
هواية اسمها: قتل الأطفال!
في تصريح لافت للانتباه أدلى به لهيئة البثّ الصهيونية (كان)، فضح رئيس 'الحزب الديمقراطي الإسرائيلي'، يائير غولان، حكومة نتنياهو المتطرّفة الفاشية؛ فهي تعجّ بالوزراء الفاسدين الذين تحرّكهم روح الانتقام ويفتقرون إلى الأخلاق، وتشنّ حربا على المدنيين الفلسطينيين، وتقتل الأطفال كهواية، وتنفّذ مخططا لتهجير سكان غزة، وبهذه الممارسات، تدفع حكومة نتنياهو 'إسرائيل' إلى أن تصير دولة منبوذة بين الأمم، كما كانت جنوب إفريقيا من قبل.
والواقع أنّ يائير لم يكشف جديدا؛ فكل ما قاله تثبته الأحداث والوقائع بالأدلة الدامغة منذ بدء حرب غزة في 7 أكتوبر 2023 إلى اليوم، لكنّ هذه الشهادة من رئيس حزب صهيوني مهمّة جدا من باب 'وشهد شاهد من أهلها' وتفنّد رواية الحكومة الفاشية من أنّ ما يجري في غزة حرب على 'حماس' والمقاومة وحدها، والمدنيون يسقطون بشكل غير مقصود، فهي حرب على الفلسطينيين كلّهم، ولا يستثنى من ذلك الأطفال الأبرياء الذين يقتلون كل يوم في مجازر وحشية عمدية بهدف التخلّص منهم، حتى لا يكبروا وينضمّوا إلى صفوف المقاومة مستقبلا.
ما قاله يائير غولان عن تعمّد قتل أطفال غزة كهواية للاحتلال، أكّده عضو كنيست سابق يدعى موشي فيغلين، إذ قال للقناة الـ14 اليمينية، إنّ 'كل طفل في غزة هو عدوّ، كلّ طفل تقدّمون له الحليب الآن سيذبح أطفالكم بعد 15 عاما، علينا احتلال غزة واستيطانها حتى لا يبقى فيها طفل واحد، لا يوجد نصر آخر'!
غزوة 'طوفان الأقصى' في 7 أكتوبر 2023 أفقدت قادة الاحتلال توازنهم وأسقطت آخر أقنعتهم، وكشفت وجوههم القبيحة المرعبة، فلم يعودوا يتورّعون عن إطلاق تصريحات نازية تدعو إلى ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، كالدّعوات إلى الإبادة والتطهير العرقي والتهجير وضرب غزة بالنووي وقصف مخازن الغذاء وتجويع السكان حتى الموت… وهذه الدعوات التي تنضح فاشية وكراهية وحقدا على الفلسطينيين تردّد على ألسنة وزراء متطرفين من أمثال سموتريتش وبن غفير ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت الذي قال يوم 8 أكتوبر 2023، إنّ سكان غزة 'حيوانات بشرية' وسيمنع عنهم الغذاء والماء والدواء والكهرباء، وهو ما يجري عمليّا منذ قرابة 19 شهرا أمام مرأى العالم كلّه وسمعه، ومع ذلك، لا نسمع إلا إدانات خجولة ودعوات للاحتلال، بكلمات ناعمة، لإدخال الغذاء للسكان الذين يتضوّرون جوعا، وخاصة الأطفال الذين أصبحوا هياكل عظمية يكسوها جلد رقيق، وقد مات منهم 57 طفلا من شدّة الجوع. أيعقل أن يحدث هذا في القرن الواحد والعشرين ولا يتحرّك العالم جدّيا لوقف المأساة بالقدر ذاته الذي يتحرك فيه تجاه أوكرانيا مع أنّها لا تعاني 1 بالمائة مما يكابده الفلسطينيون في غزة؟
ما صرّح به النائب موشي فيغلين يعبّر، فعلا، عن هذه الحكومة الصهيونية الفاشية المجرمة التي ترى أنّ قتل الأطفال الفلسطينيين يتماشى وروح التوراة، ألم يقل نتنياهو بعد 3 أسابيع من اندلاع الحرب لجنوده وهم يستعدّون لدخول غزة بعد قصف جهنّمي متواصل بالطيران: 'يقول كتابنا المقدّس تذكّروا ما فعله عماليق بكم، ونحن نتذكّر ونقاتل'، وهو يشير بذلك إلى ما ورد في سفر صموئيل: 'الآن اذهبوا واضربوا عماليق، ودمّروا كلّ ما لهم، ولا تعفوا عنهم، بل اقتلوا كلًّا من الرجل والمرأة، والطفل والرضيع، البقر والغنم، الجمل والحمار'.
وبقرار الاحتلال توسيع حرب غزة، ننتظر أياما سوداء أخرى ترتفع فيها الحصيلة اليومية للشهداء، وسيكون أغلبهم من الأطفال والنساء كما هو حاصل طيلة هذه الحرب غير الأخلاقية التي تشنّ على المدنيين تحت غطاء 'استعادة الرهائن'، لكنّ أملنا في المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني على أرضه لا يزال كبيرا برغم قسوة الحرب؛ فالمقاومة لا تزال صامدة وتتكيّف مع الظروف وتخوض حرب استنزاف طويلة مع العدوّ وتثخن فيه كل يوم بكمائن مركّبة دوّخت جنوده، والمدنيون ثابتون في أرضهم يرفضون التهجير، برغم الإبادة والتجويع الجهنمي لإدراكهم أنّها معركة وجود، وحياة أو موت. وما النصر إلا صبر ساعة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشروق
منذ 10 ساعات
- الشروق
هواية اسمها: قتل الأطفال!
في تصريح لافت للانتباه أدلى به لهيئة البثّ الصهيونية (كان)، فضح رئيس 'الحزب الديمقراطي الإسرائيلي'، يائير غولان، حكومة نتنياهو المتطرّفة الفاشية؛ فهي تعجّ بالوزراء الفاسدين الذين تحرّكهم روح الانتقام ويفتقرون إلى الأخلاق، وتشنّ حربا على المدنيين الفلسطينيين، وتقتل الأطفال كهواية، وتنفّذ مخططا لتهجير سكان غزة، وبهذه الممارسات، تدفع حكومة نتنياهو 'إسرائيل' إلى أن تصير دولة منبوذة بين الأمم، كما كانت جنوب إفريقيا من قبل. والواقع أنّ يائير لم يكشف جديدا؛ فكل ما قاله تثبته الأحداث والوقائع بالأدلة الدامغة منذ بدء حرب غزة في 7 أكتوبر 2023 إلى اليوم، لكنّ هذه الشهادة من رئيس حزب صهيوني مهمّة جدا من باب 'وشهد شاهد من أهلها' وتفنّد رواية الحكومة الفاشية من أنّ ما يجري في غزة حرب على 'حماس' والمقاومة وحدها، والمدنيون يسقطون بشكل غير مقصود، فهي حرب على الفلسطينيين كلّهم، ولا يستثنى من ذلك الأطفال الأبرياء الذين يقتلون كل يوم في مجازر وحشية عمدية بهدف التخلّص منهم، حتى لا يكبروا وينضمّوا إلى صفوف المقاومة مستقبلا. ما قاله يائير غولان عن تعمّد قتل أطفال غزة كهواية للاحتلال، أكّده عضو كنيست سابق يدعى موشي فيغلين، إذ قال للقناة الـ14 اليمينية، إنّ 'كل طفل في غزة هو عدوّ، كلّ طفل تقدّمون له الحليب الآن سيذبح أطفالكم بعد 15 عاما، علينا احتلال غزة واستيطانها حتى لا يبقى فيها طفل واحد، لا يوجد نصر آخر'! غزوة 'طوفان الأقصى' في 7 أكتوبر 2023 أفقدت قادة الاحتلال توازنهم وأسقطت آخر أقنعتهم، وكشفت وجوههم القبيحة المرعبة، فلم يعودوا يتورّعون عن إطلاق تصريحات نازية تدعو إلى ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، كالدّعوات إلى الإبادة والتطهير العرقي والتهجير وضرب غزة بالنووي وقصف مخازن الغذاء وتجويع السكان حتى الموت… وهذه الدعوات التي تنضح فاشية وكراهية وحقدا على الفلسطينيين تردّد على ألسنة وزراء متطرفين من أمثال سموتريتش وبن غفير ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت الذي قال يوم 8 أكتوبر 2023، إنّ سكان غزة 'حيوانات بشرية' وسيمنع عنهم الغذاء والماء والدواء والكهرباء، وهو ما يجري عمليّا منذ قرابة 19 شهرا أمام مرأى العالم كلّه وسمعه، ومع ذلك، لا نسمع إلا إدانات خجولة ودعوات للاحتلال، بكلمات ناعمة، لإدخال الغذاء للسكان الذين يتضوّرون جوعا، وخاصة الأطفال الذين أصبحوا هياكل عظمية يكسوها جلد رقيق، وقد مات منهم 57 طفلا من شدّة الجوع. أيعقل أن يحدث هذا في القرن الواحد والعشرين ولا يتحرّك العالم جدّيا لوقف المأساة بالقدر ذاته الذي يتحرك فيه تجاه أوكرانيا مع أنّها لا تعاني 1 بالمائة مما يكابده الفلسطينيون في غزة؟ ما صرّح به النائب موشي فيغلين يعبّر، فعلا، عن هذه الحكومة الصهيونية الفاشية المجرمة التي ترى أنّ قتل الأطفال الفلسطينيين يتماشى وروح التوراة، ألم يقل نتنياهو بعد 3 أسابيع من اندلاع الحرب لجنوده وهم يستعدّون لدخول غزة بعد قصف جهنّمي متواصل بالطيران: 'يقول كتابنا المقدّس تذكّروا ما فعله عماليق بكم، ونحن نتذكّر ونقاتل'، وهو يشير بذلك إلى ما ورد في سفر صموئيل: 'الآن اذهبوا واضربوا عماليق، ودمّروا كلّ ما لهم، ولا تعفوا عنهم، بل اقتلوا كلًّا من الرجل والمرأة، والطفل والرضيع، البقر والغنم، الجمل والحمار'. وبقرار الاحتلال توسيع حرب غزة، ننتظر أياما سوداء أخرى ترتفع فيها الحصيلة اليومية للشهداء، وسيكون أغلبهم من الأطفال والنساء كما هو حاصل طيلة هذه الحرب غير الأخلاقية التي تشنّ على المدنيين تحت غطاء 'استعادة الرهائن'، لكنّ أملنا في المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني على أرضه لا يزال كبيرا برغم قسوة الحرب؛ فالمقاومة لا تزال صامدة وتتكيّف مع الظروف وتخوض حرب استنزاف طويلة مع العدوّ وتثخن فيه كل يوم بكمائن مركّبة دوّخت جنوده، والمدنيون ثابتون في أرضهم يرفضون التهجير، برغم الإبادة والتجويع الجهنمي لإدراكهم أنّها معركة وجود، وحياة أو موت. وما النصر إلا صبر ساعة.


الخبر
منذ يوم واحد
- الخبر
وشهد شاهد من الصهاينة
قال يائير غولان، زعيم المعارضة اليسارية في "إسرائيل"، اليوم الثلاثاء، أن حكومة نتنياهو تقتل الأطفال في غزة "هواية". وقال رئيس "حزب الديمقراطيين الإسرائيلي"، في تصريح لإذاعة "كان ريشت بيت"، بشأن حرب الإبادة على قطاع غزة إن "دولة عاقلة لا تقتل الأطفال هواية"، ما أثار عاصفة انتقادات في دولة الاحتلال، في محاولة لتبرير جرائم قتل الفلسطينيين. وأضاف غولان، الذي هو أيضا لواء متقاعد من الجيش الصهيوني، أن "إسرائيل في طريقها لأن تصبح دولة منبوذة بين الأمم، مثل جنوب إفريقيا في فترة سابقة، إذا لم تعد لتتصرف تصرف دولة عاقلة. دولة عاقلة لا تحارب المدنيين، ولا تقتل الأطفال هواية، ولا تضع لنفسها أهدافا تتعلق بتهجير السكان". واسترسل قائلا: "هذه الأمور مروّعة ببساطة، ولا يمكن أن نكون نحن، أبناء الشعب اليهودي، الذين تعرضنا للاضطهاد والمذابح عبر تاريخنا، وكنا دائماً نموذجاً للمبادئ الأخلاقية والإنسانية اليهودية، نحن من يتخذ خطوات لا يقبلها العقل على الإطلاق". وتعرض غولان لموجة من الانتقادات الداخلية، وألغيت مشاركته في ملتقى دولي بتل أبيب. واللافت في هذه القضية، أن المعني كان من بين الأوائل الذين حملوا السلاح يوم السابع أكتوبر 2023 للقتال في غلاف غزة بعد معركة "طوفان الأقصى"، كما انتقد بشدة التوصل إلى اتفاق مع لبنان وطالب يومها بمواصلة مواجهة "حزب الله". فهل هي صحوة ضمير؟ أم أن المعني يرى أن اتجاه الرياح تغير بعد تصاعد الانتقادات الدولية بنسق غير مسبوق ضد نتنياهو لإنهاء حرب الإبادة.


إيطاليا تلغراف
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- إيطاليا تلغراف
صداقة ترامب وأردوغان وحل الأزمات العالقة
إيطاليا تلغراف سمير العركي كاتب وباحث في الشؤون التركية كثيرًا ما تكون العلاقات الشخصية بين رؤساء الدول وكبار المسؤولين، مدخلًا لحلحلة العديد من الأزمات العالقة أو دفع العلاقات الثنائية إلى محطات أكثر تقدمًا. فالرئيسان التركي، رجب طيب أردوغان، والأميركي، دونالد ترامب، يتمتعان بعلاقات شخصية متميزة، منذ الولاية الأولى لترامب، يعول عليها الجانب التركي كثيرًا لحلحلة المسائل العالقة بين الدولتَين. ففي يوم الاثنين 5 مايو/ أيار، أجرى الرئيسان محادثات هاتفيّة، بحثا فيها عدّة ملفات إقليمية ودولية مهمّة، حيث وصفها أردوغان بأنّها 'كانت مثمرة للغاية وشاملة وصادقة'، الأمر الذي اتّفق معه فيها ترامب. لكن الملاحظ أنّه وبعيدًا عن فحوى الاتصال، فقد بدا واضحًا حرص الرئيسين على إضفاء شكل من أشكال الحميمية في حديث كل منهما عن الآخر. فأردوغان يصف ترامب بـ 'الصديق العزيز'، مشيرًا إلى أنه 'سيكون سعيدًا باستضافة ترامب في تركيا خلال أقرب فرصة'، أو تلبية دعوة الرئيس الأميركي لزيارة الولايات المتحدة. أما ترامب فقد وصف علاقته مع الرئيس التركي بأنها 'كانت ممتازة خلال السنوات الأربع من ولايته الأولى بين عامي 2016-2020'. وكان الرئيس الأميركي، قد فاجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أثناء استقباله في البيت الأبيض في أبريل/ نيسان الماضي بقوله: 'تربطني علاقة رائعة برجل يُدعى أردوغان – أنا معجب به، وهو معجب بي، وهذا يُثير ضجة إعلامية. لم نواجه أي مشاكل قط، رغم أننا مررنا بالكثير'. يشار هنا إلى أن الأكاديمية الوطنية للاستخبارات في تركيا، والتابعة لجهاز المخابرات MIT، استشرفت في تقرير لها صدر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أي فور نجاح ترامب في الانتخابات الرئاسية، أثر العلاقات الشخصية بينه وبين أردوغان على تفكيك أزمات البلدَين. وقال التقرير إن ترامب يمتلك القدرة على تجاوز المؤسسات الأميركية في بناء علاقة متميزة مع الحلفاء. كما وصف التقرير علاقة أردوغان بترامب خلال الفترة الأولى للرئيس الأميركي، بـ 'تطابق الكيمياء'، لكنه حذر من 'فردانية' ترامب وتقلباته الحدية في قراراته التي يأخذها بمعزل عن معاونيه. من هنا فإن ثمة تساؤلات عن مدى تأثير هذه العلاقة على حل أزمات المنطقة وفي القلب منها الحرب في غزة، في ظل الأوضاع الإنسانية شديدة السوء التي وصل إليها القطاع، وكذلك مستقبل الدولة السورية في مرحلة ما بعد الأسد، وما الذي يمكن أن تقدمه واشنطن لدعم الحكومة الجديدة، كما تشمل قدرة تركيا على دعم رؤية ترامب في ضرورة إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية. كما تمتد الأسئلة إلى قدرة هذه العلاقات الشخصية في إحراز تقدم في ملف الصناعات الدفاعية المتعثر. غزة.. إيقاف الحرب يعد التعاطي الأميركي مع الحرب الإسرائيلية في غزة، واحدًا من نقاط الخلاف العميقة بين أنقرة وواشنطن، منذ انطلاق طوفان الأقصى في 2023. من هنا فإن معظم مباحثات المسؤولين الأتراك مع نظرائهم الأميركيين، وآخرها اتصال أردوغان- ترامب، تنصب على ضرورة إنهاء الحرب وإدخال المساعدات، ووضع رؤية لإعادة الإعمار. لذا فالمأمول أن تحدث علاقة الرئيسين اختراقًا واضحًا في الموقف الأميركي المنحاز، وعدم اقتصاره على تصريحات متفرقة بشأن إدخال المساعدات الإنسانية سرعان ما يتم دهسها تحت جنازير السياسات الإسرائيلية المتشددة. لكن الأمر ليس بالسهل نظرًا لاختلاف الرؤية التركية للحل ليس مع الولايات المتحدة وحدها، بل مع بعض الدول الإقليمية أيضًا. فأنقرة ترفض تصفية المقاومة الفلسطينية في القطاع، وتعتبر أن ما تقوم به هو عمل مشروع يشبه ما فعله الأتراك خلال حرب الاستقلال. كما ترفض وبشدّة إخلاء قطاع غزة، وتطالب بفتح المجال أمام إعادة الإعمار مع بقاء السكان فيه، لأنهم أصحاب الأرض وهم أولى الناس بها. من هنا كانت اللقاءات المتعددة لوزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، بقيادات حركة حماس، آخرها لقاءان خلال ثمانية أيام فقط في شهر أبريل/ نيسان الماضي، في أنقرة والدوحة على الترتيب، لتنسيق المواقف المشتركة. إذ خرج بعدها فيدان بتصريحات مؤكدًا فيها انفتاح الحركة على هدنة طويلة مع إسرائيل، مقابل إيقاف الحرب، لكن نتنياهو رفض ذلك. لكن ومع ذلك فإن المنتظر أن تستثمر تركيا علاقة الرئيسين لدفع ترامب إلى إلزام إسرائيل بإدخال المساعدات الإنسانية، والتوصل إلى حل من شأنه إنهاء الحرب وإعادة الإعمار. سوريا.. رفع العقوبات في لقائه بنتنياهو في أبريل/ نيسان الماضي، كشف ترامب عن قوله لأردوغان في محادثة خاصة: 'تهانينا، لقد فعلتم ما لم يستطع أحد فعله طوال ألفي عام. لقد استوليتم على سوريا'. هذا الاعتقاد لدى ترامب جعل الملف السوري حاضرًا وبقوة في محادثات المسؤولين الأتراك مع نظرائهم الأميركيين، كما كان حاضرًا في الاتصال الأخير لرئيسي الدولتَين. فتركيا بدأت اتصالاتها مبكرًا مع الإدارة الأميركية حتى قبل أن تتسلم مهامها رسميًا، لبحث ترتيب الأوضاع الأمنية والسياسية في مرحلة ما بعد الأسد. ففي ولايته الأولى، كان ترامب يميل إلى وجهة النظر التركية، بشأن خطورة محاربة تنظيم إرهابي مثل تنظيم الدولة، بتنظيم آخر مماثل وهو حزب العمال الكردستاني PKK. وبدا متفهمًا للعمل العسكري الذي تنفذه القوات التركية في شمال سوريا، لكن ضغوط وزارتَي الدفاع والخارجية الأميركيتَين آنذاك حالت دون حصول أنقرة على النتائج المأمولة. وفي ولاية ترامب الحالية، وفي موازاة التطورات التي شهدتها سوريا، تأمل تركيا أن يتم إغلاق ملف التهديدات الأمنية في شمال سوريا نهائيًا. ويبدو أن المحادثات الثنائية بين الرئيسين انعكست إيجابيًا على رؤية ترامب للوضع الأمني في سوريا، إذ شرعت القوات الأميركية في سحب جنودها ومعداتها من قواعدها في شمال شرق سوريا، تزامنًا مع بدء انسحاب قوات سوريا الديمقراطية 'قسَد' من مناطق واسعة شرق الفرات تنفيذًا لاتفاقها مع الحكومة السورية. هذا الفراغ يتوقع أن تملأَه القوات الحكومية السورية، المدعومة من أنقرة، وبمساعدة النقاط العسكرية التركية المنتشرة في مناطق الشمال. أيضًا فإن أنقرة تعمل على إقناع واشنطن، بضرورة رفع العقوبات، والاعتراف بالنظام السياسي الموجود حاليًا، في موازاة جهود قطرية وسعودية مماثلة، ما قاد إلى حدوث اختراقات مهمة في هذا الصدد، آخرها ما أعلنه وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، عن تقديم قطر منحة لسوريا قيمتها 29 مليون دولار شهريًا لمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد، وذلك لدفع رواتب العاملين المدنيين في القطاع العام. مشيرًا إلى حصول المنحة على استثناء من العقوبات الأميركية. عقوبات 'كاتسا' فرضت إدارة ترامب الأولى عقوبات ضد أنقرة في ديسمبر/ كانون الأول 2020 وفق قانون معاقبة الدول المتعاونة مع خصوم الولايات المتحدة المعروف بـ'كاتسا CAATSA'، وذلك بسبب شراء تركيا المنظومة الدفاعية الروسية إس- 400. كما امتدت العقوبات الأميركية للسبب ذاته، إلى إخراج تركيا من مشروع تصنيع الطائرة الشبحية إف- 35. ومنذ ذلك الحين لم تتوقف المحاولات التركية لرفع تلك العقوبات، لكن دون جدوى مع تمسكها بحيازة المنظومة حتى الآن وعدم التفريط فيها. والآن تأمل أنقرة أن تستثمر الأجواء الإيجابية التي تغلف علاقة رئيسي البلدين، لرفع تلك العقوبات، خاصة بعد نجاحها في يونيو/ حزيران 2024 في توقيع صفقة مع الولايات المتحدة بقيمة 23 مليار دولار، تقضي بشراء 40 مقاتلة إف-16، إضافة إلى تحديث أسطولها الجوي الحالي. خصوم تركيا في واشنطن في ولايته الأولى نجح بعض أعضاء الإدارة الأميركية في الحد من التأثير الإيجابي للعلاقات الشخصية بين ترامب وأردوغان. وبقيت قضايا تنظيم غولن، ودعم البنتاغون لحزب العمال وفروعه في شمال سوريا، وغيرهما دون حلول حقيقية. بل لم تمنع تلك العلاقة واشنطن من إصدار عقوبات بحق أنقرة وبعض مسؤوليها؛ بسبب اعتقال تركيا القس أندرو برونسون لأكثر من عشرين شهرًا، كما تعرض مدير بنك 'خلق' التركي للسجن في الولايات المتحدة، بتهمة انتهاك العقوبات الأميركية ضد إيران. وبالنظر إلى تركيبة الإدارة الأميركية الحالية، سنجد أنها تضم مسؤولين مؤثرين يحملون أفكارًا محافظة من أقصى اليمين، مثل وزير الدفاع بيت هيغسيث، ووزير الخارجية، ماركو روبيو. أو لديهم رؤى سلبية تجاه تركيا ورئيسها، مثل مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية، تولسي غابارد، التي قالت في خطاب ألقته عام 2020: 'تركيا تدعم إرهابيي تنظيم الدولة والقاعدة من وراء الكواليس منذ سنوات. وأردوغان ليس صديقنا. إنه أحد أخطر الدكتاتوريين في العالم، وليس من حق الحكومة الأميركية ووسائل الإعلام مساعدة هذا الإسلامي' وختامًا فإنه رغم حاجة ترامب إلى الدور التركي المتوازن للمساهمة في إنهاء الحرب الروسية- الأوكرانية، فإن ترجمة علاقته المتميزة بأردوغان إلى سياسات وإجراءات ملموسة، لا يزال يحوطها شكوك في ظل وجود شخصيات في البيت الأبيض تحمل أفكارًا متشددة تجاه المسلمين بشكل عام، وتجاه تركيا ورئيسها بشكل خاص.