
رحلة زكي طليمات.. من تقشير البطاطس إلى تأسيس أعظم معهد تمثيل في مصر
في سجل المسرح المصري والعربي، يقف اسم زكي طليمات شامخًا كأحد أعمدة الفن الذين لم يكتفوا بإبداعهم الشخصي، بل عملوا على تأسيس جيل كامل من الفنانين والمبدعين.
عاش طليمات حياة حافلة بالمغامرة والعمل الدؤوب، بين أحلام الطفولة وطموحات التمثيل، وبين كواليس الزواج والحياة اليومية، رسم مسيرةً استثنائية ما زال أثرها حاضرًا رغم مرور العقود.
في هذا التقرير نستعرض معًا محطات بارزة من حياة هذا الرائد الكبير، منذ نشأته وحتى وفاته.
البدايات.. من حي عابدين إلى قاعات الفن
ولد زكي عبد الله طليمات في التاسع والعشرين من أبريل عام 1894، بحي عابدين العريق في القاهرة.
جاء إلى الحياة وسط أسرة تنتمي إلى أصول سورية من جهة الأب، وأم تحمل دماء شركسية مصرية، نشأ في بيئة تمزج بين الانضباط الثقافي والانفتاح الاجتماعي، مما ساهم في تشكيل شخصيته المستقبلية.
تلقى تعليمه الأساسي في مدرسة محمد علي الابتدائية، ثم التحق بمدرسة الخديوية الثانوية المعروفة آنذاك بتميز طلابها، لم يكن طليمات طالبًا عاديًا، بل كان يحمل شغفًا دفينًا نحو الفنون والآداب، مما دفعه لاحقًا للالتحاق بمدرسة المعلمين العليا، ومنها بدأ رحلته مع المسرح.
مسيرة فنية أسست لمسرح عربي معاصر
لم يكن طليمات مجرد ممثل أو مخرج، بل كان مؤسسًا لنهضة مسرحية كاملة. بدأ مشواره العملي بتأسيس المسرح المدرسي عام 1937، مؤمنًا بأن بناء جيل مسرحي يبدأ من مقاعد الدراسة.
ولم تتوقف طموحاته عند هذا الحد، ففي عام 1944 أسس المعهد العالي للتمثيل، ليكون أول مؤسسة أكاديمية للمسرح في مصر.
على خشبة المسرح، قدّم طليمات عروضًا خالدة مثل مسرحية "أهل الكهف" التي أعادت إحياء التراث الأدبي بطريقة درامية حديثة، و"تاجر البندقية" لشكسبير، مؤكدًا أن المسرح المصري قادر على استيعاب الأدب العالمي وصياغته بروح عربية.
كما أخرج مسرحية "غادة الكاميليا"، مضيفًا إليها حسه الإبداعي الخاص.
أما في السينما، فشارك بأدوار مؤثرة، أبرزها دور الدوق آرثر في فيلم "الناصر صلاح الدين"، ودور الأب الحكيم في فيلم "يوم من عمري"، ليؤكد أن موهبته لا تعرف حدودًا بين خشبة المسرح وعدسة الكاميرا.
زواج مثير للجدل مع روزاليوسف
لم تخلُ حياة طليمات من اللمسات الدرامية حتى في حياته الخاصة، فقد جمعه القدر بالفنانة الكبيرة فاطمة اليوسف، الشهيرة بلقب روزاليوسف. كانت العلاقة بينهما مزيجًا بين الحب والإبداع المشترك، إذ تشاركا الأحلام الفنية والعمل الجاد.
استمر زواجهما أكثر من عشرين عامًا، أثمر عن ابنتهما آمال طليمات، قبل أن ينفصلا بسبب اختلاف نمط حياتهما وانشغال روزاليوسف بعملها الصحفي والسياسي ورغم الانفصال، ظل الاحترام متبادلًا بينهما، واحتفظ كل منهما بتقدير عميق للآخر.
طرائف وكواليس من حياة فنان لا يعرف الجمود
تحفل حياة زكي طليمات بالعديد من المواقف الطريفة التي تعكس طبيعته البسيطة والعفوية.
من أشهر هذه المواقف، لقاؤه الأول بروزاليوسف، حين فتحت له الباب وهي منشغلة بتقشير البطاطس، وسألته على الفور: "تعرف تقشر بطاطس؟"، ليرد متعجبًا: "وما علاقة البطاطس بالتمثيل؟"، فردت عليه بابتسامة: "لما تفهم العلاقة، تكون عرفت أول درس في التمثيل".
كان طليمات يؤمن بأن الفن لا ينفصل عن تفاصيل الحياة اليومية، وأن البساطة والصدق هما سر الوصول إلى قلوب الجمهور.
النهاية.. رحيل الجسد وبقاء الأثر
في الثاني والعشرين من ديسمبر عام 1982، أسدل الستار على حياة زكي طليمات، بعد مسيرة حافلة امتدت قرابة تسعة عقود.
رحل عن عمر يناهز 88 عامًا، لكنه ترك خلفه إرثًا لا يمكن محوه من تاريخ المسرح العربي.
ظل اسمه محفورًا في ذاكرة الأجيال، سواء عبر معهد الفنون المسرحية الذي ساهم في إنشائه، أو عبر عروضه المسرحية وأفلامه السينمائية التي ما زالت تُعرض حتى اليوم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فيتو
منذ 2 أيام
- فيتو
ذكرى ميلاد يوسف إدريس.. ما تيسر من حياة أنطون تشيكوف القصة العربية القصيرة.. جمع بين الفلكلور والأدب.. وقدم 11 مجموعة أشهرها أيها الرجال
يوسف إدريس ، أنطون تشيكوف القصة العربية القصيرة، استفاد من تخصصه كطبيب فى كتابة القصة فأبدع فى تشخيص الأمور، هو صاحب طبيعة ثائرة متمردة أشعل الكثير من المعارك الفكرية والسياسية، أدبه نموذج للفن صاحب الرسالة، كتب القصة والرواية والمسرحية والكتاب فجمع فى قصصه بين الفلكلور والأدب، رحل عام 1991. فى مثل هذا اليوم عام 1927 ولد الكاتب الأديب يوسف إدريس بقرية البيروم محافظة الشرقية، درس فى كلية الطب وتخرج طبيبا ليعمل فى مستشفى القصر العينى، لكن ظهرت ميوله الأدبية وهو طالب فكتب قصة قصيرة بعنوان "أنشودة الغرباء " عام 1950. ترك الطب من أجل كتابة القصة ترك الأديب يوسف إدريس مهنة الطب بصفة نهائية، وتفرغ لكتابة القصة والرواية والمسرحية فقدم 11 مجموعة قصصية أشهرها أيها الرجال وأرخص الليالي و9 مسرحيات أشهرها (الفرافير، والمهزلة الأرضية، المخططين، البهلوان). أعماله تناولت معاناة المواطن البسيط الفقير فكتب من الروايات: (الحرام، النداهة، العيب، البيضا، رجال وثيران) وغيرها، كما قدم 15 كتابا فى الرحلات والانطباعات منها: (شاهد عصره، عن عمد اسمع تسمع، فكر الفقر وفقر الفكر، خلو البال ـ أهمية أن نتثقف) وغيرها. يوسف إدريس مع الحكيم إحسان ونجيب محفوظ وبدأت شهرة يوسف ادريس كأديب عندما نشرت مجموعته القصصية الأولى " أرخص ليالى " عام 1954 ليعلن من خلالها وجوده كأحد كتاب القصة القصيرة ومنها أطلق عليه تشيكوف العرب. شهادة طه حسين خلق ليكون قاصا قال عنه الدكتور طه حسين: "تهيأ يوسف إدريس في أول شبابه لدراسة الطب، ثم جد في دروسه وتحصيله حتى تخرج طبيبا، ولكن للأدب استئثار ببعض النفوس وسلطانا على بعض القلوب لا يستطيع مقاومته والامتناع عنه إلا الأقلون، يقرأ الناس كتابه الأول "أرخص الليالى" فيرضون عنه ويستمتعون به ويقرأه الناقدون للآثار الأدبية فيعجبون له ويعجبون به ويشجعون صاحبه على المضى في الإنتاج.. وأقرأه فأجد فيه من المتعة والقوة ودقة الحس ورقة الذوق وبراعة الأداء مثل ما وجدت في كتابه الأول وكأن الكاتب قد خلق ليكون قاصا". الأديب يوسف إدريس حول بدايته الأدبية والثقافية يقول الدكتور يوسف إدريس: 'بدأت مشوارى مع المعرفة فى سن ثمانى سنوات كنت اقرأ الكتاب جيدا حتى استوعبه تماما، ولا أقرأه سوى مرة واحدة باستثناء القرآن الكريم الذى كنت أقرأه مرات ومرات لأن معانيه تختلف مع السن فإيمانى فى الرابعة عشرة غير إيمانى فى الخمسين. كما كنت أقرأ روايات أجنبية مترجمة وقرأت روايات أيضا باللغتين الفرنسية والإنجليزية، ومنها المؤلفات الحديثة مثل الكتب العلمية وتركيب الذرة والمناهج المتقدمة حتى أصبحت القراءة ممتعة جدا ومفيدة فى اتقان اللغات'. بدأ الدكتور يوسف إدريس الكتابة فى مجلة روز اليوسف، ثم عمل محررا ثقافيا بجريدة الجمهورية وعينه السادات معاونا له فى سكرتارية الاتحاد القومى، فكتب إدريس ينتقد الاتحاد القومى وفصل من جميع مناصبه، وتولى بعد ذلك منصب رئيس قطاع المسرح وانتقل فى النهاية كاتبا متفرغا فى جريدة الأهرام فى عهد هيكل ضمن كتاب الدور السادس الكبار بالاهرام. إني أشكو منك إليك وخاض الدكتور يوسف إدريس معارك أدبية وفكرية كثيرة فهاجم الشيخ محمد متولي الشعراوى ووصفه بالممثل النصف موهوب، وهاجم الرئيس الراحل أنور السادات واتفاقية كامب ديفيد، واعترض على زيارة السادات للقدس، وفصل من الأهرام ومنع من الكتابة فى عهد الرئيس الراحل حسني مبارك حتى وصل به الأمر إلى أن كتب خطابا إليه بعنوان " إني أشكو منك إليك ". الكاتب الكبير يوسف إدريس قدمت السينما المصرية العديد من روايات يوسف إدريس فى أفلام كانت الأكثر نجاحا والتى تركت علامة فى تاريخ السينما منها (النداهة، حادثة شرف، العسكرى الأسود، سجين الليل، العيب، الحرام) وغيرها. كرمه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بمنحه جائزة الدولة فى الأدب عام 1966، كما منحه السادات وسام الجمهورية من الطبقة الأولى. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


نافذة على العالم
منذ 2 أيام
- نافذة على العالم
ثقافة : ذكرى ميلاد أمير الصحافة.. حكايات محمد التابعي مع قرة ميدان والأسماء المستعارة
الأحد 18 مايو 2025 10:30 مساءً نافذة على العالم - تحل اليوم ذكرى ميلاد محمد التابعى الذى ولد في الثامن عشر من مايو لعام 1896 في بورسعيد وكان واحدًا من أساطير الصحافة وكبرائها حيث اشتهر بمقالاته الجريئة وتأسيس المجلات والجرائد فحمل لقب أمير الصحافة. أسس محمد التابعى مجلة آخر ساعة عام 1934 بالإضافة إلى جريدة المصرى بمشاركة محمود أبو الفتح وكريم ثابت، وألف محمد التابعى عدة روايات ومؤلفات تم تحويلها لمسرحيات ومسلسلات وأفلام مثل فيلم نورا عام 1967 ومسرحية ثورة قرية وفيلم ومسرحية عندما نحب. وبحسب كتاب "مسائل شخصية" لمصطفى أمين، بدأ محمد التابعى الكتابة عام 1924، بكتابة مقالاته الفنية فى النقد المسرحى على صفحات جريدة الأهرام، تحت اسم "حندس"، وكانت أفكاره تتميز بالوضوح وكلماته البسيطة المتخففة من زخارف اللغة والحس الخطابى الذى كان يسود صحافة ذلك الزمان حتى قيل عما يكتب أنه مدرسة جديدة فى الصحافة، وكانت أولى مقالاته النقدية عن مسرحية "غادة الكاميليا"، التى قدمها مسرح رمسيس فى العشرينيات، حيث انتقد فيها الفنان يوسف وهبي الذي أعجب بهذه المقالات، وكان ينتظرها بالرغم من أنها كانت تهاجمه، ووصف "التابعي" بأنه يسقيه السم في برشامة. وحسب مقال له فى مجلة "آخر ساعة بتاريخ 19 يونيو 1968"، فإنه دخل سجن "قرة ميدان" بسبب قضية نشر فى 22 مايو عام 1933، والتقى فيه بالكاتب والمفكر عباس محمود العقاد الذى كان ينفذ عقوبة السجن 9 أشهر بتهمة العيب فى الذات الملكية والتقى بالكاتب الصحفى محمد توفيق دياب الذى كان ينفذ السجن تسعة أشهر بسبب مقال وصف فيه أحد النواب بأنه أكحل العينين وهو وصف ذو معنى خبيث. وقد كشفت فاطمة اليوسف معاناة التابعى فى السجن بقولها في مذكراتها: "رجل مرفه المزاج له أسلوبه الذى لا يتخلى عنه فى الطعام والشراب والراحة، فليس غريبًا أن يزعجه السجن ويضايقه ضيقًا شديدًا، وكنا نشعر بضيقه الشديد وراء القضبان من الرسائل، والطلبات التى كان يبعث بها كل يوم، كانت له فى كل يوم طلبات، حتى عينت موظفًا خاصًا له لكى يحمل إلى خطاباته، ويعود إليه بما يطلب".


الدستور
منذ 3 أيام
- الدستور
129 عاما على ميلاد محمد التابعي.. إليكم محطات من حياته
129 عاما مرت على ميلاد أحد أعمدة الصحافة المصرية والعربية، الكاتب الصحفي محمد التابعي، الملقب بـ"أمير الصحافة"، والمولود في 18 مايو 1896 بمنطقة الجميل بمدينة بورسعيد، ليصبح فيما بعد رمزًا من رموز الصحافة المصرية، حيث ساهم بشكل كبير في تطويرها وإثرائها بأسلوبه المميز وشجاعته في تناول القضايا السياسية والاجتماعية. النشأة والتعليم نشأ محمد التابعي في أسرة تنتمي إلى مدينة السنبلاوين بمحافظة الدقهلية، وأمضى دراسته الابتدائية في مدرسة المنصورة، ثم حصل على البكالوريا من مدرسة العباسية الثانوية، والتحق بكلية الحقوق وتخرج منها عام 1923، وكان الأول على دفعته. المسيرة الصحفية بدأ محمد التابعي حياته المهنية بوظيفة في إدارة التموين بديوان محافظة السويس، ثم انتقل إلى القاهرة والتحق بوظيفة في "قلم الترجمة" بمجلس النواب بعد إتمام دراسته في كلية الحقوق. بدأ التابعي مسيرته الصحفية عام 1924 بكتابة مقالات فنية في جريدة "الأهرام" تحت توقيع "حندس"، ثم انتقل إلى مجلة "روز اليوسف" حيث أحدث نقلة نوعية بتحويلها من مجلة فنية إلى سياسية، مما ساهم في زيادة توزيعها بشكل ملحوظ. في عام 1934، أسس مجلة "آخر ساعة"، وشارك في تأسيس جريدة "المصري" مع محمود أبو الفتح وكريم ثابت. وتميز التابعي بأسلوبه الساخر والمهذب، وكان يتحقق من معلوماته بدقة قبل النشر، مؤمنًا بأن "أن يفوتك 100 سبق صحفي أفضل من أن تنشر خبرًا كاذبًا". تتلمذ على يديه عدد من كبار الصحفيين مثل محمد حسنين هيكل، مصطفى وعلي أمين، إحسان عبد القدوس، وأحمد رجب. كما تميز التابعي بأسلوب ساخر وجريء في الكتابة، حيث كان يطلق أسماء هزلية على بعض الشخصيات السياسية المعروفة، وكان يكفي أن يشير إلى الاسم الهزلي ليتعرف القراء على الشخصية المقصودة، وقال عنه الكاتب مصطفى أمين: "كانت مقالاته تهز الحكومات وتسقط الوزارات ولا يخاف ولا يتراجع". أعمال محمد التابعي لم تقتصر إسهاماته على الصحافة فقط، بل ألّف العديد من الكتب منها: "بعض من عرفت"، "من أسرار الساسة والسياسة"، و"أسمهان تروي قصتها"، وألف عدة روايات ومؤلفات تم تحويلها إلى مسرحيات ومسلسلات وأفلام، مثل فيلم "نورا" عام 1967 ومسرحية "ثورة قرية" وفيلم "عندما نحب".