
كأنَّ شيئاً لم يكن
استعاد تنظيم المحور الإقليمي في لبنان خطابه السابق لحرب 2024 المدمّرة، بكل تفاصليه، باستثناء إقراره الانسحاب العسكري من جنوب نهر الليطاني بموجب اتفاق الهدنة الذي وقعته في حينه الحكومة اللبنانية برضاه وإشرافه. لا شكّ في أنّه استثناء مهمّ؛ كونه يُنهي حالة المواجهة المباشرة مع الدولة العبرية، ويُقصي المحور بكامله عن حدود لبنان الجنوبية. لكنْ عدا ذلك، كل شيء في الخطاب باقٍ على حاله؛ فلا تسليم للسلاح في سائر أنحاء البلاد، وهناك استمرار في التمسّك بثلاثية «شعب، جيش، مقاومة»، ودفاع عن حق «الثورة الخمينية» في نشر دعوتها خارج حدودها، وعزم على إعادة التنظيم والتعبئة والتسلّح. إلى أين يقود ذلك كلّه وسط تحوّلات المنطقة وعواصفها؟
في لعبة الشطرنج الجارية، لا بدّ أن الحزب ينظر بإمعان إلى أحجاره، وإلى ما له وما عليه.
جهة الخسائر المحتّمة، يدرك عمق خسارته الحرب الأخيرة وإن كان لا يبوح بها. ويدرك أن إقصاءه وإقصاء المحور عن الجنوب اللبناني يُضعفان إلى حدٍّ بالغ دعوته إلى تحرير القدس واستعادة فلسطين، وهو الشعار الذي أقام عليه إعلامه. كما يعي تماماً خطورة خسارته النظام السوري، خصوصاً انقطاع الشريان البرَّيِّ الحيويِّ مع إيران، في نقل الأسلحة والأموال، وفي محاصرة حركة التهريب الواسعة والمربحة. ويعي نتائج انقطاع الجسر الجويّ مع طهران، حيث بات يتعذّر على طائراتها الوصول إلى مطار بيروت كما إلى مطارات سوريا. ويدرك ثقل الدمار في بيئته وعدم القدرة على إعادة الإعمار. كما يعي التفكك والتراجع الكبيرين اللذين أصابا المحور على مدى المنطقة. وهو ملمٌّ تماماً بحجم الضغوط الدولية والإقليمية على النظام اللبناني في اتجاهين أساسيين ضد مصالحه الحيوية: حصر السلاح في يد الدولة وحدها، فعلاً لا قولاً، مما يعني تجريده وتجريد المنظمات الفلسطينية المؤيدة له من السلاح، وإجراء إصلاحات اقتصادية ومالية وإدارية وقضائية جذرية تُضعف تغلغله في حنايا «الدولة العميقة» منذ أربعين عاماً.
لكنْ، على الرغم من ذلك كلّه، ما زال في يد الحزب أوراق عديدة في لبنان يمكنه الرهان عليها، أهمّها:
قوٌة تحالفه مع الطرف الآخر في الثنائي المذهبي، والتفاف القدر الأوسع من قاعدتهما الفاعلة في الجنوب وبيروت والبقاع حولهما، وهو ما ظهر جليّاً في الانتخابات البلدية الأخيرة، وإن تمّت في ظل السلاح. ويمكن أن يرتاح الحزب كثيراً لهذا الالتفاف، الذي يعني فيما يعنيه أن بيئته لا تحمّله مسؤولية الخراب الذي حلّ بها ولا تحاسبه عليه. وهي نقطة بالغة الدلالة لا بدّ من التوقف عندها.
من معاني هذا التأييد أن القاعدة المذهبية العريضة لا تلوم الحزب على خسارته الحرب مع الدولة العبرية. فهذه القاعدة في العمق، وعلى الأرجح، لم يكن لديها وهم كبير حول الانتصار على التحالف الإسرائيلي - الأميركي - الأوروبي. وعلى الأرجح، ليست هذه أولويتها. فهي ملتفَّة حول الحزب وممتنَّة له لأنه جعل من جماعاتها ومن حلفائها مواطنين من الدرجة الأولى، أي فوق قوانين دولة «لبنان الكبير» وفوق إدارتها وقضائها وأجهزتها، بينما بقيَ سائرُ اللبنانيين مواطنين من الدرجة الثانية، تحت إمرة أنظمة الدولة ومؤسساتها. فتعلّقها بالحزب شبيه بالتعلّق بالامتياز الطبقي، بالمعنى المجتمعي للكلمة. وهي الصورة نفسها في سوريا النظام السابق، وفي العراق، وفي اليمن. ودعم الحزب هو للحفاظ على هذا الامتياز الذي يرمز إليه.
وثمّة أوراق أخرى في يد الحزب، خصوصاً: القدرة على المناورة طويلاً داخل الوضع اللبناني المعقّد. إذ يزداد الظنّ بأن العهد والحكومة الجديدين، ليسا من أهل التحوّلات المصيرية، بل من أهل التوفيق والتوافق سعياً إلى الحلول الوسط إن وُجِدَتْ، وذلك في كل ما أقدما وما سيقدمان عليه، فعلاً، لا قولاً. وفي ممارستهما، ثمة عديد من مكوّنات ومؤثرات السياسات اللبنانية التقليدية.
ولسان حال العهد والحكومة أنهما حققا إنجازات مهمة وأن للوضع اللبناني خصوصياته، وهو ما يمكن أن يدفع الأمور إلى إشكالات داخلية محرجة. لكن، مهما يكن من أمر، فأهل التوفيق والتوافق وتدوير الزوايا هم الجهة التي يجيد الحزب التعامل معها بصبرٍ وطول أناةٍ، يَمْنَةً ويَسْرَةً، تقدّماً وتراجعاً، ترغيباً وترهيباً، أخذاً وردّاً... بحيث يمرّ الوقت، على أمل أن تراوح الأمور مكانها.
في هذه الأثناء، يراهن الحزب وقواعده على حدوث متغيرات ما: سورياً، وأميركياً، وأوروبياً، وعربياً، وإسرائيلياً، وعالمياً، وفقاً للحِكمة القديمة: «دوام الحال من المُحال». صحيحٌ، لكنْ في أي اتّجاه ستكون؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 38 دقائق
- الشرق الأوسط
تقرير: اتفاق أميركا وإسرائيل على إنهاء عمل «يونيفيل» في جنوب لبنان
قالت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، اليوم الأحد، إن الولايات المتحدة وإسرائيل اتفقتا على إنهاء عمل قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان «يونيفيل». وأوضحت الصحيفة، نقلاً عن مصادر، أن الإدارة الأميركية قررت عدم تجديد تفويض الـ«يونيفيل» وإسرائيل لم تحاول إقناعها بعكس ذلك، مشيرة إلى أن مجلس الأمن الدولي سيصوت على الأرجح على مسألة تفويض «يونيفيل» خلال أشهر.


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
هل يتعلَّم لبنان من حكومة الشرع؟
مضَى على الرئيسين جوزيف عون ونواف سلام نحو 150 يوماً. من جانب، لبنانُ يعيش أفضلَ مرحلة منذ عقدين مضيَا. ومن جانبٍ آخر، هناك قلقٌ من بُطءِ التَّقدمِ وأنَّ هناك حرباً أخرى على وشكِ أن تنفجرَ! سواء، إنْ كان المتقاتلون علَى جانبي الليطاني يستعدُّون لمعركة الحسم - وهو مُستبعدٌ - أم لَا، فإنَّ الطريقَ طويلة نحو استعادة لبنانَ كاملَ سيادته من إسرائيلَ و«حزب الله». لا تزال قواتُ إسرائيلَ على التراب اللبناني، والحزب سلَّم القليلَ من سلاحه الذي لم نرَ منه إلا رأسَ الجليد. المفردات التي تتكرَّر في خطابات الرئيسين ضد «العدو الإسرائيلي» لا وزنَ لها في واقعِ اليوم، وليست ضرورية في الأدبياتِ السياسية المعاصرة. الحقيقة المرة للبعض، هي أنَّ إسرائيل، لا السلطات اللبنانية، هي من ستكيّف «حزب الله». ستقرّر حجمَه، وحدودَ قدراته، وكذلك نفوذه. الجارة الكبرى، سوريا، تمرُّ بحالة مشابهة لكنَّها تختلف في المعالجة. سقطَ نظامُ بشار مثلما سقطَ نظام الضاحية، والإرثُ من بعده كبيرٌ مع الجارة «السوبر باور» الإقليمية. على التُّراب السوري قواتٌ إسرائيلية، واستهدافاتها متكررة لمواقعَ سورية. في هذا الظرف المعقَّد استطاعت حكومة الرئيس أحمد الشرع تحويلَ الأزمة إلى فرصة واستثمرتها، وهي اليوم محلُ ثناء عالمي ليس لما فعلته، بل لمَا لم تفعله أيضاً. لقد تخلَّصت سريعاً من سياسة نظامِ النعامة السابق، الذي فشل في التعاطي مع السياسة بواقعية داخلياً وخارجياً. لم يهاجمِ الشرع إسرائيل في خطاباته، ولم يحرك قواتِه أو يوعزْ لجماعاته بالاشتباك أو حتى الرَّد على نيرانها. ولم ينفخ بياناتِ حكومته بمزاعم مواجهاتٍ وانتصارات، بل لم يسمِ إسرائيل بالعدو، ولم يرفضِ الوساطات والتفاوض مع الجار الشّرير. لقد أوضح أنَّ هدفَه استقرار سوريا المدمرة وليس زعزعة استقرار من حولها. الرئيس اللبناني ورئيس الحكومة هما من نخبة العسكر والمدنيين اللبنانيين. سلام خريجُ جامعتي السوربون الفرنسية وهارفارد الأميركية، اعتقد أنَّه الوحيد في تاريخ الحكومات اللبنانية بمثل هذه الكفاءات التعليمية والعملية الدولية. في حين أنَّ الرئيسَ الشرع خريج «هيئة تحرير الشام» ولم يتعرَّف على العالم، قبل الحكم، سوى ما بين الأنبارِ العراقية وإدلب السورية! لا يحتاج الأمر إلى نظاراتٍ سميكة لنرى كيف أنَّ الشرع تقدَّم في إصلاح شؤون سوريا، ونجح في عقد صفقات مع كلّ القوى الصديقة و«العدوة». احتوى التهديدات من إسرائيل، وإيران، وقوى عراقية، وعقوبات أميركية، بالتَّفاهم معها، وأغرى المستثمرين من الحكومات بعقود بناء وتشغيل مطارات وموانئ وطاقة وصناعة. ندرك أنَّ التحديات مختلفة في بيروت عن دمشق، ورغم ذلك تلوح فرصة نادرة أمام اللبنانيين قد لا تتكرَّر أربعين عاماً أخرى، تتمثَّل في إنهاء هيمنة الخارج عليه بعد عقود من الفلسطينيين والسوريين والإيرانيين. وهذه المرحلة تتطلَّب مرونة ومعالجة مختلفة عمَّا كان يفعله السابقون. من قراءة وضع الفريقين المتقاتلين، «حزب الله» وإسرائيل، لا تخرج الاحتمالات أمام الحزب عن ثلاثة. الأول: أن يعودَ بوصفه قوة إقليمية عابرة للحدود، تهدّد إسرائيل، وتدير حوثي اليمن، وتعمل في سوريا والعراق. إلّا أنَّه بات واضحاً أنَّه سيستحيل على الحزب ذلك مع إصرار الإسرائيليين على سياسة منعِ قيام قوة تهدّدها حدودياً. لاحظوا أنَّ مصر والأردن وسوريا في الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل تنظم أنواع الأسلحة والمسافات عن الحدود، وهذا ما كانَ يرفضه «حزب الله». لكن في اتفاق وقف الحرب قَبِل بالخروج من جنوب الليطاني، والتَّخلي عن السّلاح الثقيل ومنصات الإنتاج العسكري وتفكيك بنيته التحتية. الاحتمال الثاني: «حزب الله» قوة محلية فقط. عليه أن يتموضعَ بعد أن يعترف بانقلاب موازين القوى، ويتخلَّى عن دوره بوصفه قوة لتهديد إسرائيل وورقة إيرانية تفاوضية. سيحاول الاحتفاظ بسلاح يمنحه الهيمنة على الساحة اللبنانية. ولتحديه، تتعاون السلطات اللبنانية والإسرائيلية، حيث يقوم الإسرائيليون بإبلاغ بيروت عن الأسلحة المخبأة، والجانب اللبناني يتولَّى المداهمة والمصادرة. لكنَّ الحزب خبير في لعبة الاختباء لولا أنَّ الوضع الجديد مختلف وأصعب عليه مما كان في الماضي. ولا توجد فرصة له للتهرب، حتى بعد تنحية الوسيطة الأميركية مورغان أورتاغوس، التي يصورها الحزب وحلفاؤه بأنَّها دمية نتنياهو. فإسرائيل، لا الإدارة الأميركية، هي من تقرّر في الشأن اللبناني، هذا ما تؤكده الهجمات الإسرائيلية العنيفة على الضاحية، وهي الأولى من نوعها منذ نهاية الحرب. الرئاسة اللبنانية وعدت باستعادة سيادة الدولة، بنزع سلاح الحزب وإنهاء دور لبنان بصفته جبهة حرب بالنيابة، ولم تنجح بعد. من دون ذلك سيكون الاستقرار هشاً والاستثمار محدوداً. مستقبل لبنانَ من عشر وعشرين سنة مقبلة مرهون بهذه الأيام، لإنهاء الوضع من أرض للميليشيات إلى دولة ذات سيادة تنشغل بشأنها الداخلي وحاجات مواطنيها. هذا ما يفعله الشرع في سوريا بشجاعة ودهاء، مع أنَّ ظروفه أصعب وأخطر مما يواجه الرئاسات اللبنانية. وليس صحيحاً أنَّ العالم هبَّ لدعم الشرع هكذا، أبداً. جعل أولوياته واضحة، فهو من صنع التحالفات، ولم يرضخ لابتزاز الدعايات المحلية والإقليمية بشأن «الجهاد» و«العدو». عليه محاربة الفلول والانفصاليين وترميم الاقتصاد والتفرغ لبناء دولة شبه منهارة منذ نهاية الحرب الباردة.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
إيران: حصلنا على «كنز استخباراتي» من إسرائيل سيعزز قدراتنا الهجومية
قال وزير الاستخبارات الإيراني، إسماعيل خطيب، إن بلاده ستنشر قريباً ما وصفه بـ«كنز من المعلومات الاستراتيجية» من إسرائيل؛ مما يعطي دفعة لقدرات بلاده «الهجومية»، مشدداً على إبقاء طرق تهريب هذا «الكنز» طيّ الكتمان. وذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، السبت، أن أجهزة الاستخبارات الإيرانية استولت على مجموعة كبيرة من الوثائق الإسرائيلية الحساسة، بعضها يتعلق بخطط ومنشآت نووية لعدو طهران اللدود. وجاء هذا الإعلان في وقتٍ تشهد فيه التوترات بشأن البرنامج النووي الإيراني تصاعداً ملحوظاً، بالتزامن مع استعداد القوى الغربية للدفع بمشروع قرار في «مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية» يوجه توبيخاً لطهران على خلفية تقليص تعاونها مع المفتشين وتوسيع التخصيب إلى مستويات قريبة من العتبة العسكرية، مع استمرار الجمود في ملف المواقع السرية المفتوح أمام التحقيق. ولم يصدر تعليق رسمي حتى الآن من إسرائيل. ولم يتضح ما إذا كان التقرير مرتبطاً بأنشطة قرصنة استهدفت مركزاً إسرائيلياً للأبحاث النووية ووردت تقارير بشأنها العام الماضي وقررت طهران الكشف عنها الآن وسط تصاعد التوتر بشأن برنامجها النووي، وفق وكالة «رويترز». وقال وزير الاستخبارات الإيراني للتلفزيون الرسمي: «جنود الإمام المهدي المجهولون في وزارة الاستخبارات (في إشارة إلى اسم منتسبي أجهزة الاستخبارات في البلاد) تمكّنوا من الوصول إلى كنز من المعلومات الاستراتيجية والعملياتية والعلمية التابعة للنظام الصهيوني». وأفاد خطيب بأن «المعلومات جرى نقلها إلى داخل البلاد»، وقال: «هذا حدث استخباراتي كبير، فالقول إنها آلاف الوثائق لا يفي بالغرض». وأضاف في السياق نفسه: «أؤكد أن كنزاً استخباراتياً بالغ الأهمية؛ استراتيجياً وعملياتياً وعلمياً، قد وقع بأيدي أبنائنا وأصدقائنا الأعزاء في الاستخبارات». وأوضح الوزير أنه «جرى الحصول على الوثائق النووية الكاملة، ونُقلت إلى البلاد»، متحدثاً أيضاً عن مصادرة وثائق أخرى «تتعلق بالعلاقات بالولايات المتحدة وأوروبا ودول أخرى، وكذلك وثائق استخباراتية تعزز من قدراتنا الهجومية». وأجاب خطيب عن سؤال بشأن كيفية نقل الوثائق إلى إيران، قائلاً: «بقدر ما أن أهمية هذه الوثائق كبيرة، فإن طرق نقلها أيضاً على قدر كبير من الأهمية؛ لذلك؛ فإننا نحافظ على سرية طرق النقل وعلى الوثائق». وأضاف أن «طرق النقل ستظل محفوظة وسرية، كما أن الإعلان عنها استغرق وقتاً حتى نتمكن من نقلها إلى داخل البلاد بأمان تام». وصرح: «لن يعلَن عن هذه الطرق في القريب العاجل، ولكن الوثائق نفسها ستُنشر قريباً». لكنه قال إنه «جرى التخطيط لعملية شاملة، معقدة ومتعددة الأبعاد في هذا المجال، حيث بدأ الأمر بالتغلغل، وتجنيد المصادر، والحصول على مصادر جديدة، وزيادة المصادر بشكل أساسي، وهو ما أتاح الفرصة لأن نكون اليوم أمام هذا الكنز المهم». ونقلت قناة «برس تي في»، الناطقة باللغة الإنجليزية في التلفزيون الرسمي، أنه «على الرغم من أن عملية الحصول على الوثائق جرت منذ بعض الوقت، فإن الحجم الهائل للمواد والحاجة إلى نقلها بأمان إلى إيران استلزم التعتيم الإعلامي لضمان وصولها إلى المواقع المحمية المحددة». وأضافت «برس تي في» أن «(المصادر المطلعة على الأمر) أشارت أيضاً إلى أن عدد الوثائق هائل لدرجة أن مراجعتها، إلى جانب الاطلاع على الصور ومشاهدة مقاطع الفيديو، استغرقت وقتاً طويلاً»، دون ذكر تفاصيل عن الوثائق. وفي عام 2018، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن عملاء إسرائيليين استولوا على «أرشيف» ضخم من الوثائق الإيرانية التي تُظهر أن طهران نفذت أنشطة نووية أكثر مما كان معروفاً من قبل. نتنياهو يشير إلى وثائق من الأرشيف النووي الإيراني تكشف عن دور محسن فخري زاده في برنامج التسلح النووي لطهران (أرشيفية - رويترز) ومنذ 7 سنوات، أعادت الوثائق المسربة إحياء تساؤلات قديمة بشأن طبيعة البرنامج النووي الإيراني، وبشكل خاص الخطة المعروفة بـ«آماد»، التي تقول طهران إنها تخلت عنها في 2003، وقالت «الوكالة الذرية» في تقرير الأسبوع الماضي، إنها لم تحرز تقدماً في التحقيق المفتوح، ولم تحصل على إجابات مُرضية. و بموازاة الإعلان عن مصادرة وثائق إسرائيلية، انتقدت إيران بشدة التقرير الجديد من مدير «الوكالة الذرية»، رافاييل غروسي، واتهمت إسرائيل بـ«التخريب» وخلق «تلوث» في المواقع السرية الأربعة «لويزان» و«رامين شيان» و«تورقوز آباد» و«مريوان». وقالت طهران في رسالة إلى «الوكالة الذرية»، نقلتها وسائل إعلام إيرانية، إنه «لا غموض بشأن الأنشطة النووية الحالية لإيران، أو أي انحراف في المواد أو الاستخدامات النووية». وجاء في التقرير: «اكتشفت السلطات الأمنية الإيرانية المختصة مؤخراً، بناءً على تحقيقات ودراسات مكثفة، أدلة إضافية تؤكد تورط أعمال تخريبية أو عدائية في تلوث تلك المواقع». كما أشار التقرير إلى أن «جميع المواد والأنشطة النووية الإيرانية قد أُبلغت لـ(الوكالة) بالكامل، وتم التحقق منها. وقد بذلت إيران كل الجهود الممكنة للكشف عن مصدر مثل هذه الجسيمات في تلك المواقع». وأضافت الرسالة الإيرانية أن «هذه القضايا قد تم حسمها سابقاً خلال تعاوننا مع الوكالة الذرية»، مشيرة إلى أن المعلومات تستند إلى وثائق «قدمها عدو إيران اللدود الذي لا يتوقف عند التآمر ضد علاقات إيران بالوكالة فحسب، بل يرتكب أيضاً أعمال تخريب وهجمات وتهديدات ضد إيران، فضلاً عن اغتيال علمائها النوويين». وأضافت: «التقييم المبني على مثل هذه البيانات يثير تساؤلات بشأن مزاعم الحيادية والاحترافية. ومن المفارقات أن الكيان الصهيوني نفسه ليس عضواً في (معاهدة حظر الانتشار النووي) وهو الوحيد في المنطقة الذي يمتلك أسلحة دمار شامل». وهدد الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بقصف إيران إذا لم تتوصل إلى اتفاق مع واشنطن بشأن برنامجها النووي. لكن تقارير أفادت بأن ترمب عرقل في أبريل (نيسان) الماضي ضربة إسرائيلية كانت مزمعة على مواقع نووية إيرانية لمنح الفرصة للتفاوض على اتفاق مع طهران. وتطالب الولايات المتحدة بوقف تخصيب اليورانيوم تماماً في المفاوضات لتسوية ملف طهران النووي. وقال المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأربعاء الماضي، إن التخلي عن تخصيب اليورانيوم «يتعارض تماماً مع مصالح البلاد».