
مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة يحدث خدمات محلية للطاقة والمناخ
صادق مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، خلال الدورة العادية لشهر مارس، على إحداث خدمات محلية للطاقة والمناخ بثماني جماعات ترابية موزعة على عمالتي وأقاليم الجهة.
وتعتبر الخدمة المحلية للطاقة والمناخ، المنجزة ضمن مشروع تعاون بشراكة مع جهة جنوب بروفانس ألب كوت دازور الفرنسية وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، أداة للانتقال الطاقي والمناخي من أجل تنمية حضرية مستدامة ومتكاملة.
وقد تم اختيار ثماني جماعات ترابية نموذجية بجهة طنجة تطوان الحسيمة لتطوير مراكز الخدمات المحلية للطاقة والمناخ، ويتعلق الأمر بجماعات وزان والقصر الكبير (إقليم العرائش) وملوسة (إقليم الفحص-أنجرة) وتطوان وطنجة والمضيق (عمالة المضيق-الفنيدق) والحسيمة وشفشاون.
وتروم هذه المراكز تحسين ظروف معيشة السكان، وتعزيز قدرة المدن على الصمود من خلال التدبير الحضري المندمج، والتخطيط البيئي الملائم لمجالها الترابي بالاعتماد على آليات وتدابير ترشيد الطاقة وتحسيس المواطنين في مجال التغيرات المناخية.
بموجب الاتفاقيات الثمانية التي تمت المصادقة عليها، يلتزم مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة ببناء مبنى بيئي ناجع طاقيا وتسليمه مجانا للجماعات المعنية ليكون مقرا للخدمة، وتخصيص منحة قدرها 55 ألف أورو لإدارة بعض الأنشطة الأولية للمشروع.
من جهتها، تلتزم الجماعات الترابية بتوفير الأوعية العقارية المخصصة لبناء مراكز الخدمات المحلية للطاقة والمناخ، وتحمل تكاليف تسييرها، وتوفير الموارد البشرية العاملة بها، والعمل على إشعاعها وبرمجة أنشطتها.
يذكر أن إحداث هذه المراكز يجسد تنزيل اتفاقية تعاون تجمع مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة بجهة جنوب بروفانس ألب كوت دازور، والاتحاد الأوروبي ممثلا في المفوضية الأوروبية.
وحظي مجلس الجهة بمنحة قيمتها 35 مليون درهم من طرف الاتحاد الأوروبي، من أجل تمويل هذا المشروع الذي من شأنه أن يشكل أداة للانتقال الطاقي والمناخي من أجل تنمية حضرية متكاملة ومندمجة.
ويأتي هذا الدعم الأوروبي، كتتويج للتراكم الذي حققه مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، في مجال البيئة والمناخ، ولا سيما على مستوى تهيئة وتدبير المنتزهات الطبيعية بتراب الجهة، بشراكة مع قطاعات حكومية وشركاء أجانب مثل جهة جنوب بروفانس ألب كوت دازور.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليوم 24
منذ ساعة واحدة
- اليوم 24
"نساء المحار" في تونس يواجهن خطر التغيرات المناخية و"السلطعون الأزرق"
تواجه جامعات المحار في تونس عقبات كبيرة لتأمين « لقمة العيش »، بعد حظر موسم الصيد وتراجع إنتاج المحار في ظل التغيرات المناخية التي أثرت في البيئة البحرية التونسية. مع ابتسامة تظهر تجاعيد وجهها أكثر، تنظر فاطمة حامدي (66 سنة) إلى سقف منزلها الصغير، مستحضرة بداية عملها في جمع المحار قبل ما يزيد على الأربعين عاماً. تعيش فاطمة بمنطقة أجيم في جزيرة جربة جنوب شرقي تونس. تقطع فاطمة مع رفيقاتها من النساء مسافات طويلة مشياً من محل سكنها إلى سواحل قلالة في جزيرة جربة؛ بحثاً عن المحار أو ما يسمى باللهجة المحلية « القفالة ». بعد رحلة شاقة غير مضمونة النتائج مشياً على الأقدام، أو من خلال الجلوس في الصناديق الخلفية للشاحنات، وأحياناً بحراً في المراكب، تصل فاطمة ورفيقاتها من جامعات المحار، إلى وجهتهن. يبدأ موسم السماح بجمع المحار في الخريف وينتهي أواخر فصل الربيع. حين يظفرن بمكان يتوفر فيه المحار، يسرعن إلى صيده منحنِيات لساعات طويلة في الماء، تقول فاطمة: « تظهر علامات وجوده في التراب فنلتقطه بالمنجل، ثم نضعه في السطل ». يكاد يقتصر جمع المحار على النساء في تونس، أو ما يعرف بـ »الصيد على الأقدام ». يتطلب العمل في هذه المهنة الشاقة مواعيد غير ثابتة. وقد يرافقهن أطفالهن في هذه الرحلة الصعبة. تضيف فاطمة: « كنت أحمل أطفالي على ظهري، حتى أن قطعة القماش التي أحملهم فيها تترك أثراً في جسدي »، وتتابع: « أذكر أن أحد أبنائي حملته معي ولم يبلغ الأربعين يوماً بعد ». تقول فاطمة إن بيع محصول المحار ساعد على دفع التكاليف الدراسية لأولادها، وتوفير احتياجات بيتها من طعام وغيره. تراجع إنتاج المحار في تونس خلال السنوات الأخيرة، في ظل تغير البيئة البحرية بسبب ما طالها قبل أكثر من مئة عام. في ربيع عام 1859، بدأت أعمال حفر قناة السويس بمصر، ممهدة ربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، وبذلك أسهمت في فتح الطريق أمام ألف صنف من الأحياء البحرية المتوطنة في البحر الأحمر للوصول والاستقرار في شرق المتوسط. انتقل ما يعرف بالسلطعون الأزرق، السابح من المحيط الهندي إلى غرب المتوسط عبر البحر الأحمر، لكنّه وصل خليج قابس عام 2014، بعد أن ظهر في شباك الصيادين هناك. كما يُعزى ظهور صنف آخر من السلطعون الأزرق إلى حركة السفن، التي تنقله إلى البحر المتوسط. مع مرور الوقت، ازدادت أعداد السلطعون الأزرق، وبات يغزو المياه القريبة من الشواطئ ويلتهم المحار الذي يشكل مورد رزق العديد من النساء القاطنات في المناطق الساحلية. يزيد عدد جامعات المحار في تونس على أربعة آلاف امرأة؛ يجمعن المحار من نحو 17 موقعاً تتركز بشكل رئيس في سواحل قابس وصفاقس. ومع ذلك، لا يلقى صيد المحار، الذي يبدو حكراً على النساء في الغالب، اهتماماً من جانب السلطات التونسية. توجه تونس غالبية صادراتها من « اللافقاريات المائية والرخويات »، ومنها المحار، إلى دول الاتحاد الأوروبي. تستحوذ إيطاليا على نحو 80 في المئة من هذا الإنتاج. وتُعد إيطاليا الخامسة عالمياً في إنتاج المحار، ومع ذلك فإن المحار الذي يعيش في الشواطئ المحاذية لشمال إفريقيا مطلوب في المطاعم الإيطالية لصناعة طبق شهير من المعكرونة. ويتوطن تونس المحار المعروف باسم Tapes decussatus autochthonous، المميز بطعمه وجودته العالية. يُجمع هذا المحار باليد، باستخدام أدوات بسيطة للحفاظ على تلك الجودة. ومع ذلك، يُعد صيد المحار نشاطاً مهمشاً، لا ينضوي تحت استراتيجيات الدولة لعدة أسباب؛ من بينها محدودية عدد جامعات المحار مقارنة بعدد الصيادين، في ظل عزوفهن عن الحصول على بطاقة « صياد محترف » لدى السلطات، والتوزيع غير المنتظم للمحار نتيجة طبيعته، حسب تقرير أصدرته وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عام 2023. في سبيل لقمة العيش وإعالة أسرهن، تتّبع جامعات المحار أطوار القمر، فهن يضبطن أوقات عملهن حسب المد والجزر؛ إذ يقمن بجمع المحار عندما تتكشف الرمال خلال ساعات الجزر. في ساحة منزلها، جلست مبروكة قشاط (44 عاماً) القرفصاء ترتق شباك الصيد بخفة، ولا تنهض من مكانها إلا لدقائق معدودة، تتفقد وجبة الغداء قبل عودة ولديها من المدرسة. مبروكة هي جامعة محار من منطقة بوغرارة الساحلية التابعة لولاية مدنين، وتعمل أيضاً في رتق الشباك لإعالة أسرتها بعد وفاة زوجها. تقول: « نذهب أحياناً للعمل بواسطة المراكب، نغادر بيوتنا حتى قبل أذان الصبح؛ ربما في الثالثة فجراً ». تضيف مبروكة: « نبدأ بجمع الحطب وإشعال النار للتدفئة حال وصولنا… نتناول الإفطار ثم أحياناً تذهب إحدانا فقط لتفقد المحار ، لأنه ليس متوفراً دائماً ». أما رفيقتها زهرة قشاط (45 عاماً) فتوضح أهمية المد والجزر في تحديد مواعيد العمل: « نحن نستدل بالقمر، عندما يبدأ بالغياب فهذا يعني أن البحر بدأ بالتراجع ». تعمل زهرة في جمع المحار منذ طفولتها بعمر الثانية عشرة. تشكل جامعات المحار رأس الهرم في « سلسلة القيمة » لهذا الصنف. ففي حال سماح السلطات التونسية بموسم الصيد، تبيع جامعات المحار صيدهن عبر مزاد، بعد الحصول على وصل « معاينة » من ممثل عن الجهاز المحلي التابع لوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري. يتم وزن المحار وتحميله بالشاحنات، ثم نقله إلى مراكز التنقية حيث يُنظف قبل بيعه في السوق المحلية أو تصديره إلى الخارج، وفق ممثل المجمع المهني المشترك للصيد البحري بولاية مدنين، فتحي النالوفي. تُقبِل النساء في المناطق الساحلية بتونس على مهنة جمع المحار؛ لأنها لا تتطلب تدريباً خاصاً أو أدوات باهظة الثمن. تبيع جامعات المحار المحصول عبر وسطاء. تقول زهرة قشاط إن الوسطاء يشترون المحار بأثمان بخسة تصل إلى خمسة دنانير تونسية (1.57 دولار أميركي) للكيلوغرام الواحد، وهو مبلغ لا يكفي في ظل غلاء الأسعار ونقص الإنتاج، وفق تقديرها. وتضيف: « إن الأمر يتجاوز الاستغلال بكثير ». الأمر ذاته تؤكده فاطمة الحامدي بالقول: « سبعة دنانير لا تكفي، لا نعرف ما الحل… تركنا الأمر لله ». تتعرض جامعات المحار لحوادث خلال عملهن. تقول فاطمة إنها أصيبت في قدمها ذات يوم وهي تجمع المحار بمنطقة القطعاية بجزيرة جربة؛ ما اضطرها إلى إجراء عملية جراحية كلفتها مبلغاً مالياً كبيراً. كما تعرضت كل من زهرة ومبروكة إلى حوادث طرق، أثناء تنقلهما عبر شاحنات الوسطاء. يؤكد عز الدين الدغري (61 سنة)، الذي عمل في السابق وسيطاً في بيع المحار بمنطقة بوغرارة، أن عمل الوسيط في الماضي كان مقنّناً من السلطات، إذ تحدد الأخيرة سعر بيع المحار حسب حجمه . وأوضح أن عمل الوسيط يقتصر على شراء المحار من جامعاته، لكنّه لا يتكفل بنقلهن ولا يتحمل مسؤولية ما يتعرضن له من حوادث الطرق أو العمل. فرحة لم تكتمل عام 2020، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) مشروعاً لدعم جامعات المحار في قابس، بالتعاون مع شركة إيطالية تستورد المحار من تونس؛ بهدف تحسين دخلهن في ظل وجود طلب كبير على هذا المنتج في إيطاليا وجنوب أوروبا. اعتمد المشروع على قيام جامعات المحار ببيع محصولهن بشكل مباشر والحصول على عوائد أفضل. كما قدم المشروع حوافز تتيح لهنّ جمع المحار كبير الحجم فقط؛ ما يسمح بنضوج المحار الأصغر للموسم المقبل، وضمان استمرارية سبل العيش لهؤلاء النسوة لسنوات قادمة. لكنّ السلطات التونسية حظرت جمع المحار قبل بدء الموسم نهاية ذلك العام (2020)، واستمر الأمر حتى العام الماضي (2024). كما تمّ حظر الصيد في موسم 2024/2025. تعزو وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري منع صيد المحار للسنة الخامسة على التوالي، إلى تراجع المخزون جراء الصيد الجائر والعشوائي. ويمتد موسم صيد المحار من شهر تأكتوبر إلى شهر ماي من السنة التالية. يقول عز الدين الدغري، إن النساء يلجأن إلى جمع المحار بطريقة عشوائية بعد قرار الحظر؛ والوسطاء لا يتحملون المسؤولية إن واجهتهن أيّ مشكلة. مبروكة أثناء عملها في رتق شباك الصيد تراجع الإنتاج يقول مدير عام الصيد البحري وتربية الأحياء المائية بوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، علي شيخ السبوعي، إنه تم دعم جامعات المحار عبر مشروعات تعاون دولي قبل حظر الموسم. وأوضح أن جامعات المحار يمتهن أنشطة موسمية بديلة مثل جني الزيتون، لأن جمع المحار نشاط موسمي يستمر فترة قصيرة. وأضاف أنه يجري العمل على استكشاف مناطق جديدة لوجود المحار، عن طريق معهد علوم وتكنولوجيا البحار، مؤكداً أن وضع المحار بات مُهدَّداً وينذر بالخطر في المناطق التقليدية؛ لذا تُجرى إعادة تقييم مخزون المحار، وهو ما يحدد تعليق موسم الصيد أو إبقاءه. يقول السبوعي إن تراجع المخزون نجم عن التغيرات المناخية والصيد المفرط وصيد المحار قبل وصوله الحجم المسموح وهو 3.5 سنتيمتر ، بالإضافة إلى وجود السلطعون الأزرق. وأكد أهمية المحافظة على هذا الصنف إلى جانب أصناف أخرى مثل سمك البوري؛ لضمان تكاثرها والمحافظة على الثروة السمكية في البلاد. وبحسب شيخ السبوعي، فإن عدد جامعات المحار يختلف من عام إلى آخر، وقد يكون مرتفعاً جداً في بعض المناطق. يقول الخبير في البيئة والتنمية المستدامة، عادل الهنتاتي، إن قرار وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري بوقف جمع المحار للسنة الخامسة على التوالي كان ضرورياً؛ لتجديد المخزون الوطني من هذا النوع من الأحياء البحرية، مشيراً إلى أن هذا القرار اتُخذ في تسعينيات القرن الماضي للسبب ذاته. تراجع إنتاج المحار في الفترة بين عام 2016 و2020 بنسبة تصل إلى 95 بالمئة، إذ كان يصل حجم الإنتاج إلى ما يزيد على ألف و800 طن، لينخفض إلى 84 طناً. يعزو ممثل المجمع المهني المشترك للصيد البحري بولاية مدنين، فتحي النالوفي، تراجع إنتاج المحار إلى الصيد المفرط، خاصة في خليج قابس؛ إذ كان يتمّ صيد المحار على اختلاف أحجامه خلال المواسم وخارجها، حسب قوله. لكنّه أكد أيضاً أن التلوث بسبب المصانع، خاصة في خليج قابس، أسهم في تراجع أعداد المحار. تقول راضية بن خليفة (40 عاماً)، وهي من جامعات المحار: « أحياناً كنا نذهب لجمع المحار فنجد السلطعون بصدد أكل المحارة، وأحياناً أخرى لا نعثر إلا على صدفتها الخارجية… انتشار السلطعون أثر كثيراً في المحار ». ويؤكد خبراء أن مياه البحر المتوسط تشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة، بدرجة أكبر من بقية المناطق عالمياً. في حين يشير تقرير الصندوق العالمي للطبيعة إلى أن حرارة مياه المتوسط تدعم نحو ألف صنف من الأحياء البحرية غير الأصيلة، وهي تنتشر شمالاً وغرباً كل عام، وتؤدي إلى نزوح الأنواع المقيمة. ويرى الخبير البيئي، عادل الهنتاتي، أن ارتفاع درجة حرارة مياه البحر استقطب السلطعون الأزرق، ليجد في خليج قابس مناخاً ملائماً للعيش، وهو يقتات على المحار وكائنات بحرية أخرى. كما أثر هذا الارتفاع في درجة حرارة المياه، والدورة الحياتية للمحار، جراء ظهور ملوثات من البحر، وفق الهنتاتي. عمدت الحكومة التونسية، بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، إلى تدريب الصيادين على صيد السلطعون الأزرق، وتزويدهم بمصائد جديدة خاصة لهذا الغرض. في حين انتشرت المصانع التي تشتري هذا المنتج البحري في الساحل التونسي؛ إذ يُعد مطلوباً في كل من آسيا وأستراليا والولايات المتحدة الأميركية، لذا نشأت سلسلة توريد تقوم على هذا الضيف الجديد « الغريب ». تؤكد فاطمة حامدي أن المحار لم يعد متوفراً كما كان سابقاً. تقارن فاطمة ما كانت تحصل عليه من المحار، وما بات عليه الحال في السنوات الأخيرة: « في الماضي كان متوفراً رغم أن ثمنه أيضاً كان بخساً… تراجعت كمياته، وسعره ليس جيداً مقارنة بمشقة جمعه الكبيرة ».


العالم24
منذ يوم واحد
- العالم24
مغرب الحضارة.. الوطنية الصادقة تفرض أن تكون الأفضلية لكل ماهو مغربي
بقلم: عزيز رباح فازت المعمارية المغربية سليمة ناجي بالجائزة العالمية للعمارة المستدامة التي احتضنتها مدينة البندقية الإيطالية هذه السنة. تخصصت المعمارية سليمة ناجي في الحفاظ على التراث المعماري المحلي وتطويره كما ساهمت في عدة مشاريع لتثمين التراث المعماري المغربي كالقلاع التاريخية والقصبات واستعمال المواد المحلية المقاومة للزلازل والتغيرات المناخية. فالبناء المستدام والتراثي فيه خير كثير للهوية والتنمية المحلية والصناعة التقليدية والسياحة والصحة والشغل والميزان التجاري. ومن باب التذكير ؛ فقد أطلقت الوزارة المكلفة بالتجهيز مع الوزارة المكلفة بالإسكان والتعمير دراسة معمقة سنة 2015 حول التقنيات البديلة في البناء والطرق لتحقيق أهداف عدة: – الإسهام في الحفاظ على الهوية الوطنية (تمغربيت) – تثمين المواد المحلية الغنية وتطوير صناعة مناسبة – التقليل من الاستيراد لمواد البناء المكلفة جدا – خلق فرص الشغل خاصة في المناطق القروية والجبلية والصحراوية – الحفاظ على التراث المعماري المحلي وتثمينه – تعزيز البناء المستدام والتقليل من كلفة الطاقة والآثار الصحية للمواد العصرية – جدب السياح الباحثين عن الراحة والتراث والطبيعة وقد سبقت أن دعوت إلى توجيه الاستثمارات الوطنية الحالية والآتية، والتي تعد بمئات الملايير من الدراهم، إلى الالتزام بالأفضلية الوطنية لصالح المعمار المغربي والمنتوج الوطني الصناعي والتقليدي والشركات ومكاتب الدراسات المغربية وكل ماهو وطني ومحلي. إن تجربة وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك في إقرار الأفضلية الوطنية في الصفقات سنة 2012، تعتبر رسالة ثقة في كل ماهو مغربي حيث كان لقرارها أثرا بليغا في تمكين الشركات المغربية الحصول على أكثر من 90% من قيمة مشاريع البناء والبنية التحتية في مجالات الطرق والطرق السيارة والسكك الحديدية والمطارات والموانيء ثم السدود وغيرها بعدما كانت لا تتجاوز حصتها 37%. وجب الثقة في كل ماهو مغربي من الحجر إلى البشر !!! والحرص على تحفيزه وتثمينه وتجويده سواء كان تقليديا أو عصريا ، والالتزام بنشر ثقافة التوظيف والاستهلاك لكل ماهو مغربي مهما كان الأمر سواء لدى المواطن أو الأسر أو الدولة. وإنه لمن الواجب والمستعجل أن تصدر أوامر صارمة وتشريعات ملزمة لتوجيه الاستثمارات والمشتريات العمومية، في الوزارات وفروعها والمؤسسات وتوابعها والجماعات المحلية والشركات المفوضة منها، إلى كل ماهو مغربي ، ولا نحيد عنه إلا استثناء وعند الضرورة القصوى التي وجب الحد منها والتنصيص عليها. شعارنا في ذلك: 'منتوج بلادي وأفتخر' ولن أكون قاسيا إذا قلت أن أي مسؤول يفضل غير ما هو مغربي في الصفقات والمشتريات عليه أن يرسخ وطنيته أو يقدم استقالته. في مقال لاحق سأتطرق للكنز الكبير للمملكة: اقتصاد النباتات مثلا : فالمغاربة يستهلكون سنويا حوالي 25 مليار درهم من مستلزمات التجميل والعطور، أغلبها مستوردة !!!. وبلادنا تحتوي على آلاف النباتات الطبية والعطرية والغذائية في كل ربوعها. 'وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها' صدق الله العظيم.


عبّر
منذ يوم واحد
- عبّر
عيد بلا أضحية.. لكن 'بولفاف' بخمس نجوم
في المغرب، حتى حين تلغى شعيرة ذبح الأضحى، تواصل الطقوس إستنزاف الجيوب الفارغة، ولا تتوقف مواسم 'الشفرة' المؤقتة والمناسبتية. فقد ارتدت 'التقلية' عباءة الملوك، ورفعت 'بولفاف' رأسه بين الأطباق ليعلن أنه صار للذواقة فقط، بعدما بلغ سعر الحبة الواحدة 700 درهم، في بعض جهات المملكة. ولامست ' الدوارة ' أو الكرشة 700 درهم بحسب ما أفاد به مراسل جريدة 'عبّر' بالبيضاء مقابل لحظات من 'الشواء' الموسمي والمتبّل بذكريات الماضي وأشواق 'الذبيحة الغائبة' التي أسعدت الكثير من العائلات المغربية خصوصا ذوي الدخل المحدود والضعيف. ووسط كل هذا، يظهر الشناقة كأبطال مرحلة، لا يحملون سوى سكاكين، وميزانًا يقفون على نواصي الأزقة كصيادي فرص موسمية لا تتكرر. إلا حين تنام الدولة وتصحو شهية الجوعى. وتحولت المناسبة الدينية التي لاتفصلنا عنها سوى أسابيع إلى سوق سوداء للكرش والرئة، أما البولفاف، فقد صار يُقاس بوزنه ذهبًا، وكأن الشحمة صارت من فصيلة الكافيار. يشتريه المواطن البسيط، لا حبًا فيه، بل خوفا من أن يُتّهم في جلسات 'العيد الغائب' بأنه لم يقدر مكانة عيد الأضحى ولم يحس به. نشطاء المنصات الرقمية عبّروا عن سخطهم من هذا الإقبال الغريب واعتبروه 'قلة وعي' جماعية، إذ كيف نبكي الخراف ونحتفل بشحمها في آن واحد لكن الواقع يقول شيئًا آخر، عيد الأضحى رُفع رسميًا، لكنه نزل شعبيًا على شكل 'بولفاف فاخر' و'تقلية ممتازة'. ويستغل الشناقة والمحتكرين الظرف المناسباتي لتكديس الثروة، وتحقيق أرباح إضافية على حساب الدراويش، والمفارقة أن من كان لا يملك ثمن أضحية، بات اليوم لا يملك حتى تمن بقاياها وأحشائها. وهكذا، يتكرّس زمن فوضى السوق الذي يصول ويجول فيه الوسطاء كما يشاؤون بعيدين عن أنظار الرقابة. وبقدر ما أسعد قرار إلغاء ذبح الأضحى هذه السنة المغاربة وعكس أولوية المصلحة العامة، لكنه ترك في ذات الوقت فراغا شعوريا في المجتمع المغربي الذي تُشكل فيه طقوس العيد، كالبولفاف، جزءًا من الهوية والذاكرة الجماعية.