
الرسامة رباب نمر رحلت في غيوم يا الأبيض والأسود
عُرفت الرسامة رباب نمر بأسلوبها المتفرد الذي مزج بين القوة التعبيرية للأبيض والأسود، والجرأة في توظيف الألوان لاحقاً، مما جعل أعمالها علامة فارقة في تاريخ الفن التشكيلي الحديث.
الرسامة الراحلة في محترفها (صفحة فيسبوك)
وُلدت رباب نمر عام 1939، وتخرجت في كلية الفنون الجميلة في جامعة الإسكندرية عام 1963، لتبدأ رحلتها الفنية التي امتدت أكثر من خمسة عقود. أكملت دراستها العليا في جامعة سان فرناندو الإسبانية، وحصلت على درجة الأستاذية في الفنون، مما منحها رؤية عالمية أثرت تجربتها الفنية. شاركت نمر في عشرات المعارض المحلية والدولية، وأقامت معرضاً سنوياً في قاعة الزمالك للفنون - القاهرة، الذي كان منصة لعرض تطورها المستمر خلال العقدين الأخيرين.
رمزية الأسود والأبيض (صفحة فيسبوك)
تميزت رباب نمر في بداياتها بالتركيز على الرسم بالأبيض والأسود واستخدام الحبر الصيني، بحيث وجدت في هذه الخامة بساطةً تتناسب مع طبيعة حياتها المتنقلة بين التدريس والإبداع. كانت الورقة وأقلام الحبر أدواتها المفضلة لخلق عوالم سردية مليئة بالكائنات المتحجرة والوجوه الإنسانية الغامضة. في لوحاتها، يتحول الخط إلى لغة بصرية تحكي قصصاً عن الوجود الإنساني، بينما تتحكم التموجات الرمادية في إيقاع الظل والنور، مُشكِّلةً تكويناتٍ أشبه بتماثيل حجرية قديمة تنبض بالحياة. قالت نمر في إحدى مقابلاتها: "الأبيض والأسود هما عنصرا البناء الأساسيان. الأسود يؤكد الظل والأبيض يخلق الضوء. الحبر الصيني كان خامة ساحرة لإيصال ما أريد."
البحر الحاضر الغائب
نشأت رباب نمر في الإسكندرية، المدينة الساحلية التي تركت بصمتها العميقة على مخيلتها الفنية. انعكس البحر في أعمالها كمساحة زرقاء مهيبة، تتداخل مع ذكريات الطفولة وشباك الصيادين، والأسماك التي تحولت إلى كائنات ودِيعة. في لوحاتها، تظهر العناصر البحرية، كالمراكب وشباك الصيد متشابكة مع الأجساد البشرية، وكأنها جزء من نسيج واحد. هذه العلاقة الثنائية بين الإنسان والطبيعة جسدتها نمر عبر تكوينات غرافيكية محكمة، تذوب فيها الحدود بين الكائنات، فتصير السمكة رفيقة الرجل والطائر شاهداً على حكايات البحر الخفية.
تركيب مشهدي (صفحة فيسبوك)
من السمات البارزة في أعمال رباب نمر تكويناتها الجماعية التي تشبه "الكورس الحجري"، حيث تظهر الجموع البشرية متلاصقة ككتلة واحدة، مع تناغم دقيق بين الخطوط والمساحات الرمادية. هذه التكوينات التي بدت كتماثيل فرعونية تحمل تعابير حزينة، لكنها تنضح بحيوية خفية، كأنها تردد أناشيد قديمة. عبر هذه الجموع استطاعت نمر التعبير عن فكرة التواصل الإنساني والطاقة الكامنة في الجماعة، مستخدمةً التضاد بين الأبيض والأسود لخلق إيقاع بصري متماسك.
ظلت رباب نمر وفيةً لعالم الأبيض والأسود لعقود، حتى قررت في 2006 خوض مغامرة جديدة بإدخال الألوان إلى لوحاتها. بدأ اللون يتسلل كـ"زائر متلصص"، على حد وصفها، في زوايا مظلمة أو تفاصيل صغيرة، ثم تطور ليصبح عنصراً رئيسياً يغطي مساحات واسعة. ورغم هذا حافظت نمر على التوازن مع الأبيض والأسود، حيث قالت ذات مرة: "اللون جاء ليعزز الضوء... لم يعد الأبيض وحده قادراً على حمل هذه المهمة." لم تكن هذه المغامرة مجرد تغيير تقني، بل تعبيراً عن رحلة فنية متجددة، حوّلت البقع اللونية الخجولة إلى مساحات تعكس تنوع الضوء وتفاعله مع العناصر.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ركزت أعمال رباب نمر على فكرة الحوار بين الذات والعمل الفني، كي تخلق عالماً يسكنه الغموض والإنسانية في آن واحد. وعبر مزيج من التعبيرية والتجريد، قدمت لوحاتٍ تُحفَز المشاهد على التأمل في العلاقات الإنسانية والطبيعية، مع تركيزها على الرمزية التي تجعل كل عنصر في لوحتها حاملاً لرسالة.
رحلت رباب نمر، لكن إرثها بقي في تلك التكوينات الحجرية التي لا تكف عن الغناء، وفي الألوان التي حوّلت الظل والنور إلى سمفونية بصرية. أعمالها ستظل شاهدةً على جرأة فنانةٍ لم تخشَ التجديد، ووثّقت بفرشاتها حكايات البحر والإنسان بأسلوب فنيٍّ فريد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
الـ"بريك دانس" يهز مدارس المغرب قبولا ورفضا
هل سيتعلم تلاميذ المغرب رقص الـ"هيب هوب" والـ"بريك دانس"؟ يبدو أن وزارة التعليم المغربية عازمة على ذلك بالفعل، بعد إعلانها إدماج هذه الفنون ضمن مقررات التربية البدنية في المدارس العمومية، وهو ما أثار جدلاً عارماً لا يزال متقداً بين منتقدين ومؤيدين لهذه الخطوة التي وصفها كثر بالمفاجئة. يرى المؤيدون أن هذه المبادرة تتيح تجديد العرض التربوي والتعليمي بالمغرب، كذلك فإن الـ"هيب هوب" والـ"بريك دانس" رياضات مدرجة في الألعاب الأولمبية، بينما وجد الرافضون في هذا التوجه نوعاً من التصادم مع البنية الثقافية والهوياتية للمجتمع المغربي، وإقحاماً لرقص مستورد في النظام التعليمي من دون دراسة كافية. "هيب هوب" وخبير دولي دعت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالمغرب مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين إلى إنجاز دورات تكوينية لفائدة أساتذة التربية البدنية والرياضية في فنون الـ"هيب هوب" والـ"بريكينغ" تحت إشراف المتخصص الدولي توماس راميريس. وهو، وفق المعطيات المتداولة، أستاذ مجاز في التربية البدنية والرياضية بالعاصمة الفرنسية، ويعد من أبرز الشخصيات التي أسهمت في إدماج ثقافة الـ"هيب هوب" داخل المؤسسات التعليمية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) اشتهر راميريس باعتماد منهج تربوي يدمج بين الفن والرياضة، حيث يعمل على إدخال الرقص الحضري في المناهج الدراسية، وكثيراً ما يشدد على أن الـ"هيب هوب" ليس فقط تعبيراً فنياً، بل أيضاً وسيلة لتعزيز الإبداع والانضباط والتواصل بين الشباب. وترى وزارة التعليم المغربية أن هذا التوجه نحو إدراج الـ"هيب هوب" والـ"بريك دانس" يأتي في سياق الاعتراف العالمي بهذه الرياضة من طرف اللجنة الأولمبية الدولية عام 2018، وإدراجها أيضاً ضمن الألعاب الأولمبية التي نظمت في باريس عام 2024 كرياضة استعراضية أولمبية. وبررت الوزارة هذه الخطوة بأهمية "دعم التلاميذ لاكتشاف قدراتهم وتطوير مواهبهم وتعزيز انفتاحهم على محيطهم"، علاوة على أن ممارسة الـ"هيب هوب" صارت ثقافة اجتماعية تمارس في شوارع المدن وفي فضاءات منعزلة من دون قواعد رسمية. وتبعاً للمصدر عينه، تعد الـ"بريكينغ" رياضة محبوبة ومحفزة لشباب الجيل الحالي، بفضل طابعها الحركي الفني والتقني والإبداعي، ودورها في تعزيز اللياقة البدنية، والتماسك الاجتماعي، وتنمية الإبداع والثقة بالنفس. خيار تربوي إيجابي كثير من تلاميذ المؤسسات التعليمية استبشروا بهذا التوجه الجديد لوزارة التربية الوطنية، معتبرين أنها "مبادرة إيجابية أن تحتضن هذه الرياضات الفنية وتؤطرها عوض ممارستها بعشوائية في الشوارع". عمر زروهني، تلميذ في السنة الأولى باكالوريا، يقول إنه من هواة ممارسة الـ"هيب هوب" رفقة أصدقائه في الحي وبعض زملائه في الفصل الدراسي، وإن إدراج هذا الفن والرياضة في مقررات التربية البدنية أمر يسر آلاف الشباب المغاربة. يرى التلميذ أن إدراج الـ"هيب هوب" والـ"بريك دانس" في برامج التربية البدنية بالمؤسسات التعليمية، سيوفر لهم فضاء آمناً وسليماً ومؤطراً لممارسة هوايتهم الشبابية، بدل المكوث في الشوارع وممارسة الـ"هيب هوب"، مع ما يجره عليهم ذلك أحياناً من شكايات الجيران وشتائمهم. ويسير في هذا السياق رئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ، نور الدين عكوري، إذ قال ضمن تصريحات صحافية له، إنه يتعين التعامل مع هذه المبادرة الجديدة على أساس أنها خيار تربوي ورياضي إيجابي، وليس خطراً داهماً يهدد قيم المجتمع المغربي. ووفق عكوري، فإن "هذه المبادرة ليست دخيلة على المجتمع ولا مفسدة لسلوك التلاميذ، كذلك فإن المدارس المغربية تعتبر على مر الأعوام مشتلاً خصباً لاكتشاف وصقل المواهب الشابة والواعدة في المجالات العلمية أو الثقافية أو الرياضية". وعلى الضفة المقابلة، يتحفظ تلاميذ كثر على المبادرة، بالنظر إلى أن "التلاميذ يحتاجون إلى الدعم التربوي والتعليمي أكثر، كما يحتاجون إلى تجهيزات تكنولوجية تعينهم على شق طريق العلم في زمن الذكاء الاصطناعي"، وفق بعضهم. تصادم مع الهوية يعلق الباحث التربوي المحجوب أدريوش على الموضوع بقوله، إن للقرار الجديد سلبيات وإيجابيات، فمن سلبياته أنه قد يتصادم مع البنية الثقافية والهوياتية للمجتمع المغربي، فحرية الإبداع والاختيار مضمونة، ولكن يجب ألا تتحول المدرسة إلى فضاء مفتوح لأي ممارسة غير علمية وغير أكاديمية، ومن دون معايير تربوية. وأردف أن من سلبيات إقحام الـ"هيب هوب" والـ"بريك دانس" في برامج التعليم، أن الوزارة لم تحدد أعوام التعلم التي تمارس فيها هذه الأنشطة، لأن أعوام التعليم الإلزامي، في جميع دول العالم، فيها نوع من التحصين الثقافي والتربوي الوطني، ولا يتم تعليمها إلا في مراحل متقدمة. أما عن إيجابيات هذا القرار، يتابع أدريوش، فهي الانفتاح على ثقافات أخرى، بالنظر إلى أن المجتمع المغربي ليس معزولاً عما يقع في العالم الواسع، والمؤسسة التعليمية ليست معزولة عن محيطها، شريطة احترام الخصوصية المغربية والهوية الروحية والفكرية والثقافية. ونبه الباحث عينه إلى أنه "يتعين عدم استغلال مثل هذه الاقتراحات لتمرير أفكار وتصورات تهدم أكثر مما تبني"، مردفاً أن "التفكير في تنزيل قرارات كهذه وإدماج مكونات أخرى ضمن المناهج الدراسية يجب أن يتم ضمن منظور نسقي وشامل، في إطار تدبير وطني مؤسساتي تشارك فيه جميع الأطراف، بخاصة ذوو الاختصاص".


Independent عربية
منذ 15 ساعات
- Independent عربية
جعفر بناهي يفوز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان
فاز المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي اليوم السبت بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي عن فيلمه "مجرد حادث" الذي صُوّر في السر، داعياً على منبر الحدث السينمائي إلى "حرية" بلاده. وكوفئ المخرج البالغ 64 سنة الذي تمكّن من الحضور إلى مهرجان كان للمرة الأولى منذ 15 عاماً، بالجائزة الأرفع ضمن الحدث العريق، عن فيلمه الذي يقدم قصة أخلاقية تغوص في مخطط سجناء سابقين للانتقام من جلاديهم. وقال بناهي باللغة الفارسية، بحسب ترجمة قدمها المهرجان، "أعتقد بأن هذه اللحظة المناسبة لسؤال كل الناس، جميع الإيرانيين، بكل آرائهم المختلفة عن الآخرين، في كل مكان في العالم، في إيران أو في العالم، أسمح لنفسي أن أطلب شيئاً واحداً، دعونا نضع جانباً كل المشكلات والاختلافات، الأمر الأكثر أهمية في هذه اللحظة هو بلدنا وحرية بلدنا". ويسود غموض حيال المصير الذي تخبئه له السلطات في طهران بعد فيلمه الـ11، إذ سبق أن سجن المخرج مرتين في إيران حيث حكم عليه عام 2010 بالحبس ست سنوات ومُنع من التصوير لمدة 20 سنة. وقال بناهي لوكالة الصحافة الفرنسية الثلاثاء الماضي إن "الأهم هو أن الفيلم أنتج. لم أفكر في ما قد يحدث بعد ذلك. أشعر بأني حيّ ما دمت أصنع أفلاماً". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وخلال تسليمه جائزة السعفة الذهبية، تطرقت رئيسة لجنة التحكيم جولييت بينوش إلى الدور الذي يضطلع به الفنانون في "تحويل الظلام إلى غفران". وقالت النجمة الفرنسية إن "الفن يستفز ويطرح الأسئلة ويبدل الأوضاع، الفن يحرك الطاقة الإبداعية لأثمن جزء فينا وأكثره حيوية. قوة تحول الظلام إلى غفران وأمل وحياة جديدة"". ومنذ عام 2010، لم يتمكن المخرج الإيراني من مغادرة بلاده لحضور أي من المهرجانات السينمائية الكبرى التي أغدقت عليه الجوائز (جائزة "الدب الذهبي" مرتين في برلين وثلاث جوائز في كان وجائزة أخرى في مهرجان البندقية).


Independent عربية
منذ 20 ساعات
- Independent عربية
اشتباه في قطع متعمد للكهرباء بجنوب شرقي فرنسا
تعرضت محطة كهرباء فرعية وبرج كهرباء للتخريب في المنطقة المحيطة بمدينة كان الفرنسية التي شهدت انقطاعاً كبيراً للتيار الكهربائي في اليوم الأخير من المهرجان السينمائي، وفقاً لمسؤولين. وقالت النيابة العامة ومسؤولون محليون، إن محطة كهرباء فرعية في قرية تانيرون تزود مدينة كان تعرضت لما يشتبه في أنه هجوم حرق متعمد، بينما قُطعت ركائز برج يحمل خط جهد عال في فيلنوف لوبيه. وانقطع التيار الكهربائي عن جنوب شرقي فرنسا بما يشمل مدينة كان ومحيطها اليوم السبت، وهو اليوم الأخير لمهرجان كان السينمائي، لكن المنظمين قالوا إن الحفلة الختامية لن تتأثر بذلك. وقال مسؤول إدارة المنطقة عبر منصة "إكس"، "يسجل عطل كهربائي كبير غرب مقاطعة ألب-ماريتيم راهناً". وسارع مهرجان كان السينمائي إلى التأكيد أن "قصر المهرجانات انتقل فوراً إلى نظام تغذية كهربائية مستقل مما يسمح بالمحافظة على كل الفعاليات والعروض المقررة اليوم بما يشمل حفلة الختام، في ظروف طبيعية". وأوضحت شركة "أر تي إي" (RTE) المشغلة لشبكة الكهرباء، أن الانقطاع يشمل "كان والبلدات المحيطة بها و160 ألف منزل". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وبدأ انقطاع التيار الكهربائي بعيد الساعة 10:00 صباحاً (08:00 بتوقيت غرينتش). وقالت مصادر في الدرك إن العطل ناجم عن حريق قد يكون متعمداً طاول خلال الليل منشأة للتوتر العالي في تانيرون في مقاطعة فار المجاورة. وتختم الدورة الـ78 لمهرجان كان الذي انطلق في الـ13 من مايو (أيار) الجاري، مساء اليوم في قصر المهرجانات الشهير حيث توزع الجوائز الرئيسة.