logo
المكيف التقليدي أم الصحراوي؟ دليلك لاختيار الأنسب في حرّ الصيف

المكيف التقليدي أم الصحراوي؟ دليلك لاختيار الأنسب في حرّ الصيف

الجزيرةمنذ 4 أيام

مع حلول فصل الصيف، يعود الجدل لدى كثيرين حول الخيار الأفضل لتبريد الهواء: هل هو مبرد الهواء المعروف بـ"المكيف الصحراوي"، أم المكيف التقليدي؟ فالاختيار ليس سهلا في ظل تفاوت الأسعار، واختلاف معدلات استهلاك الطاقة، وعدد الوحدات، فضلا عن قدرات التبريد التي يقدمها كل جهاز. ففي حين ينجح أحدهما في أداء مهمته بكفاءة في ظروف مناخية معينة، قد لا يكون فعالا في بيئات أخرى، ليبقى السؤال المطروح: أي الخيارين أكثر كفاءة وأقل تأثيرا سلبيا؟
ما الفارق بين المكيف والمبرد الصحراوي؟
يفترض أن تؤدي كل من المبردات الصحراوية والمكيفات التقليدية وظيفة واحدة: تبريد الهواء الساخن وتوفير شعور مريح للمستخدم، لكن كلاهما يعتمد على آلية مختلفة لتحقيق ذلك.
فالمكيفات التقليدية تعمل على خفض درجة الحرارة عبر إزالة الرطوبة من الجو، وهو ما يفسر قطرات الماء التي تتسرب من أنابيب التصريف، نتيجة تكثف البخار أثناء عملية التبريد. أما المبردات الصحراوية، فتعتمد على زيادة رطوبة الهواء، إذ ترتبط كل درجة تبريد بارتفاع نسبة الرطوبة داخل الغرفة بما يتراوح بين 2 و3%.
وتتميز المبردات الصحراوية بصغر حجمها وانخفاض تكلفتها مقارنة بالمكيفات التقليدية، مما يمنحها ميزة اقتصادية واضحة. لكن لفهم الفرق بشكل أدق، تجدر الإشارة إلى أن المبردات الصحراوية تعمل عن طريق سحب الهواء الساخن من المحيط، وتمريره عبر فلاتر مبللة بالماء، مما يؤدي إلى تبخير المياه وامتصاص الحرارة، لتقوم المروحة بعدها بنفث الهواء المرطب إلى الغرفة. في المقابل، يحتوي المكيف التقليدي على دائرة تبريد مغلقة تعتمد على غاز التبريد الذي يسحب الحرارة من هواء الغرفة ويطردها إلى الخارج، قبل أن يعيد توزيع الهواء البارد داخل المساحة.
ويعد الفارق الأبرز بين النوعين هو كم الهواء المطلوب لأداء المهمة، ففي الوقت الذي يتطلب فيه المبرد الصحراوي هواء متجددا بحيث يمكن استخدامه في غرفة مع نوافذ وأبواب مفتوحة، أو في حتى الشرفات، تقوم طريقة عمل المكيف التقليدي على تبريد كمية بعينها من الهواء، هكذا يصبح إخراج الهواء من الغرفة عبر فتحها ضارا بكفاءة الجهاز، كما أنه لا يمكن استخدامه في تبريد الشرفات أو المساحات الخارجية المكشوفة.
ويعتبر استهلاك الكهرباء فارقا جوهريا آخر بين الجهازين، حيث يستهلك المبرد الصحراوي طاقة أقل 5 مرات من مكيفات الهواء التقليدية التي يستهلك كل جزء في وحداتها طاقة كهربائية تختلف كميتها بحسب مدى توفير الجهاز للطاقة، كما أن صيانة المبردات الصحراوية تبدو أسهل نظرا لبساطة مكوناتها وطريقة عملها مقارنة بالمكيفات التقليدية.
مبرد الهواء أم المكيف؟
يعتمد اختيار جهاز التبريد المناسب بشكل أساسي على طبيعة البيئة المحيطة. فإذا كانت الأجواء رطبة بطبيعتها، فلن تكون المكيفات الصحراوية خيارا فعالا، بل قد تزيد من رطوبة الغرفة دون أن تُحدث فرقا ملموسا في درجة الحرارة، مما يؤدي أحيانا إلى شعور أكبر بالحرارة بدلا من تخفيفها.
ولهذا ينصح باستخدام المبردات الصحراوية في المناطق الجافة والحارة، حيث تكون نسبة الرطوبة منخفضة، عادة بين 13% و40%. ففي مثل هذه الأجواء، تُظهر هذه الأجهزة كفاءة عالية، إذ تضيف الرطوبة إلى الهواء وتُسهم في خفض درجات الحرارة بما يتراوح بين 5 و15 درجة مئوية، وفقا لبيانات وزارة الطاقة الأميركية.
ويلجأ البعض إلى مبرد الهواء هربا من ضوضاء المكيف التقليدي، بفارق 10 ديسيبلات من تضخيم الصوت، مما يمنح إحساسا مضاعفا بالضوضاء في حالة استخدام مكيفات الهواء.
ويوصي الخبراء باتخاذ القرار بشأن نوعية جهاز تبريد الهواء الأنسب بناء على مجموعة من الاعتبارات أهمها:
إعلان
درجة الرطوبة في البيئة المحيطة.
هل المكان المراد تبريده داخلي أو خارجي؟
المساحة المراد تبريدها كبيرة أو صغيرة؟
الميزانية المتاحة.
سهولة الصيانة الدورية وتوفرها.
منافع مقابل أضرار.. ماذا تفضل؟
توفر المكيفات ومبردات الهواء مجموعة من الفوائد الصحية، خاصة مع الارتفاع المستمر في درجات الحرارة، حيث تسهم في الحد من المشكلات المرتبطة بالاحتباس الحراري وتحسين جودة الحياة اليومية. ومع ذلك، فإن لكل من هذه الأجهزة آثارا جانبية محتملة تستدعي الانتباه.
فالمبردات الصحراوية، على سبيل المثال، تقدم العديد من المنافع مثل تجديد الهواء داخل الغرفة، وتقليل التعرض للغبار، وحبوب اللقاح، والبكتيريا، والفيروسات، وهي عناصر قد تسبب الحساسية أو التهابات في الجهاز التنفسي. كما تسهم في تنقية الهواء من الروائح والدخان، وتخفيف الجفاف الذي يصيب العينين والجلد والأنف والحلق، إلى جانب دورها في الوقاية من ضربة الشمس، والإجهاد الحراري، والصداع، ومشاكل الجيوب الأنفية والتنفس.
لكن في المقابل، قد تتحول هذه الأجهزة إلى مصدر خطر صحي إذا لم تستخدم وتُصنّع وتُصان بشكل دوري وسليم. فعند إهمال التنظيف، يمكن أن تصبح بيئة مناسبة لتكاثر البكتيريا، ومنها بكتيريا "الفيالقة" التي تسبب أحد أخطر أنواع الالتهاب الرئوي.
كما قد تؤدي المبردات إلى تفاقم مشكلات الحساسية والربو واضطرابات الجهاز التنفسي الأخرى، بالإضافة إلى احتمال تهيج الجلد والعينين إن احتوى الماء المستخدم على مواد كيميائية أو إضافات مثل المعطرات والمطهرات.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

القدس.. ألف فلسطيني يغادرون لأداء فريضة الحج
القدس.. ألف فلسطيني يغادرون لأداء فريضة الحج

الجزيرة

timeمنذ 17 ساعات

  • الجزيرة

القدس.. ألف فلسطيني يغادرون لأداء فريضة الحج

انطلق صباح اليوم الاثنين الفوج الأول من أهالي محافظة القدس متجهين نحو الديار الحجازية لأداء فريضة الحج لهذا العام، ومع انطلاقهم فُرّغت قوائم الانتظار لحجاج القدس من حواسيب وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، وسيكون بإمكان المقدسيين التسجيل في القرعة للحج بدءا من العام المقبل بعد توقفه منذ عام 2011 بسبب الأعداد الكبيرة المسجلة والفائض في القوائم. وقال وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية حسام أبو الرب للجزيرة نت إن 6600 فلسطيني سيتّجهون إلى السعودية لأداء فريضة الحج، بينهم 1500 غزّي ممن يمكثون حاليا في مصر ، مضيفا أن استعدادات الوزارة اكتملت لمغادرة الحجاج على دفعتين تمتد كل منهما لثلاثة أيام، وتبدأ الدفعة الأولى اليوم الاثنين وتشمل الحجاج الذي سيسافرون برّا. وأوضح أبو الرب أن 3500 حاج سيصلون إلى السعودية برّا، و3100 سيغادرون إليها جوّا من مصر و الأردن ، وأن عودة الحجاج إلى فلسطين ستبدأ يوم 11 يونيو/حزيران المقبل. وتطرق وكيل وزارة الأوقاف إلى تفريغ قوائم الانتظار الخاصة بالمقدسيين بالكامل، وإضافة 300 حاج جديد إليها هذا العام، على أن يتم فتح باب التسجيل من جديد العام المقبل. حجاج فلسطين فئات متعددة مدير شركة "مشاعر" للحج والعمرة المقدسي وائل شويكي -الذي سيرافق وطاقم شركته 350 حاجا وحاجة من القدس اختاروا "مشاعر" لتلقي خدماتها هذا العام- أوضح للجزيرة نت كل ما يتعلق بحجاج المدينة، لكنه بدأ حديثه بالقول إن حرب عام 1967 قسمت حجاج فلسطين إلى ثلاث فئات. الفئة الأولى تشمل حجاج القدس و الضفة الغربية ، ويتبع هؤلاء مباشرة للسلطة الفلسطينية ، وتشمل الفئة الثانية حجاج قطاع غزة الذين يسافرون عادة عن طريق مصر، أما الفئة الثالثة فتضم أهالي الداخل الفلسطيني ، وهؤلاء تتم الترتيبات اللازمة لهم عن طريق وزارة الأوقاف الأردنية التي تمثلها في مناطق الداخل "جمعية الحج والعمرة"، ويُستصدر لهؤلاء جوازات سفر أردنية مؤقتة بهدف أداء فريضة الحج. ويتراوح العدد السنوي لحجاج فلسطين المنحدرين من مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، وفقا لوائل شويكي، بين 5500 و6 آلاف حاج، بالإضافة لقرابة 4500 حاج وحاجة من مناطق الداخل الفلسطيني الذين يحملون جوازات سفر إسرائيلية. أما فيما يخص حجاج القدس بشكل عام، فيبلغ عدد حجاج المدينة -الذين يحملون الهوية الإسرائيلية الزرقاء التي تصنفهم مقيمين في المدينة لا مواطنين- قرابة 320 سنويا، ويضاف إليهم بين 150 و200 حاج من محافظة القدس ممن يحملون بطاقة الهوية الفلسطينية الخضراء. قوائم الانتظار أُنجزت ويتم اختيار الحجاج وفقا لنظام القرعة، ويقول شويكي إنه في عام 2025 الجاري انتهى التسلسل لحجاج القدس، وكان عدد المتبقين في حواسيب الوزارة 440 حاجا أُضيفت لهم القرعة السنوية فأصبح عددهم نحو 700، وأضيف إليهم أيضا -وفقا لوزارة الأوقاف- 300 حاج جديد، وبات نصيب المحافظة هذا العام نحو ألف حاج وحاجة. ومع إفراغ قوائم الانتظار، تطرق شويكي إلى أنه من المتوقع أن يفتح باب التسجيل لموسم الحج العام المقبل أمام أهالي القدس في شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول المقبلين، وذلك بعد تجميد دام لسنوات بسبب العدد الكبير. ومن يحالفه الحظ بظهور اسمه عن طريق القرعة يتوجه لأداء الحج، ومن لن يحالفه الحظ يعيد التسجيل في العام الذي يليه ولن يرحّل اسمه تلقائيا كما في السابق. وينطبق على حجاج القدس برنامج وزارة الأوقاف الفلسطينية الموحد، ويسكن هؤلاء، وفقا لمدير شركة "مشاعر"، في فنادق تصنيفها 5 نجوم بالمدينة المنورة، وفي فنادق مصنفة 3 نجوم في مكة المكرمة وتبعد عن الحرم المكي مسافة كيلومتر واحد. "انتقلت الوزارة في خدماتها للحجاج نقلة نوعية منذ نحو 6 أعوام، وقبل ذلك كان السكن في بنايات سكنية لا فنادق، أما اليوم فيبيت حجاج فلسطين في فنادق جيدة، وهي نوعا ما قريبة من الحرم المكي، وهذا يُحسب لوزارة الأوقاف الفلسطينية"، أردف شويكي. الرعاية تبدأ من القدس وتنتهي فيها وحول الدور المنوط بشركات الحج والعمرة خلال هذه الرحلة الروحانية الاستثنائية، أشار شويكي إلى أن الخطة العامة والتنسيق لكافة حجاج فلسطين هما من مسؤولية وزارة الأوقاف، في حين يكون دور الشركات خدماتيا يشمل إدارة أمور الحجاج ورعايتهم ومتابعتهم والوقوف على متطلباتهم اليومية، وترتيب نقلهم وسكنهم وتصعيدهم إلى عرفة ومزدلفة ومنى، وترتيب عودتهم إلى أرض الوطن. ويرافق الحجاجَ الفلسطينيين مرشدون وإداريون وبعثة وعظية وطبية بترتيبات ومرافقة من وزارة الأوقاف الفلسطينية، ومن المقدسيين المدرجين في قائمة هذه البعثة عادة الحاج نهاد زغيّر، الذي قال للجزيرة نت إن حجاج القدس ينطلقون عادة من أمام مقر وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية في بلدة العيزرية شرقي القدس نحو جسر الملك حسين"معبر الكرامة"، ومن هناك إلى السعودية، أما حملة الجنسية الإسرائيلية فينطلقون من مناطقهم، وبعثة الحج الأردنية هي المسؤولة عنهم. وتستأجر وزارة الأوقاف الفلسطينية -وفقا لنهاد زغيّر- السكن الخاص بحجاج فلسطين ويكون عادة في فندق "الأرض المتميزة" بمنطقة "الحفاير" بمكة المكرمة والذي يبعد كيلومترا واحدا عن المسجد الحرام. وعند سؤاله عن رأيه فيما إذا كانت حصة المقدسيين السنوية من قرعة الحج كافية أم أنها قليلة مقارنة بعدد المتقدمين، أشار زغيّر إلى أن السعودية تعتمد عدد الحجاج لكل دولة وفقا لعدد سكانها، مضيفا أن القدس هي الأولى من حيث عدد المسجلين لأداء فريضة الحج تليها مدينة الخليل. وختم حديثه للجزيرة بالقول إنه بعد تفريغ حواسيب وزارة الأوقاف الفلسطينية من قوائم الانتظار لحجاج القدس، سيتم اعتماد نظام جديد العام المقبل، لكن الوزارة لم تعلن عن تفاصيله حتى الآن.

على قلقٍ كأن الريح تحتي
على قلقٍ كأن الريح تحتي

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

على قلقٍ كأن الريح تحتي

قد يبدو الحديث عن مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات وتأثيرها البالغ على نفسياتنا أمرًا مستهلكًا؛ وهو فعلًا كذلك، لكن تبقى هناك دائمًا حاجة ملحّة للكتابة عنه بشكل كثيف كنوع من التذكير. لطالما شعرت بغياب المعنى وأنا أتصفح التطبيقات لساعات بلا غاية محددة، فقط إرضاءً لحاجة الفضول تجاه المحتوى الذي أخاف أن أفوِّته، والذي لم يكن يفيدني بشكل ملموس بقدر ما كان يعزز شعوري بالتيه ويبعدني -بإدراك مني- عن معالم هويتي الحقيقية، هويتي التي دائمًا ما أرقتني تساؤلاتي حولها، والأشياء التي تعرفني فعلًا وتشبهني. مقارنات دائمة وقلق غياب المعنى نقضي وقتًا -نخجل من الإفصاح عنه- في التصفح العشوائي الذي لا يرضي نفسًا ولا معرفة، ساعات طويلة -وإن كانت غير متواصلة- في مقارنات لا حد لها، والأعجب مما ذُكر هو غياب الغايات وتعدد الاهتمامات.. نجد أفكارًا ونرى محتوى لا حصر له، فنفكر أن نفعل ذات الشيء، مشتتين بين كل تجربة وفكرة، نريد ولا نفعل، ما يضيع علينا الطريق ويشوش وجهة بوصلتنا. إن كل هذا وأكثر يمنعنا من الاستمتاع بما كنا نحب ممارسته فعلًا، من هوايات وتجارب تاهت في غياهب النسيان. وأنا أكتب الآن، أمسك هاتفي بلا غاية فعلًا، بلا وعي، وهو ما يزعجني في الأمر كله، أن أفقد سيطرتي على وعيي ووقتي. والغريب أكثر أننا نشتكي من قلة الوقت إذا ما هممنا بتعلم مهارة ما، مهارة ظلت مجرد رغبة تآكلت جراء كثافة ما نتلقاه، وماذا كانت الشماعة؟ قلة الوقت الذي نضيعه بأنفسنا على أنفسنا. في عالم رقمي فضفاض كهذا، يصبح المعنى ضبابيًا غير واضح، ما يجعلني أدور في حلقة مفرغة، وأتساءل -بلا توقف- عن جدوى أيامي وعن المعنى فيما أفعله وأفكر فيه. في أيام كثيرة، كنت أستيقظ وأنا أفكر: ما الذي أفعله؟ وما كل هذا الضياع الذي أنا فيه؟ ولمَ كل هذا القلق تجاه الإنتاجية، والهوس بالعمل والانشغال الدائم؟ وكثيرًا ما كنت أؤنب نفسي إذا ما قررت الاستمتاع بيومي بدون إنجاز شيء ما.. أيام كانت أشبه بما عبّر عنه المتنبي بكلمات تصف هذا الجنون الذي نعيشه: "على قلق كأن الريح تحتي"! أفكر بهوس دائم غير منقطع عن الإنجاز، عن المعنى، عن الجدوى والغاية، عن أشياء تلونت بالسطحية، وفقدت جوهرها في عالم متشابه ومكرر إلى حد الزيف. أجزم أنّ كل فرد منا قد حاول أخذ استراحة من المواقع والتطبيقات، ومن الضغط الكثيف الذي نواجهه يوميًا من التصفح اللاواعي، لكن شعورًا ما بأن شيئًا ما قد يفوتني كان يمنع من أخذ هذه الخطوة تعدد الاهتمامات ليس مشكلة في حد ذاتها إن الفكرة التي أحاول صياغتها وإيصالها لا تكمن في الدعوة إلى أن نحدّ أنفسنا في مجال واحد، أو أن نبقى في نفس الدائرة نكرر أيامنا، بل إلى أن نحدد المسار حتى لا نتوه، لأن التعرض لهذا الكم الفائض من المحتوى المتنوع يمنعنا من التركيز والتحكم في خياراتنا، حتى في أصغر التفاصيل كاختيار طريقة اللبس مثلًا. إن كل هذا يلهينا حتى عن إنهاء مهامنا الأساسية كالعمل والدراسة، ويبقينا في دوامة لا نهائية من المشتتات والتساؤل حول ما إن كانت تناسبنا فعلًا أم لا؟ لا أنتقد تعدد الاهتمامات، فأنا نفسي أحب تجربة الكثير من الأشياء والتعلم الدائم، فتعددها ما هو إلا أمر إنساني وفطري فينا، خاصة في الفضوليين، ولكن إسهابنا وانجرافنا فيها وفي كل ما نرى، يضيع علينا الطريق، فنفقد حتى الاتجاه الأساسي نحو الهدف الذي وضعناه ونأمل أن ننتهي بالوصول إليه. فالفكرة أن نحاول التحكم في بوصلتنا ونحن -فقط نحن- نحدد معالم طريقنا وغاياتنا، بدون تشويش وفوضى لا معنى فيها. غائب عن المشهد أجزم أنّ كل فرد منا قد حاول أخذ استراحة من المواقع والتطبيقات، ومن الضغط الكثيف الذي نواجهه يوميًا من التصفح اللاواعي، لكن شعورًا ما بأن شيئًا ما قد يفوتني كان يمنع من أخذ هذه الخطوة، شيئًا ما -ليس واضحًا أبدًا- كان يقنعنا بأننا غائبون عن المشهد، بعيدون كل البعد عن الحياة، إذا ما قررنا الابتعاد عن العالم الافتراضي، ذاك العالم الذي سرقَنا، وسرق منا أشياء كنا في وقت مضى -قد يكون ليس ببعيد- نراها العالم بأكمله، انتشل منا حميمية الوقت مع العائلة، عبثية حديث الأصدقاء، النوم باكرًا والاستيقاظ بشغف، فأصبحنا نشعر بأنها مضيعة للوقت! إعلان الحنين إلى متنفس وفسحة ما يحيرني فعلًا هو أننا سابقًا -أي قبل ثورة الإنترنت وجنونها- كنا نهرب إليها من الواقع، لنكتشف هذا العالم الجديد المدهش، أما الآن فإننا نهرب إلى واقعنا -عودةً إليه- من الضغط المضني الذي يستنزف طاقاتنا وقدراتنا التي لا حد لها. ما آمله، هو أن أعود إلى نفسي، وأكون أنا سيدة قراراتي وخياراتي، بعيدًا عن كل ما يبعدني عنها.

الجوال مصلحة لا مفسدة.. إلا لمن أراد
الجوال مصلحة لا مفسدة.. إلا لمن أراد

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

الجوال مصلحة لا مفسدة.. إلا لمن أراد

كثيرًا ما نُتّهم بالانعزال والتفاهة، لمجرد أننا نطيل النظر في هواتفنا، وكأن الهاتف صار رمزًا للبطالة والانشغال بما لا ينفع! فإن رآك الناس ممسكًا بجوالك، لمزوك بنظراتهم، وسلّطوا عليك ألسنتهم، سرًّا وجهرًّا، وهذا الحكم المسبق -وإن شاع- فإنه ظالمٌ في كثير من الأحيان؛ لأن الصورة التي طُبعت في أذهان الناس عن الجوال لم تعد تمثل الواقع كله! كم من فيديو قصير أو تصميم بسيط أو خاطرة مكتوبة في الجوال كانت -أو كان- سببًا في توبة مسلم، أو إقبال عاصٍ، أو تفريج مهمومٍ، أو تنبيه غافل، أو إشغال عاطل! نعم، لا ننكر أن أكثر ما يستهلك الناس أوقاتهم فيه إنما هو تضييع وتسطيح وتفاهات؛ لكن هذا لا يجعل الجوال شرًّا كله، بل الحق أن الهاتف كالسيف: في يد الصالحين نفع، وفي يد العابثين شرّ محض. ففي هذا الجهاز الصغير يمكنك أن تتعلم، وتُعلّم، وتخطط، وتنفذ، وتشارك، وتنتج؛ فمنه تسمع المحاضرات والدروس، وتتابع الحلقات العلمية، والمجالس التفاعلية، والوثائقيات النافعة، وتقرأ الكتب، وتتابع وتتبع أهل العلم والصلاح، وتستلهم من سيرهم، وتبني لك طريقًا! وما أكثر الذين رأيناهم وقد استنفعوا بجوالاتهم فأسسوا بها تجارتهم، ومتاجرهم الرقمية، وأطلقوا مشاريعهم، وكوّنوا جمهورهم، ومنهم من جعل من جواله أستوديو "يُمنتج" عليه، ويرسم، ويصمم، حتى اشتهر وأبدع وكسب رزقه بالحلال! وهناك من الناس من جعله الله معلمًا عبر الجوال، به يهدي الناس، ويذكّرهم بأيام الله ودينه، ويشارك الخير، ويصمم المواد الدعوية والتعليمية، ويُفعِّل المساحات الجماعية، ولا شك أن الأخير بابٌ من أعظم أبواب الأجر، إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله" (رواه مسلم). وكذا، كم من فيديو قصير أو تصميم بسيط أو خاطرة مكتوبة في الجوال كانت -أو كان- سببًا في توبة مسلم، أو إقبال عاصٍ، أو تفريج مهمومٍ، أو تنبيه غافل، أو إشغال عاطل! الجوال ليس مذمومًا لذاته، إنما يُذم الإفراط فيه، أو استعماله في الباطل، أما من جعله وسيلة لنفع الناس وتعليمهم، أو تطوير نفسه وتجارته، أو نصرة دينه، فحريّ بنا أن يُشاد به فلنتريث في أحكامنا، لئلا نقع بظلم إنسان لمجرد أنه يمسك الجوال، فلعل هذا يستخدمه في منفعة وخير، ولنحذر من اتهامه بما ليس فيه، فبعض الناس -من غير قصد- قد يثبطون العاملين في الخير الرقمي، إذ ينظرون إليهم شزرًا، أو يقول أحدهم: "يا أخي، اترك الجوال وكن مع الناس"!… لكن، أليس من الناس من رسالته أن يكون مع الناس من خلال الجوال؟ وغاية ما أقول هنا: إن الجوال ليس مذمومًا لذاته، إنما يُذم الإفراط فيه، أو استعماله في الباطل، أما من جعله وسيلة لنفع الناس وتعليمهم، أو تطوير نفسه وتجارته، أو نصرة دينه، فحريّ بنا أن يُشاد به لا أن يُحتقر، فتكون رسالتنا له أن استمرّ في مشروعك، لا تتردد، ولا تتراجع خطوة واحدة، فإنك إن دللت الناس على خيرٍ، كان لك مثل أجرهم. فكيف لو كنت سببًا في هدايتهم؟ ثم إن العالم اليوم جله رقمي؛ فابتعادنا عن هذا المجال وتحقيره دعوة للفشل والتأخر والتراجع، لا سيما مع برامج وأدوات "الذكوان" (الذكاء الاصطناعي)؛ فإن لم نتقدم فيه ونتعرف عليه، ونحسن استعماله واستخدامه، فإنا نتقادم ونتخلف.. والله المستعان.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store