logo
كامل إدريس الطيب رئيس الوزراء السوداني

كامل إدريس الطيب رئيس الوزراء السوداني

الجزيرةمنذ 2 أيام

كامل إدريس الطيب سياسي وأكاديمي ودبلوماسي سوداني بارز. وُلد في 26 أغسطس/آب 1954 بمدينة أم درمان. شغل منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) بين عامي 1997 و2008. وفي 19 مايو/أيار 2025، عين رئيسا لمجلس الوزراء السوداني.
المولد والنشأة
ولد كامل الطيب إدريس عبد الحفيظ في 26 أغسطس/آب 1954 في مدينة أم درمان، إحدى المدن الثلاث المشكلة للعاصمة الخرطوم.
ينحدر من أسرة نوبية تنتمي إلى قرية الزورات الواقعة شمال دنقلا في الولاية الشمالية في السودان.
والده هو الطيب إدريس عبد الحفيظ، ووالدته هي أمونة حاج حسين محمد جمعة، وهو متزوج من الدكتورة عزة محيي الدين أحمد مبروك، ولهما 5 أبناء هم: محمد ودينار وداليا ودعد ومؤمن.
نشأ في بيئة تقليدية محافظة، وتلقى تعليمه الأولي في السودان، متأثرا بالقيم الثقافية والدينية لمجتمعه المحلي.
الدراسة والتكوين العلمي
بدأت رحلة كامل إدريس التعليمية بحصوله على شهادة الثانوية العامة بتفوق، ثم التحق بجامعة القاهرة -فرع الخرطوم وفيها نال بكالوريوس الفلسفة بمرتبة الشرف، وبعدها انتقل إلى جامعة الخرطوم، وحصل على البكالوريوس في الحقوق.
ولم يتوقف عند ذلك، بل سعى لتوسيع آفاقه الأكاديمية، فحصل على دبلوم في الإدارة العامة بامتياز من معهد الإدارة العامة في الخرطوم.
وتوجه إلى الولايات المتحدة الأميركية لاستكمال دراساته العليا، فحصل على ماجستير في الشؤون الدولية من جامعة أوهايو، واحتل الرتبة الأولى في دفعته، ثم أكمل دراسته في أوروبا، ونال درجة الدكتوراه في القانون الدولي من المعهد العالي للدراسات الدولية بجامعة جنيف، بتقدير امتياز، عن أطروحة بعنوان "دراسة حول المعاهدة المنشئة لمنطقة التجارة التفضيلية لدول شرق وجنوب أفريقيا".
لم تقتصر دراساته على هذه الدرجات الأكاديمية، بل واصل تعميق معرفته في مجالات متعددة، فشارك في دراسات تكميلية في الاقتصاد الدولي والتاريخ الدولي والعلوم السياسية والقانون الدولي للتنمية والقانون الدولي للملاحة والقانون الدولي للنظام المالي والبنكي، وذلك في المعهد العالي للدراسات الدولية في جنيف.
التجربة السياسية والعملية
كان كامل إدريس ناشطا في الحركة الطلابية والسياسية في السودان أثناء سنوات دراسته الجامعية، وبعد ذلك بدأ العمل مع مؤسسات الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى، خاصة في مجال الاستشارات القانونية وقضايا الملكية الفكرية.
كذلك عمل في مجال التحكيم الدولي، وساهم في تقديم حلول عملية ودبلوماسية لكثير من النزاعات التجارية والدولية.
وفي عام 2000، تولى رئاسة المنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو)، وعمل على تطوير العديد من البرامج والمبادرات التي تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.
ترأس أيضا الاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية الجديدة (أوبوف)، وهو منظمة تركز على تطوير الأنظمة القانونية لحماية النباتات والمزارع.
وكان له دور بارز في محافل دولية أخرى تتعلق بمكافحة الجرائم الاقتصادية، وساهم في تطوير التشريعات الدولية لمحاربة الفساد.
وساهم في العديد من الهيئات الاستشارية الدولية التي ساعدت في صياغة التشريعات والقوانين الدولية الخاصة بالتجارة وحماية البيئة.
وفي 2010، أعلن ترشحه للرئاسة في السودان مرشحا مستقلا، وقدم برنامجا تحت شعار "إنسان السودان أولا"، ودعا إلى بناء دولة مدنية تقوم على سيادة القانون، واستقلال القضاء والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، لكنه خسر السباق نحو الرئاسة.
وفي 19 مايو/أيار 2025، عينه رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان في منصب رئيس وزراء السودان.
وجاء تعيين كامل إدريس بعد فترة من الفراغ الحكومي عقب استقالة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك في أغسطس/آب 2021، إثر إجراءات سياسية اتخذها الجيش في أكتوبر/تشرين الأول 2021.
إعلان
وفي تلك الفترة نفسها جرت مشاورات داخلية وخارجية لتعيين شخصية توافقية تقود المرحلة الانتقالية، وكان اسم كامل إدريس من بين الأسماء المطروحة.
الوظائف والمسؤوليات
المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو) من نوفمبر/تشرين الثاني 1997 حتى سبتمبر/أيلول 2008.
الأمين العام للاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية الجديدة (أوبوف).
عضو لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة.
أستاذ الفلسفة والقانون بجامعات القاهرة وأوهايو والخرطوم.
رئيس مجلس الوزراء السوداني (19 مايو/أيار 2025).

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رئيس جديد للوزراء.. السودان بين خيوط التيه وخطوط الأمل
رئيس جديد للوزراء.. السودان بين خيوط التيه وخطوط الأمل

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

رئيس جديد للوزراء.. السودان بين خيوط التيه وخطوط الأمل

الخرطوم – بعد أن ظل هدفا تقترب لحظة تحققه وتبتعد لسنوات، أصبح الدكتور كامل إدريس الطيب رئيسا لمجلس الوزراء، وهو شخصية أم درمانية ينتمي لهذه المدينة بكل معاني ومدلولات الانتماء، وتشرّب عبر النشأة والتعليم فيها ثقافة الوسط السوداني الذي تمثله أم درمان ، التي أضحت لدى منظري السودانوية رمزا للأيقونات الجامعة للشخصية السودانية. وله حظ وفير من التكوين الأكاديمي في مساقه القانوني تخصصا وتدريسا، وله رصيد مقدر في المعرفة بالعالم خارج بلاده، حيث عمل في الخارجية السودانية وشغل لدورتين رئاسة منظمة الملكية الفكرية التابعة للأمم المتحدة. وفي مسار تطلعه لدور سياسي في بلاده ألَّف كتابا نشره عام 2015، سعى فيه إلى تقديم رؤية حول طريق السودان نحو المستقبل بعنوان "السودان 2025 تقويم المسار وحلم المستقبل". وقبل أن يصبح دائم الحضور على لائحة الترشح لرئاسة الوزراء في محطات تحوّل مشوبة بالاضطراب منذ الإطاحة بنظام الإنقاذ، ترشح لرئاسة الجمهورية منافسا للرئيس الأسبق عمر البشير في الانتخابات الرئاسية 2010. وعلى الرغم من وجوده الطويل خارج السودان، فإنه على تواصل مع أحداث وموضوعات ونُخب السياسة منذ أيام الرئيس جعفر النميري. تحديات وعُرف بعلاقة وثيقة مع آخر زعيمين من عمالقة القادة السياسيين هما الصادق المهدي رئيس حزب الأمة و حسن الترابي زعيم الحركة الإسلامية، وهو من توسَّط بينهما ونظم اللقاء الذي جمعهما في مايو/أيار 1999، وهو اللقاء الذي استوطن أدبيات السياسة السودانية بمسمى "لقاء جنيف"، كان المهدي عهدئذ معارضا والترابي رئيسا للبرلمان قبل المفاصلة الشهيرة بين الإسلاميين، وانتهى باتفاق جنيف بين الزعيمين، الذي يرى كثيرون أن من شأنه تغيير وجه السودان إن قُدر له التنفيذ. واليوم يتولى كامل إدريس رئاسة الوزراء في أعقَد ظروف السودان وأكثر أيامه عتمة، فالبلاد تعيش حربا شرسة منذ أكثر من سنتين لم تعهد مثيلها من قبل انتهت بتدميرها، وأنتجت سياقا سياسيا واجتماعيا معقدا، وامتدت تداعياتها وتشابكت مؤثراتها إلى الإقليم والعالم. ومهما كانت استعدادات إدريس المعرفية والسياسية، فإن التحديات التي تواجهه، على تعقيدها، معيار النجاح والإخفاق فيها واضح يمكن حسابه بوضوح وقياس المدى الذي حققه، وتواجهه تحديات تحتشد بأخرى. التحدي الأهم هو مواجهة حالة السيولة الإدارية التي وسمت صورة البلاد بالفوضى منذ الأيام الأخيرة للرئيس البشير وعبر سنوات ما بعد إسقاطه، وحتى اندلاع الحرب وصولا ليوم تسلّم الدكتور كامل إدريس رئاسة الوزراء، فما يمكن أن يوصف به المشهد الإداري للاقتصاد والسياسة هو حالة من الهشاشة تقترب من الانحلال، ما أدى إلى إهدار موارد البلاد وتضعضع أوضاع الناس المعيشية مع تداعيات النزوح، واللجوء الذي طال أكثر من 25% من السكان. التحدي الثاني هو الحالة السافرة للتدخل الخارجي الإقليمي والدولي، حسب تقدير يقارب الإجماع من كثير من القوى السياسية السودانية والمراقبين لشأن البلاد، حتى أصبحت ألعوبة لتلاطم الأجندات الخارجية واصطراع إرادات التأثير والسيطرة في مسارها ومصيرها. ومن أهم مفاتيح التعاطي الخارجي التي ظلت مطلوبات ضاغطة لمنظومات مثل الاتحاد الأفريقي و"إيغاد" والأمم المتحدة وعدد من الدول، هو ضرورة الواجهة المدنية المستقلة للسلطة في السودان. اختبار عملي ويرى كثيرون أن تولي الدكتور إدريس قيادة مجلس الوزراء من شأنه أن يستجيب لتحدي الضغط الخارجي رغم ما يكتنف ذلك من صعاب، ونهج سياسة خارجية تعمل في اتجاهين يتطلب الإمساك بخيوط التوفيق بينهما مهارات عالية، فالمطلوب من ناحية استرداد القرار وتوطين التوجهات الخارجية وفق معايير المصلحة السودانية، ومن ناحية أخرى استجابة لمعايير ومتطلبات التعاطي الذي يجنب البلاد المزيد من المواجهة، خاصة أن مستوى التدخل الخارجي بلغ الانخراط في يوميات الحرب. ويضع ذلك على فريق صناعة السياسة الخارجية دور إدارة مخاطر من الدرجة القصوى، وأهم مؤشرات القدرة على ذلك هو درجة الاستقلالية التي تتمتع بها حكومة إدريس، ودرجة الاتساق بين مستويات السلطة في مجلسي السيادة والوزراء. وإن أشار قرار رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان بإلغاء تكليف إشراف أعضاء المجلس على الوزارات إلى النية في تحقيق شرط استقلالية مجلس الوزراء، فإن الاتساق بين مستويات السلطة ينتظر اختبارا عمليا. والشأن الخارجي مسار زلِق تتناهى فيه الخيوط لدى البعض لدرجة التداخل في نسيج يصعب فيه فرز الألوان بين التبعية والوطنية، ولهذا فمهارة المشي فيه تحتاج حيطة وحذرا حتى لا تستحيل فرص التحرر الوطني إلى منزلقات تمكين الإرادة الخارجية. يواجه رئيس الوزراء وفريق عمله تحديات إدارة أزمات، النجاحُ فيها مقدمة ضرورية إلى تأسيس إقلاع جديد للبلاد وتعبيد الطريق لمنطلق وطني تودّع به البلاد أزماتها ويجنبها أجندات التمزيق، ويستخلص عبرة الحرب التي خاضتها، ويقتضي ذلك تحديد البرنامج والدور بوضوح وتوافق. وهذا يستوجب حشد أكبر كتلة سياسية وطنية تستصحب مرئياتها في الرؤى والبرنامج الذي تعمل حكومة كامل إدريس على تنفيذه. وعلى فداحة غياب الحوار الوطني، فإن حضوره يخلق حالة من التوافق يُجنب الحكومة إهدار الطاقة في احتواء الصراع بين مكونات الكتلة المؤيدة لها. وما تكاثف التدخل الخارجي -كما يرى كثيرون- إلا من ثغرات عجز السودانيين عن إدارة حوار سياسي بين مختلف قواهم السياسية أو التباطؤ في تنزيل ما يتفقون عليه على واقع حياتهم. الحذر واجب تحدي الإجماع والتوافق الوطني ليس سياسيا محضا، بل إن الحرب أفرزت تمزقا اجتماعيا بتحشيد قوى قبلية ذات أثر كبير لمواجهة الدولة لمصلحة طموحات سلطوية لأفراد ورؤوس قبائل، ما أنتج حالة التصدع الاجتماعي الذي تئن منه البلاد، وهذا تحدٍّ يحتاج إلى جهد شعبي تديره الحكومة بوعي يُفعِّل ما أصلحت عليه اللغة السياسية المعاصرة للسودانيين برتق النسيج الاجتماعي. وبما أن التحدي الأكبر الذي تعيشه البلاد أمني بسبب الحرب التي هددت وجودها، فإن أولوية البلاد القصوى تقوية شوكتها الدفاعية، وهو أمر تضطلع به قيادة الجيش ابتداء في وجهه العملياتي، ولكن حكومة إدريس معنية بالدفع السياسي في اتجاه تعزيز وتوكيد هذه الأولوية في خطابها السياسي وأولوياتها الاقتصادية ودفوعاتها الخارجية، بما يرفع عن البلاد مهدد الاستضعاف العسكري. وبالطبع يتضمن ذلك المساهمة في تصميم نهايات سياسية للحرب، تحول دون تصنيع أسباب تجددها وتعزز ممسكات الوحدة الوطنية، وتنشئ توافقا على موقع الجيش في خارطة السياسة والمساحة التي يتحرك فيها، بما يحقق توازن الغايات بين الدور العسكري والمدني. أثار تكليف الدكتور كامل إدريس للوهلة الأولى حالة من الانقسام السياسي بين مؤيد ومعارض، لكن سرعان ما ازدادت معدلات القبول، خاصة من القوى السياسية المؤيدة لما اصطُلح عليه "حرب الكرامة"، التي يخوضها الجيش في مواجهة قوات الدعم السريع. وعلى الرغم من دفق هذا في مصلحة إدريس، فإن من يعرف تقلبات الطقس السياسي في السودان يلزمه كثير من الحذر، فالموقف المساند ليس شيكا على بياض بل بعض دوافعه لا ترتكز على تحليل سياسي رصين، بل حالة التيه التي يُحدِث فيها كل جديد نفحة أمل، على الدكتور كامل إدريس وفريقه أن يحيلها إلى اختيار واعٍ تعززه كل يوم التقدمات في الطريق الصحيح.

واشنطن تقرر فرض عقوبات على السودان والخرطوم تتهمها بالابتزاز
واشنطن تقرر فرض عقوبات على السودان والخرطوم تتهمها بالابتزاز

الجزيرة

timeمنذ 9 ساعات

  • الجزيرة

واشنطن تقرر فرض عقوبات على السودان والخرطوم تتهمها بالابتزاز

أعلنت واشنطن أنها ستفرض عقوبات على السودان بعد توصلها إلى خلاصة مفادها أن الجيش السوداني استخدم أسلحة كيميائية عام 2024 خلال صراعه مع قوات الدعم السريع ، في حين سارعت الخرطوم لرفض تلك الاتهامات والعقوبات واتهمت بدورها واشنطن بالابتزاز والتزييف. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس في بيان إن العقوبات ستتضمن قيودا على الصادرات الأميركية وخطوط الائتمان الحكومية الأميركية، وستدخل حيز التنفيذ في موعد قريب من السادس من يونيو/حزيران بعد إخطار الكونغرس. وأضافت بروس أن "الولايات المتحدة تدعو حكومة السودان إلى وقف استخدام الأسلحة الكيميائية والوفاء بالتزاماتها بموجب معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية" التي تحظر استخدام مثل هذه الأسلحة. وجاء في بيان بروس أن الولايات المتحدة قررت رسميا في 24 أبريل/نيسان الماضي بموجب قانون (مراقبة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والقضاء على الحرب) لعام 1991 أن حكومة السودان استخدمت أسلحة كيميائية العام الماضي، لكنها لم تحدد نوع الأسلحة المستخدمة أو موعد أو مكان استخدامها على وجه الدقة. وقالت بروس "تؤكد الولايات المتحدة التزامها الكامل بمساءلة كل من يسهم في انتشار الأسلحة الكيميائية". الخرطوم ترفض من جانبها سارعت الخرطوم لرفض التصريحات والاتهامات الأميركية، وقال المتحدث باسم الحكومة السودانية إن ما صدر عن واشنطن من عقوبات هي "اتهامات وقرارات تتسم بالابتزاز وتزييف الحقائق". وأشار المتحدث إلى أن واشنطن "دأبت على انتهاج سياسات تعرقل مسيرة الشعب السوداني نحو الاستقرار"، وفق تعبيره. وأضاف أن "عقوبات واشنطن استهدفت الجيش بعد إنجازات ميدانية غيرت واقع المعركة". وفرضت واشنطن في يناير/ كانون الثاني الماضي عقوبات على قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ، متهمة إياه بالتمسك بإنهاء الصراع عن طريق الحرب وليس عبر المفاوضات. كما خلصت الولايات المتحدة إلى أن أعضاء من قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها ارتكبوا إبادة جماعية، وفرضت عقوبات على بعض قيادات القوات بما في ذلك قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف باسم (حميدتي). ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية. وبوتيرة متسارعة منذ أسابيع بدأت تتناقص مساحات سيطرة الدعم السريع في ولايات السودان لصالح الجيش الذي تمددت انتصاراته في العاصمة الخرطوم، بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي ومقار الوزارات بمحيطه والمطار ومقار أمنية وعسكرية.

عاصفة في السودان عقب قرار البرهان
عاصفة في السودان عقب قرار البرهان

الجزيرة

timeمنذ 13 ساعات

  • الجزيرة

عاصفة في السودان عقب قرار البرهان

أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان الاثنين مرسومًا دستوريًا قضى بتعيين كامل الطيب إدريس رئيسًا لمجلس الوزراء. والسيد كامل إدريس دبلوماسي وسياسي بارز، شغل منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية لأكثر من عشر سنوات، كما شغل منصب الأمين العام للاتحاد الدولي لحماية المصنفات النباتية. وهو يعد شخصية سياسية مستقلة لم يعرف عنه سابق انتماء حزبي أو أيديولوجي، وقد خاض انتخابات الرئاسة في العام 2010 ضمن المرشحين المستقلين في مواجهة الرئيس السابق عمر البشير. تزخر السيرة الذاتية للرجل بمحطات عديدة ومواقع عمل مختلفة ساهمت في تكوين خبرة تراكمية أهلته ليكون خيارًا مميزًا من بين عدة شخصيات أخرى ليشغل منصب رئيس الوزراء في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به السودان. اختيار كامل إدريس لرئاسة الوزراء بكامل صلاحيات المنصب وضع حدًا لفترة فراغ في هذا المنصب استمرت لأكثر من ثلاث سنوات منذ استقالة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك في يناير/ كانون الثاني من العام 2022، حيث ظل مجلس الوزراء طوال تلك الفترة يباشر مهامه التنفيذية بالتكليف. وقد أثار تعيين كامل إدريس جدلًا واسعًا في الأوساط الشعبية وعلى مستوى النخب والقوى السياسية السودانية على حد سواء، ليس فقط لأن قرار تعيينه كان مفاجئًا وغير متوقع، وإنما أيضًا بسبب بُعد الرجل وغيابه عن المشهد السياسي – على الأقل – منذ اندلاع الحرب التي دخلت عامها الثالث الآن، حيث ظل الرجل معتكفًا فيما يشبه العزلة عن مجريات الأحداث، واتخذ لنفسه مكانا قصيًا عن قوة جذب الاستقطاب الحاد الحادث بين مليشيا الدعم السريع وجناحها السياسي بقيادة حمدوك من جهة، والحكومة السودانية ومؤيديها من القوى السياسية من جهة أخرى. استطاع كامل إدريس أن يحتفظ بحالة حياد تام بين الجانبين ولم يصطف مع طرف بعينه في مواجهة الطرف الآخر، وهو موقف يعكس بوضوح شخصيته التي تميل بشكل كبير نحو الاستقلالية. ولهذا السبب فإنّ تعيينه أثار جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية ما بين مؤيد، ومعارض. مليشيا الدعم السريع وجناحها السياسي كانوا في طليعة المعارضين لتعيين كامل إدريس رئيسًا للوزراء بكامل الصلاحيات، ويؤسسون معارضتهم ورفضهم تعيينَ الرجل على ما يرونه من أن الحكومة ليست لها الشرعية التي تخولها القيام بهذا الإجراء من الأساس باعتبار أن شرعيتها انتهت عقب اتخاذ البرهان إجراءات 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 التي قضت بإزاحة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك من منصبه. وترى هذه الفئة أن حمدوك هو رئيس الوزراء الشرعي، وفي الحقيقة فإن هذا الرأي تفنده حقيقة أن حمدوك كان قد أعيد لمنصبه في أقل من شهر من تاريخ إزاحته، لكنه وبعد شهرين من إعادته تقدم باستقالته لرئيس مجلس السيادة مسببًا الاستقالة بفشل جهوده لإحداث إجماع سياسي وطني "ضروري للإيفاء بما وعدنا به المواطن من أمن وسلام وعدالة وحقن للدماء"، حسب تعبيره. كذلك من أسباب رفض مليشيا الدعم السريع وجناحها السياسي تعيينَ كامل إدريس أنها تتهمه بأنه صنيعة لنظام البشير، وأنه كان جزءًا من ذلك النظام وأنه – حسبما عبر عن ذلك المستشار القانوني لمليشيا الدعم السريع محمد مختار النور – يتماهى مع التيار الإسلامي، وأن تاريخه مليء بالتناقضات. تبرز أصوات أخرى متفرقة داخل معسكر الرافضين تعيينَ كامل إدريس وتمثل مشارب مختلفة داخل الطيف السياسي السوداني من قوى وطنية تقف مساندة ومؤيدة للجيش وللحكومة السودانية، منهم سياسيون، وصحفيون، وناشطون، خاصة من فئة الشباب عبروا عن تحفظاتهم على تعيين الرجل- في مواقع التواصل الاجتماعي- وبنى هؤلاء موقفهم هذا على أن التزام كامل إدريس للحياد إزاء الحرب، هو موقف يثير الشكوك حول حقيقة موقفه؛ باعتبار أن طبيعة الحرب- وما تمخض عنها من تداعيات شديدة الفظاعة، بسبب الانتهاكات وجرائم الحرب التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع، والتدخل الخارجي بالدعم- لا تدع مساحة للوقوف على الحياد منها، ولا تبرر أي اتجاه سلبي لا يفصح بشكل واضح عن دعمه للجيش والحكومة. أما في الجانب الآخر وعلى صعيد الفئة المؤيدة لتعيين كامل إدريس، فتأتي على رأس هذه الفئة القوى السياسية التي كانت قد تقدمت للبرهان بخارطة طريق للفترة الانتقالية، وتضم هذه القوى السياسية الكتلة الديمقراطية، وتحالف الحراك الوطني، وتحالف سودان العدالة، وحزب المؤتمر الشعبي بقيادة الأمين محمود. حيث امتدحت هذه الفئة قرار التعيين ووصفته بأنه خطوة في الاتجاه الصحيح، كونها تتيح الفرصة للجانب المدني للقيام بواجبه تجاه إعادة إحياء العمل التنفيذي، والاهتمام بمعاش المواطنين، وتطبيع الحياة، وتقديم الخدمات لهم، وأن من شأن تعيين رئيس وزراء بكامل الصلاحيات يقود إلى انتقال سلس يتم من خلاله تنفيذ اتفاقية سلام جوبا والتحضير لقيام الانتخابات العامة مع نهاية الفترة الانتقالية. ومن ضمن هذه الفئة المؤيدة برزت أصوات من خارج "منظومة خارطة الطريق"، أبرزها صوت رئيس حزب المؤتمر الوطني (المفوض) الذي يمثل قسمًا كبيرًا من (الإسلاميين) برئاسة أحمد هارون، حيث أصدر الحزب بيانًا أشاد فيه بقرار التعيين واصفًا إياه بالخطوة المهمة على طريق "إعادة ترتيب البيت الوطني الداخلي بما يمكن المجلس السيادي وقيادة الجيش من الاضطلاع بمهامهما الجسيمة ويتيح الفرصة لتكوين حكومة تضطلع بمهامها بكفاءة". وامتدح هارون رئيس الوزراء المعين ووصفه بأنه "كفاءة وطنية مستقلة". ويلاحظ على موقف ودفوعات الرافضين تعيين رئيس الوزراء، أنهم صوبوا نقدهم لـ (شخص) رئيس الوزراء المعين وليس على الخطوة نفسها، في حين أنه من المسلم به سياسيًا وقانونيًا وفقًا للوثيقة الدستورية أن تعيين رئيس وزراء بصلاحيات كاملة هو من فروض وضروريات الفترة الانتقالية، وركن أصيل في عملية الانتقال إلى الحكم المدني الديمقراطي، لذلك فإن هذا التيار الرافض تعيين كامل إدريس، قد أضعف نفسه بتركيزه على رفض شخصِه فقط، وإثارة اتهامات حوله يصعب تأكيدها. وعلى الجانب الآخر، فإن المؤيدين للتعيين لم يستندوا في تأييدهم إلى السمات الشخصية، ولا على الموقف الحيادي لرئيس الوزراء المعين من الحرب، وإنما انطلقوا من كون الخطوة صحيحة وتقود إلى استكمال الدور الانتقالي للحكومة، وتتيح الفرصة لقيادة الجيش من أجل التفرغ لمهامها الدفاعية، واستكمال مسيرة النصر والقضاء على التمرد. وجدير بالقول إن مهمة السيد كامل إدريس ليست سهلة، وتعترضها العديد من التحديات، يأتي في صدارتها التحدي الاقتصادي، وهو ملف شائك حيث ينتظر من حكومته المرتقبة أن تقوم بإنجاز إصلاحات اقتصادية في الأجل القصير، وإحداث تحسينات عاجلة في معاش الناس، خاصة في مجال الخدمات من مياه وكهرباء، وصحة، وتعليم، وإعادة تأهيل مرافق البنية التحتية، وإيجاد حلول ناجعة لمشكلات تصدير الذهب الذي يمثل العمود الفقري لإيرادات الدولة. وكذلك إعادة تأهيل المشاريع الزراعية خاصة مشروع الجزيرة، وهو الأكبر على نطاق الدولة بعدما طالته يد التخريب والتدمير بواسطة مليشيا الدعم السريع. وكذلك أمام رئيس الوزراء المعين تحديات سياسية جمة تتمثل بصورة مجملة في تحقيق انتقال سلس من الفترة الانتقالية التي ستمتد وفقًا لخارطة الطريق لأربع سنوات يتم خلالها تهيئة مناخ سياسي معافى ويمهد الطريق فيها إلى إحداث توافق سياسي على صيغة وشكل الحكم المدني الديمقراطي والتحضير للانتخابات والإشراف عليها وعلى نزاهتها، ومن ثم تسليم البلاد لحكومة منتخبة. وكل ذلك يتم تحت رقابة شعبية مباشرة، مما يضع حكومة السيد كامل المرتقبة تحت ضغط شعبي هائل ومباشر. المهمة ليست سهلة، لكنها ليست مستحيلة، إذا توفر السند الشعبي لرئيس الوزراء وحكومته، وإذا أحسن رئيس الوزراء اختيار طاقمه الوزاري على أساس الكفاءة والتخصص والجدارة بعيدًا عن المحاصصة والمجاملة، وتفعيل قوانين المحاسبة ومحاربة الفساد. الواقع أنه لا سبيل للإجابة عن هذا السؤال في الوقت الراهن فحبر قرار التعيين لم يجفّ بعد، وتطورات الأحداث في ظلّ حالة الحرب متقلّبة ويصعب التنبؤ بها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store