
العقاب دون توجيه وتعريف بالخطأ يربك الطفل نفسيا ويضعف شخصيته
رشا كناكرية
اضافة اعلان
عمان - لطالما اختارت سوسن (33 عاما) العقاب كوسيلة للتعامل مع أي تصرف خاطئ يصدر عن طفلتها ليان، البالغة من العمر ثمانية أعوام، إذ كانت تعتقد أن العقاب وسيلة لتعديل سلوكها ومنعها من تكرار الخطأ.لكن ما حدث كان عكس ذلك تماما، بحسب قولها؛ حيث استمرت طفلتها في تكرار التصرفات نفسها، إلى أن أدركت لاحقا أن السبب وراء هذه السلوكيات كان محاولة جذب الانتباه وسط إخوتها.وتوضح سوسن أن عقابها لابنتها كان غالبا بحرمانها من الأشياء التي تحبها، إلا أن هذا الأسلوب لم يمنعها من تكرار الخطأ. لذلك، قررت أن تغير طريقتها، فبدأت بالحديث معها وفهم دوافعها لتكتشف أن ليان كانت ببساطة بحاجة لأن تتحدث مع والدتها وتشعر بقربها. وتقر سوسن بأنه لو أنها لجأت للحوار منذ البداية، لما استمرت طفلتها في تكرار السلوك ذاته، مشيرة إلى أهمية توضيح الخطأ للطفل قبل اللجوء إلى العقاب.أما أم أحمد (36 عاما)، فعند قيام ابنها أحمد البالغ من العمر عشرة أعوام، بسلوك خاطئ، كانت في البداية تشرح له أن ما فعله غير صحيح، وتجلس معه لتتحاور حول ما حدث وتوضح له عواقب ذلك السلوك.وتبين أم أحمد أنها تؤمن بأن الطفل بحاجة إلى من يساعده على فهم أفعاله وتفسيرها، فهو ما يزال في مرحلة تعلم، ويحتاج إلى من يرشده ويوجهه للتمييز بين الخطأ والصواب. هذا النهج ساعد طفلها على بناء شخصية قوية وواعية، قادرة على التمييز، مما وفر له تربية سليمة ورعاية لازمة.في مرحلة الطفولة، يرتكب الأطفال العديد من الأخطاء، وغالبا ما يكون أول رد فعل من بعض الأسر هو الصراخ، يتبعه العقاب من دون التوقف للتفكير في سبب تصرف الطفل بهذا الشكل. وفي الوقت الذي يحتاج فيه الخطأ إلى توضيح وتعريف، تغيب هذه الخطوة عن بعض الأسر، فيختارون العقاب كوسيلة لردع السلوك الخاطئ. وتتنوع أساليب العقاب بين الحرمان، والمنع، والتوبيخ، وقد انتشرت في السنوات الأخيرة أنماط جديدة من العقاب المرتبط بالتكنولوجيا، كحرمان الطفل من مشاهدة التلفاز أو استخدام جهازه اللوحي.بينما تكمن التربية السليمة في توضيح الخطأ للطفل قبل معاقبته، وذلك بهدف تعديل السلوك، ومساعدته على التمييز بين الصواب والخطأ، واكتساب تصرفات إيجابية. فالكثير من الأخطاء التي يرتكبها الأطفال تعود إما لرغبتهم في جذب الانتباه أو لعدم إدراكهم أن ما فعلوه هو خطأ من الأساس.مقارنات لا تكون دقيقةمن جانبه، يبين الخبير التربوي الدكتور عايش نوايسة أن المسألة ترتبط بثقافة التربية، حيث نميل غالبا للاعتقاد أن ما تربينا عليه هو الصحيح. ولهذا نستخدم عبارات مثل: "نحن كنا هكذا" أو "تربينا بهذه الطريقة"، وهي مقارنات لا تكون دقيقة، خصوصا مع اختلاف الفترات الزمنية والظروف التي عاشها الآباء مقارنة بما يعيشه الأطفال اليوم.يوضح نوايسة أن طبيعة الثقافة التي تربينا عليها وننقلها إلى أبنائنا، هي ثقافة لا تسمح للطفل بالخطأ أو بالتعلم من خطئه، بل تشترط عليه أن يكون "سليم التصرف" منذ البداية، تماما كما تربى والداه، في إشارة إلى نمط من التربية يعتمد على التقليد الأعمى.ويشير إلى أن الطفل بطبيعته، لا يعرف ما إذا كان تصرفه صائبا أو خاطئا، لذلك من الضروري أن يقوم الوالدان والأسرة بشكل عام، بدور المرشد الذي يوجه الطفل، ويعرفه على السلوك المقبول وغير المقبول. هذه المسألة تتعلق بالسلوك المعنوي للطفل، أي أنه يجب أن نوضح له ما هو مسموح وما هو مرفوض، وما يجب فعله وما يجب تجنبه، وفقا لمبدأ "النظرية السلوكية" القائمة على التعلم من خلال المحاولة والخطأ.ممارسة دور الرعاية وليس التربيةوبهذه الطريقة، يكتسب الطفل القدرة على ضبط سلوكه، وما الذي قد يؤذيه أو يفيده. لكن ما يحدث، بحسب نوايسة، هو أننا عادة ما نلجأ مباشرة إلى العقاب، كاستخدام الضرب أو الحرمان، مما ينعكس على شخصية الطفل. فنحن نقدم له "البديل الثاني" وهو العقاب، بدلا من "البديل الأول" وهو التربية السليمة. ويضيف نوايسة "للأسف، نحن نمارس الرعاية من دون أن نمارس التربية وعندما يخطئ الطفل، نعاقبه فورا، لأننا نخلط بين التربية والرعاية"، مشيرا إلى أن الكثير من الأسر توفر الرعاية لأطفالها لكنها لا توفر التربية التي يحتاجونها.ويؤكد نوايسة أنه عندما يرتكب الطفل خطأ، لا بد من تفسيره له، ليعرف لماذا يعد هذا السلوك خطأ. فالأطفال أذكياء، ويجب أن نحرص على إقناعهم، ويمكن أن نستخدم في ذلك وسائل متعددة، كعرض فيديو يوضح عواقب هذا السلوك، لأن الطفل يتعلم عبر الحواس. كما يشير إلى "نظرية الذكاءات المتعددة" التي تؤكد أن لكل طفل طريقة مختلفة في التعلم.ويشدد على أن الطفل يقتنع بالتوجيه عندما يشعر بالحب لا بالقسوة. فهنالك فرق كبير بين تعديل السلوك من خلال الحنان، الذي يعزز شخصية الطفل ويقويها، وبين تعديل السلوك من خلال العقاب، الذي قد يضعف شخصيته ويؤثر عليه مستقبلا.العقاب وفقدان الثقة بالنفسويضيف نوايسة، أن أثر العقاب على شخصية الطفل كبير، كأن يتحول لشخص عدواني ودائما يفسر السلوكيات على عكسها، وليست لديه ثقة بالناس الذين حوله، بدلا من بناء إنسان بسلوك واتجاه إيجابي نحو الجميع.وبذلك، من الطبيعي أن يشعر هذا الطفل بالعدوانية، بحسب نوايسة، وغير قادر على مواجهة أي مشكلة تواجهه في حياته لأن ثقته في نفسه مهزوزة ودائما يخاف أن يقدم على أي عمل ويتأرجح بين الصحيح والخطأ بشخصية غير متوازنة، لأن الثوابت الأساسية التي يجب أن تبنيها الأسرة قدمتها بطريقة سلبية اعتمدت بها على العقاب.ومن جهة أخرى، يبين نوايسة أن استخدام الأدوات التقنية، كالأيباد مثلا، يجب تقنينه، ويمكن استخدامه أثناء فترة الدراسة، محذرا من عقاب الحرمان من الأجهزة الرقمية وتعلم متى نستخدم هذا العقاب.طبيعة العقاب وارتباطه بمرحلة النموومن الجانب النفسي، يبين الاختصاصي باسل الحمد، أنه قد يكون للعقاب آثار نفسية إيجابية أو سلبية حسب طبيعة العقاب ومرحلة النمو التي يمر بها الطفل، فإذا كان العقاب متناسبا مع حجم الخطأ ويستطيع الطفل إدراك معناه، وكان العقاب عادلا بين الإخوة ويسهم في تصحيح سلوكيات الطفل، هنا يكون إيجابيا.أما إذا كان العقاب مبالغا فيه وغير متوقع وغير متناسب مع الخطأ وغير متناسب مع عمر الطفل أو كان بالضرب أو السباب، فبالتأكيد سيترك أثرا نفسيا سلبيا قد يمتد طيلة سنوات. ويوضح الحمد أن أدوار التربية المختلفة تلعب دورا كبيرا في تشكيل شخصية الطفل، فإذا كان الأهل متساهلين في تدليل الطفل، فسوف يصبح اتكاليا أو يصاب باضطراب الشخصية النرجسية. وإذا كان التعامل مع الطفل متباينا بين الشدة والتساهل، كما يحدث في كثير من الأسر، فقد يطور الطفل شخصية مرضية حدية متقلبة، ويعد هذا المزاج من أسوأ أشكال التربية الوالدية، بحسب الحمد.عقاب يتعلق بحاجات الطفلووفق الحمد، فإن العقاب نوعان؛ إما يتعلق بحاجات الطفل ورغباته وحرمانه منها، أو إيقاع عقوبة تضطره لأداء أمر ما، مثل عمل إضافي أو مهمات منزلية، ونتحدث هنا عن العقوبات المقبولة، منوها إلى أن الحرمان من التكنولوجيا قد يكون وسيلة مناسبة للعقاب، ويفضل أن يربط استخدامها بالسلوك الحسن لدى الطفل، بحيث يقوم بأداء مهمات محددة مقابل الحصول على وقت استخدام التكنولوجيا أو الألعاب، مشددا على أنها يجب أن تكون مناسبة لعمر الطفل وألا تطول مدة استخدامها.وينوه الحمد إلى أن التصرف الصحيح عند ارتكاب الأخطاء أن يكون هنالك نظام محدد في المنزل، ما يجب أن يقوم به الطفل وما يجب أن يمتنع عنه من سلوكيات، وعند وقوع سلوك خاطئ ومناقشة الطفل حول السلوك وتبيان أسبابه، ولماذا قام بهذا السلوك، لمعرفة الدوافع ومساعدته على التغلب على السلوك ومناقشته بعواقب الفعل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 7 ساعات
- رؤيا نيوز
بالصور … كرنفال احتفالي بهيج في عمان الأهلية بعيد الاستقلال
لم يكن مجرد احتفال تقليدي تُلقى فيه الكلمات والخطب الرنّانة ، بل كان تجسيداً فعلياً لحب الوطن يعجّ بالحركة والنشاط والسعادة الحقيقية عبر الفعاليات المتعددة بهذه المناسبة الوطنية الغالية على قلب كل أردني وكل أردنية. وجامعة عمان الاهلية وبتوجيهات إدارتها العليا ورئاستها ومشاركة عمادة شؤون الطلبة فيها وكافة كلياتها واساتذتها وإدارييها وطلبتها ،يساعدها في ذلك تميّز مرافقها وتجهيزاتها الحديثة ومنها مجمع ىالارينا ، تخرج وكعادتها دوما بفعالياتها الاحتفالية الوطنية بتميّز كبير وبتعبير صادق عن محبة الوطن وقائد الوطن . إنها عمان الأهلية … وهكذا تحتفل !! فقد احتفلت الجامعة في أجواء يملؤها الفرح والسرور بعيد الاستقلال التاسع والسبعون، بحضور رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور ساري حمدان، ومساعد الرئيس، وعدد من أعضاء الهيئتين التدريسية والإدارية، وجمع غفير من طلبة الجامعة. وتخلل الحفل استعراض مميّز قدمته فرقة كشافة الفحيص، تضمن عزف السلام الملكي ومجموعة من المعزوفات الوطنية التي جسدت روح الانتماء والولاء للوطن وقيادته الهاشمية. وفي كلمته خلال الافتتاح، عبّر رئيس الجامعة، الأستاذ الدكتور ساري حمدان، عن فخره واعتزازه بهذه المناسبة الوطنية الخالدة، مؤكدًا أن الاستقلال ليس مجرد ذكرى عابرة، بل محطة متجددة لتجديد العهد مع الوطن واستلهام معاني التضحية والبناء التي جسّدها الآباء المؤسسون. كما اشتمل الحفل على فقرات فنية متنوعة، قدمها كورال الجامعة، حيث قدموا أغانٍ وطنية تعبّر عن الفخر والاعتزاز بالوطن. وشهدت الفعالية أيضاً تنظيم بازار في مجمع الأرينا الرياضي بمشاركة عدد من الشركات المحلية، عُرضت خلاله منتجات حرفية وغذائية وأعمال يدوية، ولاقى البازار إقبالاً واسعاً من الطلبة والزوار، وشكّل فرصة لتعزيز دعم المنتج المحلي وتشجيع ريادة الأعمال.


رؤيا نيوز
منذ 7 ساعات
- رؤيا نيوز
أمانة عمان تطلق فعاليات مهرجان الاستقلال الثقافي الوطني الأول
انطلقت، الأربعاء، فعاليات مهرجان الاستقلال الثقافي الوطني الأول، الذي تنظمه أمانة عمان الكبرى احتفاء بالعيد ال79 لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، وذلك برعاية مندوب أمين عمان، نائب مدير المدينة للتنمية المجتمعية حاتم الهملان. واستهلت فعاليات المهرجان برسم 'جدارية الوطن' بالتعاون مع رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين، في ساحة العلم أمام مبنى الأمانة، أعقبها انطلاق مسيرة وطنية من الساحة باتجاه مركز الحسين الثقافي، بمشاركة أعضاء مجلس الأمانة، وممثلين عن اتحاد الكتاب ووزارة الثقافة والقطاعات الثقافية، إلى جانب موسيقات القوات المسلحة، وقوات الهجانة، وفرسان الأمن العام، وجموع من طلبة المدارس والكشافة. وأقيم الحفل الرسمي للمهرجان في مركز الحسين الثقافي، بحضور الرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبد الحميد شومان فالنتينا قسيسية، وتضمن الحفل قصيدة شعرية للشاعر علي الفاعوري، تغنت بالوطن وقيادته وأجهزته الأمنية، إضافة إلى عرض فيديو قصير بعنوان 'مسك الذاكرة'، استعرض جانباً من تضحيات الشهداء في معركة الكرامة، وفقرة غنائية وطنية قدمها كورال الجامعة الأردنية. كما افتتح على هامش المهرجان معرض صور نظمته القوات المسلحة الأردنية في جاليريا رأس العين، أبرز مسيرة الجيش العربي ودوره في الحفاظ على أمن الوطن واستقلاله، إلى جانب تنظيم أنشطة ثقافية وترفيهية للأطفال بالتزامن مع المعرض في الموقع ذاته. وتستمر فعاليات المهرجان لمدة 3 أيام، وتتضمن برنامجا متنوعا من الفعاليات الثقافية والفنية والترفيهية، تقام في عدد من المرافق العامة التابعة لأمانة عمان الكبرى.


البوابة
منذ 10 ساعات
- البوابة
ريا أبي راشد تثير الجدل بتصريحات صادمة عن مرض والدتها: 'هل كان وجودي سينقذها؟'
حلت الإعلامية اللبنانية ريا أبي راشد ضيفة على برنامج 'الفصول الأربعة' الذي يقدمه الإعلامي علي ياسين عبر قناة الجديد، حيث تناولت خلال اللقاء العديد من المواضيع الشخصية، إلا أن حديثها عن مرض والدتها أثار موجة واسعة من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ريا ابي راشد تثير الجدل بتصريحاتها حول مرض والدتها وخلال المقابلة، تحدثت ريا عن الفترة التي مرت بها والدتها أثناء المرض، موضحة أنها كانت تسافر إلى لبنان من حين لآخر لزيارتها، لكنها لم تُغير مجرى حياتها بشكل كامل أو تنتقل للإقامة بجانبها. وبررت موقفها بأن والدها وشقيقتها وعدداً من أفراد العائلة كانوا متواجدين بشكل دائم لرعايتها. غريب هالتصريح من شخص مثقف مثل #ريا_إبي_راشد! إحنا لمّا ندعم المريض ما بندعمه حسب مستوى مرضه! بندعمه لحتى نبينله حبنا ودعمنا ونرفع من معنوياته ونفسيته ونشجعه ليقوم بالسلامة! يعني على مبدأ ريّا إذا المريض مرضه مستعصي ما حد يزوره! خلص تضييع وقت عالفاضي!🤦🏻♂️ — ABOOD AL-SHOUBAKI (@Abedelshoubaki) May 27, 2025 لكن التصريح الذي أثار الانتقادات كان عندما قالت بأسلوب ساخر إلى حد ما: أنا كنت أجي كل فترة على لبنان.. بس مش من الناس اللي تركوا كل شي علشان يعتنوا بأمهم.. لأنه أبي موجود، وأختي موجودة، وأنا بروح وباجي، وأخي كمان.. بس ما غيرنا حياتنا.' وحين سألها علي ياسين إن كان هذا التصرف قد يُفسر بأنه أناني، ردّت: بتفتكر لو أنا تركت كل شي، كانت أمي نجت من المرض؟' تفاعل الجمهور مع هذه التصريحات بشكل واسع، حيث اعتبرها البعض 'باردة المشاعر' واتهموها بعدم تقدير خطورة الوضع، فيما رأى آخرون أن كلامها يحمل بعض المنطق، لكن أسلوبها في التعبير خانه التقدير، ما جعل التصريحات تبدو قاسية وجارحة. في النهاية، انقسمت الآراء بين متفهمٍ لموقف ريا باعتبارها تعيش وتعمل خارج لبنان، وبين منتقدٍ للطريقة التي عبّرت بها عن مشاعرها تجاه والدتها في أصعب لحظاتها.