مذابح ماي 1945 لم تكشف بعد عن كل أسرارها
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
* تسليط الضوء على مذبحة وقعت خلف الأبواب المغلقة بعد ساعات قليلة من إعلان نهاية الحرب تحديا حقيقيا.* دون إرادة من جانب المستعمر السابق، سيظل أي بحث عن الحقيقة ناقصا.* لا يزال عامة الناس، على جانبي البحر الأبيض المتوسط، غير مدركين للأحداث الأساسية التي وقعت في ذلك الثلاثاء الدامي.
قال الكاتب الصحفي كمال ين يعيش، في حواره مع "المساء"، إنه أراد أن تكون الطبعة الجديدة من كتابه "سطيف، المقبرة الجماعية. مجازر 8 ماي 1945"، شهادة وأرشيفا حيا وعملا للذكرى، تجاه أولئك الذين حاول التاريخ الاستعماري محوهم، في انتظار صدور كتاب ثالث، حول نفس الموضوع، مضيفا أن العديد من الجوانب الغامضة لمأساة 8 ماي 1945، تعد حقائق كثيرة لا تزال مدفونة تحت أنقاض الصمت.
❊ لماذا اخترتم تكريس كتابكم لهذا الحدث بالذات من تاريخ الجزائر، أي 8 ماي 1945؟
❊❊ يصادف تاريخ 8 ماي 1945 نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد احتُفل به كانتصار للحرية في أوروبا. لكن في الجزائر، يتخذ هذا التاريخ معنى مختلفا تماما.. معنى المأساة التي تم التعتيم عليها منذ فترة طويلة. إن التناقض الصارخ بين احتفالات عيد التحرير ومجزرة المدنيين، يرمز إلى غموض الخطاب الاستعماري، الاحتفال بنهاية الشمولية، بينما يخنق التطلع المشروع إلى الاستقلال لملايين الجزائريين. إن الهدف من وضع هذا الحدث في قلب الكتاب، هو تذكيرنا بأنها لم تكن مجرد "عثرة" في السردية الاستعمارية، بل كانت نقطة تحول تاريخية. لقد ساعدت صدمة 8 ماي 1945 على تطرف النخبة والجماهير الجزائرية، ما عجل باندلاع حرب التحرير بعد سنوات قليلة. كما لا يزال هذا الحدث علامة فارقة أساسية في الوعي الوطني، ومع ذلك، لا يزال مجهولا لدى عامة الناس، سواء في الجزائر أو في أماكن أخرى.❊ قُدمت هذه الطبعة الثانية على أنها "منقحة ومصححة وموسعة بشكل كبير". ماذا أضفتم لها؟❊❊ تهدف هذه الطبعة الجديدة لكتابي، إلى أن تكون شهادة وأرشيفاً حياً، وعملا للذكرى تجاه أولئك الذين حاول التاريخ الاستعماري محوهم. إنها خطوة كبيرة نحو استعادة الحقيقة التاريخية. هذا الكتاب هو ثمرة التزام شخصي عميق، ووفاء للأصوات المسكوت عنها، وواجب لنقلها إلى الأجيال القادمة. كان لا بد من التغلب على العديد من العقبات، وكان لا بد من تفكيك الروايات الرسمية المتحيزة، وكان لا بد من مواجهة الصمت المرهق. كل كلمة هنا تحمل ثقلها الخاص من الألم والحقيقة. تلبي هذه الطبعة الجديدة أيضا طلبا قويا، حيث أن النسخة الأولى التي نُشرت في عام 2016، قد نفذت الآن. والنسخة الجديدة تتضمن روايات جديدة لشهود عيان ووثائق لم تُنشر من قبل، بالإضافة إلى إعادة قراءة نقدية لبعض المصادر الاستعمارية، ما يوفر رؤية أكثر تفصيلًا ودقة.❊ يكشف تحقيقكم عن ممارسات طالما تم التكتم عليها.. التعذيب، حالات الاختفاء، الاغتصاب... كيف تمكنتم من الوصول إلى الأرشيف؟
❊❊ تعتمد كتابة التاريخ على ركيزتين أساسيتين: روايات شهود العيان والأرشيف. يشكل الوصول إلى الأرشيف عقبة حقيقية، خاصة بالنسبة للباحث الجزائري المستقل، الذي لا يملك دعما مؤسسيا أو تمويلا. وتكمن العقبة الرئيسية في استمرار عدم إمكانية الوصول إلى بعض الأرشيف، التي يقارب عمرها 80 عامًا. على سبيل المثال، لا يزال الوصول إلى تقارير المفوض بيرجيه، الذي كان مسؤولاً عن التحقيق في أحداث سطيف وقالمة، غير متاح جزئيا. ولا يزال الوصول إلى الأرشيف العسكري الفرنسي شبه مستحيل، ناهيك عن أحكام المحاكم العسكرية. لكل هذه الأسباب أُصر على أن مذابح ماي 1945، لم تكشف بعد عن كل أسرارها. ❊ ما هي الشهادة أو الوثيقة التي تخص 8 ماي 1945، التي أثرت فيكم بشكل كبير؟
❊❊ من الصعب -بل من غير اللائق تحديد الأولويات بالنسبة للآلام، فجميع الشهادات تحمل شحنة عاطفية مدمرة. لقد شحذ العمل في الميدان وعيي وفتح عيني ومكنني من جمع روايات لا تزال كتب التاريخ تتجاهلها. كيف يمكنك أن تظل متبلد الإحساس عندما تواجه آلاف الأيتام الغارقين في المآسي الشنيعة؟ كيف يمكننا أن نغض الطرف عندما نواجه عائلات سلبها الغزاة في الغارات التي قاموا بها؟ كيف يمكننا البقاء على الحياد في مواجهة إذلال قدامى المحاربين الجزائريين، الذين تجندوا لتحرير فرنسا لكنهم تُركوا لمصيرهم عند عودتهم؟. بعض الشهادات ستطاردك إلى الأبد: شهادة ناجي رأى والده يعدم أمام عينيه، أو المرأة التي تتذكر اغتصاب أحد أقاربها على يد جنود الفيلق... هذه الروايات تجمد الدم في عروقنا، لكنها قبل كل شيء، ستجبرك على عدم النسيان.❊ كصحفي، كيف يمكنكم التوفيق بين واجب التحقيق وواجب الذاكرة؟❊❊ كان تسليط الضوء على هذه المذبحة، التي وقعت خلف الأبواب المغلقة، بعد ساعات قليلة من إعلان نهاية الحرب، تحديا حقيقيا. لقد مكنتني هذه المهمة الطويلة والشاقة من استعادة الأسماء والوجوه والمدافن التي صودرت من الذاكرة الجماعية. من خلال هذا البحث، كشفتُ عن آليات كانت حتى الآن غير ملحوظة، استنادا إلى وقائع تم التحقق منها بدقة، مع احترام معاناة الناجين. وقد أثنى على هذا العمل عدد من المتخصصين المشهورين، من بينهم جيلبير مينييه، وجيل مانسيرون، وحسني قيطوني، وحسان رمعون، وفؤاد سوفي، وعبد المجيد مرداسي، وآلان روسيو، وعيسى قادري، وأوليفييه لو كور غراندميزون، وعمار محند عامر..لا يتعلق الأمر فقط بكتابة التاريخ، بل بإعطاء صوت لأولئك الذين أُريد محوهم.❊ اليوم، بعد مرور ما يقرب من 80 عاما، هل يمكننا أن نأمل في إعادة بناء أحداث ماي 1945 بشكل كامل وصادق؟
❊❊ تظل إعادة البناء الكامل لأحداث 8 ماي 1945 هدفًا بعيد المنال، نظرا لوجود العديد من النقاط الخفية. ومع ذلك، فهي ليست مستحيلة. ستسمح المراجعة الدقيقة للشهادات الشفهية والمكتوبة واستغلال الأرشيف المتاح والتحليل النقدي للمصادر، بإحراز تقدم نحو حقيقة تاريخية أكثر اكتمالا. ولكن يجب أن نتذكر أن التاريخ، لاسيما تاريخ الجرائم الاستعمارية، لا يُبنى في فراغ. كما أنه يعتمد أيضًا على إرادة سياسية واضحة من جانب فرنسا الرسمية، لفتح الأرشيف والاعتراف بالحقائق والسماح للباحثين بالوصول إلى الوثائق الحساسة بشكل تام. وبدون هذه الإرادة، من جانب المستعمر السابق، الذي لا يزال غير راغب في البحث في ماضيه الاستعماري، سيظل أي بحث عن الحقيقة ناقصا. ❊ لماذا تستعد لنشر كتاب ثالث حول نفس الموضوع؟
❊❊ لأن حجم مأساة 8 ماي 1945 لا يزال مجهولا إلى حد كبير. ما الذي نعرفه حقًا عن أكبر مذبحة ارتكبت خلف الأبواب المغلقة في يوم النصر؟، رغم أن العديد من المؤرخين والكتاب -الجزائريين والفرنسيين على حد سواء- مثل محفوظ قداش وبوسيف مخالد وعمار محند عامر ورضوان عيناد تابت وجان لوي بلانش وجان بيار بيرولو قد رفعوا الستار عن العديد من الحقائق، إلا أن الجزء المغمور من جبل الجليد لا يزال غير معروف. لا يزال عامة الناس، على جانبي البحر الأبيض المتوسط، غير مدركين للأحداث الأساسية التي وقعت في ذلك الثلاثاء الدامي. لم يتم إعادة بناء الحقائق بشكل كامل، ولا يزال التسلسل الزمني غير دقيق، ولم يتم بعد استكشاف العديد من الندوب. لا تزال العديد من الجوانب غامضة: المداهمات، وحالات الاختفاء، والاغتصاب، والتعذيب، والإعدامات بإجراءات موجزة، والشكاوى التي لم يتم تتبعها، وآلام اليتامى، ومسؤولية السلطات، والجدل الأبدي حول العدد الحقيقي للضحايا. حقائق كثيرة لا تزال مدفونة تحت أنقاض الصمت.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

جزايرس
منذ 3 أيام
- جزايرس
مذابح ماي 1945 لم تكشف بعد عن كل أسرارها
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص. * تسليط الضوء على مذبحة وقعت خلف الأبواب المغلقة بعد ساعات قليلة من إعلان نهاية الحرب تحديا حقيقيا.* دون إرادة من جانب المستعمر السابق، سيظل أي بحث عن الحقيقة ناقصا.* لا يزال عامة الناس، على جانبي البحر الأبيض المتوسط، غير مدركين للأحداث الأساسية التي وقعت في ذلك الثلاثاء الدامي. قال الكاتب الصحفي كمال ين يعيش، في حواره مع "المساء"، إنه أراد أن تكون الطبعة الجديدة من كتابه "سطيف، المقبرة الجماعية. مجازر 8 ماي 1945"، شهادة وأرشيفا حيا وعملا للذكرى، تجاه أولئك الذين حاول التاريخ الاستعماري محوهم، في انتظار صدور كتاب ثالث، حول نفس الموضوع، مضيفا أن العديد من الجوانب الغامضة لمأساة 8 ماي 1945، تعد حقائق كثيرة لا تزال مدفونة تحت أنقاض الصمت. ❊ لماذا اخترتم تكريس كتابكم لهذا الحدث بالذات من تاريخ الجزائر، أي 8 ماي 1945؟ ❊❊ يصادف تاريخ 8 ماي 1945 نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد احتُفل به كانتصار للحرية في أوروبا. لكن في الجزائر، يتخذ هذا التاريخ معنى مختلفا تماما.. معنى المأساة التي تم التعتيم عليها منذ فترة طويلة. إن التناقض الصارخ بين احتفالات عيد التحرير ومجزرة المدنيين، يرمز إلى غموض الخطاب الاستعماري، الاحتفال بنهاية الشمولية، بينما يخنق التطلع المشروع إلى الاستقلال لملايين الجزائريين. إن الهدف من وضع هذا الحدث في قلب الكتاب، هو تذكيرنا بأنها لم تكن مجرد "عثرة" في السردية الاستعمارية، بل كانت نقطة تحول تاريخية. لقد ساعدت صدمة 8 ماي 1945 على تطرف النخبة والجماهير الجزائرية، ما عجل باندلاع حرب التحرير بعد سنوات قليلة. كما لا يزال هذا الحدث علامة فارقة أساسية في الوعي الوطني، ومع ذلك، لا يزال مجهولا لدى عامة الناس، سواء في الجزائر أو في أماكن أخرى.❊ قُدمت هذه الطبعة الثانية على أنها "منقحة ومصححة وموسعة بشكل كبير". ماذا أضفتم لها؟❊❊ تهدف هذه الطبعة الجديدة لكتابي، إلى أن تكون شهادة وأرشيفاً حياً، وعملا للذكرى تجاه أولئك الذين حاول التاريخ الاستعماري محوهم. إنها خطوة كبيرة نحو استعادة الحقيقة التاريخية. هذا الكتاب هو ثمرة التزام شخصي عميق، ووفاء للأصوات المسكوت عنها، وواجب لنقلها إلى الأجيال القادمة. كان لا بد من التغلب على العديد من العقبات، وكان لا بد من تفكيك الروايات الرسمية المتحيزة، وكان لا بد من مواجهة الصمت المرهق. كل كلمة هنا تحمل ثقلها الخاص من الألم والحقيقة. تلبي هذه الطبعة الجديدة أيضا طلبا قويا، حيث أن النسخة الأولى التي نُشرت في عام 2016، قد نفذت الآن. والنسخة الجديدة تتضمن روايات جديدة لشهود عيان ووثائق لم تُنشر من قبل، بالإضافة إلى إعادة قراءة نقدية لبعض المصادر الاستعمارية، ما يوفر رؤية أكثر تفصيلًا ودقة.❊ يكشف تحقيقكم عن ممارسات طالما تم التكتم عليها.. التعذيب، حالات الاختفاء، الاغتصاب... كيف تمكنتم من الوصول إلى الأرشيف؟ ❊❊ تعتمد كتابة التاريخ على ركيزتين أساسيتين: روايات شهود العيان والأرشيف. يشكل الوصول إلى الأرشيف عقبة حقيقية، خاصة بالنسبة للباحث الجزائري المستقل، الذي لا يملك دعما مؤسسيا أو تمويلا. وتكمن العقبة الرئيسية في استمرار عدم إمكانية الوصول إلى بعض الأرشيف، التي يقارب عمرها 80 عامًا. على سبيل المثال، لا يزال الوصول إلى تقارير المفوض بيرجيه، الذي كان مسؤولاً عن التحقيق في أحداث سطيف وقالمة، غير متاح جزئيا. ولا يزال الوصول إلى الأرشيف العسكري الفرنسي شبه مستحيل، ناهيك عن أحكام المحاكم العسكرية. لكل هذه الأسباب أُصر على أن مذابح ماي 1945، لم تكشف بعد عن كل أسرارها. ❊ ما هي الشهادة أو الوثيقة التي تخص 8 ماي 1945، التي أثرت فيكم بشكل كبير؟ ❊❊ من الصعب -بل من غير اللائق تحديد الأولويات بالنسبة للآلام، فجميع الشهادات تحمل شحنة عاطفية مدمرة. لقد شحذ العمل في الميدان وعيي وفتح عيني ومكنني من جمع روايات لا تزال كتب التاريخ تتجاهلها. كيف يمكنك أن تظل متبلد الإحساس عندما تواجه آلاف الأيتام الغارقين في المآسي الشنيعة؟ كيف يمكننا أن نغض الطرف عندما نواجه عائلات سلبها الغزاة في الغارات التي قاموا بها؟ كيف يمكننا البقاء على الحياد في مواجهة إذلال قدامى المحاربين الجزائريين، الذين تجندوا لتحرير فرنسا لكنهم تُركوا لمصيرهم عند عودتهم؟. بعض الشهادات ستطاردك إلى الأبد: شهادة ناجي رأى والده يعدم أمام عينيه، أو المرأة التي تتذكر اغتصاب أحد أقاربها على يد جنود الفيلق... هذه الروايات تجمد الدم في عروقنا، لكنها قبل كل شيء، ستجبرك على عدم النسيان.❊ كصحفي، كيف يمكنكم التوفيق بين واجب التحقيق وواجب الذاكرة؟❊❊ كان تسليط الضوء على هذه المذبحة، التي وقعت خلف الأبواب المغلقة، بعد ساعات قليلة من إعلان نهاية الحرب، تحديا حقيقيا. لقد مكنتني هذه المهمة الطويلة والشاقة من استعادة الأسماء والوجوه والمدافن التي صودرت من الذاكرة الجماعية. من خلال هذا البحث، كشفتُ عن آليات كانت حتى الآن غير ملحوظة، استنادا إلى وقائع تم التحقق منها بدقة، مع احترام معاناة الناجين. وقد أثنى على هذا العمل عدد من المتخصصين المشهورين، من بينهم جيلبير مينييه، وجيل مانسيرون، وحسني قيطوني، وحسان رمعون، وفؤاد سوفي، وعبد المجيد مرداسي، وآلان روسيو، وعيسى قادري، وأوليفييه لو كور غراندميزون، وعمار محند عامر..لا يتعلق الأمر فقط بكتابة التاريخ، بل بإعطاء صوت لأولئك الذين أُريد محوهم.❊ اليوم، بعد مرور ما يقرب من 80 عاما، هل يمكننا أن نأمل في إعادة بناء أحداث ماي 1945 بشكل كامل وصادق؟ ❊❊ تظل إعادة البناء الكامل لأحداث 8 ماي 1945 هدفًا بعيد المنال، نظرا لوجود العديد من النقاط الخفية. ومع ذلك، فهي ليست مستحيلة. ستسمح المراجعة الدقيقة للشهادات الشفهية والمكتوبة واستغلال الأرشيف المتاح والتحليل النقدي للمصادر، بإحراز تقدم نحو حقيقة تاريخية أكثر اكتمالا. ولكن يجب أن نتذكر أن التاريخ، لاسيما تاريخ الجرائم الاستعمارية، لا يُبنى في فراغ. كما أنه يعتمد أيضًا على إرادة سياسية واضحة من جانب فرنسا الرسمية، لفتح الأرشيف والاعتراف بالحقائق والسماح للباحثين بالوصول إلى الوثائق الحساسة بشكل تام. وبدون هذه الإرادة، من جانب المستعمر السابق، الذي لا يزال غير راغب في البحث في ماضيه الاستعماري، سيظل أي بحث عن الحقيقة ناقصا. ❊ لماذا تستعد لنشر كتاب ثالث حول نفس الموضوع؟ ❊❊ لأن حجم مأساة 8 ماي 1945 لا يزال مجهولا إلى حد كبير. ما الذي نعرفه حقًا عن أكبر مذبحة ارتكبت خلف الأبواب المغلقة في يوم النصر؟، رغم أن العديد من المؤرخين والكتاب -الجزائريين والفرنسيين على حد سواء- مثل محفوظ قداش وبوسيف مخالد وعمار محند عامر ورضوان عيناد تابت وجان لوي بلانش وجان بيار بيرولو قد رفعوا الستار عن العديد من الحقائق، إلا أن الجزء المغمور من جبل الجليد لا يزال غير معروف. لا يزال عامة الناس، على جانبي البحر الأبيض المتوسط، غير مدركين للأحداث الأساسية التي وقعت في ذلك الثلاثاء الدامي. لم يتم إعادة بناء الحقائق بشكل كامل، ولا يزال التسلسل الزمني غير دقيق، ولم يتم بعد استكشاف العديد من الندوب. لا تزال العديد من الجوانب غامضة: المداهمات، وحالات الاختفاء، والاغتصاب، والتعذيب، والإعدامات بإجراءات موجزة، والشكاوى التي لم يتم تتبعها، وآلام اليتامى، ومسؤولية السلطات، والجدل الأبدي حول العدد الحقيقي للضحايا. حقائق كثيرة لا تزال مدفونة تحت أنقاض الصمت.


الشروق
منذ 6 أيام
- الشروق
بالفيديو.. ميلانيا ترامب تتعرض لموقف محرج أثناء عرض عسكري
بدت ميلانيا ترامب وهي مغمضة العينين خلال عرض عسكري للاحتفال بعيد ميلاد زوجها الـ 79 في واشنطن، حيث اعتبرها المتابعون غير متحمسة للأمر. شوهدت السيدة الأولى بجانب زوجها خلال العرض، وسرعان ما لاحظ المارة أنها بدت وكأنها تغفو، وقد أظهرت الصور ومقاطع الفيديوعينيها مغمضتين، على عكس الرئيس الذي بدا أكثر حيوية. وفي لقطة مؤثرة، ظهر الرئيس الأمريكي واقفا لتحية العرض العسكري، بينما بقت ميلانيا جالسة، وبدا عليها التعب. ولم يفوت المشاهدون ذوو النظرة الثاقبة لحظة، بل لجأوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعليق على عدم اهتمامها الواضح، حيث كتب أحد مستخدمي تويتر: 'ميلانيا تبدو مصابة بالملل'. وقال شخص آخر:'هذا العرض العسكري من أكثر الأشياء مللا على التلفزيون، وهو مضيعة حقيقية للوقت، لا عجب أن نصف الإدارة كاد أن ينام… بمن فيهم… ميلانيا'. Trump seen falling asleep at his own birthday military parade. All the resources, tax money and logistics to put on this ridiculous display, and he still isn't happy? #MAGA will claim that he just had to take a wicked shit or something… — ghostpolitics (@TheGhostReport) June 14, 2025 يُذكر أن الاحتفال انطلق على طول 'ناشيونال مول'، بمشاركة أكثر من 7 آلاف جندي يرتدون الزي العسكري، ومجموعة من الدبابات والمركبات، وعرض ضخم للألعاب النارية. وشاهد المتفرجون طائرات هليكوبتر وطائرات قديمة من الحرب العالمية الثانية تحلق في السماء.


إيطاليا تلغراف
١١-٠٦-٢٠٢٥
- إيطاليا تلغراف
الوعد الحالم - إيطاليا تلغراف
إيطاليا تلغراف نشر في 11 يونيو 2025 الساعة 10 و 22 دقيقة إيطاليا تلغراف هاشم شفيق كاتب وشاعر عراقي تشكل الحروب دائماً للكتّاب حيثما كانوا مادة غنيّة، مادة تستهدف مصائر البشرية وهي تخوض عالمها اللاهب واللا إنساني والدامي، فيُبرز هنا الكاتب الأعماق الدفينة، والمشاعر الداخلية، والهواجس الآنية، وهي تتصارع في داخله حين يواجه خطر الحرب، تلك التي شهدها وفُرضت عليه، من قبل قوى عليا، فتلجأ وقتذاك أدوات الكاتب والروائي وسارد اليوميات والوقائع الحربية، الى تأبيد الواقع العياني، عبر تحويله من لحظة آنية إلى لحظة أبدية، شهدها معه الواقع والمكان والزمن المعلوم. في هذا السياق، قرأت وعلى نحو متزامن سيرتين حربيتين، عن الحرب العالمية الثانية، السيرة الأولى وهي موضوع هذا المقال، للروائي الفرنسي من أصول ليتوانية رومان غاري، والثانية لكاتبة ألمانية. في هذا المقال سأتناول السيرة الأولى «وعد الفجر» إصدار دار المدى، وترجمة عدوية الهلالي. أما السيرة الثانية فسأتناولها في حيز خاص بها لاحقاً. كتاب «وعد الفجر» هو سيرة مرويّة بلسان كاتبها، يسرد فيها حكايات طفولته وقصص فتوته وشبابه، بأسلوب جذاب وسلس ولافت، في وقائعه اليومية، وهو في هذا الكتاب كأنما يسرد سيرة والدته معه ومع الحياة والعالم، والدته التي أحبته وأحبها بعمق حياتهما معاً، فهي ناضلت من أجله كثيراً لتراه موهوباً، يسعد حياتها وحياة الناس بما سيملكه من موهبة، فهي ممثلة روسية سابقة، وأصرّت على أن يكون ولدها الوحيد مصدر إلهام للآخرين، بما سيمتلكه من موهبة، فأرادت أن تصنع منه مغنّياً في الأوبرا، أو رساماً مثلما كان يدور في ذهنه هو من هواجس حول الرسم. غير أن الرسم بحد ذاته لم يكن ليتوقف عنده كثيراً، فهو يمتلك روحاً أخرى، روحاً تأملية وعذابات داخلية، فيها نوع من قيود عائلية، ولاسيّما قيود والدته التي كانت تخطط له المصير الفني، والموهبة الكتابية كذلك، فضلاً عن إصرارها وحلمها على أنه سيكون كاتباً عظيماً مثل فيكتور هوغو الذي تعتبره رئيس فرنسا، على حد تعبيرها، لذلك فإنها سترحل إلى فرنسا، وهناك ستصنع منه، فضلاً عن عالم الكتابة، دبلوماسياً فرنسياً، يخاطب العالم ويواجهه بالكتابة وبالسياسة وبالأفكار. هكذا كانت تروّج لابنها في عالمها الصغير، عالم الفن الذي ستتركه لاحقاً، وعالم جيرانها وأصدقائها، وبمن تلتقيهم في مسار يومها المليء بالطموح والتوقعات والآمال المستقبلية. حقاً الأم حققت ما كانت تصبو إليه، فجعلت من ولدها كاتباً كبيراً، حين هاجرت وانتقلت من بلدة ويلنو اللتوانية إلى بلدة نيس الفرنسية، حيث درس ولدها في كلية الحقوق، بعدها تطوّع في سلك الطيران، ثم دخل الفضاء الدبلوماسي في فرنسا، وأصبح قنصلاً في ما بعد في لوس أنجليس، وأصبح كذلك كاتباً مرموقاً كما كانت تريد، ولكنّه خيّب آمالها في رغبتها في أن يُصبح مغني أوبرا، كونه لم يمتلك موهبة الغناء أولاً، وثانياً لم يمتلك الصوت الجهوري لمغن أوبرالي. كتب رومان غاري باسمين مختلفين، ونال باسمه الذي يكتب به رومان غاري جائزة «الغونكور»، وهي أرفع جائزة فرنسية، وذات سمعة عالمية واسعة، نالها عن روايته «جذور السماء». حين صدر عمله الروائي الأول «التربية الأوروبية»، حصد الإعجاب والإشارة بولادة كاتب مثير ومتميز، ثم توالت أعماله اللاحقة مثل «حجرة الثياب الكبيرة» و «الطيور ستموت في بيرو» و «الكوميديا الأمريكية» و»شقيقي المحيط»، إلى جانب كل هذه الأعمال كتب سيناريوهات لأفلام سينمائية وقام بإخراج فيلمين أيضاً. بُعَيْد موته، ترك وثيقة كشف فيها اسمه المستعار، وهو إيميل آجار الذي كتب فيه رواياته اللافتة مثل «مداعبة كبيرة» و»قلق» و»الملك سليمان» و»الحياة أمامك» التي فاز بها مرة أخرى بجائزة «الغونكور» الفرنسية، وهو الكاتب الفرنسي الوحيد الذي نالها مرتين، مرة باسمه وأخرى باسم مستعار. أقام الكاتب في كلّ من صوفيا، نيويورك، لوس أنجليس ولاباز، وفي عام 1963 تزوّج من الممثلة الهوليوودية جين سيبيرغ التي ستنتحر في عام 1979. كانت آخر رواياته «طائرة ورقية»، وهي تتناول حياته وكيف راحت تشيخ وتكبر وقد فقدت وهجها وشعلتها، فجسّد ذلك في مجموعة من أعماله «بعيداً عن النهاية» و»بطاقتك لم تعد مناسبة» و»نور المرأة»، ولا سيّما وهو الدونجوان، وهذا ما تكشفه مذكراته وحياته التي كان يعلنها في كتبه وسيرته التي نتناولها هنا، ولكن حياته المتقلبة في الطيران، حيث قامت الحرب العالمية الثانية، وعمله في السلك الدبلوماسي لم يتركا له الوقت الكافي ليتواصل مع النساء والحب، فكانت ثمة قطيعة تحدث بسبب إحداثيات حياته ومشاغله الجوية. كانت والدته، التي أفنت حياتها في سبيله لكي يكبر ويصبح على ما هو عليه، لم تهمل أي تفصيل في حياته، ليصبح رجل العالم. كانت تعشق فرنسا وتحبّها بطريقة غير طبيعية، كما علّق هو على ذلك قائلاً: «طوال حياتي لم أسمع إلا كائنين يتحدّثان عن فرنسا باللهجة نفسها والدتي والجنرال ديغول». كان الكاتب والقنصل والطيار رومان غاري، دائب التفكير بحياة أمّه وتفاصيلها، هي المتقدّمة في السن المصابة بالسكر، والمدخّنة الشرهة لسجائر «الغلواز»، فحين يكون في مأزق معيّن يتذكرها، وحين ينجح ويفشل يتذكرها، وحين يلوذ إلى النوم، يعرف أنها هي أيضاً تتذكره دائماً وفي كل لحظة. كان يجهد في حياته من أجل إرضائها، هي التي لهثت طويلاً من أجل أن يعيشا بكرامة، ودون عوز، سهرت على تربيته وقلقت عليه ليل نهار، بل دقيقة بدقيقة. أمرأة مسنّة إلى حدّ ما، عملت في الخياطة، وبيع القبعات والحاجيات النسائية، والحلي والمصوغات والأشياء التذكارية الثمينة، التي كانت بحوزتها، فقد احتفظت بها ورهنتها وباعتها ليوم الحاجة، ويوم الغربة الفرنسية، لكي تعيل نفسها وولدها الوحيد، عبر العمل في السوق، وتأسيس مأوى صغير للتأجير، يسدد نفقات ما تحتاجه هي وولدها أثناء الدراسة، وهما في المهجر الفرنسي. يسعى البطل، وهو كاتب السيرة نفسه، إلى تحدي واقعه عبر النفاذ إلى المستحيل، بتجسيده لمفهوم البطولة والمقاومة، وتخطي الصعاب والمغامرة بكيانه الكلي، من أجل صنع البطولة واحتيازها حربيّاً، وصولاً الى إنتاج النصر مع الآخرين، لتحرير الواقع والأمة، ثم تطهير المكان والزمن والروح من ميكروب الاحتلال ومقاومة انتشاره في جسد البلاد، ولهذا وجدناه قد جازف وحارب بكل ما يمتلك من تفان وطاقة وقوّة، هو ورفاقه من ضباط وجنود وقادة، وقد سقط منهم الكثير في سلك الطيران، وهم يتقدّمون نحو النصر ضد النازية. التالي أربعة أسباب موجبة للحذر من 'عصابة أبو شباب'