
سفرة إلى الله.. من أجمل ما قرأ الرادود "حيدر البياتي" في زيارة الاربعين

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اذاعة طهران العربية
منذ 6 ساعات
- اذاعة طهران العربية
الأربعين، تجسيد للقوة الحسينية الناعمة في العالم
ليس الأربعين الحسيني مجرد تجمع ديني ضخم، بل هو أيضا تجسيد مجيد لحقيقة خالدة؛ حقيقة بدأت في عاشوراء، وعلى مر التاريخ، أبقت حياة الأمة الإسلامية وحماستها حية كالنهر الجاري. يتجه في هذه الأيام، ملايين المحبين من جميع أنحاء العالم، بغض النظر عن الحدود والجنسيات واللغات، نحو كربلاء المقدسة ليجددوا بخطواتهم العهد الذي قطعوه بدم الحسين بن علي عليهما السلام. وهذا التجمع الفريد من نوعه لا يمكن حتى للأعداء تجاهل عظمته ومجده؛ لأن أأربعين اليوم هو مرآة كاملة للقوة الناعمة لأهل البيت (ع). كانت عاشوراء نقطة انطلاق انتفاضة إلهية، لكن الأربعين هو استمرارها وترسيخها. إذا كان يوم عاشوراء قد اتسم بالدم والسيف، فقد استمرت الأربعينية بخطى وقلوب. هما حلقتان متلازمتان في سلسلة متصلة. وتكتمل رسالة كربلاء في الأربعين؛ فكما أن استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) خلّد الإسلام، فإن زيارة الأربعين أبقت هذه الرسالة حية في نفوس الأجيال اللاحقة. وكما هزّ الإمام السجاد (ع) و السيدة زينب (س) أركان النظام الظالم بخطبهما، فيقدم زوار الأربعين اليوم للعالم نموذجا للمقاومة الثقافية بشغفهم وحضورهم. إظهار القوة الحسينية الناعمة لا تقتصر القوة في الفكر السياسي الإسلامي على السيف والحرب؛ " القوة الناعمة" تعني قدرة التأثير على القلوب والعقول دون إكراه. ويعد الأربعين أعظم برهان على هذه القوة الناعمة في العالم. إن ما نراه في كربلاء المقدسة اليوم هو تعبئة بشرية تجمع عشرات الجنسيات على مسار واحد، دون أي تنظيم رسمي أو دعاية حكومية. وأن وجود ملايين الأشخاص بدافع شخصي عميق يُظهر أن ثقافة عاشوراء حية ونابضة بالحياة، لا يمكن لأي قوة إعلامية أو مادية السيطرة عليها. هذه القوة هي ما يُرعب الأنظمة المتغطرسة والتيارات المعادية. الأربعين؛ تفسير حي لسفينة النجاة جاء في الروايات أن الإمام الحسين (ع) هو " سفينة النجاة" و" مصباح الهدى". ويزداد هذا التفسير وضوحًا في الأربعين أكثر من أي وقت آخر. وملايين الناس الذين يسيرون على درب كربلاء سيرًا على الأقدام قد ركبوا في الواقع سفينة النجاة نفسها؛ سفينة تجتاز عواصف الفتنة بذكرى سيد الشهداء (ع). وهذه الحركة أكثر من مجرد زيارة؛ إنها هجرة روحية واجتماعية تحمل رسالة واضحة للعصر الحاضر: "يمر النجاة والفلاح عبر طريق الحق والعدالة، وأن أبي عبد الله الحسين (ع) هو حامل اللواء لهذا الطريق. تلاحم الأمم وهوية إسلامية مشتركة إن من مظاهر الأربعين المذهلة هي التقارب غير المسبوق بين الأمم في هوية مشتركة. زوار من آسيا وأوروبا وأفريقيا، وحتى أمريكا، معا على طريق النجف-كربلاء، يتذوقون طعام بعضهم البعض، ويخدمون بعضهم البعض في المواكب، ويرددون " لبيك يا حسين" بلغات مختلفة، لكن بقلب واحد. وهذا التلاحم يُسقط دعائم الفتنة والانقسام التي غرسها الأعداء لسنوات. و الأربعين تجربة تُثبت أن الأمة الإسلامية لا تزال قادرة على التوحد حول محور حقيقي. يعج عالم اليوم بالحروب الظالمة، وسائل الإعلام الكاذبة، والثقافات التي فرضتها القوى المتغطرسة.و في مثل هذه البيئة، يذكرنا الأربعين بحقيقة أن المقاومة لا تتشكل في المجال العسكري فحسب، بل هي فعّالة بنفس القدر في المجالين الثقافي والإيماني. مع كل خطوة يخطوها، فكأن يهتف زائر الأربعين: " نحن أبناء عاشوراء، وما دام الظلم قائما، فستستمر نهضة الإمام الحسين (ع)". وهذه الرسالة لا تُلهم المسلمين فحسب، بل كل إنسان حر يسعى إلى الحقيقة. لا يعتبر الأربعين في المنظور المهدوي مجرد تذكير بالماضي، بل هي أيضًا علامة على المستقبل. وأن التجمع المليوني هو مثال بسيط على التعبئة العالمية نفسها التي ستتحقق عشية ظهور الإمام المهدي (عج). فكما يُضحي الزوار بأرواحهم وأموالهم من أجل الإمام الحسين (ع)، ففي ذلك اليوم الموعود، سيستعد أصحاب المهدي الموعود لإقامة العدل العالمي. لذا، فإن الأربعين ليس حركة وطنية فحسب، بل هي أيضًا تدريب لأمة في آخر الزمان، التي تتمثل مهمتها في إكمال طريق الحسين بن علي عليهما السلام.


شفق نيوز
منذ 6 ساعات
- شفق نيوز
من السجن إلى رفض جائزة الدولة… سيرة الأديب المتمرّد صنع الله إبراهيم
توفّي اليوم الأديب المصري صنع الله إبراهيم عن عمر 88 عاماً، بعد إصابته بالتهاب رئوي. وكان الراحل قد أمضى مدة في المستشفى في منتصف عام 2025 إثر نزيف داخلي وكسور في الحوض. ويُعتبر صنع الله إبراهيم من أهم الأدباء العرب المعاصرين، حيث شكّلت تجربته الروائية الممتدة لأكثر من خمسة عقود، مشروعاً روائياً فريداً قائماً على التجريب من جهة والالتزام السياسي الواضح من جهة أخرى. "مؤرّخ اللحظة" يقول المفكّر الفرنسي ألبير كامو إن "الصحفي هو مؤرخ اللحظة". ويمكن القول إن صنع الله إبراهيم الذي بدأ مسيرته المهنية كصحفي في وكالات للأنباء (وكالة أنباء الشرق الأوسط ثم وكالة الأنباء الألمانية في ألمانيا الشرقية)، ظلّ وفيّاً طيلة رحلته الأدبية للصحفي الذي كانه. إذ إن أعماله الروائية تتميّز ببعدها التوثيقي لمراحل مفصلية في التاريخ المصري المعاصر، حتى أن بعض رواياته تضمنت أجزاء مستقلّة من قصاصات صحفية وإعلانات تأخذ القارئ إلى يوميات الحقبة التاريخية التي تجري فيها أحداث الرواية. لذلك ظلّت أعمال إبراهيم تحمل بصمة "الصحفي المؤرخ"، حيث تتداخل السرديات الشخصية مع المراجع الواقعية، ما يجعل من رواياته أرشيفاً حيّاً للّحظة التاريخية، وشهادة على زمنها لا تقلّ أهمية عن التأريخ الرسمي. "السجن جامعتي" وُلد صنع الله إبراهيم في القاهرة عام 1937 حيث وجد نفسه يحمل اسماً فريداً كان سبباً للمتاعب في طفولته بين رفاقه في المدرسة. وقد اختار والده هذا الاسم عندما فتح المصحف ووضع أصابعه على إحدى السُّوَر، فوقع على آية "صُنع الله الذي أتقن كل شيء" من سورة النمل، فسمّاه صنع الله. ولعلّ فرادة الاسم كانت نذيراً بفرادة الحياة التي سيعيشها الكاتب الذي سيلمع في عالم الأدب العربي في النصف الثاني من القرن العشرين. يقول صنع الله في إحدى المقابلات إن الاتجاه اليساري الذي اعتنقه باكراً "بدأ من المنزل": "كان الوالد من عائلة بورجوازية، وبعد وفاة زوجته الأولى بسبب مرضها، تزوّج من الممرضة (والدة صنع الله) التي رفضتها العائلة لأسباب طبقية". انخرط إبراهيم في العمل السياسي في سنّ مبكرة، أثناء دراسته في كلية الحقوق في جامعة القاهرة، حيث انضمّ إلى "الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني" (حدتو)، الشيوعيّة السرّية. وفي عام 1959، اعتقلته السلطات ضمن حملة قمع واسعة شنّها الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر ضد الشيوعيين، وقضى ما يقارب ستّ سنوات في السجون، من بينها سجون القلعة، وأبو زعبل، والواحات. في تلك الزنازين، نضج مشروع صنع الله إبراهيم الأدبي، حيث كان يقرأ بنهم أعمال فرجينيا وولف وجورج لوكاش وغيرهما، كما تفاعل مع تيارات فكرية متعدّدة، وهي التجربة التي دوّنها لاحقاً في كتابه "يوميات الواحات". وصف إبراهيم السجن بأنه "جامعته" الحقيقية، حيث ترسّخت قناعته بأن الكتابة ليست مهنة فحسب، بل "شكلاً من أشكال المقاومة". بين كافكا والأرشيف في كثير من الأحيان يُقارَن أسلوب إبراهيم بأسلواب الروائي التشيكي فرانز كافكا، نظراً لأجوائه الكابوسية، وشخصياته المأزومة، والبنية الغرائبية والعبثية لعالمه الروائي. واستطاع بلُغة وُصفت بـ"الاقتصاد إلى درجة التقشّف" أن يمزج بين العوالم الغرائبية وبين الواقع الموثّق بعناية بواسطة البحث في الأرشيف. روايته الأولى "تلك الرائحة" (1966) أحدثت صدمة عند صدورها، إذ تناولت حالة الاغتراب والفراغ الوجودي لشاب خرج من السجن ليجد نفسه تائهاً في مجتمع فاقد للبوصلة. رُفضت الرواية من قبل الرقابة وصودرت بدعوى "البذاءة"، ولم تُنشر بنسختها الكاملة إلا بعد 20 عاماً، لكنّها اليوم تُعتبر لحظة مفصلية في تطور الرواية العربية الحديثة. وإلى حينها، ظلت رواية اللجنة (1981) تعتبر أولى رواياته، وهي من دون شك أشهر أعماله وأكثرها رمزية. "رفعتُ يدي المصابة إلى فمي وبدأتُ آكل نفسي" هي الجملة التي اختتم بها الرواية التي تحكي قصة رجل يُستدعى للتحقيق من قبل لجنة مجهولة. الرواية ترصد، من خلال رمزية مكثفة، اغتراب الفرد في زمن "الانفتاح" الذي اتسم به عهد الرئيس الأسبق أنور السادات. وفي جَوٍ كابوسي خانق، يظهر السرد الحياة في مجتمع استبدادي على وقع تغوُّل العولمة والشركات الكبرى. حتى أن إحدى شخصيات الرواية ليست سوى زجاجة "كوكاكولا". في رواية "ذات" (1992) التي استند إليها المسلسل المصري "بنت اسمها ذات" (2013)، يتناول صنع الله إبراهيم قصة امرأة مصرية من الطبقة الوسطى، تتقاطع حياتها الشخصية مع تحوّلات الدولة المصرية في عهد عبد الناصر، والسادات، ومبارك. تتداخل الحكاية مع قصاصات صحفية واقعية لكون بطلة الرواية تعمل في قسم الأرشيف، ما خلق سرداً توثيقياً يُجسّد تآكل الطبقة الوسطى وتحوُّل الدولة من اشتراكية إلى نيوليبرالية. بعد "اللجنة"، نشر إبراهيم رواية "بيروت بيروت" (1984) والتي جاءت نتيجة المدة القصيرة التي أمضاها في العاصمة اللبنانية خلال واحدة من هدنات الحرب الأهلية. يقول ابراهيم في إحدى المقابلات الصحفية: "أمضيت في بيروت حوالي شهر، وخلالها نشأت قصة حب. كنت قد انتهيت لتوّي من كتابة اللجنة وتلك الرائحة، وقلت لنفسي: كفى من هذا… أريد أن أكتب قصّة حب. ولكن ما إن بدأت أكتب، حتى وجدت نفسي غارقاً في الحرب الأهلية اللبنانية، وقلت لنفسي: أليس من المفترض أن أحاول فهم ما يحدث هنا بالضبط؟ فبدأت أُجري أبحاثاً. وجدت أفلاماً، ووثائق، وما إلى ذلك، وذهبت إلى الأرشيفات". وفي "وردة" (2000)، انتقل إبراهيم إلى سلطنة عُمان، مستعيداً تاريخ ثورة ظفار من خلال مذكرات مناضلة يسارية. وكالعادة، تتداخل الوثائق مع السرد الذاتي، مما يجعل من الرواية تأملاً في حدود التاريخ الرسمي، وفي النسيان المتعمّد للثورات المغدورة. وبين أعماله الأخرى نجد روايات "أمريكانلي"، و"شرف"، و"برلين 69"، و"التلصص"، و"نجمة أغسطس"، ورواية "العمامة والقبعة" التي تتمحور حول الحملة الفرنسية في مصر (1798–1801) وتتناول مواضيع السلطة، والاستعمار، وصدام الحضارات. رفض جائزة الرواية العربية في لحظة استثنائية شهيرة عام 2003، رفض صنع الله إبراهيم تسلُّم جائزة الرواية العربية، معلناً أن السبب هو أنها "صادرة عن حكومة تقمع شعبنا وتحمي الفساد". وفي الكلمة التي ألقاها على مسرح دار الأوبرا المصرية خلال حفل تسليم الجائزة، انتقد صنع الله أيضاً سياسة القاهرة الخارجية، وعلى رأسها التطبيع مع إسرائيل، متهمًا الأخيرة بـ"القتل وتشكيل تهديد فعلي لحدودنا الشرقية". كما ندد بـ"الإملاءات الأمريكية، والعجز في السياسة الخارجية المصرية، وسائر مناحي الحياة". وبعد نحو عقد من الزمان، علّق إبراهيم على ثورة يناير قائلاً إن ما جرى في ميدان التحرير "لم يكن ثورة بالتأكيد، فالثورة لها برنامج وهدف: تغيير كامل للواقع أو إزاحة طبقة اجتماعية بأخرى. ما حدث كان انتفاضة شعبية مطلبها الأساسي هو تغيير النظام، رغم أن معنى هذا لم يكن واضحاً، باستثناء الإطاحة بأبرز رموز النظام القديم". وقد أعادت فترة مرض صنع الله الأخيرة الأديب الذي كان قد اقترب من عامه التسعين إلى الأضواء، لا سيما بعد مناشدة عدد من الأشخاص للدولة المصرية في شهر مارس/آذار الماضي بالتدخل والمساعدة في تغطية تكاليف علاجه. ورغم التدخل الحكومي، الذي وصفه منتقدون بالمتأخر، فقد أعاد مشهد مرض إبراهيم فتْح النقاش حول ما يعتبره معارضون إهمالاً حكومياً للأدباء والمثقفين، خصوصاً أولئك الذين أصبحوا رموزاً في التاريخ الثقافي المصري والعربي، على غرار صنع الله إبراهيم.


موقع كتابات
منذ 19 ساعات
- موقع كتابات
تسطيح المأساة: حين يصبح الحزن طربًا
منذ أن سُطّرت فاجعة كربلاء في ذاكرة الأمة، شكّلت قصائد النعي والرثاء الحسيني بُعدًا روحيًا وثقافيًا عميقًا، عبّرت عن 'الوجدان الشيعي' وأحزانه المتوارثة على مصيبة الإمام الحسين عليه السلام. كانت هذه القصائد، بطابعها الحزين وكلماتها المتفجعة، تمثل صوت البكاء الجمعي، ووسيلة لاستذكار المظلومية، وتأكيد القيم التي استُشهد من أجلها الحسين عليه السلام. – بين النعي والطرب: تحوّل في هوية القصيدة. رغم أن بعض الرواديد ما زالوا يحافظون على الأصالة والرسالية، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تحوّلاً ملحوظًا في مضامين وأداء القصائد الحسينية، بإنزياح القصيدة ونغمتها تدريجيًا عن النمط الرثائي الباكي إلى نمط طربي غنائي، بل وغزلي أحيانًا، يُطغى عليه الإيقاع والإثارة. هذا التحول.. لم يعد مجرد تجديد فني، بل أصبح تغيّرًا في البنية الرمزية والثقافية للقصيدة. فالكثير من القصائد تُبنى اليوم على كلمات ابتعدت عن روح المأساة المميزة للإمام الحسين بألحان مصاحبة تنحو بالواقعة والمأساة الى قصة حب دنيوي تتخللها كلمات الغزل والوله والعشق، بعضها مستعار من أغان شعبية. اضافة الى اخرى صحوبة بإيقاعات غريبة كـ'البندرية' ما يضفي طابعًا احتفاليًا غير منسجم مع طبيعة الذكرى. – من البكاء إلى الأهزوجة. هذا التوجه نحو تحويل القصيدة الحسينية إلى 'أهزوجة' يُجردها من بعدها الرسالي والعاطفي، ويحوّلها إلى عرض فني ترفيهي. فبينما كان الرادود الحسيني يُبكي القلوب ويُثير الشجن، صار بعضهم يُطرب الآذان ويُحرك الأجساد. وتتجلى هذه الظاهرة بشكل واضح في بعض منصات التواصل ' على تيك توك خاصة' حيث تُنشر مقاطع لفتيات أو شبّان يردّدون القصائد وكأنها اغاني للحب والعشق الدنيوي بلغة جسد وأداء لا تنسجم مع جوّ العزاء، ما يُضعف قدسية المناسبة ويحولها إلى مشهد استعراضي. – المأساة بين التقديس والتسطيح القضية الحسينية ليست قضية انسانية تتمحور حول مناسبة وجدانية فقط، بل هي محطة وعي أخلاقي وروحي وثوري، تحرك الوجدان نحو التغيير، ومقارعة الظلم والجهر ب'لا' عظيمة مزازلة للباطل منتصرة للحق،.. القضية ليست طقس جمالي مؤقت يُفرغها من مضمونها الإصلاحي، ليجعل من 'عاشوراء' أيقونة عاطفية، تبعد الشعائر عن دورها الثوري وتتحول إلى وسيلة ترفيه ناعمة، تخدر الشعور وتُميت الحزن بدلًا من بعثه. – نحو أصالة الوعي الشعائري ' عاشوراء' ليست كرنفالا فنيًا، او ملتقى جماهيري ترفيهي يحتمل ألحانًا راقصة وأهازيج غزلية، بل فكرة وموقف ثوري متجدد يتطلب أدبًا يلامس عمق الحزن وصدق الرسالة، كما في قول دعبل الخزاعي: 'أفاطم لو خلتِ الحسين مجددًا… لأجريتِ دمع العين في الوجناتِ' ورثاء عقبة بن عمرو السهمي: 'مررت على قبر الحسين بكربلا… وما زلت أبكيه وأرثي لشجوه' وكما صوّر الشريف الرضي صدق الولاء واللوعة: 'صبغ القلب حبكم صبغة الشيب… وصبغي لولا الردى لا يحول' ـ خطوات عملية للإصلاح: لضبط مسار القصيدة الحسينية والحفاظ على روحها، لابد من عملية إصلاح تواكب التجديد الذي من المفترض أن يكون في المعنى والوعي، لا في الشكل والمظهر، من خلال: 1. تشكيل لجان متخصصة لفحص النصوص والألحان قبل تداولها، لضمان انسجامها مع روحية عاشوراء. 2. تشجيع الشعراء والرواديد على العودة إلى الأساليب الأصيلة في الأداء والمضمون. 3. إنتاج قصائد واعية ومعاصرة، تعالج القضايا الاجتماعية والإنسانية من خلال روح القضية الحسينية (كالعدالة، ومواجهة الظلم، وحقوق الإنسان). – في المنتهى لابد من الإشارة الى ان الحفاظ على قدسية المأساة الحسينية مسؤولية جماعية. مايعني ايقاف حالة التداعي بتحويل العزاء إلى طرب، وتسطيح الحزن إلى عرض، يُفرغ هذه المناسبة العظيمة من جوهرها. لا بد من وعيٍ جماعي يحفظ لعاشوراء معناها، وللرثاء دوره في بناء الوعي والروح. ومع كل اصيل …. يتماهى ويذوب وينتهي كل دخيل.