
من الأمل للركام.. ضربات إسرائيلية تُنهي حلم الإنجاب في غزة
الأجنة كانت جاهزة، والمركز الطبي يتهيأ للإجراء الحاسم، قبل أن تقصفه ضربة إسرائيلية، تمحو في لحظة واحدة ما لا يمكن تعويضه. تقول عزة: "ليس سهلا أن ترى حلمك يُنسف أمام عينك بعد سنوات من التعب الكبير، وإنفاق ما لدينا لتحقيقه".
في ديسمبر 2023، استهدفت عملية إسرائيلية مركز "البسمة" لأطفال الأنابيب، أكبر مراكز الخصوبة في غزة. الانفجار لم يدمّر فقط جدران المبنى أو معداته الطبية، بل محا ما يقرب من 4000 جنين وأكثر من 1000 عيّنة من الحيوانات المنوية والبويضات غير المخصبة، كانت محفوظة في خمس خزانات نيتروجين سائل داخل وحدة الأجنة.
كانت هذه الأجنة تمثّل الأمل الأخير لمئات العائلات الفلسطينية التي تعاني من العقم، كثير منها لن يتمكن أبدا من محاولة الإنجاب مرة أخرى.
تقول عزة التي نزحت مرارا بين مدينة غزة ورفح على مدار عام: "كنت أجهّز نفسي من شهور، وأحسب ألف حساب لكل خطوة، والأمل كان يعود لي كلما أرى التحاليل وأرجعها مع الطبيب، لكن فجأة قيل لي إن المركز دُمر، والأجنة راحت، شعرت بوجع كبير لا يعرفه إلا من مر بهذه التجربة الصعبة".
لسنوات طويلة، كانت العائلات في غزة مستعدة لبيع أغلى ما تملكه من مصوغات ذهبية، وأجهزة منزلية، وحتى أثاث غرف النوم في سبيل فرصة واحدة فقط لاحتضان طفل، في الوقت الذي كانت مراكز الإخصاب، تمثل نافذة ضوء تمنح الأزواج أملا في بناء عائلة، رغم الظروف الصعبة التي يعيشها الغزيين منذ عقود.
من جانبه، قال الدكتور بهاء الدين الغلاييني، مؤسس مركز البسمة لأطفال الأنابيب في غزة، في حديث لـ"سكاي نيوز عربية"، إن ما جرى لم يكن مجرد أضرار جانبية لحرب، بل استهداف مباشر لمراكز طبية مدنية.
وأضاف أن: "الاحتلال لم يرحم أي منشأة صحية، سواء مستشفى أو عيادات أو مراكز خاصة، ولذلك لم يكن مفاجئًا أن يتم تدمير مركز البسمة بهذا الشكل، وما أكد ذلك أن تقرير الأمم المتحدة أقرّ أن الاستهداف كان متعمّدًا، وهذا واضح من مسار القصف نفسه، حيث سقطت القذيفة الأولى في مختبر الأجنة مباشرة، ما أدى إلى تدميرها بالكامل وقتل آلاف الأجنة والعينات، ثم أعقبتها قذيفة ثانية استهدفت مكتب المحاسبة المجاور، والذي لا يبعد سوى أمتار قليلة عن وحدة التجميد الحيوي".
ووفق تقرير للجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة، فإن تدمير مركز "البسمة"، الذي تأسس عام 1997، ومعه منشآت الأمومة والرعاية الإنجابية، يرقى إلى "أعمال إبادة جماعية".
التقرير اللي صدر في العام الماضي قال إن إسرائيل "دمّرت جزئيا القدرة الإنجابية للفلسطينيين في غزة كمجموعة، من خلال الهجوم المنهجي على قطاع الصحة الإنجابية"، مضيفًا أن قصف المركز الرئيسي للخصوبة كان فعلًا "يهدف إلى منع الإنجاب بين الفلسطينيين"، وهو تصنيف صريح ضمن أعمال الإبادة كما يعرّفها القانون الدولي.
وأوضح "الغلاييني" أن تداعيات هذا الهجوم لا تُقاس فقط بالخسائر المادية أو الهيكلية، بل تتجاوز ذلك إلى ما وصفه بـ"الأثر المميت نفسيًا وجسديًا على آلاف النساء".
"نحن نتحدث عن نحو 5 آلاف سيدة كانت تتابع في المركز ضمن برامج أطفال الأنابيب، وكثيرات منهن كُنّ قد وصلن إلى مرحلة تكوين الأجنة بعد شهور من العلاجات المكلفة والمعقدة، وبالتالي فالعملية ليست سهلة من الناحية البدنية أو النفسية أو المالية، ولهذا فإن تدمير تلك الأجنة كان بمثابة قتل أمل مكتمل كان ينتظر فقط أن يُحتضن في رحم أمه"، وفق الغلاييني.
وأشار إلى أن الحزن لم يكن قاصرًا على المرضى فحسب، بل امتد إلى الفريق الطبي بالكامل "كان بيننا وبين المرضى روابط إنسانية ومعنوية عميقة، ومع كل زوجين كان هناك مسار علاجي طويل ومشترك، لذلك شعرنا جميعًا بانكسار كبير، كأننا فقدنا أبناء لنا".
وشدد على أن القطاع الآن أصبح فعليًا خاليًا من أي مركز إخصاب نشط، بعد أن تعرّضت جميع المراكز للتدمير الكلي أو الجزئي، ما أدى إلى توقفها التام عن العمل، مشيرًا إلى أن "كثيرًا من الأجهزة الدقيقة الخاصة بتلك المراكز إما دُمّرت أو سُرقت، ما يجعل إعادة تأهيل هذا القطاع الطبي الحساس أمرًا بالغ الصعوبة ويحتاج إلى وقت طويل واستثمارات كبيرة.
بدوره، اعتبر منسق التحقيقات والشكاوى في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بقطاع غزة، بكر التركماني، في حديث لـ"سكاي نيوز عربية"، إن تدمير مراكز الإخصاب والتلقيح الصناعي تأتي ضمن ما يحدث في غزة منذ السابع من أكتوبر من أعمال "إبادة ممنهجة" بحق الشعب الفلسطيني.
وأوضح "التركماني" أن الدعوى القضائية الدولية التي وُجهت ضد إسرائيل تضمنت سلسلة من الانتهاكات، من بينها "فرض تدابير تستهدف الحول دون إنجاب الأطفال داخل قطاع غزة"، وهو ما يُعد، بحسبه، أحد أركان جريمة الإبادة الجماعية.
وأضاف: "إسرائيل قصفت مركز البسمة الأكبر في غزة والذي كان يمثل الأمل الأكبر لمئات الأزواج، إلى جانب مستشفى الحلو الدولي للعقم، ونتج عن هذا القصف تدمير خزانات تحتوي على النيتروجين، ما أدى إلى فقدان آلاف الأجنة الجاهزة للإخصاب".
ولفت "التركماني" إلى أن "نصف الأزواج الذين فقدوا هذه العينات لن تتاح لهم أي فرصة أخرى للإنجاب، بسبب فقدان قدرتهم البيولوجية على إنتاج حيوانات منوية أو بويضات صالحة للتلقيح".
التحديات لم تتوقف عند تدمير المراكز، بل طالت حتى الأدوية الأساسية، بحسب منسق التحقيقات في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، مضيفًا أنه "لم تعد هناك أدوية لإتمام عمليات التلقيح الصناعي، وحتى في حال وجود مركز فإن أدوية تثبيت الحمل أصبحت نادرة في ظل سياسة التجويع والحصار القائم".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
لكسر الجمود.. كشف تفاصيل "مقترح ويتكوف" لإيران
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن مبعوث البيت الأبيض، ستيف ويتكوف ، أرسل، السبت، إلى إيران "عرضًا تفصيليًا ومقبولًا" لاتفاق نووي. ويحاول العرض الأميركي المكتوب تجاوز الجمود بشأن نقطة الخلاف الرئيسية ، وفقًا لمسؤولين أميركيين. ورد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قائلا إن إيران سترد على العرض "وفقًا لمبادئ ومصالح وحقوق الشعب الإيراني". تفاصيل مقترح ويتكوف وذكرت أكسيوس نقلا عن مصادر مطلعة أن أحد المقترحات التي تروج لها الولايات المتحدة هو إنشاء كونسورتيوم إقليمي لتخصيب اليورانيوم لبرامج نووية مدنية، تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية والولايات المتحدة. وأضافت أن "فكرة أخرى هي أن تعترف الولايات المتحدة بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، بينما تعلق إيران تخصيب اليورانيوم لديها بالكامل". وذكرت أكسيوس أن "العرض المحدث والمكتوب هو نتيجة الجولة الأخيرة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة التي عقدت في روما قبل أسبوع". وأوضحت: "طلب الإيرانيون الحصول على موقف الولايات المتحدة كتابيًا بعد أن قدم ويتكوف عرضًا شفويًا خلال الجولة الرابعة من المحادثات قبل 3 أسابيع، وقدم تفاصيل حوله خلال الجولة الخامسة". كما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين مطلعين أن الوثيقة الأميركية المقدمة لإيران كانت عبارة عن سلسلة نقاط مختصرة وليست مسودة اتفاق كامل. وبحسب المسؤولين فإن الوثيقة تدعو إيران إلى وقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم، كما تقترح إنشاء تحالف إقليمي لإنتاج الطاقة النووية. تأتي هذه التطورات بالتزامن مع تصاعد الخلاف بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية على خلفية إصدارها تقريرا سريا جاء فيه أن تعاون إيران غير كاف بشأن آثار يورانيوم في عدة مواقع غير معلنة من طرفها كمواقع نووية. وكشف التقرير الذي أعدته الوكالة بطلب من مجلس محافظيها في نوفمبر الماضي، أن إيران قامت سابقا بأنشطة نووية غير معلنة استخدمت فيها مواد نووية في 3 مواقع لا تزال قيد التحقيق، إلى جانب مواقع أخرى محتملة، في إطار ما وصفه التقرير بأنه "برنامج نووي منظم غير معلن" استمر حتى أوائل العقد الأول من القرن الـ21. وأوضح التقرير أن إيران زادت وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة، مشيرا إلى أن مخزونها من هذا النوع بلغ نحو 409 كيلوغرامات -بزيادة بنسبة تقارب 49 بالمئة منذ تقرير فبراير الماضي- وهي كمية كافية لتصنيع سلاح نووي إذا تم تخصيبها إلى مستوى 90 بالمئة. أما إجمالي مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بجميع درجاته، فقدر التقرير أنه بلغ 9247.6 كيلوغراما، وهو ما يتجاوز بنحو 45 مرة الحد المسموح به وفق الاتفاق النووي لعام 2015، والذي حدد السقف عند 202.8 كيلوغرام بنسبة تخصيب 3.67 بالمئة.


صحيفة الخليج
منذ 2 ساعات
- صحيفة الخليج
الوصمة والبصمة
«وصمة عار في تاريخ الإنسانية».. جملة تختزل أكثر من ستمئة يوم من عبثية الحرب في غزة وعليها. وإن كانت يوميات الحرب عصية على التلخيص والتكثيف، ومشاهدها المفزعة أكثر وأقسى من أن يحتويها كتاب أو بيان، فإن الإمارات أرادت بهذه الجملة أن تنبّه ما تبقى من الإنسانية في العالم إلى أن مأساة غزة، حتى إن توقفت آلة الحرب فيها الآن، ستبقى تطارد وتلعن صناعها والصامتين أمامها، ولا يمكن لها أن تبقى مجرد أحداث تستعاد فقط في سياقات الحديث عن الحروب أو الصراعات في العالم؛ لأن التفاصيل المتجاوزة لكل قدرة على الوصف والاختزال ستظل نقوش عار في سجلات من أراقوا الدم، ومن اعتادوا مناظره، ومن سمحوا للأمر بالوصول إلى درجة حرمان إنسان من لقمة تقيم صلبه وتحفظ آدميته، أو دواء يصون ما تبقى من حياته. توثيق وصمة العار تلك في بيان الإمارات، باسم المجموعة العربية، أمام مجلس الأمن، لم يكن أول جهد الدولة ولا آخره في هذا الملف، ولا هو خلاصة مساعي المجموعة العربية منذ بدأت المأساة في غزة، إنما هو، في أحد أوجهه، اغتنام للحظة تظهر فيه تحولات في مواقف الغرب تجاه الحرب، وتظهر ملامح مخاضات وقفها الدائم والشامل. ورغم أن هذه الجهود الغربية يمكن مواجهتها بأسئلة عن تأخرها كل هذه الوقت، فإن العرب بوسعهم التفاعل الإيجابي معها والإسهام في بلوغها مراميها، وأولها على الأقل بالنسبة لنا، الوقف الفوري للحرب، والالتفات لما بعدها. وما بعد وقف الحرب لا يقل أهمية، وفي مقدمته ترميم البشر المتبقين في غزة وتخفيف وطأة 19 شهراً ملأت الذاكرة والروح بما لا يحتمل من مشاهد القتل والتجويع والتشريد ومواجهة احتمال إخراجهم من جغرافيتهم التاريخية إلى المجهول. بعد هذا الترميم، يمكن الحديث عن السلام وحدوده وآفاقه ومساراته بما يطوّق أثر الحرب على جهود إقراره وتوسيع نطاقه التي أفسدتها إسرائيل. هذه هي الأولويات التي يمكن أن توقف تمدد وصمة العار في حق الإنسانية التي ينشغل جانب منها الآن بالبصمة الكربونية للأشهر الـ15 الأولى من حرب إسرائيل على غزة. وربما يكون من الرفاهية أن تنشغل دراسة بإجمالي انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة بشكل مباشر أو غير مباشر عن الحرب، محذرة أنها ستكون أكبر من انبعاثات الاحتباس الحراري السنوية لـ100 دولة كل منها على حدة، ما يُفاقم حالة الطوارئ المناخية العالمية، بالإضافة إلى الخسائر الفادحة بين المدنيين. لا خلاف على أن مناخ العالم ملف شديد الأهمية على مستوى العالم، وأنه لا يمكن التهوين من مسببات التغير المناخي ونتائجه المدمرة، لكن مأساة غزة لا يمكن التعامل معها بسياقات غيرها من المناطق، فقطعة من خريطة الكون تختزل معنى الوصمة وتعتاد انبعاث الأرواح لحظياً وبأعداد يصعب حصرها أحياناً، لا يضيرها معدلات الكربون المؤرقة للعلماء والمنظمات.


البيان
منذ 3 ساعات
- البيان
رئيس البرلمان العربي يهنىء شيخة النويس بفوزها بمنصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة
هنأ معالي محمد بن أحمد اليماحي رئيس البرلمان العربي سعادة شيخة ناصر النويس بمناسبة فوزها بمنصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة للفترة من 2026- 2029، لتسجل بذلك سابقة تاريخية كأول امرأة في المنطقة تتولى هذا المنصب منذ تأسيس المنظمة في العام 1975، في إنجاز جديد يُرسّخ مكانة الإمارات الريادية على خريطة السياحة العالمية. وأشاد اليماحي- في بيان - بهذا الإنجاز الكبير الذي يُجسد ما حققته المرأة الإماراتية من نجاحات استثنائية على المستويين الإقليمي والدولي، بفضل الدعم اللامحدود والرؤية السديدة للقيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة "حفظه الله " الذي يولي اهتماما كبيرا بتمكين المرأة وتوفير البيئة الداعمة لتأدية دورها المحوري في مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها الإمارات في المجالات كافة. وأضاف أن هذا الإنجاز يأتي أيضا تجسيدا للجهود الحثيثة التي تقوم بها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك 'أم الإمارات'رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية لدعم وتمكين المرأة الإماراتية في جميع ميادين العمل والقيادة والوصول إلى أعلى المناصب الإقليمية والدولية. وأكد اليماحي أن فوز سعادة شيخة النويس بهذا المنصب الدولي الرفيع يعكس ما وصلت إليه دولة الإمارات من مكانة مرموقة في مجال السياحة الدولية وريادتها العالمية في هذا المجال ويُضاف إلى سجل إنجازاتها المشرفة في مختلف المحافل العالمية. وقال إن هذا التتويج يُعدّ مصدر فخر ليس للإمارات فحسب بل للعرب جميعا، ويُعزز من حضور المرأة العربية في مراكز صنع القرار العالمية، ويُبرهن على قدرة الكفاءات الإماراتية على قيادة المؤسسات الدولية بكفاءة واقتدار.