
ترامب عن محادثات غزة: سنستعيد 10 رهائن قريبًا جدًا
وقال ترامب، مساء الجمعة: "في غزة، استعدنا معظم الرهائن. سنستعيد 10 آخرين قريبًا جدًا، ونأمل أن ينتهي ذلك بسرعة، وقد كان أداء (مبعوث الشرق الأوسط) ستيف ويتكوف رائعًا، لقد قام بعمل رائع في هذا الصدد".
وعلى الرغم من نظرة ترامب الإيجابية، تبادل طرفا الصراع اللوم مجددًا على تعثر جولة أخرى من محادثات وقف إطلاق النار، وأصدرا بيانين، الجمعة، يتبادلان فيهما الاتهامات بالتلكؤ في المفاوضات.
وحذرت حركة "حماس" من أنها "لا تضمن" موافقتها على أي تهدئة للصراع في المستقبل، إذا لم توافق إسرائيل على العمل من أجل إنهاء الحرب بشكل كامل في الجولة الحالية من المحادثات.
وفي الماضي، لم تكن إسرائيل راغبة في الموافقة على أي وقف دائم لإطلاق النار، مشيرة إلى أنها تريد مواصلة القتال في قطاع غزة حتى القضاء على "حماس".
هذا ما قاله أبو عبيدة.. إسرائيل وحماس تتبادلان الاتهامات بعرقلة محادثات وقف إطلاق الناروقال أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام الجناح العسكري لـ"حماس" في بيان، الجمعة، إنه إذا لم تستجب إسرائيل لمطالبها، فإن الحركة المسلحة لا تستطيع أن تضمن أيضًا أنها ستفرج عن 10 رهائن أحياء كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار، وهو أمر قالت الأسبوع الماضي إنها وافقت عليه الأسبوع الماضي كدليل على "التزامها بإنجاح الجهود الجارية".
وأضاف أبو عبيدة: "على مدار الأشهر العديدة الماضية، عرضنا مرارًا وتكرارًا التوصل لصفقة شاملة نقوم بموجبها بتسليم جميع رهائن العدو دفعة واحدة".وتابع: "لقد أصبح من الواضح لنا أن حكومة (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو ليست مهتمة حقا بالرهائن، لمجرد أنهم جنود".
وقال مسؤول إسرائيلي لـCNN إن المفاوضين في الجانب الإسرائيلي من المناقشات يتساءلون عن مدى جدية "حماس" في التعامل مع محادثات السلام.
وتتمثل إحدى النقاط الشائكة الرئيسية في رفض "حماس" مناقشة ما أطلق عليه المفاوضون "مفتاح الإفراج" - وهي المعايير والنسب التي يتم من خلالها تحديد الأفراد للإفراج عنهم في صفقة التبادل - حتى يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن المكان الذي ستتمركز فيه القوات الإسرائيلية
وأكد المصدر استعداد إسرائيل للتحلي بالمرونة في المحادثات، متهمًا حماس بعدم التحلي بهذه الصفة.
وقال المصدر: "نحن نقترب من نقطة الحسم. إن تلكؤ حماس - حتى لو اعتقدت أنه يخدم مصالحها - قد يأتي بنتائج عكسية".
وفي الوقت نفسه، قالت وزارة الصحة الفلسطينية وشهود عيان، إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على سكان من غزة يسعون للحصول على مساعدات غذائية في القطاع، مما أسفر عن مقتل 32 شخصًا على الأقل.
وأضافت الوزارة أنه تم نقل الجثث إلى مجمع ناصر الطبي، إلى جانب عشرات الجرحى.
وأظهر مقطع فيديو لشبكة CNN من المستشفى صفوفًا من الجثث. وقال رجل يحمل ابنه المتوفي: "كان يريد فقط أن يأكل، ما الذي يمكنني فعله؟".
ولم يتضح مكان إطلاق النار تحديدًا. وقال شاهد عيان يدعى هشام درغام، إنه وقع على بُعد حوالي 4 كيلومترات (2.5 ميل) من نقطة توزيع مساعدات تديرها مؤسسة غزة الإنسانية، وهي منظمة مثيرة للجدل مدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة.
وقال: "اندلع إطلاق النيران من الجنود والدبابات، كما لو كانوا في معركة معنا".
ومن جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته "حددت هوية مشتبه بهم اقتربوا منها أثناء عملياتها في منطقة رفح" على بُعد كيلومتر واحد تقريبا من موقع المساعدات "في الليل عندما يكون الموقع لا يعمل".
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته أطلقت طلقات تحذيرية، وأنه يحقق في تقارير عن وقوع إصابات.
ونفت مؤسسة الإغاثة الإنسانية (GHF) وقوع أي حوادث "في أو قرب" أي من مواقع توزيعها، السبت.
وأضافت: "وقعت عمليات الجيش الإسرائيلي التي أعلن عنها والتي أسفرت عن وقوع ضحايا قبل ساعات من فتح مواقعنا، وحسب علمنا، فإن معظم الخسائر وقعت على بُعد عدة كيلومترات من أقرب موقع لمؤسسة الإغاثة الإنسانية". وأضافت المؤسسة أنها حذّرت مرارًا طالبي المساعدة من التوجه إلى مواقعها ليلا أو في ساعات الصباح الباكر.
ومع ذلك، قال العديد من سكان غزة لشبكة CNN إنهم يضطرون للسفر إلى نقاط التوزيع قبل ساعات من فتحها للحصول على فرصة لتلقي المساعدات. ويُعاني القطاع من شحّ الغذاء، ويتضور الناس جوعًا، بحسب تقييمات متعددة للأمم المتحدة.
كما أن معظم سكان غزة لا يملكون وسائل نقل للذهاب إلى مواقع مؤسسة غزة الإنسانية، لذا يضطرون للسير لمسافات طويلة للوصول إلى هذه المواقع.
وقال ترافيس ميلين، الطبيب في مستشفى ناصر، إن العديد من ضحايا، السبت، أُصيبوا بجروح "خطيرة" جراء طلقات نارية في الجذع والرأس.
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إن مئات الأشخاص قتلوا أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات في غزة منذ أن بدأت مؤسسة غزة الإنسانية - وهي منظمة خاصة - عملها في القطاع في مايو/أيار الماضي. وأضافت أن ما يقرب من 800 شخص قُتلوا بهذه الطريقة بين أواخر مايو/أيار و7 يوليو/تموز، منهم 615 قُتلوا بالقرب من مواقع مؤسسة غزة الإنسانية.
وأوضح الدكتور ميلين لشبكة CNN: "الطعام هنا رفاهية للأثرياء". وأضاف: "إذا كنت محظوظًا بما يكفي وبقي لديك بعض المال، فأنت الوحيد الذي بإمكانه شراء الطعام. الجميع يذهب إلى مواقع المجازر هذه، رغم علمهم بأن ذلك ينطوي على هذا القدر الهائل من الخطر".وقال مدير الاتصالات في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، لشبكة CNN، إن نظام توزيع المساعدات الحالي في غزة يمثل "فخا مميتا للفلسطينيين الجوعى"، داعيا إلى السماح للوكالة مجددا بقيادة جهود الإغاثة.
مصادر لـCNN: إسرائيل قد تُظهر مرونة بشأن نقطة الخلاف الرئيسية بمحادثات وقف إطلاق النار في غزة

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


CNN عربية
منذ 39 دقائق
- CNN عربية
إسرائيل تدرس توسيع نطاق حرب غزة مع توقف المحادثات
(CNN)-- يبدو أن المفاوضات بشأن اتفاق الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة قد وصلت إلى طريق مسدود، حيث يميل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى توسيع العمليات العسكرية، وتطالب حماس بمعالجة الوضع الإنساني قبل العودة إلى المحادثات.صرح مسؤول إسرائيلي، الأحد، أن نتنياهو "يدفع باتجاه تحرير الرهائن من خلال هزيمة عسكرية (لحماس)"، متهمًا الحركة برفض الدخول في مفاوضات جادة.وأضاف المسؤول أن نتنياهو أراد الجمع بين تحرير الرهائن "وإدخال المساعدات الإنسانية إلى مناطق خارج مناطق القتال، وبقدر الإمكان إلى المناطق غير الخاضعة لسيطرة حماس".وعندما سُئل عن خطط توسيع الحملة العسكرية، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الاثنين، إنها تعكس "رغبة في عودة جميع الرهائن، ورغبة في رؤية نهاية لهذه الحرب بعد فشل محادثات التوصل إلى اتفاق جزئي".من غير الواضح ما إذا كان نهج الحكومة الإسرائيلية يتماشى مع نهج مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف. "على شفا مجاعة شاملة".. وكالات الأمم المتحدة تطلق تحذيرًا قويًا بشأن غزة أمضى ويتكوف 3 ساعات مع عائلات الرهائن الإسرائيليين، السبت، ونقل منتدى الرهائن والعائلات المفقودة عنه قوله إن الخطة "ليست توسيع نطاق الحرب، بل إنهاؤها. نعتقد أنه يجب تغيير مسار المفاوضات إلى خيار الكل أو لا شيء. إنهاء الحرب وإعادة جميع الرهائن الخمسين إلى ديارهم في آن واحد - هذا هو السبيل الوحيد".وأضاف ويتكوف، بحسب التقارير، "لدينا خطة لإنهاء الحرب وإعادة الجميع إلى ديارهم". ونقل المنتدى عنه قوله: "سيكون هناك من يتحمل اللوم" إذا لم يعد الرهائن الباقون على قيد الحياة إلى إسرائيل. وعند سؤاله، لم يُقدّم فريق ويتكوف أي معلومات إضافية حول تصريحات المبعوث الخاص.صرح ترامب، الأحد، أن ويتكوف سيسافر على الأرجح إلى موسكو في وقت لاحق من الأسبوع.لا يزال 50 رهينة في غزة، يُعتقد أن 20 منهم على الأقل على قيد الحياة. وقد أثار نشر حماس لصور في نهاية الأسبوع لاثنين من الرهائن - إيفياتار ديفيد وروم براسلافسكي - صدمة واسعة النطاق في إسرائيل.وقال نتنياهو إن الصور تُظهر أن حماس "لا تريد صفقة. إنهم يريدون تحطيمنا بهذه الفيديوهات المروعة، من خلال دعاية الرعب الكاذبة التي ينشرونها حول العالم".مع ذلك، حذّر منتدى عائلات المخطوفين الحكومة من توسيع الحملة العسكرية في غزة.وقال المنتدى، الأحد: "نتنياهو يُحضّر لأكبر خدعة على الإطلاق. إن الادعاءات المتكررة بتحرير الرهائن من خلال نصر عسكري هي كذبة وخداع علني".دعا المنتدى إسرائيل وحماس إلى الالتزام بإعادة "الرهائن الخمسين إلى ديارهم، وإنهاء الحرب، ثم إعادة بناء إسرائيل وإنعاشها"، وفقًا للبيان.وأصرت حماس على التزامها بالمفاوضات، ولكن فقط عند معالجة "الوضع الإنساني الكارثي"، وفقًا لباسم نعيم، المسؤول السياسي البارز في حماس.صرح مسؤول آخر في حماس، محمود مرداوي، لشبكة CNN الأسبوع الماضي بأنه "لا جدوى" من استمرار المحادثات طالما استمرت أزمة الجوع في غزة. وقالت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي إن عدد الوفيات المرتبطة بالجوع في غزة ارتفع في يوليو/تموز. وصلت معدلات سوء التغذية إلى "مستويات مثيرة للقلق"، حيث تم إدخال أكثر من 5 آلاف طفل دون سن الخامسة لتلقي العلاج في العيادات الخارجية لسوء التغذية في الأسبوعين الأولين فقط من يوليو/تموز، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.وأكد مكتب الإعلام الحكومي في غزة، الذي تسيطر عليه حماس، الاثنين، أن هناك حاجة إلى 600 شاحنة محملة بالمساعدات يوميًا للتخفيف من أزمة الجوع، وزعم أنه خلال الأسبوع الماضي، دخلت 84 شاحنة يوميًا في المتوسط إلى القطاع.وقال مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهو الوكالة الإسرائيلية المشرفة على إيصال المساعدات إلى غزة، الاثنين، إن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية جمعت ووزعت أكثر من 200 شاحنة، الأحد. "ضعيف يعالج ضعيفًا".. أطباء في غزة يتضورون جوعًا كما مرضاهملكن العديد من الشاحنات التي تصل تُنهب، إما على يد مدنيين يائسين أو عصابات منظمة.وقالت الأمم المتحدة الجمعة إن ما يقرب من 1400 شخص قُتلوا منذ نهاية مايو/أيار أثناء بحثهم عن الطعام؛ 859 منهم في محيط المواقع التي تديرها مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) المدعومة من الولايات المتحدة و514 على طول مسارات قوافل الغذاء.وقالت الأمم المتحدة إن "معظم عمليات القتل ارتكبها الجيش الإسرائيلي". قُتل 30 شخصًا، الأحد، أثناء محاولتهم الحصول على الطعام، 19 منهم في الشمال و11 بالقرب من موقع إغاثة تديره مؤسسة الهلال الأحمر الفلسطيني في رفح، وفقًا لوزارة الصحة الفلسطينية.تواصلت شبكة CNN مع الجيش الإسرائيلي للتعليق.أظهرت استطلاعات الرأي في إسرائيل باستمرار أغلبية كبيرة تؤيد إنهاء الصراع في غزة وتأمين إطلاق سراح الرهائن. ووجد استطلاع جديد أجراه معهد دراسات الأمن القومي أن 38% من اليهود الإسرائيليين يعتقدون أنه من غير الممكن نزع سلاح حماس؛ بينما يعتقد 57% أنه ممكن.الاثنين، حث مئات من مسؤولي الأمن الإسرائيليين المتقاعدين ترامب على الضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة.وكتب المسؤولون السابقون في رسالة مفتوحة نُشرت لوسائل الإعلام، الاثنين: "برأينا المهني، حماس لم تعد تشكل تهديدًا استراتيجيًا لإسرائيل".وقال عامي أيالون، الرئيس السابق لجهاز الأمن العام (الشاباك): "في البداية، كانت هذه الحرب عادلة، حربًا دفاعية، ولكن عندما حققنا جميع الأهداف العسكرية، لم تعد هذه الحرب عادلة".لكن أعضاء اليمين المتطرف في الحكومة يدفعون باتجاه احتلال جزء كبير من غزة واتخاذ تدابير لتشجيع سكانها على مغادرة القطاع نهائيًا.


CNN عربية
منذ ساعة واحدة
- CNN عربية
مكالمة هاتفية بين نتنياهو وبوتين.. وهذا ما ناقشاه بشأن سوريا
(CNN)-- تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، حسبما أفاد مكتب نتنياهو والكرملين في بيانات منفصلة. ولم يصدر أي من الجانبين أي تفاصيل بشأن المكالمة الهاتفية. وزيرا خارجية ودفاع سوريا في أول زيارة لموسكو..ماذا بحثا؟ وقال الكرملين في بيان إن الزعيمين ناقشا "الوضع المتوتر في الشرق الأوسط"، عقب مكالمتهما الهاتفية الأخيرة الأسبوع الماضي، حيث أكد بوتن على أهمية "وحدة وسيادة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية". وكان وزيرا الخارجية والدفاع السوريين قد زارا موسكو الخميس والتقى وزير الخارجية أسعد الشيباني بنظيره الروسي سيرغي لافروف، وعقد اجتماعا مع بوتين.


CNN عربية
منذ ساعة واحدة
- CNN عربية
رأي.. سلمان الأنصاري يكتب: لبنان ولعنة التدخل في شؤون الآخرين
هذا المقال بقلم سلمان الأنصاري، باحث سعودي في العلاقات الدولية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN. يمر لبنان في الوقت الراهن بمرحلة دقيقة من تاريخه السياسي، أشبه بمخاض عسير يعيد تشكيل ملامح الدولة وموازين القوى فيها. ورغم تعدد التحديات وتعقيد المشهد الداخلي، إلا أن هناك حالة من التفاؤل النسبي بشأن إمكانية استعادة السيادة اللبنانية الكاملة، بعد سنوات من الارتهان لميليشيا تابعة للمشروع الإيراني. هذه الميليشيا، المتمثلة في "حزب الله"، لم تكتفِ بشلّ عمل المؤسسات الدستورية وتعطيل تشكيل الحكومات، بل ورّطت الدولة اللبنانية في صراعات إقليمية من خلال تدخلات عسكرية مباشرة في سوريا والعراق واليمن، في انتهاك صريح لمبدأ "النأي بالنفس" الذي أقرّه اللبنانيون أنفسهم. لقد أدى هذا الارتهان إلى نتائج كارثية على مختلف الأصعدة. أصبح لبنان يُستخدم كمنصة للابتزاز الإقليمي، مما زاد من عزلته الدولية والعربية، وتراجع ثقة المستثمرين فيه، وتدهور اقتصاده بصورة غير مسبوقة. ووفقًا للبنك الدولي، فإن الانهيار الاقتصادي في لبنان يُعدّ من بين أسوأ ثلاث أزمات اقتصادية عالمية منذ منتصف القرن التاسع عشر، مع انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتجاوز 58% منذ عام 2019. أما معدل الفقر، فقد بلغ نحو 44% من السكان بحسب تقرير البنك الدولي الصادر في مايو 2024، أي أن واحدًا من كل ثلاثة لبنانيين يعيش اليوم تحت خط الفقر، في ظل تدهور العملة المحلية، وتآكل القوة الشرائية، وغياب شبكات الأمان الاجتماعي. أما معدل البطالة، فقد بلغ 29.6% وفقًا لتقرير منظمة العمل الدولية لعام 2023، بينما تجاوزت بطالة الشباب 47%، وهو من أعلى المعدلات في العالم العربي، ما يعكس حجم التحدي أمام أي إصلاح اقتصادي جاد. صحيح أن "حزب الله" يمر بأضعف مراحله منذ تأسيسه، نتيجة ضغوط داخلية وخارجية وتراجع في تمويله، إلا أنه لا يزال يحاول إعادة ترتيب أوراقه من خلال اتباع سياسة "خفض الرأس"، بانتظار مرور العاصفة. ومن الخطأ الاعتقاد بأنه سيتخلى طوعًا عن مفاتيح النفوذ؛ بل على العكس، سيسعى بكل وسائله للحفاظ على سيطرته على مفاصل القرار السياسي والاقتصادي، مستغلاً هشاشة الدولة والفراغ المؤسساتي المستمر. التحدي الأكبر أمام الحكومة اللبنانية هو حسم مسألة السلاح غير الشرعي. فطالما بقيت الميليشيات تحتفظ بسلاحها خارج إطار الدولة، فلن تكتمل السيادة ولن تقوم نهضة حقيقية. فالدولة لا يمكن أن تنهض على أرض غير متساوية، فيها فريق يحتكر السلاح ويستخدمه كورقة ضغط داخلية وخارجية. وأي محاولة لتأجيل هذا الملف ستكون بمثابة تكريس لواقع الدولة المعطّلة والمنقوصة السيادة، حتى وإن توقف حزب الله مؤقتًا عن مغامراته العسكرية الخارجية. من جهة أخرى، بدأت إيران، الداعم الأساسي لحزب الله، تدرك فشل استراتيجيتها الميليشياوية. فقد أنفقت، بحسب تقارير متعددة من الكونغرس الأمريكي ومراكز بحثية دولية، ما يتراوح بين 50 إلى 80 مليار دولار على تمويل الميليشيات في لبنان وسوريا والعراق واليمن خلال العقود الأربعة الماضية. غير أن هذه الاستثمارات لم تحقق أهدافها الاستراتيجية، بل تسببت في إنهاك الاقتصاد الإيراني وزيادة عزلة طهران على الساحة الدولية. في المقابل، أصبح "حزب الله" يبحث عن مصادر تمويل بديلة لتعويض الانكماش الإيراني، من خلال نشاطات إجرامية مثل تهريب المخدرات وغسيل الأموال عبر شبكات تمتد من أمريكا اللاتينية إلى أفريقيا وأوروبا، وهو ما أكدته تقارير الخزانة الأمريكية ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC). التحدي الثاني أمام الحكومة اللبنانية يتمثل في كيفية التعامل مع "سوريا الجديدة"، التي بدأت تتعافى تدريجيًا من أزمتها رغم استمرار التعقيدات السياسية والأمنية. التدخلات السابقة لبعض القوى اللبنانية في الشأن السوري، من دعمٍ وتمويلٍ وتحريضٍ، أسهمت في توتير العلاقة بين البلدين، وتحديدًا بين مكونات الشعب السوري والحكومة اللبنانية. إن أي تجاهل لهذه الملفات، أو عدم معالجتها بمسؤولية قانونية وسياسية، قد يؤدي إلى تداعيات وخيمة على استقرار لبنان نفسه، خصوصًا في ظل واقع ديموغرافي معقد ووجود أكثر من مليون ونصف لاجئ سوري على أراضيه. إن ما حصل مع سوريا ليس استثناء، بل هو انعكاس لتراكمات طويلة جعلت من لبنان وكأنه مصاب بـ"لعنة التدخل في شؤون الآخرين"، حيث كثيرًا ما تحوّل من دولة منكوبة إلى طرف في أزمات غيره، ومن ضمنها ما حدث في السويداء. هذا التدخل لم يأتِ من موقع قوة، بل من موقع الضعف والارتهان، مما أضاع البوصلة السياسية وأدى إلى نتائج عكسية، إذ ارتدت تلك السياسات على الداخل اللبناني بمزيد من العزلة والانهيار. خلاصة القول، إن لبنان يقف اليوم على مفترق طرق حاسم. فإما أن يعيد بناء دولته على أسس من السيادة الحقيقية، والمواطنة المتساوية، والقرار المستقل، أو أن يبقى أسيرًا لحزبٍ يتعامل مع الوطن كقاعدة انطلاق لمشروع خارجي لا يخدم إلا المصالح الإقليمية للنظام الإيراني. المطلوب ليس فقط حكومة فاعلة، بل إرادة وطنية جامعة تفرض هيبة الدولة وتستعيد الثقة الداخلية والخارجية، وتفتح صفحة جديدة في تاريخ لبنان، بعيدًا عن ثنائية السلاح والسيادة المنقوصة.