logo
التوازن الهش بين الهند وباكستان يستدعي المخاوف من المواجهة النووية

التوازن الهش بين الهند وباكستان يستدعي المخاوف من المواجهة النووية

أهل مصر٢٩-٠٤-٢٠٢٥

مع تزايد حدة التوترات الإقليمية وتصاعد المخاوف من تكرار سيناريو عام 1999، عندما تسلل مسلحون كشميريون إلى الشطر الهندي من كشمير واحتلوا قمم كارجيل، يعود الحديث بقوة عن موازين القوى بين الجارتين النوويتين، الهند وباكستان. وبينما تستعرض المنطقة ذكريات الصراع الذي استعادته الهند بالقوة، يبرز السؤال حول القدرات العسكرية الشاملة للبلدين واحتمالات نشوب مواجهة جديدة في ظل ترسانتهما النووية. يسلط هذا التقرير المطول الضوء على أبرز مؤشرات القوة لدى نيودلهي وإسلام آباد، مستندًا إلى أحدث إحصائيات عام 2025 الصادرة عن موقع "غلوبال فاير باور"، المتخصص في الشؤون الدفاعية، وذلك في محاولة لرصد نقاط القوة والضعف لدى الطرفين.
الكتلة الحيوية: تفوق ديموغرافي هندي ونسبة تجنيد باكستانية أعلى
تُعد الكتلة الحيوية، المتمثلة في الأرض والسكان، من الركائز الأساسية لقوة الدول. ورغم التفوق السكاني الهائل للهند، الذي يزيد عن خمسة أضعاف سكان باكستان، تشير الإحصائيات إلى أن نسبة التجنيد في القوات المسلحة الباكستانية، قياسًا إلى عدد السكان، تتجاوز نظيرتها في الهند. في المقابل، تنفق الهند ما يزيد عن عشرة أضعاف ما تخصصه باكستان للتسليح والتدريب وتطوير المنظومة الدفاعية. كما تتمتع الهند بمساحة جغرافية تفوق مساحة باكستان بأكثر من أربعة أضعاف، بالإضافة إلى سواحل ممتدة تتيح لها تنوعًا في طرق التجارة والإمداد بحرًا وبرًا، فضلًا عن امتلاكها ثروات طبيعية استراتيجية، وإن كانت لا تغطي احتياجاتها بالكامل، وهو وضع مشابه إلى حد كبير في باكستان.
التعاون العسكري: تحالفات باكستانية مع الصين وتركيا وتوجه هندي نحو الولايات المتحدة وإسرائيل
في سعيها لتحديث وتطوير منظومتها الجوية، تتجه باكستان نحو تعزيز تعاونها العسكري مع الصين وتركيا، حيث تسعى للحصول على مقاتلات شبحية صينية من طراز إف سي-31، وطائرات هجومية تركية من الجيل الخامس "قاآن". في المقابل، لا تتردد الهند في عقد صفقات دفاعية للحصول على أحدث التقنيات والمعدات المتطورة من الولايات المتحدة وإسرائيل، بالإضافة إلى تركيزها على تطوير قدراتها التصنيعية العسكرية الذاتية. وقد أثمرت هذه الجهود عن إنتاج معدات عسكرية متطورة، تشمل مقاتلات محلية مثل "تيجاز"، وغواصات، ومدرعات، وصواريخ بعيدة المدى، وأنظمة دفاعية متقدمة. وعلى صعيد الشراكات الخارجية، عززت الولايات المتحدة تحالفها الدفاعي مع الهند بمنحها تصنيف "شريك دفاعي رئيسي"، مما يضعها في مرتبة متقدمة بين حلفاء الناتو. كما ساهم التعاون الهندي الإسرائيلي في تطوير أنظمة صواريخ متقدمة وطائرات استطلاع وأنظمة دفاع جوي.
القدرات النووية: سباق تسلح استراتيجي وتصاعد في أعداد الرؤوس النووية
يستمر التنافس المحموم بين الهند وباكستان في تطوير الأسلحة الاستراتيجية، وخاصة الصواريخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية. ففي الوقت الذي تختبر فيه الهند صواريخ عابرة للقارات مثل "آغني-5" الذي يتجاوز مداه 5000 كيلومتر، تمتلك باكستان صواريخ مثل "شاهين" الذي يتراوح مداه بين 2500 و3000 كيلومتر. وتشير التقديرات إلى ارتفاع أعداد الرؤوس النووية لدى البلدين لتتراوح بين 200 و250 رأسًا بحلول عام 2025. وتفيد تقارير متخصصة بأن باكستان تعمل على تعزيز ترسانتها النووية بوتيرة سريعة، مع تقديرات بامتلاك إسلام آباد نحو 165 رأسًا نوويًا وقدرتها على إنتاج حوالي 30 رأسًا سنويًا. كما تمتلك باكستان صواريخ حاملة للرؤوس النووية مثل "هافت" بمدى 300 كيلومتر و"هافت 4" بمدى 750 كيلومترًا.
الثالوث النووي: استراتيجيات ردع مختلفة وتعديلات على الطائرات الهندية لحمل الأسلحة النووية
تمتلك كل من الهند وباكستان أشكالًا مختلفة من مكونات ما يُعرف بـ "الثالوث النووي"، الذي يشير إلى القدرة على إطلاق الأسلحة النووية من ثلاثة مسارات رئيسية: القاذفات الاستراتيجية، والصواريخ الباليستية البرية، والصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات. وترى باكستان في التلويح بالاستخدام المبكر للسلاح النووي وسيلة ضرورية لردع أي تحرك عسكري هندي قبل وقوعه. في المقابل، تقوم الهند بتعديل بعض طائراتها مثل "ميراج 2000 إتش"، و"سو-30"، و"جاغوار-آي إس" التابعة لقواتها الجوية لحمل الأسلحة النووية، إلا أن تركيزها الأساسي يظل على الصواريخ الباليستية المنطلقة بريًا.
موازين القوى التقليدية: تفوق كمي باكستاني محتمل يقابله تفوق تكنولوجي هندي
بالتدقيق في الأرقام المتعلقة بحجم التسليح والإمكانيات الجوية والبرية لدى الطرفين، يتبين أنها قد لا تعكس بالضرورة حجم الإنفاق الدفاعي. ففي حين تشير الأرقام إلى تفوق نسبي لدى باكستان في بعض الجوانب الكمية، إلا أن هذا قد يكون على حساب الكفاءة التقنية والتفوق التكنولوجي، الذي يميل لصالح الهند في الغالب.
القوة البحرية: تفوق هندي واضح في ظل طول السواحل الممتد
نظرًا للفارق الشاسع في طول السواحل بين البلدين، يتفوق الأسطول البحري الهندي بشكل واضح كمًا ونوعًا على نظيره الباكستاني. ويكفي الإشارة إلى أن الهند تمتلك حاملتي طائرات، إحداهما من تصنيعها الذاتي، مما يمنحها قدرات بحرية استراتيجية متقدمة.
خلاصة: توازن هش وقلق متزايد من التصعيد
في الختام، يظهر استعراض موازين القوى بين الهند وباكستان وجود توازن هش ومعقد، حيث يتفوق كل طرف في جوانب معينة. وبينما تمتلك الهند تفوقًا ديموغرافيًا واقتصاديًا وإنفاقًا دفاعيًا أكبر وقدرات بحرية متقدمة، تسعى باكستان إلى تعويض هذا الفارق من خلال نسبة تجنيد أعلى وتعاون عسكري مع دول أخرى وتطوير ترسانتها النووية. ومع استمرار التوترات الإقليمية وتصاعد المخاطر، يبقى شبح حرب أخرى يلوح في الأفق، مما يستدعي يقظة دولية وجهودًا دبلوماسية مكثفة لتجنب تكرار سيناريو كارجيل في ظل امتلاك الطرفين للأسلحة النووية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب: بحث قضية نشر الأسلحة في الفضاء مع فلاديمير بوتين
ترامب: بحث قضية نشر الأسلحة في الفضاء مع فلاديمير بوتين

مصرس

timeمنذ 2 ساعات

  • مصرس

ترامب: بحث قضية نشر الأسلحة في الفضاء مع فلاديمير بوتين

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رغبته في مناقشة قضية نشر الأسلحة في الفضاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض بهذا الصدد: "لم نتحدث عن ذلك، لكننا سنقوم بهذا في الوقت المناسب".يذكر أن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب أجريا اتصالا هاتفيا يوم 19 مايو، بحثا خلاله التسوية في أوكرانيا وقضايا العلاقات الثنائية بين موسكو وواشنطن.كان ذلك ثاني اتصال هاتفي بينهما منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي.وبشأن قضية الأسلحة في الفضاء، تجدر الإشارة إلى أن حلف الناتو والاستخبارات الأمريكية اتهمت روسيا في وقت سابق بأنها تخطط لنشر أسلحة نووية في الفضاء الكوني لاستهداف الأقمار الصناعية للناتو.ورفضت روسيا تلك الاتهامات، مشيرة إلى عدم وجود أي أساس لها، وفقا لروسيا اليوم.وتقدمت موسكو منذ سنوات بمبادرة تدعو إلى صياغة اتفاقية دولية تمنع نشر واستخدام الأسلحة في الفضاء، وقدمت لمجلس الأمن الدولي في العام الماضي مشروع قرار لمنع سباق التسلح في الفضاء، لكن المجلس لم يؤيده، حيث عارضته الدول الغربية.

ترامب: بحث قضية نشر الأسلحة في الفضاء مع فلاديمير بوتين
ترامب: بحث قضية نشر الأسلحة في الفضاء مع فلاديمير بوتين

مصراوي

timeمنذ 6 ساعات

  • مصراوي

ترامب: بحث قضية نشر الأسلحة في الفضاء مع فلاديمير بوتين

وكالات أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رغبته في مناقشة قضية نشر الأسلحة في الفضاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض بهذا الصدد: "لم نتحدث عن ذلك، لكننا سنقوم بهذا في الوقت المناسب". يذكر أن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب أجريا اتصالا هاتفيا يوم 19 مايو، بحثا خلاله التسوية في أوكرانيا وقضايا العلاقات الثنائية بين موسكو وواشنطن. كان ذلك ثاني اتصال هاتفي بينهما منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي. وبشأن قضية الأسلحة في الفضاء، تجدر الإشارة إلى أن حلف الناتو والاستخبارات الأمريكية اتهمت روسيا في وقت سابق بأنها تخطط لنشر أسلحة نووية في الفضاء الكوني لاستهداف الأقمار الصناعية للناتو. ورفضت روسيا تلك الاتهامات، مشيرة إلى عدم وجود أي أساس لها، وفقا لروسيا اليوم. وتقدمت موسكو منذ سنوات بمبادرة تدعو إلى صياغة اتفاقية دولية تمنع نشر واستخدام الأسلحة في الفضاء، وقدمت لمجلس الأمن الدولي في العام الماضي مشروع قرار لمنع سباق التسلح في الفضاء، لكن المجلس لم يؤيده، حيث عارضته الدول الغربية.

تحول مفاجئ في موقف بريطانيا من إسرائيل.. من الدعم المطلق إلى التصعيد الدبلوماسي
تحول مفاجئ في موقف بريطانيا من إسرائيل.. من الدعم المطلق إلى التصعيد الدبلوماسي

مصراوي

timeمنذ 12 ساعات

  • مصراوي

تحول مفاجئ في موقف بريطانيا من إسرائيل.. من الدعم المطلق إلى التصعيد الدبلوماسي

القاهرة - مصراوي في تحول لافت يعكس تغيرًا جذريًا في السياسة الخارجية البريطانية، اتخذت لندن سلسلة من الإجراءات التصعيدية ضد إسرائيل، بعد أكثر من عامين ونصف على بدء الحرب في قطاع غزة. فبعد أن كانت المملكة المتحدة تُصنف ضمن الدول الأكثر دعمًا لتل أبيب دبلوماسيًا وعسكريًا، أعلنت الحكومة البريطانية مؤخرًا عن تعليق المفاوضات التجارية مع إسرائيل، وفرض عقوبات على مستوطنين في الضفة الغربية، واستدعاء السفير الإسرائيلي احتجاجًا على العمليات العسكرية في غزة وأعمال العنف في الضفة. تعليق محادثات اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل وأعلنت وزارة الخارجية البريطانية، يوم الثلاثاء، أن محادثات اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل "تم تعليقها رسميًا وبأثر فوري"، مؤكدة أنه "لا يمكن المضي قدمًا في التفاوض بشأن اتفاقية جديدة في ظل السياسات الصادمة لحكومة نتنياهو". كما استدعت بريطانيا السفيرة الإسرائيلية لدىها، تسيبورا حوتوفلي، حيث من المقرر أن ينقل وزير شؤون الشرق الأوسط، هاميش فالكونر، رفض بلاده للتصعيد العسكري في غزة، ويدين الحصار المفروض على المساعدات، ويطالب بوقف الاستيطان وأعمال العنف في الضفة الغربية. تاريخ من الدعم البريطاني الدبلوماسي والعسكري لإسرائيل قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في تصريحات له في سبتمبر الماضي، أمام مجلس العموم البريطاني، أن بلاده تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بموجب القانون الدولي. وأضاف حينها: "دعوني أغادر هذا المجلس (مجلس العموم) مع التأكيد على أن المملكة المتحدة مستمرة في دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وفقا للقانون الدولي". وفيما يتعلق بالدعم العسكري، أرسلت بريطانيا منذ بداية العدوان على غزة عدد كبير من المعدات العسكرية، إذ كشفت صحيفة ذا غارديان في تقرير حديث لها، أن لندن واصلت تصدير معدات عسكرية إلى إسرائيل، حتى بعد إعلان تجميد عدد من تراخيص تصدير الأسلحة في سبتمبر 2024. وبيّن التحقيق أن 14 شحنة من المعدات العسكرية أُرسلت إلى إسرائيل منذ أكتوبر 2023، بينها شحنة بحرية احتوت على نحو 160 ألف قطعة، إلى جانب تصدير أكثر من 8,600 قطعة من الذخائر والقنابل والصواريخ، معظمها بعد قرار التجميد. وأشار التحقيق إلى أن الحكومة البريطانية أبقت على 200 ترخيص تصدير، ومنحت استثناءً خاصًا للمعدات الداخلة في برنامج الطائرة المقاتلة "إف-35"، بحجة ضرورات الأمن القومي والحفاظ على سلسلة التوريد العالمية لصالح الناتو. الضغوط الدولية دفعت بريطانيا للتراجع يمثل هذا التحول في موقف بريطانيا إشارة قوية على تنامي الضغوط الدولية على إسرائيل، خاصة في ظل ازدياد الانتقادات المتعلقة بانتهاكات القانون الإنساني في غزة والضفة الغربية، كما يعكس تغيرًا في المزاج السياسي البريطاني، الذي بدأ يتبنى خطابًا أكثر انتقادًا للسياسات الإسرائيلية، تحت ضغط الرأي العام ومنظمات حقوق الإنسان.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store