
مونديال الأندية.. بين طموحات «فيفا» وسكون المدرجات
على مدى سنوات، سعى الاتحاد الدولي إلى إعادة صياغة مفهوم كأس العالم للأندية، وتحويلها من بطولة سنوية تقام في توقيت مزدحم من الموسم وتعد في نظر كثيرين مسابقة هامشية، إلى تظاهرة كروية عالمية تجمع كبار الأندية من مختلف القارات، وتوازي في تأثيرها وجاذبيتها كأس العالم للمنتخبات.. وكان الهدف الأبعد من هذا التحول هو خلق بطولة ذات طابع تجاري ضخم، تفتح أبواباً جديدة للإيرادات، وتكرس هيمنة «فيفا» على الرزنامة الدولية، حتى في عالم الأندية الذي تهيمن عليه اتحادات قارية مثل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «يويفا».
هدف
ولتحقيق هذا الهدف، اختار «فيفا» الولايات المتحدة الأمريكية كمنصة أولى لانطلاقة البطولة بحلتها الجديدة في الصيف الجاري، مدفوعاً بإدراكه لحجم السوق الأمريكي من حيث الإمكانيات المالية والبنية التحتية والاهتمام المتزايد بكرة القدم.. فالولايات المتحدة تملك ملاعب حديثة، وقواعد جماهيرية ضخمة للرياضات الكبرى، وقد نجحت في استقطاب أسماء لامعة إلى دوريها المحلي في السنوات الأخيرة، وعلى رأسها بالطبع النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، الذي يلعب حالياً لنادي أنتر ميامي الأمريكي، كما أن البطولة تأتي كمقدمة استراتيجية لكأس العالم 2026، ما يجعل منها اختباراً تنظيمياً مبكراً وفعالاً.
ورغم هذه الحسابات الدقيقة، جاءت بعض المؤشرات الأولية لتبعث القلق لدى المنظمين، بعدما بدا واضحاً تفاوت الحضور الجماهيري من مباراة لأخرى، في حين جذبت مباراة باريس سان جيرمان وأتلتيكو مدريد أكثر من 80 ألف متفرج في ملعب روز بول، وهو رقم يعكس شغفاً بفرق بعينها، حضرت خيبة الأمل في مباريات أخرى، مثل لقاء تشيلسي ولوس أنجلوس أف سي، الذي لم يشهد سوى 22 ألف متفرج في ملعب يتسع لثلاثة أضعاف هذا العدد، هذا التباين أثار تساؤلات جوهرية حول مدى ترسخ هوية البطولة الجديدة في الوعي الجماهيري الأمريكي، وهل تكفي الأسماء اللامعة والجوائز المالية وحدها لجذب الحضور في بيئة رياضية معقدة مثل الولايات المتحدة، حيث تتزاحم الفعاليات على اهتمام الجمهور.
نتائج
الفارق هنا لا يتعلق فقط بالنتائج أو الأداء الفني، بل يرتبط بمدى استجابة الثقافة الرياضية الأمريكية لهذا النمط الجديد من البطولات، وهو ما يجعل التجربة الحالية أشبه بـ«اختبار صبر» لـ«فيفا»، الذي يسعى إلى زراعة بطولة جديدة في تربة لا تزال تتشكل كروياً.
ورغم اضطرار «فيفا» إلى خفض أسعار التذاكر في بعض المباريات إلى أقل من سدس قيمتها الأصلية، بل تقديمها مجاناً في حالات أخرى لضمان امتلاء نسبي للمدرجات، فإن الاتحاد الدولي لا يبدو منشغلاً كثيراً بالأرقام الأولية، بل يعد هذه النسخة من البطولة تجربة تنظيمية واسعة النطاق، أو ما يمكن تسميته بـ«بروفة شاملة» قبل عام واحد فقط من انطلاق كأس العالم 2026، التي تستضيفها الولايات المتحدة إلى جانب كندا والمكسيك، وسط توقعات بحضور جماهيري ضخم يتجاوز كل النسخ السابقة.
ويعي مسؤولو «فيفا» أن التحدي في السوق الأمريكي لا يكمن في جودة الملاعب أو البنية التحتية، بل في بناء علاقة طويلة المدى بين الجمهور المحلي وكرة القدم على مستوى الأندية العالمية، وهي علاقة لم تتجذر بعد، فالجمهور الأمريكي لا يزال يتعامل مع اللعبة بمنطق «الحدث» وليس «البطولة»؛ يتفاعل مع اسم لامع مثل ميسي أو رونالدو، أو مع مباراة استعراضية لفريق أوروبي شهير، لكنه لم يطور بعد عادة التفاعل مع بطولات تمتد على مدار شهر، وتقام بين أندية من قارات مختلفة.
رهان
من هنا، جاء رهان «فيفا» الكبير على المنصات الرقمية لتوسيع دائرة التفاعل، فبدلاً من الاكتفاء بالإعلانات التقليدية، ضخ الاتحاد الدولي مبالغ كبيرة وصلت لـ50 مليون دولار في حملات موجهة عبر «إنستغرام» و«تيك توك» و«يوتيوب»، مستخدماً عشرات المؤثرين للترويج للبطولة بأسلوب عصري يستهدف فئة الشباب، ويعد هذا التوجه جزءاً من استراتيجية طويلة الأمد يسعى من خلالها «فيفا» إلى بناء قاعدة جماهيرية جديدة للبطولات العالمية في السوق الأمريكي، عبر مخاطبة الأجيال الرقمية بلغة المحتوى السريع والتفاعل اللحظي، بما يواكب أساليب الترويج الحديثة، ويعزز الحضور الذهني للبطولة على مدار أيامها، حتى في ظل التحديات الجماهيرية التي تواجهها داخل الملاعب.
ومع مرور منافسات البطولة، يراقب الاتحاد الدولي بدقة تفاعل الجمهور مع مباريات الأدوار الإقصائية، حيث يعتقد إنفانتينو بأن الجاذبية ستزداد تدريجياً مع اشتداد المنافسة، وظهور مواجهات كبرى بين عمالقة القارات.. لكن نجاح التجربة لا يقاس فقط بعدد الحضور، بل بمدى قدرة «فيفا» على ترسيخ البطولة في الوعي الجماهيري الأمريكي، وإقناع الرعاة بأن هذه المسابقة تملك مستقبلاً واعداً على المدى الطويل، وليست فاصلاً تجريبياً قبل الحدث الأكبر في 2026، فإما أن تنجح البطولة في ترسيخ مكانتها كحدث كروي عالمي يحجز لنفسه موقعاً في الوعي الجماهيري الأمريكي، ويفتح أبواباً مستقبلية لاستضافات أخرى وتفاعلاً أوسع لبطولات مقبلة، أو تبقى تجربة فقط تذكر في سطور صغيرة من تقارير التنظيم، باعتبارها محاولة لم تكتمل في جذب جمهور جديد إلى عالم بطولات الأندية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الإمارات اليوم
منذ ساعة واحدة
- الإمارات اليوم
خورفكان يضم النقاش وكاميني
أعلنت شركة نادي خورفكان لكرة القدم التعاقد رسمياً مع الظهير المغربي، أكرم النقاش، قادماً من نادي الجيش الملكي المغربي، وقيده ضمن فئة المقيمين. كما تعاقد النادي مع المهاجم الكاميروني، هيرمان جونيور كاميني، الذي سبق له اللعب في صفوف نادي الشارقة، وتم قيده أيضاً لاعباً مقيماً، وذلك لتمثيل الفريق الأول في الموسم المقبل من دوري أدنوك للمحترفين.


الإمارات اليوم
منذ ساعة واحدة
- الإمارات اليوم
حتا يتعاقد مع 9 لاعبين مواطنين استعداداً للموسم الجديد
أعلن نادي حتا، عبر حسابه الرسمي في «إكس»، عن التعاقد مع تسعة لاعبين مواطنين لتمثيل الفريق الأول لكرة القدم، في الموسم المقبل من دوري الدرجة الأولى، وذلك ضمن تحضيراته تحت إشراف المدرب وليد عبيد. وضمّت قائمة التعاقدات كلاً من عادل سبيل، وعبدالله كاظم، وحسن إبراهيم، وعبدالعزيز داوود، والحارس سعيد خميس المسماري، وعمر سعيد، ومنصور عيد البدواوي، ومحمد إسماعيل الحوسني، وراشد سالم خلفان. من جهة أخرى، توجهت إدارة نادي حتا بالشكر والتقدير لتسعة لاعبين لم يتم تجديد عقودهم، هم: ويليان سوزا، وباتريك روبسون، وجونيور هوري، ومارسيلو كوستا، وتميمو وورو، وسالم خيري، وعامر خليفة، ومحمد وليد، وبدر بلال.


الإمارات اليوم
منذ ساعة واحدة
- الإمارات اليوم
عجمان يُجري تعديلاً على برنامج اللقاءات الودية في معسكر صربيا
يغادر فريق عجمان الأول لكرة القدم، اليوم، إلى صربيا لإقامة معسكره الخارجي استعداداً لانطلاقة الموسم الكروي الجديد 2025-2026، في خطوة تهدف إلى رفع مستوى الجاهزية البدنية والفنية للاعبين، وتكثيف التحضيرات تحت إشراف الجهاز الفني بقيادة المدرب الصربي غوران. ويستمر المعسكر حتى مطلع أغسطس المقبل، ويتخلله برنامج مكثف يتضمن تدريبات يومية ومباريات ودية مع أندية أوروبية مختارة، ضمن خطة شاملة تهدف إلى اختبار العناصر الأساسية والوجوه الجديدة، وتعزيز الانسجام قبل العودة إلى المنافسات المحلية. وقرر الجهاز الفني إجراء تعديلات على برنامج المعسكر الخارجي، إذ تقرر أن يخوض الفريق ست مباريات ودية بدلاً من خمس، بعد أن تم التوصل إلى اتفاق مبدئي مع بني ياس، على خوض مباراة ودية خلال معسكر صربيا. وكشف مدير فريق عجمان، محمد حسين، أن الإدارة - بالتنسيق مع المدرب غوران - قررت التوجه نحو التعاقد مع صفقات جديدة من اللاعبين الأجانب والمقيمين الذين سيظهرون للمرة الأولى في الدوري الإماراتي، في خطوة تعكس توجهاً فنياً جديداً مغايراً للنهج المعتاد سابقاً، حيث كان النادي يعتمد على لاعبين سبق لهم خوض تجارب داخل دوري المحترفين. وأضاف حسين لـ«الإمارات اليوم»: «هذا التغيير يعود إلى سببين رئيسين: الأول غياب العناصر الأجنبية المتاحة محلياً والقادرة على تقديم الإضافة الفنية المرجوّة ورفع جودة الأداء، والثاني أن بعض الصفقات المطروحة سواء من داخل الدوري الإماراتي أو من الدوريات المجاورة، كانت مبالغاً فيها مالياً، في ظل التزام النادي بميزانية محددة لا يرغب في تجاوزها». وأشار إلى أن المعسكر سيشهد تجربة عدد من اللاعبين الجدد، تمهيداً للاستقرار على القائمة النهائية، موضحاً أن الجهاز الفني سيستغل المباريات الودية التي تُجرى في صربيا لتقييم الأداء الجماعي والفردي، وتجهيز التشكيلة الأساسية بأفضل صورة ممكنة. وحول ما إذا كان عجمان قد اكتفى بالصفقات الأربع التي أبرمها خلال هذا الصيف أم أن هناك المزيد، أوضح مدير فريق عجمان: «مازال لدى النادي اتجاه لضم صفقتين أو ثلاث». وتعاقد عجمان خلال الأيام الماضية مع صانع الألعاب البوسني، دينو هوتيتش، والمدافعين: المقدوني جوكو زايكوف، والبرازيلي يوري ماتيس.