logo
«برمجة الإحساس».. ثورة الهواة التي تقلق المحترفين

«برمجة الإحساس».. ثورة الهواة التي تقلق المحترفين

البيانمنذ 2 أيام

سارة أوكونور
كثيراً ما تخطر لنا فكرة عابرة حول أداة أو لعبة إلكترونية بسيطة، نشعر أنها يجب أن تكون موجودة على الإنترنت، لكنها ببساطة غير متوفرة، فنتمتم بحسرة: «ينبغي أن يكون هناك تطبيق لهذا»، ثم نتابع يومنا، لأن معظمنا لا يجيد البرمجة، ولن ندفع لمحترف لتحويل هذه الفكرة العفوية إلى واقع، لكن بفضل نماذج اللغة الكبيرة، ظهرت منصات مثل «كيرسور» Cursor و«ريبليت» Replit، التي تتيح البرمجة بسهولة، من خلال كتابة التعليمات بلغة طبيعية، فمرحباً بكم في عالم «برمجة الإحساس» — وهو المصطلح، الذي أطلقه هذا العام أندريه كارباثي، المهندس السابق في شركتي «تسلا» و«أوبن إيه آي».
ووصف كارباثي هذه الطريقة بأنها مثالية لمشاريع عطلات نهاية الأسبوع القصيرة، حيث يمكن للمستخدم أن «يندفع وراء إحساسه» دون الحاجة إلى التفكير في الكود أو حتى ملاحظته، وقد أثار الأمر فضولي، فقررت تجربته، وجلست إلى جوار أخي، وهو مبرمج محترف، تحسباً لمواجهة أي عقبات، فقد أردت ابتكار تطبيق بسيط جداً، يتيح لي التظاهر أمام ابنتي البالغة من العمر خمس سنوات بأن هاتفي الذكي يمكن أن يتحول إلى جهاز أشعة سينية.
أولاً، أنشأت حساباً مجانياً على منصة «ريبليت»، ووصفت ما أريده في أربع جمل قصيرة، وأرفقت بعض ملفات صور الأشعة السينية، التي حملتها من الإنترنت، وكانت معنونة بوضوح.
وبعد دقائق قليلة ظهرت أمامي نسخة أولية تشبه إلى حد كبير ما كنت أتخيله، لكن مع بعض الإضافات الغريبة. فكما لو أن موظفاً مبتدئاً يتحمس لإظهار مهاراته أضاف النظام نوافذ منبثقة، تحتوي على معلومات تعليمية مزعجة، وميزة لـ«مشاركة» الصور، رغم أنني لم أطلب أياً منهما، لكن عندما طلبت إزالتها تم ذلك بالفعل.
من السهل أن ندرك الإمكانات الكامنة هنا، وربما نتمكن جميعاً من ابتكار تطبيقات بسيطة خاصة بنا، مصممة لتلبية احتياجاتنا الشخصية، بدلاً من الاعتماد على إصدارات تجارية ضخمة تطلب بيانات شخصية، أو رسوم اشتراك، وغير ذلك.
وفي بيئات العمل قد يتمكن المبدعون غير التقنيين من استخدام «برمجة الإحساس»، لإنشاء نماذج أولية غير مكتملة، تعبر بدقة عن تصوراتهم، دون أن تضيع رؤيتهم أثناء محاولة نقلها إلى المختصين حتى لو كان من الزملاء.
وإذا ذهبنا خطوة أبعد فمن الطبيعي أن يبدأ المبرمجون المحترفون بالشعور بالقلق، إذ ماذا لو بات بإمكان أصحاب الأفكار الجديدة إنشاء شركات ناشئة بأقل التكاليف وبسرعة أكبر، من دون الحاجة إلى تعلم البرمجة أو دفع أجور باهظة للمبرمجين؟ وماذا لو أصبحت الشركات الكبرى قادرة على استبدال المبرمجين المتمرسين بأشخاص أقل خبرة يتقاضون رواتب أدنى؟
إن خفض الحواجز أمام الدخول إلى المجال فكرة رائعة بالفعل خاصة إذا كنت تقف خارج هذه الحواجز، لكن الأمر يختلف تماماً إذا كنت في الداخل، لا سيما إن كنت قد استثمرت سنوات طويلة من وقتك، وطورت الكثير من المهارات للوصول إلى هناك.
ويمكن ملاحظة هذا التوتر وهو يتصاعد في منتديات النقاش الإلكترونية مثل «ريديت»، إذ يعبر بعض المبرمجين عن امتعاضهم من مبرمجي الإحساس، واصفين إياهم بأنهم «هواة متهورون يمتلكون أدوات ذكاء اصطناعي، ولا يملكون أدنى فهم للهندسة»، على حد تعبير أحدهم. في المقابل يشكو بعض مبرمجي الإحساس من أن المبرمجين المحترفين يمارسون نوعاً من «احتكار الدخول إلى المجال».
هذه الجدل الذي نراه أيضاً بين ما يُعرفون بـ«فناني الذكاء الاصطناعي» والفنانين المحترفين يعيد إلى الأذهان نقاشات الثورة الصناعية، فعلى سبيل المثال شعر العاملون في حياكة الأقمشة اليدوية بأن مصدر رزقهم أصبح مهدداً، بسبب آلات يمكن لأي عامل قليل المهارة تشغيلها، أو ما يمكن أن نسميهم مجازاً «حائكي الإحساس»، لكن كراهية حركة «اللوديين» الشهيرة في القرن التاسع عشر لم تكن موجهة نحو الآلات بحد ذاتها، بل نحو أرباب العمل، الذين استخدموا تلك الآلات، ليقصوا المهرة، ويستبدلوهم بعمال غير مؤهلين، ينتجون منتجات بجودة أدنى، وكلفة أقل.
وبالمثل يقول مبرمجون محترفون، إن نماذج اللغات الكبيرة كثيراً ما تُنتج أكواداً فوضوية بلا داعٍ مليئة بالأخطاء والثغرات الأمنية. أما «مبرمجو الإحساس» فليست لديهم الدراية الكافية لاكتشاف هذه المشكلات، فضلاً عن معالجتها، وقد واجهت ذلك بنفسي خلال تجربتي؛ ففي لحظة ما قال لي أخي: «هناك خلل في الكود»، ولم أكن قد لاحظته أصلاً.
ومن المعلوم أن حركة «اللوديين»، الذين رفعوا شعار الموت للآلات مع انطلاق الثورة الصناعية لم تنجح في معركتها، فقد انتهى الأمر بأتباع هذه الحركة إما إلى النفي وإما دخول السجن، لكنني أظن أنه إذا انتقلت «برمجة الإحساس» من نطاق المشاريع الشخصية إلى المنتجات التجارية فستتم الاستعانة بالمبرمجين المحترفين مجدداً، لإصلاح المشكلات المكلفة الناتجة عن أكواد هشة تفتقر إلى الأمان.
ويُذكرني هذا بما حدث حين قرر زوجي وأنا أن نُعيد طلاء شقتنا بأنفسنا، لكن عندما قررنا بيعها أشار تقرير التقييم العقاري إلى أننا قمنا بعمل سيئ للغاية، لدرجة أنه خفض من قيمة العقار، لذلك في المرة التالية سارعنا إلى الاستعانة بمحترف، ولم نشعر بأي ندم بالمرة على التكلفة.
وربما تسير «برمجة الإحساس» على نهج الأعمال اليدوية المنزلية: سيجربها الكثيرون في منازلهم، ويستمتعون بها، وسيتقنها البعض بالفعل، لكن عندما يتعلق الأمر بالأعمال المعقدة سيكتشف كثيرون منا احتراماً جديداً للمحترفين، لكن قد نضطر إلى المرور ببعض الكوارث البرمجية المنزلية قبل أن نصل إلى هذه القناعة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

19% نموا في أسواق الهواتف الذكية بالإمارات
19% نموا في أسواق الهواتف الذكية بالإمارات

الإمارات اليوم

timeمنذ 44 دقائق

  • الإمارات اليوم

19% نموا في أسواق الهواتف الذكية بالإمارات

شهدت أسواق الهواتف الذكية في الإمارات نموًا بنسبة 19% على أساس سنوي في الطلب عليها خلال الربع الأول من عام 2025، مدفوعًا بانتعاش قطاع السياحة، والأعمال والنمو السكاني، بحسب بيانات لمؤشرات سوقية كشفت عنها أخيرا شركة "هونر" الدولية للمنتجات التقنية. وكشف خبير التقنية والمدير العام لشركة "هونر" الدولية، لورانس لي، أنه وفقا للمؤشرات السوقية المرصودة فأن أسواق الامارات سجلت مظاهر ارتفاع إيجابية في الطلب على الأجهزة النقالة، و لا سيما تلك المزوّدة بميزات الذكاء الاصطناعي، والتي سجلت أعلى معدلات النمو خلال هذه الفترة. وأوضح أن "أسواق الهواتف الذكية شهدت العديد من المتغيرات خلال الفترة الأخيرة شملت مظاهر لتطور تصميم الأجهزة، سواء من خلال الشاشات المسطحة والكاميرات، أو وتقنيات التقريب البصري المتقدم، ودعم الأجهزة بتقنيات الذكاء الاصطناعي"، مشيرا إلى أن "الذكاء الاصطناعي أسهم في تعزيز سهولة الاستخدام بالأجهزة بدءًا من إدارة البطارية بذكاء وصولًا إلى تحسين جودة الصور تلقائيًا".

إطلاق منصة صور مجانية للمملكة العربية السعودية
إطلاق منصة صور مجانية للمملكة العربية السعودية

ارابيان بيزنس

timeمنذ 3 ساعات

  • ارابيان بيزنس

إطلاق منصة صور مجانية للمملكة العربية السعودية

دشن وزير الإعلام رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء السعودية سلمان بن يوسف الدوسري ، أول أمس الأربعاء، منصة الصور السعودية ( التي طوّرتها وكالة الأنباء السعودية، وتتيح الوصول المجاني إلى صور موثّقة، قابلة للاستخدام والمشاركة بموجب رخصة المشاع الإبداعي. وتتضمن تصنيفات رئيسية تشمل صورا لكل من الملك سلمان، و ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فضلا عن صور ضمن تصنيفات مثل، سياحة وترفيه، مناطق ومعالم، و مناسك وثقافي ورياضي . فوائد منصة الصور السعودية تقدم منصة الصور السعودية الثرية بتنوع مواضيع الصور، فوائد جمة أبرزها: الوصول المجاني والموثق للصور: تتيح المنصة الوصول المجاني لصور موثقة وعالية الدقة، مما يسهل على المستخدمين الحصول على محتوى بصري موثوق. الاستخدام والمشاركة المرخصة: تسمح المنصة باستخدام ومشاركة الصور بموجب رخصة المشاع الإبداعي (CC BY-SA 4.0)، مما يضمن حرية الاستخدام مع الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية. تمكين صناع المحتوى: تهدف المنصة إلى توسيع الاستفادة من أرشيف 'واس' البصري، وتمكين صناع المحتوى من استخدام الصور بحرية في بيئة منظمة تدعم الإبداع. تعزيز الحضور البصري للمملكة: تساهم المنصة في تعزيز الوجود البصري للمملكة العربية السعودية في الفضاء الرقمي، وتقديم رسالتها إلى العالم عبر صور عالية الجودة. تنظيم وتحديث المحتوى: توفر المنصة صورًا مصنفة ومنظمة، مرفقة بمعلومات عن المناسبة وتاريخ النشر، ويتم تحديثها باستمرار لتوثيق الأحداث المحلية، مع دعم باللغتين العربية والإنجليزية. جزء من التحول الرقمي: تُعد المنصة امتدادًا لخطط التحول الرقمي لوكالة الأنباء السعودية، وتوجهها نحو أدوات نشر حديثة وشراكة أوسع مع المستخدمين والجهات الإعلامية.

حزام أمان يتفاعل مع جسمك قبل وقوع الحادث… ابتكار جديد من فولفو في EX60 الكهربائية
حزام أمان يتفاعل مع جسمك قبل وقوع الحادث… ابتكار جديد من فولفو في EX60 الكهربائية

عالم السيارات

timeمنذ 7 ساعات

  • عالم السيارات

حزام أمان يتفاعل مع جسمك قبل وقوع الحادث… ابتكار جديد من فولفو في EX60 الكهربائية

منذ أن قدّمت فولفو حزام الأمان ثلاثي النقاط عام 1959، ساهم هذا الابتكار في إنقاذ ملايين الأرواح وأصبح معياراً أساسياً في صناعة السيارات. اليوم، تعود فولفو لتُحدث ثورة جديدة في مجال أنظمة السلامة عبر تقديم 'حزام الأمان المتكيف' الذي سيتم تزويد طراز EX60 الكهربائي به ابتداءً من العام المقبل. حزام أمان ذكي يتكيّف مع شكل الجسم والوضعية داخل السيارة بعكس أحزمة الأمان التقليدية التي تفترض أن جميع الركاب متشابهون في الحجم والبنية، يستخدم النظام الجديد حساسات متطورة لقياس الطول والوزن وشكل الجسم وحتى وضعية الجلوس داخل السيارة. كما يستطيع النظام تحديد زاوية الاصطدام وشدته في أجزاء من الثانية عند وقوع حادث. 11 مستوى من الحماية… أسرع من رمشة عين تعتمد فولفو في هذا النظام على خوارزميات متقدمة تتيح لـ'عقل الحزام' ضبط قوة الشد تلقائياً لتناسب كل راكب. فعلى سبيل المثال، يتلقى الركاب ذوو الأجسام الكبيرة قوة شد أعلى لتقليل خطر إصابات الرأس، بينما يتم تقليل القوة للركاب الأصغر لتقليل احتمال كسور الأضلاع. وللمقارنة، توفر الأحزمة الحديثة عادةً 3 مستويات فقط من التحكم بالقوة، في حين أن حزام فولفو الجديد يقدم 11 مستوى متغير! اختبار وتطوير في مركز فولفو للسلامة تم تطوير هذا النظام في مختبر الحوادث التابع لفولفو في السويد، ويؤكد المهندسون أن فعالية الحزام ستتحسن بمرور الوقت بفضل التحديثات المستمرة عبر الإنترنت (OTA) التي تعتمد على بيانات واقعية من الحوادث. طراز EX60 سيكون أول من يحصل على هذه التقنية عند طرحه عام 2026، وهو منافس مباشر لطراز BMW iX3 من الجيل الجديد، على أن تُضاف التقنية إلى بقية الطرازات المستقبلية من فولفو.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store