
العاصفة الثقافية القادمة
من منا لا يرى أو يلاحظ كل تلك الأحداث التي تحيط بنا في الإقليم والعالم منذ أكثر من عقد ونصف مضيا؟! وهي أحداث تقود في مجملها لتحولات عظيمة وجوهرية، حتمًا وبلا أدني شك إننا مقبلون نحو عصر جديد محفوف بمنحنيات تاريخية فارقة. الجميع يرى هذا ويلاحظه ويتخوف منه.
وعلى مستوى العمل الصحفي والثقافي أرى مثل هذا التغير البطيء المحدود في إطار ذلك التغير الكبير القادم. أراه كعاصفة توشك أن تزيح في طريقها كثيرًا من ثوابت العصر الماضي..
صولجان ترامب
أول وأهم تغير عالمي جذري حدث في السياسة الأمريكية داخليًا وخارجيًا. ثمة عواصف تبدأ الآن من هناك في أقصى الغرب، حيث ترامب في ولايته الثانية قادمًا بثوب سلطان وفي يده صولجان يلوح به في وجه حلفائه قبل أعدائه!
ثلاثة أشهر فقط منذ تولى العمل في البيت الأبيض والعالَم يقف على قدم في اندهاش؛ كيف أنه خلال هذه الفترة الضئيلة أقام الدنيا ولم يقعدها. ففاجأ حلفاءه الأوربيين باتفاق أحادي مع روسيا وزيلينسكي لوقف الحرب الأوكرانية الروسية، ثم التفت شمالًا وجنوبًا فهدد كندا والمكسيك حلفاءه الاقتصاديين القدامى، فراح يخنقهم بإجراءات اقتصادية غير مسبوقة.
إنه يعلن ببساطة ووضوح أنه ليس في حاجة إلى أي دولة بجانبه، حتى إسرائيل، ولهذا اتجه للاتفاق مع غزة بعيدًا عن نتنياهو؛ من أجل الأسرى الأمريكيين ولأجل مصالح أمريكا مع السعودية والمنطقة العربية، ولنفس السبب اتجه للاتفاق مع إيران بمنأى عن تدخل نتنياهو إلا بمؤامراته الخسيسة، ومنها ذلك الانفجار الغامض مجهول الفاعل بميناء رجائي في بندر عباس بإيران!
ترامب لوح بصولجانه السحري المزعوم لحل كل مشكلات أمريكا والعالَم بمجموعة من القرارات والاتفاقيات العنترية وإن لم تعجب حلفاء الأمس. قرار برفع الجمارك أكثر من مائة بالمائة على البضائع الصينية، واتفاق عسكري أحادي مع روسيا، وآخر سياسي مع إيران، وثالث اقتصادي مع الصين، وكلها اتفاقيات جاءت بعد ضغوط وتهديدات عنترية يرفع بها سقف المفاوضات، هذا هو نهج ترامب الجديد، فهل ينجح صولجان ترامب في تغيير شكل السياسة العالمية بقيادة أمريكية غامضة الهوية؟ وما تأثير تلك العاصفة القادمة من الغرب؟
في قلب هذه العواصف، تبرز تجربة أولمبياد الفيزياء الآسيوي 2025 بالمملكة العربية السعودية كنموذج لـ"الاندماج الثقافي "؛ 240 عالمًا صغيرًا من 30 دولة ينشئون تفاعلًا أشبه بما يحدث في "مصادم الدرونات الكبير"، السؤال الذي طرحته الظهران هو: هل نستطيع تحويل التحولات الفكرية الحالية إلى نظام أكثر تعقيدًا وجمالًا؟ الإجابة تكمن في العقول الشابة التي تتنافس اليوم تحت سماء المملكة، حاملة بذور التغيير الثقافي القادم.
بديل هوليوود
ثمة تغيير آخر بطيء ربما، لكنه مستمر منذ فترة، وقد يراه البعض تغييرًا تافهًا، وإن كنت أراه غير ذلك؛ إنها هوليوود يا سادة، هوليوود مهددة بالانهيار والأفول، فما تأثير مثل هذا الانهيار لو حدث؟
منذ نحو عشر سنوات مضت، تبدلت السياسة الإنتاجية لهوليوود، بعد أن وصلت لمنتهى تألقها بإنتاج أفلام باهظة التكلفة أمثال: أفاتار وأفنجرز، وسيطرت شركات إنتاج أنيمي ورسوم متحركة وخيال علمي وخدمات البث الحي أمثال: مارفل ونتفليكس علي حساب شركات كبرى قديمة كانت أكثر شهرة فانحسرت شهرتها كشركة "يونيفرسال ووارنر برازرز وباراماونت" وغيرها، وبات الإنتاج المشترك بديلاً عن المغامرات الإنتاجية الفردية لشركة واحدة بعينها، وبدأ عصر الاندماجات الاستثمارية لشركات الإنتاج الأقل ربحًا.
ثم جاءت جائحة كورونا فأغلقت الإنتاج الهوليوودي لحين إشعار آخر، ولم تكد الحياة تعود لهوليوود حتى حدثت أزمة إضراب عمال هوليوود من مؤلفين وفنيين عام 2023.
وآخر الأزمات التي تعرضت لها هوليوود حرائق لوس أنجلوس أواخر العام الماضي، ورغم أنها لم تصل إلى المباني الخاصة بأغلب شركات الإنتاج الكبرى، إلا أن كثيرًا من عقود العمل والإنتاج تم تأجيلها بسبب الحرائق، ناهيك عن قصور مشاهير الممثلين التي احترقت ودُمرت.
الأزمة الأكبر أمام شركات الإنتاج في هوليوود لا تتمثل فقط في الخسائر والأزمات التي حدثت خلال السنوات العشر الماضية، وانحسار نشاط بعض شركات الإنتاج الكبرى في مواجهة شركات أخري بديلة، أو الاندماجات التي اضطرت لها بعض الشركات. بل الأزمة الأكبر في تغير اتجاهات المستهلكين، وشيوع صناعة الترفيه بالقدر الذي جعلها شبه مجانية أمام مستهلكين بدأوا يتجهون للفضائيات بدلاً من السينما، وبات هناك تهديد حقيقي لانحسار صناعة السينما، لا في هوليوود وحدها، بل في العالم أجمع!
وإذا كان المال هو الذي يتكلم، فهل ستظل أمريكا محتفظة بعرش صناعة الترفيه في العالَم، أم تتجه بوصلة صناعة الثقافة الترفيهية لملعب جديد يتكلم فيه اليوان بدلًا من الدولار؟! وهل تظل السينما هي اللاعب الأول في هذا الملعب أم الجيل الخامس والسادس من تقنيات الاتصالات والإنترنت والفضائيات والذكاء الاصطناعي؟!
الكتب للأغنياء فقط!
هناك أزمة محلية وعالمية في طباعة الكتب والصحف بدأت منذ فترة، وهي تتفاقم باستمرار. وخلال 15 عامًا الماضية أغلقت نحو 2200 صحيفة مطبوعة في أمريكا وحدها! وانخفض عدد الصحفيين العاملين في المؤسسات الصحفية الكبرى بها إلى النصف.
وأشار تقرير نشره معهد بروكينجز إلى أن عدد الصحف لكل مائة مليون نسمة انخفض من 1200 عام 1945 إلى 400 في عام 2014! أي انخفاض للثلثين في 70 عامًا رغم الزيادة السكانية!
أزمة المطبوعات في مصر تزداد شدتها لأسباب اقتصادية مركبة، وأحد أسبابها ارتفاع أسعار الورق والأحبار، وقلة العمالة الماهرة وارتفاع أجرها. بينما في المقابل ظهر الإنترنت ليصبح بديلًا رخيصًا للكتاب التقليدي المطبوع، ويصبح بإمكان أي شخص الحصول على مئات الكتب الإليكترونية داخل "فلاشة" بحجم عقلة الإصبع يضعها في ميدالية تسكن جيب بنطاله! بدلا من مكتبة ضخمة يخصص لها حجرة من حجرات بيته الضيق، وينفق لأجلها آلاف الجنيهات!
كنا في السابق نتندر ونراهن أن الكتاب المقروء سوف يصمد في مواجهة تلك الموجة العاتية من موجات التقدم التقني، لكننا الآن لسنا واثقون تمامًا من هذا.
وهناك شواهد أن الكتاب المطبوع سوف ينحسر كمًا وكيفًا في المستقبل القريب، حتى على مستوى سياسات الدول، وخاصة في الدول النامية والفقيرة، وإذا حدث هذا فسوف يأتي تحول كبير في هذا السوق الضخم، سوق الكتب المطبوعة؛ لأنها ستشح ويقل عددها، وبالتالي سيرتفع سعرها في الأسواق، وربما يتضاعف سريعًا، ليصبح الكتاب المطبوع مقصورًا على الأثرياء وجامعي التحف ومحبي جمع الكتب!
غول الذكاء الاصطناعي
عاصفة أخرى توشك أن تجتاح العالَم في السنوات القادمة، تحمل في قلبها موجة من موجات التغيير الثقافي والفكري، تلك الموجة التي لن تعترف بجهلاء العصر القادم الجدد، وهم أولئك الذين يجهلون كيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي فيتجاوزهم الزمن.
المسألة أكبر من مجرد العبث بمحركات بحث وتطبيقات ديب سيك وشات جي بي تي. فليست تلك إلا إحدى أدوات الذكاء الاصطناعي التي تعددت وشملت عددًا من أهم المجالات الاقتصادية، كالعقارات والسيارات والترفيه وسلاسل الإمداد والتوزيع وغيرها من المجالات.
لا أنسى فيديو انتشر منذ فترة لعاملة بأحد المؤسسات في الغرب حاولت الانتقام من روبوت حل محلها في العمل، فأسرعت تحاول تدميره لاستعادة وظيفتها الضائعة! مثل هذا المشهد هل يسود سوق العمل في سنوات قادمة؟ هل تحل الآلة محل البشر في الوظائف والأعمال، وبخاصة تلك الأعمال التي تتطلب مهارات تتفوق فيها الآلة على الإنسان وتنتج أكثر منه وأسرع؟ بل وهي تتطور باستمرار فيما يظل الموظف التقليدي محتفظًا بإنتاجه المحدود.
يؤكد جيفري هنتون، الأب الروحي للشبكات العصبية الاصطناعية والعالم الذي حصل على جائزة نوبل، وقام بتطوير الموجة الأخيرة من موجات تطور الذكاء الاصطناعي، أن التطور الهائل والسريع في شبكات الذكاء الاصطناعي حول العالم والتي باتت ذاتية التطور، تدق ناقوس الخطر، وأنها ستصل في غضون خمس سنوات إلى مرحلة من الخطورة تهدد البشر في وظائفهم، وسوف يصبح الإنسان ثاني أذكي مخلوق بعد الـ AI! إنه غول الذكاء الاصطناعي، أحدث موجات العاصفة الثقافية القادمة نحونا بقوة.
[email protected]

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدولة الاخبارية
منذ ساعة واحدة
- الدولة الاخبارية
واشنطن بوست: ضباط أمريكيون تلقوا تعليمات باعتقال المهاجرين فور صدور أمر قضائي بترحيلهم
السبت، 24 مايو 2025 03:19 مـ بتوقيت القاهرة ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في عددها الصادر اليوم السبت أن ضباطا ينتشرون بالمحاكم في جميع أنحاء البلاد حيث اعتقلوا مهاجرين كانوا يحضرون جلسات استماع مقررة بشأن الهجرة، وذلك في إطار توجيه جديد من المسؤولين الفيدراليين يهدف إلى تسريع عمليات الترحيل بشكل كبير. وأوضحت الصحيفة في مقال حصري إن ضباط إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأمريكية في أريزونا وفرجينيا وأكثر من 20 ولاية أخرى تلقوا تعليمات باعتقال الأشخاص فور صدور أمر قضائي بترحيلهم أو بعد تحرك المدعين العامين لإسقاط قضاياهم، ما يشير إلى تكتيك جديد في حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لترحيلهم . ووفقًا لوثائق داخلية اطلعت عليها الصحيفة، تعتزم إدارة ترامب لوضع المهاجرين الذين رُفضت قضاياهم والذين تواجدوا في البلاد منذ أقل من عامين في عملية ترحيل سريعة لا تتضمن جلسة استماع أمام قاضٍ. وأضافت الصحيفة أن هذه العملية المُنسقة تمثل أحدث محاولة من قبل الإدارة الأمريكية لترحيل الأشخاص بسرعة من البلاد حتى لو اضطر المسؤولون إلى تجاوز المحاكم مع تزايد القلق في البيت الأبيض من أن الرئيس دونالد ترامب لن يتمكن من الوفاء بوعده الانتخابي بترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة. ونقلت الصحيفة عن المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي، تريشيا ماكلولين، قولها إن وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم تتراجع عن سياسة بايدن القائمة على الإمساك والإفراج، والتي سمحت بإطلاق سراح ملايين المهاجرين غير الشرعيين غير المدققين في الشوارع الأمريكية، مضيفة إن إدارة الهجرة والجمارك تطبق الآن القانون وإجراءات الترحيل المُعجل على هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين. وأشارت الصحيفة إلى أنه في يناير الماضي، وقع ترامب أمرا تنفيذيا لتوسيع نطاق عملية تُعرف باسم "الترحيل المُعجل" لتسريع عمليات الترحيل. وقد أصدر هذا الإجراء بموجب قانون صدر عام 1996 بهدف قمع الهجرة غير الشرعية. ويمكن للمهاجرين طلب اللجوء من مسؤولي الهجرة إذا كانوا يخشون الاضطهاد في حال عودتهم إلى ديارهم. ولكن في حال رفض طلباتهم، فإن ملاذهم الوحيد هو مراجعة سريعة من قِبل قاضي الهجرة، وليس جلسة استماع كاملة. ونوهت بأنه تاريخيًا، كانت عمليات الترحيل المُعجل أكثر شيوعًا على الحدود، لكن إدارة ترامب تُوسع نطاق استخدامها في جميع أنحاء المناطق الداخلية للبلاد كما قام الرئيس بمحاولة مماثلة خلال ولايته الأولى عام 2019، لكن أوقفها قاضٍ فيدرالي. ولفتت إلى أن الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية وجماعات أخرى رفع دعوى ق قضائية فيدرالية في يناير الماضي في مقاطعة كولومبيا سعيًا لمنع هذا التوسع الأخير، معتبرين أنه ينتهك الحقوق الدستورية للمهاجرين، بالإضافة إلى قوانين أمريكية أخرى. ولكن مع استمرار القضية في المحكمة، يواصل مسؤولو ترامب المضي قدمًا في جهوده الرامية إلى اعتقال المهاجرين وترحيلهم بسرعة. وقد تحرك محامو وزارة الأمن الداخلي في المدن والولايات في جميع أنحاء البلاد هذا الأسبوع لرفض عشرات قضايا الترحيل، قائلين إن الناس أحرار في المغادرة. لكن ما إن غادر المهاجرون قاعات المحكمة، حتى كانت كتيبة من ضباط إنفاذ القانون الفيدراليين في انتظارهم لتقييدهم بالأصفاد ونقلهم إلى مركز احتجاز المهاجرين . وفي فينيكس، تجمع ما يقرب من عشرين ضابط إنفاذ قانون فيدراليًا ملثمًا في مرآب سيارات مبنى مكاتب أمريكي، واعتقلوا رجالًا ونساءً كانوا خارجين من المحكمة وسط احتجاج أفراد عائلاتهم وآخرين. وفي شيكاغو، دخل ضباط فيدراليون بملابس مدنية إلى قاعات المحكمة حاملين قوائم أسماء، بحثًا عن أهدافهم. وقال أكثر من 30 محامي هجرة في جميع أنحاء البلاد إنهم شهدوا اعتقال موكليهم في حملة اعتقالات واسعة النطاق، وهي عملية وصفوها بأنها غير عادلة للأشخاص الذين يلتزمون بالقانون بحضور جلسات المحكمة والسعي للحصول على خيارات هجرة قانونية.


بوابة الأهرام
منذ 2 ساعات
- بوابة الأهرام
واشنطن بوست: ضباط أمريكيون تلقوا تعليمات باعتقال المهاجرين فور صدور أمر قضائي بترحيلهم
أ ش أ ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في عددها الصادر اليوم السبت أن ضباطا ينتشرون بالمحاكم في جميع أنحاء البلاد حيث اعتقلوا مهاجرين كانوا يحضرون جلسات استماع مقررة بشأن الهجرة، وذلك في إطار توجيه جديد من المسؤولين الفيدراليين يهدف إلى تسريع عمليات الترحيل بشكل كبير. موضوعات مقترحة وأوضحت الصحيفة في مقال حصري إن ضباط إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأمريكية في أريزونا وفرجينيا وأكثر من 20 ولاية أخرى تلقوا تعليمات باعتقال الأشخاص فور صدور أمر قضائي بترحيلهم أو بعد تحرك المدعين العامين لإسقاط قضاياهم، ما يشير إلى تكتيك جديد في حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لترحيلهم . ووفقًا لوثائق داخلية اطلعت عليها الصحيفة، تعتزم إدارة ترامب لوضع المهاجرين الذين رُفضت قضاياهم والذين تواجدوا في البلاد منذ أقل من عامين في عملية ترحيل سريعة لا تتضمن جلسة استماع أمام قاضٍ. وأضافت الصحيفة أن هذه العملية المُنسقة تمثل أحدث محاولة من قبل الإدارة الأمريكية لترحيل الأشخاص بسرعة من البلاد حتى لو اضطر المسؤولون إلى تجاوز المحاكم مع تزايد القلق في البيت الأبيض من أن الرئيس دونالد ترامب لن يتمكن من الوفاء بوعده الانتخابي بترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين من الولايات المتحدة. ونقلت الصحيفة عن المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي، تريشيا ماكلولين، قولها إن وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم تتراجع عن سياسة بايدن القائمة على الإمساك والإفراج، والتي سمحت بإطلاق سراح ملايين المهاجرين غير الشرعيين غير المدققين في الشوارع الأمريكية، مضيفة إن إدارة الهجرة والجمارك تطبق الآن القانون وإجراءات الترحيل المُعجل على هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين. وأشارت الصحيفة إلى أنه في يناير الماضي، وقع ترامب أمرا تنفيذيا لتوسيع نطاق عملية تُعرف باسم "الترحيل المُعجل" لتسريع عمليات الترحيل. وقد أصدر هذا الإجراء بموجب قانون صدر عام 1996 بهدف قمع الهجرة غير الشرعية. ويمكن للمهاجرين طلب اللجوء من مسؤولي الهجرة إذا كانوا يخشون الاضطهاد في حال عودتهم إلى ديارهم. ولكن في حال رفض طلباتهم، فإن ملاذهم الوحيد هو مراجعة سريعة من قِبل قاضي الهجرة، وليس جلسة استماع كاملة. ونوهت بأنه تاريخيًا، كانت عمليات الترحيل المُعجل أكثر شيوعًا على الحدود، لكن إدارة ترامب تُوسع نطاق استخدامها في جميع أنحاء المناطق الداخلية للبلاد كما قام الرئيس بمحاولة مماثلة خلال ولايته الأولى عام 2019، لكن أوقفها قاضٍ فيدرالي. ولفتت إلى أن الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية وجماعات أخرى رفع دعوى قضائية فيدرالية في يناير الماضي في مقاطعة كولومبيا سعيًا لمنع هذا التوسع الأخير، معتبرين أنه ينتهك الحقوق الدستورية للمهاجرين، بالإضافة إلى قوانين أمريكية أخرى. ولكن مع استمرار القضية في المحكمة، يواصل مسؤولو ترامب المضي قدمًا في جهوده الرامية إلى اعتقال المهاجرين وترحيلهم بسرعة. وقد تحرك محامو وزارة الأمن الداخلي في المدن والولايات في جميع أنحاء البلاد هذا الأسبوع لرفض عشرات قضايا الترحيل، قائلين إن الناس أحرار في المغادرة. لكن ما إن غادر المهاجرون قاعات المحكمة، حتى كانت كتيبة من ضباط إنفاذ القانون الفيدراليين في انتظارهم لتقييدهم بالأصفاد ونقلهم إلى مركز احتجاز المهاجرين . وفي فينيكس، تجمع ما يقرب من عشرين ضابط إنفاذ قانون فيدراليًا ملثمًا في مرآب سيارات مبنى مكاتب أمريكي، واعتقلوا رجالًا ونساءً كانوا خارجين من المحكمة وسط احتجاج أفراد عائلاتهم وآخرين. وفي شيكاغو، دخل ضباط فيدراليون بملابس مدنية إلى قاعات المحكمة حاملين قوائم أسماء، بحثًا عن أهدافهم. وقال أكثر من 30 محامي هجرة في جميع أنحاء البلاد إنهم شهدوا اعتقال موكليهم في حملة اعتقالات واسعة النطاق، وهي عملية وصفوها بأنها غير عادلة للأشخاص الذين يلتزمون بالقانون بحضور جلسات المحكمة والسعي للحصول على خيارات هجرة قانونية.


البورصة
منذ 3 ساعات
- البورصة
ترامب يدعم شراكة "يو إس ستيل" و"نيبون" بعد مراجعة الأمن القومي
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب دعمه لاتفاق الشراكة بين شركة 'يو إس ستيل' الأمريكية وشركة 'نيبون ستيل' اليابانية، مؤكداً أن هذه الشراكة ستُبقي الشركة الأمريكية العريقة داخل الولايات المتحدة الأمريكية. قال ترامب في منشور على منصة 'تروث سوشيال' أمس: 'أفخر بالإعلان أنه، وبعد الكثير من الدراسة والتفاوض، ستبقى شركة يو إس ستيل في أمريكا، وستحافظ على مقرها في مدينة بيتسبرج العظيمة.. سيضمن نهجي في فرض الرسوم الجمركية أن يظل الفولاذ يُصنع في أمريكا إلى الأبد'. أضاف ترامب أن هذه الشراكة ستُسهم في خلق ما لا يقل عن 70 ألف وظيفة، وستضيف 14 مليار دولار إلى الاقتصاد الأمريكي، مشيراً إلى أن 'معظم هذا الاستثمار' سيتم خلال الأشهر الـ14 المقبلة. كما أعلن أنه سيشارك في فعالية يوم 30 مايو مقرر إقامتها في بيتسبرج. جاء هذا الإعلان بعد ساعات من تأكيد البيت الأبيض أن ترامب تلقى توصية من لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي لجنة أمن قومي منوط بها مراجعة الشراكات. وجاءت بيانات من كلا الشركتين يوم الجمعة، إلى جانب تصريح من حاكم ولاية بنسلفانيا، جوش شابيرو –وهي الولاية التي تحتضن مقر شركة 'يو إس ستيل'– مشيدة بالاتفاق، لكنها لم تتضمن تفاصيل أخرى. وحسب مكتب إحصاءات العمل الأمريكي، فإن نحو 85 ألف شخص يعملون حالياً في مصانع الصلب الأمريكية. وقالت شركة 'يو إس ستيل' في بيان: 'ستبقى يو إس ستيل شركة أمريكية، وسنصبح أكبر وأقوى من خلال شراكتنا مع نيبون ستيل التي ستجلب استثمارات ضخمة، وتكنولوجيا جديدة، وآلاف الوظائف خلال السنوات الأربع المقبلة'. أما شركة 'نيبون ستيل' اليابانية، فقالت في بيانها إن 'الشراكة تُعد نقطة تحول– ليس فقط للشركتين، ولكن لصناعة الصلب الأمريكية وقاعدة التصنيع الأمريكية بأكملها'. ووصفت كلتا الشركتين ترامب بأنه 'جريء'. ورغم أن البيت الأبيض رفض تقديم مزيد من التفاصيل، إلا أن وسائل إعلام يابانية، من بينها 'نيكاي' و'كيودو نيوز'، أفادت بأن صفقة الاستحواذ تمّت الموافقة عليها، نقلاً عن أشخاص أمريكيين لم يُفصح عن أسمائهم. جاء هذا الإعلان غير المتوقع عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعد تأكيد البيت الأبيض أن ترامب تلقى توصية من لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، التي كانت تراجع صفقة الاستحواذ المقترحة. وكان ترامب صرح مراراً بأنه يجب أن تكون هناك شراكة استثمارية، وليس تملكاً كاملاً كما اتفقت الشركتان في عام 2023. وفي يناير، كان الرئيس السابق جو بايدن قد منع الصفقة، مشيراً إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي. ودافع مؤيدو الاندماج عن الصفقة، قائلين إن 'نيبون ستيل' يمكنها إحياء الشركة الأمريكية المتعثرة عبر تحديث الأصول المتهالكة، وزيادة الطاقة الإنتاجية، وتبادل التكنولوجيا. لكن الصفقة واجهت معارضة من نقابة 'عمال الصلب المتحدين' ذات النفوذ، والتي تدير مصانع يو إس ستيل في منطقة 'حزام الصدأ' الأمريكية. وانتقد رئيس النقابة، ديفيد مكول، الصفقة بشدة لأنها تمت دون مشاورة النقابة. ولم ترد النقابة على طلب للتعليق مساء الجمعة. كان ترامب، وبايدن، والمرشحة الديمقراطية للرئاسة لعام 2024 كامالا هاريس، عارضوا الصفقة وأصروا على أن تبقى الشركة بيد الأمريكيين. وأنهت أسهم 'يو إس ستيل' يوم الجمعة بارتفاع بنسبة 21% لتصل إلى 52.01 دولار. وكانت الشركة وافقت في ديسمبر 2023 على البيع إلى 'نيبون ستيل' مقابل 55 دولاراً للسهم نقداً بالكامل. يأتي هذا التحول المفاجئ في وقت تجري فيه الولايات المتحدة واليابان مفاوضات تجارية ضمن حزمة أوسع من الرسوم الجمركية فرضها ترامب. والتقى كبير المفاوضين التجاريين اليابانيين، ريوسي أكازاوا، مع وزير التجارة الأمريكي هاوارد لوتنيك والممثل التجاري الأمريكي جيميسون غرير في واشنطن ضمن الجولة الثالثة من محادثات الرسوم الجمركية. وجاء ذلك بعد مكالمة هاتفية بين ترمب ورئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا، اتفقا فيها على لقاء مباشر الشهر المقبل في كندا ضمن قمة قادة مجموعة السبع. رفض أكازاوا التعليق على مسألة الصلب يوم الجمعة، وقال إنه سينتظر حتى صدور إعلان رسمي. أما بخصوص مفاوضات الرسوم الجمركية، فأوضح أن المفاوضين يأخذون في الحسبان اجتماع القادة في يونيو، لكنه أضاف أن التسرع في التوصل لاتفاق ليس قراراً حكيماً. وتواجه اليابان رسوماً جمركية أمريكية بنسبة 25% على السيارات والفولاذ والألمنيوم، بالإضافة إلى رسم عام بنسبة 10% على جميع السلع، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 24% في أوائل يوليو إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري، بعد انتهاء فترة التجميد البالغة 90 يوماً. وأعلنت شركات صناعة السيارات اليابانية، بما فيها 'تويوتا موتور'، عن خسائر متوقعة بمليارات الدولارات نتيجة هذه الرسوم. ومع انكماش الاقتصاد الياباني في الربع الأخير، فإن إيشيبا يواجه خطر دخول اليابان في ركود اقتصادي إذا لم تهدأ الضغوط التجارية. ومن المتوقع أن يواصل أكازاوا تنقلاته بين العواصم حتى الأسبوع المقبل، إذ سيجتمع أيضاً مع وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، أحد اللاعبين الرئيسيين في الجولتين السابقتين من محادثات الرسوم، في واشنطن في 30 مايو. وقد يمهد دعم ترمب الطريق لعهد جديد لشركة الصلب الأميركية التي كانت يوماً ما أكبر شركة في العالم. لكن 'نيبون ستيل' ستضطر لإقناع مساهميها بسبب استمرار تشغيل الأصول القديمة، والأقل كفاءة، والأعلى تكلفة. وقال رئيس النقابة مكول مراراً إن الاستثمارات في المصانع ستجعلها الأكثر كفاءة في العالم، وإنها ستبقى قادرة على المنافسة لعقود قادمة. لكنه ظل غير مقتنع بوعود 'نيبون ستيل' منذ إعلان الصفقة. وأضاف في رسالة نصية في وقت سابق هذا الأسبوع: 'وعدهم دائماً ما يكون مشروطاً باستثناءات تتيح لهم التراجع عن أقوالهم. لا شيء يجعلني أعتقد أن هذا ليس مجرد محاولة يائسة أخرى'.