "حيث تبكي اشجار الزيتون" و "الاشباح" وغيرها من الافلام.يشار الى أن جميع الفعاليات مجانية، وبعضها يتطلب تسجيلًا مسبقًا، وتُقام في أماكن عامة مفتوحة ومتاحة للجميع لتعزيز المشاركة المجتمعية وإثراء الحياة الثقافية في مختلف مناطق المملكة.


الرأي
منذ 2 ساعات
- الرأي
رمضان الرواشدة يحفر كلماته على ضفتي النهر
حين يصبح النهر جسرًا للذاكرة والوفاء… في زمن تتشابك فيه الجغرافيا بالموقف، وتنسج فيه الذاكرة خيوطًا من الوفاء والعشق العابر للحدود، جاءت المسرحية 'النهر لن يفصلني عنكِ' لتعيد تعريف العلاقة بين المكان والروح، بين التاريخ والحب، وبين الأردن وفلسطين ليس كبلدين، بل كضفتين لقلب واحد. ومن قلب مهرجان جرش للثقافة والفنون، في مركز الحسين الثقافي – رأس العين، شهدنا عرضًا استثنائيًا حوّل الكلمات إلى مشاهد، والرموز إلى وجدان متدفق يخاطب الروح. سعدت بتلبية دعوة الكاتب رمضان الرواشدة وزوجته العزيزة قبل يومين، لحضور العرض المسرحي 'النهر لن يفصلني عنكِ'، فكان لهذا العمل الوطني النبيل أثرٌ عميقٌ في النفس، إذ تحوّل إلى أداة فنية راقية لتحريك المشاعر العروبية الجياشة التي أبكتنا في أكثر من مشهد. لقد توهج النص، وتألقت الرؤية المسرحية، فكانت لحظات العرض كأنها نداءات من القلب تهتف باسم الأرض والهوية والوفاء. لم يكن الحضور مجرد مشاهدة، بل مشاركة وجدانية في قصة شعبين لا يفصل بينهما النهر، بل يجمعهما الألم، والأمل، والعشق العابر للحدود. هذه المسرحية المأخوذة عن رواية الكاتب الأردني العابر للحدود رمضان الرواشدة والصادرة عن دار أزمنة، وإخراج الفنان صلاح الحوراني حملت معان سامية وروحًا أدبية تنتمي إلى الأدب الروحي-السياسي، حيث تمتزج المناجاة الصوفية بالسرد التاريخي في قصة تتخذ من نهر الأردن محورًا للحب والانتماء والحنين. لم تكن القدس في النص مجرد مدينة، بل كانت معشوقة ووطنًا وذاكرة، تجمع ولا تُفرق، تشتعل حضورًا في وجدان المتلقي. إخراجيًا، لم يتبع الحوراني خطًّا تقليديًا في تحويل الرواية إلى عمل مسرحي، بل اتجه إلى تجريد الرموز ومخاطبة الحس عبر المونودراما، حيث تنطق الإيماءات وتغني الظلال، وتندمج الأصوات في تأمل داخلي يجمع الضفتين على خشبة واحدة. العرض نزع عن نفسه الشكل الخارجي، وارتدى ثوب الفكرة، مما منح الجمهور لحظة لقاء صوفية مع الذات والهُوية. حيث جسّد العرض ثلاثة ممثلين بارعين أريج دبابنة ونادين خوري ومنذر خليل. الذي جسّد صراعًا داخليًا حيًا بين الانكسار والوفاء، عبّر عن الحلم المكسور بروح نابضة بالصدق. حتى الموسيقى، التي صاغها الفنان مراد دمرجيان، لم تكن مجرد خلفية صوتية، بل كانت نهرًا شفافًا من الشعور امتد بين اللحظة والذاكرة. والأغاني الأناشيد المختارة كانت ميجانا فلسطين و قويلات الحصادين لتخرج المسرحية بطراز خاص ومتناغم. وعلو الصعيد الشخصي جسد الكاتب بدوره قصة حب وإخلاص أردنية فلسطينية تشبه ارتباط الأرضين بالوفاء والتضحيات. فالكاتب من الشوبك (في الأردن) وزوجته من (القدس عاصمة فلسطين)، وقد جسد حبهم وارتباطهم، تمامًا كوفاق الأردن مع فلسطين، وتضحيات الشعب الأردني والجيش الأردني وما قدمه من شهداء على أرض فلسطين، ووقوف الأردن قيادة وشعبًا مع فلسطين التي لا يفصلها النهر عن الأردن. وكأنما الكاتب يروي قصة النهر الذي جمع بينهما كما جمع بين البلدين. المبدع رمضان الرواشدة وهو الشخصية الوطنية. الذي يتميز بأسلوب فلسفي عميق، كلما استمع له أشعر وكأنني أنتظر منه كتابا فلسفيا صوفيا يمزج تاريخ بلاد الشام وتراثه بروحانية الشخوص وانفتاح العقول قبل الغزو الفكري الانقسامي الذي هجم على بلادنا بمخطط فرق تسد. وأتمنى أن يستجيب الكاتب لطلبي . وبالعودة للمسرحية .هذا ليس العمل الأول للكاتب، فقد كانت له مسرحية المهطوان التي كانت أكثر من رائعة. وعلى الصعيد الشخصي، إن رمضان الرواشدة يتميز بفكر حر واسع غير محصور بحدود جغرافية أو دينية أو طائفية، فمن يمتلك هذا يكون هو المثقف الحقيقي الصادق، لأن الثقافة الحقيقية هي ما تغزله في داخلك من وسع أفق وروح نابضة بالفكر وحمل قضايا الشعوب والنضال. خاصة أن في هذا الوقت تحديدًا، من يتطرق لهذه القضية، فهو يحمل جرأة الكرامة والعروبة والدم الأصيل. ختاما 'النهر لن يفصلني عنكِ' ليس مجرد عرضٍ مسرحي، بل تساؤل فني يتوغّل في الذات، في الانتماء والحنين، وفي التمسّك بالجذور رغم محاولات التفتيت. إنّها تذكيرٌ بأنّ النهر ليس حدًّا يفصل بيننا، بل شريانٌ حيّ يجمعنا بما لا يُرى، ويحمل صوت التاريخ ووهج القلوب. وحين يتجاوز الفن قيود الشكل، ويصبح نداءً من الوفاء إلى الحرية، من الذاكرة إلى الحاضر، يصبح المسرح مرآةً للكرامة، وصرخةَ عشق لا يُخمدها الزمان.