logo
سلاح الخبز في حرب الإبادة

سلاح الخبز في حرب الإبادة

معا الاخباريةمنذ 3 أيام

تزايد خلال الأسبوع الأخير عدد ضحايا مشروع توزيع «المساعدات الإنسانية» الإسرائيلي -الأمريكي ليصل إلى ما يربو على مئة شهيد، ومئات الجرحى. وإذ من الصعب إيجاد تبرير مباشر لهذا السلوك الإسرائيلي في إرفاق وجبات الطعام بوجبات الدم، فإن التفسير يكمن في المبدأ الناظم لحرب الإبادة وهو أن القاعدة هي إطلاق النار والقتل، والاستثناء هو «السماح» للفلسطيني بالبقاء على قيد الحياة.
في البداية «تباطأت» ماكينة الدعاية والتضليل الإسرائيلية في تبرير ما تقوم به قوّاتها من استهداف للمدنيين طالبي الإغاثة، لكنّها ما لبثت أن شنّت هجوما من الأكاذيب لطمس الحقيقة بالادعاء بأن «حماس تكذب» وأن جنودها أطلقوا النار لإبعاد من خرجوا عن المسار المسموح بالمشي فيه، ورددت الناطقة بلسان البيت الأبيض الرواية الإسرائيلية، واضطرت صحيفة «واشنطن بوست»، من أهم وسائل الإعلام في العالم، إلى «التراجع» عن عدم تحقّقها من نشر خبر عن استشهاد 27 فلسطينيا صباح الثلاثاء الماضي، مع أن منظمة الصليب الأحمر المحايدة أكّدت الخبر. هنا تبرز الحاجة إلى «ملاحقة» الأكاذيب الإسرائيلية وتفنيدها لأنّها من أهم أدوات امتصاص الضغوط وحشد «الشرعية» الدولية لمواصلة حرب الإبادة في غزّة، وليس من الدقيق القول إنه « لم يعد أحد يصدّق إسرائيل»، فالبعض ما زال يصدّقها أو تشوّشه أضاليلها.
لم يحمل أحد من طالبي الإغاثة الإنسانية سلاحا، ولم يهدد أيٌّ منهم جنديا إسرائيليا أو مجنّدا أمريكيا في «مراكز المساعدات»، فالناس جاءت، في هذا السياق، للحصول على الطرود الغذائية، وليس للاصطدام مع قوّات الاحتلال. وهذا ما لم تستطع حتّى الابواق الإسرائيلية نفيه، لكنّها حاولت تحميل حماس المسؤولية، بالادعاء أن مقاتليها هم من أطلقوا النار على الناس «لمنعهم من التوجّه لمراكز المساعدات». ولإثبات عدم تورّط الجيش الإسرائيلي في قتل 27 فلسطينيا يوم الثلاثاء، استند موقع القناة 12 الإسرائيلية إلى شريط نشره يوم الأحد، فوفق المنطق «قتل رصاص يوم الأحد الناس يوم الثلاثاء». وذهب الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي اللفتنانت جنرال آفي دبرين، إلى أن حماس «أطلقت النار في الأيام الأخيرة» دون إشارة مباشرة إلى الثلاثاء، وأضاف أن «الجيش قام بإطلاق نار الإبعاد.. وحماس تكذب». تحاول إسرائيل أن تربح من كل العوالم، فهي تقتل وتدمّر كما تريد، وتفرض الجوع على الناس، وتلجأ إلى استعمال «سلاح الخبز» في حرب الإبادة. في المقابل تعرض نفسها أمام العالم كمن تقدم «المساعدات الإنسانية للناس»، وتحمّل حماس مسؤولية قتل طالبي الإغاثة. بموازاة ذلك تواصل حربها الإجرامية وتوسّعها، وتلقي الذنب على حركة حماس لأنّها ـ كما تقول «رفضت خطة ويتكوف»، بخصوص الهدنة المؤقّتة، وتتهمها بالتعنّت، لأنها تصر على إنهاء الحرب. وتسعى إسرائيل بالمجمل إلى التخفيف من حدّة الانتقادات الدولية، عبر نشر روايتها الكاذبة والمضللة، وحين لا يصدّقها الناس تأتي بالمزيد. المجرم بحاجة للكذب للتغطية على جريمته ومنفتح على روايات عديدة، والضحية من مصلحتها كشف الحقيقة، وليس لها سوى رواية واحدة. وما تنشره بعض وسائل الإعلام عن روايتين متساويتين، في تجاهل لبنية الحقيقة حول الجريمة، هي خدمة للمجرم وخيانة لأخلاقيات المهنة، إذن ما معنى التعامل مع الحقيقة والكذب بالدرجة نفسها من المصداقية؟
لقد انطلق الفلسطينيون وأنصار قضيتهم في العالم من السطوة الأخلاقية لقضية شعب فلسطين العادلة، وهذا ما يجب الاستمرار فيه، والتأكيد عليه أكثر وأكثر، لأن هذا هو الصحيح أوّلا، ولأن أنصار العدالة في بلادهم يدعمون العدالة في العالم بشكل شبه تلقائي، إلّا إذا وصلتهم معلومات مشوّهة، وعليه يجب مضاعفة الجهود في تسخير «سطوة الحقيقة» لفضح أكاذيب إسرائيل، وعدم الاكتفاء بإدانة جرائمها. إن الاستناد إلى «سطوة العدالة والحقيقة» المزدوجة هي مفتاح توسيع وتفعيل التضامن العالمي مع شعب فلسطين، الذي يتعرض اليوم لكارثة من صناعة إسرائيل والولايات المتحدة. إن «مؤسسة غزة الإنسانية» هي أبعد ما يكون عن الإنسانية، وهي في حقيقتها جزء لا يتجزّأ من حرب الإبادة، وترمي في ما ترمي إليه إلى تعبيد طريق تهجير أهالي قطاع غزّة، عبر حشرهم في منطقة ضيّقة ومواصلة خنقهم، حتى يفرّوا من الجحيم في أول فرصة يفتح فيها الباب. وقد فضح مؤسسها الرسمي ورئيسها الأول جيك وود، الأهداف الحقيقية للمؤسسة، واستقال مؤكّدا أنه لا يمكن من خلالها الالتزام بالقواعد الأساسية للإغاثة الإنسانية السامية. وهذا الأسبوع أعلنت شركة «مجموعة بوسطن الاستشارية»، التي قدّمت خدمات أساسية لمؤسسة غزة الإنسانية، عن انسحابها ما شكّل ضربة قوية لأن هذه المجموعة تلعب دور محوريا في إدارة المشروع الأمريكي الإسرائيلي. وجاء إعلان مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية عن تعيين القس الأنجليكاني جوني مور، رئيسا لها، ليكشف حقيقة أمرها وتوجهاتها العامّة، فمور هو من أشد الداعمين لترامب ومن أقرب المقرّبين من نتنياهو، وله أيضا علاقات متشعّبة في دول الخليج. هو يدّعي أنه يقوم بنشاط في «التفاهم بين الأديان»، وقد عمل في إدارة ترامب السابقة في هذا المجال. لكن مراجعة سريعة لتصريحاته وتدويناته على منصات التواصل الاجتماعي، تُظهر أنّه يتقبّل المسلمين فقط إذا كانوا داعمين لإسرائيل، أو متصالحين معها. ويمكن الاستدلال على سياساته المتوقّعة من خلال مواقفه المعلنة بخصوص غزة، فهو أوّلا دعم مقترح ترامب بالنسبة لتولي الولايات المتحدة مسؤولية إدارة غزّة (بعد طرد سكّانها) وكتب «الولايات المتحدة ستتحمّل المسؤولية الكاملة عن مستقبل غزّة، ما يمنح الجميع الأمل والمستقبل»، وثانيا وجّه انتقادات لاذعة للأمم المتحدة واتهمها بتجاهل من «يسرق المساعدات»، مشيرا إلى أن منظمات الإغاثة الدولية فشلت في تقديم حلول فعّالة، وثالثا تغاضى عن جرائم جيش الاحتلال قائلا إن «ضحايا حماس هم الفلسطينيون أنفسهم».
ينتمي جوني مور إلى تيار المسيحية الأنجليكانية الصهيونية، الذي يؤمن بأن دعم عودة اليهود إلى «أرض الميعاد» هو استجابة لمشيئة إلهية، وهذه «العودة» هي شرط لتحقيق نبوءات الخلاص النهائي، والعودة الثانية للسيد المسيح. إضافة إليه ينتسب السفير الأمريكي في إسرائيل القس مايك هكابي، إلى التيار نفسه. ولعل في هذين التعينين إشارة إلى أن ترامب يفتح مجالا واسعا لتأثير الأنجليكانيين على كل ما يتعلّق بغزة وبفلسطين عموما، في حين يستبعدهم عن قضايا أخرى «مهمّة لإسرائيل» مثل إيران وسوريا واليمن والعلاقة مع دول الخليج. وإذ يشكّل الأنجليكانيون حوالي ربع الناخبين في الولايات المتحدة، فإن تأثيرهم السياسي على الحزب الجمهوري هو من الوزن الثقيل. لكن علينا أن ننتبه إلى أن هناك أقلية مهمة داخل هذا التيار، وبالأخص بين الشباب، لا تقبل بالدعم الأعمى لإسرائيل، وترفض «وضع السياسة فوق القيم الإنسانية».
لقد قامت «مؤسسة غزة الإنسانية» بهدف استبعاد مؤسسات الإغاثة الدولية المستقلة والمجرّبة عن العمل في القطاع المنكوب، وبغية إخضاع المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الناس في غزة للأغراض والغايات الإجرامية الإسرائيلية، المتمثّلة في حرب الإبادة الجماعية والتدمير الشامل والتهجير القسري وفرض الاحتلال على غزة. وتدعي إسرائيل ومعها الولايات المتحدة والقائمين على المؤسسة بأن مشروع الاستجابة الإنسانية الجديد كفيل بحل مشكلة المجاعة في غزة. لكن إلى الآن وصلت طرود الغذاء إلى 110 آلاف إنسان في أحسن الأحوال، وذلك وفق ما أُعلن عن توزيع حوالي 20 ألف طرد يكفي الواحد منها لخمسة أشخاص ونصف (ما هذا النصف؟) لمدة ثلاثة أيام ونصف اليوم، ويعني هذا أن مليوني إنسان لم يحصلوا على ما يغطي حاجاتهم من طعام. وإذ تدّعي المؤسسة أنها في البداية فقط، فإن مشروعها المعلن حين يجري تفعيله بالكامل سيزوّد مليون إنسان فقط بالغذاء، فما مصير المليون المتبقّي؟ هنا تنكشف مناورة إسرائيل بتقسيم أهالي غزة إلى قسمين: الأول يحصل على طعام والثاني لا يحصل على طعام، الأول يشكر الاحتلال على مكارمه والثاني يسعى لاسترضائه علّه يشفق عليه ببعض الفتات.
سياسة إسرائيل في حرب الإبادة في غزة هي رصاص وتجويع وتلويح بالخبز، وكلما اعتقدنا أن الدولة الصهيونية وصلت إلى الدرك الأسفل، نراها تبدع في الانحطاط من قاع إلى قاع ومن حضيض إلى حضيض. ولعل بصيص الأمل في أن الضمير العالمي بدأ يصحو، وربما يصحو الضمير العربي أيضا.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رئيس أركان جيش الاحتلال: يشدد على ضرورة تقصير أمد الحرب في غزة
رئيس أركان جيش الاحتلال: يشدد على ضرورة تقصير أمد الحرب في غزة

فلسطين أون لاين

timeمنذ 4 ساعات

  • فلسطين أون لاين

رئيس أركان جيش الاحتلال: يشدد على ضرورة تقصير أمد الحرب في غزة

نقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي إيال زامير قوله إن الحرب لن تكون بلا نهاية، وإنه سيعمل على تقصير مدتها، وذلك بعد تزايد خسائر جيش الاحتلال من الضباط والجنود في معارك قطاع غزة. وكان زامير قد أجرى تقييما، ووافق على خطط المعركة في القيادة الجنوبية، وفق ما ذكر بيان للجيش، حيث أوضح البيان أن زامير اجتمع مع قائد القيادة الجنوبية، اللواء يانيف آسور، لتقييم القتال الدائر والموافقة على خطط العمليات لمواصلة القتال في القطاع. وتأتي تصريحات زامير مع تصاعد خسائر جيش الاحتلال المتواصلة في معارك قطاع غزة، حيث قُتل له 4 جنود وأُصيب 17 آخرون -بعضهم بجروح خطيرة- خلال المعارك المتواصلة في قطاع غزة. في المقابل توعّد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، الثلاثاء الماضي، بمواصلة الحرب حتى تحقيق جميع أهدافها، مكررا تعهّده بـ"هزيمة حركة (المقاومة الإسلامية) حماس"، وتحرير جميع الأسرى الإسرائيليين، وضمان "ألا تشكّل غزة تهديدا لإسرائيل بعد الآن". وجاءت تصريحات نتنياهو بعد ساعات من إعلان مقتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة اثنين، إثر استهداف مركبة عسكرية من طراز "هامر" بعبوة ناسفة شمال قطاع غزة، وتحديدا في بلدة جباليا. المصدر / الجزيرة نت

مفتاح الحل في غزة لا الدوحة...دعوة للتفاوض مع الجناح العسكري لحماس
مفتاح الحل في غزة لا الدوحة...دعوة للتفاوض مع الجناح العسكري لحماس

معا الاخبارية

timeمنذ 9 ساعات

  • معا الاخبارية

مفتاح الحل في غزة لا الدوحة...دعوة للتفاوض مع الجناح العسكري لحماس

بيت لحم معا- اقترح المعلق الاسرائيلي في القناة 12 الإسرائيلية، في مقال قصير اعتماد مسار تفاوضي بديل تسلكه الحكومة الإسرائيلية لإنهاء الحرب والتوصل إلى اتفاق نهائي بشأن الأسرى وتفكيك حركة حماس. وأشار ايهود يعاري في مقاله إلى أن الحكومة الإسرائيلية تركز جهودها حاليًا على التفاوض مع قيادة حماس في قطر، في حين تتجاهل خيارًا آخر يتمثل في فتح قنوات تواصل مباشرة مع الجناح العسكري لحماس في غزة، والذين وصفهم بأنهم "يمسكون بمفتاح إنهاء الحرب" لكونهم الجهة التي تحتجز الرهائن فعليًا. ودعا اسرائيل الى طرح عرض علني وواضح تمامًا، يقضي بضمان خروج آمن لهم من القطاع مقابل عودة الأسرى الأحياء والأموات. مضيفا"هذا هو السبيل أيضًا لإنهاء الحرب... برحيل الصفين الأول والثاني، وربما أكثر، من أعضاء حماس سيمهد الطريق لإقامة نظام بديل في القطاع، تتولى فيه الدول العربية، وخاصة دول الخليج، بتمويل دولي ودعم عسكري إسرائيلي، زمام الأمور. ويزعم أن هناك فجوة بين صفوف قادة الصف الثاني في حماس في قطاع غزة والقادة السياسيين المقيمين في قطر، معتمدا على تصريحات أدلى بها أحمد يوسف، أحد قادة حماس في قطاع غزة، والذي يصرح علنًا بأن السابع من أكتوبر كان خطأً فادحًا، وأن القتال يجب أن يتوقف فورًا، بما في ذلك إطلاق سراح جميع الرهائن، وبالطبع، وقف إطلاق النار. وهناك أمثلة أخرى كثيرة على هذا التوجه داخل الحركة. كذلك يزعم المعلق الاسرائيلي قائلاً: من المحتمل جدًا ألا يكمن مفتاح حل المشكلة بالضرورة في المحادثات في قطر والقاهرة - حيث لمصر وقطر مصالحهما الخاصة - ولكن بالتحدث بطريقة غير مباشرة مع أولئك الذين ما زالوا في سلسلة قيادة الجناح العسكري لحماس في غزة.. وكثير منهم يبحثون عن مخرج". قد يكمن مفتاح الحل في نهاية المطاف في التواصل مع قادة حماس المحليين في مختلف القطاعات، الذين فقدوا منذ زمن طويل ثقتهم بـ"قادتهم" في قطر. قائلا :" الحل في غزة ليس في القاهرة وبالتأكيد ليس في قطر، بل في خان يونس ورفح".

مستشار ماكرون يكشف كواليس مؤتمر باريس للاعتراف بفلسطين
مستشار ماكرون يكشف كواليس مؤتمر باريس للاعتراف بفلسطين

معا الاخبارية

timeمنذ 11 ساعات

  • معا الاخبارية

مستشار ماكرون يكشف كواليس مؤتمر باريس للاعتراف بفلسطين

بيت لحم معا- كشف كبير مستشاري الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، تفاصيل المؤتمر التمهيدي الذي سيُفتتح في باريس الاسبوع المقبل من أجل الاعتراف الأوروبي بالدولة الفلسطينية. ويعقد من ١٢ إلى ١٤ يونيو/حزيران، مؤتمر سياسي بارز في باريس، بمشاركة نحو ٤٠٠ مشارك، من إسرائيليين وفلسطينيين، وشخصيات بارزة من أوروبا ودول عربية وإسلامية. ويبادر إلى تنظيم المؤتمر عوفر برونشتاين، مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط والصراع الإسرائيلي الفلسطيني. يهدف المؤتمر إلى كسر الجمود السياسي وإطلاق عملية جديدة من نوعها. لا مزيد من "المفاوضات المشروطة"، بل خطوة دبلوماسية مع التزامات متبادلة: ستعترف الدول العربية والإسلامية بدولة إسرائيل، وفي الوقت نفسه، ستعترف الدول الأوروبية، بما فيها دول مجموعة السبع، بالدولة الفلسطينية. يقول برونشتاين في مقابلة مع موقع واللا العبري: " حتى اليوم، منذ عام ١٩٩٣، قلنا للإسرائيليين والفلسطينيين: تفاوضوا، وتوصلوا إلى حلول مؤقتة، وفي النهاية، ستُقام الدولة الفلسطينية. ثلاثون عامًا، ولم يحدث شيء. نقول: دعونا نفعل العكس. واضاف الآن نقول هناك دولتان معترف بهما من قبل أكثر من ١٥٠ دولة في العالم. سنعترف بكلتيهما. ستعترف الدول العربية بإسرائيل، ونحن الدول الأوروبية سنعترف بالدولة الفلسطينية". وتابع قائلا"الهدف هنا مختلف تمامًا، نريد أن يكون هناك ثقل سياسي هنا، وليس مجرد بيان مُجامل في باريس. ثقل سياسي بمعنى أن فرنسا انضمت، وقد انضمت بالفعل، إلى العديد من الدول الأخرى التي لا يمكن الاستهانة بها، سواء من أوروبا أو من مجموعة الدول السبع الشريكة في المبادرة. وفقا له ،نأمل أن تنضم الولايات المتحدة إلى المبادرة، وإن لم تنضم، فعلى الأقل لن تمارس ضغوطًا لمنعها. لم يحدث هذا حتى الآن، وهذه علامة جيدة." وبحسب قوله، فإن مبادئ المبادرة لا تدّعي حل جميع النزاعات: "نحن لا نرسم حدودًا، ولا نمس القدس ولا اللاجئين. ستُناقش جميع هذه الأمور في مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين. ولكن لكي تُجرى مثل هذه المفاوضات، لا بد من بداية - اعتراف متبادل. وقال برونشتاين: "وكان من المفترض أن يُعقد حتى قبل الحرب. ولكن سيكون هناك بالتأكيد "خارطة طريق...اليوم، نرى صحوة لدى كل من الفلسطينيين والإسرائيليين. هناك رغبة أكبر في الحوار ورؤية كيف يمكننا بناء مستقبل أفضل معًا. دعوة باريس للسلام سيكون في قلب المؤتمر وثيقة سياسية تسمى "دعوة باريس للسلام والأمن والدولتين"، والتي ستدعو إلى سلسلة من الخطوات الفورية: إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء والأموات - ووقف القتال في غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية على نطاق واسع، وإطلاق خطة واقعية لإعادة إعمار قطاع غزة. وقال " إذا كان لدى إسرائيل اقتراحٌ آخر لحلٍّ سياسيٍّ مع الفلسطينيين يُفضي إلى نهايةٍ سلميةٍ للصراع، فسنكون بالطبع على استعدادٍ للمساعدة، لكنني لم أسمع بأي اقتراحٍ لحلٍّ سياسيٍّ آخر حتى الآن - فالقضاء على حماس ليس حلاً سياسيًا. لا نفهم معنى عبارة "سنقاتل حتى النصر المُطلق". مضيفا "سنكون سعداء للغاية بسماع حلولٍ بديلةٍ لـ"دولتين"، لكن في هذه الأثناء، تستمر الحرب، وبصراحة، لا أحد يفهم الهدف من السعي وراءها. الغالبية العظمى في المجتمع الدولي تدعم حل الدولتين، ونعتقد أنه الحلُّ الفعال". حماس واليمين المتطرف تشتركان في هدف واحد لا يتردد برونشتاين في الخوض في الجدل السياسي الدائر في إسرائيل. وحسب قوله، تشترك حماس واليمين الإسرائيلي المتطرف في هدف واحد: منع قيام دولة فلسطينية. "لقد حاربت إسرائيل على مدى العامين الماضيين حركتين إرهابيتين، وليس ضد دول. لو كانت دولًا، لما كنا نقاتل. في النهاية، ما الذي يجمع حماس واليمين المتطرف في إسرائيل؟ يقول " كلاهما يعارضان قيام دولة فلسطينية، كلٌّ لأسبابه الخاصة. حماس لا تريد دولة فلسطينية لأن ذلك يعني الاعتراف بدولة إسرائيل. بن غفير وسموتريتش يريدان ضمًا كاملًا لجميع أراضي الضفة الغربية حتى لا تكون هناك دولة فلسطينية. المصلحة واحدة. الدولة الفلسطينية ليست مكافأة لحماس فحسب، بل هي أكثر ما يخشونه، لأنها ستقضي عليهما. يضيف برونشتاين: "كان هناك أيضًا من كانوا مهتمين بتعزيز حماس لمنع قيام دولة فلسطينية، وقد انفجر هذا في وجوهنا جميعًا في السابع من أكتوبر. كانت حماس تعلم جيدًا أن إسرائيل سترد بالطريقة التي ردت بها على الهجوم - أرادوا ذلك، وحققوا هدفهم. بعد السابع من أكتوبر، كان هناك دعم ساحق لإسرائيل - واليوم يمارس معظم العالم ضغوطًا هائلة على إسرائيل لإنهاء الحرب. لم يعد العالم يتقبل هذا. يضيف قائلاً:" من وجهة نظر حماس، سيموت عشرات أو حتى مئات الآلاف من الفلسطينيين. من وجهة نظر إسرائيل، هذا يجعلنا نبدو سيئين للغاية في نظر العالم. وفيما يتعلق بالسلطة الفلسطينية وأبو مازن، يقول مستشار ماكرون: "لك أن تقول ما تشاء عن أبو مازن والسلطة الفلسطينية، لكن أبو مازن منذ بداية مسيرته المهنية دافع عن خط واضح - فهو لا يدعم الأعمال الإرهابية ضد إسرائيل. ليس لأنه يحب إسرائيل أو لأنه صهيوني متشدد - بل لأنه أدرك أن هذا ليس في مصلحة الفلسطينيين. لن يحققوا أهدافهم بالعنف. والدليل؟ حتى الآن، كانت هناك مظاهرات داعمة للفلسطينيين في شوارع باريس ولندن وواشنطن أكثر من تلك التي شهدتها شوارع جنين ورام الله. أبو مازن شخصية معتدلة وبراغماتية تحافظ على تعاونها مع إسرائيل يوميًا". لا يتجاهل برونشتاين الانتقادات الموجهة في إسرائيل للمبادرة: "سيقول البعض: بعد 7 أكتوبر، تريدون الاعتراف بفلسطين؟ أليس هذا مكافأة للإرهاب؟ هذا مفهوم خاطئ، وتفسير خاطئ وخطير أسمعه كثيرًا في إسرائيل. العكس هو الصحيح، فهذه المبادرة تأتي لضمان أمن دولة إسرائيل. لأنه إذا وُجدت اتفاقيات بين إسرائيل والفلسطينيين، فستُلزم هذه الاتفاقيات كلاً من أوروبا وبقية المجتمع الدولي. ستكون الدولة الفلسطينية التي ستُقام دولة منزوعة السلاح، وهذا متفق عليه للجميع. لن يكون فيها جيش. اليوم، هناك سلطة وقوة شرطة فلسطينية تحافظ على النظام. واضاف "منذ اتفاقيات أوسلو، لم تُسجل سوى حالات قليلة استخدمت فيها السلطة سلاحها ضد الإسرائيليين. على العكس، كانت هناك إجراءات هامة من جانب السلطة بالتعاون مع إسرائيل في الضفة الغربية. هناك تبادل يومي للمعلومات الاستخباراتية لمنع العنف". وفيما يتعلق بنتنياهو ، يوضح برونشتاين: "أتفهم المأزق السياسي لرئيس الوزراء، ولكن إذا أراد نتنياهو أن يُخلّد في صفحات التاريخ كقائد عظيم، كرجل دولة أحدث تغييرًا حقيقيًا، لا كمسؤول عن أحداث السابع من أكتوبر، كمتهم بجرائم ومُقسّم للمجتمع الإسرائيلي، فعليه تغيير مساره والبحث عن خيارات أخرى. يضيف :" هناك نوعان من القادة: سياسي ورجل دولة. السياسي يُفكّر في الانتخابات القادمة، ورجل الدولة يُفكّر في الأجيال القادمة. وأعتقد أن نتنياهو يقع في مكان ما بين هذين النوعين. برأيي، لم يُقرّر بعدُ ما يُريد أن يكون. لم يُقرّر بعد - لأنه لا يُريد أن يخسر دعم اليمين المُتطرّف". يواصل برونشتاين مهاجمة اليمينيين في الحكومة الإسرائيلية: "أعتقد أنه من العار على دولة إسرائيل أن يكون وزير ماليتها على ما هو عليه، ووزير الأمن القومي على ما هو عليه. إنهم مجرمون وإرهابيون. إنهم من يشجعون العنصرية، وهم من يشجعون معاداة السامية حول العالم. عندما يدعون إلى حرق غزة، أو تجويعها، أو طرد جميع الفلسطينيين، فإن ذلك يشجع معاداة السامية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store