logo
عبد الرحمن الحميري: لقب «أمير الشعراء» بداية وهج يستمر

عبد الرحمن الحميري: لقب «أمير الشعراء» بداية وهج يستمر

زهرة الخليج٠٩-٠٣-٢٠٢٥

#ثقافة وفنون
تألق على مسرح شاطئ الراحة، مانحاً القصيدة بُعدها الجماليّ الأرحب، وآخذاً من بحورها كلّ ما يمكنه أن يقول للإنسان: «أنا هنا من أجلك!».. إنه الشاعر الشاب المهندس عبد الرحمن الحميري، الذي خرج من الظل، مؤخراً، إلى ضياء المسرح العربي الكبير؛ ليضع اسمه على لوحة شرف الساحة الشعرية بكل فخر واقتدار. هنا، نطلع، عن قرب، على عوالم «الشاعر المهندس» الشعرية، وطقوسه، ومشاريعه المختلفة، التي تخدم القصيدة والكلمة؛ لنرى كيف «يهندس» شاعريته، ونتعرف على رحلته في برنامج «أمير الشعراء».. «زهرة الخليج» تضع ورود عبد الرحمن الحميري على طاولة الحوار؛ لنحظى بفرصة تأمل جمالياتها:
عبد الرحمن الحميري: لقب «أمير الشعراء» بداية وهج يستمر
انزواء.. فنهضة
لسنوات لم تشارك في «أمير الشعراء»، فما الذي دفعك إلى المشاركة في «البرنامج»؟
كنت متابعاً لبرنامج «أمير الشعراء» منذ صباي، ولطالما أدهشني مسرح شاطئ الراحة بالضوء والكلمة، ولم أكن أتخيل، يوماً، أنني سأقف على منبره؛ فقد كنت - في بداياتي - أتلمّس الطريق، وأحاول اكتشاف صوتي؛ فأنصت وأجرّب، وأتعثر وأنهض. فبداياتي الحقيقية كانت مع الشعر النبطي، ورأيت - ساعتها - أن الكتابة بـ«الفصحى» أمرٌ بعيد المنال. بمرور السنوات، وزيادة الاطلاع، وتنوع القراءات، توسّعت معرفتي وثقافتي ومخزوني اللغوي؛ فالإنسان يتأثر بما يقرأ ويسمع. بعدها، رويداً رويداً، اتجهت إلى قصيدة «الفصحى»، أغازلها بحذر، خاطباً ودّها، حتى اتجهت إليها كلياً، قبل ثماني سنوات. ورغم ذلك لم أشارك في «البرنامج»؛ لأنني كنت أشعر بأن تجربتي لم تنضج بَعْدُ، فلم أكن أرغب في المشاركة لمجرد المشاركة، كما أنني كائنٌ وفيٌّ لمساحته الآمنة، فأزدهر في الظل، وأتوجس من الأضواء المبهرة؛ فآثرت الانزواء طوال السنين الماضية. لكن في أحد صباحات يوليو، من العام الماضي، استيقظت على رسالة من الصديق الشاعر الدكتور حسن النجار، كان محتواها صورة إعلان الموسم الحادي عشر من «أمير الشعراء»، وكتب أسفلها: «لمَ لا؟!»؛ فلامست هاتان الكلمتان وتراً خفياً في نفسي؛ فظللت مستلقياً على سريري، أحدّق في رسالته، وسَرَتْ في جسدي قشعريرةٌ، متخيلاً نفسي واقفاً على مسرح شاطئ الراحة.. ومن هنا بدأ كل شيء!
كيف كانت مسيرتك، خلال «رحلة المنافسة»؟
كانت رحلتي ممتعة، رغم أنها كانت شاقة؛ فـ«أمير الشعراء» تجربة استثنائية تخرج منها إنساناً مختلفاً، ليس على صعيد الشعر فحسب، بل حتى في الفكر والذات وقوة التحمل؛ فلكل مرحلة في المسابقة خصوصيتها وظروفها ومعاييرها. ورغم حدة المنافسة، إلا أن «الروح الأخوية» التي سادت بين الشعراء جعلتنا عائلة واحدة، وصنعت بيننا ذكرياتٍ لا تُنسى. وأفضل ما خرجت به من «المسابقة»، قراءة قصائدي من قِبَل أعضاء اللجنة، والقدرة على تحمل الضغوط، والتكيف مع المفاجآت والقرارات اللحظية، والتعامل مع الصحافة والإعلام.
عبد الرحمن الحميري: لقب «أمير الشعراء» بداية وهج يستمر
هل تشكل هذه المسابقات دافعاً للشاعر، خلال مسيرته؟
بكل تأكيد؛ فحينما يخرج الشاعر من مساحته الآمنة، ويقرأ قصيدته أمام أساتذة ونقّاد مشهود لهم بالخبرة والكفاءة، ويسمع رأيهم في ما يكتب؛ يمنحه كل هذا الثقة والصلابة؛ فيتوهج على المنابر. ناهيك عن الأبواب، التي تُفتح له من كل حدبٍ وصوب، والأضواء التي تُسلّط عليه بعد المسابقة؛ لذا عليه الظهور بشكل بارز، وأن يدرس كل خطوةٍ؛ لأنه سيكون محط الأنظار، وسيصغي الجميع، تالياً، إلى ما سيقوله.
أجمل اللحظات
ما أجمل محطاتك في برنامج «أمير الشعراء»؟
لحظة التتويج كانت، بالطبع، اللحظة الأجمل و«مسك الختام»، فرغم أن الإنسان في هذه اللحظات لا يستوعب مشاعره استيعاباً كاملاً؛ لأنه يكون مغموراً بالفرح، والضوء، والتصفيق، إلا أنه حينما يعود إلى نفسه، ويستعيد صفاءها، يُدرك ما وصل إليه، وأنجزه. الآن، كلّما نظرت إلى البُردة؛ تنتابني «مشاعر الطفل»، الذي يتأمل ثيابه الجديدة ليلة العيد.
دائماً تتناول قصائدك موضوعات غير مألوفة، من أين تبدع قريحتُك قصائدَها؟
أحب التأمل الهامشيّ والمهمَل، ولعلّ هذا من حسنات الجلوس بمفردي لفتراتٍ طويلة، فمتى تمهل الإنسان؛ انكشف له العالم، وأماطت المخيلة عنه لثامها. كثيرٌ من الأفكار غير المألوفة، التي تراودني، تأتي من نبعٍ واحد، يشغلني ويستحوذ على تفكيري هو «الخلود»؛ فأنا مهووسٌ بترك أثر، وتفتنني فكرة أن يردد أحدهم بيتاً لي بعد رحيلي بزمنٍ طويل، وإن نُسِب البيت إلى مجهول. كذلك، تخطر ببالي، دائماً، مقولة ماري أوليفر: «أكتب القصائد لغريب، سيولد في بلدٍ غريب، بعد مئات السنين».
لديك مشروعان يخدمان الكلمة، واللغة، والشعر.. حدثنا عنهما؟
مشروعي الأول «مُشاة»، شركة إبداعية متخصصة في صناعة المحتوى الكتابي، وقد وُلدت هذه الشركة من «صداقة الأقلام»، فقد استوحينا اسمها من وجودنا معاً في «فصيلة المشاة» أيام التجنيد، إذ كنا نسير مسافاتٍ طويلة سيراً عسكرياً متقناً، يلتزم بكل الضوابط والحركات المتعارف عليها. في تلك الأيام، كانت تبادرنا أفكار إبداعية لنصوص أو مشاريع مؤجلة، فكنا نختلس من أوقات الاستراحة لندوّنها - في عجالة - بالأقلام الجافة على دفاتر الملاحظات الصغيرة. هكذا، أبصر «مُشاة» النور؛ ليصير منصةً شبابية إماراتية لكتابة المحتوى. وقد اقترن اسمه بالمشي؛ لأنّ للمشي دوراً فعالاً في توليد الأفكار، وتحفيز الإلهام عند الشعراء، والفلاسفة، منذ قديم الزمان. أما مشروعي الثاني، فهو «فعولن»، وهو منصة إلكترونية مبتكرة قيد الإنشاء، تسخّر جهودها لخدمة الشعر، عبر منهج متخصص، للراغبين في تعلّم «علم العَروض»؛ بهدف كتابة القصائد كتابةً سليمة. كما تقدم «المنصة» خدمات الاستشارات في ما يخص الكتابة الشعرية، والتدقيق على النصوص، من حيث الوزن، والتفعيلات، وتحديد مواضع الخلل، والكسر في القصيدة؛ لمعالجتها.
عبد الرحمن الحميري: لقب «أمير الشعراء» بداية وهج يستمر
هل سنرى، قريباً، إصداراً جديداً يحوي قصائدك؟
نعم، سيصدر ديواني الشعري قريباً، فما زلت أضيف إليه بعض القصائد، وأجري عليه بعض اللمسات، وسأعلن عنه عند الانتهاء منه، واكتماله.
طقوس
للشعراء طقوس يستحضرون بها قصائدهم، فما طقوس الشاعر عبد الرحمن؟
ليست لديَّ طقوس معينة؛ فالقصيدة تهبط فجأةً غير مكترثةٍ بالمكان، أو الحالة التي يكون عليها الشاعر. وعليه في لحظتها أن يمسك بتلابيبها حتى لا تُفلت منه. لكن هبوط القصيدة شيء، وكتابتها شيءٌ آخر؛ فأنا أقلّب الفكرة في رأسي أثناء المشي، أو قيادة السيارة، أو حتى وسط اجتماعٍ ما، لكنني حينما أكتب القصيدة أنصرف إليها بحواسي كافة، وأغرق فيها غرقاً لذيذاً. وعادةً أفعل ذلك في زوايا المقاهي، القريبة إلى قلبي.
إلى أين تمضي في الشعر؟.. حدثنا عن آمالك الخاصة، وطموحاتك!
أعرف، حق المعرفة، أن لقب «أمير الشعراء» البداية، والشعلة الأولى لوهجٍ يستمر طول العمر بإذن الله. الآن، أشعر بأنني أحمل في داخلي ذلك الصبي الذي يتحسس طريقه في البدايات، فهناك أرضٌ جديدة، وسماء عالية، ولديَّ شغفٌ جارف، وفضولٌ متجدد، وألف ألف نبعٍ، توشك أن تتفجر في خيالي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

علا خضارو: القصيدة جسر بين الواقع الشعري والمعيش
علا خضارو: القصيدة جسر بين الواقع الشعري والمعيش

زهرة الخليج

time٠٤-٠٥-٢٠٢٥

  • زهرة الخليج

علا خضارو: القصيدة جسر بين الواقع الشعري والمعيش

#ثقافة وفنون محبة للطبيعة والشعر، وإذا اجتمع الاثنان؛ فلا بدَّ أن تكون القصيدة نابضة بالحياة. علا خضارو شاعرة لبنانية شاركت، مؤخراً، في برنامج «أمير الشعراء»، فألقت قصائدها على مسرح شاطئ الراحة في أبوظبي، باعثةً مشاعر الحب والإنسانية إلى العالم؛ فالقصيدة بالنسبة لها هي الحياة، وتتعامل معها كما تتعامل الأم مع وليدها. كما زرعت والدتها بداخلها حب الموسيقى، خاصة الكلاسيكية، التي رافقتها منذ الصغر. فجذبتها - بشكل خاص - المواضيع الإنسانية، التي تحرّك العاطفة، وتلامس هموم الناس وآمالهم.. في هذا الحوار مع «زهرة الخليج»، فتحت لنا خضارو أبواب رؤيتها الشعرية، وتحدثت عن علاقتها العميقة بالطبيعة، وبداياتها مع اللغة، وتكوينها الثقافي والفني: علا خضارو: القصيدة جسر بين الواقع الشعري والمعيش طريق القصيدة ماذا تعني لك القصيدة، وكيف تصلين إليها، وتكتبينها؟ القصيدة بالنسبة لي هي الحياة؛ فأتعامل معها كما تتعامل الأم مع وليدها، وأحاول - قدر المستطاع - أن أغذّيها، وأحبّها، وأصغي إلى صوتها الداخلي، وكذلك أعيش معها فترة طويلة قبل أن تخرج إلى الوجود بأحلى صورة ممكنة. تأخذ مني القصيدة كل شيء، كي تولد بشكلٍ يصل إلى الناس، دون أي تكلّف. وتختلف طريقة كتابة القصيدة من نص إلى آخر؛ فلكل نصٍّ بذرته الخاصة، وظروفه، وأحاسيسه. وليست هناك وصفة ثابتة أو طريقة يمكن تحديدها، لكنها تبدأ عادةً بشرارة داخلية، تُشعل قلقاً دائماً، كأن هناك شيئاً يحتاج إلى وقت وغذاء؛ ليخرج إلى السطح، كالطفل تماماً، يجب أن يولد بصحة جيدة، ومبتسماً. ما الظروف التي هيأت علا خضارو؛ لتصبح شاعرة؟ من الصعب أن يحصر الإنسان كل العوامل التي ساهمت في تشكيل شخصيته، خاصة عندما تكون هذه الشخصية شاعرية. لكنني أستطيع القول بأن هناك محورين رئيسيين لذلك: الأول: علاقتي العميقة بالطبيعة، فمنذ طفولتي وأنا أعيش تماساً مباشراً مع تفاصيل الطبيعة (الأشجار، والزهور، والغيم، والماء، والعصافير)؛ فكل هذه التفاصيل اليومية كانت تشكّل لي عوالم كاملة، مليئة بالحياة، والكلام، والمشاعر. كنت أرى «الورد يتكلم»، وكنت أحاول إقناع الجميع بذلك. كما كنت أعتقد أن له روحاً تتألم، وأنه لا يجوز أن نتركه خارجاً في البرد، بل علينا إدخاله؛ ليشعر بالدفء. كذلك، كنت أفكّر في العصافير التي تبحث عن عش جديد، وأشعر بألم الشجرة؛ حينما ترحل عنها أوراقها، والعصافير، في الخريف. أظن أن هذه العلاقة العميقة مع الطبيعة أسهمت - بشكل كبير - في بناء شخصيتي الشاعرة. الثاني: محيطي العائلي، خاصة والديَّ، فوالدي - في طفولتي - كان يحفظّني الكثير من القصائد، بعد القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، والسِّيَر، وكان يخبرني بأن المعاني الصعبة التي كنت أواجهها - وقتها - في المعلقات ستمنحني، لاحقاً، شغف البحث عنها حينما أكبر، وفعلاً، شكّل ذلك لديّ معجماً لغوياً ذاتياً، فما زلت أستخدم مصطلحاته حتى اليوم. أما والدتي، فقد زرعت بداخلي حب الموسيقى، خاصة الكلاسيكية، التي رافقتني منذ الصغر. ثم جاءت الأنشطة اللاصفية، فكنت أذهب أسبوعياً إلى مسرح الأطفال الغنائي؛ ما عزّز ميولي الموسيقية والشعرية. بعد ذلك، انتقلت إلى الرسم، وكان لديَّ شغف كبير بالألوان، ثم نضجت هذه المتعة تدريجياً، وأخذت تتبلور في القراءة، ثم في الكتابة. ولا يمكنني أن أنسى تأثير جدّتي، التي كانت شاعرة بالفطرة؛ فقد كانت تستقبل الجميع بالزَّجل، بصوتها العذب، وتنتقي كلماتها البسيطة الراقية؛ فتشكّل لديّ حس شعري فطري. علا خضارو: القصيدة جسر بين الواقع الشعري والمعيش تفاصيل حياتية ما المواضيع، التي تجذبك إلى الكتابة عنها أكثر من غيرها؟ كل تفصيلة في الحياة، مهما بدت صغيرة، يمكن أن تكون موضوعاً للقصيدة. هناك لحظات نشعر بها، ولا تعني شيئاً للكثيرين، لكنها تلامس شيئاً عميقاً بداخلنا، وتحفّزنا على الكتابة. أما المواضيع، التي تجذبني، بشكل خاص، فهي المواضيع الإنسانية، تلك التي تحرّك العاطفة، وتلامس هموم الناس وآلامهم. كشعراء نحاول، دائماً، أن نفكك أسرار هذه المواضيع، ونجد من خلالها حلولاً متعددة، ونبني جسراً بين الواقع الشعري، والواقع المعيش. ومن خلال القصيدة، نحاول أن نفرغ أحزاننا وآمالنا، ونكتب نصاً يمكنه أن يلمس أوجاع الآخرين وأحلامهم، وقد يجعل أعينهم تدمع أو تلمع فرحاً.. المواضيع كثيرة، لكن المسألة تكمن في القدرة على التقاط الإشارات، التي تمنحنا الدافع للكتابة. هل ترين أن للقصيدة دوراً يجب أن تؤديه، أم أنها قضية جمالية فحسب؟ القصيدة - في جوهرها - قضية جمالية، ولكنها أيضاً تؤدي أدواراً عدة: إنسانية، واجتماعية، وأخلاقية. فالقصيدة تؤدي الدور، الذي يمنحها إياه الشاعر؛ فإذا كان يحمل قضية إنسانية، فستتجلى في قصائده بكل وضوح، والعكس صحيح؛ فبقدر ما يمتلك الشاعر من وعي، وبقدر ما يحب نصّه، تصل القصيدة إلى أهدافها، شخصية، أو مجتمعية، أو فكرية. كما أن القصيدة تلعب دوراً محورياً في تشكيل الذائقة الأدبية، خاصة عند الأجيال الجديدة. لذلك، نحن نحتاج إلى جيل يعرف أن الشعر هو هويتنا، ومن خلاله يمكننا أن ننتصر للحياة، وأن نعبّر عن المحبة بأصدق الطرق. ما الذي تريدين له أن يبقى في ذهن القارئ؛ بعد قراءة قصائدك؟ أتمنى أن تترك قصائدي أثراً دافئاً في القلب، تماماً كأثر نسمة خفيفة، تمرّ في لحظة صمت. وأريد للكلمة أن تكون مرآة داخلية، تعكس ما لا نستطيع قوله أحياناً، وأن تُشعر القارئ بأنه ليس وحيداً، وأن هناك صوتاً يشبهه، ويحسّ مثله، ويكتب عنه حتى لو لم يلتقِه يوماً.

قصائد «العازي» و«المنكوس» تضيء ليالي الشعر
قصائد «العازي» و«المنكوس» تضيء ليالي الشعر

صحيفة الخليج

time٠١-٠٥-٢٠٢٥

  • صحيفة الخليج

قصائد «العازي» و«المنكوس» تضيء ليالي الشعر

أبوظبي: «الخليج» تعتبر الأمسيات الشعرية في مجلس «ليالي الشعر»، أحد أبرز برامج المعرض، وذلك وسط حضور واسع من الشعراء والمهتمين بالشعر الشعبي والفنون التراثية الأصيلة في دولة الإمارات، وتنوعت فقرات المجلس التي أقيمت على مدار 3 أمسيات، أبرزت جماليات الشعر النبطي وفنونه المتوارثة. واستُهلت الأمسية الأولى بجلسة حملت عنوان «أصوات شعبية إماراتية»، قدّمها الإعلامي محمد العامري، واستضاف فيها الشاعرين بخيت المهري ومحمد بن عزيز الشحي، إذ قدّما نماذج من فن المنكوس. وسلطت الأمسية الضوء على فن «العازي»، الذي يُعد من الفنون التراثية غير المادية المُدرجة على قائمة اليونسكو، ويتميّز بأدائه الجماعي الذي تتوسطه شخصية «العازي»، الشاعر صاحب الصوت القوي والحضور اللافت. وفي الأمسية الثانية، قدّم الدكتور غسان الحسن، محاضرة حول «الموسوعة العلمية للشعر النبطي»، والتي ألّفها بعد سنوات من البحث والتقصي العلمي، وناقشه خلالها الإعلامي عارف عمر. واستعرض الحسن خلال الجلسة دوافعه لتأليف الموسوعة، والصعوبات التي واجهها في جمع المادّة وتبويبها، موضحاً أن العمل المؤلف من 20 جزءاً يشكّل مرجعاً غير مسبوق في دراسة الشعر النبطي. واستضافت الأمسية الثالثة اثنين من ألمع نجوم برنامج «أمير الشعراء»، وهما الشاعرة علياء السيفي والشاعر عبد الرحمن الحميري، في جلسة حوارية أدارتها الإعلامية لمياء الصيقل، إذ تحدّث الضيفان عن بداياتهما الشعرية، وتجربتهما في البرنامج الذي أتاح لهما مساحة للتألق والوصول إلى جمهور واسع.

عبد الرحمن الحميري: لقب «أمير الشعراء» بداية وهج يستمر
عبد الرحمن الحميري: لقب «أمير الشعراء» بداية وهج يستمر

زهرة الخليج

time٠٩-٠٣-٢٠٢٥

  • زهرة الخليج

عبد الرحمن الحميري: لقب «أمير الشعراء» بداية وهج يستمر

#ثقافة وفنون تألق على مسرح شاطئ الراحة، مانحاً القصيدة بُعدها الجماليّ الأرحب، وآخذاً من بحورها كلّ ما يمكنه أن يقول للإنسان: «أنا هنا من أجلك!».. إنه الشاعر الشاب المهندس عبد الرحمن الحميري، الذي خرج من الظل، مؤخراً، إلى ضياء المسرح العربي الكبير؛ ليضع اسمه على لوحة شرف الساحة الشعرية بكل فخر واقتدار. هنا، نطلع، عن قرب، على عوالم «الشاعر المهندس» الشعرية، وطقوسه، ومشاريعه المختلفة، التي تخدم القصيدة والكلمة؛ لنرى كيف «يهندس» شاعريته، ونتعرف على رحلته في برنامج «أمير الشعراء».. «زهرة الخليج» تضع ورود عبد الرحمن الحميري على طاولة الحوار؛ لنحظى بفرصة تأمل جمالياتها: عبد الرحمن الحميري: لقب «أمير الشعراء» بداية وهج يستمر انزواء.. فنهضة لسنوات لم تشارك في «أمير الشعراء»، فما الذي دفعك إلى المشاركة في «البرنامج»؟ كنت متابعاً لبرنامج «أمير الشعراء» منذ صباي، ولطالما أدهشني مسرح شاطئ الراحة بالضوء والكلمة، ولم أكن أتخيل، يوماً، أنني سأقف على منبره؛ فقد كنت - في بداياتي - أتلمّس الطريق، وأحاول اكتشاف صوتي؛ فأنصت وأجرّب، وأتعثر وأنهض. فبداياتي الحقيقية كانت مع الشعر النبطي، ورأيت - ساعتها - أن الكتابة بـ«الفصحى» أمرٌ بعيد المنال. بمرور السنوات، وزيادة الاطلاع، وتنوع القراءات، توسّعت معرفتي وثقافتي ومخزوني اللغوي؛ فالإنسان يتأثر بما يقرأ ويسمع. بعدها، رويداً رويداً، اتجهت إلى قصيدة «الفصحى»، أغازلها بحذر، خاطباً ودّها، حتى اتجهت إليها كلياً، قبل ثماني سنوات. ورغم ذلك لم أشارك في «البرنامج»؛ لأنني كنت أشعر بأن تجربتي لم تنضج بَعْدُ، فلم أكن أرغب في المشاركة لمجرد المشاركة، كما أنني كائنٌ وفيٌّ لمساحته الآمنة، فأزدهر في الظل، وأتوجس من الأضواء المبهرة؛ فآثرت الانزواء طوال السنين الماضية. لكن في أحد صباحات يوليو، من العام الماضي، استيقظت على رسالة من الصديق الشاعر الدكتور حسن النجار، كان محتواها صورة إعلان الموسم الحادي عشر من «أمير الشعراء»، وكتب أسفلها: «لمَ لا؟!»؛ فلامست هاتان الكلمتان وتراً خفياً في نفسي؛ فظللت مستلقياً على سريري، أحدّق في رسالته، وسَرَتْ في جسدي قشعريرةٌ، متخيلاً نفسي واقفاً على مسرح شاطئ الراحة.. ومن هنا بدأ كل شيء! كيف كانت مسيرتك، خلال «رحلة المنافسة»؟ كانت رحلتي ممتعة، رغم أنها كانت شاقة؛ فـ«أمير الشعراء» تجربة استثنائية تخرج منها إنساناً مختلفاً، ليس على صعيد الشعر فحسب، بل حتى في الفكر والذات وقوة التحمل؛ فلكل مرحلة في المسابقة خصوصيتها وظروفها ومعاييرها. ورغم حدة المنافسة، إلا أن «الروح الأخوية» التي سادت بين الشعراء جعلتنا عائلة واحدة، وصنعت بيننا ذكرياتٍ لا تُنسى. وأفضل ما خرجت به من «المسابقة»، قراءة قصائدي من قِبَل أعضاء اللجنة، والقدرة على تحمل الضغوط، والتكيف مع المفاجآت والقرارات اللحظية، والتعامل مع الصحافة والإعلام. عبد الرحمن الحميري: لقب «أمير الشعراء» بداية وهج يستمر هل تشكل هذه المسابقات دافعاً للشاعر، خلال مسيرته؟ بكل تأكيد؛ فحينما يخرج الشاعر من مساحته الآمنة، ويقرأ قصيدته أمام أساتذة ونقّاد مشهود لهم بالخبرة والكفاءة، ويسمع رأيهم في ما يكتب؛ يمنحه كل هذا الثقة والصلابة؛ فيتوهج على المنابر. ناهيك عن الأبواب، التي تُفتح له من كل حدبٍ وصوب، والأضواء التي تُسلّط عليه بعد المسابقة؛ لذا عليه الظهور بشكل بارز، وأن يدرس كل خطوةٍ؛ لأنه سيكون محط الأنظار، وسيصغي الجميع، تالياً، إلى ما سيقوله. أجمل اللحظات ما أجمل محطاتك في برنامج «أمير الشعراء»؟ لحظة التتويج كانت، بالطبع، اللحظة الأجمل و«مسك الختام»، فرغم أن الإنسان في هذه اللحظات لا يستوعب مشاعره استيعاباً كاملاً؛ لأنه يكون مغموراً بالفرح، والضوء، والتصفيق، إلا أنه حينما يعود إلى نفسه، ويستعيد صفاءها، يُدرك ما وصل إليه، وأنجزه. الآن، كلّما نظرت إلى البُردة؛ تنتابني «مشاعر الطفل»، الذي يتأمل ثيابه الجديدة ليلة العيد. دائماً تتناول قصائدك موضوعات غير مألوفة، من أين تبدع قريحتُك قصائدَها؟ أحب التأمل الهامشيّ والمهمَل، ولعلّ هذا من حسنات الجلوس بمفردي لفتراتٍ طويلة، فمتى تمهل الإنسان؛ انكشف له العالم، وأماطت المخيلة عنه لثامها. كثيرٌ من الأفكار غير المألوفة، التي تراودني، تأتي من نبعٍ واحد، يشغلني ويستحوذ على تفكيري هو «الخلود»؛ فأنا مهووسٌ بترك أثر، وتفتنني فكرة أن يردد أحدهم بيتاً لي بعد رحيلي بزمنٍ طويل، وإن نُسِب البيت إلى مجهول. كذلك، تخطر ببالي، دائماً، مقولة ماري أوليفر: «أكتب القصائد لغريب، سيولد في بلدٍ غريب، بعد مئات السنين». لديك مشروعان يخدمان الكلمة، واللغة، والشعر.. حدثنا عنهما؟ مشروعي الأول «مُشاة»، شركة إبداعية متخصصة في صناعة المحتوى الكتابي، وقد وُلدت هذه الشركة من «صداقة الأقلام»، فقد استوحينا اسمها من وجودنا معاً في «فصيلة المشاة» أيام التجنيد، إذ كنا نسير مسافاتٍ طويلة سيراً عسكرياً متقناً، يلتزم بكل الضوابط والحركات المتعارف عليها. في تلك الأيام، كانت تبادرنا أفكار إبداعية لنصوص أو مشاريع مؤجلة، فكنا نختلس من أوقات الاستراحة لندوّنها - في عجالة - بالأقلام الجافة على دفاتر الملاحظات الصغيرة. هكذا، أبصر «مُشاة» النور؛ ليصير منصةً شبابية إماراتية لكتابة المحتوى. وقد اقترن اسمه بالمشي؛ لأنّ للمشي دوراً فعالاً في توليد الأفكار، وتحفيز الإلهام عند الشعراء، والفلاسفة، منذ قديم الزمان. أما مشروعي الثاني، فهو «فعولن»، وهو منصة إلكترونية مبتكرة قيد الإنشاء، تسخّر جهودها لخدمة الشعر، عبر منهج متخصص، للراغبين في تعلّم «علم العَروض»؛ بهدف كتابة القصائد كتابةً سليمة. كما تقدم «المنصة» خدمات الاستشارات في ما يخص الكتابة الشعرية، والتدقيق على النصوص، من حيث الوزن، والتفعيلات، وتحديد مواضع الخلل، والكسر في القصيدة؛ لمعالجتها. عبد الرحمن الحميري: لقب «أمير الشعراء» بداية وهج يستمر هل سنرى، قريباً، إصداراً جديداً يحوي قصائدك؟ نعم، سيصدر ديواني الشعري قريباً، فما زلت أضيف إليه بعض القصائد، وأجري عليه بعض اللمسات، وسأعلن عنه عند الانتهاء منه، واكتماله. طقوس للشعراء طقوس يستحضرون بها قصائدهم، فما طقوس الشاعر عبد الرحمن؟ ليست لديَّ طقوس معينة؛ فالقصيدة تهبط فجأةً غير مكترثةٍ بالمكان، أو الحالة التي يكون عليها الشاعر. وعليه في لحظتها أن يمسك بتلابيبها حتى لا تُفلت منه. لكن هبوط القصيدة شيء، وكتابتها شيءٌ آخر؛ فأنا أقلّب الفكرة في رأسي أثناء المشي، أو قيادة السيارة، أو حتى وسط اجتماعٍ ما، لكنني حينما أكتب القصيدة أنصرف إليها بحواسي كافة، وأغرق فيها غرقاً لذيذاً. وعادةً أفعل ذلك في زوايا المقاهي، القريبة إلى قلبي. إلى أين تمضي في الشعر؟.. حدثنا عن آمالك الخاصة، وطموحاتك! أعرف، حق المعرفة، أن لقب «أمير الشعراء» البداية، والشعلة الأولى لوهجٍ يستمر طول العمر بإذن الله. الآن، أشعر بأنني أحمل في داخلي ذلك الصبي الذي يتحسس طريقه في البدايات، فهناك أرضٌ جديدة، وسماء عالية، ولديَّ شغفٌ جارف، وفضولٌ متجدد، وألف ألف نبعٍ، توشك أن تتفجر في خيالي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store